لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

خطبة بعنوان: ظاهرة الإشاعات الكاذبة
وهي خطبة بالمناسبة لعلها تكون مناسبة لمن أحب أن يستأنس بها، فينقحها من أخطائي ليلقحها بأفكاره بشرطين:
2 غض البصر -بعد الإصلاح- عما فيها من العيب. ودعواتكم رأس مالي ورصيد اعتمادي
الحمد لله عالم السر والنجوى، وهو سبحانه المؤمَّل لكشف شائعة كل فتنة وبلوى، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الذي بلَّغ الرسالة فما ضل وما غوى، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}، وعلى أصحابه الذين بلغوا في حفظ اللسان الغاية القصوى، إلى يوم يكون فيه مصير المؤمن جنة المأوى، قد كان من عادتي من فوق هذا المنبر المبارك منذ ثلاثين سنة أن أقدم لكم في كل شهر خطبة مناسبة له من سيرة الرسولﷺ؛ نستطلع أسرارها، والترجمة العملية لتعاليم الإسلام. دعونا اليوم في إطار توظيف السيرة النبوية في عملية الإصلاح نطل بكم من خلال هذا الشهر، عبر شهر أبريل المعروف بكذبته المنتشرة، وعبر شهر شعبان المعروف بكذبة الإفك المشهورة، التي وقعت في غزوة بني المصطلق من السنة السادسة من الهجرة، وغزوة بني المصطلق تسمى أيضا بغزوة المريسع؛ وهو قريب من ساحل البحر الأحمر بـ80 كيلو مترا، شرقي مدينة "ينبع" اليوم، وسببها أن النبيﷺ بلغه إشاعة مفادها: أن رئيس هذه القبيلة جمع الجموع لمحاربة الرسولﷺ، بل إنهﷺ يتخذ المبادرة والحيطة والحذر، فيهاجم قبل أن يهاجم، وهو الذي نزل عليه قوله سبحانه: {خُذُوا حِذْرَكُمْ}؛ عسكريا واقتصاديا وأخلاقيا وعلميا وإعلاميا. والحبل على الجرار كما يقال، ولم تستطع حتى التفكير في رد الاعتبار. لقد نجحت هذه الغزوة في مهمتها، وقد كانوا قبل ذلك يعدون العدة لمحاربته ومهاجمته في المدينة، فاكتسبﷺ لجانبه قبيلة من قبائل العرب لها وزنها وقيمتها، وضرر المنافقين الأدعياء أشد خطرا من الكافرين الأعداء؛ والأمة المسلمة اليوم تعاني في كثير من المجالات من أولئك الأدعياء أكثر مما تعاني من هؤلاء الأعداء؛ بل الأدعياء من داخل الأمة ليسوا إلا آلة في يد الأعداء خارجها، ينفذون بخطواتهم المشوهة مخططات الأعداء المشبوهة، ويختار الوقت المناسب لنشر الأشرار، ويعرف متى يضرب ضربته القاسية، وغالبا ما تكون ضربة قاضية؛ واستغاث المهاجر فقال: ياللمهاجرين؛ فقال رئيسهم: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاعَزُّ مِنْهَا الاذَلَّ}، نعم يا حبيبي يا رسول الله؛ صلى الله عليك وسلم إنها منتنة ما تشتت أمتك اليوم إلا بها؛ الحدث الثاني: وهو من أخطر الشائعات ضررا وأشدها وقاحة المسمى حادثة الإفك، تلك الشائعة التي طعنت في عرض رسول اللهﷺ، والتي هزت بيت النبوة شهراً كاملاً، عليهم من الله ما يستحقون من اللعنة السوداء، {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}. أيها الإخوة المؤمنون؛ لأنها تطير على ألسنة شياطين الإنس والجن، وأثرها عليه خطير؛ ونشرت الأمراض، ودمرت الدول والشعوب، من يتعاطاها هم شرار الناس، ينشرون في المجتمع بسمومهم البؤس والبأس، والخوف واليأس، أو في المنتديات والمواقع الاجتماعية، والشائعات من أخطر الحروب المعنوية، والأوبئة النفسية، لها خطورتها البالغة على المجتمعات البشرية، والمتتبع للتأريخ الإنساني يجد أن الشائعات وُجدت حيث وُجد الإنسان، والانتماء الحضاري؛ ففي قصص الأنبياء عليهم السلام نجد أن كل واحد منهم قد أثير حوله الكثير من الإشاعات من قبل أعدائه؛ فنوح عليه السلام أشاع عنه الكفار: {إنا لنراك في ضلال مبين}، فملأت سماء مصر وسمم أجواءها كما قال الله تعالى: {إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون}؛ وكأن التاريخ اليوم يعيد نفسه في إعلام الفراعنة الجدد. ومن أجل مفاسد الشائعات فإن الإسلام قد اتخذ الموقف الحازم منها، وشرع عقوبات زاجرة ضد أصحابها، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} فاعتبرهم فساقا لا يستحقون التصديق فقال سبحانه: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ ِبنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَـٰدِمِينَ}، وجزاؤهم العذاب الأليم ليس في الدنيا فقط؛ بل حتى في الآخرة أيضا يقول عز وجل: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَـٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ}، ومنع المسلم أن يتكلم بكل شيء يسمعه؛ الباغون للبرآء العنت»؛ أي: الطالبون للأبرياء المشقة والفساد. وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين، الحمد لله رب العالمين…
أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون؛ وأصبح لها من يتقن ترويجها وتوظيفها، ويعرف متى ينشرها، وفي أي وقت يضرب بها ضربته الجبانة، هذه الحادثة التي رسمت لنا منهجاً يجب أن نتعامل على أساسه مع أية إشاعة إلى قيام الساعة. فإذا ما سمعت -أخي المسلم- بشائعات تتنشر بين الناس؛ أو قرأتها في مجلة أو جريدة، أو سمعتها في تلفزة أو إذاعة، أو جاءتك عبر المواقع الاجتماعية في الشبكة، فالقرآن الكريم يعلمك كيف تحاصرها بهذه الخطوات الأربعة حتى نتقي شرها ونكشف سرها:
قال الله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ}. الخطوة الثانية: أن تطالب من أخبرك بها بالدليل والحجة والبرهان على صحتها؛ قال الله تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ الله هُمُ الْكَاذِبُونَ}. الخطوة الثالثة: أن لا تتحدث بها لمجرد التلذذ، ولا تنشره لمجرد التشهي، فلو أننا أهملنا أية إشاعة لماتت في مهدها؛


