لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

الاتجاهات النقدية في القرن الرابع أبو تمام - المتنبي - أرسطو، واضطروا النقاد إلى أن يتعمقوا سبر غور العلاقة بين النظر والتطبيق فيحققوا للنقد شخصية متميزة بعض التميز. وقد استعمل النقد في هذه المجالات جميع الوسائل التي ورثها من العصر السابق، ومن الطبيعي أن نجد أبا تمام يشغل النصف الأول من القرن الرابع وأن يقابله المتنبي في النصف الثاني، وأن يظل التمرس بالثقافة اليونانية مستمراً طوال القرن، ولا نعرف عنها شيئاً سوى الأسماء: ذلك من كتاب "المدخل إلى علم الشعر" لمحمد بن الحسن بن يعقوب العطار (- ٣٥٥) وكتاب "الترجمان في الشعر" للمفجع البصري (- ٣٢٧) (١) و "كتاب الشعر" لمحمد بن الحسين بن محمد الفارسي أبن أخت أبي علي الفارسي (- ٤٢١) وكتاب "خضارة" في نعت الشعر لأبي الحسين أبن فارس (- ٢٩٥) . أما ما أورده أبن فارس في كتاب الصاحبي عن الشعر فإنه كرر فيه تعريف قدامة بن جعفر للشعر بأنه "كلام موزون مقفى دال على معنى" ثم زاد على ذلك قوله "ويكون أكثر من بيت" حتى ينفي من الشعر ما جاء موزوناً اتفاقاً؛ (١) ياقوت ١٧: ١٩٤، ويبدو أن هذا الكتاب يتناول الموضوعات، فقد جاء على حدود وهي: حد الأعراب، حد الحلم والرأي، ومن ملاحظاته التي تستحق التنويه قوله في تفاوت الشعراء "وقد يكون شاعر أشعر وشعر أحلى وأظرف فأما أن تتفاوت الأشعار القديمة حتى يتباعد ما بينها في الجودة فلا" (١) ، النقد في اختيار الخالدين المسمى الأشباه والنظائر ويمثل هذا الكتاب عودة إلى إبراز روائع الشعر الجاهلي وشعر المخضرمين حين وجد المؤلفان أن إقبال الناس على المحدثين قد طغى على كل ما عداه، وتعليقات الخالديين تتفاوت بين شرح للمعنى أو التنويه بحسن التشبيه أو حسن التقسيم أو جودة المعنى وأشباه ذلك؛ (٣) الأشباه والنظائر ٣: ٣. الاتباع "(١) ويوردان قطعة لمسلم بن الوليد يصف فيها مشي امرأة ثم يعلقان على ذلك بقولهما" لولا أن شرطنا ألا نقدم في هذا الكتاب إلا أشعار المتقدمين ثم نأتي بعد ذلك بالنظائر للمحدثين والمتقدمين لكان سبيلنا أن نجعل هذه الأبيات الأمام في هذا المعنى لجودة ألفاظها وصحة معانيها وإنها واسطة القلادة في هذا المعنى "(٢) . النقد في تشبيهات أبن أبي عون وهناك اختيارات اعتمدت قاعدة صورية لا موضوعية أو جمعت بين الاثنتين جاعلة الأولى هي الأساس المقدم، ومن الطريف أن أبن أبي عون يرى الشعر قائماً على ثلاثة أنحاء: المثل السائر والاستعارة الغريبة والتشبيه الواقع النادر (٤) وإنما خرج عن هذه الأقسام الثلاثة فكلام وسط أو دون طائل فيه ولا فائدة معه، (١) الأشباه والنظائر ١: ١٧١. (٢) نفسه ١: ٢٠٦. (٣) أنظر ج ٢: ٢٨٢. (٤) التشبيهات: ص ١ - ٢. وقد وعد أبن أبي عون أن يتبع كتابه في التشبيهات بكتاب في الاستعارة وكتاب في الأمثال؛ وقد كثرت العناية بالتشبيه في القرن الرابع وأفردت فيه مؤلفات، وكتاب "روائع التوجيهات في بدائع التشبيهات" لنصر بن يعقوب، إلى أن تتضاءل القصيدة في نظر النقاد بحيث تصبح عدداً من الصور المختارة لروعتها. السرقات في نقد القرن الرابع ومما وصلنا في هذا الموضوع "سرقات أبي نواس" لمهلهل بن يموت بن المزرع (- ٣٣٤) ؛ وتذكر المصادر كتاباً عاماً في السرقات لجعفر بن محمد أبن حمدان الموصلي (- ٣٢٣) ، وسنتحدث في الصفحات التالية عن أهم الظواهر النقدية في القرن الرابع، (٢) اليتيمة ٤: ٣٨٩ - ٣٩٠. على أن نذكر أن النقد المتأثر بالثقافة اليونانية كان من أقل التيارات ظهوراً في مجال التطبيق لأمور تتبين أثناء العرض المسهب لذلك الاتجاه، اعتماد الذوق الفني في إنشاء نظرية شعرية (عيار الشعر لابن طباطبا - ٣٢٢) إذ يبدو انه أطلع على مقدمة "الشعر والشعراء" وأفاد من الأحكام والنظرات التي وردت فيها، وكانت لديه أثارة من ثقافة فلسفية أو اعتزالية أفادته في تعميق نظرته عامة وإن لم تلهمه أحكاماً بعينها، (١) انظر ترجمته في ياقوت ١٧: ١٤٣ والوافي ٢: ٧٩ ومعجم الشعراء للمرزباني: ٤٢٧ والفهرست: ١٣٦. (٢) أشار محققا الكتاب إلى تأثره بابن قتيبة (انظر المقدمة: ط) . تعريف الشعر عند أبن طباطبا ويجب أن نقر بأن هذا التعرف على قصوره لم يتعرض لذكر التقفية التي سيتعرض لها قدامة بقوة، ثم يتناول - كما تناول ابن قتيبة قبله - ثقافة الشاعر فينص على ضرورة "التوسع في علم اللغة والبراعة في فهم الأعراب والرواية لفنون الآداب والمعرفة بأيام الناس وأنسابهم ومناقبهم ومثالبهم والوقوف على مذاهب العرب في تأسيس الشعر والتصرف في معانيه، اتباع السنة العربية في الشعر وهو على تضييقه في هذه الاتباعية ينفذ إلى أغوار عميقة توضح انه لا يرى الشعر شيئاً منفصلاً عن البيئة والمثل الأخلاقية وإن لم يستطع أن يطبق على معاصريه قانون "تغير البيئات والأزمنة" . (١) عيار الشعر: ٤. ومنها في الخلق: السخاء والشجاعة والحلم والحزم والعزم والوفاء والعفاف والبر والعقل والأمانة؟. ولكن يبدو أن كلاً من الناقدين كان يعمل على حدة دون أن يتأثر أحدهما برأي الآخر أو يسمع به. للعرب إذن طريقة خاصة في التشبيه من وحي بيئتهم ولهم مقاييس يعتمدونها في المدح والذم؛ ولهم أيضاً سنن من معتقدات لا تفهم معانيها إلا بالتحصيل، وهي أشبه بالمنجم الأسطوري الذي لا بد للشاعر أن يغترف منه عند الحاجة، كسقيهم العاشق للماء على خرزة تسمى السلوان، وكضربهم الثور إذا امتنعت البقر عن الماء، وكحذف الصبي منهم سنه إذا سقطت في عين الشمس، وكل ذلك يمثل "السنة" الكبرى التي يجدر بالشاعر ان يثقفها ليجيء شعره كأشعارهم. (١) عيار الشعر: ١١. (٣) انظر عيار الشعر ٣٢ - ٤٠. الشعر نتاج الوعي المطلق غير أن هذا الالتزام بالسنة - لدى ابن طباطبا - لا يعدو مرحلة الاستعداد والتثقيف والدرس والتحصيل، لأنه لا يلبث عند الخوض في طريقة بناء الشعر أن يقضي قضاء مبرماً على ما سماه النقاد بشعر الطبع عند العرب، وتعد نظرته هذه ابتعادا صارخاً عن مفهوم "الغريزة" إذ يصبح الشعر لديه "جيشان فكر" - قائماً على الوعي التام المطلق، خاضعاً للتفقد في اللفظة بعد اللفظة والشطر بعد الشطر والبيت أثر البيت، فهو لا يعترف بطاقة تنظم السياق أو انفعال يبعث تدافع القول، وقد تأتيه أبيات غير متناسقة فيأخذ في تنسيها حتى تطرد وتنتظم، فإذا انتهت القصيدة عاد عليها يحاكم ألفاظها فاستغنى عن كل لفظة مستكرهة ووضع بدلها لفظة سهلة نقية، "وغن اتفقت له قافية قد شغلها في معنى من المعاني واتفق له معنى آخر مضاد للمعنى الأول وكانت تلك القافية أوقع في المعنى الثاني منها في المعنى الأول، ويقول أيضاً في موضع آخر من كتابه: "وينبغي للشاعر أن يتأمل شعره وتنسيق أبياته ويقف على حسن تجاورها أو قبحه، فيلائم بينها لتنتظم معانيها له ويتصل كلامه فيها ولا يجعل ما قد ابتدأ وصفه أو بين تمامه فصلاً من حشو ليس من جنس ما هو فيه؟ كما انه يحترز من ذلك في كل بيت. فلا يباعد كلمة عن أختها ولا يحجز بينها وبين تمامها بحشو يشينها. (١) عيار الشعر: ٥. (٢) عيار الشعر: ١٢٤. تضاؤل المسافة بين القصيدة والرسالة أما ابن طباطبا فمحا الفروق بين القصيدة والرسالة النثرية في البناء والتدرج واتصال "الأفكار" : "إن للشعر فصولاً فصول الرسائل فيحتاج الشاعر إلى ان يصل كلامه على تصرفه في فنونه صلة لطيفة فيتخلص من الغزل إلى المديح، في انتباه أولها بآخرها نسجاً وحسناً وفصاحة وجزالة ألفاظ ودقة معان وصواب تأليف" (٣) . ومن ثم يضع ابن طباطبا معياراً للشعر المحكم المتقن وذلك انه إذا نقض بناؤه وجعل نثراً لم تبطل فيه جودة المعنى ولم تفقد جزالة اللفظ (٤) . (١) عيار الشعر: ٦. الوحدة في القصيدة وحدة بناء ويشبع كل صبغ منها حتى يتضاعف حسنه في العيان" وتارة هو كناظم الجوهر يؤلف بين النفيس الرائق ولا يشين عقوده برص الجواهر المتفاوتة نظماً وتنسيقاً (٢) . حتى تخرج القصيدة كأنها مفرغة إفراغاً؟ لا تناقض في معانيها ولا وهي في مبانيها ولا تكلف في نسجها (٤) - صنعة خالصة لا تنبعث فيها حركة من نمو ولا تمازجها حياة عضوية، (١) عيار الشعر: ٥. (٢) نفسه: ٥ - ٦. (٤) نفسه: ١٢٦ - ١٢٧. قلة المعاني لدى الشاعر المحدث وطريقته في تحصيلها وقانون ابن طباطبا شبيه بما ذكرنا عن غيره من النقاد في القرن الثالث: "وإذا تناول الشاعر المعاني التي قد سبق إليها فأبرزها في أحسن من الكسوة التي عليها لم يعب بل وجب له فضل لطفه وإحسانه فيه" (٢) . كيف يمكن للشاعر أن يأخذ المعنى من غيره بحيث يخفى أخذه على النقاد؟ إن من يعلم الشاعر كيف يصنع قصيدته بيتاً بيتاً بل كلمة كلمة لابد له من ان يعلمه طريقة من السرقة لا يناله فيها الحد: على الشاعر ان يستعمل "المعاني المأخوذة في غير الجنس الذي تناولها منه، (١) عيار الشعر: ٩. (٣) نفسه: ٧٧ - ٧٨. التي عهد عليها واظهر الصباغ ما صبغه على غير الذي عهد قبل، التبس الأمر في المصوغ وفي المصبوغ. صورة العلاقة بين اللفظ والمعنى وحين قلنا إنها وحدة لا تنبعث فيها حركة من نمو كنا نشير إلى هذا المجاز "المعدني" أو "الصباغي" الذي قد استولى على خياله، وهو ينسب هذا الرأي لبعض الحكماء: "والكلام الذي لا معنى له كالجسد الذي لا روح فيه كما قال بعض الحكماء: الكلام جسد وروح، فجسده النطق وروحه معناه" (٢) وذلك تصور يجعل الصلة بين اللفظ والمعنى عند ابن طباطبا أوضح مما رسمه ابن قتيبة، وأشعار مستكرهة الألفاظ قلقة القوافي رديئة النسج (دون إشارة ما تتضمنه من المعاني) ، (١) عيار الشعر: ٧٨. تأثير الشعر - كنظمه - عميل عقلي خالص عن طريق جمال "الاعتدال" مثلما ان كل حاسة تلتذ بما يليها وتتقبل ما يتصل بها: "فالعين تالف المرأى الحسن وتقذى بالمرأى القبيح الكريه، ولكن سرعان ما تصبح هذه المتعة نفسها وسيلة أخلاقية لان الحالة اللذية التي يقع فيها المتلقي تتجاوز فادتها حد الاستمتاع بالجمال، ويكون اثر الشعر الجميل عندئذ أن يسل السخائم ويحلل العقد ويسخي الشحيح ويشجع الجبان (٢) ، ومع ان الناقد يربط بين الغايتين اللذية والأخلاقية فانه اكثر جنوحاً إلى تأكيد المتعة الجمالية الخالصة، (١) عيار الشعر:١٤ وانظر أيضاً الصفحة التالية. (٢) عيار الشعر: ١٦. (٣) قد يقال أن "الفهم" مصطلح يتحمل التوجيه بحسب رأي الأقدمين لأنه قوة من قوى "النفس" ولكن ابن طباطبا واضح في هذا الموقف، فالمستمع الذي يفهم المعنى واللف مع اللحن طرباً من الذي يقتصر على طيب اللحن وحده (عيار الشعر: ١٥) . الصدق - يسبب الاتجاه العقلي - أساس الشعر لان هذا الصدق صنو للاعتدال الجمالي في حرم الفهم: "والفهم يأنس من الكلام بالعدل الصواب الحق؟. فهذا الصدق يعني السلامة التامة من "الخطأ" في اللفظ و "الجور" في التركيب و "البطلان" في المعنى، ضروب الصدق ومواطنه في الشعر وأزمة الشاعر المحدث بالنسبة للصدق ولكنه لابد من أن يتحقق أيضاً في الفنان نفسه وفي بعض عناصر العمل الفني، (٢) وهناك صدق التجربة الإنسانية عامة وهذا يتمثل في قبول الفهم للحكمة "لصدق القول فيها وما أتت به التجارب منها" (٣) (١) عيار الشعر: ١٤. (٢) عيار الشعر: ١٥ - ١٦. وهنا يجيز ابن طباطبا للشاعر إذا اضطر ان يزيد أو ينقص على شرط أن تكون "الزيادة والنقصان يسيرين غير مخدجين لما يستعان بهما وتكون الألفاظ المزيدة غير خارجة من جنس ما يقتضيه، ولكن من المدهش أن نجد سذاجة ابن طباطبا او مثاليته ترى في كل الشعر قبل عصر المحدثين ما رآه عمر في زهير: "ومع هذا فان من كان قبلنا في الجاهلية الجهلاء وفي صدر الإسلام من الشعراء كانوا يؤسسون أشعارهم في المعاني التي ركبوها على القصد للصدق فيها مديحاً وهجاء وافتخاراً ووصفاً وترغيباً وترهيباً إلا ما قد احتمل الكذب فيه في حكم الشعر من الإغراق في الوصف والإفراط في التشبيه وكان مجرى ما يوردونه مجرى القصص الحق والمخاطبات بالصدق . (١) عيار الشعر: ٤٣. (٢) عيار الشعر: ٩. (٥) أما النوع الخامس من الصدق فهو الصدق التصويري أو ما يسميه ابن طباطبا "صدق التشبيه" وهو ينص عليه في غير موطن من كتابه؛ وأحسن التشبيهات ما إذا عكس لم ينتقض بل يكون كل شبه بصاحبه مثل صاحبه ويكون صاحبه مثله مشتبهاً به صورة ومعنى (٢) ، ما بال عينك منها الدمع ينسكب . مشلشل ضيعته بينها الكتب فما كان من التشبيه صادقاً قلت في وصفه "كأنه" أو قلت "ككذا" وما قارب الصدق قلت فيه: تراه أو تخاله أو يكاد (٤) ، ومتى تضمن الشعر صفات صادقة وتشبيهات موافقة وأمثالاً مطابقة تصاب حقائقها ارتاحت غليه النفس وقبله الفهم (٥) . (١) عيار الشعر: ٦. (٥) نفسه: ١٢٠ - ١٢١. جور مذهب ابن طباطبا على قوة الخيال والتشخيص في الشعر ولا يتضح لنا كم كان التزام ابن طباطبا بالحقيقة شديد الجناية على النقد إلا إذا نحن قرأنا بعض الشواهد التطبيقية لديه. تقول وقد درأت لها وضيني . أومت بكفيها من الهودج . حباً ولولا أنت لم اخرج فهذا إفراط لان "الإيماء" لا يتحمل كل هذه المعاني التي قالتها. تلخيص عام لموقفه النقدي وينفي الفرق بين القصيدة والرسالة إلا في النظم ويتصور الوحدة في القصيدة وحدة مبنى قائم على تسلسل المعاني والموضوعات. (١) عيار الشعر: ١٢٨. لذة كاللذة التي تجدها الحواس المختلفة في مدركاتها، وإذا كان الاعتدال ميزة للجمال في الكيان الكلي، فان الصدق - على اختلاف مفهوماته - هو الذي يهيئ الفهم لقبول المحتوى والتجربة؛ ذلك موقف نقدي فيه شذوذ حتى على بعض مفهومات النقد المعاصرة حينئذ. ٢ - الصراع النقدي حول أبي تمام أبو تمام لدى نقاد القرن السابق ويتضح مما جاء فيها انقسام الناس إزاءه - في دور مبكر - في فريقين، حتى جعل أبن المعتز أسباب التحامل عليه لجاجاً في الخصومة التي اضطلع بها من ينفرون من طريقته، وكان الجانب الأكبر من جهد نقاد القرن الثالث في مجالسهم وفي ما كتبوه عنه يميل إلى إبراز عيوبه؛ (٢) راجع الموازنة ١: ١١٠ - ١٢٩. وفي تعسفه للاستعارة وبعض وجوه البديع الأخرى وفي الابتداءات البشعة وفي استعماله لألفاظ وحشية غريبة وفي استغلاق بعض معانيه، رسالة أبن عمار القطريلي في أخطاء أبي تمام فكتب أحمد بن عبيد الله بن عمار القطريلي (- ٣١٩) (١) رسالة يبين فيها أخطاءه في الألفاظ والمعاني، ويقول أبن النديم أنه توكل للقاسم بن عبيد الله ولوالده وصحب أبا عبد الله محمد بن الجراح؛ بكفيك ما مريت في أنه برد ثم اكتفى بأن علق على البيت بقوله: هذا الذي أضحك الناس منذ سمعوه إلى هذا الوقت (٣) ؛ (١) أنظر ترجمته في الفهرست: ١٤٨ وتاريخ بغداد ٤: ٢٥٢ ومعجم الأدباء ٣: ٢٣٢ والوافي ج ٧ الورقة: ٨٣ وقد اختلف في وفاته فذكر الخطيب وياقوت أنه توفي سنة ٣١٤، (٢) الموازنة ١: ١٣٥. (٣) الموازنة: ١: ١٣٨. انتصار الصولي لأبي تمام وكان موقف بي بكر محمد بن يحيى الصولي (- ٣٣٥) رداً على أمثال أبن عمار ممن حاولوا أن يغمطوا أبا تمام حسناته، وهو يشكو في رسالته تسور المثقفين من أبناء عصره على ما لا يحسنون، وإن لهذا البيت صلة بما قاله الروم: "أن هؤلاء (يعني جيش المعتصم) إن أقاموا إلى زمان التين والعنب لا يفلت منهم أحد" (٣) ، كما أنه قد عاب العلماء على امرئ القيس ومن دونه من الشعراء القدماء والمحدثين أشياء كثيرة أخطأوا الوصف فيها؟ فما سقطت بذلك مراتبهم، الصولي يستنكر إبراز العيوب وإغفال الحسنات ومجمل رأي الصولي أن النقد لا يكون بإبراز بعض العيوب والتشهير بالشاعر من أجلها وإغفال ما له من حسنات كثيرة إزاءها؛ (١) أخبار أبي تمام: ٢٨. هذا وأبن المعتز ممن يروي عنهم الصولي شيئاً من أخبار أبي تمام. (٣) أخبار أبي تمام: ٣٠ - ٣١. (٤) المصدر نفسه: ٣٢. موقف الصولي من العلاقة بين الشعر والدين ونسب إليه بعضهم قوله وقد دخل عليه وبين يديه شعر أبي نواس ومسلم حين سأله الداخل عنهما: هما اللات والعزى وأنا أعبدهما من دون الله مذ ثلاثون سنة، وقد دافع الصولي عن هذه الناحية من زاوية صحة الخبر ومن زاوية النقد الأدبي فقال مصوراً موقفه النقدي: "وقد أدعى قوم عليه الكفر بل حققوه، وما ظننت أن كفراً ينقص من شعر ولا أن إيماناً يزيد فيه" ثم حاول أن ينفي عنه التهمة جملة بقوله: "فكيف يصح الكفر عند هؤلاء على رجل، الحق أن كتاب الصولي - رغم موقفه الدفاعي - يعد في كتب السيرة أكثر مما يعد في كتب النقد، (١) أخبار أبي تمام: ٣٨. غير أن كل من تعرض لأبي تمام كان في الغالب مضطراً للوقوف عند البحتري لأن الذين كانوا يغضون من شأن الأول كانوا؟ في الأكثر - يكبرون من الثاني. ولذلك لم يكتف الصولي بشهادة البحتري لأبي تمام بل وقف عند بعض المعاني التي أخذها البحتري إما أخذاً جزئياً وإما نقلاً للمعاني والألفاظ، بشر بن يحيى النصيبي وجهوده في الكشف عن سرقات البحتري ترى هل يشير الصولي بذلك إلى أبي الضياء بشر بن يحيى النصيبي؟ لقد ترجم ابن النديم للنصيبي هذا ترجمة موجزة (٢) . فإذا كانت إشارة الصولي تتوجه إليه فمعنى ذلك ان كتابه كان - ولابد - معروفاً قبل عام ٣٣٥. وقد وطأ أبو الضياء لبحث السرقات بقوله: "ينبغي لمن ينظر في هذا الكتاب أن لا يعجل بان يقول: هذا مأخوذ من هذا حتى يتأمل المعنى دون اللفظ ويعمل الفكر فيما خفي، (١) أخبار أبي تمام: ٧٩. (٣) معجم الأدباء ٧: ٧٥.


