لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (100%)

حوت الكبريت هو أكبر حيوان عاش على الأرض أو في مياهها ، وحتي أكبر حيوانات الديناصور التي عاشت على شواطئ البحيرات الداخلية منذ أكثر من مائة مليون سنة لا تضارع حوت الكبريت طولا أو وزنة ، كما أن الحيتان الأخرى تبدو إلى جانبه أقزامة ، وأطول حوت من هذا النوع أخذت مقاییسه كان طوله يزيد على ثلاثة وثلاثين مترا ، وربما كان هناك ما هو أطول من ذلك . ومن العسير أن نتصور مدى ضخامة الحيتان ، ولم أتحقق منها إلا بعد أن وقفت إلى جوار أحدها ونظرت إلى الوحش الضخم في رعب ، فقد بدا وكأنه جبل من اللحم والدم . وفي سنة ۱۹۹۷–۱۹۶۸ ذهب الضابط ولدن وینستون Waldon C Winston مع الأسطول الياباني لصيد الحيتان إلى المناطق القطبية الجنوبية ، وكانت مهمته أن يتأكد من مراعاة القوانين الدولية لصيد الحيتان ، وفي هذه الرحلة وزنوا حوتاً من نوع الكبريت ، فقد كانوا في حاجة إلى حوت كبير - ولحسن حظهم اصطادوا أني طولها حوالي سبعة وعشرين مترة ، وإناث الحيتان ذوات الزعنفة أكبر من الذكور دائما ، وقد كانت هذه الأني عملاقة حقا : ورفعت أنثى الحوت على منزلق في مؤخرة المصنع العائم ؛ وأنثى الحوت ملقاة على جانبها ، وقد كانت هذه العملية مثل تسلق تل من التلال ؛ إذ كان محيط الجسم حوالى عشرة أمتار ونصف متر ، وكان مقیاس زعنفتي الذيل ستة أمتار من الطرف إلى الطرف الآخر، كما أن الزوائد الأمامية كان طول كل منها ثلاثة أمتار ، وكان طول الفك الأسفل حوالي سبعة أمتار . وقد وزنت أني الحوت هذه على دفعات ، أي ما يزيد على 150 طنا، برغم أنها لم تكن سمينة ، وكان وزن اللسان الضخم ۲۶۹۹ كيلوجراما، ووزن الكبد۸۸۹ كيلوجراما . أما القلب فقد أمال قب الميزان عند وزن 4۲۰ كيلو جراما . وقد احتاج تقطيع أنثى الحوت هذه ووزنها جزء جزءا على الرغم من استخدام أحدث الآلات والطرق إلى ثمانين رجلا ليعملوا ثلاث ساعات و 45 دقيقة . فقد كان أكبر حوت وزن . وقد أكل اليابانيون اللحم وأجزاء أخرى متعددة من الحوت ، وبذلك يكون الحوت أكثر قيمة عندهم منه عند الذين يستخدمونه لاستخراج الزيت واستخدام اللحم والعظام للتسميد، وقد درت أنثي الحوت هذه الذي طولها سبعة وعشرون مترا (۲۷۹۰۰ دولار) للشركة اليابانية ، وكانت قيمة الزيت ۹۹۰۰ دولار ، وقيمة اللحم الأحمر المملح والمجمد ۱۸۰۰۰ دولار . وبالإضافة إلى أن حوت الكبريت هو أكبر الحيتان فهو من أجملها ؛ فجسمه الطويل الرمادي منقط ببقع فاتحة ، والرأس رمادی تماما وأدكن قليلا من الجوانب والظهر، وتوجد بعض بقع بيضاء صافية على البطن والأطراف الأمامية رمادية من أعلى وبيضاء من أسفل . أما الذيل فهو رمادي من أعلى ، ولكن السطح السفلى مخطط بخطوط دقيقة رمادية وفاتحة من الأمام إلى الخلف . أما لماذا سمي هذا الحوت بحوت الكبريت فهذا ما لا علم لي به ، ويسميه النرويجيون الحوت الأزرق ، فهو يبدو في الماء من مسافة كما لو كان الحسم قد طلى باللون الأزرق . ولكن الاسم «حوت الكبريت » أصبح ثابتة ، ولابد أن نستمر في تسميته كذلك . ولحوت الكبريت عينان بنیتان لا تزيدان على ضعف أعين البقرة . وقد يظهر على أعلى الرأس ۲۰ أو ۲۰ شعرة ، ولكن بعض الحيتان ليس بها شعر إطلاقا وتبدو صلعاء تماما ، والشعر قصير وهش ، وتنمو كل واحدة من حفرة صغيرة . وهذه بطبيعة الحال بقايا غطاء الشعر الذي كان يغطى جسم الحوت عندما كانت أجداده تعيش على الأرض . ويندر أن تعيش أصداف الحشف على جسم حوت الكبريت بعكس الأحدب ؛ فالجلد نظيف وجاف وناعم . وفي بعض الحالات تكون نهايات الأطراف الأمامية مقضومة وتظهر عليها آثار أسنان . وهذه فيها أفترض من عمل الحوت ( السفاح) - وهو حوت متوحش له أسنان - ومن المحتمل أن يفعل القرش نفس الشيء، . وثنايا الزور والصدر والبطن أكثر في حوت الكبريت منها في أي حوت آخر ، وهي تتراوح في العدد بین ۸۰ و ۱۰۰ ، وهذه الثنايا الأكورديونية تسمح بتمدد الزور في أثناء التغذية عندما يأخذ الحوت ملء فيه من الماء ، كما أن الرئتين الكبيرتين يمكن أن تمتلئا إلى آخر طاقاتهما . ولی شغف خاص بحوت الكبريت ، لأنه هو الذي مهد إلى الطريق في مهني لمن مع الحيتان ؛ وكان طول ذلك الحوت حوالى ۲۳ مترة، وقد حملق فيه بدهشة ملايين من زوار المتحف ، وتستطيع أن تتصور مقدار انفعالى عندما رأيت أول حوت كبريت ، كان الضباب كثيفة ولا نستطيع أن نرى إلى مسافة أكثر من ستة أمتار، و بقيت السفينة ساكنة والمحركات متوقفة ، وكانت الحيتان تزفر من حولنا ، جيتان حدباء ، وحيتان ذوات زعنفة ظهرية ، وحيتان كبريت ، كانت جميعها تتغذى بالقرب منا، ووقفت على جسر «كوبرى » السفينة مع القبطان ، وفجأة سمعنا صوت زفير خشن ، قال الكابتن جراهام : « هذا حوت أحدب ». فصاح القبطان : « حوت ذو زعنفة ظهرية بكل تأكيد ». و بعد قليل مزق الضباب زئير مخيف كالصفير ، فقال القبطان « هذا حوت كبريت كبير » . وقد كان على صواب ؛ إذ عندما انقشع الضباب وقعت أعيننا على صورة مدهشة ، كان عدد كبير من الحيتان يتحرك على صفحة الماء الهادئة ويدفع نافوراته إلى أعلى، وكانت الحيتان تتغذى ، وعند إقفال أفواهها كانت تندفع مجار من الماء إلى الخارج من بين صفائح البالين ، وظهر ثلاثة حيتان من نوع الكبريت كعمالقة بين الحيتان ذوات الزعنفة الظهرية والحدباء ، وفحصها الكابتن جراهام بدقة باستخدام منظاره المقرب، وأشار إلى حوت إلى اليسار على بعد أقل من 400 متر ، قال : « هذا حوت هائل ويبلغ طوله أربعة وعشرين مترة على الأقل وأنا أريده . وكانت الحيتان منهمكة في تناول طعام فطورها، فلم تلق أي بال إلى السفينة ، واقتربت السفينة من الحيتان بمحركاتها في نصف سرعتها، وقد بدا الحوت كجبل رمادي ، وقبل أن يطلق الصياد المدفع شاهدت فيه يفتح ثم يقفل ، وأصابت القذيفة تحت طرفه الأمام، وغاص أكبر حيوان عاش على الأرض أو في مياهها دون مقاومة. واختبرت هذا الحوت في المحطة بشغف كبير ؛ كان طول هذا الحوت أكثر من خمسة وعشرين متر ونصف متر . وأكثر شيء أثر في كان حجمه الهائل . لقد خلقت الطبيعة جسما ضخمة . ولكل صیاد من صيادي الحيتان قصص يرويها لبيان قوة وجبروت هذا العملاق العجيب ، وبعض هذه القصص لا يكاد يصدقها العقل ، ولكني رأيت أمثلة منها بنفسي ، وهذه قصة أنا متأكد من صدقها : أصيب حوت من نوع الكبريت بوساطة سفينة تسمى: « بوما » (Puma) عند ساحل نیوفوندلاند ، ففي الساعة التاسعة صباحا أصابت القذيفة الحوت بين كتفيه ، ولكن القنبلة لم تنفجر ، وأمسكت خطافات الرمح في الطبقة الدهنية ، فلم يصب الحوت بضرر، وكان يستطيع أن يجر بكل قوته . وظل الحرت يجر السفينة طوال اليوم، على حين كانت محركاتها تدور بنصف سرعتها إلى الخلف، وبرغم هذه القوة من جانب المحركات ظل الحوت يسحب السفينة إلى الأمام بسرعة أكثر من 11 کیلومتر في الساعة . وانقضى الليل والحوت لا يزال يجر المركب ، كما كان عليه أن يتحمل وزن حبل ثقيل طوله ثلاثة كيلومترات. وفي الساعة التاسعة من صباح اليوم التالى بدا الحوت في غاية النشاط ، وفي الساعة العاشرة بدأت قواه في الانهيار ، و بعد ساعة استلقي العملاق الضخم منهكا على السطح ، فقد استمر في معركة عظيمة لمدة 48 ساعة . وذات مرة أصاب صديقي الكابتن میلسوم حوت كبير على شواطىء سيبيريا ، فسحب ما يقرب من كيلو متر ونصف كيلو متر من الحبال ، وسحب المركب إلى الأمام حين كانت محركاتها تدور بكل قوما لتدفعها إلى الخلف ، ولم تكن السرعة في أي وقت من الأوقات أقل من ستة عشر كيلومترا في الساعة . وفي كل حالة سحب فيها الحوت سفينة يكون الرمح مدفونة في مقدمة الجسم. أما إذا أصيب الحوت قريبة من الذيل فإنه لا يستطيع الحر ؛ إذ يتسبب شد الحبل في استقامة الجسم فيسبح الحيوان بصعوبة . و يعطى حوت الكبريت الشعور بالضخامة الهائلة في الماء ، كما يعطي نفس الشعور عند جره على الأرض . فعندما يسبح بالقرب من حيتان أخرى يجعلها تبدو أقزامة ، وحركته رزينة وتعطي الإحساس بالوقار : | كثير من حيتان الكبريت طولها خمسة وعشرون متر ونصف متر : ولا يلعب حوت الكبريت كما يلعب الأحدب الذي يقفز خارج الماء أو يقف على رأسه ، كما أنه لا يدور حول نفسه مرات لشعوره بالسعادة لأنه حوت يعيش في محيط منتوح . فهو يبدو وكأنه يأخذ ميزته كأكبر حيوان عاش حتى الآن مأخذ الجد . وكباقي الحيتان الزعنفية يخرج حوت الكبريت إلى السطح مائلا ، وعندما تبدو قمة رأسه يدفع بالزفير فيندفع البخار في الهواء کالبركان ويصوت انفجار له صفير . ويرتفع البخاربين ستة أمتار وسبعة أمتار ونصف متر في عمود رفيع ولكنه كثيف ، وهو ليس كروية ومتفرعة كما في حالة الحوت الأحدب ، ويتوقف ارتفاعه على المدة التي مكنها الحوت تحت سطح الماء . فينزل الرأس أولا ويبدأ الجسم في الدوران ، ولكن ليس في الدرجة نصف الدائرية التي يصنعها جسم الحوت الأحدب ، ويرتفع الجسم إلى أعلى رويدا رويدا حتى تبدو الزعنفة الظهرية ثم يختفى بطيئة عن الأنظار ، وهو طول يعادل طول سيارة نقل وثلاث سيارات ونصف سيارة ركوب تقريبا الأوقات خارج الماء ، فليس هذا من شيمة الوقار التي يتصف بها هذا الحيوان العجيب . ويعطى الغوص شعورا بالقوة الجبارة . ويتغذى حوت الكبريت كغيره من الحيتان ذوات الزعنفة على الحيوانات القشرية التي تشبه «الجمبرى» وتسمى بوفازيا (Euphasia) فيفتح الحوت فيه الضخم ويأخذ كمية كبيرة من «الجمبرى » ثم ينقلب على جنبه مقفلا فكيه ، فيندفع الماء إلى الخارج في مجار من بين صفائح البالين . وقد يبدو أحد الأطراف الأمامية خارج الماء ، وكذلك جانب من الذيل . وفي الصيف تذهب حيتان الكبريت التي تعيش في نصف الكرة الجنو في المياه القطبية ، حيث توجد كميات من الجمبرى أكثر من أي مكان آخر . وتتغذى الحيتان بشراهة ، وهي لا تجد في فصل الشتاء في المياه الدافئة الكثير التأكله ، ولذلك فبحلول الصيف تصبح حيتانا نحيفة . * وعادات التكاثر في حوت الكبريت تشبه عادات الأحدب ، وأوج فصل التزاوج شهر يونيو ويوليو . وتولد الصغار عادة في أبريل ومايو ، ومتوسط حجم الوليد وقت ولادته سبعة أمثار . فقد لاحظتها مرتين فقط، ووليد كل سنتين هو النتاج العادي ، وتنمو صغار حيتان الكبريت بسرعة كبيرة . حوت الزعنفة الظهرية المقاتل الحوت ذو الزعنفة الظهرية ابن عم حوت الكبريت ، فهو الذي يليه طولا ولكنه أجمل الحيتان ؛ فجسمه الرشيق النحيل مبني كقارب الصيد ، وكان أطول حرت قسته أربعة وعشرين مترا وثلاثين سنتيمترا ، وهذا قريب من الرقم القياسي ، ولكنه ليس بأي حال من الأحوال في وزن جسم حوت الكبريت ، لأن الحوت ذا الزعنفة الظهرية انسيابي كالسمكة الرشيقة . ولون جسمه رمادي داكن من أعلى ، وأبيض من أسفل ، ولون الجانبين يتدرج إلى لون رمادي فاتح ، ولون الرأس