لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

غزوة بني قريظة غزوات الرسول . بعد عودة النبي ﷺ من الخندق ووضعه السلاح امر الله تعالى نبيه بقتال بني قريظة. فامر الحبيب أصحابه بالتوجه إليهم وقد أعلمهم بأن الله تعالى قد أرسل جبريل اليه حصونهم ويقذف في قلوبهم الرعب وأوصاهم بأن: ولا يصلين أحد العصر إلا في بني ليزلزل قريظة (1) . وضرب المسلمون الحصار على بني قريظة خمسا وعشرين (٢) ليلة، فجيء بسعد محمولاً لأنه كان قد أصابه سهم في ذراعه يوم الخندق فقضى أن تقتل المقاتلة وأن تسبى النساء والذرية، وأن تقسم أموالهم، فأقره رسول الله ﷺ وقال : قضيت بحكم الله (۳)، ونفذ حكم الإعدام في أربعمائة في سوق المدينة حيث حضرت أخاديد وقتلوا فيها بشكل مجموعات، وقد نجا مجموعة قليلة جدا بسبب وفاتها للعهد ودخولها في الإسلام، وهذا جزاء عادل نزل بمن أراد الغدر وتبرأ من حلفه للمسلمين وكان جزاءهم من جنس للسبي، فكان أن عوقبوا بذلك جزاء وفاقا (٤) . وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: والله ما أنسى عجبي من طيب نفسها، بالقضاء على بني قريظة خلت المدينة تماما من الوجود اليهودي، وخلت الجبهة الداخلية من عنصر خطر؛ لديه القدرة على المؤامرة والكبد والمكر، واضمحل حلم قريش لأنها كانت تعول، وتؤمل في يهود بأن يكون لهم موقف ضد المسلمين، وابتعد خطر اليهود الذي كان يصد يمد المنافقين بأسباب التحريض والقوة إن حماية الجبهة الداخلية للدولة الإسلامية المصطفى للأمة الإسلامية . أولاً: المعجزات الحسية الرسول الله ﷺ: فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: إنا يوم الخندق نحفر، فقال: أنا نازل ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا تذوق ذواقا، حتى جعلنا اللحم بالبرمة " ثم جئت النبي والعجيين قد انكسر والبرمة بين الأثافي ، قد كادت أن تنضج، قال: كم هو ؟ فذكرت له، فقال: كثير (طيب) قال: قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي. فقال : قوموا، فقام المهاجرون والأنصار فلما دخل على امرأته قال : ويحك جاء النبي بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك ؟ قلت: نعم، فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا *** ، فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية قال : كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة (1) وهذه ابنة بشير بن سعد تقول : دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفتة من تمر في ثوبي ثمقالت : أي بنية، قالت فأخذتها فانطلقت بها فمررت برسول الله ﷺ وأنا التمس أبي وخالي فقال : تعالى يا بنية ما هذا الذي معك؟ فقلت يا رسول الله، هذا الذى تمر بعثتني به أمي إلى بشير بن سعد، وخالي عبد الله بن رواحة يتغذيان، ثم أمر بثوب فبسط له ثم دعا بالتمر عليه فتبدد فوق الثوب ثم قال الإنسان عنده: اصرخ في أهل الخندق أن هلم إلى الغذاء، فاجتمع أهل الخندق عليه فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب (1) ففي هذين الخبرين معجزات حسية ظاهرة لرسول الله ، فعندما اشتغل المسلمون بحفر الخندق تركوا أعمالهم، بأن ستقتله الفئة الباغية، وهم يحفرون ضربها الرسول ثلاث ضربات فتفتت قال إثر الضربة الأولى: «الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة، ثم ضرب الثالثة : وقال : «الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة» (٢) . وقد قدموا كل ما يستطيعون، فبين أن عملهم، لا يعدله عمل . وقد وضع رسول الله ﷺ، خير إن الذين جاءوا من بعد فوجدوا سلطان الإسلام ممتداً، بعيدين عن الفتنة والإبتلاء، هم بحاجة إلى نقلة بعيدة يستشعرون من خلالها أجواء الماضي بكل ما فيه من جهالات وضلالات وكفر. المبذول من الصحابة حتى قام الإسلام في الأرض. وبعد ذلك يمكنهم تقدير الجهد ثالثا: سلمان منا أهل البيت (۲) : قال ﷺ : ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً، وقد استدل طائفة من العلماء بهذا الصنيع على جواز تأخير الصلاة لعذر القتال كما هو مذهب مكحول والأوزاعي (4). صلاها تبعا بعدما خرج وقتها وفرغ لأدائها وهذا يدل على مشروعية قضاء الفائتة ولا ينقض هذه الدلالة ما ذهب إليه البعض من أن تأخير الصلاة لمثل ذلك الإنشغال كان جائزاً إذ ذاك ثم نسخ حينا شرعت صلاة الخوف للمسلمين رجالاً وركبانا عند التحام القتال بينهم وبين المشركين، ألي أن نسخ صحة التأخير ليس نسخا لما كان قد ثبت من مشروعية القضاء أيضا، بل هي مسكوت عنها، فتبقى على مشروعيتها السابقة (1) . خامساً: الحلال والحرام: عرضت قريش فداء مقابل جثة عمرو بن ود. فقال : ادفعوا إليهم جيفته؛ فإنه خبيث الحيفة، إنها مقاييس الإسلام في الحلال والحرام، سادسا: شجاعة صفية عمة الرسول ﷺ : كان قد وضع النساء والأطفال في حصن فارع وهو حصن قوي، حماية لهم، لأن المسلمين في شغل عن حمايتهم لمواجهتهم جيوش الأحزاب، فعندما نقض يهود بني قريظة عهدهم مع رسول الله أرسلت يهوديا ليستطلع وضع الحصن الذي فيه نساء المسلمين وأطفالهم فأبصرته صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله ﷺ فأخذت عموداً ونزلت من الحصن فضربته بالعمود فقتلته، ففي قصة صفية عمة رسول الله الله وقتلها لليهودي جاء في رواية سندها ضعيف (1) أن صفية رضي الله عنها قالت الحسان بن ثابت إن هذا اليهودي يطيف بالحصن كما ترى، وقد شغل عنا رسول الله ﷺ وأصحابه فأنزل إليه فاقتله. قالت صفية : فلما قال ذلك، احتجزت عموداً ثم نزلت من الحصن إليه، حسان إنزل فاستلبه، فإنه لم يمنعني إن استلبه إلا أنه رجل فقال: مالي بسلبه من حاجة يا وهذا الخبر لا يصح لأمور منها : 1 - من حيث الإسناد فالخبر ليس مستدا وهو ساقط لا يصح ولا يجوز أن يروى، فلم يسلم من هجائه أحد من زعماء الجاهلية، والرسول ﷺ كان يؤيده ويدعو له، ويشجعه على هجاء زعماء المشركين. ثامنا: أول مستشفى إسلامي حربي أنشأ المسلمون أول مستشفى إسلامي حربي في غزوة الأحزاب فقد ضرب الرسول صلوات الله وسلامه عليه خيمة في مسجده الشريف في المدينة، عندما دارت رحى غزوة الأحزاب، فأمر رسول الله ﷺ أن تكون رفيدة الأسلمية الأنصارية رئيسة ذلك المستشفى لابن هشام. وبذلك أصبحت أول ممرضة عسكرية في الإسلام، يقال لها رفيدة في مسجده، كانت تداوي الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمة من به ضيعه من المسلمين، ويفهم من النص السابق أن من أصيب من المسلمين، إن كان له أهل اعتنى به أهله وإن لم يكن له أهل ، جيء به إلى المسجد حيث ضربت خيمة فيه لمن كانت به قبعة من وليس به ضيعة، ولكن لما أراد الرسول ، جعله في تلك الخيمة التي أعدت لمن به ضعية وليس له أهل، وهذا منهج نبوي كريم أصبح دستوراً للمسلمين على مدى الزمن. وقد قال لبابة: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله على مماصنعت قالت أم سلمة فسمعت رسول الله ، من السحر وهو يضحك فقلت: ممن تضحك يا رسول الله؟ أضحك الله سنك. قالت: قلت: أفلا أبشره يا رسول الله؟ قال: بلى إن شئت، فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقالت: يا أبا لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك قالت: فثار الناس ليطلقوه فقال : لا والله حتى يكون رسول الله هو الذي يطلقني بيده. فلما مر عليه رسول الله ﷺ خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه (۱) ، وإن موطن العبرة في هذا الموقف يكمن في تصرف أبي لبابة بعدما وقعت منه هذه الزلة التي أفشى بها سراً حربياً خطيراً فأبو لبابة لم يحاول التكنم على ما بدر منه والظهور أمام رسول الله ﷺ ، وكان بإمكانه أن يخفي هذا الأمر حيث لم ولكنه تذكر رقابة الله عليه وعلمه الله العظيم عليه وهو الذي انتمنه على ففزع لهذه الزلة فزعاً عظيماً وأقر بذنبه واعترف به وبادر إلى العقوبة الذاتية التلقائية، دون الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله : انتظار التحقيق وتوقيع العقوبة الواجبة إنها صورة تطبيقية لقوله تعالى: ﴿ إنما التوبة على الله حكيما) [النساء : ١٧]. ۱۳۷ إنها صورة فريدة لتوقيع العقوبة من الإنسان نفسه على نفسه. ولا يفعل ذلك إلا أهل الإيمان، الذي لا يرضي لصاحبه أن يخالطه إثم ولا فسوق . وقد فرح الصحابة وفرح النبي نفسه، حتى كانت