النص الأصلي

الاتجاهات النقدية في القرن الرابع


أبو تمام - المتنبي - أرسطو، وأثرهم في نقد القرن الرابع


لولا ثلاثة أشخاص كانوا قوى دافعة في توجيه النظرية الشعرية في نقد القرن الرابع، لقدرنا أن يكون حظ ذلك النقد في الاتساع أقل مما أتيح له، ولكن أولئك الأشخاص الثلاثة جعلوا للنقد محوراً ومجالاً، سواء أكان ذلك في الحدود النظرية أو التطبيقية، واضطروا النقاد إلى أن يتعمقوا سبر غور العلاقة بين النظر والتطبيق فيحققوا للنقد شخصية متميزة بعض التميز. أما تلك القوى التي نشير إليها فهي أبو تمام وأرسطو والمتنبي. ولذلك يمكن أن يدرس معظم النقد في القرن الرابع في ثلاثة فصول هي: الصراع النقدي حول أبي تمام، والنقد في علاقته بالثقافة اليونانية، ومعركة النقد التي دارت حول المتنبي.


وقد استعمل النقد في هذه المجالات جميع الوسائل التي ورثها من العصر السابق، ومما قبله من عصور، ولم يطرح منها إلا ما كانت تفرضه مناسبة دون أخرى، ومن الطبيعي أن نجد أبا تمام يشغل النصف الأول من القرن الرابع وأن يقابله المتنبي في النصف الثاني، وأن يظل التمرس بالثقافة اليونانية مستمراً طوال القرن، بل أن يتعداه إلى ما بعده.


محاولات أخرى، وكتب نقدية لم تصلنا


غير أن هذه الصور النقدية الثلاث - وهي أوسع مجالات النقد في القرن الرابع - يجب إلا تحجب عن أنظارنا الجهود النقدية الأخرى: فهناك محاولة أبن طباطبا في "عيار الشعر" ، وأكبرها عمقاً، ولكنها تكاد تعتمد اعتماداً كلياً على صفاء الذوق الفني؛ كذلك فإن المبادئ النقدية استخدمت في دراسة الإعجاز القرآني على يد جماعة من غير النقاد فيهم الخطابي والرماني والباقلاني، وذلك مجال آخر حقيق بالدرس والنظر، وكل صورة من هذه الصور النقدية وغيرها تضيق أو تتسع بحسب ما وصلنا من مصادر؛ ولذا فإن البحث في نقد القرن الرابع قد يحظى بمزيد من الخصب حين تستكشف كتب ألفت في الشعر، ولا نعرف عنها شيئاً سوى الأسماء: ذلك من كتاب "المدخل إلى علم الشعر" لمحمد بن الحسن بن يعقوب العطار (- ٣٥٥) وكتاب "الترجمان في الشعر" للمفجع البصري (- ٣٢٧) (١) و "كتاب الشعر" لمحمد بن الحسين بن محمد الفارسي أبن أخت أبي علي الفارسي (- ٤٢١) وكتاب "خضارة" في نعت الشعر لأبي الحسين أبن فارس (- ٢٩٥) .


النقد في كتاب الصاحبي


أما ما أورده أبن فارس في كتاب الصاحبي عن الشعر فإنه كرر فيه تعريف قدامة بن جعفر للشعر بأنه "كلام موزون مقفى دال على معنى" ثم زاد على ذلك قوله "ويكون أكثر من بيت" حتى ينفي من الشعر ما جاء موزوناً اتفاقاً؛ ثم ذكر الأسباب التي جعلت النبي منزهاً عن الشعر وفي جملتها أن الشعر يقوم على الكذب، تلك النظرية التي دافع عنها قدامة بقوة. وتحدث


(١) ياقوت ١٧: ١٩٤، ويبدو أن هذا الكتاب يتناول الموضوعات، فقد جاء على حدود وهي: حد الأعراب، حد المديح، حد البخل، حد الحلم والرأي، حد الغزل، حد المال، حد الاغتراب، حد المطايا، حد الخطوب، حد النبات، حد الحيوان، حد الهجاء، حد اللغز وهو آخر الكتاب.


عن ركوب الشعراء للضرورات والجوازات، ومن ملاحظاته التي تستحق التنويه قوله في تفاوت الشعراء "وقد يكون شاعر أشعر وشعر أحلى وأظرف فأما أن تتفاوت الأشعار القديمة حتى يتباعد ما بينها في الجودة فلا" (١) ، وهو يرى أن الاختيار الذي يزاوله الناس إنما هو شهوات، كل يستحسن شيئاً حسب شهوته (٢) ؛ والتعبير عن اختلاف الأذواق بالشهوات أمر طريف حقاً، قد يومئ إلى أن أبن فارس - وهو اللغوي الذي يهمه الشعر للاستشهاد - لم يكن يرى أن هناك أشياء تجمع عليها الأذواق المتباينة.


النقد في اختيار الخالدين المسمى الأشباه والنظائر


وقد ذهبت بعض الجهود النقدية في اتجاه عملي، يمثل النقد فيه ناحية ضمنية أو شبه ضمنية وخاصة في كتب الاختيار؛ ومن أهم المختارات العامة حماسة الخالديين التي تسمى "الأشباه والنظائر" ، ويمثل هذا الكتاب عودة إلى إبراز روائع الشعر الجاهلي وشعر المخضرمين حين وجد المؤلفان أن إقبال الناس على المحدثين قد طغى على كل ما عداه، وقد رسما لهما منهجاً هو العدول عن شعر المشاهير لكثرتها في أيدي الناس، على أنهما لم يخليا كتابهما من بعض الشعر المحدث، وكان من أهم الشئون النقدية التي وقفا عندها التنبيه إلى المعاني المخترعة والمتبعة، وذكر النظائر والأشباه وتبيان المعنى المسروق (٣) ؛ وتعليقات الخالديين تتفاوت بين شرح للمعنى أو التنويه بحسن التشبيه أو حسن التقسيم أو جودة المعنى وأشباه ذلك؛ وهما لا ينتقصان الشعر المحدث، بل يريان أن أشعار المحدثين وتدقيقهم في المعاني أضعاف ما للمتقدمين إلا أن المتقدمين لهم الاختراع وللمحدثين


(١) الصاحبي ٢٧٥.