ليس واحدة على الجانبين ؛ فهو أبيض في الناحية المني أكثر منه في الناحية اليسرى ، وكذلك على الفك السفلى ، وفي الجانب الأيمن يكون لون البالين الأمامي أبيض مصفرا . والرأس الضيق المدبب يسهل عملية اختراق الماء ، وطرفا الذيل عريضان ، لأن الحوت سباح سريع ، ولكن الأطراف الأمامية صغيرة نسبيا ، وشكلها يشبه الرمح ؛ ويستمد الحيوان اسمه من زعنفة تشبه المنجل توجد في مؤخرة الظهر ، ويبلغ عدد الثنايا البطنية في المتوسط 84. وقد يكون هناك أكثر من ذلك ، فقد يصل عددها إلى ۱۹۰ . وقد يكون من غير المحتمل أن تهاجم حيتان البالين سفينة عمدة ، ولكن وكنت على وشك أن ألتي حتي بطريقة مرعبة ، وكدت أموت هلعة . ذهبت إلى البحر مع مدفعي يسمي جونسون (Johnson) وفي الساعة الثالثة من صباح اليوم التالى بدأت المحركات تدور وتقف مما جعلني أفيق من حلمى بصيد الحيتان . عرفت أننا نطارد حوتة ، وارتديت ملابسي على عجل وارتديت حذاء طويلا من المطاط ورداء مانعة للمطر ، إذ كان المطر يتساقط في شكل رذاذ . وكانت السفينة تتراقص بسبب أمواج عالية، ولاحظت من الحسرة الكوبرى » نافورة ضيقة عالية تندفع في الهواء ، مما أثبت أنه حوت ذو زعنفة ظهرية . وبدا الحوت زمنا طويلا وكأنه يلهو معنا ، ولم يكن بالمسافر ولا بالمتغذي . وظل يحوم حولنا لغير سبب واضح . وكان في بعض الأحيان يدور تحت سطح الماء ، وصعد عند مؤخرة السفينة . ولم يكن غوصه بالعميق، وكان طوله ۲۱مترا ، وعلى الرغم من ذلك كان جسمه الضخم نحيلا كالأفعی . وأخيرة بدأ يتجه بعيد عن السفينة فظننت أنه يبتعد نهائيا، ولكنه بدلا من ذلك اندفع إلى السطح في سحابة من الرذاذ . وبدوى المدفع رأيت الرمح يصيبه بين كتفيه ، فانقلب الشبح الضخم على جنبه دون حراك ، وصاح اليابانيون : « شیندا » . وهذا معناه : « میت » . ولكن الحوت ذا الزعنفة الظهرية كان بعيدة كل البعد عن ذلك . إذ سرعان ما استقام فجأة و بضربة اجبارة من ذيله ولي بعيدة . وسحب الحبل بعيدة بسرعة كبيرة إلى درجة جعلت الفرامل الخشبية على الونش يتصاعد منها الدخان . مائة قامة ، مائتي قامة ، ثلاثمائة قامة من الحبل سحبها الحوت ، وأخيرا انهت اندفاعته وغاص تحت الماء . وتعلق الحبل جامدة كقضيب من الصلب ، وانتظرنا خمس عشرة دقيقة دون أي إشارة من أسفل ، وكان جونسون غير مطمئن وقال : «لا أريده أن يموت وهو غائص في الماء ؛ فالحبل ضعيف وقد يقطع في أثناء رفعه إلى أعلى لأنه غائص إلى مسافة بعيدة » . وبدأ الحبل في الارتفاع بعد عشرين دقيقة ، وظهر الحوت على بعد حوالى ثمانمائة متر . وكانت المحركات ساكنة، ولكن السفينة بدأت تتحرك ببطء أولا ثم أسرع فأسرع، وكنا نجر بسرعة 16 کیلومتر في الساعة . رديئة ولم تنفجر القنبلة ، فهو إذن لم يصب و يستطيع أن يجر بكل قوته » . وفعلا جرنا الحوت ، واستمرت السفينة تتراقص على الأمواج مدة نصف ساعة . وأخيرة غاص الحوت ، وبعد عشر دقائق ظهر ثانية مثل سمك السالمون في أثناء قفزه ، فاندفع جسمه - الذي يبلغ طوله ۲۱ متر- في الهواء . و بدأ يندفع مرة أخرى إلى الأمام، ونادي الرجال في أسفل السفينة إن الحبل قد قارب الانتهاء . وسألت : « ما طول الحبل الذي سحب حتى الآن ؟ » . « حوالي ألف ومائی متر . « ما طول الحبل الذي معكم ؟». ولا أعلم على وجه التحديد . أكثر من ثلاثة كيلومترات على ما أظن قد يستخدمها كلها . وأخيرا تباطأ الحوت ، وكانت المحركات تدور بنصف سرعتها العكسية ، ولكن السفينة لا تزال تجر إلى الأمام . وفي كل مرة كان الحوت يغوص فيها يلف الونش جزءأ قصيرة من الحبل . وبدأ الحوت يضعف حوالى الساعة الحادية عشرة ، ونحنت السفينة قريبة منه ببطء ، وسكنت الريح ، ولكن الأمواج العالية كانت لا تزال موجودة ، فكانت السفينة تتأرجح كشيء أفلت زمامه، وارتخى الحبل في كل مرة نزلت السفينة من على قمة موجة ، ثم لا يلبث أن يشد مرة أخرى بصوت قرقعة مثل صوت البندقية . وصاح چونسون طالبة أقصى سرعة إلى الأمام . وأطلق المدفع في اللحظة التي اختي فيها الحوت . وكانت فرصة الإصابة ضئيلة . وشاهدنا الرمح يندفع على الماء في نصف دائرة واسعة ويسقط على ظهر الحوت ، ثم سمعنا انفجارة مدوية وارتخى الحبل مرة أخرى . لقد نسفت القنبلة الرمح المغروس في الحوت وبذلك أصبح حرا طليقة . وتحركت السفينة بهدوء على الماء المائج ، والصوت الوحيد الذي كان مسموعة هو صوت مضخة في السفينة . وأخيرا أشار چونسون إلى اليسار قائلا : « ها هوذا هناك بعيدة جدا . واقتفت السفينة طول اليوم أثر الحوت في المطر والضباب ، وحوالي الساعة الرابعة أمكن چونسون أن يصوب إليه قذيفة أخرى من بعيد ، وفي هذه المرة تمكن الرمح من الحوت ، فاندفع الحوت إلى الأمام وكأنه لم يصب من قبل. ولكن سرعان ما انتهى اندفاعه ، وانهارت قواه الهائلة ، ونام على السطح يزفر باستمرار . واستطعنا أن نرى الرمح معلقة في الظهر ، وشوكتين فقط منه مغروستين في الدهن . وقال جونسون : «لا أجرؤ أن أقترب منه لأطلق عليه طلقة أخرى ، فإذا ما قام باندفاعة أخرى انفصل الحديد عنه . يا رفاق أنزلوا قاربة وسددوا إليه الرمح وهو في مكانه . وكنت دائما تواقة لأن أرى عملية تسديد الرمح ، فتساءلت عما إذا كان من الممكن أن أساعد في التجديف . " وكان القارب صغيرة لا يحمل أكثر من ثلاثة رجال أو أربعة ، وهو سهل القيادة و يمكن أن يدور بخفة . وكان إلى جواره بحار ، وكنت أنا أشد مجداف المقدمة . وكان الحوت مستلقية على السطح على مسافة 400 متر منا يزفر كل دقيقة أو دقيقتين . وفي أثناء التجديف شاهدنا عشرات من الزعانف السوداء تمخر عباب الماء ويظهر بين وقت وآخر وميض بطن أبيض . إنها أسماك القرش اجتذبها دم الحوت. وقد كانت أسماك القرش كبيرة الحج طولها أربعة أمتار ونصف متر . وأنا أكره أسماك القرش، ولا أعرف السبب على وجه التحديد ولكنها تخيفني ، ولست أحدها بالمجداف فدار حول نفسه مظهر فيه المكشر على شكل نصف دائرة ، وصفا من الأسنان الشريرة المنظر مما جعلني أرتجف . وانزلقنا قريبة من الحوت من خلفه ، وكان يرقد عالية على الماء يبدو من جسمه ما لا يقل عن خمسة عشر مترة . لقد كان حيوانا جميلا رشيقة مسحوبا کسبع البحر . وكان في استطاعتي أن أفرد ذراعي لألمس الجلد الناعم الرمادي . ولم أكن طيلة حياتي قد اقتربت من حوت حي . إذ كان يعادل طول قاربنا أربع أو خمس مرات، والماء يموج هادئة على جانبيه ، وتنزلق على ظهره أمواج صغيرة كما يحدث على شاطیء رملى . وكان الرمح الأول مغروسة إلى نصفه بين كتفيه ، والحبل المقطوع يتبعه من بعيد . ودل جرح قبيح على أثر الرمح الثاني . وفجأة شعرت أن الحوت لابد أن يعيش . لقد كان من قبل حيوان مفترسة نقتفى أثره لنتغذى عليه . أما الآن فهو شيء حي وشخصي، ولابد لهذا الكائن الرائع أن يعوم بعيدة دون أذى ، ولم يشعر الرجال الآخرون بنفس الشعور بطبيعة الحال، وأموالا تدخل جيوبهم. وأعطى ربان القارب الإشارة إلينا للانحراف بالقارب والرجوع إلى الوراء، ۱۲ فجلسنا رافعين المجاديف على استعداد للابتعاد . ووقف الربان وثبت قدميه جيدا ودفع بالنصل الطويل الرقيق إلى أسفل فصدرت عني تنهيدة كبيرة ، وسمعت اصطدامة يبعث على الغثيان . وقد قصر مجدافي عن أداء وظيفته ، فدار القارب واصطدم بجانب الحوت . واندفع الجسم كجبل رمادی و رأيت أن زعانف الذيل عرضها ستة أمتار، وتزن أكثر من طن ، تلوح فوق رأسي مباشرة ، وبدت وكأنها تعلقت في الهواء لثوان لا نهائية . وكما يحدث في الحركة البطيئة » بدت كأنها تنزل على مباشرة وأخطأتی حافتها بثلاثين سنتيمترا فقط ، ولكنها أصابت جانب القارب فمزقته إلى قطع صغيرة . وبقى الحوت على السطح يزفر باستمرار وكنت في الماء مرتدية معطف واقية من الماء، وحذاء اذا رقبة طويلة ، وجميعها تجرني إلى أسفل . واصطدم رأسي بقطعة من الخشب وأنا أطفو على سطح الماء . لقد كانت كل ما تبقى من القارب . وكان قائد القارب يسبح تجاهه في حين اعتبرت البحار الياباني الدهشة ، فقد رقد و وجهه إلى أعلى إلى جانب الحطام . وبعد لحظة استدار باحثة بطريقة عشوائية عن قطعة من الخشب : وكنا جميعا معلقين في قارب نصف غارق، وكان الحوت مستلقية على جانبه على مسافة أقل من ثمانية عشر مترة بعيدة عنا . عندما هاجم قطيع من القرش جسم الحوت مثل مجموعة من مصاصي الدماء . وكانت تقضم بأسنانها قطعة ضخمة من اللحم والدهن . وجاء مزيد من جماعاتها مقتفية أثر الدم ، واصطدم رأس أحدها بقدمي فاتحة فكيه فرفسته فتقهقر إلى الخلف . وانزلق آخر بالقرب من ذراعي، فضربته في أنفه بقبضة يدى . لقد اعتراني الخوف تماما ، فصحت للقائد أن ينتزع قطعة من خشب القارب لاستخدامها کهراوة . وفي كل مرة اقترب منا القرش ضربناه في أسنانه أو على رأسه ، وأمسك أحدها فرفسته بعصبية فنزع الحذاء بين فكيه . وقد أصاب هذه الحيوانات الحبل نتيجة لرائحة وطعم الدم ؛ فكانت تقضم أي شيء متحرك . ودافع قائد القارب کرجل مجنون . وكان يطعن الوجوه المكشرة وهو يصيح من الخوف القاتل . أما البحار الياباني فكان لا يزال معلقة على القارب نصف مشدوه . فجاء قرش وأطبق بفكيه على عرقوب قدمه فصاح من الألم ، فطعن قائد القارب القرش في عينيه فتراجع المفترس إلى الوراء . ولاحظت قطعة من اللحم الآدمى الذي تسيل منه الدماء تنزل في زوره . وانزلق الرجل من على الحطام فأمسكته من شعره وأعدته إلى مكانه . وعندما رجعنا إلى المحطة في «إيكاوا، إذ كان كل عرقوب رجله منزوعة وأسنان القرش قد تركت آثارها في عظامه . وفقد البحار الياباني رجله، ولكننا كنا حسنى الحظ لأننا لم نفقد أرواحنا . ولحسن الحظ أرسلت السفينة قاربة صغيرة ليلتقطنا وطباع حيتان الزعنفة الظهرية والكبريت متشابهة جدة ، فما تقوله عن واحد ينطبق بنفس الدقة على الآخر : فوقت التزاوج والطباع والهجرة هي نفسها تقريبا. ولكن لا تدفع حيتان الزعنفة الظهرية النافورة إلى مثل ارتفاع أو سمك نافورة حوت الكبريت ؛ وذلك لأنها أصغر منه حجما ووزنا . ولكنه من العسير التمييز بينهما من مسافة بعيدة . وحيتان الزعنفة الظهرية هي أكثر الحيتان الكبيرة وفرة ، في الوقت الحاضر ؛ فهي توجد في جميع محيطات العالم . فإذا كنت تعبر المحيط الأطلنطى أو الهادی وتری حوتة تستطيع أن تقول بمنتهی الاطمئنان : إنه ذو زعنفة ظهرية . إذ يدفع الحيوان نفسه إلى أعلى ببساطة ويقوس ظهره و يغوص تحت السطح ببطء. وتسافر حيتان الكبريت وحيتان الزعنفة الظهرية بسرعة تحت الماء لمسافات طويلة دون أن تخرج للتنفس . في ذات مرة كانت سفينة صيد الحيتان رکسومارو (Rekksu Maru) على بعد۹۶ کیلومتر من ساحل اليابان، وأصاب محركها عطل اضطرها إلى التوقف . فوقفت في مكان المراقبة على الصاري لمدة ثلاث ساعات . ولم يكن هناك أي أثر لحوت . وفجأة ظهرت أربعة حيتان من نوع الزعنفة