لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (51%)

يُقال إن جميع الأمور العظيمة وثيقة الصلة بالأمور البسيطة. وقد لا يبدو للوهلة الأولى أن قرار رئيس الوزراء الكندي بضم زيارة جزيرة برنس إدوارد إلى برنامج جولته السياسية، يمكن أن يكون له تأثير كبير أو صغير على قَدَر آن شيرلي، وبغير أتباعه من الذين قرروا الانضمام إلى اجتماع الحشود الهائلة. وعدد لا بأس به من النساء بالتوجّه إلى المدينة ليلة الاجتماع، وباتوا على بعد ثلاثين ميلاً من منازلهم. وكانت السيدة ريتشيل ليند من ضمنهم، ما كانت لتظن أنه يمكن للشمل الالتئام بدونها، وهكذا قصدت المدينة مصطحبة زوجها، فلا شكّ أن توماس سيكون مفيداً للاهتمام بالحصان. ورافقتها في هذه الرحلة ماريلا كُنْبيرت، التي كانت هي نفسها لا تخلو من ولع خفي بالسياسة، بالإضافة إلى تفكيرها بأن هذه الفرصة قد تكون فرصتها الوحيدة لرؤية رئيس وزراء حقيقي وحَيّ. وهكذا غادرت البيت مخلّفة أمر إدارته لكل من آن وماثيو إلى أن تعود في اليوم التالي. بينما حرصت ماريلا والسيدة ريتشيل على الاستمتاع استمتاعاً بيّناً بحضورهما اجتماع الحشود، كان ماثيو وآن يتنعّمان بمطبخ كانت النار في ذلك المطبخ تتأجج مستعرة في الموقد القديم الطراز. وكان الجليد يغلّف نوافذه بطبقات بلورية لامعة. وهناك اتكأ ماثيو على الأريكة، منكّس الرأس مستسلماً لإغفاءة صغيرة، وجلست آن إلى الطاولة تدرس دروسها بتصميم عَبوس، رغم نظراتها التواقة إلى رفّ الساعة الذي يوجد عليه كتاب جديد أعارتها إياه جين آندروز ذلك اليوم، بعد أن أكدّت لها أنه كتاب مكفول باحتوائه على ما لا يحصى من أحداث مثيرة أو من كلمات ذات وقع فعّال. ولكنها كانت تعرف أن هذا يعني تفوق غيلبرت بلايث عليها في اليوم التالي. وهكذا أدارت ظهرها لرفَ الساعة، وحاولت التخيُّل أن الكتاب ليس هناك. أسبق لك يوماً أن درست الهندسة عندما كنت تذهب إلى المدرسة؟" "أتمنى لو أنك درستها، "لأنك عندها ستكون أكثر قدرة على التعاطف معي. إنك لا تستطيع التعاطف معي كما ينبغي إذا لم تكن قد درستها من قبل. " قال ماثيو ملاطفاً. "أعتقد أنك شاطرة في كل شئ. أخبرني السيد فيلبس عندما التقيته الأسبوع الماضي في مخزنٍ بلير في كارمودي أنك أذكى تلميذة عنده، هي نفس العبارة التي استعملها. كان ماثيو يرى أن أي شخص يمدح أن هو شخص لا غبار عليه. "أدرس المسألة عن ظهر قلب، ثم يرسم الشكل على السبورة ويضع رموزاً مغايرة لتلك التي في الكتاب، فيختلط الأمر عليَ اختلاطاً كاملاً. ولكم أشعرني هذا بالراحة. ترى كيف تقضي ماريلا والسيدة ليند وقتهما الآن. تقول السيدة ليند إن نهاية كندا ستكون أسوا من نهاية الكلاب حسب ما تجري عليه الأمور في العاصمة أوتاوا، وأن هذا نذير واضح للناخبين. وتقول إذا سُمح للنساء بالتصويت فإننا سرعان ما سنرى تغيّراً مباركاً. أظن أن السيد فيلبس مع الإصلاحيين أيضاً، لأن والد بريسي آندروز معهم، ردّ ماثيو، الذي لم يكن بكل تأكيد قد سبق له خلال حياته كلها أن فكّر بمثل هذا الموضوع على الإطلاق. "لا بدّ أنه شئ مشوّق، أن في المرتفعات الخضراء وأنا أفضّل الحصول على شخص واحد بكامل عقله. مع ذلك أظن أن روبي غيليز وافرة الاطّلاع على مثل هذه الأمور، لأن لديها العديد من الشقيقات الكبيرات. وتقول السيدة ليند إن بنات آل غيليز قد نضجن مثل قوالب الكعك الساخن. يذهب السيد فيلبس لرؤية بريسي آندروز كل مساء تقريباً، ويقول إنه يفعل هذا ليساعدها في دروسها، فلماذا لا يساعدها في المساء. لكن هذا الإغراء لا يُقاوم ياماثيو. حتى عندما أدير ظهري له أستطيع رؤيته هناك بوضوح. وأنا أحب الكتب التي تبكيني. وإن رجوتك وأنا راكعة على ركبتي. ليس أجود من قولنا إنه يتوجب علينا مقاومة الإغراء، "هه، حسناً، حاملةً بفرح طبقها الملآن بالتفاح المجفف، أفلتت أن طبقها وشمعتها مذهولة بذلك المشهد. وظلت هذه الأشياء على أرضية القبو إلى أن وجدتها ماريلا في اليوم التالي، فجمعتها وهي تشكر السماء لأن المنزل لم يشتعل بالنيران. "هل رقّ قلب أمك أخيراً؟" وتعالي معي حالاً" توسّلت ديانا بحرقة، ولا يوجد حولنا شخص يستطيع استدعاء الطبيب. وتجاوز ديانا، قالت آن، وهي تهرع لجلب قبعتها وسترتها. "أعرف هذا كما لو أنه قاله لي. إن روح ماثيو مُتائِمة لروحي، وأنا أستطيع قراءة أفكاره من غير أن نضطر إلى استعمال لغة الكلام أبداً . "لا أظن أنه سيعثر على الطبيب في كارمودي، "أعرف أن الطبيب بلير ذهب إلى المدينة ولا بدّ أن الطبيب سبنسر قد ذهب أيضاً. والسيدة ليند ليست هنا!" "أعرف تماماً ما الذي يجب عمله لمعالجة الخُنَّاق. أنسيتِ أن السيدة هاموند أنجبت التوائم ثلاث مرات؟ ومن الطبيعي أن تحصلي على خبرة واسعة عندما تعتنين بثلاثة أزواج من التوائم الذين أصيبوا بالخُنَّاق على التوالي. هيا، ورغم قلق أن على ميني ماي، وعذوبة مشاركة تلك الشاعرية مع رفيقتها الحميمة. كانت الليلة صافية وصقيعية، ولمعت النجوم العظيمة فوق الحقول الصامتة؛ وفكّرت آن أن لا شئ أروع من استقراء كل ذلك الغموض والجمال مع رفيقة حميمة غُرّبت عنها طويلاً. كانت منطرحة على أريكة المطبخ، أمّا الشابة ماري جو، تلك الحسناء الفرنسية من سكان المنطقة الساحلية، التي اتفقت معها السيدة باري لتعتني بالأطفال أثناء غيابها، فكانت تقف مذهولة بلا حول أو قوة، غير قادرة البتة على التفكير بما ينبغي عمله، أو حتى عمل أي شئ إذا استطاعت التفكير به. وهكذا باشرت آن إسعافاتها بمهارة ودقّة. جو، ولكني أرى أنه كان يمكنك التفكير بهذا من قبل لو كان لديك خيال! والآن، وأنت ياديانا حاولي العثور على بعض القماش من الفانيلا الناعمة. وقبل كل شئ سأعطيها جرعة من سائل عرق الذهب. لم تتقبل ميني ماي الجرعة برضى، وهكذا مرق عرق الذهب، ليس مرّة واحدة ولكن عدّة مرات خلال تلك الليلة الطويلة المقلقة التي دأبت فيها الصغيرتان على رعاية ميني ماي المتوعكة. التي كانت لهفتها صادقة للقيام بما في وسعها، فقد حافظت على النار مستعرة، وسخّنت ماءاً يزيد عن حاجة مستشفى مكتظّة بالأطفال المصابين بالخُنّاق. وكانت تغطّ في نوم عميق. "أخذت حالتها تسوء وتسوء حتى أصبحت أسوا ممّا سبق لي أن رأيت توائم السيدة هاموند عليه، حتى الزوج الأخير منهم. أعطيتها كل قطرة كانت موجودة في زجاجة سائل عرق الذهب، وعندما سقيتها الجرعة الأخيرة قلت، بل قلت لنفسي لأني كنت بحاجة إلى التنفيس عن مشاعري: هذا هو الأمل الأخير المتبقي وأخشى أن يكون أملاً واهياً. التعبير عنها بالكلمات. "نعم أعرف، " أوماً الطبيب إيجاباً، وهو يتأمل آن وكأنه يفكّر أنها هي أيضا تتصف بصفات لا يمكن التعبير عنها بالكلمات. "تلك الصغيرة ذات الشعر الأحمر التي عند آل كُثبيرت، واعلما أنها أنقذت طفلتكما من الموت، فلولاها لكان الأوان قد فات عندما وصلتُ إلى هنا. من الواضح أنها حاذقة وحاضرة الذهن وسريعة البديهة أكثر من أية طفلة في عمرها. وهي تحاول إطلاعي على الحالة: لكن ذلك لم يحل بينها وبين متابعة التحدث بدون كلل مع ماثيو، وتجاوزا درب العشاق وقنطرة أشجار القيقب بفخامتها البديعة. "أوه ياماثيو أليس هذا الصباح صباحاً خلاباً؟ ألا ترى معي أن العالم يبدو وكأن اللّه قد تخيله في هذه اللحظة ليضفي السرور على قلبه؟ تبدو هذه الأشجار وكأنها قابلة لأن تتطاير من جراء نفخة واحدة مني. يسرّني أني أحيا في عالم يجلّله أحياناً ثلج أبيض، ويؤسفني أني غضبت يوماً على السيدة هاموند لإنجابها التوائم. أوه ياماثيو، كلما كان الرضى النفسي الناجم عن النهوض ثانية أكثر حلاوة؟" "حسناً الآن، أظن أنك ستتدبرين أمرك بطريقة جيدة. " قال ماثيو وهو ينظر إلى وجه آن الصغير الشاحب وإلى الظلال الداكنة تحت عينيها. "عليك الذهاب إلى السرير حالما نصل، لتحصلي على قدر كاف من النوم، وسأقوم بجميع الواجبات المنزلية. ولم تستفق إلاّ بعد أن أمست الدنيا واصطبغ بياضها بالحمرة. وعندما نزلت إلى المطبخ وجدت ماريلا التي كانت قد عادت إلى البيت، ما كان ليكون رئيس وزراء إذا أخذنا شكله بعين الاعتبار، "ياللأنف الذي لدى ذلك الرجل! ولكنه خطيب بارع، طعامك في الفرن ياآن، ويمكنك الحصول على بعض مربّى الخوخ الأزرق من حجرة المؤن. لا بدّ أنك جائعة. هيا الآن لا تقولي شيئاً قبل انتهائك من الأكل. وإني لأجزم من مجرّد النظر إلى وجهك أنك محشوّة بالكثير من الخطب، ولكن يمكن تأجيلها كلها. كان لدى ماريلا ما تخبره لآن، لأنها أيقنت أنها لو فعلت فإن الإثارة التي ستنتج عن ذلك الخبر، ستصرف آن في الحال عن الأجواء المادية بما فيها الرغبة في تناول الطعام. ولم تقل ماريلا شيئاً إلاّ بعد أن أتت آن على أخر ما كان في طبقها من مربّى الخوخ. ورغبت في رؤيتك لكني لم أشأ إيقاظك. وأنها آسفة جداً لأنها تصرّفت معك ذلك التصرّف المتعلّق بحادثة نبيذ العنب. والآن يا آن شيرلي، إذ كانت آن قد حلّقت وانتشت قلباً وقالباً، وهبّت واثبة على قدميها وقد شع وجهها بشعلة الحياة التي أُضْرمت في روحها. "أوه ياماريلا، أأستطيع الذهاب الآن قبل أن أجلي أطباقي؟ سأجليها بعد عودتي ولكني لا أستطيع الآن في هذه اللحظة الحساسة إلزام نفسي بأي عمل غير عاطفي مثل جلي الأطباق. نعم، نعم، اذهبي، "آن شيرلي أأنت مجنونة؟ ارجعي فوراً وضعي شيئاً عليك، يبدو وكأني أنادي على الريح، لقد انطلقت بدون قلنسوة أو شال. انظروا إليها تعدو في البستان بشعرها المتطاير. وبعيداً، في الجنوب الغربي لمعت نجمة مسائية، لكن تلك الإيقاعات لم تكن أحلى من الأغنية التي في قلب أن وعلى شفتيها. "أنا مكتملة السعادة، نعم، في الوقت الحاضر معنوياتي تتجاوز الشعر الأحمر. أؤكد لك للمرة الأخيرة أني لم أقصد تسميم ديانا، ومنذ الآن سأجلّل الماضي بغلالة النسيان. ألم يكن هذا أسلوباً محترماً في الكلام ياماريلا؟ شعرت وكأني أكدّس أكواماً من الجمر المشتعل في رأس السيدة باري. قضيت مع ديانا أمسية رائعة. علّمتني خلالها غرزة كروشيه فاخرة، علّمتها إياها عمتها في كارمودي. وأقسمنا بإخلاص على ألاً نعلمها لأحد. وأعطتني بطاقة جميلة مزينة بإكليل من الورود وفيها بيت من الشعر: إذا كنت تحبيني كما أحبك فلن يفصلني سوى الموت عنك وهذا صحيح ياماريلا. كما لو أني كنت ضيفة حقيقية. لا أستطيع وصف الإثارة التي تملكتني ياماريلا. لا أحد من قبل استعمل أفضل طقم شاي عنده من أجلي. ولا شئ أروع من معاملتك رغم صغر سنك وكأنك راشدة. "لا أعرف شيئاً عن هذا، وهي تطلق زفرة صغيرة. عندما أكبر، " قالت آن بلهجة حاسمة، فأنا أعرف نتيجة خبرتي المريرة كم أن هذا جارح للمشاعر. فأنا وديانا لم يسبق لنا أن جربنا صنعه من قبل. وبعد ذلك، عندما وضعناه على حافّة السياج في الخارج ليبرد،