(٢) المصدر نفسه.


(٣) الأشباه والنظائر ٣: ٣.


الاتباع "(١) ويوردان قطعة لمسلم بن الوليد يصف فيها مشي امرأة ثم يعلقان على ذلك بقولهما" لولا أن شرطنا ألا نقدم في هذا الكتاب إلا أشعار المتقدمين ثم نأتي بعد ذلك بالنظائر للمحدثين والمتقدمين لكان سبيلنا أن نجعل هذه الأبيات الأمام في هذا المعنى لجودة ألفاظها وصحة معانيها وإنها واسطة القلادة في هذا المعنى "(٢) . ومع إن" الأشباه والنظائر "تشبه" المفضليات "من حيث اعتمادها شعر غير المشاهير، فإنها تختلف عنها وعن حماسة أبي تمام وعن كثير من كتب الاختيارات بوضوح كثير من الأسس النقدية فيها من خلال المفاضلة والمقارنة وإرسال الأحكام والتعليقات، هذا إلى إنها حافلة بتوضيح الجو العام في كثير من القصائد وذلك بإيراد المناسبة التي استدعتها؛ ونظرية السرقات فيها تمثل ما شاع حول هذه النظرية في نقد القرن الرابع وهي أن من أخذ المعنى وزاد فيه وحسن في لفظه كان أحق به من السابق إليه (٣) ."


النقد في تشبيهات أبن أبي عون


وهناك اختيارات اعتمدت قاعدة صورية لا موضوعية أو جمعت بين الاثنتين جاعلة الأولى هي الأساس المقدم، واعني بذلك كتب التشبيهات وفي طليعتها كتاب أبن أبي عون في هذا الموضوع. ومن الطريف أن أبن أبي عون يرى الشعر قائماً على ثلاثة أنحاء: المثل السائر والاستعارة الغريبة والتشبيه الواقع النادر (٤) وإنما خرج عن هذه الأقسام الثلاثة فكلام وسط أو دون طائل فيه ولا فائدة معه، وإن أجل هذه الأنحاء وأصعبها على صانعها التشبيه وذلك أنه لا يقع إلا لمن طال تأمله ولطف حسنه وميز بين


(١) الأشباه والنظائر ١: ١٧١.


(٢) نفسه ١: ٢٠٦.


(٣) أنظر ج ٢: ٢٨٢.


(٤) التشبيهات: ص ١ - ٢.


الأشياء بلطيف فكره (١) ؛ وقد وعد أبن أبي عون أن يتبع كتابه في التشبيهات بكتاب في الاستعارة وكتاب في الأمثال؛ وهذه قسمة للشعر عجيبة، كما أن قول أبن أبي عون أن التشبيه أصعب من الاستعارة أو من المثل السائر، ربما لم يقره الذين يمارسون صنعة الشعر. وقد كثرت العناية بالتشبيه في القرن الرابع وأفردت فيه مؤلفات، منها كتاب لحمزة بن الحسن، وكتاب "روائع التوجيهات في بدائع التشبيهات" لنصر بن يعقوب، الذي ألف أيضاً كتاب "ثمار الأنس في تشبيهات الفرس" (٢) ؛ وإن التوفر على التشبيهات في المشرق والمغرب، يدل على أن الاهتمام بالصورة الأدبية، هو الذي أخذ يسيطر على الذوق العام، إلى أن تتضاءل القصيدة في نظر النقاد بحيث تصبح عدداً من الصور المختارة لروعتها.


السرقات في نقد القرن الرابع


وقد شغل النقد في القرن الرابع كثيراً بالكشف عن السرقات؛ وسوف يتضح هذا في النقد الذي دار حول أبي تمام والبحتري والمتنبي؛ غير أن هناك شعراء آخرين ألفت كتب في الحديث عن سرقاتها، ومما وصلنا في هذا الموضوع "سرقات أبي نواس" لمهلهل بن يموت بن المزرع (- ٣٣٤) ؛ وتذكر المصادر كتاباً عاماً في السرقات لجعفر بن محمد أبن حمدان الموصلي (- ٣٢٣) ، يقول أبن النديم؛ ولم يتمه، ولو أتمه لاستغنى الناس عن كل كتاب في معناه (٣) . ولعل التأليف في السرقات يربو على المؤلفات في أي موضوع آخر.


وسنتحدث في الصفحات التالية عن أهم الظواهر النقدية في القرن الرابع،


(١) التشبيهات: ٢.


(٢) اليتيمة ٤: ٣٨٩ - ٣٩٠.


(٣) الفهرست.


مع ملاحظة الناحية الزمنية في كل مبحث على حدة، بقدر المستطاع، على أن نذكر أن النقد المتأثر بالثقافة اليونانية كان من أقل التيارات ظهوراً في مجال التطبيق لأمور تتبين أثناء العرض المسهب لذلك الاتجاه، في موضوعه من هذه الدراسة.


اعتماد الذوق الفني في إنشاء نظرية شعرية


(عيار الشعر لابن طباطبا - ٣٢٢)


لمحة عن ابن طباطبا


عاش الشاعر أبو الحسن محمد بن احمد بن طباطبا (١) بأصبهان وتوفي فيها، وله كتب ألفها في الأشعار والآداب أشهرها "عيار الشعر" ، وهو من الكتب التي لفتت إليها التوحيدي فأكثر من النقل عنه في البصائر وفي "المنتزع" ، كما تأثر به آخرون من بعد، وفي الرد عليه ألف الآمدي: "نقض عيار الشعر" (٢) ، وقد نعده في تاريخ النقد الأدبي حلقة متممة لما جاء به ابن قتيبة. إذ يبدو انه أطلع على مقدمة "الشعر والشعراء" وأفاد من الأحكام والنظرات التي وردت فيها، وكانت لديه أثارة من ثقافة فلسفية أو اعتزالية أفادته في تعميق نظرته عامة وإن لم تلهمه أحكاماً بعينها، كما أنها لم تمنح كتابه أتساقاً في التبويب والتأليف، ولذلك جاء مقالة استطرادية في النقد معتمدة على صفاء الذوق الفني دون سواه.


(١) انظر ترجمته في ياقوت ١٧: ١٤٣ والوافي ٢: ٧٩ ومعجم الشعراء للمرزباني: ٤٢٧ والفهرست: ١٣٦.


(٢) أشار محققا الكتاب إلى تأثره بابن قتيبة (انظر المقدمة: ط) .


تعريف الشعر عند أبن طباطبا


يعرف ابن طباطبا الشعر بأنه "كلام منظوم" وإن الفرق بينه وبين النثر إنما يكمن في النظم، وإن نظمه معلوم محدود، ويجب أن نقر بأن هذا التعرف على قصوره لم يتعرض لذكر التقفية التي سيتعرض لها قدامة بقوة، ولكنه يشارك تعريف قدامة في النص على أن الشاعر مستغن عن العروض، إذا كان صحيح الطبع والذوق.


ثم يتناول - كما تناول ابن قتيبة قبله - ثقافة الشاعر فينص على ضرورة "التوسع في علم اللغة والبراعة في فهم الأعراب والرواية لفنون الآداب والمعرفة بأيام الناس وأنسابهم ومناقبهم ومثالبهم والوقوف على مذاهب العرب في تأسيس الشعر والتصرف في معانيه، في كل فن قالته العرب فيه؟ الخ" (١) .


اتباع السنة العربية في الشعر


اتباع "السنة" أو الموروث هو معتمد ابن طباطبا في النقد، وهو على تضييقه في هذه الاتباعية ينفذ إلى أغوار عميقة توضح انه لا يرى الشعر شيئاً منفصلاً عن البيئة والمثل الأخلاقية وإن لم يستطع أن يطبق على معاصريه قانون "تغير البيئات والأزمنة" . فللعرب طريقة في التشبيه مستمدة من بيئتهم لان "صحونهم البوادي وسقوفهم السماء، فليست تعدو على أوصافهم ما رواه منها وفيها. وفي كل واحدة منها في فصول الزمان على اختلافها من شتاء وربيع وصيف وخريف؛ من ماء وهواء ونار وجبل ونبات وحيوان وجماد وناطق وصامت ومتحرك وساكن. وكل متولد من وقت نشوئه وفي حال نموه إلى حال انتهاءه" (٢) . وقبل أن يسرع الشاعر إلى رد بعض تشبيهاتهم، عليه ان يتفحصها مفتشاً عن معناها "فأنهم أدق طبعاً من أن"


(١) عيار الشعر: ٤.


(٢) نفسه: ١٠.


يلفظوا بكلام لا معنى تحته "فإذا استبان ذلك لطف موقعه لديه (١) . وللعرب مثل عليا هي متكأهم في المدح والهجاء" منها في الحلق: الجمال والبسطة، ومنها في الخلق: السخاء والشجاعة والحلم والحزم والعزم والوفاء والعفاف والبر والعقل والأمانة؟.. "(٢) فهذه مما يمدح به كما إن أضدادها تصبح موضوعاً للهجاء. على ان هناك حالات تؤكد هذه المثل، فالجود في حال العسر أهم من مجرد الجود، والبخل من الواجد القانع أشنع، وهكذا تتخذ هذه المثل نفسها مراتب متفاوتة تتشعب منها فنون من القول وصنوف من التشبيهات، وما من شك في أننا هنا نقترب اقتراباً شديداً من نظرية قدامة في هذا الصدد. كما سنبين ذلك في موضعه، ولكن يبدو أن كلاً من الناقدين كان يعمل على حدة دون أن يتأثر أحدهما برأي الآخر أو يسمع به."


