لخّصلي

أخيرا خطرت له فكرة. لقد أراد أكثر من مجرد التخلص من الأحلام المزعجة: كان عليه أن يسيطر عليها حتى يتمكن من تكييفها ، وإخراج كل الهواء العفن منها ، وتوافقها مع قوانين وقواعد الحياة الهولندية الصحية. يجب أن تتعلم الأحلام اللغة الجديدة في هذا البلد ، حتى يتمكنوا من تخيل صور جديدة وأفكار جديدة. كل الوجوه القديمة الكئيبة والبائسة ستختفي. لذلك قرأ فوينتيس عدة مرات من الكتب والمجلات حول أسرار النوم والأحلام وفقًا لجميع الأساليب والمدارس الفلسفية الممكنة.

منعته كرامة فوينتي من إخبار زوجته بما يمر به. كان يعتقد أنها كانت مشكلته الخاصة وأنه يمكنه التعامل معها. بعد كل شيء ، لقد مر بأصعب وأروع التجارب من قبل. في المقابل أبدت الزوجة مزيدًا من الصبر على سلوكه الغريب. لم تنس كم كان لطيفًا وكرمًا ، وقررت أن تمنحه فرصة أخيرة قبل أن تتدخل وتوقف ما كان يحدث.

في إحدى ليالي الصيف الجميلة ، كان كارلوس فوينتس نائماً مرتدياً زياً عسكرياً. كان قد وضع مسدس لعبة بلاستيكي بجانبه في السرير. بالكاد تحول النوم إلى حلم مما تمناه وانتظره لأول مرة. أدرك أنه كان يحلم بينما كان في الحلم. كان هذا بالضبط ما كان يبحث عنه: أن يكون قادرًا على استخدام وعيه داخل الحلم للتخلص من كل خردة العقل الباطن.

في الحلم ، كان يقف أمام باب منزل قديم بدا وكأنه قد دمر بنيران في حياة سابقة. كان المنزل في وسط بغداد. ما أزعجه هو أنه رأى كل شيء من خلال منظار البندقية التي كان يحملها في يديه. ركل فوينتيس الباب. شق طريقه إلى شقة تلو الأخرى ، وقص كل من في الداخل بلا رحمة. حتى الأطفال لم ينجوا من أمطار الرصاص. صرخ الناس مذعورين ، كانت الفوضى عارمة. لكن فوينتيس لم يكن منزعجًا ، فقد حصد ضحاياه بمهارة وبدقة قصوى. كان يخشى أن يستيقظ قبل انتهاء المهمة. "لو كان لدي بعض القنابل اليدوية ، كان بإمكاني القيام بعمل قصير لهذا المنزل والانتقال إلى المكان التالي ،" قال.

لكن في الطابق السادس قوبل بمفاجأة غير سارة عندما دخل الشقة الأولى ووجد نفسه وجهاً لوجه مع سالم عبد الحسين! وقف سالم عارياً قرب النافذة ممسكاً يديه بمكنسة ملطخة بالدماء. ارتجفت يد فوينتيس صوب رأس سالم. ابتسم سالم وكرر بصوت مزعج: "سالم الهولندي ، سليم المكسيكي ، سليم العراقي ، سليم الفرنسي ، سليم الهندي ، سليم الباكستاني ، سليم النيجيري ..."
كان فوينتيس على وشك الانهيار ، وكان مرعوبًا. بصرخة مدوية ، أطلق وابلاً من الرصاص على سالم عبد الحسين ، لكن سالم قفز من النافذة دون أن يصاب برصاصة واحدة.

عندما استيقظت زوجة فوينتيس على الصراخ ونظرت من النافذة ، كان كارلوس فوينتيس ممددًا ميتًا على الرصيف وبركة دم تنمو ببطء تحت رأسه. ربما كان بإمكان فوينتيس مسامحة الصحف الهولندية التي كتبت أن رجلاً عراقياً انتحر ليلاً بالقفز من الطابق السادس ، بدلاً من أن يكتب أن مواطنًا هولنديًا انتحر.

لكنه بالتأكيد لن يغفر لإخوته الذين أخذوا جثته إلى العراق ودفنها في مقبرة النجف. لكن أفضل جزء من قصة فوينتيس بأكملها كانت صورة له التقطها مصور هاو عاش بالقرب من موقع الحادث. التقط المصور الشاب الصورة من زاوية منخفضة. كانت الشرطة قد غطت الجثة ، والشيء الوحيد الذي خرج من تحت الغطاء الأزرق هو يده اليمنى. كانت صورة بالأبيض والأسود ، لكن الحجر الكريم في الخاتم على إصبع كارلوس فوينتي كان يتلألأ باللون الأحمر في مقدمة الصورة ، مثل شمس في الجحيم.