النص الأصلي

يُقال إن جميع الأمور العظيمة وثيقة الصلة بالأمور البسيطة. وقد لا يبدو للوهلة الأولى أن قرار رئيس الوزراء الكندي بضم زيارة جزيرة برنس إدوارد إلى برنامج جولته السياسية، يمكن أن يكون له تأثير كبير أو صغير على قَدَر آن شيرلي، تلك الطفلة الصغيرة التي تعيش في المرتفعات الخضراء. لكن هذا ما حصل.
قصد رئيس الوزراء في شهر كانون الثاني مدينة تشارلوت تاون، ليجتمع بأتباعه الخُلّص، وبغير أتباعه من الذين قرروا الانضمام إلى اجتماع الحشود الهائلة. وكان معظم أهالي أفونليا من المؤيدين سياسياً لرئيس الوزراء؛ ولذلك قام معظم رجالها تقريباً، وعدد لا بأس به من النساء بالتوجّه إلى المدينة ليلة الاجتماع، وباتوا على بعد ثلاثين ميلاً من منازلهم. وكانت السيدة ريتشيل ليند من ضمنهم، لأنها وهي صاحبة الميول السياسية الحماسية، ما كانت لتظن أنه يمكن للشمل الالتئام بدونها، رغم أنها على الطرف النقيض من حيث المبدأ السياسي. وهكذا قصدت المدينة مصطحبة زوجها، فلا شكّ أن توماس سيكون مفيداً للاهتمام بالحصان. ورافقتها في هذه الرحلة ماريلا كُنْبيرت، التي كانت هي نفسها لا تخلو من ولع خفي بالسياسة، بالإضافة إلى تفكيرها بأن هذه الفرصة قد تكون فرصتها الوحيدة لرؤية رئيس وزراء حقيقي وحَيّ. وهكذا غادرت البيت مخلّفة أمر إدارته لكل من آن وماثيو إلى أن تعود في اليوم التالي.
بينما حرصت ماريلا والسيدة ريتشيل على الاستمتاع استمتاعاً بيّناً بحضورهما اجتماع الحشود، كان ماثيو وآن يتنعّمان بمطبخ
المرتفعات الخضراء على طريقتهما الخاصة. كانت النار في ذلك المطبخ تتأجج مستعرة في الموقد القديم الطراز. وكان الجليد يغلّف نوافذه بطبقات بلورية لامعة. وهناك اتكأ ماثيو على الأريكة، منكّس الرأس مستسلماً لإغفاءة صغيرة، وجلست آن إلى الطاولة تدرس دروسها بتصميم عَبوس، رغم نظراتها التواقة إلى رفّ الساعة الذي يوجد عليه كتاب جديد أعارتها إياه جين آندروز ذلك اليوم، بعد أن أكدّت لها أنه كتاب مكفول باحتوائه على ما لا يحصى من أحداث مثيرة أو من كلمات ذات وقع فعّال. كانت أصابعها تلجّ عليها لتتناول ذلك الكتاب، ولكنها كانت تعرف أن هذا يعني تفوق غيلبرت بلايث عليها في اليوم التالي. وهكذا أدارت ظهرها لرفَ الساعة، وحاولت التخيُّل أن الكتاب ليس هناك.
"ماثيو، أسبق لك يوماً أن درست الهندسة عندما كنت تذهب إلى المدرسة؟"
"ها، كلا، لم أفعل،" أجاب ماثيو الذي استفاق من غفوته مُجفلاً.
"أتمنى لو أنك درستها،" تنهّدت أن، "لأنك عندها ستكون أكثر قدرة على التعاطف معي. إنك لا تستطيع التعاطف معي كما ينبغي إذا لم تكن قد درستها من قبل. إنها تسبب لي غيمة في سماء حياتي.
أنا جدّ خرقاء فيها ياماثيو."
"هه، لا أدري حقاً،" قال ماثيو ملاطفاً. "أعتقد أنك شاطرة في كل شئ. أخبرني السيد فيلبس عندما التقيته الأسبوع الماضي في مخزنٍ بلير في كارمودي أنك أذكى تلميذة عنده، وأنك تحرزين تفوّقاً مميزاً.
وعبارة: تفوقاً مميزاً، هي نفس العبارة التي استعملها. ورغم ما يُشاع عن تيدي فيلبس، وما يُقال عن عدم كفاعته التعليمية، أظن أنه لا غبار عليه."
كان ماثيو يرى أن أي شخص يمدح أن هو شخص لا غبار عليه.
"أنا واثقة بأنه يمكنني التحسّن في الهندسة، لو لم يكن يغيّر
22:30 •
رواية آن في المرتفعات الخضرا
الاستنجاد بان
الرموز،" تذمرت آن. "أدرس المسألة عن ظهر قلب، ثم يرسم الشكل على السبورة ويضع رموزاً مغايرة لتلك التي في الكتاب، فيختلط الأمر عليَ اختلاطاً كاملاً. ألا تظن أنه لا يجدر بالمعلّم أن يشرِّع لنفسه حقّ التصرف بمثل هذا التصرف اللئيم؟ إننا ندرس الآن عن الزراعة، ولقد اكتشفت ما الذي يجعل الطرقات حمراء، ولكم أشعرني هذا بالراحة.
ترى كيف تقضي ماريلا والسيدة ليند وقتهما الآن. تقول السيدة ليند إن نهاية كندا ستكون أسوا من نهاية الكلاب حسب ما تجري عليه الأمور في العاصمة أوتاوا، وأن هذا نذير واضح للناخبين. وتقول إذا سُمح للنساء بالتصويت فإننا سرعان ما سنرى تغيّراً مباركاً.