الظهرية أمام السفينة مباشرة. وبدأت في التغذية ، واستمرت نصف ساعة ، ثم غاصت جميعها بعد ذلك . وزفرت بعد ذلك على مسافة تبعد ۸۰۰ متر ثم اختفت . لقد كان المحيط ساكنة جدا ، وكانت النافورات تتلألأ في ضوء الشمس مثل سحب من غبار الفضة . لذلك لابد أنها تكون قد أتت من مسافة بعيدة وهي تحت سطح الماء . وأخبرني الكابتن جراهام أنه في مضيق فردريك ظهرت مجموعة من الحيتان ذوات الزعنفة الظهرية فجأة في نفس المكان بعد ظهر كل يوم في الساعة الرابعة . وبدا كما لو كانت نائمة على القاع . وحقيقة أنها كانت مسافرة بسرعة تحت سطح الماء . وللحيتان وسيلة محددة للاتصال، وفي المعتاد يكون هناك ستة أو ثمانية موزعة 66 على مسافات متباعدة ، وتترك جميعها السطح معا . وبعد وقت تظهر في نفس اللحظة . فلابد أن يكون هذا نتيجة الإشارة معينة . وقد ابتكر الأسطول الحربي أجهزة للاستماع إلى الغواصات يستطيع بها البحارة الاستماع إلى كل الأصوات تحت الماء . وكان بعضها يشبه الصفير أو الصياح: وساد الاعتقاد بأنها صادرة من الحيتان ، وأنا متأكد من صحة ذلك ؛ لأنه ثبت صدورها في حالة خنازير البحر . وكم من سفينة أتلفها الحيتان أو أغرقتها ، فقبل أن يموت الحوت يمر في بعض الأوقات بمرحلة تهيج ، إذ يهاجم بوحشية في جميع الاتجاهات وهو أعمى تماما في كل هجماته . وبعد أن تركت آلاسکا مباشرة أغرق حوت ذو زعنفة ظهرية سفينة خشبية تسمی سورنسون (Sorenson) ، إذ أصيب الحوت برمح وكان مستلقية في سكون على السطح . وظن القبطان أنه ميت ، وفجأة وبدخول الحوت في مرحلة هياج الموت بدأ الهجوم . وحاولت السفينة التراجع إلى الخلف لكن بعد فوات الأوان ؛ إذ أتى الحوت بسرعة هائلة واصطدم بجسمه الذي يزن سبعين طنة بالسفينة ، واستطاع رجالها أن ينزلوا في قوارب صغيرة قبل أن تغرق . 66هاجمنا حوت سای (Sei) متوحش لقد ساد الاعتقاد لسنين عديدة أن حوت الساي هو صغير حوت الكبريت أو حوت الزعنفة الظهرية . وطوله بين اثني عشر مترا وستة عشر مترة ونصف متر . ويبدو من أول وهلة أنه مثل حوت ذي زعنفة ظهرية صغير ، إذ أن له نفس شكل الجسم الرشيق النحيل ذي اللون الرمادي . : وعندما ، ذهبت إلى اليابان وجدت اليابانيين يقتلون حوت يسمونه « يواشی كوچيرا Iwashi) . وكانوا يصطادون مئات من هذه الحيتان لمدة : خمسة عشر عاما في الصيف . وقد ثبت أن حوت السردين هو "حوت السای ، مع أنه لم يكن أحد من العلماء قد عرف أن حوت السای موجود في المحيط الهادى إطلاقاًز هذا يثبت قلة ماكان معروفاً عن الحيتان في ذلك الوقت. وقد أرسلت هيكلين عظميين إلى المتحقف الأمريكي في نيويورك، وكتبت كتاباً عن الحوت السايز ويسميه النرويجيون((حوت الساي)) لأنه يصل كل سنة إلى شواطئ قينمارك مع سمك البكلاه-او السيج(seje) كما يسمونه-أما التسميى اليابانية فهي ليست سليىة وطعام الحوت الرئيسي ((الجمبري))والفشريات الصغيرة. ولا يلجأ الى أكل السردين والاسماك الصغيرة الا في حالة عدم وجود الاصناف السابقة. وكانت لي خبرة ممتعة في صيد حيتان الساي على شواطئ اليابان. وتكثر خلال يوليو وأغسطس وتصبح أكثر من اي حيتان اخرى. وقد قتل احد اصدقائي-وهو شاب ترويجي يسمى الكابتن إريك أندرسون (Erik Andersson)- عدد كبيرا منها، وسألني أن اخرج معه في رخلة لصيدها فسررت جداً; واصطحب إريك زوجته اليابانية معه; وكان اسمها شيوسان (chio-san). وكانت قد خرجت معه إلى البحر عدة مرات وعشقت الاثارة. ولكن اليابانيين كانوا يميلون إلى شيوسان، فقد كانت جميلة وأحضرت معها لهم بعض الهدايا فرحبوا بها على ظهر السفينة. وقضينا الليلة على سفينة إريك:إذ كنا سنبحر مع مطلع الفجر. وعندما ارتديت ملابسي صباح اليوم التالي، كانت الشمس تدخل من كوة في جانب السفينة. وبدت انها ثلاثة عشر متراً ونصف متر في الطول. وتلالالات نافوراتها مثل ضباب فضى مدفوع في الهواء. وكانت كل نافورة تشبه نافورة الحوت ذي الزعنفة الظهرية ، إلا أنها ليست في ارتفاعها ، لأن حوت الساي أصغر جسما . وكان عمود البخار يرتفع إلى علو يتراوح بين ترين ونصف المتر وثلاثة أمتار ونصف متر . وكنت أستطيع أن أرى الزعنفة الظهرية عالية تشبه المنجل، إلا أن تلك الحيتان كانت متوحشة ، فقد كانت تزفر ببلادة عند السطح كما لو كانت نصف نائمة ، ولكن عندما اقتربنا منها انزلقت تحت الماءوخرجت مرة أخرى على بعد كيلومتر ونصف كيلومتر أوأكثر . وكنت مهما جد ابغوصها ، فقد كان مختلفة عن غوص حوت الكبريت وذي الزعنفة الظهرية. وخرج حوت السای بمیل شدید و زفر مباشرة ، ثم استمرت الحركة إلى الأمام وإلى أسفل ، وغاص الجسم تدريجيا حتى اختفى . كما لم تكن هناك حركة استدارة ، وظهر قليل من الجسم أعلى سطح الماء ، ولم يظهر الذيل إطلاقا في الخارج. وطاردنا هذه الحيتان الهائلة ، وكان إريك على قاعدة المدفع ووقفت خلفه مباشرة ومعی آلة التصوير « الكاميرا » . وكانت زوجته جالسة على مقعد في ركن الجسر « الكوبري ». . وأخيرا اشماز إريك وقال : « هذه الحيتان مستحيلة . سنتركها ونبحث عن غيرها . ودق جرس السفينة معلنا الساعة الرابعة قبل أن نجد حوت سای آخر يتغذی على « الجمبرى » ويزفر باستمرار ، ونادرا ما كان يمكث طويلا تحت السطح . وكانت زعنفته الظهرية تشق سطح الماء في اتجاه ، ثم في اتجاه آخر . وكان دائما مركزا لقطيع من طيور البحر التي تتصايح وتغوص في الأمواج ثم ترتفع : وتناثر الماء في آلاف من القطرات البذورية من أجنحتها البنية . وبلغنا أقصى سرعة لنا ، وقال إربك:((هذه ندبة رمح قديم. وهي علامة سيئة، فقد يسبب لنا مشاكل)). وكانت المحركات في أبطأ سرعة لها ، وإريك واقفة عند المدفع يحركه من جهة أخرى وقد انضمت قدماه في وضع استعداد للتصويب . وكان يصيح كل بضع ثوان بالبحار الواقف في مكان المراقبة قائلا : « هل تراه ؟». ومكثنا ست دقائق ثم صاح الرجل : « إنه ات بسرعة من الجهة اليسرى للسفينة » . واستطعنا أن نرى ظلال الشبح ترتفع ثم يتحكم في اندفاعته إلى أعلى ويسبح محاذية للسفينة وفي نفس اتجاهها. إننا لن نتمكن منه . إنه يغادرنا . نصف السرعة» . ن أنسى الانفعال الشديد الذي اعتراني في هذه الدقائق القليلة . كان الشبح الرمادي يسبح تحت سطح الماء بمسافة مترين ، ولكنه كان محميا بالماء كما لو كان درعة من الصلب. وصاح إريك : « إنه لن يخرج : هذا سيء . والآن - الآن سأطلق القذيفة ». وفي مرآة آلة التصوير « الكاميرا » استطعت أن أرى الرأس الرمادي الضخی يندفع إلى السطح ، وانفتحت فتحات الأنف دافعة عمودا من البخار ، ثم دفع الجسم الانسيابي نفسه إلى أعلى والماء يتدفق من زعنفته الظهرية . ثم سمع زئير يصم الآذان ، وغاب كل شيء في سحابة من الدخان، وضغطت على زر الآلة « الكاميرا ». وكان هناك الحوت مستلقية على جنبه دون حراك . ثم غاص ببطء وأصبح الحبل مشدودة ومعلقة إلى أسفل . وكشر إريك قائلا : « إنه لم يدرك ماذا أصابه » . وبعد بضع لحظات أعطى أوامره بسحب الحوت. وأدار المهندس « الونش » فارتخي الحبل، ثم شد مرة أخرى وبدأ يرتفع ، وكانت قطرات الماء تتساقط منه عند السطح المضطرب . ثم زفر الحوت على مسافة ۹۰ مترة بعيدة عنا ، وكان لون النافورة مخضبة بالاحمرار، ثم استلتقي ساكنا لفترة واستدار سابحة في اتجاه السفينة وتحرك ببطء في بادئ الأمر وازدادت سرعته كل ثانية . ولما أصبح في اتجاهنا تقريبا أصابه الجنون ، وبانتفاضة هائلة من ذيله اندفع ناحية السفينة . وصاح أندرسون وهو يتراقص كمن أصابه مس: «سرعة كاملة إلى الخلف ، سيغرقنا . سيغرقنا . وكان الحوت قادمة في سرعة هائلة مغطى برغوة الماء يضرب بذيله الضخم إلى أعلى وإلى أسفل ، وفي لحظة أصاب السفينة فاستدرنا نصف دائرة حوله ، فضرب ضربة سريعة ، فارتعشت السفينة الصغيرة ومالت على جنبها كثيرة، واصطدم الحوت بجانبها واضعة أنفه في المراوح مباشرة ، فقطعت ريشها الدائرة إربا من دهن البوز والفكين ، فتقهقر إلى الوراء خلف السفينة ، ثم سبح موازية لها وكل رأسه خارج الماء . ووقعت على السور، ولكني تمسكت بآلة التصوير « الكاميرا ، ووجهتها ناحية الحوت وهو يندفع إلى جانبنا، وضغطت الزر، وبعد لحظة انقلب الحوت على جنبه رافعة زعانفه الذيلية مستقيمة إلى أعلى وغاص في الماء ، لقد كان هذا هو هياج الموت . وانساب العرق على وجهی وجسمی ، وكان إريك يصيح مصدرة تعليماته بالإنجليزية والترويحية واليابانية كلها في نفس الوقت ، لقد أدرك أننا نجونا بأعجوبة على الرغم من أني لم أدرك ذلك في تلك اللحظة ، فإذا كان الحوت الذي يزن خمسين طنا وهو مندفع بسرعة كبيرة ، قد اصطدم بالسفينة رأسا لكانت النهاية ، ولكان الرأس قد فتح فتحة في جدارها ولغرقت في ثوان ، لقد أنقذنا الرجل الواقف على « الدقة » إذ بتركه السفينة تتحرك بحرية جعلها تتعرض لضربة خاطفة ، و بأعجوبة أخرى لم تكسر أو تنتن ريش المروحة ، لقد كان هذا ببساطة الحظ الذي حالف هذه السفينة منذ تولى الكابتن أندرسون قيادتها. ورفع الحوت الميت إلى السطح ونفخ بالهواء ، ثم ربطه البحارة إلى جانب السفينة وذيله إلى الأمام، ونزلت أنا وإريك وزوجته إلى السفينة لتناول قدح من الشای . وصعدنا إلى السطح بعد 15 دقيقة، ووقفت بجانب السور أنظر إلى أول حوت ساي أراه ، وفجأة انزلق جسم داكن تحت السفينة فظننت أنه تخیل منی ، ولكن تبعه آخر ، ثم آخر، وسرعان ما اندفعت من كل جانب خیالات تشبه الأشباح مندفعة هنا وهناك ، وأحيانا يظهر بطن أبيض إذا ما مال أجدها على جنبه . جذبت الدماء أسماك القرش الضخمة كانت هذه أسماك القرش الضخمة جذبها آثار الدم ، وكانت مثل النسور التي تتجمع حول ولية من جسم حیوان صحراوی میت ، وقد راقبت أحدها وهو يقضم قطعة ضخمة من الدهن في شكل الفنجان ، وجاء آخرون كل تلازمه الحيتان سمكته المخططة التي تقوده و يسبح خلف زعنفتها مباشرة ، وبعد عشر دقائق كان هناك قطيع من أشباح البحر ذوات الأعين البيضاء تهش جثة الحوت . واستشاط إريك غضبا وقال : « ستأكل حوتي ولا يبقى لنا إلا العظام . هات الرماح الصغيرة ». . وأحضر خمسة أو ستة بحارة رماحة يدوية ، فقذف إريك بأحدها في ظهر قرش ، ولكن الوحش انتظر إلى أن يقضم ملء فمه قبل أن يترك الحوت ويبتعد في الماء ، وغرس خطافان من خطاطيف القوارب في خياشيمه ورفع على سطح السفينة ، وقدرت طوله بنحو ثلاثة أمتار ونصف متر ، ولم يكن بأطول أفراد المجموعة ، وكانت الرماح بطيئة جدا في محاربة القرش ، فأحضر إريك بندقيته وأخذ يصوبها إلى رءوسها ، ولا أعتقد أن مهاجمة حوت الساي لنا كانت عن قصد ، وعلى أي حال فقد كان الموقف خطيرة علينا . ونعلم الآن أن حوت السای من الفصائل الشائعة وموزع توزيعة واسعة ، فيوجد على جاني المحيط الأطلنطى والهادي ، وفي مياه نصف الكرة الجنوبي ، " ويذهب حول رأس هورن (Horn) بكل تأكيد ،