أم سلمة زوجة النبي ﷺ هي التي بادرت بالتهنئة بعد الإذن فبشرته بقبول الله توبته . وقد أنزل الله تعالى في أبي لبابة قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم وأنتُم تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عنده أجر عظيم ﴾ [الأنفال : ٢٧] . قوله تعالى : وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحا وآخر سيئًا عَسى اللهُ أَن يَتُوبَ عليهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة : ١٠٢] . ظهرت لسعد بن معاذ رضي الله عنه في هذه الغزوة فضائل كثيرة تدل على فضله ومنزلته عند الله ورسوله منها : وأخرجوه، قوموا إلى سيدكم». غزوات الرسول . وهذا تكريم لسعد، وتقدير لشجاعته، وعندما نقذ حكم الله في يهود بني قريطة رفع سعد يده يدعو إلى الله ثانية بقول اللهم فإنى أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم (يعنى قريشاً فافجرها واجعل موتى فيها) (۲) وقد استجيب دعاؤه فانفجر جرحه تلك الليلة ومات رحمه الله . ومن خلال دعاؤه الأول والثاني، بل متابعة الجهاد إلى اللحظة الأخير فهو المسؤول عن نصرة الإسلام في قومه وأمته . ونرى من سيرته أنه لو أقسم على الله لأبره، فهو وجيه في السماوات والأرض، وها هو جرحه ينفجر. وجاء رسول الله ﷺ فقيل : انطلقوا فخرج وخرج معه الصحابة، وأسرع حتى تقطعت شوع نعالهم، وسقطت أرديتهم إليه أصحابه، فقال: إن أخاف أن تسبقنا الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة فانتهى إلى البيت وهو يغسل، وأمه تبكيه وتقول : ويل أم سعد سعداً حزامة وجدافقال: كل نائحة تكذب إلا أم سعد، ثم خرج به وقال: يقوم له القوم: ما حملنا يا رسول الله، لقد ضم ضمة ثم وها هو رسول الله ﷺ يودع سعداً كما روي عبد الله بن شداد: دخل رسول الله ﷺ وهو يكيد نفسه فقال : الجزاك الله خيراً من سيد قوم. فقد أنجزت ما وعدته ولينجزك الله ما وعدك (5) . لقد أثنى النبي على هذا العبد الصالح بعد موته كثيرا أمام الصحابة ليتعرف الناس على أعماله الصالحة فيتأسوا به فقد قال : اهتز عرش الرحمن الموت سعد بن معاذه (1) وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : أهديت الرسول الله ﷺحلة حرير فجعل أصحابه يلمسونه ويعجبون من لينها فقال: أتعجبون من لين هذه؟ المناديل سعد بن معاذ في الجنية خير منها والين ) (٥) وأسيد ابن الحضير وأبو نائلة سلكان، ورسول الله ﷺ واقف، فلما وضع في قبره، تغير وجه ، فسيح المسلمون حتى ارتج البقيع، وكبر المسلمون فسئل عن ذلك فقال : تضايق على صاحبكم القبر، والثلاثين من عمره، التي هي قاله الأشد قال تعالى : ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته . حملته أمه كرها ووضعته كرها والله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده و أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من غزوات الرسول ) واستبشر أهل السموات والأرض بقدون واهتز له عرش الرحمن فرحا لوفاته من دون خلق الله أجمعين كان سعد بن معاذ، وجميلاً، حسن الوجه، حسن اللحية (1) رحمة الله عليه ورضي عنه وأعلى ذكره في المصلحين. الحادي عشر: مقتل حيي بن أخطب ، وكعب بن أسد: فانطلق - يعني - حبي - حتى إذا كان بالروحاء ذكر العهد والميثاق الذي أعطاهم، فرجع حتى دخل معهم، ولكنه من يخذل الله يخذل، فأمر به النبي ﷺ فضربت عنقه (۲) . ثم أقبل على الناس قبل تنفيذ حكم الإعدام وقال لهم : أيها الناس: إنه لا بأس بأمر الله، كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بني إسرائيل، وفي مقتل حيي بن أخطب دروس وعبر منها : فقد ألب القبائل العربية واليهودية على محاربة الإسلام ونبيه وأقنع بني قريظة، بضرورة نقض العهد مع الرسول الله وطعنه من الخلف، فجعل الله كيده في نحره وكبته، وفي النهاية قادته محاولاته إلى حتفه إن الله لا يهمل الظالمين، ولكن يمهلهم ويستدرجهم، حتى إذا أخذه لم يفلته ثم تلا قوله تعالى : وكذلك أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ لقد تجلد حبي وتقدم لتضرب عنقه حتى لا يشمت فيه شامت وهو يعرف أنه على باطل، قد أوردها موارد الهلاك، ومع هذا يموت على ذلك، والعزة بالإثم تأخذه إلى جهنم وبئس المصير لأنه يعبد هواه ولم يعبد ربه قال الله تعالى: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأَضلهُ اللهُ على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ﴾ [الجاثية : ٢٣]. ج - من يخذل الله يخذل: إن الله تعالى إذا خذل أحدا ليس له من نصير يمنعه أو يدفع عنه قال سبحانه: وإن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾ [آل عمران : ١٦٠]. بل كان حيي في شق الشيطان عدوا لأولياء الرحمن يشاقق الله، فالله خاذله ومسلمه لكل ما يؤذيه ويتعبه، ولا توجد قوة في الأرض ولا في السماء تنصره وتحول بينه وبين الهزيمة، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء قال تعالى: ﴿ وَإِن يَمْكَ اللَّهُ بِضُرٍ فَلَا كَاشِفَ لَهُ الأهو وإن يمسسك بخير فهو على كُلِّ شيء قدير ﴾ [الأنعام: ١٧]. قتل كعب بن أسد القرظي كعب بن أسد، وقبل أن يضرب رسول الله ﷺ عنقه جرى بينه وبين كعب الحوار التالي :قال رسول الله : كعب بن أسد؟». قال كعب بن أسد: نعم يا أبا القاسم . قال رسول الله : ما انتفعتم ينصح ابن خراش لكم، ولولا أن تعيرني يهود بالجزع من البين ولكني على دين يهود. ونلحظ خبر مقتل كعب بن أسد، وأنه على علم بصدق رسالة رسولنا ولكنه لم يؤمن ولم يدخل الإسلام خوفا من أن تعبيره يهود بأنه جزع من السيف فعدم إيمانه وبقاؤه على الكفر كان نتيجة ريائه، وحبه للثناء وخوفه من ذمه، وتعييره وهذا دليل على السفة والحمق وخذلان الله لهذا اليهودي المخادع . الثاني عشر: شفاعة ثابت بن قيس في الزبير بن باطا، وسلمي بنت قيس في رفاعة بن سمؤال القرظي ۱ - شفاعة ثابت بن قيس في الزبير بن باطا أقبل ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله ﷺ فقال : هب لي الزبير اليهودي أجزء فقد كانت له عندي يد يوم بعاث فأعطاه إياه، قال: فافعل، قال: قد فعلت، قد سالت رسول الله ﷺ فوهبك لي، فأطلق عنه إساره، فقال الزبير: ليس لي قائد وقد الخذتم امرأتي وابني، فرجع ثابت إلى رسول الله ﷺ فاستوهبه امرأته وبنيه ووهبهم له، رسول الله ﷺ امرأتك وبنيك، فقال الزبير: حائط لي فيه أعلق، فرجع ثابت إلى الزبير، فقال: قد رد إليك رسول الله ﷺ مالك وأهلك، قال ثابت: قد قتلوا وفرغ منهم، ولعل الله تبارك وتعالى أن يكون أبقاك الخير، قال الزبير : أسألك بالله يا ثابت وبيدك التي عندك بعاث إلا ألحقتني بهم، فليس في العيش خير بعدهم، كانت سلمي بنت قيس وكنيتها أم المنذر أخت سليط بن قيس، وكانت إحدى خالات رسول الله ، وقد صلت معه القبلتين، سألته رفاعة بنت سموال القرظي، فاستحيته . إنه يكرمها، ويساعدها ويشجعها على فعل الخير. الثالث عشر من أدب الخلاف إن السعي في محاولة القضاء على الخلاف في مسائل الفروع، معائدة للحكمة الربانية والتدبير الإلهي في تشريعه، إذ كيف تضمن انتزاع الخلاف في مسألة ما دام دليلها ظنياً محتملاً ؟ . ولو أمكن ذلك أن يتم في عصرنا، لكان أولى العصور به عصر رسول الله ﷺ ، كما لا يعاب من استنبط من النص معنى يخصه، وفيه أيضاً أن المختلفين في الفروع من المجتهدين لا إثم على المخطيء فقد قال : إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا أجتهد فأخطأ فله أجر واحد (۲) . وحاصل ما وقع أن بعض الصحابة حملوا النهي على حقيقته ولم يبالوا بخروج الوقت - وقت الصلاة - توجيها لهذا النهي الخاص عن النهي العام عن تأخير الصلاة عن وقد علق الحافظ بن حجر على هذه القصة فقال : ثم الإستدلال بهذه القصة على أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق ليس بواضح وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد، وحاصل ما وقع في القصة أن بعض الصحابة حملوا النص على حقيقته، وهو ترك تأخير الصلاة عن وقتها، وأنه كناية على الحث والاستعجال والإسراع إلى بني قريظة، وقد استدل به الجمهور على عدم تأثيم من اجتهد لأنه لم يعنف أحد من الطائفتين، فلو كان هناك إثم لعنف من أثم. الرابع عشر توزيع غنائم بني قريظة وإسلام ريحانة بنت عمرو: ۱ - جمع صحابة رسول الله الله الغنائم التي خلفها بنو قريظة،


