لخّصلي

وتعد عملية احصاء تلك المعارك التي شارك الشيخ ضاري في خوضها من الامور التي ليست بالهينه. وتكمن الاشكاليه في عدم وجود ماده علميه مكتوبه عنه يمكن الرجوع اليها. والمفارقه ان كثيرا ممن كتبوا عن تاربخ توحيد الجزيره العربيه على يد الامير عبدالعزيز ال سعود تجاهلوا تلك الاحداث والوقائع. اذ اعتبر كثير منهم تلك الاحداث صراعات قبليه حول السيطره والنفوذ على الكلأ والماء ولا تستحق التدوين. كما نظر بعضها بأنه ليس لها طابع سياسي ، او لا علاقه لخا بتوحيد المملكه او غيرها من الاسباب. ويعتقد الباحث ان هؤلاء الباحثين قد جانبهم الصواب، ومنها مشاركة الشيخ ضاري ال رشيد امراء حائل معاركهم سواء ضد الامير عبدالعزيز ال سعود ، وعانى الشيخ ضاري وجماعته الاسلم مثلهم مثل غيرهم من شمر من عبث غلاة الاخوان وهجماتهم وسفكهم للدماء. وهي احياء لتعاليم المدرسه الحنبلية ( الامام احمد بن حنبل ). والرباط اللي يربط المقتنعين بها هو رابط الاخوة الدينية ، ولا تختلف حركة الاخوان كثيرا في اهدافها عن اهداف الدعوة التي ظهرت في الجزيرة العربية على يد الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي ( ١٧٠٣ - ١٧٩٢ ). ويمكن القول ان حركة الاخوان هي احياء للحركه الوهابية. وأنها ارتبطت - والى حد كبير - بالأمير عبدالعزيز آل سعود. وبذل الامير عبدالعزيز ال سعود جهده للافاده من ابناء القبائل ، وعلى وجه الخصوص من اهل البادية. وكان يسعى للتوسع وتحقيق احلامه ببناء دوله مترامية الاطراف. وكانت نظرة الأمير عبد العزيز آل سعود ثاقبة وبعيدة للأمور. استمال الأمير عبدالعزيز آل سعود الحركة وكسب قياداتها. وكان يهدف من وراء ذلك إلى التوسع ومحاربة الأعداء أو المنافسين له وتطويعهم بما فيهم آل رشيد حكام حائل وبعض القبائل واستخدم الإخوان في فترة متأخرة للقضاء على نفوذ الشريف حسين بن علي في الحجاز، وحركة الإخوان وإن كانت حركة دينية سلفية تهدف إلى العودة بالدين الإسلامي إلى جذوره الأولى إلا أنه قد شابها الكثير من الشوائب (٢٤). وكان الأمير عبد العزيز آل سعود غير راض عن الكثير من مواقف بعض الإخوان وتصرفاتهم، وكان الغلو قد وصل إلى إطلاق الأحكام بالتكفير، وكان التكفير في أمور لا تُعدّ من أصول الدين مثل: المأكل والملبس والمسكن (٢٥). لذا دعا الأمير عبد العزيز آل سعود العلماء ورجال الدين للحذو حذوه للحد من غلو وتعصب بعض الإخوان وتصرفاتهم (٢٦). وتطورت الأمور بحيث شكل الإخوان فيما بعد سيفا مصلتا ذا حدين تارة معه وتارة عليه. وتمرد بعض الإخوان على الأمير عبد العزيز وحسم الملك عبد العزيز آل سعود الأمور أخيرا لصالحه، وأخضع الإخوان لنفوذه في وقعة السبلة المشهورة ۱۹۲۹م وما تلاها (۳۷). ويمكن أن نضيف أن نجاح الملك عبد العزيز آل سعود جعله يتطلع للسيطرة على النواحي المختلفة، ومن ثم اكتمال توحيد الأجزاء تحت مسمى المملكة العربية السعودية في عام ۱۹۳۲م(۲۸). ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن عبد العزيز آل سعود أطلق عليه الكثير من الألقاب في التعاملات الرسمية قبل اتخاذه رسميا لقب سلطان نجد في عام ۱۹۲۱م منها: (الأمير) و(أمير الرياض) و (أمير (نجد) و (ابن سعود) و(الشيخ). لقد استغل الأمير عبد العزيز آل سعود الدعم من مصادر مختلفة لصالحه ونجح في تثبيت أركان دولته. وهنا يكمن سر نجاح الأمير عبد العزيز آل سعود وأهمية شخصيته وحنكته ومهارته إن استغل الزمان والمكان بما يخدم مصالحه مِمّا جعله ينجح في توحيد الجزيرة العربية . لذا فلا عجب أن تدرّج في الحكم من أمير الرياض، إلى سلطان نجد ۱۹۲۱م، إلى سلطان نجد