خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
وأما الوجه الثاني وهو فائدة الأمر فانه لما كان الأمر هو بعث من آمر لمأمور على إيقاع فعل في زمان وجب أن ننظر في فائدته في هذه الأشياء كلها فننظر في فائدته في الفعل الذي هو بعث عليه وفيما يتبع ذلك الفعل وأما النظر في فائدته في الوقت فان الأمر إما أن يكون مقيدا بوقت محدود وإما أن لا يكون مقيدا بوقت فيجب أن ننظر فييما ليس بمقيد هل يقتضي التكرار أم لا وفيما هو مشروط بشرط يتكرر هل يقتضي التكرار بتكرار الشرط أم لا وإن لم يفد مطلقة التكرار هل يجب تقديم فعل المرة أم لا وهل إذا لم يقدمها المكلف اقتضى الأمر فعلها فيما بعد أم لا وإن كان الأمر مقيدا بوقت محدود له أول وآخر نظرنا هل يوجب الأمر الفعل في جميعه على البدل أو يوجب تقديمه في أوله أو يوجب تأخيره إلى آخره وهل إذا عصى المكلف المأمور به اقتضى الأمر فعله بعده أم لا وأما النظر في فائدته فيما يرجع إلى المأمور فبأن ننظر هل يدخل الكافر والمرأة والعبد والصبي في مطلقه أم لا وإذا تناول جماعة وكان بعضهم يقوم مقام بعض في ذلك الفعل هل يفيد الإيجاب على جميعهم على البدل أم لا غير أن الكلام في دخول الكافر والمرأة والعبد والصبي يليق بأبواب العموم والخصوص لأنه كلام في شمول الخطاب لهم ونفي شموله لهم ومن يقول إنهم يدخلون تحت الخطاب يقول ذلك لأن لفظ العموم يشملهم ومن قال لا يدخلون فيه أو بعضهم يقول إن فقد تمكنهم من الفعل يخرجهم عن الخطاب وأما الوجه الخامس فإنا ننظر في شرائط حسن الأمر ونحن بمعونة الله نأتي على الكلام في هذه الأبواب على النسق إن شاء الله عز و جل اعلم أنه لا شبهة في أن قولنا أمر يقع على جهة الحقيقة على القول المخصوص وذلك غير مفتقر إلى دلالة واختلفوا في وقوعه على الفعل فقال أكثر الناس إنه يقع عليه على سبيل المجاز وقالت طائفة من أصحاب الشافعي إنه يقع عليه على سبيل الحقيقة وقالت لذلك إن أفعال النبي عليه السلام على الوجوب لأنها داخلة تحت قول الله سبحانه فليحذر الذين يخالفون عن أمره وأنا أذهب إلى أن قول القائل أمر مشترك بين الشيء والصفة وبين جملة الشأن والطرائق وبين القول المخصوص يبين ذلك أن الانسان إذا قال هذا أمر لم يدر السامع أي هذه الأمور أراد كما أنه إذا قال إدراك لم يدر ما الذي أراد من الرؤية واللحوق فاذا قال هذا أمر بالفعل أو قال أمر فلان مستقيم أو قال قد تحرك هذا الجسم لأمر من الأمور وجاءنا زيد لأمر من الامور عقل السامع من الأول القول فان قالوا إن اسم الامر يقع على جملة ما وجد من الأفعال ولا يلزمنا أن يطرد في آحادها لأنا لم نجعله عبارة عن آحادها والجواب إنا وإنما تكلمنا على من جعل اسم الأمر عبارة عن آحاد الأفعال وهو مذهبكم ولهذا استدللتم بقول الله سبحانه وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر والمراد بذلك عندكم كل فعل من أفعاله فأما من قال هو عبارة عن جملة الأفعال فقد أبعد أن اسم الأمر يتناول جملة شأن الانسان أفعاله وغير أفعاله ولا طريق إلى العلم بان جملة الافعال وحدها يقع عليها هذا الاسم ألا ترى أن قول القائل أمر فلان مستقيم وهذا يدخل فيه شأنه وطرائقه أفعاله وغير أفعاله واحتج من جعله واقعا على الفعل حقيقة بوجوه ومنها قوله سبحانه