النص الأصلي

خطبة بعنوان: ظاهرة الإشاعات الكاذبة
بين حادثة الإفك المشهورة في شهر شعبان والكذبة المنتشرة في شهر أبريل
(في إطار توظيف السيرة النبوية في عملية الإصلاح)
وهي خطبة بالمناسبة لعلها تكون مناسبة لمن أحب أن يستأنس بها، أو يختصرها، أو يقتصر على بعضها، أو يوظفها بعد أن ينظفها، فينقحها من أخطائي ليلقحها بأفكاره بشرطين:



  1. الدعاء لي -بعد الإخلاص- عن ظهر الغيب.
    (2 غض البصر -بعد الإصلاح- عما فيها من العيب.
    ودعواتكم رأس مالي ورصيد اعتمادي
    6 شعبان 1440هـ 12 / 4 / 2019م.
    عبد الله بنطاهر


الحمد لله عالم السر والنجوى، وهو سبحانه المؤمَّل لكشف شائعة كل فتنة وبلوى، والمرجو لرفع ضائقة كل شدة ولأوى، وأشهد أن لا إله إلا الله تُرفع إليه الأيادي بالشكوى، فيستجيب بالنفع والجدوى، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الذي بلَّغ الرسالة فما ضل وما غوى، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}، صلى الله وسلم عليه وعلى آله المحققين للعدل والتقوى، وعلى أصحابه الذين بلغوا في حفظ اللسان الغاية القصوى، وعلى التابعين لهم في استجابة النداء وتلبية الدعوى، إلى يوم يكون فيه مصير المؤمن جنة المأوى، والكافر غثاء أحوى...


أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون؛ أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته.
قد كان من عادتي من فوق هذا المنبر المبارك منذ ثلاثين سنة أن أقدم لكم في كل شهر خطبة مناسبة له من سيرة الرسولﷺ؛ نستطلع أسرارها، نستكشف مكامنها؛ لأنها التطبيق المثالي للقرآن، والترجمة العملية لتعاليم الإسلام.
دعونا اليوم في إطار توظيف السيرة النبوية في عملية الإصلاح نطل بكم من خلال هذا الشهر، بتاريخيه الهجري والميلادي، عبر شهر أبريل المعروف بكذبته المنتشرة، وعبر شهر شعبان المعروف بكذبة الإفك المشهورة، التي وقعت في غزوة بني المصطلق من السنة السادسة من الهجرة، ضد أطهر خلق الله تعالى أمنا عائشة رضي الله عنها.
وغزوة بني المصطلق تسمى أيضا بغزوة المريسع؛ والغزوة: هي المعركة التي قادها النبيﷺ بنفسه، وبنو المصطلق: اسم قبيلة من قبائل العرب، والمريسع: اسم المكان الذي وقعت فيه هذه المعركة، وهو قريب من ساحل البحر الأحمر بـ80 كيلو مترا، شرقي مدينة "ينبع" اليوم، وسببها أن النبيﷺ بلغه إشاعة مفادها: أن رئيس هذه القبيلة جمع الجموع لمحاربة الرسولﷺ، ولم يكنﷺ ليصدق الإشاعات دون التأكد، ولم يكن ليعتدي على أحد لمجرد القيل والقال، فأرسلﷺ قائد مخابراته الصحابي الجليل بريدة بن الخصيب ليتأكد من الخبر، فرجع إليه بالخبر اليقين، وأن ما بلغه فعلا صحيح، والنبيﷺ لم يكن أيضا يتغافل حتى يباغثه عدوه في عقر داره، كما هو حال الأمة اليوم؛ بل إنهﷺ يتخذ المبادرة والحيطة والحذر، فيهاجم قبل أن يهاجم، وهو الذي نزل عليه قوله سبحانه: {خُذُوا حِذْرَكُمْ}؛ وليسﷺ كما هو حالة الأمة اليوم حيث اكتسحها العدو بالهجوم على جميع المستويات، عسكريا واقتصاديا وأخلاقيا وعلميا وإعلاميا...، والحبل على الجرار كما يقال، ولم تستطع حتى التفكير في رد الاعتبار.
لقد نجحت هذه الغزوة في مهمتها، فكانت سببا في دخول قبيلة المصطلق إلى الإسلام بعد أن علموا بصدقه واكتشفوا روعته، وقد كانوا قبل ذلك يعدون العدة لمحاربته ومهاجمته في المدينة، فاكتسبﷺ لجانبه قبيلة من قبائل العرب لها وزنها وقيمتها، وقد تميزت هذه الغزوة بالمشاركة المكثفة من المنافقين الذين يُسِرُّون في باطنهم مقتضيات الكفر، ويَسِيرون في ظاهرهم حسب مقتضيات الإسلام، وضرر المنافقين الأدعياء أشد خطرا من الكافرين الأعداء؛ والأمة المسلمة اليوم تعاني في كثير من المجالات من أولئك الأدعياء أكثر مما تعاني من هؤلاء الأعداء؛ بل الأدعياء من داخل الأمة ليسوا إلا آلة في يد الأعداء خارجها، ينفذون بخطواتهم المشوهة مخططات الأعداء المشبوهة، ويأتمرون في مؤتمراتهم بمآمرات الأعداء؛ والمنافق الذي معك في المنزل يعرف مكنون الأسرار، ويختار الوقت المناسب لنشر الأشرار، ويعرف متى يضرب ضربته القاسية، وغالبا ما تكون ضربة قاضية؛ وهذا ما حدث تماما في هذه الغزوة، حيث تحرك فيها المنافقون حين وجدوا الفرصة مواتية في أمرين:
الحدث الأول: حيث استغلوا نزاعا بسيطا كان بين مهاجري وأنصاري على ماء، كاد المنافقون يشعلون بها حربا بين الأنصار والمهاجرين، حين استنجد الأنصار فقال: ياللأنصار؛ واستغاث المهاجر فقال: ياللمهاجرين؛ فوجد المنافقون في هذا الخصام الذي حدث فرصة لنفث السموم، وتعميق الجروح، فقال رئيسهم: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاعَزُّ مِنْهَا الاذَلَّ}، فعالج النبيﷺ المشكل على جناح السرعة قبل أن يستفحل فقال: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، دعوها فإنها منتنة»، نعم يا حبيبي يا رسول الله؛ صلى الله عليك وسلم إنها منتنة ما تشتت أمتك اليوم إلا بها؛ كل يغني لليلاه المخترعة على حساب وحدة الأمة.
الحدث الثاني: وهو من أخطر الشائعات ضررا وأشدها وقاحة المسمى حادثة الإفك، تلك الشائعة التي طعنت في عرض رسول اللهﷺ، والتي هزت بيت النبوة شهراً كاملاً، هذه الشائعة التي كلفت أطهر النفوس في تاريخ البشرية كلها آلاماً لا تطاق، وعلقت قلب رسول اللهﷺ بحبال الشك والألم والقلق، هذه الإشاعة التي تلقفها اليوم في إعلامهم خبثاء الشيعة وغلاة الإشاعة وأبناء المتعة، فتولى منهم أصحاب العمائم السوداء -وقلوبهم أشد- كبرها وإثمها، عليهم من الله ما يستحقون من اللعنة السوداء، {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}.
أيها الإخوة المؤمنون؛ إن الإشاعات في كثير من الأحيان تسبق الحقائق؛ لأنها تطير على ألسنة شياطين الإنس والجن، واستدعاء عملية الإصلاح في عنوان الخطبة: "في إطار توظيف السيرة النبوية في عملية الإصلاح" يدل على أن هنا فسادا مستشريا في المجتمع، مطلوبا علاجه بمصحة السيرة النبوية؛ ومن هذا الفساد نشر الإشاعات الكاذبة؛ فخطرها على المجتمع كبير، وأثرها عليه خطير؛ فقد هتكت الأعراض، وشتت الأغراض، ونشرت الأمراض، وخربت الأسر والعائلات، ودمرت الدول والشعوب، من يتعاطاها هم شرار الناس، ينشرون في المجتمع بسمومهم البؤس والبأس، والخوف واليأس، عندما يسمع أحدهم خبراً يسرع بنشره بين الناس؛ سواء في المجالس والوقائع المجتمعية، أو في المنتديات والمواقع الاجتماعية، فينتقل الخبر بسرعة الريح، وكم من شخص سيزيد فيه وجهة نظره ولو كانت زائفة فاسدة؟ وكم من ناقل سيغتاب به؟ وكم من نمام قصده خبيث سيشارك في تحريكه ونشره، وينقر على الإعجاب به؟ وكل ذلك ذنب عظيم؛ والله تعالى يقول: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}.
والشائعات من أخطر الحروب المعنوية، والأوبئة النفسية، ومن أشد الأسلحة تدميراً، وأعظمها تأثيراً؛ بل هي ظاهرة اجتماعية عالمية، لها خطورتها البالغة على المجتمعات البشرية، والمتتبع للتأريخ الإنساني يجد أن الشائعات وُجدت حيث وُجد الإنسان، ومنذ فجر التأريخ والشائعة تمثّل مصدر قلقٍ وسبب تشويش في البناء الاجتماعي، والانتماء الحضاري؛ ففي قصص الأنبياء عليهم السلام نجد أن كل واحد منهم قد أثير حوله الكثير من الإشاعات من قبل أعدائه؛ فنوح عليه السلام أشاع عنه الكفار: {إنا لنراك في ضلال مبين}، {وقالوا مجنون وازدجر}، وهود أشاعوا عنه: {إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين}، وموسى عليه السلام أشاع عنه إعلام الفراعنة إشاعات مفادها: أن موسى عليه السلام إنما أراد من خلال عودته ودعوته السيطرة على الحكم والسلطة، فملأت سماء مصر وسمم أجواءها كما قال الله تعالى: {إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون}؛ وكأن التاريخ اليوم يعيد نفسه في إعلام الفراعنة الجدد.
ومن أجل مفاسد الشائعات فإن الإسلام قد اتخذ الموقف الحازم منها، وشرع عقوبات زاجرة ضد أصحابها، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} فاعتبرهم فساقا لا يستحقون التصديق فقال سبحانه: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ ِبنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَـٰدِمِينَ}، وجزاؤهم العذاب الأليم ليس في الدنيا فقط؛ بل حتى في الآخرة أيضا يقول عز وجل: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَـٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ}، ومنع المسلم أن يتكلم بكل شيء يسمعه؛ فقال رسول اللهﷺ: «كفى بالمرء كذباً (أو إثماً) أن يحدث بكل ما سمع»، وقالﷺ: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة»، وقالﷺ: «ألا أخبركم بشراركم؟! قالوا: بلى يا رسول الله، قال: المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت»؛ أي: الطالبون للأبرياء المشقة والفساد...
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين، والحمد لله رب العالمين…