وملحقاتها ١٩٢٢م إلى ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاته ۱۹۲٦م، إلى ملك الحجاز ونجد وملحقاتها ۱۹۲۷م إلى أن أصبح ملكاً للمملكة العربية السعودية ۱۹۳۲م. أن شخصية الأمير عبدالعزيز ومهارته جعلت البريطانيين يلتفتون إليه. كما أن الاهتمام البريطاني بطريق الهند عبر الخليج العربي والخطط البريطانية لإبعاد السيادة العثمانية عززت من مكانة الأمير عبد العزيز آل سعود، وجعلت الكثيرين يخشونه ويتطلعون إلى التعاون معه وكسب صداقته ووده. لقد عرف عن الشيخ ضاري بأنه شديد المراس لا يتنازل أو يخضع لأحد. وكان يرى نفسه نداً للكثيرين من شيوخ القبائل والأمراء. وكان محاربا من الصحراء ويتنقل مع أبناء عمومته الأسلم حيث الكلأ والماء، ويرتادون في حلهم وترحلهم الكثير من موارد المياه الخاصة بهم، كما يستخدمون تلك التي تخضع لنفوذ قبائل وجماعات تربطهم بهم وشائج القربى والمصالح المشتركة. وكانت من بين أبرز موارد المياه التي يستفيد منها الأسلم أم رضمة والجليدة وعتيق وسماح وجليب البرازي والوقباء وغيرها. وشارك الشيخ ضاري في الكثير من المعارك، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، فيد والبكيرية : أشار " فيلبي" في كتابه تاريخ نجد إلى أنّ قوات الأمير عبد العزيز آل سعود في عام ۱۹۰۷م أغارت على معسكر "طوالة شمر " في فيد" . ولم يُعطِ فيلبي تفصيلاً للمعركة، وإنما اكتفى بالقول بأنّ قوات الأمير عبد العزيز آل سعود انسحبت إلى البكيرية. كما لا يذكر فيلبي النتائج التي ترتبت على المعركة. ويمكن الإشارة إلى أن تاريخ الغارة يدل على بداية تولي الشيخ ضاري مشيخة الأسلم(۲۹). تولى الأمير سعود بن عبدالعزيز آل رشيد الإمارة في حائل في أغسطس ۱۹۰۸م، وتولى الحكم تحت وصاية أخواله آل سبهان لكونه صغير السن. وترتب على هذا الأمر استقرار الأمور السياسية في حائل بعد المؤامرات الدامية التي عصفت بالأسرة الحاكمة. وتكمن أهمية تولي الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد في أنه خلق حالة من التوازن بين حائل والرياض، أي بين سعود آل رشيد أمير حائل وعبدالعزيز آل سعود أمير الرياض، ومن المفارقات أن الأمير عبد العزيز آل . واتفق مع شيوخ قبيلة عنزة، وبالذات ابن هذال شيخ العمارات وابن شعلان شيخ الرولة للعمل ضد آل رشيد في حائل. ووجد الأمير عبدالعزيز آل سعود ضالته في التحالف مع قبيلة عنزة التي تعد ذات ثقل قبلي في شمال شبه الجزيرة العربية. وقام زامل السبهان الوصي على حاكم حائل والذي يعد الحاكم الحقيقي من جانبه بعمل حلف مضاد مع شيخ المنتفق سعدون المنصور وكان هذا التحالف وراء وقعة الجميمة شرق رفحاء. نجح الأمير عبد العزيز آل سعود في الاستنجاد بقبيلة عنزة للضغط على سعود آل رشيد وتمكّن من كسبهم إلى جانبه وتقريب وجهات نظرهم. وتكمن أهمية هذا التحالف في أن الشيخ نوري بن هزاع الشعلان قد سبق له وأن وقع ميثاق سلام مع سعود آل رشيد فلا غرابة أن تتغير التحالفات، ولهذا أخذت الاعتداءات من قبائل عنزة تتكرر وبالذات من ابن هذال على جماعة من شمر واستولى نواف بن نوري الشعلان في عام ۱۹۰۹م على الجوف وسيطر عليه. وأثار هذا العمل غضب سعود آل رشيد. وكانت النتيجة الحتمية الواقعة بين شمر وعنزة والتي يطلق عليها واقعة الجميمة في فبراير ١٩١٠م. كان الطرف الأول بقيادة الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد أمير حائل، والطرف المقابل تحالف قبائل عنزة: الشيخ فهد بن عبد المحسن بن هذال شيخ العمارات، والشيخ نوري بن شعلان شيخ الرولة الذي تصالح مع ولده الشيخ نواف وسانده)، شارك الشيخ ضاري في هذه المعركة المشهورة، وكانت مشاركته لكونه فارساً من فرسان قبيلتة شمر الذين صالوا وجالوا في ميدان المعركة. كما شارك بصفته شيخاً لجماعته الأسلم، كان النصر في هذه المعركة من نصيب الأمير سعود آل رشيد. ويذكر أن وقوعها بالقرب من منازل الرولة جعل الخسائر لدى الرولة أكبر . ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن هذه المعركة لعبت دورها في تعزيز مكانة سعود آل رشيد في حائل(٣١). وكان طرفا النزال: الأمير عبد العزيز آل سعود، وكان الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد أمير حائل ومعه قبيلته شمر والمؤيّدون له. وكان دوره حاسماً في هذه المعركة كشيخ لجماعته، وحامل لراية الأسلم أحد أضلاع قبيلة شمر. وتشير روايات إلى انتصار شمر بهذه المعركة الحاسمة، وتقهقر الأمير عبد العزيز آل سعود ومن معه (۳۳). كما وتبرز شهرة هذه المعركة ليس فقط في مشاركة الشيخ ضاري وكسب شمر للمعركة، وإنما بقتل الكابتن وليم هنري شكسبير، وقعت معركة الجوف في عام ۱۹۱۹م في عهد الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد أمير حائل. وكان الطرف المقابل الشيخ نواف نوري الشعلان شيخ الرولة من عنزة، ومعهم الشيخ عودة أبو تاية وقبيلته الحويطات وشاركت معهم قبائل أخرى من أهل الجوف أغلبهم من البادية مثل الحوازم والشرارات وغيرهم. ويذكر أن منطقة الجوف كانت إحدى مناطق الصراع مابين آل رشيد أمراء حائل وابن شعلان شيخ الرولة من عنزة الذين يقطنون بادية الأراضي السورية الكائنة غربي الجوف. وكانت منطقة الجوف يسكنها مؤيدون وأتباع لكل من الطرفين يسيطرون عليها لفترة ويخسرونها لفترات وكان الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد تربطه والشيخ نواف الشعلان معاهدة صلح عقدت في عام ١٣٣٥ هـ ۱۹۱۷م، ولكنها نقضت بعد عام واحد لأسباب لا مجال لذكرها هنا (٣٥) رشيد أمير حائل. وكان الطرف المقابل الشيخ نواف نوري الشعلان شيخ الرولة من عنزة، ومعهم الشيخ عودة أبو تاية وقبيلته الحويطات وشاركت معهم قبائل أخرى من أهل الجوف أغلبهم من البادية مثل الحوازم والشرارات وغيرهم. ويذكر أن منطقة الجوف كانت إحدى مناطق الصراع مابين آل رشيد أمراء حائل وابن شعلان شيخ الرولة من عنزة الذين يقطنون بادية الأراضي السورية الكائنة غربي الجوف. وكانت منطقة الجوف يسكنها مؤيدون وأتباع لكل من الطرفين يسيطرون عليها لفترة ويخسرونها لفترات وكان الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد تربطه والشيخ نواف الشعلان معاهدة صلح عقدت في عام ١٣٣٥ هـ ۱۹۱۷م، ولكنها نقضت بعد عام واحد لأسباب لا مجال لذكرها هنا (٣٥) إلا أنه أدرك الوضع الذي وجد نفسه فيه، فوجد أنه قليل من الأتباع وبحاجة إلى المناصرة بعد محاصرته ومن معه، مما دفعه إلى أن يرسل ابن عمه عبد الله بن طلال آل رشيد يستنجد ويستغيث برجال قبيلته شمر ويستنهض هممهم ولم يكتف ابن رشيد بذلك، ونجدته ضد تلك القبائل المجتمعة والمحاصرة لقوته. وكان من ضمن المناشدين الأسلم والشيخ ضاري الذي كان على خصام مع الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد (٣٦). وتزخر قصائد العوني مثلها مثل غيرها من القصائد بأسماء شيوخ وفرسان شمر ورجالها من عبده وزوبع والأسلم . المعدودين وبالفعل لبى شيوخ شمر وفرسانها هذه الاستغاثة وسارع لنجدته شيوخ وفرسان من نجد والعراق ومن ضمنهم الأسلم بقيادة الشيخ ضاري. وكان ضاري قد تناسى خصومته مع الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد وهب لمساعدته. وهذا الأمر هو نفسه الذي أقدم عليه العديد من شيوخ شمر متناسين ما كان بينهم