وتعالى وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر والجواب أنه ليس المراد بذلك أن فعله كلمح بالبصر وإنما المراد بذلك أن من صنعته وشأنه أنه إذا أراد شيئا وقع كلمح البصر في السرعة ومنها قولهم قد خولف بين جمع الأمر إذا أفاد القول وبين جمعه إذا أفاد الفعل فقيل في الأول أوامر وفي الثاني امور فدل على أنه حقيقة فيهما والجواب أنه قد حكي عن أهل اللغة أن الأمر لا يجمع أوامر لا في القول ولا في الفعل وأن أوامر جمع آمرة وأيضا فان أمر وامور يقع كل واحد منهما موقع الآخر إن استعمل في الفعل على ما ذكروه وليس أحدهما جمعا للآخر ألا ترى أنه يقال أمر مستقيم فيفهم منه ما يفهم من قولنا اموره مستقيمة وعلى أن اختلاف جمعيهما ليس بأن يدل على أنه حقيقة فيهما بأولى من أن يدل على أنه مجاز في أحدهما وحقيقة في الآخر فان قيل الجمع أحد أدلة الحقيقة وقد جمع الأمر أمورا إذا استعمل في الفعل كان لمن يسلم لهم استعمال اسم الأمر في الفعل أن يجيب بالوجهين الأولين فأما نحن فلا نسلم ذلك وإنما نقول إنه مستعمل في جملة شأن الانسان وأحواله أفعاله وغير أفعاله ومنها قولهم لو وقع قولنا أمر على الفعل على سبيل المجاز لكان لها مجازا إما بالزيادة وإما بالنقصان وإما بالنقل والتشبيه وليس بين القول والفعل شبه فعلمنا أنه ليس بمجاز فيه وجوابنا أن اسم الأمر ليس يقع على الفعل من حيث هو فعل لا على سبيل المجاز ولا على سبيل الحقيقة وإنما يقع على جملة الشأن حقيقة وهو المراد بقول الناس امور فلان مستقيمة فأما أصحابنا فانهم سلموا وقوع ذلك على الفعل وقالوا إنه مجاز فيه بزيادة معنوية لأن جملة أفعال الانسان لما دخل فيها القول سميت الجملة باسم جزئها وهذا لا يصح لأن الانسان قد يقول أمر فلان في تجارته أو صحته مستقيم ولا يدخل في ذلك أمره الذي هو القول وقيل ايضا إن الأفعال تشبه الأوامر في أن كل واحد منهما يدل على سداد أغراض الانسان ولا يلزم أن يسموا النهي والخبر أمرين لأن المجاز لا يجب اطراده وهذا لا يصح لأن القول المخصوص إنما وقع عليه اسم من حيث كان نعتا مخصوصا على الفعل فكان يجب أن يقع الشبه بينه وبين الفعل من هذه الجهة وإن لم يشتبها في فائدة الاسم من كل وجه يجب أن يكون المتلفظ باسم الأمر إذا عنى به الفعل أن يعني به ما ذكروه من الشبه ومعلوم أن ذلك لا يخطر بباله ألا ترى أن الرجل إنما يجوز اسم الأسد فيه من حيث أشبهه في الشجاعة التي هي باب في أن قولنا أمر إذا وقع على القول ما الذي يفيد أما الشرط الأول فلا شبهة في أن اسم الأمر يقع حقيقة على ما هو من القول بصيغة افعل أو ليفعل فانه لا يقع على سبيل الحقيقة على الخبر والنهي والتمني ولذلك لا يقال لفاعل ذلك آمر وأما الشرط الثالث وهو الارادة فمختلف فيه بالخبر به لا بشرطه لقولها إن الله يأمر بالطاعة ولا يريدها ومن الفقهاء من يقول إن الأمر أمر لصيغته وذلك يوهم أنهم يقولون إنه استحق الوصف بانه أمر لصيغته والبغداديون من أصحابنا يقولون إن الأمر أمر لعينه والكلام في هذه المسئلة يكون من وجهين أحدهما أن نفرض أن للأمر حكما لاختصاصه به يكون امرا ونبين أن الوجه في اختصاصه بذلك الوجه هو الارادة على طريق التعليل والوجه الآخر أن لا يثبت للصيغة حكما يرجع إليها وننظر هل