لخّصلي

أنا راجل مش بفطر مع زوجتي الأيام كلها بسبب ظروف شغلي كمهندس في شركة، ساعات بفطر مع صحابي، وعشان كدا بحب أعوضها في السحور وأخليه مميزا ربنا رزقني بالبنت اللي بحبها، ورزقني أطفال منها وعرفنا نعلمهم ونربيهم صح، كان أكبر طفل عندي في ٦ ابتدائي اسمه « كريم » كنت طول الوقت بقوله أنا بحب اسمك، حاول تكون قده، خليك دايمًا أهل كرم، وجيت في يوم كنا في رمضان، بعت كريم للسوبر ماركت يجيب لانشون وبيض وجبنة، استنينا شوية ولاقيته داخل أيده فاضية، بقوله فين الأكل، قالي أصل الفلوس وقعت مني
لسه مامته هتقومله شديتها من أيديها وقولتلها أكيد غصب عنه، كرم ربنا كتير أهو هنزل أشتري أنا وأجي، وأنا طالع سمعت جاري الجديد بيقول لمراته:
« كنتي لسه بتقولي هنتسحر إيه وزعلانه عشان صرفت الفلوس على علاجك، أهو ربنا بعتلنا بيض وجبنة ولانشون! »
وقفت شويه وقولت لنفسي إيه ده؟ ده نفس السحور اللي بعت كريم يجيبه؟ دخلت الشقة ووقفته قدامي وقلت له:
« الفلوس موقعتش منك يا كريم، لو مقولتش الحقيقة عقابك هيبقى مرتين، مرة عشان كدبت ومرة عشان اتصرفت من ورايا »
لاقتيه وقف وسكت شوية، وبعدين بص للباب وقال:
جارنا الجديد حالته المادية مش حلوة زينا، ومش موظف زي حضرتك، وزوجته مريضة كانسر وأنا طالع سمعتها كانت بتعيط وبتقوله إنها نفسها تموت عشان متبقاش حمل عليه، ووسط الكلام قالت إن الفلوس كلها راحت للعلاج ومفيش فلوس يجيبوا أكل للسحور، خبطت عليهم وقولتلهم دي وجبة للسحور بنوزعها ومشيت، الراجل باسني من رأسي وكان مبسوط، أنا آسف إني مقولتش اللي عملته بس أنت دايمًا تقولي لما تعمل خير متقولش!
لأن أصدق وأحب الأعمال إلى الله بتبقى في الخفاء.
بصيت له وبصيت لمامته وأنا مستغرب، شديته لحضني وقعدنا كلنا، صحيح أنا باخد مرتب كبير بس بجهز أخواتي البنات، بس نويت نية لله إن جارنا هيكون له نصيب من رزق ربنا ليا.
تاني يوم خدت الأولاد والفطار ودخلنا عليه وقلت له:
« تبقى جديد في العمارة ومنفطرش يوم سوا؟ »
الراجل كان مكسوف يدخلنا، ولما بص لكريم فهم أنا جاي ليه، بس سمح لنا بالدخول عشان منزعلش، ولما دخلنا صُعقنا من المنظر؟ حاطط طبق فول وشوية مية بس والله!
ولا عصير ولا مخلل، ولا جبنة، ولا أي حاجة، قعدنا وحطينا الفراخ والأكل، الراجل كان باصص في الأرض، طبطبت على إيده وقولتله:
« الناس للناس، إني أنا أخوك فلا تبتئس، النهاردة أنت ساند عليا بكره هاجي أسند عليك، ربنا يشفيهالك »
لاقيته قام من مكانه وحضني وقعد يعيط بطريقة لمست قلبي، كلنا عيطنا عشانه، بيعيط وكأنه لا يملك من الدنيا غيرها، وكمان احتياجه مخليه حاسس بالعجز، حسيت إنه بيقولي أنت جيتلي منين؟ أنا كنت مستنيك!
والله روحت تاني يوم الشركة لاقيت المدير كاتب لي ترقية! رنيت على مراتي وأنا بتنطط من الفرحة، ردت عليا رد عمري ما هنساه ليها، حسيت وقتها إني اختارت صح، قالت لي بكل سماحة:
« ده نصيبهم من رزقك يا محمد، ربنا بيرد علينا بكرمه عشان منفكرش أننا لينا جميل عليهم »
ومن يومها وهما ليهم نصيب معانا، بنفطر سوا، نتسحر سوا، كلمت المدير يشغله معانا وفعلاً وافق عشان بيحبني، بقيت أخده معايا كل مشاويري، حسيت إنه أخويا فعلاً، ربنا كتب لزوجته الشفاء.
يوم فرح أختي واقف مش قادر أفكر.. أمي كانت محتاجة فلوس تجيبلها حاجة الصباحية، لاقيته جه وحط في أيدي خمسة آلاف جنيه وقالي: الناس للناس يا حبيبي!
بصيت له وأنا مش عارف أقول إيه، أقوله شكرًا ولا أنزل أقول للناس الخير مبيروحش؟ الخير بيترد أضعاف
والله كل رزق ربنا بيرزقني بيه في حياتي وكل خير بيجيلي لما بحس نتيجته بلاقي سببه جبر الخاطر
أجبروا الخاطر