وأميرهم ولعبت النخوة والعزوة دورها، وهزيمة الشيخ نواف الشعلان وقعة الجليدة ۱۹۱۹م تعد الجليدة أحد موارد المياه التي يقطنها الجحيش من الأسلم. وتمت الوقعة في العشر الأواخر من رمضان ١٣٣٩هـ أواخر ۱۹۱۹م. وينشغل الناس في الشهر الفضيل بالصيام والقيام وطاعة الرحمن وتاريخ الوقعة موثق من خلال الرواية الشفوية والشعر. وهناك بيت من الشعر لا أعرف قائله حيث يقول بألف وثلاثة أمية وتسع وثلاثين صباح ليلة القدر في شهر الإيمان". مما يعني بين ٢٨ إلى ٣٠ من شهر رمضان، وكان على الإخوان المرور عبر الجليدة للوصول لهدفهم . رشید على الجليدة هم الجحيش وهم أهل بأس وشدة ونخوة. والجحيش خصهم آل بعطفه) تقديرا لأدوارهم البطولية المميزة في معارك شمر عبر التاريخ، وحماية التالي، وغيرها من التسميات التي تدل على الشجاعة والنخوة والكرم. ويقضون عليك ومن معك، وطُرح عليه من قبل مرافقيه إما العودة من حيث أتوا أو الإغارة على الجحيش. وكان الهجوم يعني استغلال مناسبة العشر الأواخر من رمضان لشن العدوان. مع أنهم لم يعدوا للأمر عدته (۳۸). وقد سمعت من جدي الذي كان أحد الناجين من هذه المذبحة المرعبة أن إحدى النساء من الجحيش كانت تسير أميالا عدة لجلب الماء للمصابين، وطالبت في قصيدتها الشيخ ضاري الثار ممن قتل أهلها وأبناء عمومتها. وتمكن الإخوان من قتل عدد كبير من الذين كانوا على مورد مياه الجليدة وجلهم من الجحيش من الأسلم. وتختلف الروايات حول عدد قتلى المذبحة، وأن التسعين من الوريك من الجحيش من الأسلم فقط. وقد أبلغني من أثق بكلامهم (أحدهم قتل جده وأصيب والده في الوقعة أن الجليدة موقع صغير،

لقد خاض الشيخ ضاري الكثير من المعارك مع ابناء عمومته دفاعا او هجوما. واغلب تلك المعارك لا تزال ذكراها تتردد في الموروث الشعبي. وتعد عملية احصاء تلك المعارك التي شارك الشيخ ضاري في خوضها من الامور التي ليست بالهينه. وتكمن الاشكاليه في عدم وجود ماده علميه مكتوبه عنه يمكن الرجوع اليها. والمفارقه ان كثيرا ممن كتبوا عن تاربخ توحيد الجزيره العربيه على يد الامير عبدالعزيز ال سعود تجاهلوا تلك الاحداث والوقائع. اذ اعتبر كثير منهم تلك الاحداث صراعات قبليه حول السيطره والنفوذ على الكلأ والماء ولا تستحق التدوين. كما نظر بعضها بأنه ليس لها طابع سياسي ، او لا علاقه لخا بتوحيد المملكه او غيرها من الاسباب. ويعتقد الباحث ان هؤلاء الباحثين قد جانبهم الصواب، وان تلك المعارك والحروب جزء من تاريخ المنطقه ويستحق الكتابه عنها. كما ان الاحداث مترابطه وتؤثر في بعضها البعض. وقد عمل الباحث جاهدا لإبراز بعض تلك الاحداث والغزوات، ومنها مشاركة الشيخ ضاري ال رشيد امراء حائل معاركهم سواء ضد الامير عبدالعزيز ال سعود ، او ضد الاخوان، او ضد قبائل منافسة لشمر.

وعانى الشيخ ضاري وجماعته الاسلم مثلهم مثل غيرهم من شمر من عبث غلاة الاخوان وهجماتهم وسفكهم للدماء. وحركة الاخوان ، حركة دينيه سلفيه ، وهي احياء لتعاليم المدرسه الحنبلية ( الامام احمد بن حنبل ). والرباط اللي يربط المقتنعين بها هو رابط الاخوة الدينية ، ولا تختلف حركة الاخوان كثيرا في اهدافها عن اهداف الدعوة التي ظهرت في الجزيرة العربية على يد الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي ( ١٧٠٣ - ١٧٩٢ ). ويمكن القول ان حركة الاخوان هي احياء للحركه الوهابية. وأنها ارتبطت - والى حد كبير - بالأمير عبدالعزيز آل سعود. وبذل الامير عبدالعزيز ال سعود جهده للافاده من ابناء القبائل ، وعلى وجه الخصوص من اهل البادية. وكان يسعى للتوسع وتحقيق احلامه ببناء دوله مترامية الاطراف.