للعرب إذن طريقة خاصة في التشبيه من وحي بيئتهم ولهم مقاييس يعتمدونها في المدح والذم؛ ولهم أيضاً سنن من معتقدات لا تفهم معانيها إلا بالتحصيل، وهي أشبه بالمنجم الأسطوري الذي لا بد للشاعر أن يغترف منه عند الحاجة، كسقيهم العاشق للماء على خرزة تسمى السلوان، وكضربهم الثور إذا امتنعت البقر عن الماء، وكحذف الصبي منهم سنه إذا سقطت في عين الشمس، وغير ذلك (٣) ، وكل ذلك يمثل "السنة" الكبرى التي يجدر بالشاعر ان يثقفها ليجيء شعره كأشعارهم.


(١) عيار الشعر: ١١.


(٢) نفسه: ١٢.


(٣) انظر عيار الشعر ٣٢ - ٤٠.


الشعر نتاج الوعي المطلق


غير أن هذا الالتزام بالسنة - لدى ابن طباطبا - لا يعدو مرحلة الاستعداد والتثقيف والدرس والتحصيل، لأنه لا يلبث عند الخوض في طريقة بناء الشعر أن يقضي قضاء مبرماً على ما سماه النقاد بشعر الطبع عند العرب، وان يعتمد صنعة جديدة المضمون والطريقة في النظم، وتعد نظرته هذه ابتعادا صارخاً عن مفهوم "الغريزة" إذ يصبح الشعر لديه "جيشان فكر" - قائماً على الوعي التام المطلق، خاضعاً للتفقد في اللفظة بعد اللفظة والشطر بعد الشطر والبيت أثر البيت، فهو لا يعترف بطاقة تنظم السياق أو انفعال يبعث تدافع القول، وإنما القصيدة لديه كالرسالة تقوم على معنى في الفكر، فإذا أراد الشاعر نظماً وضع المعنى في فكره نثراً ثم أخذ في صياغته بألفاظ مطابقة، وقد تأتيه أبيات غير متناسقة فيأخذ في تنسيها حتى تطرد وتنتظم، فإذا وجد موضعاً يحتاج بيتاً لاستكمال السياق نظمه وأدرجه في موضعه، فإذا انتهت القصيدة عاد عليها يحاكم ألفاظها فاستغنى عن كل لفظة مستكرهة ووضع بدلها لفظة سهلة نقية، "وغن اتفقت له قافية قد شغلها في معنى من المعاني واتفق له معنى آخر مضاد للمعنى الأول وكانت تلك القافية أوقع في المعنى الثاني منها في المعنى الأول، نقلها إلى المعنى المختار الذي هو احسن، وأبطل ذلك البيت أو نقض بعضه وطلب لمعناه قافية تشاكله" (١) ، ويقول أيضاً في موضع آخر من كتابه: "وينبغي للشاعر أن يتأمل شعره وتنسيق أبياته ويقف على حسن تجاورها أو قبحه، فيلائم بينها لتنتظم معانيها له ويتصل كلامه فيها ولا يجعل ما قد ابتدأ وصفه أو بين تمامه فصلاً من حشو ليس من جنس ما هو فيه؟ كما انه يحترز من ذلك في كل بيت. فلا يباعد كلمة عن أختها ولا يحجز بينها وبين تمامها بحشو يشينها. ويتفقد كل مصراع. هل يشاكل ما قبله؟" (٢) .


(١) عيار الشعر: ٥.


(٢) عيار الشعر: ١٢٤.


تضاؤل المسافة بين القصيدة والرسالة


لقد كان من الممكن لدى بعض النقاد السابقين أن تتخذ بعض قواعد البلاغة الخطابية مقاييس للشعر، أما ابن طباطبا فمحا الفروق بين القصيدة والرسالة النثرية في البناء والتدرج واتصال "الأفكار" : "إن للشعر فصولاً فصول الرسائل فيحتاج الشاعر إلى ان يصل كلامه على تصرفه في فنونه صلة لطيفة فيتخلص من الغزل إلى المديح، ومن المديح إلى الشكوى، ومن الشكوى إلى الاستماحة؟ بلا انفصال للمعنى الثاني عما قبله" (١) . وقطع القول الفصل ان: "الشعر رسائل معقودة والرسائل شعر محلول" (٢) ، ولكن يظل هناك فرق بين القصيدة والرسالة: فقد يجوز في الرسالة ان يبنى فيها كل فصل قائماً بنفسه، أما القصيدة فلا يجوز فيها ذلك بل يجب أن تكون كلها "ككلمة واحدة، في انتباه أولها بآخرها نسجاً وحسناً وفصاحة وجزالة ألفاظ ودقة معان وصواب تأليف" (٣) . غير أن هذا ليس فرقاً بين كل قصيدة وكل رسالة وغنما هو فرق بين القصيدة ونوع معين من الرسائل لا تعتمد فيه وحدة البناء. ومن ثم يضع ابن طباطبا معياراً للشعر المحكم المتقن وذلك انه إذا نقض بناؤه وجعل نثراً لم تبطل فيه جودة المعنى ولم تفقد جزالة اللفظ (٤) .


(١) عيار الشعر: ٦.


(٢) نفسه: ٧٨.


(٣) نفسه: ١٢٦.


(٤) نفسه: ٧.


الوحدة في القصيدة وحدة بناء


ومن هذا يتضح ان القصيدة قد تتعدد موضوعاتها، وان الوحدة فيها قد تكون وحدة بناء وحسب، فتلك هي الغاية الكبرى من هذا التدقيق في التوالي والتدرج وإقامة العلاقات بين الاجزاء. والصورة الصناعية لا تفارق خيال ابن طباطبا في عمل الشعر، فالشاعر تارة كالنساج الحاذق (١) ، وتارة كالنقاش الرقيق الذي "يضع الأصباغ في أحسن تقاسيم نقشه، ويشبع كل صبغ منها حتى يتضاعف حسنه في العيان" وتارة هو كناظم الجوهر يؤلف بين النفيس الرائق ولا يشين عقوده برص الجواهر المتفاوتة نظماً وتنسيقاً (٢) . ومن ثم تصور ابن طباطبا الوحدة في العمل الفني كالسبيكة المفرغة من جميع أصناف المعادن (٣) ، حتى تخرج القصيدة كأنها مفرغة إفراغاً؟ لا تناقض في معانيها ولا وهي في مبانيها ولا تكلف في نسجها (٤) - صنعة خالصة لا تنبعث فيها حركة من نمو ولا تمازجها حياة عضوية، تلك هي صورة "الوحدة" عند هذا الناقد الذي لا يعرف إلا التأني العقلي الواعي في التقدير والرصف.


مأزق الشعر المحدث، هو السر في اختيار هذه الطريق


هل كان هذا وليد طريقة ذاتية في الشعر؟ هل كان فهماً خاصاً لما أثر عن "عبيد الشعر" امثال زهير والخطيئة من تفضيل الحولي المحكك؟ أكبر الظن انه كان تعبيراً عن أزمة الشاعر المحدث، الذي كان في رأي ابن طباطبا في محنة: "والمحنة على شعراء زماننا في أشعارهم أشد منها على من كان قبلهم لأنهم قد سبقوا إلى كل معنى بديع ولفظ فصيح وحيلة لطيفة وخلابة ساحرة، فإن أتوا بما قصر عن معاني"


(١) عيار الشعر: ٥.


(٢) نفسه: ٥ - ٦.


(٣) نفسه: ١٠.


(٤) نفسه: ١٢٦ - ١٢٧.


أولئك ولا يربي عليها لم يتلق بالقبول وكان كالمطروح المملول "(١) ، فإذا شاء هذا الشاعر المحدث أن يأتي بما يحظى بالقبول كان لابد له من التدقيق في الصنعة أضعاف ما كان يمارسه منها الشاعر القديم."


قلة المعاني لدى الشاعر المحدث وطريقته في تحصيلها


ومن ىمن بان مجال المعاني قد ضاق على الشاعر المحدث فلا بد له من قانون للأخذ والسرقة، وقانون ابن طباطبا شبيه بما ذكرنا عن غيره من النقاد في القرن الثالث: "وإذا تناول الشاعر المعاني التي قد سبق إليها فأبرزها في أحسن من الكسوة التي عليها لم يعب بل وجب له فضل لطفه وإحسانه فيه" (٢) . كيف يمكن للشاعر أن يأخذ المعنى من غيره بحيث يخفى أخذه على النقاد؟ إن من يعلم الشاعر كيف يصنع قصيدته بيتاً بيتاً بل كلمة كلمة لابد له من ان يعلمه طريقة من السرقة لا يناله فيها الحد: على الشاعر ان يستعمل "المعاني المأخوذة في غير الجنس الذي تناولها منه، فإذا وجد معنى لطيفاً في تشبيب أو غزل استعمله في المديح، وغن وجده في المديح استعمله في الهجاء، وغن وجده في وصف ناقة او فرس استعمله في وصف الإنسان، وغن وجده في وصف الإنسان استعمله في وصف بهيمة، فإن عكس المعاني على اختلاف وجوهها غير متعذر على من احسن عكسها واستعمالها في الأبواب التي لا يحتاج إليها، وإن وجد المعنى اللطيف في المنثور من الكلام أو في الخطب والرسائل فتناوله وجعله شعراً كان أخفى واحسن" (٣) . وتعود صورة الجوهري الصائغ إلى ذهن ابن طباطبا فيشبه هذا الأخذ بعمل الصائغ الذي يذيب الحجر الكريم ويعيد صياغته بأحسن مما كان عليه "فإذا أبرز الصائغ ما صاغه في غير الهيئة"


(١) عيار الشعر: ٩.