المعقول من قولنا أمر هو الصيغة وحدها أو الصيغة مع شرط آخر هو الارادة وإنما فصلنا بين الوجهين لأن كثيرا من الناس ربما أدخل الكلام في أحدهما في الآخر ونحن نجري الكلام على الوجه الثاني لفساد الوجه الأول فنقول إن المعقول من قولنا إن اللفظة أمر هو أنها على صيغة مخصوصة مفعولة على وجه العلو وأنها طلب للفعل وبعث عليه ولسنا نعقل من هذه اللفظة شيئا آخر وقد تقدم بيان القول في الرتبة والصيغة فأما كون الصيغة طلبا فنحن نشرع في تفصيله فنقول ليس يخلو إما أن تكفي صيغة الأمر في أن تكون طلبا للفعل من غير أن يشرط معها إثبات شيء ولا نفي شيء أو لا تكفي في ذلك فان كفت في ذلك حتى تكون أمرا على أي وجه وجدت عليه لزم أن يكون التهديد أمرا وكلام الساهي أمرا إذا كان على صيغة افعل وإن وجب أن يشرط في كونها طلبا شرط زائدا على صيغتها ووجودها لم يخل إما إن يرجع إلى المأمور أو المأمور به أو إلى الأمر أو إلى محل الصيغة ولا تعلق لمن عداهم بها فيذكر ولا يجوز رجوعه إلى المأمور من كونه محدثا وموجودا وقادرا وغير ذلك ولا إلى المأمور به من كونه حسنا وواجبا وندبا لأن كل ذلك يحصل مع التهديد ألا ترى أن الانسان يهدد على فعل الواجب والحسن وإن رجع ذلك الشرط إلى الآمر لم يخل إما أن يكون من قبيل النفي أو من قبيل الإثبات وما هو من قبيل النفي أن يقال إن الصفة كانت أمرا لأنه لم يدلنا على أنه غير أمر أو أنه لم يدلنا على أنه تهديد أو إباحة ولا ذم كقول الله سبحانه قال اخسئوا فيها ولا تكلمون أو أنها وجدت منه وليس بكاره للفعل أو أنه غير كاره للفعل ولا ساه عنه وأكثر هذه الأقسام يقولها الفقهاء وأما قولهم إنه لم يدلنا على أنها غير أمر فانه يقال لهم ما معنى قولكم أمر حتى نعقل الدلالة على إثباته أو على نفيه وهل مطلوبنا إلا أن نعقل معنى الأمر ما هو وأما قولهم إذا لم يدلنا على أنها تهديد أو إباحة أو إرشاد فانه يقال لهم قد يهدد من ليس بحكيم غيره ولا يدل على أن ما فعله تهديد لضرب من ضروب السفه ولا تكون الصيغة التي فعلها أمرا ويقال لهم أيضا إذا لم يدلنا على ذلك فانما نقضي بأنها أمر لو كان الأمر هو كلما كان على هذه الصيغة ولم يكن إباحة ولا تهديدا ولا ذما وليس الأمر كذلك لأن كلام الساهي قد خلا من هذه الأقسام وليس بأمر ولا طلب للفعل ولهذا لا يسمى أمرا ولا طلبا وعلى أنه إنما يتم ما ذكروه إذا أعقلونا معنى التهديد حتى يعلم في الصيغة إذا لم يكن تهديدا ولا إباحة أنها أمر فما التهديد فان قالوا هو ما كان على صيغة افعل مع الكراهة للفعل قيل لهم ولم كانت الكراهة شرطا في كون الصيغة تهديدا ونفيها شرطا في كونها أمرا بأولى من أن تكون الارادة شرطا في كون الصيغة طلبا ونفيها أو ضدها شرطا في كونها تهديدا فان قالوا معنى التهديد هو الصيغة بشرط انتفاء الدلالة على كونها أمرا كانوا قد علقوا كونها أمرا بفقد الدلالة على أنها تهديد وعلقوا كونها تهديدا بفقد الدلالة على كونها أمرا وهذا محال فأما الكلام بأن الصيغة إنما كانت طلبا وأمرا لأن المتكلم بها ما كره الفعل فإنه يلزم عليه أن يكون كلام الساهي والعابث أمرا وطلبا لأنه غير كاره للفعل فأما القول بأنها إنما يكون طلبا للفعل إذا كان المتكلم بها غير ساه ولا كاره للفعل ولم يقصد بها الاباحة والذم