وكانت نظرة الأمير عبد العزيز آل سعود ثاقبة وبعيدة للأمور. إذ أراد الاستفادة من طاقات القبائل من أبناء البادية. وكانت من أبرز الأفكار التي طبقها بناء الهجر التي تعد إحدى مميزاته الفذة التي استغلها خير استغلال.
استمال الأمير عبدالعزيز آل سعود الحركة وكسب قياداتها. وكان يهدف من وراء ذلك إلى التوسع ومحاربة الأعداء أو المنافسين له وتطويعهم بما فيهم آل رشيد حكام حائل وبعض القبائل واستخدم الإخوان في فترة متأخرة للقضاء على نفوذ الشريف حسين بن علي في الحجاز، إلا أنه ضرب الحركة نفسها وأخضعها عندما انشقت عنه وتحدّت سلطته (۲۳) . وحركة الإخوان وإن كانت حركة دينية سلفية تهدف إلى العودة بالدين الإسلامي إلى جذوره الأولى إلا أنه قد شابها الكثير من الشوائب (٢٤). وكان الأمير عبد العزيز آل سعود غير راض عن الكثير من مواقف بعض الإخوان وتصرفاتهم، وخاصة الغلاة منهم تجاه غيرهم من المسلمين. وكان الغلو قد وصل إلى إطلاق الأحكام بالتكفير، وبالذات تجاه أبناء البادية. وكان التكفير في أمور لا تُعدّ من أصول الدين مثل: المأكل والملبس والمسكن (٢٥).
لذا دعا الأمير عبد العزيز آل سعود العلماء ورجال الدين للحذو حذوه للحد من غلو وتعصب بعض الإخوان وتصرفاتهم (٢٦). وقد اضطر الأمير في أحيان المجاراتهم لتحقيق ما كان يصبو إليه. وتطورت الأمور بحيث شكل الإخوان فيما بعد سيفا مصلتا ذا حدين تارة معه وتارة عليه. وتمرد بعض الإخوان على الأمير عبد العزيز وحسم الملك عبد العزيز آل سعود الأمور أخيرا لصالحه، وأخضع الإخوان لنفوذه في وقعة السبلة المشهورة ۱۹۲۹م وما تلاها (۳۷). ويمكن أن نضيف أن نجاح الملك عبد العزيز آل سعود جعله يتطلع للسيطرة على النواحي المختلفة، ومن ثم اكتمال توحيد الأجزاء تحت مسمى المملكة العربية السعودية في عام ۱۹۳۲م(۲۸). ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن عبد العزيز آل سعود أطلق عليه الكثير من الألقاب في التعاملات الرسمية قبل اتخاذه رسميا لقب سلطان نجد في عام ۱۹۲۱م منها: (الأمير) و(أمير الرياض) و (أمير (نجد) و (ابن سعود) و(الشيخ).

لقد استغل الأمير عبد العزيز آل سعود الدعم من مصادر مختلفة لصالحه
وصالح حكمه. ونجح في تثبيت أركان دولته. وهنا يكمن سر نجاح الأمير عبد العزيز آل سعود وأهمية شخصيته وحنكته ومهارته إن استغل الزمان والمكان بما يخدم مصالحه مِمّا جعله ينجح في توحيد الجزيرة العربية . لذا فلا عجب أن تدرّج في الحكم من أمير الرياض، إلى سلطان نجد ۱۹۲۱م، إلى سلطان نجد وملحقاتها ١٩٢٢م إلى ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاته ۱۹۲٦م، إلى ملك الحجاز ونجد وملحقاتها
۱۹۲۷م إلى أن أصبح ملكاً للمملكة العربية السعودية ۱۹۳۲م. وهنا علينا أن نعي
أن شخصية الأمير عبدالعزيز ومهارته جعلت البريطانيين يلتفتون إليه. كما أن الاهتمام البريطاني بطريق الهند عبر الخليج العربي والخطط البريطانية لإبعاد السيادة العثمانية عززت من مكانة الأمير عبد العزيز آل سعود، وجعلت الكثيرين يخشونه ويتطلعون إلى التعاون معه وكسب صداقته ووده.