النص الأصلي

غزوة بني قريظة


غزوات الرسول .


بعد عودة النبي ﷺ من الخندق ووضعه السلاح امر الله تعالى نبيه بقتال بني قريظة. فامر الحبيب أصحابه بالتوجه إليهم وقد أعلمهم بأن الله تعالى قد أرسل جبريل اليه حصونهم ويقذف في قلوبهم الرعب وأوصاهم بأن: ولا يصلين أحد العصر إلا في بني ليزلزل


قريظة (1) .


وضرب المسلمون الحصار على بني قريظة خمسا وعشرين (٢) ليلة، ولما اشتد الحصار وعظم البلاء على بني قريظة، أرادوا الإستسلام والنزول على أن يحكم الرسول ﷺ فيهم سعد بن معاذ رضي الله عنه ونزلوا على حكمه ورأوا أنه سيرأفف بهم بسبب الحلف بينهم وبين قومه الأوس، فجيء بسعد محمولاً لأنه كان قد أصابه سهم في ذراعه يوم الخندق فقضى أن تقتل المقاتلة وأن تسبى النساء والذرية، وأن تقسم أموالهم، فأقره رسول الله ﷺ وقال : قضيت بحكم الله (۳)، ونفذ حكم الإعدام في أربعمائة في سوق المدينة حيث حضرت أخاديد وقتلوا فيها بشكل مجموعات، وقد نجا مجموعة قليلة جدا بسبب وفاتها للعهد ودخولها في الإسلام، وقسمت أموالهم وذراريهم على المسلمين.


وهذا جزاء عادل نزل بمن أراد الغدر وتبرأ من حلفه للمسلمين وكان جزاءهم من جنس للسبي، فكان أن عوقبوا بذلك جزاء وفاقا (٤) ... عملهم حين عرضوا بخيانتهم أرواح المسلمين للقتل وأموالهم للنهب، ونساءهم وذراريهم


ولم تقتل من نساء بني قريظة إلا واحدة ونترك السيدة عائشة رضي الله عنها تحدثنا عنها قالت السيدة عائشة : لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة قالت : والله إنها لعندي تتحدث معي تضحك ظهراً وبطنا ورسول الله ﷺ يقتل رجالهم بالسوق إذ هتف هاتف باسمها أين فلانه؟ قالت أنا والله قالت : قلت: ويلك ومالك؟ قالت: أقتل: قلت: ولم؟ قالت : حدثا أحدثته قالت : فانطلق بها ، فضربت عنقها ، وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: والله ما أنسى عجبي من طيب نفسها، وكثرة ضحكها، وقد عرفت أنها تقتل (٥) .بالقضاء على بني قريظة خلت المدينة تماما من الوجود اليهودي، وصارت خالصة للمسلمين، وخلت الجبهة الداخلية من عنصر خطر؛ لديه القدرة على المؤامرة والكبد والمكر، واضمحل حلم قريش لأنها كانت تعول، وتؤمل في يهود بأن يكون لهم موقف ضد المسلمين، وابتعد خطر اليهود الذي كان يصد يمد المنافقين بأسباب التحريض والقوة إن حماية الجبهة الداخلية للدولة الإسلامية المصطفى للأمة الإسلامية . من العابثين منهج نبوي كريم رسمه الحبيب


فوائد ودروس وعبر


أولاً: المعجزات الحسية الرسول الله ﷺ:


ظهرت خلال مرحلة حفر الخندق معجزات حسية للنبي ﷺ منها تكثير الطعام الذي أعده جابر بن عبد الله، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة فجاءوا النبي ﷺ فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا تذوق ذواقا، فأخذ النبي ﷺ المعول، فضرب في الكدية فعاد كثيبًا أهيل أو أهيم.