وبالمناسبة ياماثيو لصالح مَن تُصَوّت؟"
"أنا مع المحافظين،" أجاب ماثيو بسرعة، فقد كان التصويت لصالح المحافظين جزءاً لا يتجزاً من عقيدة ماثيو.
"إذن، أنا مع المحافظين أيضاً" قالت آن مؤكّدة. "وهذا يسرّني، لأن غيل... لأن بعض الصبية في المدرسة مع الإصلاحيين. أظن أن السيد فيلبس مع الإصلاحيين أيضاً، لأن والد بريسي آندروز معهم، وتقول روبي غيليز أنه عندما يتودّد الرجل للفتاة يجب عليه دائماً الاتفاق مع مذهب والدة الفتاة ومع سياسة والدها. هل هذا صحيح ياماثيو؟"
"ها، أنا في الحقيقة لا أعرف،" أجاب ماثيو.
"هل توردت في حياتك لأية فتاة ياماثيو؟"
"حسناً الآن، لا، لا أذكر أني فعلت هذا أبداً، ردّ ماثيو، الذي لم يكن بكل تأكيد قد سبق له خلال حياته كلها أن فكّر بمثل هذا الموضوع على الإطلاق.
تفكّرت آن وذقنها ترتكز على يديها.
"لا بدّ أنه شئ مشوّق، ألا تظن ذلك ياماثيو؟ تقول روبي غيليز أنها عندما تنضج ستتخذ لنفسها عديداً من العشاق، وأنها ستفتنهم إلى
22:30 %
رواية آن في المرتفعات الخضرا
أن في المرتفعات الخضراء
حدّ الجنون وستجعلهم طوع بنانها. لكني أرى هذا شيئاً مُفرط الإثارة، وأنا أفضّل الحصول على شخص واحد بكامل عقله. مع ذلك أظن أن روبي غيليز وافرة الاطّلاع على مثل هذه الأمور، لأن لديها العديد من الشقيقات الكبيرات. وتقول السيدة ليند إن بنات آل غيليز قد نضجن مثل قوالب الكعك الساخن. يذهب السيد فيلبس لرؤية بريسي آندروز كل مساء تقريباً، ويقول إنه يفعل هذا ليساعدها في دروسها، لكن ميرندا سلون تستعدّ أيضاً للالتحاق بمعهد كوين، وأظنها بحاجة إلى المساعدة أكثر من بريسي لأنها أغبى منها، فلماذا لا يساعدها في المساء. إن في هذا العالم أشياءاً كثيرة تستعصي على فهمي ياماثيو."
"حسناً الآن، أظن أني أنا أيضاً لا أعرف، وذلك حسب استيعابي للأمور،" اعترف ماثيو.
"على كل حال، يجدر بي الآن إنهاء دروسي. ولن أسمح لنفسي بفتح ذلك الكتاب الجديد الذي أعارتني إياه جين حتى أفرغ من جميع فروضي. لكن هذا الإغراء لا يُقاوم ياماثيو. حتى عندما أدير ظهري له أستطيع رؤيته هناك بوضوح. قالت جين أنها أعيت نفسها بكاءاً عندما قرأته. وأنا أحب الكتب التي تبكيني. أظنني سآخذ ذلك الكتاب إلى غرفة الجلوس وأقفل عليه في خزانة المؤن وأسلّمك المفتاح. وليس عليك ياماثيو أن تعطيني إياه قبل إنجازي لفروضي، وإن رجوتك وأنا راكعة على ركبتي. ليس أجود من قولنا إنه يتوجب علينا مقاومة الإغراء، لكن أسهل طريقة لمقاومته هي عدم تمكُن المرء من الحصول على المفتاح.
والآن ياماثيو ما رأيك لو نزلتُ إلى القبو لجلب بعض الفاكهة المجففة؟ ألا تشعر بالرغبة في أكل شئ منها ياماثيو؟"
"هه، حسناً، لا أعرف شيئاً بقدر ما أعرف أني أرغب في هذا :" أجاب ماثيو الذي لم يكن يأكل الفاكهة المجففة أبداً، ولكنه كان يعرف شغف آن بها .
ما كادت آن تبرز من القبو، حاملةً بفرح طبقها الملآن بالتفاح
المجفف، حتى تعالى صوت وقع أقدام تهرول على الألواح الخشبية في الخارج، وبعد لحظة دُفع باب المطبخ بعنف وانبثقت منه ديانا باري، شاحبة الوجه لاهجة، ملتحفة شالها كيفما اتفق.
أفلتت أن طبقها وشمعتها مذهولة بذلك المشهد. تدحرج الطبق والشمعة والتفاح المجفف على طول سلالم القبو، وظلت هذه الأشياء على أرضية القبو إلى أن وجدتها ماريلا في اليوم التالي، ممرّغة بالشحم الذائب، فجمعتها وهي تشكر السماء لأن المنزل لم يشتعل بالنيران.
"ما القضيّة ياديانا؟" صاحت آن. "هل رقّ قلب أمك أخيراً؟"
"آن اسعفيني، وتعالي معي حالاً" توسّلت ديانا بحرقة، "أختي ميني ماي مريضة جداً، وتقول الشابة ماري جو إنها مصابة بالخُنَّاق.
وأمي وأبي في المدينة، ولا يوجد حولنا شخص يستطيع استدعاء الطبيب. حالة ميني ماي متدهورة، وماري جو لا تعرف ما الذي يجب عمله. ربّاه.. أنا خائفة خوفاً عظيماً يا آن!"
تناول ماثيو من غير أن يتفوه بكلمة قبعته ومعطفه، وتجاوز ديانا،
وغاب في عتمة الفناء.