لقد عرف عن الشيخ ضاري بأنه شديد المراس لا يتنازل أو يخضع لأحد. وكان يرى نفسه نداً للكثيرين من شيوخ القبائل والأمراء. وكان محاربا من الصحراء ويتنقل مع أبناء عمومته الأسلم حيث الكلأ والماء، ويرتادون في حلهم وترحلهم الكثير من موارد المياه الخاصة بهم، كما يستخدمون تلك التي تخضع لنفوذ قبائل وجماعات تربطهم بهم وشائج القربى والمصالح المشتركة. وكانت من بين أبرز موارد المياه التي يستفيد منها الأسلم أم رضمة والجليدة وعتيق وسماح وجليب البرازي والوقباء وغيرها. وشارك الشيخ ضاري في الكثير من المعارك، وسوف نتتبع أهمها، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي :
فيد والبكيرية :
أشار " فيلبي" في كتابه تاريخ نجد إلى أنّ قوات الأمير عبد العزيز آل سعود في عام ۱۹۰۷م أغارت على معسكر "طوالة شمر " في فيد" . ولم يُعطِ فيلبي تفصيلاً للمعركة، وإنما اكتفى بالقول بأنّ قوات الأمير عبد العزيز آل سعود انسحبت إلى البكيرية. كما لا يذكر فيلبي النتائج التي ترتبت على المعركة. ويمكن الإشارة إلى أن
تاريخ الغارة يدل على بداية تولي الشيخ ضاري مشيخة الأسلم(۲۹).
وقعة الجميمة 1910م:
سعود
تولى الأمير سعود بن عبدالعزيز آل رشيد الإمارة في حائل في أغسطس ۱۹۰۸م، وتولى الحكم تحت وصاية أخواله آل سبهان لكونه صغير السن. وترتب على هذا الأمر استقرار الأمور السياسية في حائل بعد المؤامرات الدامية التي عصفت بالأسرة الحاكمة. وتكمن أهمية تولي الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد في أنه خلق حالة من التوازن بين حائل والرياض، أي بين سعود آل رشيد أمير حائل وعبدالعزيز آل سعود أمير الرياض، ومن المفارقات أن الأمير عبد العزيز آل . زار الكويت في فبراير ۱۹۱۰م. واتفق مع شيوخ قبيلة عنزة، وبالذات ابن هذال شيخ العمارات وابن شعلان شيخ الرولة للعمل ضد آل رشيد في حائل. ووجد الأمير عبدالعزيز آل سعود ضالته في التحالف مع قبيلة عنزة التي تعد ذات ثقل قبلي في شمال شبه الجزيرة العربية. وقام زامل السبهان الوصي على حاكم حائل والذي يعد الحاكم الحقيقي من جانبه بعمل حلف مضاد مع شيخ المنتفق سعدون المنصور وكان هذا التحالف وراء وقعة الجميمة شرق رفحاء.
(۳۰)
نجح الأمير عبد العزيز آل سعود في الاستنجاد بقبيلة عنزة للضغط على سعود آل رشيد وتمكّن من كسبهم إلى جانبه وتقريب وجهات نظرهم. وتكمن أهمية هذا التحالف في أن الشيخ نوري بن هزاع الشعلان قد سبق له وأن وقع ميثاق سلام مع سعود آل رشيد فلا غرابة أن تتغير التحالفات، ولهذا أخذت الاعتداءات من قبائل عنزة تتكرر وبالذات من ابن هذال على جماعة من شمر واستولى نواف بن نوري الشعلان في عام ۱۹۰۹م على الجوف وسيطر عليه. وأثار هذا العمل غضب سعود آل رشيد. وكانت النتيجة الحتمية الواقعة بين شمر وعنزة والتي يطلق عليها واقعة الجميمة في فبراير ١٩١٠م.
كان الطرف الأول بقيادة الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد أمير حائل، والطرف المقابل تحالف قبائل عنزة: الشيخ فهد بن عبد المحسن بن هذال شيخ العمارات، والشيخ نوري بن شعلان شيخ الرولة الذي تصالح مع ولده الشيخ نواف وسانده)، ومعهم الشرارات وبنو صخر. شارك الشيخ ضاري في هذه المعركة المشهورة، وكانت مشاركته لكونه فارساً من فرسان قبيلتة شمر الذين صالوا وجالوا في ميدان المعركة. كما شارك بصفته شيخاً لجماعته الأسلم، وحمل رايتهم في المعركة. كان النصر في هذه المعركة من نصيب الأمير سعود آل رشيد. ويذكر أن وقوعها بالقرب من منازل الرولة جعل الخسائر لدى الرولة أكبر . ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن هذه المعركة لعبت دورها في تعزيز مكانة سعود آل رشيد في حائل(٣١). وقد كسبت شمر غنائم كثيرة من وراء هذه المعركة (۳۲).