قال جابر : فقلت يا رسول الله، إنذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي شيئًا ما كان في ذلك صبر فعندك شيء؟ فقالت: عندي شعير وعناق فذبحت العناق وطحنت الشعير، حتى جعلنا اللحم بالبرمة " ثم جئت النبي والعجيين قد انكسر والبرمة بين الأثافي ، قد كادت أن تنضج، فقلت: طعيم لي، فقم أنت يا رسول الله الله ورجل أو رجلان، قال: كم هو ؟ فذكرت له، فقال: كثير (طيب) قال: قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي. فقال : قوموا، فقام المهاجرون والأنصار فلما دخل على امرأته قال : ويحك جاء النبي بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك ؟ قلت: نعم، فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا *** ، فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية قال : كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة (1) وهذه ابنة بشير بن سعد تقول : دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفتة من تمر في ثوبي ثمقالت : أي بنية، إذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغذائهما، قالت فأخذتها فانطلقت بها فمررت برسول الله ﷺ وأنا التمس أبي وخالي فقال : تعالى يا بنية ما هذا الذي معك؟ فقلت يا رسول الله، هذا الذى تمر بعثتني به أمي إلى بشير بن سعد، وخالي عبد الله بن رواحة يتغذيان، قال: هاتيه قالت قصببته في كفي رسول الله ﷺ فما ملأتهما، ثم أمر بثوب فبسط له ثم دعا بالتمر عليه فتبدد فوق الثوب ثم قال الإنسان عنده: اصرخ في أهل الخندق أن هلم إلى الغذاء، فاجتمع أهل الخندق عليه فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب (1)


ففي هذين الخبرين معجزات حسية ظاهرة لرسول الله ، كما يظهر دور المرأة المسلمة في مشاركة المسلمين في جهادهم، فعندما اشتغل المسلمون بحفر الخندق تركوا أعمالهم، وبعدت عنهم أرزاقهم، وقل عنهم القوت وأصاب الناس جوع وحرمان حتى كان رسول الله ﷺ والمسلمون معه يشدون على بطونهم الحجارة من شدة الجوع، فكانت المرأة المسلمة تعين المسلمين بإعداد ما قدرت عليه من الطعام.


ومن دلائل النبوة أثناء حفر الخندق، إخباره عمار بن ياسر، وهو يحفر معهم الخندق، بأن ستقتله الفئة الباغية، فقتل في صفين وكان في جيش على وعندما اعترضت صخرة الصحابة، وهم يحفرون ضربها الرسول ثلاث ضربات فتفتت قال إثر الضربة الأولى: «الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة، ثم ضرب الثانية: فقال: والله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض»، ثم ضرب الثالثة : وقال : «الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة» (٢) .


وقد تحققت هذه البشارة التي أخبرت عنها في اتساع الفتوحات الإسلامية والإخبار عنها في وقت كان المسلمون فيه محصورون في المدينة يواجهون المشاق والخوف والجوع والبرد القارص .قال: فقال: والله لقد رايتنا ما تركناه يمشي على الأرض، ولحملناه على العنقا فقال محلية و صحتموه؟ قال: نعم يا ابن أخي قال : فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نجهد، يا ابن أخي والله لقد رأيتنا مع رسول الله ﷺ بالخندق (1) ، ... ثم ذكر حدين حقيقة بمهمة الذهاب إلى معسكر المشركين .


هذا تابعي يلتقي بالصحابي حذيفة ويتخيل أنه لو وجد مع رسول الله ﷺ لاستطاع أن يفعل ما لم يفعله الصحابة الكرام، والخيال شيء والواقع شيء آخر، والصحابة رضي الله عنهم بشر، لهم طاقات البشر وقدراتهم، وقد قدموا كل ما يستطيعون، فلم يبخلوا القرون قرني، فبين أن عملهم، لا يعدله عمل . بالأنفس فضلاً عن المال والجهد، وقد وضع رسول الله ﷺ، الأمور في نصابها بقوله، خير


إن الذين جاءوا من بعد فوجدوا سلطان الإسلام ممتداً، وعاشوا في ظل الأمن والرخاء والعدل، بعيدين عن الفتنة والإبتلاء، هم بحاجة إلى نقلة بعيدة يستشعرون من خلالها أجواء الماضي بكل ما فيه من جهالات وضلالات وكفر. المبذول من الصحابة حتى قام الإسلام في الأرض. وبعد ذلك يمكنهم تقدير الجهد


ثالثا: سلمان منا أهل البيت (۲) :


قال المهاجرون يوم الخندق سلمان منا، وقالت الأنصار سلمان منا، فقال رسول الله سلمان منا أهل البيت وهذا الوسام النبوي الخالد السلمان يشعر بأن سلمان من المهاجرين لأن أهل البيت من المهاجرين.


رابعاً: الصلاة الوسطى:


قال ﷺ : ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس (۳). وقد استدل طائفة من العلماء بهذا الحديث على كون الصلاة الوسطى هي صلاة العصر كما هو منصوص عليه وألزم القاضي الماوردي مذهب الشافعي بهذا لصحة الحديث، وقد استدل طائفة من العلماء بهذا الصنيع على جواز تأخير الصلاة لعذر القتال كما هو مذهب مكحول والأوزاعي (4).قال الدكتور البوطي: لقد فاتت النبي صلاة العصر كما رأيت في هذه الموقعة الشدة الشغاله حتى صلاها قضاء بعدما غربت الشمس وفى روايات أخرى غير الصحيحي أن الذي فاته أكثر من صلاة واحدة، صلاها تبعا بعدما خرج وقتها وفرغ لأدائها وهذا يدل على مشروعية قضاء الفائتة ولا ينقض هذه الدلالة ما ذهب إليه البعض من أن تأخير الصلاة لمثل ذلك الإنشغال كان جائزاً إذ ذاك ثم نسخ حينا شرعت صلاة الخوف للمسلمين رجالاً وركبانا عند التحام القتال بينهم وبين المشركين، إذ النسخ - على فرض صحته ليبي وارداً على مشروعية القضاء، وإنما هو وارد على صحة تأخير الصلاة بسبب الإنشغال، ألي أن نسخ صحة التأخير ليس نسخا لما كان قد ثبت من مشروعية القضاء أيضا، بل هي مسكوت عنها، فتبقى على مشروعيتها السابقة (1) .


خامساً: الحلال والحرام:


عرضت قريش فداء مقابل جثة عمرو بن ود. فقال : ادفعوا إليهم جيفته؛ فإنه خبيث الحيفة، خبيث الدية فلم يقبل منهم شيئًا حدث هذا والمسلمون في ضنك من العيش ومع ذلك فالحلال حلال والحرام حرام، إنها مقاييس الإسلام في الحلال والحرام، فأين هذا من الناس المحسوبين على المسلمين الذين يحاولون إيجاد المبررات لأكل الربا وما شابهه؟


سادسا: شجاعة صفية عمة الرسول ﷺ :


كان قد وضع النساء والأطفال في حصن فارع وهو حصن قوي، حماية لهم، لأن المسلمين في شغل عن حمايتهم لمواجهتهم جيوش الأحزاب، فعندما نقض يهود بني قريظة عهدهم مع رسول الله أرسلت يهوديا ليستطلع وضع الحصن الذي فيه نساء المسلمين وأطفالهم فأبصرته صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله ﷺ فأخذت عموداً ونزلت من الحصن فضربته بالعمود فقتلته، فكان هذا الفعل من صفية رادعاً لليهود من التحرش بهذا الحصن الذي ليس فيه إلا النساء والأطفال، حيث ظنت يهود بني قريظة أنه محمي من قبل الجيش الإسلامي، أو أن فيه على الأقل من يدافع عنه من الرجال (۱) ففي هذا الخبر دليل للمرأة في الدفاع عن نفسها إن لم تجد من يدافع عنهاسابعا: عدم صحة ما يروي عن جبن حسان رضي الله عنه :