"ذهب ليسرج الفرس ليذهب إلى كارمودي من أجل إحضار طبيب، قالت آن، وهي تهرع لجلب قبعتها وسترتها. "أعرف هذا كما لو أنه قاله لي. إن روح ماثيو مُتائِمة لروحي، وأنا أستطيع قراءة أفكاره من غير أن نضطر إلى استعمال لغة الكلام أبداً ."
"لا أظن أنه سيعثر على الطبيب في كارمودي،" قالت ديانا باكية.
"أعرف أن الطبيب بلير ذهب إلى المدينة ولا بدّ أن الطبيب سبنسر قد ذهب أيضاً. آه يا آن، لم يسبق لماري جو أن رأت أحداً مُصاباً بالخُنَّاق من قبل، والسيدة ليند ليست هنا!"
"لا تبكِ ياغاليتي دي،" قالت أن محاولة التخفيف عنها. "أعرف تماماً ما الذي يجب عمله لمعالجة الخُنَّاق. أنسيتِ أن السيدة هاموند
أنجبت التوائم ثلاث مرات؟ ومن الطبيعي أن تحصلي على خبرة واسعة عندما تعتنين بثلاثة أزواج من التوائم الذين أصيبوا بالخُنَّاق على التوالي. انتظري برهة ريثما أحضر زجاجة سائل عرق الذهب، فقد لا يكون لديكم أي شئ منه في البيت. هيا، تعالي الآن لنذهب." أغذّت الصغيرتان السير خارج البيت يداً بيد. سلكتا درب العشاق، ثم انعطفتا نحو الحقل الممتد وراءه لأن الثلج كان أكثف من أن تستطيعا قصد طريق الغابة الأقصر. ورغم قلق أن على ميني ماي، فإن هذا القلق لم يغيب عنها الإحساس بشاعرية الموقف، وعذوبة مشاركة تلك الشاعرية مع رفيقتها الحميمة.
كانت الليلة صافية وصقيعية، اكتست فيها المنحدرات الثلجية بظلال أبنوسية وفضية، ولمعت النجوم العظيمة فوق الحقول الصامتة؛ وانتصبت هنا وهناك أشجار التنوب الداكنة بأشكالها الدقيقة التي تناثرت على فروعها نُدف الثلج وصفّرت الريح من خلالها. وفكّرت آن أن لا شئ أروع من استقراء كل ذلك الغموض والجمال مع رفيقة حميمة غُرّبت عنها طويلاً.
كانت ميني ماي ابنة السنوات الثلاث مريضة جداً بالفعل. كانت منطرحة على أريكة المطبخ، محمومة ومتوتّرة، يتصاعد شخير نفَسها الأجشّ في جميع أرجاء البيت. أمّا الشابة ماري جو، تلك الحسناء الفرنسية من سكان المنطقة الساحلية، التي اتفقت معها السيدة باري لتعتني بالأطفال أثناء غيابها، فكانت تقف مذهولة بلا حول أو قوة، غير قادرة البتة على التفكير بما ينبغي عمله، أو حتى عمل أي شئ إذا استطاعت التفكير به.
وهكذا باشرت آن إسعافاتها بمهارة ودقّة.
"ميني ماي مصابة بالخُنَّاق هذا صحيح؛ وحالتها متدهورة فعلاً، ولكني رأيت حالات أسواً . علينا أولاً تسخين الكثير من الماء. ديانا، لا يوجد هنا أكثر من فنجان ماء في الإبريق! ها قد ملأته، وأنت ياماري
جو، يمكنك وضع بعض الحطب في الموقد. لا أريد جرح مشاعرك، ولكني أرى أنه كان يمكنك التفكير بهذا من قبل لو كان لديك خيال!
والآن، سأنزع عن ميني جو ثيابها وسأضعها في الفراش، وأنت ياديانا حاولي العثور على بعض القماش من الفانيلا الناعمة. وقبل كل شئ سأعطيها جرعة من سائل عرق الذهب."
لم تتقبل ميني ماي الجرعة برضى، لكن أن لم تكن قد ربّت ثلاثة أزواج من التوائم من أجل لا شئ. وهكذا مرق عرق الذهب، ليس مرّة واحدة ولكن عدّة مرات خلال تلك الليلة الطويلة المقلقة التي دأبت فيها الصغيرتان على رعاية ميني ماي المتوعكة. أمّا الشابة ماري جو، التي كانت لهفتها صادقة للقيام بما في وسعها، فقد حافظت على النار مستعرة، وسخّنت ماءاً يزيد عن حاجة مستشفى مكتظّة بالأطفال المصابين بالخُنّاق.
كانت الساعة تشارف الثالثة عندما وصل ماثيو مصطحباً الطبيب، لأنه اضطر إلى متابعة طريقه نحو سبنسرفيل من أجل إحضاره، لكن الحاجة الملحّة إلى وجود الطبيب كانت قد ولّت، لأن حالة ميني ماي كانت قد تحسنت كثيراً، وكانت تغطّ في نوم عميق.
"كنت قد بدأت أفقد الأمل يادكتور،" شرعت آن تشرح ما جرى.