النص الأصلي

حوت الكبريت هو أكبر حيوان عاش على الأرض أو في مياهها ، وحتي أكبر حيوانات الديناصور التي عاشت على شواطئ البحيرات الداخلية منذ أكثر من مائة مليون سنة لا تضارع حوت الكبريت طولا أو وزنة ، كما أن الحيتان الأخرى تبدو إلى جانبه أقزامة ، وأطول حوت من هذا النوع أخذت مقاییسه كان طوله يزيد على ثلاثة وثلاثين مترا ، وربما كان هناك ما هو أطول من ذلك .
ومن العسير أن نتصور مدى ضخامة الحيتان ، ولم أتحقق منها إلا بعد أن وقفت إلى جوار أحدها ونظرت إلى الوحش الضخم في رعب ، فقد بدا وكأنه جبل من اللحم والدم .
وفي سنة ۱۹۹۷–۱۹۶۸ ذهب الضابط ولدن وینستون Waldon C
.Winston مع الأسطول الياباني لصيد الحيتان إلى المناطق القطبية الجنوبية ،، وكانت مهمته أن يتأكد من مراعاة القوانين الدولية لصيد الحيتان ، وفي هذه الرحلة وزنوا حوتاً
من نوع الكبريت ، فقد كانوا في حاجة إلى حوت كبير - ولحسن حظهم اصطادوا أني طولها حوالي سبعة وعشرين مترة ، وإناث الحيتان ذوات الزعنفة أكبر من الذكور دائما ، وقد كانت هذه الأني عملاقة حقا :
ورفعت أنثى الحوت على منزلق في مؤخرة المصنع العائم ؛ وقام كبير المفتشين اليابانيين بتسلق ثنايا الصدر ، وأنثى الحوت ملقاة على جانبها ، وقد كانت هذه العملية مثل تسلق تل من التلال ؛ إذ كان محيط الجسم حوالى عشرة أمتار ونصف متر ، وكان مقیاس زعنفتي الذيل ستة أمتار من الطرف إلى الطرف الآخر، كما أن الزوائد الأمامية كان طول كل منها ثلاثة أمتار ، وكان طول الفك الأسفل حوالي سبعة أمتار .
وقد وزنت أني الحوت هذه على دفعات ، فكان المجموع هو ۱۳۳۹۶۸ كيلوجراما ، أي ما يزيد على 150 طنا، برغم أنها لم تكن سمينة ، وكان وزن اللسان الضخم ۲۶۹۹ كيلوجراما، ووزن الكبد۸۸۹ كيلوجراما . أما القلب فقد أمال قب الميزان عند وزن 4۲۰ كيلو جراما . وقد احتاج تقطيع أنثى الحوت هذه ووزنها
جزء جزءا على الرغم من استخدام أحدث الآلات والطرق إلى ثمانين رجلا ليعملوا ثلاث ساعات و 45 دقيقة . فقد كان أكبر حوت وزن .
وقد أكل اليابانيون اللحم وأجزاء أخرى متعددة من الحوت ، وبذلك يكون الحوت أكثر قيمة عندهم منه عند الذين يستخدمونه لاستخراج الزيت واستخدام اللحم والعظام للتسميد، وقد درت أنثي الحوت هذه الذي طولها سبعة وعشرون مترا (۲۷۹۰۰ دولار) للشركة اليابانية ، وكانت قيمة الزيت ۹۹۰۰ دولار ، وقيمة اللحم الأحمر المملح والمجمد ۱۸۰۰۰ دولار .
وبالإضافة إلى أن حوت الكبريت هو أكبر الحيتان فهو من أجملها ؛ فجسمه الطويل الرمادي منقط ببقع فاتحة ، والرأس رمادی تماما وأدكن قليلا من الجوانب والظهر، وتوجد بعض بقع بيضاء صافية على البطن والأطراف الأمامية رمادية من أعلى وبيضاء من أسفل . أما الذيل فهو رمادي من أعلى ، ولكن
السطح السفلى مخطط بخطوط دقيقة رمادية وفاتحة من الأمام إلى الخلف .
أما لماذا سمي هذا الحوت بحوت الكبريت فهذا ما لا علم لي به ، ويسميه النرويجيون الحوت الأزرق ، فهو يبدو في الماء من مسافة كما لو كان الحسم قد طلى باللون الأزرق . ولكن الاسم «حوت الكبريت » أصبح ثابتة ، ولابد أن نستمر في تسميته كذلك .