ففي قصة صفية عمة رسول الله الله وقتلها لليهودي جاء في رواية سندها ضعيف (1) أن صفية رضي الله عنها قالت الحسان بن ثابت إن هذا اليهودي يطيف بالحصن كما ترى، ولا آمنه أن يدل على عورتنا من وراءنا من اليهود، وقد شغل عنا رسول الله ﷺ وأصحابه فأنزل إليه فاقتله. فقال : يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، قالت صفية : فلما قال ذلك، احتجزت عموداً ثم نزلت من الحصن إليه، فقلت: يا بنت عبد المطلب (1) . حسان إنزل فاستلبه، فإنه لم يمنعني إن استلبه إلا أنه رجل فقال: مالي بسلبه من حاجة يا


وهذا الخبر لا يصح لأمور منها :


1 - من حيث الإسناد فالخبر ليس مستدا وهو ساقط لا يصح ولا يجوز أن يروى، فيساء إلى صحابي من صحابة رسول الله ﷺ كان ينافح عن الدعوة وعن رسول الله ﷺ عمره كله . - لو كان حسان بن ثابت رضي الله عنه معروفا بالجبن الذي ذكر عنه لهجاه أعداؤه ومبغضوه بهذه الخصلة الذميمة لاسيما الذين كان يهاجيهم، فلم يسلم من هجائه أحد من زعماء الجاهلية، والرسول ﷺ كان يؤيده ويدعو له، ويشجعه على هجاء زعماء المشركين.


ثامنا: أول مستشفى إسلامي حربي


أنشأ المسلمون أول مستشفى إسلامي حربي في غزوة الأحزاب فقد ضرب الرسول صلوات الله وسلامه عليه خيمة في مسجده الشريف في المدينة، عندما دارت رحى غزوة الأحزاب، فأمر رسول الله ﷺ أن تكون رفيدة الأسلمية الأنصارية رئيسة ذلك المستشفى لابن هشام. النبوي الحربي، وبذلك أصبحت أول ممرضة عسكرية في الإسلام، وجاء في السيرة النبوية وكان قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم، يقال لها رفيدة في مسجده، كانت تداوي الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمة من به ضيعه من المسلمين،ويفهم من النص السابق أن من أصيب من المسلمين، إن كان له أهل اعتنى به أهله وإن لم يكن له أهل ، جيء به إلى المسجد حيث ضربت خيمة فيه لمن كانت به قبعة من وليس به ضيعة، ولكن لما أراد الرسول ، عليه باستمرار، جعله في تلك الخيمة التي أعدت لمن به ضعية وليس له أهل، ذلك أن هؤلاء هم في رعاية رسول الله ، وإلا فلم ضربت الخمية في المسجد وكان بالإمكان ضربها في أي مكان آخر؟ إن سعد بن معاذ يكرم المأثره وما بذله في سبيل الله تعالى فيكون هذا التكريم أن يجعل في خيمة أعدت لمن به ضيعة، وهكذا حينما يرتفع السادة يجعلون مع المغمورين الذين أخلصوا أعمالهم لله تعالى فاستحقوا أن يكونوا في رعاية رسول الله ، وهذا منهج نبوي كريم أصبح دستوراً للمسلمين على مدى الزمن.


تاسعاً: المسلم يقع في الإثم ولكنه يسارع إلى التوبة


أرسل بنو قريظة إلى أبي لبابة بن عبد المنذر وكانوا حلفاؤه فاستشاروه في النزول على حكم رسول الله ﷺ فأشار إلى حلقه - يعني الذبح - ثم ندم فتوجه إلى مسجد النبي . فارتبط به حتى تاب الله عليه، وقد ظل مرتبطا بالجذع في المسجد ست ليالي تأتيه امرائه في وقت كل صلاة فتحله للصلاة ثم يعود فيرتبط في الجذع، وقد قال لبابة: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله على مماصنعت قالت أم سلمة فسمعت رسول الله ، من السحر وهو يضحك فقلت: ممن تضحك يا رسول الله؟ أضحك الله سنك. قال: نيب على أبي لبابة، قالت: قلت: أفلا أبشره يا رسول الله؟ قال: بلى إن شئت، فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقالت: يا أبا لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك قالت: فثار الناس ليطلقوه فقال : لا والله حتى يكون رسول الله هو الذي يطلقني بيده. فلما مر عليه رسول الله ﷺ خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه (۱) ، وذلك في الإعتراف بالذنب والتوبة النصوح، وإن موطن العبرة في هذا الموقف يكمن في تصرف أبي لبابة بعدما وقعت منه هذه الزلة التي أفشى بها سراً حربياً خطيراً فأبو لبابة لم يحاول التكنم على ما بدر منه والظهور أمام رسول الله ﷺ ، والمسلمين بمظهر الرجل الذي أدى مهمته بنجاح وأنه لم يحصل منه شيء من المخالفات، وكان بإمكانه أن يخفي هذا الأمر حيث لم


(1) السيرة النبوية لابن هشام (٢٦٢/٣).يطلع عليه أحد من المسلمين، وأن يستكتم اليهود أمره، ولكنه تذكر رقابة الله عليه وعلمه الله العظيم عليه وهو الذي انتمنه على ففزع لهذه الزلة فزعاً عظيماً وأقر بذنبه واعترف به وبادر إلى العقوبة الذاتية التلقائية، دون الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله : انتظار التحقيق وتوقيع العقوبة الواجبة إنها صورة تطبيقية لقوله تعالى: ﴿ إنما التوبة على الله حكيما) [النساء : ١٧]. عليهم وكان الله عليها


۱۳۷


إنها صورة فريدة لتوقيع العقوبة من الإنسان نفسه على نفسه. ولا يفعل ذلك إلا أهل الإيمان، وما ذلك إلا من آثار الإيمان العميق الراسخ، الذي لا يرضي لصاحبه أن يخالطه إثم ولا فسوق .


وقد فرح الصحابة وفرح النبي نفسه، بتوبة الله على أبي لبابة، وتسابقوا إلى تهنئتة، حتى كانت أم سلمة زوجة النبي ﷺ هي التي بادرت بالتهنئة بعد الإذن فبشرته بقبول الله توبته .


وقد أنزل الله تعالى في أبي لبابة قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم وأنتُم تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عنده أجر عظيم ﴾ [الأنفال : ٢٧] .


قوله تعالى : وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحا وآخر سيئًا عَسى اللهُ أَن يَتُوبَ عليهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة : ١٠٢] .


عاشراً: من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه :


ظهرت لسعد بن معاذ رضي الله عنه في هذه الغزوة فضائل كثيرة تدل على فضله ومنزلته عند الله ورسوله منها :



  • استجابة الله تعالى لدعائه عندما قال : «اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلى أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك ، وأخرجوه، اللهم فإن بقي من حرب قريش شيء فأبقني له حتى أجاهدهم فيك) (۱) وقد استجيب دعاؤه فتحجر جرحه وتماثل للشفاء حتى كانت غزوة بني قريظة وجعل رسول الله ﷺ الحكم فيهم إليه فحكم فيهم بالحق ولم تأخذه في الله لومة لائم وهذا دليل على تجرد قلبه لله تعالى.ومن إكرام رسول الله ، قوله للأنصار عندما جاء سعد للحكم في : بني قرين


قوموا إلى سيدكم».


غزوات الرسول .


وهذا تكريم لسعد، وتقدير لشجاعته، حيث سماء سيدا وأمر بالقيام له (۱) .


وعندما نقذ حكم الله في يهود بني قريطة رفع سعد يده يدعو إلى الله ثانية بقول اللهم فإنى أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم (يعنى قريشاً فافجرها واجعل موتى فيها) (۲) وقد استجيب دعاؤه فانفجر جرحه تلك الليلة ومات رحمه الله .


ومن خلال دعاؤه الأول والثاني، نلحظ هذا الدعاء العجيب دعاء العظماء الذين يعرفون أن رسالتهم في الحياة ليست الإستشهاد فقط، بل متابعة الجهاد إلى اللحظة الأخير فهو المسؤول عن نصرة الإسلام في قومه وأمته .