"أخذت حالتها تسوء وتسوء حتى أصبحت أسوا ممّا سبق لي أن رأيت توائم السيدة هاموند عليه، حتى الزوج الأخير منهم. وظننت فعلاً أنها كانت ستختنق حتى الموت. أعطيتها كل قطرة كانت موجودة في زجاجة سائل عرق الذهب، وعندما سقيتها الجرعة الأخيرة قلت، ليس لديانا أو لماري جو، لأني لم أشأ إقلاقهما أكثر ممّا هما عليه من قلق، بل قلت لنفسي لأني كنت بحاجة إلى التنفيس عن مشاعري: هذا هو الأمل الأخير المتبقي وأخشى أن يكون أملاً واهياً. ثم وبعد ثلاث دقائق بدأت تسعل وتخرج ما في صدرها من بلغم، وسرعان ما تحسّنت حالتها. يمكنك أن تتخيل ارتياحي يادكتور لأني عاجزة عن وصفه بالكلمات. ولا يخفى عليك طبعاً أن هناك أشياء يستعصي
التعبير عنها بالكلمات."
"نعم أعرف،" أوماً الطبيب إيجاباً، وهو يتأمل آن وكأنه يفكّر أنها هي أيضا تتصف بصفات لا يمكن التعبير عنها بالكلمات. لكنه ستطاع فيما بعد التعبير عما جال بفكره للسيد والسيدة باري.
"تلك الصغيرة ذات الشعر الأحمر التي عند آل كُثبيرت، ذكية بكل معنى الكلمة. واعلما أنها أنقذت طفلتكما من الموت، فلولاها لكان الأوان قد فات عندما وصلتُ إلى هنا. من الواضح أنها حاذقة وحاضرة الذهن وسريعة البديهة أكثر من أية طفلة في عمرها. ولم أر في حياتي شيئاً يشبه تلك العينين اللتين صوبتهما نحوي، وهي تحاول إطلاعي على الحالة:
عادت آن إلى البيت في ألق ذلك الصباح الشتوي الأبيض البارد، مثقلة العينين من النعاس، لكن ذلك لم يحل بينها وبين متابعة التحدث بدون كلل مع ماثيو، بينما عبرا الحقل الشاسع المجلِّل بالبياض، وتجاوزا درب العشاق وقنطرة أشجار القيقب بفخامتها البديعة.
"أوه ياماثيو أليس هذا الصباح صباحاً خلاباً؟ ألا ترى معي أن العالم يبدو وكأن اللّه قد تخيله في هذه اللحظة ليضفي السرور على قلبه؟ تبدو هذه الأشجار وكأنها قابلة لأن تتطاير من جراء نفخة واحدة مني.. بف.. يسرّني أني أحيا في عالم يجلّله أحياناً ثلج أبيض، ألا توافقني الرأي ياماثيو؟ ورغم كل شئ يسرّني أيضاً أن السيدة هاموند أنجبت ثلاثة أزواج من التوائم. ولو لم تفعل لما عرفت كيفية التصرف مع ميني ماي. ويؤسفني أني غضبت يوماً على السيدة هاموند لإنجابها التوائم. أوه ياماثيو، أنا أشعر بنعاس ثقيل، ولا أظنني سأتمكن من الذهاب إلى المدرسة. أعرف تماماً أني لن أستطيع إبقاء عينيّ مفتوحتين وسأبدو كالبلهاء، لكني أكره البقاء في البيت، لأن غيل... بعض التلاميذ سيتفوَّقون عليَ في الصفّ. وهذا سيجعل النهوض من كبوة الفشل عسيراً، لكن ألا تعتقد أنه كلما كانت محاولة النهوض أكثر صعوبة، كلما كان الرضى النفسي الناجم
عن النهوض ثانية أكثر حلاوة؟"
"حسناً الآن، أظن أنك ستتدبرين أمرك بطريقة جيدة." قال ماثيو وهو ينظر إلى وجه آن الصغير الشاحب وإلى الظلال الداكنة تحت عينيها. "عليك الذهاب إلى السرير حالما نصل، لتحصلي على قدر كاف من النوم، وسأقوم بجميع الواجبات المنزلية."
وهكذا أوت آن إلى فراشها وغطّت في نوم عميق مدة طويلة. ولم تستفق إلاّ بعد أن أمست الدنيا واصطبغ بياضها بالحمرة. وعندما نزلت إلى المطبخ وجدت ماريلا التي كانت قد عادت إلى البيت، جالسة هناك تحيك.
"أوه، هل رأيت رئيس الوزراء؟" هتفت آن حالما رأتها. "كيف هو شكله ياماريلا؟"
"هه، ما كان ليكون رئيس وزراء إذا أخذنا شكله بعين الاعتبار،"
أجابت ماريلا. "ياللأنف الذي لدى ذلك الرجل! ولكنه خطيب بارع، وقد جعلني أشعر بالفخر لأني من أنصار حزب المحافظين. طبعاً، لم يكن بذي نفع لريتشيل ليند التي تناصر حزب الأحرار. طعامك في الفرن ياآن، ويمكنك الحصول على بعض مربّى الخوخ الأزرق من حجرة المؤن. لا بدّ أنك جائعة. أخبرني ماثيو عن أحداث الليلة الفائتة.
وأعترف أن معرفتك ما ينبغي عمله كانت من حسن حظ الجميع، ولو كنت هنا لما استطعت تدبُّر الأمر مطلقاً، لأني لم أر من قبل حالة خُنَّاق. هيا الآن لا تقولي شيئاً قبل انتهائك من الأكل. وإني لأجزم من مجرّد النظر إلى وجهك أنك محشوّة بالكثير من الخطب، ولكن يمكن تأجيلها كلها."
كان لدى ماريلا ما تخبره لآن، لكنها لم تلمّح لها بشئ في تلك الأثناء، لأنها أيقنت أنها لو فعلت فإن الإثارة التي ستنتج عن ذلك الخبر، ستصرف آن في الحال عن الأجواء المادية بما فيها الرغبة في تناول الطعام. ولم تقل ماريلا شيئاً إلاّ بعد أن أتت آن على أخر ما