ولحوت الكبريت عينان بنیتان لا تزيدان على ضعف أعين البقرة . ويحمل الذقن ۳۲ شعرة في تجمعات كما في اللحية ، وقد يظهر على أعلى الرأس ۲۰ أو ۲۰ شعرة ، ولكن بعض الحيتان ليس بها شعر إطلاقا وتبدو صلعاء تماما ، والشعر قصير وهش ، وتنمو كل واحدة من حفرة صغيرة . وهذه بطبيعة الحال بقايا غطاء الشعر الذي كان يغطى جسم الحوت عندما كانت أجداده تعيش على الأرض .
ويندر أن تعيش أصداف الحشف على جسم حوت الكبريت بعكس الأحدب ؛ فالجلد نظيف وجاف وناعم . وفي بعض الحالات تكون نهايات الأطراف الأمامية مقضومة وتظهر عليها آثار أسنان . وهذه فيها أفترض من عمل الحوت ( السفاح) - وهو حوت متوحش له أسنان - ومن المحتمل أن يفعل القرش نفس الشيء، .
وثنايا الزور والصدر والبطن أكثر في حوت الكبريت منها في أي حوت آخر ، وهي تتراوح في العدد بین ۸۰ و ۱۰۰ ، وهذه الثنايا الأكورديونية تسمح بتمدد الزور في أثناء التغذية عندما يأخذ الحوت ملء فيه من الماء ، كما أن الرئتين الكبيرتين يمكن أن تمتلئا إلى آخر طاقاتهما .:
ولی شغف خاص بحوت الكبريت ، لأنه هو الذي مهد إلى الطريق في مهني لمن
مع الحيتان ؛ فعندما أتيت لأول مرة في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي ساعدت على بناء نموذج بالحجم الطبيعي لحوت كبريت .
وكان طول ذلك الحوت حوالى ۲۳ مترة، وقد حملق فيه بدهشة ملايين من زوار المتحف ، وهو لا يزال من أهم المعروضات . وفي أثناء بناء هذا النموذج قرأت كل ما وصلت إليه يداي عن الحيتان .
وتستطيع أن تتصور مقدار انفعالى عندما رأيت أول حوت كبريت ، لقد سمعت الحوت الضخم قبل أن أراه بزمن طويل ، وكان في مضيق فردريك في آلاسکا. كان الضباب كثيفة ولا نستطيع أن نرى إلى مسافة أكثر من ستة أمتار، و بقيت السفينة ساكنة والمحركات متوقفة ، وكانت الحيتان تزفر من حولنا ،
جيتان حدباء ، وحيتان ذوات زعنفة ظهرية ، وحيتان كبريت ، كانت جميعها تتغذى بالقرب منا، ووقفت على جسر «كوبرى » السفينة مع القبطان ، وفجأة سمعنا صوت زفير خشن ، قال الكابتن جراهام : « هذا حوت أحدب ». ثم تبع هذا الصوت صوت آخر له درجة أعلى ويختلف اختلافا تاما عن الآخر ، فصاح القبطان : « حوت ذو زعنفة ظهرية بكل تأكيد ». و بعد قليل مزق الضباب زئير مخيف كالصفير ، فقال القبطان « هذا حوت كبريت كبير » .
وقد كان على صواب ؛ إذ عندما انقشع الضباب وقعت أعيننا على صورة مدهشة ، كان عدد كبير من الحيتان يتحرك على صفحة الماء الهادئة ويدفع نافوراته إلى أعلى، وكانت الحيتان تتغذى ، وعند إقفال أفواهها كانت تندفع مجار من الماء إلى الخارج من بين صفائح البالين ، وظهر ثلاثة حيتان من نوع الكبريت كعمالقة بين الحيتان ذوات الزعنفة الظهرية والحدباء ، وفحصها الكابتن جراهام بدقة باستخدام منظاره المقرب، وأشار إلى حوت إلى اليسار على بعد أقل من 400 متر ، قال : « هذا حوت هائل ويبلغ طوله أربعة وعشرين مترة على الأقل وأنا أريده .
وكانت الحيتان منهمكة في تناول طعام فطورها، فلم تلق أي بال إلى السفينة ، واقتربت السفينة من الحيتان بمحركاتها في نصف سرعتها، وقد بدا الحوت كجبل رمادي ، وقبل أن يطلق الصياد المدفع شاهدت فيه يفتح ثم يقفل ، وأصابت القذيفة تحت طرفه الأمام، وغاص أكبر حيوان عاش على الأرض أو في مياهها دون مقاومة.
واختبرت هذا الحوت في المحطة بشغف كبير ؛ إذ كنت أرغب في أن أتأكد مما إذا كان عملنا في النموذج في المتحف صحيحة ؟ و بعد دراسة الحوت شعرت بسعادة كبيرة إذ يصح لنا أن نفخر بالنموذج الذي يعرض في المتحف الأمریکی .
كان طول هذا الحوت أكثر من خمسة وعشرين متر ونصف متر . وأكثر شيء أثر في كان حجمه الهائل . فكل شيء فيه كان مبعثة للرهبة . لقد خلقت الطبيعة جسما ضخمة .
ولكل صیاد من صيادي الحيتان قصص يرويها لبيان قوة وجبروت هذا
العملاق العجيب ، وبعض هذه القصص لا يكاد يصدقها العقل ، ولكني رأيت أمثلة منها بنفسي ، وهذه قصة أنا متأكد من صدقها : أصيب حوت من نوع الكبريت بوساطة سفينة تسمى: « بوما » (Puma) عند ساحل نیوفوندلاند ، ففي الساعة التاسعة صباحا أصابت القذيفة الحوت بين كتفيه ، ولكن القنبلة لم تنفجر ، وأمسكت خطافات الرمح في الطبقة الدهنية ، فلم يصب الحوت بضرر، وكان يستطيع أن يجر بكل قوته .
وظل الحرت يجر السفينة طوال اليوم، على حين كانت محركاتها تدور بنصف سرعتها إلى الخلف، وبرغم هذه القوة من جانب المحركات ظل الحوت يسحب السفينة إلى الأمام بسرعة أكثر من 11 کیلومتر في الساعة .
وانقضى الليل والحوت لا يزال يجر المركب ، كما كان عليه أن يتحمل وزن حبل ثقيل طوله ثلاثة كيلومترات. وفي الساعة التاسعة من صباح اليوم التالى بدا الحوت في غاية النشاط ، وفي الساعة العاشرة بدأت قواه في الانهيار ، و بعد ساعة استلقي العملاق الضخم منهكا على السطح ، فقد استمر في معركة عظيمة لمدة 48 ساعة .
وذات مرة أصاب صديقي الكابتن میلسوم حوت كبير على شواطىء سيبيريا ، فسحب ما يقرب من كيلو متر ونصف كيلو متر من الحبال ، وسحب المركب إلى الأمام حين كانت محركاتها تدور بكل قوما لتدفعها إلى الخلف ، ولم تكن السرعة في أي وقت من الأوقات أقل من ستة عشر كيلومترا في الساعة .
وفي كل حالة سحب فيها الحوت سفينة يكون الرمح مدفونة في مقدمة الجسم. أما إذا أصيب الحوت قريبة من الذيل فإنه لا يستطيع الحر ؛ إذ يتسبب شد الحبل في استقامة الجسم فيسبح الحيوان بصعوبة .
و يعطى حوت الكبريت الشعور بالضخامة الهائلة في الماء ، كما يعطي نفس الشعور عند جره على الأرض . فعندما يسبح بالقرب من حيتان أخرى يجعلها تبدو أقزامة ، وحركته رزينة وتعطي الإحساس بالوقار : |


كثير من حيتان الكبريت طولها خمسة وعشرون متر ونصف متر
: ولا يلعب حوت الكبريت كما يلعب الأحدب الذي يقفز خارج الماء أو يقف على رأسه ، كما أنه لا يدور حول نفسه مرات لشعوره بالسعادة لأنه حوت يعيش في محيط منتوح . فهو يبدو وكأنه يأخذ ميزته كأكبر حيوان عاش حتى الآن مأخذ الجد .
وكباقي الحيتان الزعنفية يخرج حوت الكبريت إلى السطح مائلا ، وعندما تبدو قمة رأسه يدفع بالزفير فيندفع البخار في الهواء کالبركان ويصوت انفجار له صفير . ويرتفع البخاربين ستة أمتار وسبعة أمتار ونصف متر في عمود رفيع ولكنه كثيف ، وهو ليس كروية ومتفرعة كما في حالة الحوت الأحدب ، ويتوقف ارتفاعه على المدة التي مكنها الحوت تحت سطح الماء .
وتبدأ عملية الغوص بمجرد انتهاء الحوت من عملية التنفس ، فينزل الرأس أولا ويبدأ الجسم في الدوران ، ولكن ليس في الدرجة نصف الدائرية التي يصنعها جسم الحوت الأحدب ، ويرتفع الجسم إلى أعلى رويدا رويدا حتى تبدو الزعنفة الظهرية ثم يختفى بطيئة عن الأنظار ، ولا تظهر زعانف الذيل في أي وقت من
وهو طول يعادل طول سيارة نقل وثلاث سيارات ونصف سيارة ركوب تقريبا
الأوقات خارج الماء ، فليس هذا من شيمة الوقار التي يتصف بها هذا الحيوان العجيب . ويعطى الغوص شعورا بالقوة الجبارة .
ويتغذى حوت الكبريت كغيره من الحيتان ذوات الزعنفة على الحيوانات القشرية التي تشبه «الجمبرى» وتسمى بوفازيا (Euphasia) فيفتح الحوت فيه الضخم ويأخذ كمية كبيرة من «الجمبرى » ثم ينقلب على جنبه مقفلا فكيه ، فيندفع الماء إلى الخارج في مجار من بين صفائح البالين . وقد يبدو أحد الأطراف الأمامية خارج الماء ، وكذلك جانب من الذيل . وفي بعض الحالات يتقلب الحوت من جانب إلى جانب وهو يفتح فمه ويقفله .
وفي الصيف تذهب حيتان الكبريت التي تعيش في نصف الكرة الجنو في المياه القطبية ، حيث توجد كميات من الجمبرى أكثر من أي مكان آخر . وتتغذى الحيتان بشراهة ، وهي لا تجد في فصل الشتاء في المياه الدافئة الكثير التأكله ، ولذلك فبحلول الصيف تصبح حيتانا نحيفة . *
وعادات التكاثر في حوت الكبريت تشبه عادات الأحدب ، وأوج فصل
التزاوج شهر يونيو ويوليو . وتولد الصغار عادة في أبريل ومايو ، ومتوسط حجم الوليد وقت ولادته سبعة أمثار . ولكني قست واحدة طوله سبعة أمتار ونصف متر والتوائم نادرة، فقد لاحظتها مرتين فقط، ووليد كل سنتين هو النتاج العادي ، وتنمو صغار حيتان الكبريت بسرعة كبيرة .
حوت الزعنفة الظهرية المقاتل
الحوت ذو الزعنفة الظهرية ابن عم حوت الكبريت ، فهو الذي يليه طولا ولكنه أجمل الحيتان ؛ فجسمه الرشيق النحيل مبني كقارب الصيد ، ولا يبزه أي حوت في العوم السريع لمسافات طويلة . وكان أطول حرت قسته أربعة وعشرين مترا وثلاثين سنتيمترا ، وهذا قريب من الرقم القياسي ، ومعظمه يبلغ طوله تسعه عشر مترا ونصف المتر ، ولكنه ليس بأي حال من الأحوال في وزن جسم حوت الكبريت ، لأن الحوت ذا الزعنفة الظهرية انسيابي كالسمكة الرشيقة . ولون جسمه رمادي داكن من أعلى ، وأبيض من أسفل ، ولون الجانبين يتدرج إلى لون رمادي فاتح ، ولون الرأس ليس واحدة على الجانبين ؛ فهو أبيض في الناحية المني أكثر منه في الناحية اليسرى ، وكذلك على الفك السفلى ، ولون البالين رمادي مخطط بخيوط بيضاء مصفرة ، وفي الجانب الأيمن يكون لون البالين الأمامي أبيض مصفرا .
والرأس الضيق المدبب يسهل عملية اختراق الماء ، وطرفا الذيل عريضان ، لأن الحوت سباح سريع ، ولكن الأطراف الأمامية صغيرة نسبيا ، وشكلها


يشبه الرمح ؛ ويستمد الحيوان اسمه من زعنفة تشبه المنجل توجد في مؤخرة الظهر ، ويبلغ عدد الثنايا البطنية في المتوسط 84. وقد يكون هناك أكثر من ذلك ، فقد يصل عددها إلى ۱۹۰ .
وقد يكون من غير المحتمل أن تهاجم حيتان البالين سفينة عمدة ، ولكن
حيتان الزعنفة الظهرية يشاع عنها أنها حيتان خطرة .
في رحلة من أولى رحلاتي من محطة الحيتان في إيكاوا (Aikawa) باليابان خضنا معركة طويلة مع حوت ذی زعنفة ظهرية ، وكنت على وشك أن ألتي حتي بطريقة مرعبة ، وكدت أموت هلعة ..
ذهبت إلى البحر مع مدفعي يسمي جونسون (Johnson) وفي الساعة الثالثة من صباح اليوم التالى بدأت المحركات تدور وتقف مما جعلني أفيق من حلمى بصيد الحيتان . عرفت أننا نطارد حوتة ، وارتديت ملابسي على عجل وارتديت حذاء
طويلا من المطاط ورداء مانعة للمطر ، إذ كان المطر يتساقط في شكل رذاذ . وكانت السفينة تتراقص بسبب أمواج عالية، ولاحظت من الحسرة الكوبرى » نافورة ضيقة عالية تندفع في الهواء ، مما أثبت أنه حوت ذو زعنفة ظهرية .
ولوح المدفعي بيديه قائلا : « هذا حوت مفترس ولا أستطيع أن أسدد
إليه الإصابة » .
وبدا الحوت زمنا طويلا وكأنه يلهو معنا ، ولم يكن بالمسافر ولا بالمتغذي . وظل يحوم حولنا لغير سبب واضح . وكان في بعض الأحيان يدور تحت سطح الماء ، وصعد عند مؤخرة السفينة . ولم يكن غوصه بالعميق، وكان طوله ۲۱مترا ،
وعلى الرغم من ذلك كان جسمه الضخم نحيلا كالأفعی .