ونرى من سيرته أنه لو أقسم على الله لأبره، فهو وجيه في السماوات والأرض، فقد شاءت إرادة المولى تعالى أن يعيد الأمر في بني قريظة كله إليه، وأن يطلب بني قريظة ال يكون الحكم فيهم لسعد بن معاذ.


إنه لا يحرص كثيراً على الحياة، بعد انتهاء الجهاد، وإنتهاء المسؤولية وتأدية الأمان المناطة به في قيادة قومه لحرب الأحمر والأسود من الناس، فإذا انتهت الحرب ووضعت بن المسلمين وقريش وشفي غيظ قلبه في الحكم في بني قريظة وبدأ قطف الثمار للإسلام، فلا ثمرة أشهى من الشهادة (فافجر جرحي واجعل موتني فيه).


وقد تحققت آماله، فقد أصدر حكمه في بني قريظة وشهد مصرع حلفاء الأمس أعداء اليوم، وها هو جرحه ينفجر.


وعندما انفجر جرحه نقله قومه فاحتملوه إلى بني عبد الأشهل إلى منازلهم، وجاء رسول الله ﷺ فقيل : انطلقوا فخرج وخرج معه الصحابة، وأسرع حتى تقطعت شوع نعالهم، وسقطت أرديتهم إليه أصحابه، فقال: إن أخاف أن تسبقنا الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة فانتهى إلى البيت وهو يغسل، وأمه تبكيه وتقول :


ويل أم سعد سعداً حزامة وجدافقال: كل نائحة تكذب إلا أم سعد، ثم خرج به وقال: يقوم له القوم: ما حملنا يا رسول الله، مينا أخف علينا منه قال: وما يمنعه أن يخف؟! وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قط قبل يومهم قد حملوه معكم (1)


وقد جاء في النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما عدد الملائكة الذين شاركوا في تشييع جنازة سعد فقد قال : هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش وفتحت أبواب أفرج عنه (٢) يعني سعد) . السماء، وشهده سبعون ألفا من الملائكة لم ينزلوا إلى الأرض قبل ذلك، لقد ضم ضمة ثم


وها هو رسول الله ﷺ يودع سعداً كما روي عبد الله بن شداد: دخل رسول الله ﷺ وهو يكيد نفسه فقال : الجزاك الله خيراً من سيد قوم. فقد أنجزت ما وعدته ولينجزك الله ما وعدك (5) .


لقد أثنى النبي على هذا العبد الصالح بعد موته كثيرا أمام الصحابة ليتعرف الناس على أعماله الصالحة فيتأسوا به فقد قال : اهتز عرش الرحمن الموت سعد بن معاذه (1) وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : أهديت الرسول الله ﷺحلة حرير فجعل أصحابه يلمسونه ويعجبون من لينها فقال: أتعجبون من لين هذه؟ المناديل سعد بن معاذ في الجنية خير منها والين ) (٥)


ومع كل هذه المآثر والمحاسن والأعمال الجليلة التي قدمها الخدمة دين الله، فقد تعرض لضمة القبر : لما انتهوا إلى قبر سعد رضي الله عنه نزل فيه أربعة : الحارث بن أوس، وأسيد ابن الحضير وأبو نائلة سلكان، وسلمة بن سلامة بن وقش، ورسول الله ﷺ واقف، فلما وضع في قبره، تغير وجه ، وسبح ثلاثا، فسيح المسلمون حتى ارتج البقيع، ثم كبر ثلاثا. وكبر المسلمون فسئل عن ذلك فقال : تضايق على صاحبكم القبر، وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا هو، ثم فرج الله عنه (7)إن هذا الصحابي الجليل قد استشهد وهو في رسالة إلى الإسلام كان في السلبية


من عمره .. والثلاثين من عمره، يوم وافته المنية وهذا يعني أنه قاد قومه إلى الإسلام وهو في الثلاثين سم ورده كانت هذه السيادة في العشرينات من عمره، وقبل أن يكون على مشارف الثلاثين، وإنما تتفجر الطاقات الكامنة والمواهب بعد سن الأربعين، التي هي قاله الأشد قال تعالى : ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته . حملته أمه كرها ووضعته كرها والله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده و أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من


غزوات الرسول )


المسلمين) [الأحقاف : ١٥].


فأي طراز هذا الذي حفل تاريخه بهذه المآثر، واستبشر أهل السموات والأرض بقدون واهتز له عرش الرحمن فرحا لوفاته من دون خلق الله أجمعين كان سعد بن معاذ، رجلا أبيض طوالاً، وجميلاً، حسن الوجه، أعين، حسن اللحية (1) رحمة الله عليه ورضي عنه وأعلى ذكره في المصلحين.


الحادي عشر: مقتل حيي بن أخطب ، وكعب بن أسد:


مقتل حيي بن أخطب النضري:


روى عبد الرزاق في مصنفه بالسند إلى سعيد بن المسيب فذكر بعض خبر الأحزاب وقريظة ... إلى أن قال: فلما فض جموع الأحزاب، فانطلق - يعني - حبي - حتى إذا كان بالروحاء ذكر العهد والميثاق الذي أعطاهم، فرجع حتى دخل معهم، فلما أقبلت بنو قريظة أتى به مكتوفًا بعد فقال حبي للنبي : أما والله ما لمت نفسي في عداوتك، ولكنه من يخذل الله يخذل، فأمر به النبي ﷺ فضربت عنقه (۲) .


ثم أقبل على الناس قبل تنفيذ حكم الإعدام وقال لهم : أيها الناس: إنه لا بأس بأمر الله، كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بني إسرائيل، ثم جلس فضربت عنقه (۳) .


وفي مقتل حيي بن أخطب دروس وعبر منها :


أ - لا يحيق المكر السيء إلا بأهله:


فقد ألب القبائل العربية واليهودية على محاربة الإسلام ونبيه وأقنع بني قريظة،بضرورة نقض العهد مع الرسول الله وطعنه من الخلف، فجعل الله كيده في نحره وكبته، وفي النهاية قادته محاولاته إلى حتفه إن الله لا يهمل الظالمين، ولكن يمهلهم ويستدرجهم، حتى إذا أخذهم أخذ عزيز مقتدر فكان أخذه أليم شديد قال : «إن الله ليملي للظالم أخذه أليم شديد ﴾ [هود : ۱۰۲] . حتى إذا أخذه لم يفلته ثم تلا قوله تعالى : وكذلك أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ


ب التجلد في مواطن الشدة


لقد تجلد حبي وتقدم لتضرب عنقه حتى لا يشمت فيه شامت وهو يعرف أنه على باطل، ظالم نفسه، قد أوردها موارد الهلاك، ومع هذا يموت على ذلك، والعزة بالإثم تأخذه إلى جهنم وبئس المصير لأنه يعبد هواه ولم يعبد ربه قال الله تعالى: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأَضلهُ اللهُ على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ﴾ [الجاثية : ٢٣].


ج - من يخذل الله يخذل:


إن الله تعالى إذا خذل أحدا ليس له من نصير يمنعه أو يدفع عنه قال سبحانه: وإن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾ [آل عمران : ١٦٠].


كما أن عداوة حبي للرسول ﷺ باعثها الحسد والحقد ولذلك عبر حبي صراحة أن الله لم يكن معه يوما من الأيام، بل كان حيي في شق الشيطان عدوا لأولياء الرحمن يشاقق الله، فالله خاذله ومسلمه لكل ما يؤذيه ويتعبه، ولا توجد قوة في الأرض ولا في السماء تنصره وتحول بينه وبين الهزيمة، لأن إرادة الله هي النافذة وقدره هو الكائن لا راد لقضائه، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء قال تعالى: ﴿ وَإِن يَمْكَ اللَّهُ بِضُرٍ فَلَا كَاشِفَ لَهُ الأهو وإن يمسسك بخير فهو على كُلِّ شيء قدير ﴾ [الأنعام: ١٧].


