لخّصلي

يعتبر علم الاقتصاد أحد العلوم الاجتماعية التي تهتم بدراسة السلوك الانساني .و هو يرتبط الاقتصاد ارتباطاً مباشراً بحياة الإنسان العامة، وبالنشاطات المختلفة التي يمارسها، وبالظواهر الاجتماعية التي يعيشها في مختلف المجالات. مما يجعله يطرح على نفسه العديد من الأسئلة من أجل فهم هذه الظواهر أو البحث عن إجابات لها.

      فعلم الاقتصاد من خلال تحلیله وتفسيره لمختلف الظواهر والأنشطة الاقتصادیة المتمثلة في الانتاج، التوزیع، الاستهلاك، الادخار والاستثمار، يساعد الفرد والمجتمع على اتخاذ القرارات المثلى حول كیفیة استخدام الموارد المحدودة في تلبیة الحاجات، من خلال  العمل على ایجاد القواعد والوسائل التي تؤدي الى الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لتلبیة أقصى الحاجات، مما يبرز أهمیة علم الاقتصاد.

-المحاضرة الأولى : الإطار المفاهيمي للاقتصاد وعلاقاته بالعلوم الأخرى

أولا: المعنى اللغوي لكلمة اقتصاد:

لغة كلمة الاقتصاد تعني الاعتدال. و يأتي مصطلح الاقتصاد من الكلمة اليونانية. Oikonomos Oiko تعني البيت وnomos تعني السيطرة أو الإدارة، ونعني بهذه الكلمة إدارة شؤون المنزل ككل. ثم توسع ليشمل مجموع العوامل الداخلية والخارجية، و العلاقات المادية بين الدول.

ثانيا: المعنى الاصطلاحي لعلم الاقتصاد:

لقد تعددت التعاریف التي وردت في تاریخ الفكر الاقتصادي، فقد عرفه آدم سميث في كتابه الشهير ثروة الأمم بأنه: "العلم الذي یدرس الكیفیة التي تمكن الأمة من الحصول على الثروة ووسائل تنميتها (مفهوم الثروة)".

بينما يرى الفرید مارشال بأنه: "العلم الذي یهتم بد ارسة البشریة في شؤون حیاتها العادية، فهو يفحص ذلك الجزء من جانب النشاط الفردي والاجتماعي الذي یتعلق بالحصول على المقومات المادية للرفاهیة وطرق استخدام هذه المقومات (مفهوم الرفاهية).

ثالثا: المعاني الخاصة للاقتصاد:

نظرا لاختلاف وجهات النظر والرؤى يعرف علم الاقتصاد بأنه علم الثروة، وعلم تبادل الأسواق، وعلم الندرة وخيارات الكفاءة على النحو التالي:

أ‌- الاقتصاد علم الثروة:

يعرف الاقتصادي الفرنسي الكلاسيكي جان بابتيست ساي علم الاقتصاد في كتابه (رسالة في الاقتصاد السياسي) على النحو التالي: "إن الاقتصاد السياسي يعلمنا خلق واستهلاك الثروة التي تلبي احتياجات المجتمعات".

 أما آدم سميث الذي يعتبر الأب المؤسس للاقتصاد السياسي، فكان عنوان كتابه الأساسي الصادر عام 1776 هو: "بحث في طبيعة ثروة الأمم وأسبابها"، وهو يعتبر أن اكتساب الثروة هو الهدف الأساسي والأخير للفرد والمجتمع.

ب- الاقتصاد علم التبادل:

   ظهر هذا التعريف في نهاية القرن التاسع عشر على يد الاقتصادي الفرنسي "بيرو"، ويفيد التعريف بأن الظاهرة الاقتصادية تقوم على التبادل، أي تخلي الفرد عما عليه إلى الآخر مقابل الحصول على ما يريد، ويدخل المال كوسيلة للتبادل.

العيب في هذا التعريف هو أنه لا ينطبق على الأنظمة الاقتصادية التي تكون فيها التجارة حرة، مثل نظام الاقتصاد المغلق القائم على مبدأ الاكتفاء الذاتي، وكما في النظام الاشتراكي الذي لا تتم فيه التجارة بالشكل المعروف في النظام الرأسمالي.

ج- الاقتصاد هو علم الندرة النسبية أو علم الاختيار.

يتدخل الاقتصاد فقط عندما تكون الموارد (المال) نادرة مقارنة بالاحتياجات، أي عندما تكون الوسائل نادرة مقارنة بالغايات يعرف روبنز الاقتصاد بأنه العلم الذي يدرس السلوك الإنساني، كالعلاقة بين الغايات والوسائل النادرة ذات الاستخدامات المختلفة، من أجل تلبية الاحتياجات، وموضوع الاقتصاد هو تحليل هذه الاختيارات.

رابعا:علاقات الاقتصاد بالعلوم الأخرى :

باعتباره أحد العلوم الاجتماعية التي تهتم بدراسة السلوك الانساني. فإن علم الاقتصاد يرتبط بعدد من العلوم الاخرى،من خلال مبدأ التأثير و التأثر. ولا يمكن للخبير الاقتصادي أن يتجاهل الجوانب غير الاقتصادية للمشكلة التي يدرسها. و يجب أن يكون على دراية بالجوانب الأخرى التي تشمل أسئلة من مجالات أخرى.