معركة جراب ١٩١٥م
تقع جراب في شمال شرقي الزلفي. وتعد معركة جراب من المعارك الحاسمة التي وقعت في ١٣٣٣هـ الموافق ٢٣ يناير ١٩١٥م. وكان طرفا النزال: الأمير عبد العزيز آل سعود، ومعه عدد كبير من القبائل، وكان الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد أمير حائل ومعه قبيلته شمر والمؤيّدون له. وشارك الشيخ الفارس ضاري مشاركة فعالة في هذه المعركة، وكان دوره حاسماً في هذه المعركة كشيخ لجماعته، وفارس في المعركة، وحامل لراية الأسلم أحد أضلاع قبيلة شمر.
وقد أظهر الطرفان في هذه المعركة صنوفاً شتى من الشجاعة. وتشير روايات إلى انتصار شمر بهذه المعركة الحاسمة، وتقهقر الأمير عبد العزيز آل سعود ومن معه (۳۳). كما وتبرز شهرة هذه المعركة ليس فقط في مشاركة الشيخ ضاري وكسب شمر للمعركة، وإنما بقتل الكابتن وليم هنري شكسبير، الممثل السياسي البريطاني في الكويت (٣٤).
معركة الجوف ۱۹۱۹م :
وقعت معركة الجوف في عام ۱۹۱۹م في عهد الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد أمير حائل. وكان الطرف المقابل الشيخ نواف نوري الشعلان شيخ الرولة من عنزة، ومعهم الشيخ عودة أبو تاية وقبيلته الحويطات وشاركت معهم قبائل أخرى من أهل الجوف أغلبهم من البادية مثل الحوازم والشرارات وغيرهم. ويذكر أن منطقة الجوف كانت إحدى مناطق الصراع مابين آل رشيد أمراء حائل وابن شعلان شيخ الرولة من عنزة الذين يقطنون بادية الأراضي السورية الكائنة غربي الجوف. وكانت منطقة الجوف يسكنها مؤيدون وأتباع لكل من الطرفين يسيطرون عليها لفترة ويخسرونها لفترات وكان الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد تربطه والشيخ نواف الشعلان معاهدة صلح عقدت في عام ١٣٣٥ هـ ۱۹۱۷م، ولكنها نقضت بعد عام واحد لأسباب لا مجال لذكرها هنا (٣٥)

رشيد أمير حائل. وكان الطرف المقابل الشيخ نواف نوري الشعلان شيخ الرولة من عنزة، ومعهم الشيخ عودة أبو تاية وقبيلته الحويطات وشاركت معهم قبائل أخرى من أهل الجوف أغلبهم من البادية مثل الحوازم والشرارات وغيرهم. ويذكر أن منطقة الجوف كانت إحدى مناطق الصراع مابين آل رشيد أمراء حائل وابن شعلان شيخ الرولة من عنزة الذين يقطنون بادية الأراضي السورية الكائنة غربي الجوف. وكانت منطقة الجوف يسكنها مؤيدون وأتباع لكل من الطرفين يسيطرون عليها لفترة ويخسرونها لفترات وكان الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد تربطه والشيخ نواف الشعلان معاهدة صلح عقدت في عام ١٣٣٥ هـ ۱۹۱۷م، ولكنها نقضت بعد عام واحد لأسباب لا مجال لذكرها هنا (٣٥)
أراد الأمير سعود آل رشيد استغلال الفرصة، واندفع للتوسع في منطقة
عدد مع
الجوف والسيطرة عليه، إلا أنه أدرك الوضع الذي وجد نفسه فيه، فوجد أنه قليل من الأتباع وبحاجة إلى المناصرة بعد محاصرته ومن معه، مما دفعه إلى أن يرسل ابن عمه عبد الله بن طلال آل رشيد يستنجد ويستغيث برجال قبيلته شمر ويستنهض هممهم ولم يكتف ابن رشيد بذلك، بل أرسل إليهم قصيدة قالها شاعر نجد الكبير محمد العبد الله العوني على لسانه يدعو ويستنصر من خلالها شيوخ وفرسان شمر لتلبية نداء الأمير ومناصرته، ونجدته ضد تلك القبائل المجتمعة والمحاصرة لقوته. وكان من ضمن المناشدين الأسلم والشيخ ضاري الذي كان على خصام مع الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد (٣٦).
وتزخر قصائد العوني مثلها مثل غيرها من القصائد بأسماء شيوخ وفرسان شمر ورجالها من عبده وزوبع والأسلم ..المعدودين وبالفعل لبى شيوخ شمر وفرسانها هذه الاستغاثة وسارع لنجدته شيوخ وفرسان من نجد والعراق ومن ضمنهم الأسلم بقيادة الشيخ ضاري. وكان ضاري قد تناسى خصومته مع الأمير سعود بن عبد العزيز آل رشيد وهب لمساعدته. وهذا الأمر هو نفسه الذي أقدم عليه العديد من شيوخ شمر متناسين ما كان بينهم وأميرهم ولعبت النخوة والعزوة دورها، وتمكنت شمر من رفع الحصار عن أميرها، وهزيمة الشيخ نواف الشعلان
ومن معه من القبائل في هذه الموقعة الحاسمة (۳۷).