(٢) نفسه: ٧٦.


(٣) نفسه: ٧٧ - ٧٨.


التي عهد عليها واظهر الصباغ ما صبغه على غير الذي عهد قبل، التبس الأمر في المصوغ وفي المصبوغ.. "(١) ."


صورة العلاقة بين اللفظ والمعنى


وقد يقف النقد المعاصر موقف المخالفة الصريحة والمباينة التامة لرأي ابن طباطبا هذا، ولكنه لابد ان يكبر فيه - من هذه الناحية - شيئين: أولهما هذا التصور الذي لا يختل أبداً لصورة القصيدة في نفسه، وثانيهما هذا الإلحاح الشديد على نوع من الوحدة لا نجده كثيراً عند غيره من النقاد. وحين قلنا إنها وحدة لا تنبعث فيها حركة من نمو كنا نشير إلى هذا المجاز "المعدني" أو "الصباغي" الذي قد استولى على خياله، حتى اضعف لديه صورة مجاز آخر قائم على الحياة النابضة. وذلك هو تصوره للعلاقة بين المعنى واللفظ في القصيدة على نحو العلاقة بين الروح والجسد، وهو ينسب هذا الرأي لبعض الحكماء: "والكلام الذي لا معنى له كالجسد الذي لا روح فيه كما قال بعض الحكماء: الكلام جسد وروح، فجسده النطق وروحه معناه" (٢) وذلك تصور يجعل الصلة بين اللفظ والمعنى عند ابن طباطبا أوضح مما رسمه ابن قتيبة، على أنه ربما لم يقتصر في العلاقة بينهما على الوجوه الأربعة التي عدها القتبي، لأنه لا يريد ان يلتزم بقسمة منطقية. فهناك أشعار مستوفاة المعاني سلسلة الألفاظ، وأشعار غثة الألفاظ باردة المعنى، وأشعار حسنة الألفاظ واهية تحصيلاً ومعنى، وأشعار صحيحة المعنى رثة الصياغة، وأشعار بارعة المعنى قد أبرزت في أحسن معرض وأبهى كسوة وارق لفظ، وأشعار مستكرهة الألفاظ قلقة القوافي رديئة النسج (دون إشارة ما تتضمنه من المعاني) ، مما يشير إلى أن ابن طباطبا يصدر في حديثه عن مستويات مختلفة، وعن تذوق خالص لا علاقة له بالتقسيم المنطقي.


(١) عيار الشعر: ٧٨.


(٢) نفسه: ١١، ١٢١.


تأثير الشعر - كنظمه - عميل عقلي خالص عن طريق جمال "الاعتدال"


ولما كان ينظم الشعر في رأي ابن طباطبا عملاً عقلياً خالصاً، كان تأثير الشعر عقلياً كذلك، لأنه مقصود بمخاطبة الفهم، ووسيلته إلى هذه المخاطبة هي "الجمال" أو الحسن، والسر في كل جمال الاعتدال كما أن علة القبح هي الاضطراب، ولذلك لا يتحقق جمال الشعر إلا بالاعتدال - أي الانسجام - القائم بين صحة الوزن وصحة المعنى وعذوبة اللفظ، فإذا تم له ذلك كان قبول الفهم له كاملاً، فإذا نقص من اعتداله شيء أنكر الفهم منه بقدر ذلك النقصان، والفهم هو القوة التي تجد في الشعر "لذة" ، مثلما ان كل حاسة تلتذ بما يليها وتتقبل ما يتصل بها: "فالعين تالف المرأى الحسن وتقذى بالمرأى القبيح الكريه، والأنف يقبل المشم الطيب ويتأذى بالمنتن الخبيث، والفم يلتذ بالمذاق الحلو ويمج البشع المر؟ الخ" (١) ؛ ها هنا موقف لابد من ان يستوقفنا في تاريخ النقل العربي، وهو الإلحاح على فكرة المتعة المترتبة على الجمال في الشعر، وتعريف العلة الجمالية بأنها "الاعتدال" دون أي عامل آخر، حتى لقد نعد ابن طباطبا واحداً من النقاد الجماليين في هذا الموقف، ولكن سرعان ما تصبح هذه المتعة نفسها وسيلة أخلاقية لان الحالة اللذية التي يقع فيها المتلقي تتجاوز فادتها حد الاستمتاع بالجمال، إذ تصبح في نفاذها إلى "الفهم" كقوة السحر، ويكون اثر الشعر الجميل عندئذ أن يسل السخائم ويحلل العقد ويسخي الشحيح ويشجع الجبان (٢) ، ومع ان الناقد يربط بين الغايتين اللذية والأخلاقية فانه اكثر جنوحاً إلى تأكيد المتعة الجمالية الخالصة، لأنها هي التي تتحقق في "الفهم" أولاً (٣) .


(١) عيار الشعر:١٤ وانظر أيضاً الصفحة التالية.


(٢) عيار الشعر: ١٦.


(٣) قد يقال أن "الفهم" مصطلح يتحمل التوجيه بحسب رأي الأقدمين لأنه قوة من قوى "النفس" ولكن ابن طباطبا واضح في هذا الموقف، إذ يشبه حال الفهم أمام الشعر بحال من يستمع إلى الغناء، فالمستمع الذي يفهم المعنى واللف مع اللحن طرباً من الذي يقتصر على طيب اللحن وحده (عيار الشعر: ١٥) .


الصدق - يسبب الاتجاه العقلي - أساس الشعر


وما دام الفهم هو منبع الشعر ومصبه، فلا غرابة أن يجعل ابن طباطبا عنصر "الصدق" أهم عناصر الشعر وأكبر مزاياه؛ لان هذا الصدق صنو للاعتدال الجمالي في حرم الفهم: "والفهم يأنس من الكلام بالعدل الصواب الحق؟. ويستوحش من الكلام الجائر الخطأ الباطل" (١) ، فالجمال والحق (أو الصدق) مترادفان هنا في الدلالة، فهذا الصدق يعني السلامة التامة من "الخطأ" في اللفظ و "الجور" في التركيب و "البطلان" في المعنى، أي هو أن يتمتع الشعر بالاعتدال بين هذه العناصر جميعاً، فإذا هو بسبب هذا الصدق شيء جميل، لان "ميزان الصواب" قبل ما فيه من لفظ ومعنى وتركيب.


ضروب الصدق ومواطنه في الشعر وأزمة الشاعر المحدث بالنسبة للصدق


ذلك هو الصدق في محمله العام، ولكنه لابد من أن يتحقق أيضاً في الفنان نفسه وفي بعض عناصر العمل الفني، ولهذا كانت لفظة الصدق متفاوتة الدلالة عند ابن طباطبا:


(١) فهناك الصدق عن ذات النفس بكشف المعاني المختلجة فيها والتصريح بما يكتم منها والاعتراف بالحق في جميعها (٢) ، وهذا يشبه ما نسميه "الصدق الفني" أو "إخلاص" الفنان في التعبير عن تجربته الذاتية.


(٢) وهناك صدق التجربة الإنسانية عامة وهذا يتمثل في قبول الفهم للحكمة "لصدق القول فيها وما أتت به التجارب منها" (٣)


(١) عيار الشعر: ١٤.


(٢) عيار الشعر: ١٥ - ١٦.


(٣) نفسه: ١٢٠.


(٣) وهناك الصدق التاريخي، وذلك يتمثل عند "اقتصاص خبر أو حكاية كلام" ، وهنا يجيز ابن طباطبا للشاعر إذا اضطر ان يزيد أو ينقص على شرط أن تكون "الزيادة والنقصان يسيرين غير مخدجين لما يستعان بهما وتكون الألفاظ المزيدة غير خارجة من جنس ما يقتضيه، بل تكون مؤيدة له وزائدة في رونقه وحسنه" (١) .


(٤) ونوع رابع من الصدق قد ندعوه "الصدق الأخلاقي" وهو ما لا مدخل فيه للكذب بنسبة الكرم إلى البخيل او نسبة الجبن إلى الشجاع، وإنما هو نقل للحقيقة الأخلاقية على حالها، وهذا يتبين في المدح والهجاء كما يتبين في غيرهما من الفنون، وهو موقف يذكرنا بثناء عمر (رض) على زهير وانه كان يمدح الرجل بما فيه، ولكن من المدهش أن نجد سذاجة ابن طباطبا او مثاليته ترى في كل الشعر قبل عصر المحدثين ما رآه عمر في زهير: "ومع هذا فان من كان قبلنا في الجاهلية الجهلاء وفي صدر الإسلام من الشعراء كانوا يؤسسون أشعارهم في المعاني التي ركبوها على القصد للصدق فيها مديحاً وهجاء وافتخاراً ووصفاً وترغيباً وترهيباً إلا ما قد احتمل الكذب فيه في حكم الشعر من الإغراق في الوصف والإفراط في التشبيه وكان مجرى ما يوردونه مجرى القصص الحق والمخاطبات بالصدق ..." (٢) . أما المحدثون فلم يعودوا يستطيعون هذا النوع من الصدق، ولذلك أصبح تقدير شعرهم إنما ينصرف إلى معانيهم المبتكرة وألفاظهم المنتظمة ونوادرهم المضحكة. والأناقة العامة التي تمازج أشعارهم "دون حقائق ما يشتمل عليه المديح والهجاء وسائر الفنون التي يصرفون القول فيها" (٣) . ومثل


(١) عيار الشعر: ٤٣.


(٢) عيار الشعر: ٩.


(٣) المصدر نفسه.


هذا التصور يفسر لنا لم كانت "السنة" العربية في الشعر تملك لب ابن طباطبا، ذلك لأنه لم يكن يرى المثل الأعلى الفني في تلك السنة وحسب، بل لأنها كانت في تصوره مثالاً أخلاقياً كذلك.