Ø العلاقة بين الاقتصاد وعلم النفس:

يهتم الباحث الاقتصادي بمعرفة سلوك الفرد من حيث الإنفاق والاختيارات وبما أن السلوك البشري ينشأ عن دوافع نفسية كامنة، فإن معرفة الاقتصادي بعلم النفس تساعده على تحليل سلوك المستهلك الفردي والتنبؤ بمستقبل ذلك السلوك.

Ø علاقة الاقتصاد بالسياسة:

  كما أن السياسي يهتم بشؤون المجتمع، فإن الاقتصادي يهتم أيضاً بشؤون المجتمع من منظور احتياجات الإنسان وكيفية إشباعها، وأن صناع السياسات يستعينون بآراء وتحليلات الاقتصاديين الذين يساعدونهم في حل الأزمات. كما تتأثر الإدارة السياسية بشكل كبير بالظروف الاقتصادية السائدة في البلاد.وقد ظهرت نظرية الاختيار العام (Public Choice Theory) التي جمعت بين علمي الاقتصاد و السياسة.وهي تستخدم الأدوات الاقتصادية للتعامل مع المشاكل التقليدية للعلوم السياسية.

Ø علاقة الاقتصاد بالاجتماع :

من أجل فهم السلوك الاقتصادى للأفراد والوحدات الاقتصادية على الاقتصادى أن ينظر إليها من خلال الواقع الاجتماعي الذي تعمل فيه، كما أن الإلمام بالمعطيات الاقتصادية المختلفة لها أهمية في دراسة الأوساط الاجتماعية من جانب عالم الاجتماع.

Ø علاقة الاقتصاد بالقانون:

يهتم القانون بدراسة القواعد التي تضعها الدولة من أجل تنظيم علاقات الأفراد و المؤسسات. هذه القوانين لا يمكن أن توضع دون مراعاة الواقع الاقتصادي، كما أن هناك قوانين لها علاقة بالحياة الاقتصادية كالقانون التجاري، وقوانين المالية والضريبة، وقوانين الاستثمارات .

Ø الاقتصاد والجغرافيا:

علم الاقتصاد له علاقة بعلم الجغرافيا الذي يساعد في معرفة الموارد المتاحة و توزيعها جغرافيا. كما أن فرع الجغرافيا الاقتصادية يهتم بدراسة ووصف الموارد الاقتصادية للمجتمع ونشاطه الاقتصادي.

Ø علاقة الاقتصاد بالرياضيات:

ومن أجل الحصول على نتائج كمية صحيحة، يستخدم الاقتصادي الأساليب الرياضية في البراهين والتحليلات. وفي العصر الحديث، أصبح الاقتصاد علمًا من العلوم الصعبة بسبب كثرة استخدامه للرياضيات.

Ø علاقة الاقتصاد بالإحصاء:

ويستخدم الاقتصادي الأساليب الإحصائية في التعامل مع الظواهر والمشكلات الاقتصادية، مثل معرفة مؤشرات الأسعار لقياس القوة الشرائية للنقود وغيرها.كما يستخدم الخبير الاقتصادي الإحصائيات للتنبؤ بالظاهرة وقياسها في المستقبل. وأصبح الاقتصاد القياسي مهما في اجراء الدراسات و البحوث الاقتصادية.

• المحاضرة الثانية :المشكلة الاقتصادية: مفهوم الحاجات والموارد.

العوامل المؤدية إلى ظهور المشكلة الاقتصادية:

 المشكلة الاقتصادية لأي مجتمع هي عدم القدرة على إشباع جميع احتياجات الإنسان، ويعود ذلك بالأساس إلى الندرة، أي عدم كفاية الموارد المتاحة للمجتمع لتلبية جميع احتياجات أفراده. وبعبارة أخرى، يمكن القول بأن المشكلة الاقتصادية تتمثل في محاولة الفرد أو المجتمع التوفيق بين حاجاته غير المحدودة، والتي تختلف في أهميتها النسبية،وبين الموارد المحدودة التي تصلح لاستخدامات متعددة[1].تكمن المشكلة الاقتصادية أو ما يسمى "مشكلة الندرة" في محدودية الموارد الاقتصادية، وندرتها النسبية اللازمة لتلبية الحاجات الإنسانية المتعددة والمتزايدة باستمرار، فالمشكلة الاقتصادية واجهت الإنسان والمجتمعات البشرية منذ الأزل إلى يومنا هذا[2].

ويمكن إرجاع أسباب مشكلة الندرة إلى ما يلي:

• 
  

  عدم استغلال أو إساءة استخدام موارد المجتمع.

  
  


• 
  

  ندرة بعض المواد.

  
  


• 
  

  زيادة عدد السكان بمعدلات تفوق الزيادة في الإنتاج.