قتل كعب بن أسد القرظي


وجيء برئيس بني قريظة، كعب بن أسد، وقبل أن يضرب رسول الله ﷺ عنقه جرى بينه وبين كعب الحوار التالي :قال رسول الله : كعب بن أسد؟».


قال كعب بن أسد: نعم يا أبا القاسم .


قال رسول الله : ما انتفعتم ينصح ابن خراش لكم، وكان مصدقا بی اما امرکز


باتباعي، وإن و منه السلام ؟ (1) . رأيتموني تقرئوني .


قال كعب: بلى والتوراة يا أبا القاسم، ولولا أن تعيرني يهود بالجزع من البين


لا تبعتك، ولكني على دين يهود.


فأمر رسول الله ﷺ بضرب عنقه فضربت (۲).


ومما توريه كتب السيرة النبوية عن يهود بني قريظة أنهم كانوا يرسلون طائفة تلو طائفة لتضرب أعناقهم قد سألوا زعيمهم كعب بن أسد فقالوا: يا كعب ما تراه يصنع بنا؟ قال: أفي كل موطن لا تعقلون؟ ألا ترون الداعي لا ينزع، وأنه من ذهب به منكم لا يرجع؟ هر والله القتل .


ونلحظ خبر مقتل كعب بن أسد، أنه كان متعصباً ليهوديته وهو يعلم بطلانها، وأنه على علم بصدق رسالة رسولنا ولكنه لم يؤمن ولم يدخل الإسلام خوفا من أن تعبيره يهود بأنه جزع من السيف فعدم إيمانه وبقاؤه على الكفر كان نتيجة ريائه، وحبه للثناء وخوفه من ذمه، وتعييره وهذا دليل على السفة والحمق وخذلان الله لهذا اليهودي المخادع .


الثاني عشر: شفاعة ثابت بن قيس في الزبير بن باطا، وسلمي بنت قيس في رفاعة بن سمؤال القرظي


۱ - شفاعة ثابت بن قيس في الزبير بن باطا


أقبل ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله ﷺ فقال : هب لي الزبير اليهودي أجزء فقد كانت له عندي يد يوم بعاث فأعطاه إياه، فأقبل ثابت حتى أتاه فقال: يا أبا عبد الرحمن: هل تعرفني؟ فقال: نعم، وهل ينكر الرجل أخاه قال ثابت : أردت أن أجزيكاليوم بيد لك عندي يوم بعاث، قال: فافعل، فإن الكريم يجزي الكريم، قال: قد فعلت، قد سالت رسول الله ﷺ فوهبك لي، فأطلق عنه إساره، فقال الزبير: ليس لي قائد وقد الخذتم امرأتي وابني، فرجع ثابت إلى رسول الله ﷺ فاستوهبه امرأته وبنيه ووهبهم له، فرجع ثابت إلى الزبير فقال : رد إليك . رسول الله ﷺ امرأتك وبنيك، فقال الزبير: حائط لي فيه أعلق، وليس لي ولا لأهلي عيش إلا به، فرجع ثابت إلى رسول الله ﷺ فوهب له، فرجع ثابت إلى الزبير، فقال: قد رد إليك رسول الله ﷺ مالك وأهلك، فأسلم تسلم، قال: ما فعل الجليسان؟ وذكر رجال قومه، قال ثابت: قد قتلوا وفرغ منهم، ولعل الله تبارك وتعالى أن يكون أبقاك الخير، قال الزبير : أسألك بالله يا ثابت وبيدك التي عندك بعاث إلا ألحقتني بهم، فليس في العيش خير بعدهم، فذكر ذلك ثابت لرسول الله ﷺ نأمر بالزبير فقتل (1) ...


٣- شفاعة سلمى بنت قيس في رفاعة بن سمؤال القرظي


كانت سلمي بنت قيس وكنيتها أم المنذر أخت سليط بن قيس، وكانت إحدى خالات رسول الله ، وقد صلت معه القبلتين، وبايعته بيعة النساء، سألته رفاعة بنت سموال القرظي، وكان رجلاً قد بلغ، فلاذ بها، وكان يعرفهم قبل ذلك، فقالت: يا نبي الله : بأبي أنت وأمي هب لي رفاعة، فإنه قد زعم أنه سيصلي ويأكل لحم الجمل، فوهبه لها، فاستحيته .


وفي هذا الخبر دليل على أن الإسلام لا يكرم المرأة ويعتبر شفاعتها ! هذه هي معاملة المرأة في هذا الدين، إنه يكرمها، ويساعدها ويشجعها على فعل الخير.


الثالث عشر من أدب الخلاف


في اختلاف الصحابة في فهم كلام رسول الله : ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة (۲) فبعضهم فهم منه الاستعجال فصلى العصر لما دخل وقته، وبعضهم أخذ بالظاهر فلم يصلي إلا في بني قريظة ولم يعنف النبي ﷺ أحدا منهم أو عاتبه، ففي ذلك دلالة هامة على أصل من الأصول الشرعية الكبرى وهو تقرير مبدأ الخلاف في مسائل وكان قد الفروع، واعتبار كل من المتحالفين معذورا ومن با اتصال الخلاف تقرير المبارة الاجتهاد في الرباط الأحكام الشرعية، وفيه ما يدل على أن استئصال الخلاف في مسائل الفروع التي تنبع من دلالات ظنية أمر لا يمكن أن يتصور أو يتم .


إن السعي في محاولة القضاء على الخلاف في مسائل الفروع، معائدة للحكمة الربانية والتدبير الإلهي في تشريعه، عدا أنه ضرب من العبث الباطل، إذ كيف تضمن انتزاع الخلاف في مسألة ما دام دليلها ظنياً محتملاً ؟ .. ولو أمكن ذلك أن يتم في عصرنا، لكان أولى العصور به عصر رسول الله ﷺ ، ولكان أولى الناس بأن لا يختلفوا هم أصحابه، فما بالهم اختلفوا مع ذلك (1) كما رأيت وفي الحديث السابق من الفقه أنه لا يعاب على من أخذ بظاهر حديث نبوي أو آية من كتاب الله، كما لا يعاب من استنبط من النص معنى يخصه، وفيه أيضاً أن المختلفين في الفروع من المجتهدين لا إثم على المخطيء فقد قال


: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا أجتهد فأخطأ فله أجر واحد (۲) .


وحاصل ما وقع أن بعض الصحابة حملوا النهي على حقيقته ولم يبالوا بخروج الوقت - وقت الصلاة - توجيها لهذا النهي الخاص عن النهي العام عن تأخير الصلاة عن


وقتها .


وقد علق الحافظ بن حجر على هذه القصة فقال : ثم الإستدلال بهذه القصة على أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق ليس بواضح وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد، فيستفاد منه عدم تأثيمه، وحاصل ما وقع في القصة أن بعض الصحابة حملوا النص على حقيقته، ولم يبالوا بخروج الوقت ترجيحا للنهي الثاني عن النهي الأول، وهو ترك تأخير الصلاة عن وقتها، واستدلوا بجواز التأخير لمن اشتغل بأمر الحرب بنظير ما وقع في تلك الأيام بالخندق، والبعض الآخر حملوا النهي عن غير حقيقة، وأنه كناية على الحث والاستعجال والإسراع إلى بني قريظة، وقد استدل به الجمهور على عدم تأثيم من اجتهد لأنه لم يعنف أحد من الطائفتين، فلو كان هناك إثم لعنف من أثم.