الحمد لله رب العالمين…
أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون؛ إننا نعيش في زمن كثرت فيه الإشاعات، وأصبح لها من يتقن ترويجها وتوظيفها، ويعرف متى ينشرها، وفي أي وقت يضرب بها ضربته الجبانة، وحتى ننجح في مواجهتها لابد أن تكون عندنا حصانة ضدها، وهذه الحصانة تتمثل في خطوات مستنبطة من حادثة الإفك في القرآن الكريم، هذه الحادثة التي رسمت لنا منهجاً يجب أن نتعامل على أساسه مع أية إشاعة إلى قيام الساعة.
فإذا ما سمعت -أخي المسلم- بشائعات تتنشر بين الناس؛ سواء سمعتها في مجلس عام أو خاص، أو قرأتها في مجلة أو جريدة، أو سمعتها في تلفزة أو إذاعة، أو جاءتك عبر المواقع الاجتماعية في الشبكة، فالقرآن الكريم يعلمك كيف تحاصرها بهذه الخطوات الأربعة حتى نتقي شرها ونكشف سرها:
الخطوة الأولى: أن تقدم حسن الظن بأخيك المسلم الذي جاءت الإشاعة ضده، قال الله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ}.
الخطوة الثانية: أن تطالب من أخبرك بها بالدليل والحجة والبرهان على صحتها؛ قال الله تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ الله هُمُ الْكَاذِبُونَ}.
الخطوة الثالثة: أن لا تتحدث بها لمجرد التلذذ، ولا تنشره لمجرد التشهي، فلو أننا أهملنا أية إشاعة لماتت في مهدها؛ قال الله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}.
الخطوة الرابعة: أن ترد الأمر إلى أصحابه ليعاجلوا بمعالجته، وخصوصا إن كان يهم الأمة أو يتعلق بالأمن العام؛ سواء كان أمنا اجتماعيا أو أمنا روحيا؛ قال الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}.
ألا فاتقوا الله عباد الله وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول اللهﷺ…