كان في طبقها من مربّى الخوخ.
"كانت السيدة باري هنا هذه الظهيرة ياآن، ورغبت في رؤيتك لكني لم أشأ إيقاظك. تقول إنك أنقذت حياة ميني ماي، وأنها آسفة جداً لأنها تصرّفت معك ذلك التصرّف المتعلّق بحادثة نبيذ العنب. قالت إنها تدرك الآن أنك لم تقصدي إسكار ديانا. وهي تتمنى أن تسامحيها وأن تعودي رفيقة ديانا المقربة. ويمكنك زيارتهم هذا المساء إذا شئت، لأن ديانا ليست بقادرة حتّى على وطء عتبة بيتها نتيجة زكام أصابها من ليلة أمس. والآن يا آن شيرلي، بحقّ السماء لا تفقدي رشدك وتقفزي كالمجانين.
لم يكن للإنذار أية فائدة، إذ كانت آن قد حلّقت وانتشت قلباً وقالباً، وهبّت واثبة على قدميها وقد شع وجهها بشعلة الحياة التي أُضْرمت في روحها.
"أوه ياماريلا، أأستطيع الذهاب الآن قبل أن أجلي أطباقي؟ سأجليها بعد عودتي ولكني لا أستطيع الآن في هذه اللحظة الحساسة إلزام نفسي بأي عمل غير عاطفي مثل جلي الأطباق."
نعم، نعم، اذهبي،" قالت ماريلا بلهجة متسامحة. "آن شيرلي أأنت مجنونة؟ ارجعي فوراً وضعي شيئاً عليك، يبدو وكأني أنادي على الريح، لقد انطلقت بدون قلنسوة أو شال. انظروا إليها تعدو في البستان بشعرها المتطاير. ستكون رحمة من السماء إذا لم يصبها زكام حادّ."
عادت أن إلى البيت راقصة تحت شفق الشتاء الأرجواني الذي غمر البقاع الثلجية. وبعيداً، في الجنوب الغربي لمعت نجمة مسائية، مرسلةً وميضاً عظيماً يشبه بريق اللآلئ. وبدت السماء المطلّة على الفضاء الأبيض اللامع وعلى أيائك الراتينج الداكنة، ذات شحوب ذهبي وحمرة أثيرية، وتصاعد رنين أجراس عربات الثلج وسط التلال الثلجية وكأنه إيقاعات سحرية تتخلّل الهواء الصقيعي. لكن تلك
الإيقاعات لم تكن أحلى من الأغنية التي في قلب أن وعلى شفتيها.
"ترين أمامك شخصاً مكتمل السعادة ياماريلا،" أعلنت. "أنا مكتملة السعادة، نعم، رغم شعري الأحمر. في الوقت الحاضر معنوياتي تتجاوز الشعر الأحمر. قبّلتني السيدة باري وبكت وقالت إنها آسفة، وأنها لن تستطيع أبداً مكافأتي. شعرت بارتباك مخجل ياماريلا، لكني مع ذلك قلت بمنتهى الأدب: لا أضمر لك أي شعور بالكراهية ياسيدة باري. أؤكد لك للمرة الأخيرة أني لم أقصد تسميم ديانا، ومنذ الآن سأجلّل الماضي بغلالة النسيان. ألم يكن هذا أسلوباً محترماً في الكلام ياماريلا؟ شعرت وكأني أكدّس أكواماً من الجمر المشتعل في رأس السيدة باري. قضيت مع ديانا أمسية رائعة.
علّمتني خلالها غرزة كروشيه فاخرة، علّمتها إياها عمتها في كارمودي. ولا يوجد مخلوق آخر في أفونليا يعرفها غيرنا، وأقسمنا بإخلاص على ألاً نعلمها لأحد. وأعطتني بطاقة جميلة مزينة بإكليل من الورود وفيها بيت من الشعر:
إذا كنت تحبيني كما أحبك فلن يفصلني سوى الموت عنك
وهذا صحيح ياماريلا. سنطلب من السيد فيلبس أن يدعنا نجلس معاً في المدرسة من جديد. ويمكن لجيرتي باي الجلوس مع ميني أندروز. كان الشاي الذي احتسيناه لذيذاً . واستعملت السيدة باري أفضل طقم شاي عندها من الخزف الصيني، كما لو أني كنت ضيفة حقيقية. لا أستطيع وصف الإثارة التي تملكتني ياماريلا. لا أحد من قبل استعمل أفضل طقم شاي عنده من أجلي. وأكلنا كعك الفاكهة، وكعك الزبدة بالسُكَّر، والكعك المقلي، ونوعين من المربّيات ياماريلا. وسألتني السيدة إذا كنت أرغب في المزيد من الشاي، وقالت لزوجها: بابا ألا تُدني طبق البسكويت من آن؟ لا بدّ أنه من اللطيف أن يكون المرء راشداً ياماريلا، ولا شئ أروع من معاملتك رغم صغر سنك وكأنك راشدة."
"لا أعرف شيئاً عن هذا،" قالت ماريلا، وهي تطلق زفرة صغيرة.
"على كل حال، عندما أكبر،" قالت آن بلهجة حاسمة، "سأخاطب البنات الصغيرات كما لو أنهن كن راشدات مثلي، ولن أسخر منهن على الإطلاق إذا استعملن عبارات كبيرة. فأنا أعرف نتيجة خبرتي المريرة كم أن هذا جارح للمشاعر. بعد تناول الشاي صنعنا أنا وديانا حلوى التوفي. لا أظن أن ذلك التوفي كان ناجحاً، فأنا وديانا لم يسبق لنا أن جربنا صنعه من قبل. وعندما أوكلتني ديانا بمهمة تحريكه ريثما تدهن الأوعية بالزبدة، نسيته وتركته يحترق. وبعد ذلك، عندما وضعناه على حافّة السياج في الخارج ليبرد، ولَغت الهِرّة في أحد
اعرادا لك.ن عليما قري ورة لى الليات، ومتنى السياة باري ثناء
زيارتهم كلما سنحت لي الفرصة، ووقفت ديانا عند النافذة وبعثت لي قُبَلاً على طول درب العشاق. أؤكد لك ياماريلا أني الليلة أشعر بالرغبة في الصلاة تعتمل في قلبي، وسوف أبتكر صلاة مميزة لم يسبق لها مثيل، على شرف هذه المناسبة."