وأخيرة بدأ يتجه بعيد عن السفينة فظننت أنه يبتعد نهائيا، ولكنه بدلا من ذلك اندفع إلى السطح في سحابة من الرذاذ . وبدوى المدفع رأيت الرمح يصيبه بين كتفيه ، فانقلب الشبح الضخم على جنبه دون حراك ، وصاح اليابانيون : « شیندا » . وهذا معناه : « میت » . ولكن الحوت ذا الزعنفة الظهرية
كان بعيدة كل البعد عن ذلك . إذ سرعان ما استقام فجأة و بضربة اجبارة من
ذيله ولي بعيدة .
وسحب الحبل بعيدة بسرعة كبيرة إلى درجة جعلت الفرامل الخشبية على الونش يتصاعد منها الدخان . مائة قامة ، مائتي قامة ، ثلاثمائة قامة من الحبل سحبها الحوت ، وأخيرا انهت اندفاعته وغاص تحت الماء . وتعلق الحبل جامدة كقضيب من الصلب ، وانتظرنا خمس عشرة دقيقة دون أي إشارة من أسفل ، وكان جونسون غير مطمئن وقال : «لا أريده أن يموت وهو غائص في الماء ؛ فالحبل ضعيف وقد يقطع في أثناء رفعه إلى أعلى لأنه غائص إلى مسافة بعيدة » .
وبدأ الحبل في الارتفاع بعد عشرين دقيقة ، وظهر الحوت على بعد حوالى ثمانمائة متر . وكانت المحركات ساكنة، ولكن السفينة بدأت تتحرك ببطء أولا ثم أسرع فأسرع، وكنا نجر بسرعة 16 کیلومتر في الساعة .
وقال جونسون : « لقد أصاب الرمح مكانة، رديئة ولم تنفجر القنبلة ، فهو إذن
لم يصب و يستطيع أن يجر بكل قوته » .
وفعلا جرنا الحوت ، واستمرت السفينة تتراقص على الأمواج مدة نصف ساعة . وأخيرة غاص الحوت ، وبعد عشر دقائق ظهر ثانية مثل سمك السالمون في أثناء قفزه ، فاندفع جسمه - الذي يبلغ طوله ۲۱ متر- في الهواء . و بدأ يندفع مرة أخرى إلى الأمام، ونادي الرجال في أسفل السفينة إن الحبل قد قارب
الانتهاء .
وسألت : « ما طول الحبل الذي سحب حتى الآن ؟ » . « حوالي ألف ومائی متر . « ما طول الحبل الذي معكم ؟». ولا أعلم على وجه التحديد .. أكثر من ثلاثة كيلومترات على ما أظن قد
يستخدمها كلها . لم أر حوتة بهذه القوة ! .
وأخيرا تباطأ الحوت ، وكانت المحركات تدور بنصف سرعتها العكسية ، ولكن
السفينة لا تزال تجر إلى الأمام . وفي كل مرة كان الحوت يغوص فيها يلف الونش جزءأ قصيرة من الحبل . وبدأ الحوت يضعف حوالى الساعة الحادية عشرة ، ونحنت السفينة قريبة منه ببطء ، وسكنت الريح ، ولكن الأمواج العالية كانت لا تزال موجودة ، فكانت السفينة تتأرجح كشيء أفلت زمامه، وارتخى الحبل في كل مرة نزلت السفينة من على قمة موجة ، ثم لا يلبث أن يشد مرة أخرى بصوت قرقعة مثل صوت البندقية . وصاح چونسون طالبة أقصى سرعة إلى الأمام . وأطلق المدفع في اللحظة التي اختي فيها الحوت . وكانت فرصة الإصابة ضئيلة . وشاهدنا الرمح يندفع على الماء في نصف دائرة واسعة ويسقط على ظهر الحوت ، ثم سمعنا انفجارة مدوية وارتخى الحبل مرة أخرى . لقد نسفت القنبلة الرمح المغروس في الحوت وبذلك أصبح حرا طليقة .
وتحركت السفينة بهدوء على الماء المائج ، وانتظرنا لنرى ماذا سيحدث ؟
والصوت الوحيد الذي كان مسموعة هو صوت مضخة في السفينة . وأخيرا أشار چونسون إلى اليسار قائلا : « ها هوذا هناك بعيدة جدا .
واقتفت السفينة طول اليوم أثر الحوت في المطر والضباب ، وحوالي الساعة الرابعة أمكن چونسون أن يصوب إليه قذيفة أخرى من بعيد ، وفي هذه المرة تمكن الرمح من الحوت ، فاندفع الحوت إلى الأمام وكأنه لم يصب من قبل. ولكن سرعان ما انتهى اندفاعه ، وانهارت قواه الهائلة ، ونام على السطح يزفر باستمرار . واستطعنا أن نرى الرمح معلقة في الظهر ، وشوكتين فقط منه مغروستين في الدهن .
وقال جونسون : «لا أجرؤ أن أقترب منه لأطلق عليه طلقة أخرى ، فإذا ما قام باندفاعة أخرى انفصل الحديد عنه .. يا رفاق أنزلوا قاربة وسددوا إليه الرمح وهو في مكانه .
وكنت دائما تواقة لأن أرى عملية تسديد الرمح ، فتساءلت عما إذا كان من
الممكن أن أساعد في التجديف .
فقال چونسون : « بكل تأكيد إذا رغبت في ذلك » . "
وكان القارب صغيرة لا يحمل أكثر من ثلاثة رجال أو أربعة ، وهو سهل القيادة و يمكن أن يدور بخفة . وتدحرج الزميل الياباني على الجانب حاملا رمح طويلا رفيعة من الصلب ، وكان إلى جواره بحار ، وكنت أنا أشد مجداف المقدمة . وكان الحوت مستلقية على السطح على مسافة 400 متر منا يزفر كل دقيقة أو دقيقتين .
وفي أثناء التجديف شاهدنا عشرات من الزعانف السوداء تمخر عباب الماء ويظهر بين وقت وآخر وميض بطن أبيض . إنها أسماك القرش اجتذبها دم الحوت. وقد كانت أسماك القرش كبيرة الحج طولها أربعة أمتار ونصف متر . وأنا أكره أسماك القرش، ولا أعرف السبب على وجه التحديد ولكنها تخيفني ، ولست أحدها بالمجداف فدار حول نفسه مظهر فيه المكشر على شكل نصف دائرة ، وصفا من الأسنان الشريرة المنظر مما جعلني أرتجف . وانزلقنا قريبة من الحوت من خلفه ، وكان يرقد عالية على الماء يبدو من جسمه ما لا يقل عن خمسة عشر مترة . لقد
كان حيوانا جميلا رشيقة مسحوبا کسبع البحر . وكان في استطاعتي أن أفرد ذراعي لألمس الجلد الناعم الرمادي . ولم أكن طيلة حياتي قد اقتربت من حوت حي . وبدا طويلا بدرجة مخيفة ، إذ كان يعادل طول قاربنا أربع أو خمس مرات، والماء يموج هادئة على جانبيه ، وتنزلق على ظهره أمواج صغيرة كما يحدث على شاطیء رملى . وكان الرمح الأول مغروسة إلى نصفه بين كتفيه ، والحبل المقطوع يتبعه من بعيد . ودل جرح قبيح على أثر الرمح الثاني .
وفجأة شعرت أن الحوت لابد أن يعيش . لقد كان من قبل حيوان مفترسة نقتفى أثره لنتغذى عليه . أما الآن فهو شيء حي وشخصي، ولابد لهذا الكائن الرائع أن يعوم بعيدة دون أذى ، ولم يشعر الرجال الآخرون بنفس الشعور بطبيعة الحال، إذ كان الحوت یعنی هم أطنانا من اللحم والزيت، وأموالا تدخل جيوبهم.
وأعطى ربان القارب الإشارة إلينا للانحراف بالقارب والرجوع إلى الوراء،
۱۲
فجلسنا رافعين المجاديف على استعداد للابتعاد . ووقف الربان وثبت قدميه جيدا ودفع بالنصل الطويل الرقيق إلى أسفل فصدرت عني تنهيدة كبيرة ، وسمعت اصطدامة يبعث على الغثيان . وقد قصر مجدافي عن أداء وظيفته ، فدار القارب واصطدم بجانب الحوت . واندفع الجسم كجبل رمادی و رأيت أن زعانف الذيل عرضها ستة أمتار، وتزن أكثر من طن ، تلوح فوق رأسي مباشرة ، وبدت وكأنها تعلقت في الهواء لثوان لا نهائية . وكما يحدث في الحركة البطيئة » بدت كأنها تنزل على مباشرة وأخطأتی حافتها بثلاثين سنتيمترا فقط ، ولكنها أصابت جانب القارب فمزقته إلى قطع صغيرة .


وبقى الحوت على السطح يزفر باستمرار
وكنت في الماء مرتدية معطف واقية من الماء، وحذاء اذا رقبة طويلة ، وجميعها تجرني إلى أسفل . واصطدم رأسي بقطعة من الخشب وأنا أطفو على سطح الماء . لقد كانت كل ما تبقى من القارب . وكان قائد القارب يسبح تجاهه في حين
اعتبرت البحار الياباني الدهشة ، فقد رقد و وجهه إلى أعلى إلى جانب الحطام . وبعد لحظة استدار باحثة بطريقة عشوائية عن قطعة من الخشب : وكنا جميعا معلقين في قارب نصف غارق، وكان الحوت مستلقية على جانبه على مسافة أقل من ثمانية عشر مترة بعيدة عنا .
ثم رأيت ما راعني : إذ انقلب لون الماء إلى اللون الأحمر، عندما هاجم قطيع من القرش جسم الحوت مثل مجموعة من مصاصي الدماء . وكانت تقضم بأسنانها قطعة ضخمة من اللحم والدهن . وجاء مزيد من جماعاتها مقتفية أثر الدم ، واصطدم رأس أحدها بقدمي فاتحة فكيه فرفسته فتقهقر إلى الخلف . وانزلق آخر بالقرب من ذراعي، فضربته في أنفه بقبضة يدى . لقد اعتراني الخوف تماما ، فصحت للقائد أن ينتزع قطعة من خشب القارب لاستخدامها کهراوة .
وفي كل مرة اقترب منا القرش ضربناه في أسنانه أو على رأسه ، وأمسك أحدها
بطرف الحذاء وتعلق به ، فرفسته بعصبية فنزع الحذاء بين فكيه . وقد أصاب هذه الحيوانات الحبل نتيجة لرائحة وطعم الدم ؛ فكانت تقضم أي شيء متحرك . ودافع قائد القارب کرجل مجنون . وكان يطعن الوجوه المكشرة وهو يصيح من الخوف القاتل .
أما البحار الياباني فكان لا يزال معلقة على القارب نصف مشدوه . فجاء
قرش وأطبق بفكيه على عرقوب قدمه فصاح من الألم ، فطعن قائد القارب القرش في عينيه فتراجع المفترس إلى الوراء . ولاحظت قطعة من اللحم الآدمى الذي تسيل منه الدماء تنزل في زوره . وانزلق الرجل من على الحطام فأمسكته من شعره وأعدته إلى مكانه .
وبعد مضي بضع دقائق جاءت السفينة وصوب چونسون رمحا إلى الحوت وأرسل إلينا قاربة. وعندما رجعنا إلى المحطة في «إيكاوا، فعلنا كل ما يستطاع لإنقاذ الرجل الجريح؛ إذ كان كل عرقوب رجله منزوعة وأسنان القرش قد تركت آثارها في عظامه . وفقد البحار الياباني رجله، ولكننا كنا حسنى الحظ لأننا لم نفقد أرواحنا .