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

حثّ القرآن الكر...

حثّ القرآن الكريم المسلم على حماية البيئة والمحافظة عليها، وعدّ الإسلام ذلك واجبٌ دينيٌ، وأمر الله -...

القدس زهرة المد...

القدس زهرة المدائن مدينة السلام عربية الهوية منذ أكثر من ستين قرن بناها العرب اليبوسيون في الألف الر...

How to Build a ...

How to Build a Successful AI Strategy for Your Business in 2024 Artificial intelligence has become a...

In 1813, Thomas...

In 1813, Thomas Jefferson wrote in a letter: "The new circumstances under which we are placed call f...

يحمي الدولة من ...

يحمي الدولة من سائر الجرائم التي تمثل اعتداء عليها، سواء كان هذا من الداخل أو من الخارج و يحمي المجت...

أول مشكلة تواجه...

أول مشكلة تواجه أي طالب أو باحث وهو بصدد التفكير في إعداد مذكرة التخرج سواء على مستوى الماستر أو ال...

الاستفاده من صق...

الاستفاده من صقليه من مظاهر الحضاره الاسلاميه فقد بنى فيها المسلمون المساجد والقصور والحمامات والمست...

جلس اسامي وحيدا...

جلس اسامي وحيدا يشعر بالملل فقال لعبت بالعاب كلها ولم اعد اشعر الا بهذا الملل المزعج امي اريد حلاً. ...

ABSTRACT Teena...

ABSTRACT Teenagers have the concept of an ideal body image by interacting with the social environme...

Exploring Words...

Exploring Words and Phrases Basic Searches and Exploring Frequencies Corpora can be searched for par...

**أنشطة ما قبل ...

**أنشطة ما قبل انطلاق المباراة:** يوضح هذا القسم الخطوات الأولية التي تم اتخاذها قبل البدء رسميً...

University of B...

University of Blida 2 Faculty of Law and Political Science Department of Political Science Lesson...