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

يسير بحثنا على ...

يسير بحثنا على درب متعرج تتقاطع فيه الخطوط والألوان مع أعمق زوايا النفس المتعرضة لصفعه الحياة أي الص...

المؤسسة الناشئة...

المؤسسة الناشئة هي مؤسسة جديدة عادة ما تكون صغيرة في مرحلتها المبكرة من التشغيل تسعى إلى تحقيق نموذج...

العين 27 يناير ...

العين 27 يناير 1950.ً زايد، نحتاج إلى المال، ويلزمنا خصوصاً معدات للقيام بأعمال الحفر. أخشى ألا نتمك...

بالطبع، هذا هو ...

بالطبع، هذا هو النص المكتوب من الصورة التي أرسلتها: --- مفهوم كلمة (أدب): قبل الحديث عن معنى (ال...

يتبادر أحياناً ...

يتبادر أحياناً إىل أذهاننا عندما نش يإىل سيكولوجية التـدريب أن نتـساءل ماذا تعلمنـا، ولمـاذا، وكيـف ...

يتبادر أحيانا إ...

يتبادر أحيانا إلى أذهاننا عندما تشير إلى سيكولوجية التدريب أن نتساءل ماذا تعلمنا، ولماذا، وكيف ؟، فإ...

خصائص الشمس • ت...

خصائص الشمس • تحوي الشمس معظم كتلة النظام الشمسي وتتسم بالكثیر من السمات كغیرھا من النجوم. • تبعد ا...

The package: On...

The package: On the package you can find a Jabena, a brewing method used in Ethiopia. Ethiopia has a...

وظيفة **"التدري...

وظيفة **"التدريب والتطوير"**: تهتم بتعزيز مهارات الموظفين وتطوير أدائهم من خلال برامج تدريبية مخصص...

المقدمة في موا...

المقدمة في مواجهه الحياه المعقده في عصرنا الحالي ففي سبيل القيام في المسؤوليه والوظائف يحتاج الناس ...

The Otto cycle ...

The Otto cycle is an air-standard cycle which approximates the processes in petrol or diesel engines...

الفصل الأول: ال...

الفصل الأول: الإطار النظري للدراسة المبحث الأول: التكنولوجيا الرقمية والإدارة المالية مفهوم التكنولو...