  
  

الندرة ظاهرة لا تخلقها الطبيعة وحدها، بل هي جانب مهم من جوانب التقدم المستمر للبشرية في السيطرة على القوى التي تزيد من إنتاج الطبيعة، مما أدى إلى نمو وتعدد احتياجات الإنسان، والتي يمكن ترجمتها أيضا بالمسؤولية. الطبيعة البشرية لوجود واستمرارية الظاهرة السابقة.

ما هي الاحتياجات وما هي الموارد؟

1. 
   

   الاحتياجات:
   
   

   
   

هي رغبات الفرد الملحة في الحصول على السلع أو الخدمات. وأهم ما يميز هذه الحاجات أنها لا تنتهي أبدا، بل هي دائما متجددة ومتعددة. فلو أخذنا مثلاً الإنسان البسيط الذي له احتياجات وتطلعات كثيرة في الحياة: فهو يحتاج إلى شراء شقة وشراء سيارة، ويحتاج إلى قضاء وقت ممتع بالذهاب في رحلة ترفيهية وسفر، وهكذا.

 يدرس علم الاقتصاد كيف يقرر البشر والمجتمع تخصيص الموارد الإنتاجية النادرة لإنتاج سلع وخدمات مختلفة مع مرور الوقت، وتوزيعها للاستهلاك الحالي أو المستقبلي بين المجموعات المكونة المختلفة في المجتمع. وهذا هو التعريف الإجرائي للاقتصاد، ومنه نستنتج أن هناك مشكلة تسمى الاقتصاد. متمثلة في ندرة الموارد وتعدد الاحتياجات.

هناك بالتالي ثلاثة أسئلة يجب أن يقوم عليها أي اقتصاد مهما كان هيكله، وبالإجابة عليها نصل إلى ثلاثة قرارات اقتصادية تواجه الدول.

ماذا ننتج وبأي كميات؟:

  لا شك أنه ليس كل السلع التي نرغب فيها يمكن إنتاجها، فما هي السلع التي يجب أن ننتجها وبأي كميات؛ هل ننتج طعامًا أكثر وملابس أقل؟ بدءاً من منتج واحد يؤدي إلى إضعاف القدرة على إنتاج منتج آخر، يجب على كل اقتصاد أن يجيب على هذه الأسئلة.



      لا بد من الإشارة إلى أنه "إذا كان النظام السائد هو النظام الرأسمالي، فإن قوى السوق هي التي تحدد نوعية السلع التي سيتم إنتاجها، لأن السلع والخدمات التي تدر الأرباح يتم إنتاجها، أما إذا كان المجتمع يتبع النظام الاقتصادي النموذجي المختلط ، ثم يتم تخصيص الموارد لإنتاج السلع التي يمليها النظام. السوق وفق أولويات الحكومة.

كيف ننتج؟:

ما هي طبيعة الموارد الاقتصادية التي سيتم استخدامها في عملية الإنتاج؟ ما هو مستوى التكنولوجيا المطلوب؟ هل سننتج البضائع آليًا أم يدويًا؟ هل سنولد الكهرباء من الفحم أو النفط أو الطاقة الشمسية؟ »..

  يمكن عمومًا استخدام مجموعات مختلفة من الموارد الإنتاجية لإنتاج سلعة ما؛ فالتعليم، على سبيل المثال، يمكن أن يتم بجهد أقل من خلال المزيد من المحاضرات التلفزيونية، وأجهزة التسجيل، والكتب، ويمكن إنتاج الكراسي باستخدام المزيد من العمالة وعدد أقل من الآلات.

لمن ننتج؟ :

هذا السؤال يتمثل في تحديد كيفية توزيع المنتج الوطني بين أفراد المجتمع: هل سيتم توزيعه من خلال السوق من خلال القدرة على الدفع؟ أم سيتم توزيع السلع والخدمات بالتساوي، أم سيتم توزيعها في السوق، وسيتم دعم من ليس لديه القدرة على الدفع؟

2. 
   

   الموارد:
   
   

   
   

الموارد يطلق عليها اسم المدخلات " inputs " وهي عوامل الإنتاج التي تستخدم في إنتاج السلع والخدمات لإشباع حاجات الأف ا رد. وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: العمل، رأس المال والموارد الطبیعیة.

Ø العمل:

العمل هو الجهد الإنساني المبذول لإنتاج سلعة او خدمة ويمكن أن یكون بدنيا أو ذهنيا، ویرتكز العمل على عامل هام جدا وهو الوقت.

Ø رأس المال :

و يقصد به الأموال والمواد والأدوات اللازمة لأي نشاط اقتصادي وینقسم إلى ثلاثة أنواع:

رأسمال المادي كالمباني والآلات.

رأسمال المالي: هو المبالغ التي خصصت للاستثمار.

رأسمال البشري: كل ما تعلق بالمعرفة والمواهب والمهارات والقدرات.

Ø لموارد الطبيعية:

وهي الموارد التي تأتي من الطبيعة (الأرض) (النفط، الماء، الأشجار، الحيوانات، الذهب، الحديد، وغيرها) وقد تكون متجددة أو غير متجددة.