(٥) أما النوع الخامس من الصدق فهو الصدق التصويري أو ما يسميه ابن طباطبا "صدق التشبيه" وهو ينص عليه في غير موطن من كتابه؛ على الشاعر أن "يتعمد الصدق والوفق في تشبيهاته" (١) ، وأحسن التشبيهات ما إذا عكس لم ينتقض بل يكون كل شبه بصاحبه مثل صاحبه ويكون صاحبه مثله مشتبهاً به صورة ومعنى (٢) ، وللتشابه أنحاء: منها الصورة والهيئة والمعنى والحركة واللون والصوت، فكلما زاد عدد هذه الأنحاء في التشبيه "قوي التشبيه وتأكد الصدق فيه" (٣) ومن التشبيهات التي أجمعت فيها الصورة واللون والحركة والهيئة قول ذي الرمة:


ما بال عينك منها الدمع ينسكب ... كأنه من كلى مفرية سرب


وفراء غرفية أثاى خوارزها ... مشلشل ضيعته بينها الكتب فما كان من التشبيه صادقاً قلت في وصفه "كأنه" أو قلت "ككذا" وما قارب الصدق قلت فيه: تراه أو تخاله أو يكاد (٤) ، فإذا خرج الشاعر عن الصدق انتقل إلى الغلو والإفراط، وذلك عيب. ومتى تضمن الشعر صفات صادقة وتشبيهات موافقة وأمثالاً مطابقة تصاب حقائقها ارتاحت غليه النفس وقبله الفهم (٥) . فإذا توفرت للشعر


(١) عيار الشعر: ٦.


(٢) نفسه: ٧.


(٣) نفسه: ١٧.


(٤) نفسه: ٢٣.


(٥) نفسه: ١٢٠ - ١٢١.


أنواع الصدق، وتوفر للشاعر صدق التجربة جاء شعراً جميلاً معتدلاً مؤثراً، هكذا يجب ان "ينسق الكلام صدقاً لا كذب فيه وحقيقة لا مجاز معها فلسفياً" (١) .


جور مذهب ابن طباطبا على قوة الخيال والتشخيص في الشعر


ولا يتضح لنا كم كان التزام ابن طباطبا بالحقيقة شديد الجناية على النقد إلا إذا نحن قرأنا بعض الشواهد التطبيقية لديه. فهو يعيب قول المثقب العبدي على لسان ناقته:


تقول وقد درأت لها وضيني ... أهذا دينه أبداً وديني


أكل الدهر حل وارتحال ... أما يبقي علي ولا يقيني لأن الحكاية عن ناقته من المجاز المباعد للحقيقة. ثم يعد من الإيماء المشكل قول الشاعر:


أومت بكفيها من الهودج ... لولاك هذا العام لم أحجج


أنت إلى مكة أخرجتني ... حباً ولولا أنت لم اخرج فهذا إفراط لان "الإيماء" لا يتحمل كل هذه المعاني التي قالتها.


تلخيص عام لموقفه النقدي


ولكن ذلك هو ابن طباطبا في نقده، يرى اتباع السنة حيث أمكن ذلك أمراً لازماً. وينفي الفرق بين القصيدة والرسالة إلا في النظم ويتصور الوحدة في القصيدة وحدة مبنى قائم على تسلسل المعاني والموضوعات. بحيث تكون "العملية" الشعرية عملاً عقلياً واعياً تمام الوعي. ويعتبر التأثير الآتي من قبل الجمال - وهو الاعتدال - تأثيراً في الفهم على شكل


(١) عيار الشعر: ١٢٨.


لذة كاللذة التي تجدها الحواس المختلفة في مدركاتها، وإذا كان الاعتدال ميزة للجمال في الكيان الكلي، فان الصدق - على اختلاف مفهوماته - هو الذي يهيئ الفهم لقبول المحتوى والتجربة؛ ذلك موقف نقدي فيه شذوذ حتى على بعض مفهومات النقد المعاصرة حينئذ. إلا أنه موقف متكامل، وفي تكامله سر انفراده، بين سائر المحاولات النقدية.


٢ - الصراع النقدي حول أبي تمام


أبو تمام لدى نقاد القرن السابق


كانت الظاهرة التي يمثلها أبو تمام في الشعر قد شغلت النقاد والمتذوقين في القرن الثالث، ثم ورثها نقاد القرن الرابع وأمعنوا فيها، وقد مر بنا كيف ألف فيه أبن المعتز (- ٢٩٦) رسالة مستقلة، ويتضح مما جاء فيها انقسام الناس إزاءه - في دور مبكر - في فريقين، حتى جعل أبن المعتز أسباب التحامل عليه لجاجاً في الخصومة التي اضطلع بها من ينفرون من طريقته، لأفراط الذين يقدمونه ويتعصبون له (١) . ومن قبله كشف أحمد بن أبي طاهر (- ٢٨٠) بعض المعاني التي سرقها أبو تمام من غيره (٢) ؛ هذا في باب التأليف، أما الخصومة الشفوية حوله فقد كانت واسعة النطاق، ولم تسكن نائرتها في القرن الرابع، بل لعلها ازدادت في النصف الأول منه حدة، كما أن حركة التأليف في الانتصار له أو في تبيان عيوبه قد اتسعت؛ وكان الجانب الأكبر من جهد نقاد القرن الثالث في مجالسهم وفي ما كتبوه عنه يميل إلى إبراز عيوبه؛ وقد تحددت تلك العيوب في سرقته لبعض المعاني


(١) الموشح: ٤٧٠.


(٢) راجع الموازنة ١: ١١٠ - ١٢٩.


وفي تعسفه للاستعارة وبعض وجوه البديع الأخرى وفي الابتداءات البشعة وفي استعماله لألفاظ وحشية غريبة وفي استغلاق بعض معانيه، وهذه هي أهم المظاهر التي تناولها بالتفصيل أيضاً نقاد القرن الرابع.


رسالة أبن عمار القطريلي في أخطاء أبي تمام


فكتب أحمد بن عبيد الله بن عمار القطريلي (- ٣١٩) (١) رسالة يبين فيها أخطاءه في الألفاظ والمعاني، وأبن عمار هو صديق أبن الرومي، وكان هذا الشاعر يلقبه "العزير" لكثرة تسخطه على ما تجيء به الأقدار، إذ كان محارفاً في الرزق، ويقول أبن النديم أنه توكل للقاسم بن عبيد الله ولوالده وصحب أبا عبد الله محمد بن الجراح؛ وله عدة مؤلفات منها مما يتصل بالنقد كتاب في تفضيل أبن الرومي وكتاب في مثالب أبي نواس، وأنفرد الآمدي بذكر مؤلفه في أبي تمام (٢) ، ووصفه بالتحامل على أبي تمام وأنه طعن فيما لا يطعن عليه، وأحتج بما لا تقوم به حجة؛ ويؤخذ من بعض الأمثلة التي أوردها الآمدي أن أبن عمار كان يورد البيت من شعر أبي تمام دون أن يدل على وجه العيب فيه، فقد أورد قوله:


رقيق حواشي الحلم لو أن حلمه ... بكفيك ما مريت في أنه برد ثم اكتفى بأن علق على البيت بقوله: هذا الذي أضحك الناس منذ سمعوه إلى هذا الوقت (٣) ؛ وإذا كان الآمدي قد وصف أبن عمار بالإسراف


(١) أنظر ترجمته في الفهرست: ١٤٨ وتاريخ بغداد ٤: ٢٥٢ ومعجم الأدباء ٣: ٢٣٢ والوافي ج ٧ الورقة: ٨٣ وقد اختلف في وفاته فذكر الخطيب وياقوت أنه توفي سنة ٣١٤، ونقل عن معجم المرزباني أنه توفي سنة ٣١٠، وأثبتنا ما أورده صاحب الفهرست.


(٢) الموازنة ١: ١٣٥.


(٣) الموازنة: ١: ١٣٨.


فحسبنا هذا، لأن الآمدي نفسه لم يكن ممن يقدمون أبا تمام أو يتعصبون له، وموقف أبن عمار هذا مرده إلى الاحتكام للهوى، فقد كان على صداقته لأبن الرومي يعيب شعره ويحمل عليه بشدة، فلما مات أبن الرومي ألف كتاباً في تفضيله وبيان محاسن شعره؛ ومثل هذا الناقد لا يصاب في رأيه من قبل المقدرة على الحكم المصيب وإنما يصاب من قبل العناد والذهاب مع حب المخالفة، وإلا فإن الآراء النقدية التي وصلتنا لأبن عمار - في غير أبي تمام - تدل على قوة النفس ونفاذ في البصر ووضع للحسنة إلى جانب السيئة كقوله في بشار: "بشار أستاذ المحدثين الذي عنه أخذوا ومن بحره اغترفوا وأثره اقتفوا، يأتي من الخطأ والإحالة بما يفوت الإحصاء مع براعته في الشعر والخطب؟" (١) ؛ وقوله في أبي العتاهية: "كان أبو العتاهية من سوقة الناس وعامتهم، وكان طبعه وقريحته أكثر من أضعاف ما أكتسبه من أدبه واقتناه من علمه، إذ كان في شبيبته بألف أهل التواضع حتى عوتب في ذلك، وقيل أنه كان يحتمل زاملة المخنثين، فقيل له: مثلك يضع نفسه هذا الموضع؟ فقال: أريد أن أتعلم كيادهم وأتحفظ كلامهم، وذلك بين في شعره سيما في النسيب؟" (٢) ، فإن من يضع حسنات بشار إلى جانب سيئاته ومن يلمح أثر الطبقة الاجتماعية في شعر أحد الناس، لا يعد ناقداً سطحياً، يذهب مع التأثر الأول والانطباع السريع.