وقعة الجليدة ۱۹۱۹م
تعد الجليدة أحد موارد المياه التي يقطنها الجحيش من الأسلم. وكان معهم من أبناء عمومتهم من الأسلم الهمزان والوهب. وتمت الوقعة في العشر الأواخر من رمضان ١٣٣٩هـ أواخر ۱۹۱۹م. وينشغل الناس في الشهر الفضيل بالصيام والقيام وطاعة الرحمن وتاريخ الوقعة موثق من خلال الرواية الشفوية والشعر. وهناك بيت من الشعر لا أعرف قائله حيث يقول بألف وثلاثة أمية وتسع وثلاثين صباح ليلة القدر في شهر الإيمان". مما يعني بين ٢٨ إلى ٣٠ من شهر رمضان، وكان الإخوان كثيرا ما يغزون الحدود الشمالية ويعيثون فيها سلبا ونهبا، ووقعة الجليدة لا تخرج عن هذا السياق.
وكان على الإخوان المرور عبر الجليدة للوصول لهدفهم . وتشير روايات إلى أن فيصل الدويش شيخ قبيلة مطير أبرز قادة الإخوان استشار من معه قبل وصوله إلى الجليدة. وكان ضمن رجال الحملة شخصية معروفة من قبيلة شمر. وقيل له إن الذين
رشید
على الجليدة هم الجحيش وهم أهل بأس وشدة ونخوة. والجحيش خصهم آل بعطفه) تقديرا لأدوارهم البطولية المميزة في معارك شمر عبر التاريخ، وعُرفوا بأسماء كثيرة، مثل: أهل "اللحيسة "و "أهل "الحميا" وأهل "الجوار" وآل بعير، وخيالة الشعبة، وحماية التالي، وغيرها من التسميات التي تدل على الشجاعة والنخوة والكرم. وقيل لفيصل الدويش إن تجاوزت الجحيش، وعرفوا بأمرك فسوف يلحقون بك، ويقضون عليك ومن معك، وطُرح عليه من قبل مرافقيه إما العودة من حيث أتوا أو الإغارة على الجحيش. وكان الهجوم يعني استغلال مناسبة العشر الأواخر من رمضان لشن العدوان. وحدث ما لم يتوقعه الجحيش من غدر الإخوان إذ اختار فيصل الدويش ومن معه من الإخوان الهجوم بينما كان بعض الناس نائمين والبعض الآخر يصلون صلاة القيام بعيداً عن خيلهم وسلاحهم. وكانت النتيجة وقعة الجليدة المعروفة.

واستبسل رجال الجحيش ومن معهم من الهمزان والوهب في الدفاع، وسطروا ملاحم من البطولة لازالت عالقة في الأذهان، مع أنهم لم يعدوا للأمر عدته (۳۸).
وقد سمعت من جدي الذي كان أحد الناجين من هذه المذبحة المرعبة أن إحدى النساء من الجحيش كانت تسير أميالا عدة لجلب الماء للمصابين، وتروي الشاعرة نزيلة بنت فريحان الوريكي شاهدة العيان على ما حدث في مذبحة الجليدة، وطالبت في قصيدتها الشيخ ضاري الثار ممن قتل أهلها وأبناء عمومتها. وتمكن الإخوان من قتل عدد كبير من الذين كانوا على مورد مياه الجليدة وجلهم من الجحيش من الأسلم. وتختلف الروايات حول عدد قتلى المذبحة، فمنهم من يشير إلى أنهم تسعون رجلاً حسب قول الشاعرة نزيلة الوريكية من الجحيش في قصيدتها المشهورة ويذهب آخرون إلى أن القتلى بحدود ٤١٠ أشخاص، وأن التسعين من الوريك من الجحيش من الأسلم فقط. وقد أبلغني من أثق بكلامهم (أحدهم قتل جده وأصيب والده في الوقعة أن الجليدة موقع صغير، ويرجحون أن عدد القتلى تسعون وقد عاث الإخوان كعادتهم في أغلب غزواتهم قتلا ونهبا وإحراقا للبيوت (۳۹).
لقد شن الإخوان وغيرهم الكثير من الغزوات والمعارك ضد شمر. واقتضت طبيعة الدراسة أن أدون الأحداث والمعارك التي لها علاقة بالشيخ ضاري دون سواه (٤٠).