ولحسن الحظ أرسلت السفينة قاربة صغيرة ليلتقطنا وطباع حيتان الزعنفة الظهرية والكبريت متشابهة جدة ، فما تقوله عن واحد ينطبق بنفس الدقة على الآخر : فوقت التزاوج والطباع والهجرة هي نفسها تقريبا. ولكن لا تدفع حيتان الزعنفة الظهرية النافورة إلى مثل ارتفاع أو سمك نافورة حوت


الكبريت ؛ وذلك لأنها أصغر منه حجما ووزنا . ولكنه من العسير التمييز بينهما من مسافة بعيدة .
وحيتان الزعنفة الظهرية هي أكثر الحيتان الكبيرة وفرة ، في الوقت الحاضر ؛ فهي توجد في جميع محيطات العالم . فإذا كنت تعبر المحيط الأطلنطى أو الهادی وتری حوتة تستطيع أن تقول بمنتهی الاطمئنان : إنه ذو زعنفة ظهرية . وكما في حالة حوت الكبريت لا ترفع هذه الحيتان ذيلها خارج الماء عند غوصها ؛ إذ يدفع الحيوان نفسه إلى أعلى ببساطة ويقوس ظهره و يغوص تحت السطح ببطء.
وتسافر حيتان الكبريت وحيتان الزعنفة الظهرية بسرعة تحت الماء لمسافات طويلة دون أن تخرج للتنفس . في ذات مرة كانت سفينة صيد الحيتان رکسومارو (Rekksu Maru) على بعد۹۶ کیلومتر من ساحل اليابان، وأصاب محركها عطل اضطرها إلى التوقف . فوقفت في مكان المراقبة على الصاري لمدة ثلاث ساعات . ولم يكن هناك أي أثر لحوت . وفجأة ظهرت أربعة حيتان من نوع الزعنفة الظهرية أمام السفينة مباشرة. وبدأت في التغذية ، واستمرت نصف ساعة ، ثم غاصت جميعها بعد ذلك . وزفرت بعد ذلك على مسافة تبعد ۸۰۰ متر ثم اختفت . ولا يمكن أن تكون هذه الحيتان قد زفرت على مسافة ثمانية كيلومترات من السفينة دون أن أراها . لقد كان المحيط ساكنة جدا ، وكانت النافورات تتلألأ في ضوء الشمس مثل سحب من غبار الفضة . لذلك لابد أنها تكون قد أتت من مسافة بعيدة وهي تحت سطح الماء .
وأخبرني الكابتن جراهام أنه في مضيق فردريك ظهرت مجموعة من الحيتان ذوات الزعنفة الظهرية فجأة في نفس المكان بعد ظهر كل يوم في الساعة الرابعة . وبدا كما لو كانت نائمة على القاع . وحقيقة أنها كانت مسافرة بسرعة تحت سطح الماء . إذ أن الحيتان وخنازير البحر لا تنام إلا على السطح أو بالقرب منه .
وللحيتان وسيلة محددة للاتصال، وفي المعتاد يكون هناك ستة أو ثمانية موزعة
66
على مسافات متباعدة ، وتترك جميعها السطح معا . وبعد وقت تظهر في نفس اللحظة . فلابد أن يكون هذا نتيجة الإشارة معينة . وقد ابتكر الأسطول الحربي أجهزة للاستماع إلى الغواصات يستطيع بها البحارة الاستماع إلى كل الأصوات تحت الماء . وكان بعضها يشبه الصفير أو الصياح: وساد الاعتقاد بأنها صادرة من الحيتان ، وأنا متأكد من صحة ذلك ؛ لأنه ثبت صدورها في حالة خنازير البحر .
وكم من سفينة أتلفها الحيتان أو أغرقتها ، ولكن ربما أصيب معظمها مصادفة ، فقبل أن يموت الحوت يمر في بعض الأوقات بمرحلة تهيج ، إذ يهاجم بوحشية في جميع الاتجاهات وهو أعمى تماما في كل هجماته . وإذا كانت هناك سفينة قريبة فربما أصابها .
وبعد أن تركت آلاسکا مباشرة أغرق حوت ذو زعنفة ظهرية سفينة خشبية تسمی سورنسون (Sorenson) ، إذ أصيب الحوت برمح وكان مستلقية في سكون على السطح . وظن القبطان أنه ميت ، وفجأة وبدخول الحوت في مرحلة هياج الموت بدأ الهجوم . وحاولت السفينة التراجع إلى الخلف لكن بعد فوات الأوان ؛ إذ أتى الحوت بسرعة هائلة واصطدم بجسمه الذي يزن سبعين طنة بالسفينة ، ومزق رأسه الضخم السفينة إربة ، واستطاع رجالها أن ينزلوا في قوارب صغيرة قبل أن تغرق .