انتصار الصولي لأبي تمام


وكان موقف بي بكر محمد بن يحيى الصولي (- ٣٣٥) رداً على أمثال أبن عمار ممن حاولوا أن يغمطوا أبا تمام حسناته، فكتب أخبار أبي تمام، وصدره برسالة إلى مزاحم بن فاتك بين الأسباب التي دعته إلى ذلك، وهو يشكو في رسالته تسور المثقفين من أبناء عصره على ما لا يحسنون، بأدنى طلب وقل حظ من ثقافة، ويعتذر عن العلماء الذين يستشهد أحياناً


(١) الموشح: ٣٩٠.


(٢) الموشح: ٤٠٣.


بصدوفهم عن الشعر المحدث بقوله إن هذا الشعر لم يذلله النقد والرواية، أما الصنف الآخر الذي يعيب أبا تمام فإنهم يفعلون ذلك طلباً للشهرة، أتباعاً لقول من قال: "خالف تذكر" (١) ، وقدم أمثلة مما يعيبونه عليه، ومن ذلك قوله في قصيدة فتح عمورية:


تسعون ألفاً كآساد الشرى نضجت ... أعمارهم قبل نضج التين والعنب وهو مما عابه أيضاً أبن المعتز من قبل فقال: "وقد سبق الناس إلى عيب هذا البيت قبلي وهو خسيس الكلام" (٢) ، فدافع عن هذا البيت بأنه إن كان ذكر التين والعنب مما لا يرد في الشعر فقد ورد في شعر أبن قيس الرقيات وغيره، وإن لهذا البيت صلة بما قاله الروم: "أن هؤلاء (يعني جيش المعتصم) إن أقاموا إلى زمان التين والعنب لا يفلت منهم أحد" (٣) ، ثم عقب على ذلك بقوله: "ولو وهم أبو تمام في بعض شعره أو قصر في شيء لما كان ذلك مستحقاً أن يبطل إحسانه، كما أنه قد عاب العلماء على امرئ القيس ومن دونه من الشعراء القدماء والمحدثين أشياء كثيرة أخطأوا الوصف فيها؟ فما سقطت بذلك مراتبهم، فكيف خص أبو تمام وحده بذلك لولا شدة التعصب وغلبة الجهل؟" (٤) .


الصولي يستنكر إبراز العيوب وإغفال الحسنات


ومجمل رأي الصولي أن النقد لا يكون بإبراز بعض العيوب والتشهير بالشاعر من أجلها وإغفال ما له من حسنات كثيرة إزاءها؛ فكيف إذا كانت تلك العيوب مجتبلة، ونسبة التقصير إلى الشاعر مفتعلة؛ أبو تمام - في رأي الصولي - مؤسس مذهب سلكه كل محسن بعده فعائبه يكشف عن جهله وحقارة منزله: "وقد كان الشعراء قبل أبي تمام يبدعون في البيت"


(١) أخبار أبي تمام: ٢٨.


(٢) الموشح: ٤٧٢، هذا وأبن المعتز ممن يروي عنهم الصولي شيئاً من أخبار أبي تمام.


(٣) أخبار أبي تمام: ٣٠ - ٣١.


(٤) المصدر نفسه: ٣٢.


والبيتين من القصيدة فيعتد بذلك لهم من أجل الإحسان، وأبو تمام أخذ نفسه وسام طبعه أن يبدع في أكثر شعره، فلعمري لقد فعل وأحسن، ولو قصر في قليل - وما قصر - لغرق ذلك في بحور إحسانه، ومن الكامل في شيء حتى لا يجوز عليه خطأ فيه، إلا ما يتوهمه من لا عقل له؟؟ "(١) ."


موقف الصولي من العلاقة بين الشعر والدين


وقد نبه الصولي إلى ناحية لم يشر إليها أحد قبله - فيما أقدر - وهي ناحية كان بعض الناقدين يتخذ منها منفذاً للطعن في أبي تمام، وتلك هي المعتقد الديني، فقد أتهم أبو تمام بأنه كان يخل بفروضه، ونسب إليه بعضهم قوله وقد دخل عليه وبين يديه شعر أبي نواس ومسلم حين سأله الداخل عنهما: هما اللات والعزى وأنا أعبدهما من دون الله مذ ثلاثون سنة، وقد دافع الصولي عن هذه الناحية من زاوية صحة الخبر ومن زاوية النقد الأدبي فقال مصوراً موقفه النقدي: "وقد أدعى قوم عليه الكفر بل حققوه، وجعلوا ذلك سبباً للطعن على شعره وتقبيح حسنه، وما ظننت أن كفراً ينقص من شعر ولا أن إيماناً يزيد فيه" ثم حاول أن ينفي عنه التهمة جملة بقوله: "فكيف يصح الكفر عند هؤلاء على رجل، شعره كله يشهد بضد ما اتهموه به؟" (٢) ؛ وهذه قضية خطيرة في النقد، ومن استقلال النظرة النقدية في تاريخ النقد العربي أن نجد هذا الفصل التام فيها عند الصولي ثم عند الجرجاني - كما سنرى من بعد.


الحق أن كتاب الصولي - رغم موقفه الدفاعي - يعد في كتب السيرة أكثر مما يعد في كتب النقد، ولذلك أعرضنا عما فيه من شهادات


(١) أخبار أبي تمام: ٣٨.


(٢) أخبار أبي تمام: ١٧٢، ١٧٣.


العلماء التي أوردها المؤلف ليؤيد بها رأيه في الشاعر المفضل لديه، واكتفينا بما فيه من عناصر نقدية؛ غير أن كل من تعرض لأبي تمام كان في الغالب مضطراً للوقوف عند البحتري لأن الذين كانوا يغضون من شأن الأول كانوا؟ في الأكثر - يكبرون من الثاني. ولذلك لم يكتف الصولي بشهادة البحتري لأبي تمام بل وقف عند بعض المعاني التي أخذها البحتري إما أخذاً جزئياً وإما نقلاً للمعاني والألفاظ، واعتذر عن عدم الإكثار من ذكر الأمثلة بان بعض أهل الأدب ألف في أخذ البحتري من أبي تمام كتاباً، وانه من ثم يكره إعادة ما ألف (١) .


بشر بن يحيى النصيبي وجهوده في الكشف عن سرقات البحتري


ترى هل يشير الصولي بذلك إلى أبي الضياء بشر بن يحيى النصيبي؟ لقد ترجم ابن النديم للنصيبي هذا ترجمة موجزة (٢) . نقلها ياقوت في معجم الأدباء (٣) . وقد جاء فيها أنه كان شاعراً قليل الشعر، وذكر له مما يتصل بالنقد كتابه في سرقات البحتري من أبي تمام، وكتاباً آخر سماه "كتاب السرقات الكبير" إلا أنه لم يتممه. ولكنا لا نعرف متى توفي أبو الضياء وغنما يغلب على الظن انه يعد من نقاد القرن الرابع، فإذا كانت إشارة الصولي تتوجه إليه فمعنى ذلك ان كتابه كان - ولابد - معروفاً قبل عام ٣٣٥.


وقد وطأ أبو الضياء لبحث السرقات بقوله: "ينبغي لمن ينظر في هذا الكتاب أن لا يعجل بان يقول: هذا مأخوذ من هذا حتى يتأمل المعنى دون اللفظ ويعمل الفكر فيما خفي، وغنما المسروق في الشعر ما نقل معناه دون"


(١) أخبار أبي تمام: ٧٩.


(٢) الفهرست: ١٤٩.


(٣) معجم الأدباء ٧: ٧٥.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

يتفق الباحثون ب...

يتفق الباحثون بشكل عام على أن تنمية مهارات إدارة المعرفة تتطلب التفاعل المشترك بين الأفراد واستخدام ...

بما أن الفلسفة ...

بما أن الفلسفة والعلم حقلان معرفيان مختلفان، ولكل منهما خصائص تختلف عن الآخر، فقد برزت الدعوة الى ا...

1-بذلت أنا والأ...

1-بذلت أنا والأم جهود لا تقدر بثمن لتلبية احتياجات أبنائنا الاثنين عبدالله واليازية وبالإضافة إلى ت...

With such sadne...

With such sadness occupying her thoughts,Erika, a poor single mother of two, struggles to sleep at n...

1. طوير برامج م...

1. طوير برامج متكاملة: ينبغي تصميم وتصميم برامج تأهيل متكاملة تشمل التعليم والتدريب المهني والفنون، ...

تُعتبر المملكة ...

تُعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أهم الدول في العالم العربي والإسلامي، حيث تحتل موقعًا جغراف...

This study expl...

This study explores university students' experiences and perceptions of using artificial intelligenc...

1 تجارب تهدف ال...

1 تجارب تهدف الى اكتشاف الظواهر الجديدة 2 تجارب التحقق تهدف لاثبات او دحض الفرضيات وتقدير دقتها 3 ال...

علق رئيس الوزرا...

علق رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، على صورته المتداولة والتي أثارت الجدل برفقة نظيره الإثيوبي آبي...

تعاني المدرسة م...

تعاني المدرسة من مجموعة واسعة من المخاطر التي تهدد سلامة الطلاب والطاقم التعليمي وتعوق العملية التعل...

يهدف إلى دراسة ...

يهدف إلى دراسة الأديان كظاهرة اجتماعية وثقافية وتاريخية، دون الانحياز إلى أي دين أو تبني وجهة نظر مع...

‏تعريف الرعاية ...

‏تعريف الرعاية التلطيفية‏ ‏وفقا للمجلس الوطني للصحة والرفاهية ، يتم تعريف الرعاية التلطيفية على النح...