الرابع عشر توزيع غنائم بني قريظة وإسلام ريحانة بنت عمرو:


۱ - جمع صحابة رسول الله الله الغنائم التي خلفها بنو قريظة، فكانت كما يلي،السيوف ألفا وخمسمائة سيف، ومن الرماح الفى ومح، ومن الدروع ثلاثمائة درع ومن التروس ألفا وخمسمائة ترس وجحفة، كما تركوا عدداً كبيراً من الشباة والإبل وأنانا كبيرا وأبنية كثيرة، ووجد المسلمون دنانا من الخمر، فوزعت الغنائم وهي الأموال المنقولة السلاح، والأثاث وغيرها من المحاربين من أنصار ومهاجرين ممن شهدوا الغزوة، فأعطى اربعة أخماس الغنائم لهم، إذ جعل للفرس سهمين، وللراجل سهما، فالفارس يأخذ ثلاثة لهم له ولفرسه وغير الفارس يأخذ سهماً واحداً له، والخمس المتبقي هو سهم الله ورسوله المقرر في كتابه تعالى .


وأما ما وجده رسول الله ﷺ والمسلمون من الخمر عند بني قريظة فقد أراقوه ولم بأخذوا منه شيئًا، ولم ينتفعوا به كذلك، وقد أسهم رسول الله ﷺ السويد بن خلاد الذي قتلته المرأة اليهودية بالرحى وأعطي سهمه لورثته والصحابي آخر مات أثناء حصار بني فريطة، كما رضخ رسول الله ﷺ للنساء اللواتي حضرن ولم يسهم لهن، منهن: صفية بنت عبد المطلب، وأم عمارة، وأم سليط، وأم العلاء، والسميراء بنت قيس، وأم سعد بن معاد، وأما الأموال غير المنقولة كالأراضي والديار فقد أعطاها رسول الله ﷺ للمهاجرين دون الانصار، وأمر المهاجرين أن يردوا إلى الأنصار ما أخذوه منهم من نخيل وأرض، وكانت على سبيل العارية، ينتفعون بثمارها، قال تعالى عن تلك الأراضي والديار: وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطورها وكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قديرا )


الأحزاب : ٢٧].


وأما عبارة وأرضا لم تطأوها فقد قال المفسرون: إنها أرض خيبر، وأن الجملة بشرى سابقة لفتحها، غير أن الذي تلهم روح الآية ومضمونها على ما يتبادر لنا أنها أرض لبنى فريظة بعيدة عن مساكنهم، آلت إلى المسلمين دون حرب أو حصار، ونتيجة للمصير الذي صار إليها أصحابها وهذا وقد أرسل رسول الله ﷺ سعد بن عبادة رضي الله عنه بالخمس من الذرية والنساء إلى الشام فباعها، واشترى بالثمن سلاحا وخيلاً، ليستعين به المسلمون في معاركهم مع الأعداء من يهود ومشركين، وكذلك بعث إلى نجد سعيد بن زيد، فباع سيا واشترى سلاحاً .قد أراد الرسول ﷺ أن يتزوجها بعد أن تسلم، فترددت، وبقيت وقتا على دينها، ثم شرح الله صدرها للإسلام فأسلمت، فبعثها إلى بيت أم منذر بنت قيس حتى حاضت ثم طهرت، فجاءها وخيرها أيعتقها ويتزوجها أوتكون في ملكه ؟ فاختارت أن تكون في ملكه رضي الله عنها.


الخامس عشر : الإعلام الإسلامي في غزوة الأحزاب


قام شعراء الصحابة بدورهم الجهادي، فقالوا قصائد أربعة وضحوا بها موقف المسلمين في غزوة الأحزاب نقطف منها أبيانًا منها كنماذج لهذه القصائد، فمن ذلك قول كعب بن مالك : أخو بني سلمة :


ولو


شهدت


رأتنا


صابرين


وسائلة


مالقينا


صبرنا


لا


نرى لله


عدلاً


تسائل


على


ما


به


نابنا


متوكلينا


تعلوا البرية أجمعينا


وكان


لنا


النبي وزير صدق


نقاتل


معشراً ظلموا وعقوا


نعالجهم إذا نهضوا إلينا


ترانا في


فضائض


سابغات


إلي أن قال :


التنصر أحمداً والله حتى ويعلم أهل مكة حين ساروا بأن الله ليس له شريك فإما تقتلوا سعداً سفاها سیدخله جنانا طيبات كما قد ردكم فلا شريدا خزايا لم تنالوا ثم خيرا


وكانوا بالعداوة


بضرب


مرصدينا


يعجل المتسرعينا


کغدران


الملا


متسربلينا


نكون عباد صدق مخلصينا وأحزاب أتوا متحزبينا وأن الله مولى المؤمنينا فإن الله خير القادرينا تكون مقامة للصالحين بغيظكم خزايا خائبينا وكدتم أن تكونوا دامرينا


بريح عاصف هبت


عليكم


فكنتم تحتها متكمهيناوقال كعب بن مالك في قصيدة طويلة يرد فيها على عبد الله بن الزبعري:


ومواعظ من ربنا نهدي بها


عرضت علينا فاشتهينا ذكرها


حكما يراها المجرمون بزعمهم


جاءت سخينة كي تغالب ربها


١٤٧


بلسان أزهر طيب الأثواب


من بعد ما عرضت على الأحزاب


حرجاً ويفهمها ذوو الألباب


مغالب فليغلين الغلاب


قال ابن هشام حدثني من أثق به، قال حدثني عبد الملك بن يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير، قال : لما قال كعب بن مالك :


جاءت سخية كي تغالب ربها


فليغلين مغالب الغلاب


قال رسول الله ﷺ : لقد شكرت الله يا كعب على قولك هذا (۱) (۲) .قال لقومه حين أصاب سعد بن معاذ السهم بالخندق: اجعلوه في


خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب ... » (٢) . لخص دون اي زياده منك ولا تحذف اقوال الرسول او الآيات و المواقف المهمة


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

يتفق الباحثون ب...

يتفق الباحثون بشكل عام على أن تنمية مهارات إدارة المعرفة تتطلب التفاعل المشترك بين الأفراد واستخدام ...

بما أن الفلسفة ...

بما أن الفلسفة والعلم حقلان معرفيان مختلفان، ولكل منهما خصائص تختلف عن الآخر، فقد برزت الدعوة الى ا...

1-بذلت أنا والأ...

1-بذلت أنا والأم جهود لا تقدر بثمن لتلبية احتياجات أبنائنا الاثنين عبدالله واليازية وبالإضافة إلى ت...

With such sadne...

With such sadness occupying her thoughts,Erika, a poor single mother of two, struggles to sleep at n...

1. طوير برامج م...

1. طوير برامج متكاملة: ينبغي تصميم وتصميم برامج تأهيل متكاملة تشمل التعليم والتدريب المهني والفنون، ...

تُعتبر المملكة ...

تُعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أهم الدول في العالم العربي والإسلامي، حيث تحتل موقعًا جغراف...

This study expl...

This study explores university students' experiences and perceptions of using artificial intelligenc...

1 تجارب تهدف ال...

1 تجارب تهدف الى اكتشاف الظواهر الجديدة 2 تجارب التحقق تهدف لاثبات او دحض الفرضيات وتقدير دقتها 3 ال...

علق رئيس الوزرا...

علق رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، على صورته المتداولة والتي أثارت الجدل برفقة نظيره الإثيوبي آبي...

تعاني المدرسة م...

تعاني المدرسة من مجموعة واسعة من المخاطر التي تهدد سلامة الطلاب والطاقم التعليمي وتعوق العملية التعل...

يهدف إلى دراسة ...

يهدف إلى دراسة الأديان كظاهرة اجتماعية وثقافية وتاريخية، دون الانحياز إلى أي دين أو تبني وجهة نظر مع...

‏تعريف الرعاية ...

‏تعريف الرعاية التلطيفية‏ ‏وفقا للمجلس الوطني للصحة والرفاهية ، يتم تعريف الرعاية التلطيفية على النح...