66هاجمنا حوت سای (Sei) متوحش لقد ساد الاعتقاد لسنين عديدة أن حوت الساي هو صغير حوت الكبريت أو حوت الزعنفة الظهرية . وطوله بين اثني عشر مترا وستة عشر مترة ونصف متر . ويبدو من أول وهلة أنه مثل حوت ذي زعنفة ظهرية صغير ، إذ أن له نفس شكل الجسم الرشيق النحيل ذي اللون الرمادي .
:
وإلى أن بنيت المحطات الساحلية كان علماء التاريخ الطبيعي يظنون أن حوت السای نادر جدا ؛ إذ لم تسجل إلا في شمال المحيط الأطلنطى . وعندما ، ذهبت إلى اليابان وجدت اليابانيين يقتلون حوت يسمونه « يواشی كوچيرا Iwashi) . (Kujira أو حوت السردين ». وكانوا يصطادون مئات من هذه الحيتان لمدة : خمسة عشر عاما في الصيف . وقد ثبت أن حوت السردين هو "حوت السای ، مع أنه لم يكن أحد من العلماء قد عرف أن حوت السای موجود في المحيط الهادى إطلاقاًز هذا يثبت قلة ماكان معروفاً عن الحيتان في ذلك الوقت.وقد أرسلت هيكلين عظميين إلى المتحقف الأمريكي في نيويورك،وكتبت كتاباً عن الحوت السايز
ويسميه النرويجيون((حوت الساي)) لأنه يصل كل سنة إلى شواطئ قينمارك مع سمك البكلاه-او السيج(seje) كما يسمونه-أما التسميى اليابانية فهي ليست سليىة وطعام الحوت الرئيسي ((الجمبري))والفشريات الصغيرة.ولا يلجأ الى أكل السردين والاسماك الصغيرة الا في حالة عدم وجود الاصناف السابقة.
وكانت لي خبرة ممتعة في صيد حيتان الساي على شواطئ اليابان.فهي تصل بالقرب من إيكاةا شمال اليابان في اوائل يونيو.وتكثر خلال يوليو وأغسطس وتصبح أكثر من اي حيتان اخرى. وقد قتل احد اصدقائي-وهو شاب ترويجي يسمى الكابتن إريك أندرسون (Erik Andersson)- عدد كبيرا منها،وسألني أن اخرج معه في رخلة لصيدها فسررت جداً;إذ أنه من الممتع دائماً أن أرى حيواناً جديداً للمرة الاولى.واصطحب إريك زوجته اليابانية معه; وكان اسمها شيوسان (chio-san). وكانت قد خرجت معه إلى البحر عدة مرات وعشقت الاثارة.وليس من الشائع الترحيب بالنساء في رحلة مطاردة الحيتان.ولكن اليابانيين كانوا يميلون إلى شيوسان،فقد كانت جميلة وأحضرت معها لهم بعض الهدايا فرحبوا بها على ظهر السفينة.
وقضينا الليلة على سفينة إريك:إذ كنا سنبحر مع مطلع الفجر.وعندما ارتديت ملابسي صباح اليوم التالي،كانت الشمس تدخل من كوة في جانب السفينة.ولكن السفينة كانت تمخر عباب أمواج عالية.وفي الساعة العاشرة أبصرتا مجموعة من حيتان الساي مانت رشيقة رزينة،وبدت انها ثلاثة عشر متراً ونصف متر في الطول. وتلالالات نافوراتها مثل ضباب فضى مدفوع في الهواء. وكانت كل نافورة تشبه نافورة الحوت ذي الزعنفة الظهرية ، إلا أنها ليست في ارتفاعها ، لأن حوت الساي أصغر جسما . وكان عمود البخار يرتفع إلى علو يتراوح بين ترين ونصف المتر وثلاثة أمتار ونصف متر . وكنت أستطيع أن أرى الزعنفة الظهرية عالية تشبه المنجل، وهي أكثر ارتفاعا من زعنفة حوت الكبريت، أو ذي الزعنفة الظهرية . وهذا حقيقة ما يميز الحوت في الماء عن غيره من الحيتان .
وحيتان السای عادة سهلة الصيد، إلا أن تلك الحيتان كانت متوحشة ، فقد كانت تزفر ببلادة عند السطح كما لو كانت نصف نائمة ، ولكن عندما اقتربنا منها انزلقت تحت الماءوخرجت مرة أخرى على بعد كيلومتر ونصف كيلومتر أوأكثر .وكنت مهما جد ابغوصها ، فقد كان مختلفة عن غوص حوت الكبريت وذي الزعنفة الظهرية. وخرج حوت السای بمیل شدید و زفر مباشرة ، ثم استمرت الحركة إلى الأمام وإلى أسفل ،وغاص الجسم تدريجيا حتى اختفى . ولم يكن الظهر مقوسة مثل ظهر حوت الزعنفة الظهرية، كما لم تكن هناك حركة استدارة ، وظهر قليل من الجسم أعلى سطح الماء ، ولم يظهر الذيل إطلاقا في الخارج.
وطاردنا هذه الحيتان الهائلة ، وكان إريك على قاعدة المدفع ووقفت خلفه
مباشرة ومعی آلة التصوير « الكاميرا » . وكانت زوجته جالسة على مقعد في ركن الجسر « الكوبري ». .
وأخيرا اشماز إريك وقال : « هذه الحيتان مستحيلة . سنتركها ونبحث عن
غيرها .
ودق جرس السفينة معلنا الساعة الرابعة قبل أن نجد حوت سای آخر يتغذی على « الجمبرى » ويزفر باستمرار ، ونادرا ما كان يمكث طويلا تحت السطح . وكانت زعنفته الظهرية تشق سطح الماء في اتجاه ، ثم في اتجاه آخر . وكان دائما مركزا لقطيع من طيور البحر التي تتصايح وتغوص في الأمواج ثم ترتفع : وتناثر الماء في آلاف من القطرات البذورية من أجنحتها البنية .
وبلغنا أقصى سرعة لنا ، فامتنع الحوت عن التغذية و بدأ في الاندفاع بعيدة وكان الحوت مركز قطيع من طيور البحر الى تحدث صوتاً عالياً عنا مباشرة.وعندما ارتفع لكي يغوص استطعت ان ارى علامة خلف زعنفته الظهرية.
وقال إربك:((هذه ندبة رمح قديم.وهي علامة سيئة،فقد يسبب لنا مشاكل)).
وكانت المحركات في أبطأ سرعة لها ، وإريك واقفة عند المدفع يحركه من جهة أخرى وقد انضمت قدماه في وضع استعداد للتصويب . وكان يصيح كل
بضع ثوان بالبحار الواقف في مكان المراقبة قائلا : « هل تراه ؟».
ومكثنا ست دقائق ثم صاح الرجل : « إنه ات بسرعة من الجهة اليسرى للسفينة » .
وفي لحظة بدأ الماء يفور ويهدر ، واستطعنا أن نرى ظلال الشبح ترتفع ثم
يتحكم في اندفاعته إلى أعلى ويسبح محاذية للسفينة وفي نفس اتجاهها.
وصاح إريك : « هذا سيء . إننا لن نتمكن منه .. سرعة أكثر، إنه
يغادرنا .. نصف السرعة» .
ن أنسى الانفعال الشديد الذي اعتراني في هذه الدقائق القليلة . كان الشبح الرمادي يسبح تحت سطح الماء بمسافة مترين ، ولكنه كان محميا بالماء كما لو كان درعة من الصلب.
وصاح إريك : « إنه لن يخرج : هذا سيء . والآن - الآن سأطلق
القذيفة ».
وفي مرآة آلة التصوير « الكاميرا » استطعت أن أرى الرأس الرمادي الضخی يندفع إلى السطح ، وانفتحت فتحات الأنف دافعة عمودا من البخار ، ثم دفع الجسم الانسيابي نفسه إلى أعلى والماء يتدفق من زعنفته الظهرية . ثم سمع زئير يصم الآذان ، وغاب كل شيء في سحابة من الدخان، وضغطت على زر الآلة « الكاميرا ».
وقبل أن أرى شيئا سمعت اليابانيين يهتفون : « شیندا » . وبعد لحظة انحسر الدخان ، وكان هناك الحوت مستلقية على جنبه دون حراك . ثم غاص ببطء وأصبح الحبل مشدودة ومعلقة إلى أسفل .
وكشر إريك قائلا : « إنه لم يدرك ماذا أصابه » . وبعد بضع لحظات أعطى أوامره بسحب الحوت. وأدار المهندس « الونش » فارتخي الحبل، ثم شد مرة أخرى وبدأ يرتفع ، وكانت قطرات الماء تتساقط منه عند السطح المضطرب .
ثم زفر الحوت على مسافة ۹۰ مترة بعيدة عنا ، وكان لون النافورة مخضبة بالاحمرار، ثم استلتقي ساكنا لفترة واستدار سابحة في اتجاه السفينة وتحرك ببطء في بادئ الأمر وازدادت سرعته كل ثانية . ولما أصبح في اتجاهنا تقريبا أصابه الجنون ، وبانتفاضة هائلة من ذيله اندفع ناحية السفينة .
وصاح أندرسون وهو يتراقص كمن أصابه مس: «سرعة كاملة إلى الخلف ،
سيغرقنا .. سيغرقنا .
وكان الحوت قادمة في سرعة هائلة مغطى برغوة الماء يضرب بذيله الضخم إلى أعلى وإلى أسفل ، وفي لحظة أصاب السفينة فاستدرنا نصف دائرة حوله ، فضرب ضربة سريعة ، فارتعشت السفينة الصغيرة ومالت على جنبها كثيرة، واصطدم الحوت بجانبها واضعة أنفه في المراوح مباشرة ، فقطعت ريشها الدائرة إربا من دهن البوز والفكين ، فتقهقر إلى الوراء خلف السفينة ، ثم سبح موازية لها وكل رأسه خارج الماء .
ووقعت على السور، ولكني تمسكت بآلة التصوير « الكاميرا ، ووجهتها ناحية الحوت وهو يندفع إلى جانبنا، وضغطت الزر، وبعد لحظة انقلب الحوت على جنبه رافعة زعانفه الذيلية مستقيمة إلى أعلى وغاص في الماء ، لقد كان هذا هو هياج الموت .
وانساب العرق على وجهی وجسمی ، وكان إريك يصيح مصدرة تعليماته بالإنجليزية والترويحية واليابانية كلها في نفس الوقت ، لقد أدرك أننا نجونا بأعجوبة على الرغم من أني لم أدرك ذلك في تلك اللحظة ، فإذا كان الحوت الذي يزن خمسين طنا وهو مندفع بسرعة كبيرة ، قد اصطدم بالسفينة رأسا لكانت النهاية ، ولكان الرأس قد فتح فتحة في جدارها ولغرقت في ثوان ، لقد أنقذنا الرجل الواقف على « الدقة » إذ بتركه السفينة تتحرك بحرية جعلها تتعرض لضربة خاطفة ، و بأعجوبة أخرى لم تكسر أو تنتن ريش المروحة ، لقد كان هذا ببساطة الحظ الذي حالف هذه السفينة منذ تولى الكابتن أندرسون قيادتها.
ورفع الحوت الميت إلى السطح ونفخ بالهواء ، ثم ربطه البحارة إلى جانب السفينة وذيله إلى الأمام، ونزلت أنا وإريك وزوجته إلى السفينة لتناول قدح من الشای .
وصعدنا إلى السطح بعد 15 دقيقة، ووقفت بجانب السور أنظر إلى أول حوت ساي أراه ، وفجأة انزلق جسم داكن تحت السفينة فظننت أنه تخیل منی ، ولكن تبعه آخر ، ثم آخر، وسرعان ما اندفعت من كل جانب خیالات تشبه الأشباح مندفعة هنا وهناك ، وأحيانا يظهر بطن أبيض إذا ما مال أجدها على جنبه .
جذبت الدماء أسماك القرش الضخمة كانت هذه أسماك القرش الضخمة جذبها آثار الدم ، وكانت مثل النسور التي تتجمع حول ولية من جسم حیوان صحراوی میت ، وقد راقبت أحدها وهو يقضم قطعة ضخمة من الدهن في شكل الفنجان ، وجاء آخرون كل تلازمه الحيتان سمكته المخططة التي تقوده و يسبح خلف زعنفتها مباشرة ، وبعد عشر دقائق كان هناك قطيع من أشباح البحر ذوات الأعين البيضاء تهش جثة الحوت .
واستشاط إريك غضبا وقال : « ستأكل حوتي ولا يبقى لنا إلا العظام . هات
الرماح الصغيرة ». .
وأحضر خمسة أو ستة بحارة رماحة يدوية ، فقذف إريك بأحدها في ظهر قرش ، ولكن الوحش انتظر إلى أن يقضم ملء فمه قبل أن يترك الحوت ويبتعد في الماء ، وغرس خطافان من خطاطيف القوارب في خياشيمه ورفع على سطح السفينة ، وقدرت طوله بنحو ثلاثة أمتار ونصف متر ، ولم يكن بأطول أفراد المجموعة ، وكانت الرماح بطيئة جدا في محاربة القرش ، فأحضر إريك بندقيته وأخذ يصوبها إلى رءوسها ، فقتل ثلاثة عشر منها مزقتها القروش الأخرى إربة وهي طافية خلف السفينة .
ولا أعتقد أن مهاجمة حوت الساي لنا كانت عن قصد ، لقد كان في اندفاعته على غير هدى في أثناء هياج الموت ولم يع ما كان يفعله ، وعلى أي حال فقد كان الموقف خطيرة علينا .
ونعلم الآن أن حوت السای من الفصائل الشائعة وموزع توزيعة واسعة ، فيوجد على جاني المحيط الأطلنطى والهادي ، وفي مياه نصف الكرة الجنوبي ،" ويذهب حول رأس هورن (Horn) بكل تأكيد ، وربما يسافر بعض أفراد من شمال الأطلنطى إلى جنوبه ، ثم إلى جنوب المحيط الهادي . وليس هناك حوت كبير آخر بهذه الدرجة من عدم الاستقرار ، فلابد أن يكون دائما في حركة ، وتسبح حيتان السای مسافات طويلة ثم تظهر في أعداد كبيرة في أماكن لم يعرف أنها وجدت فيها من قبل .
وتقضي حيتان الساي التي تعيش في نصف الكرة الجنوبي الشتاء حول جنوب أفريقيا ، وفي الصيف تنتقل جنوبا إلى ما لا يتعدى جزيرة جنوب چورچيا في جنوب المحيط الأطلنطى . وقلما توجد حيتان الساي عند أطراف الحديد ؛ذ أنها حيتان تحب المناطق المعتدلة وتكره البرودة الشديدة .. وفي المحيط الهادی تقضي حيتان الساي الشتاء في المياه الدافئة ، وتذهب شالا على طول ساحل اليابان في يونيو . وهجرها السنوية منتظمة إلى حد كبير في جميع المحيطات .
ولا يقتل معظم الصيادين حوت الساي إذا وجدوا أنواعا أكبر . فهي صغيرة
ونحيفة ، وإنتاجها من الزيت ومواد السماد لا تبرر المتاعب في أثناء صيدها . وفي اليابان يقدر لحمها على أنه جيد ، ولذلك فإن اليابانيين يصطادونها للغذاء طول الصيف عندما تكون حيتان الكبريت وذوات الزعنفة الظهرية قد ابتعدت شالا .
والسای حوت جميل ، ولون ظهره رمادی مائل إلى الزرقة القائمة يتدرج إلى رمادی بزرقة خفيفة على الجوانب . وعلى الجسم خطوط رمادية متموجة ، والرقبة والصدر لونهما أبيض . أما أسفل الثنايا فهي عادة حمراء رائقة . ويمر شريط رمادي داكن حول البطن . وتوجد على الجسم كله ندوب بيضاء بيضاوية الشكل . والزعنفة الظهرية أعلى كثيرة من أي نوع من أنواع الحيتان الزعنفية الأخرى .
وعدد ثنايا الزور والصدر يتراوح بين اثنتين وثلاثين واثنتين وستين . والبالين
دقيق في تركيبه وذو لون أزرق مسود داكن . وبعض الصفائح مخططة بالأبيض أو بالرمادي . وتوجد عادة اثنتا عشرة شعرة على كل جانب من جوانب الفك السفلى في صفوف أفتية . .
وعادات حيتان السای تشبه كثيرا عادات الحيتان الزعنفية الأخرى . والقصة
بالاختصار هي أن في نصف الكرة الجنوبي تكون أشهر التزاوج من مايو إلى أغسطس في المياه الدافئة حول جنوب أفريقيا. وتضع هذه الحيتان صغارها كل سنتين بعد حمل يستمر اثني عشر شهرة . ويبلغ طول الوليد عند الوضع أربعة أمتار وعشرين سنتيمترا، ويرضع لمدة خمسة أشهر ، ويفطم بعد ذلك ويكون طوله حوالي ثمانية أمتار . وأكبر حيتان السای سنة مما أمكن تقدير عمره كان خمسة عشر سنة . وتولد الذكور بزيادة ۱۰٪ عن الإناث . وبذلك ترى أن هذه المجموعة من الحيتان الزعنفية لا تختلف كثيرة في تاريخ حياتها .
ويستطيع حوت الساي أن يسبح أسرع من أي حوت كبير آخر لدفعة قصيرة . وقد تصل سرعته إلى 48 كيلومترا في الساعة، ولكنه سرعان ما يتعب . وبالقياس إلى الحيتان الأخرى فهو ليس قوية جدة ؛ لأنه ليس ضخمة جدا . ولا يستطيع حوت الساي أن يجرسفينة عدة ساعات ، كما يفعل حوت الكبريت أو حوت الزعنفة الظهرية ؛ فهو مثل الفهد أو النمر الصياد ؛ إذ يستطيع الفهد في الأمتار التسعين الأولى أن يصل إلى سرعة حوالي ۱۱۲ کیلومتر في الساعة ، أما بعد هذه الاندفاعة الأولى فتنتهي سرعته.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

عام. يمكن القول...

عام. يمكن القول إن نظام المعلومات يعزز شفافية السوق من خلال توفير المعلومات اللازمة ويعزز تداولية ال...

In this present...

In this presentation, I will focus on main points: First, I will provide a definition of the concep...

في خسائر فادحة ...

في خسائر فادحة للذرة، والمحاصيل السكرية، والأعلاف النجيلية، والكينوا. لمواجهة هذه التحديات بفعالية،...

أدى الإنترنت وا...

أدى الإنترنت والتطور الرقمي إلى إحداث تحول جذري في أساليب التواصل وتبادل المعلومات بين الأفراد. فنحن...

تم في هذا المشر...

تم في هذا المشروع تطبيق مكونات الواجهة الأمامية (Front-end) والواجهة الخلفية (Back-end) الشائعة لضما...

تُعد عدالة الأح...

تُعد عدالة الأحداث من أهم القضايا التي تشغل الأنظمة القانونية والاجتماعية في مختلف دول العالم، نظرًا...

كان تحالف ديلوس...

كان تحالف ديلوس في البداية قوة دفاعية ناجحة، لكنه تحول مع الوقت إلى أداة للسيطرة الأثينية، مما أدى إ...

--- ### **التع...

--- ### **التعريف:** عوائق التعلم التنظيمي هي **عوائق إدراكية، أو ثقافية، أو هيكلية، أو شخصية** تم...

أولا شعر الحزب ...

أولا شعر الحزب الزبيري بدا يتنصيب عبد الله بن الزبير نفسه خليفة على الحجاز، واستمر تسع سنوات، وانته...

ث‌- الصراع: يع...

ث‌- الصراع: يعتبر من المفاهيم الأقرب لمفهوم الأزمة، حيث أن العديد من الأزمات تنبع من صراع بين طرفين...

تعرض مواطن يدعى...

تعرض مواطن يدعى عادل مقلي لاعتداء عنيف من قبل عناصر مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي أمام زوجته، في محافظة...

زيادة الحوافز و...

زيادة الحوافز والدعم المالي للأسر الحاضنة لتشجيع المشاركة. تحسين تدريب ومراقبة العاملين الاجتماعيين...