والتحدي وغير ذلك فانه يقال لهم إذا كان المتكلم غير ساه فلا بد من أن يكون غرضه بإيرادها شيئا من الأشياء فاذا لم يكن غرضه ما ذكرتم فلا بد من أن يكون غرضه إيقاع المأمور به وفي ذلك الرجوع إلى أنه لا بد من غرض وإرادة فقد تم ما ذكرناه من إثبات غرض أو إرادة ويجب أن تكون الصيغة إنما كانت طلبا من حيث طابقت هذا الغرض لا من حيث أن المتكلم بها ليس بساه لأن فقد السهو ليس باثبات للفعل فيكون القول به طلبا فان قالوا إنما نعني بقولنا إن الامر كان أمرا لصيغته إذا تجردت أي أنها إذا جاءت متجردة من حكيم اكتفينا بذلك في الحكم عليها بأنها أمر وإنما يحتاج في أن المتكلم استعملها في غير الأمر إلى دلالة قيل لهم فهذا موضع وفاق وليس هو مطلوبنا وإنما مطلوبنا ما الذي يفيده قولنا أمر فيها فأحدها مفارق للآخر
الكلام في الأوامر
باب فصول الأمر
اعلم أن صيغة الأمر لما وضع لها اسم يفيدها ووضعت هي لفائدة ويجوز أن تكون مطلقة ويجوز أن تكون مقيدة بشرط أو صفة ولها أمثال يجوز أن تتكرر وهي أيضا من جملة الأفعال يجوز أن تحسن وتقبح وجب لذلك أن يقع الكلام في الأمر من هذه الوجوه
أما الأول فبأن ننظر هل اسم الأمر يفيد على طريق الحقيقة صيغة الأمر فقط أو يفيد غيرها أيضا على طريق الحقيقة ونبين أن اسم الأمر إذا وقع على الصيغة ما الذي يفيد فيهما
وأما الوجه الثاني وهو فائدة الأمر فانه لما كان الأمر هو بعث من آمر لمأمور على إيقاع فعل في زمان وجب أن ننظر في فائدته في هذه الأشياء كلها فننظر في فائدته في الفعل الذي هو بعث عليه وفيما يتبع ذلك الفعل
أما نظرنا في فائدته من الفعل فمن وجوه منها أن ننظر هل فائدته في الفعل واحدة أو أكثر وإن كانت واحدة فهل هي وجوب الفعل أم لا وإن أفاد وجوب الفعل فهل يفيد وجوبه وإن تقدمه حظر الفعل ام لا ولما كان الأمر قد يتعلق بالفعل وبالأفعال الكثيرة على التخيير نظرنا هل إذا تعلق بأفعال على البدل أفاد الوجوب فيها على البدل أم لا وليس يليق هذا
الباب بأبواب العموم لأن أحدا لا يقول إن الأمر يقتضي وجوب جميع تلك الأفعال على الجمع وننظر أيضا هل يقتضي الأمر إجراء الفعل أم لا
وأما النظر في فائدته فيما يتبع الفعل فبأن ننظر هل يقتضي وجوب ما لا يتم المأمور به إلا معه أم لا وهل يقتضي قبح أضداد المأمور به أم لا
وأما النظر في فائدته في الوقت فان الأمر إما أن يكون مقيدا بوقت محدود وإما أن لا يكون مقيدا بوقت فيجب أن ننظر فييما ليس بمقيد هل يقتضي التكرار أم لا وفيما هو مشروط بشرط يتكرر هل يقتضي التكرار بتكرار الشرط أم لا وإن لم يفد مطلقة التكرار هل يجب تقديم فعل المرة أم لا وهل إذا لم يقدمها المكلف اقتضى الأمر فعلها فيما بعد أم لا وإن كان الأمر مقيدا بوقت محدود له أول وآخر نظرنا هل يوجب الأمر الفعل في جميعه على البدل أو يوجب تقديمه في أوله أو يوجب تأخيره إلى آخره وهل إذا عصى المكلف المأمور به اقتضى الأمر فعله بعده أم لا
وأما النظر في فائدته الملتحقة بالآمر فبأن ننظر هل يدخل فاعل الأمر في الأمر أم لا
وأما النظر في فائدته فيما يرجع إلى المأمور فبأن ننظر هل يدخل الكافر والمرأة والعبد والصبي في مطلقه أم لا وإذا تناول جماعة وكان بعضهم يقوم مقام بعض في ذلك الفعل هل يفيد الإيجاب على جميعهم على البدل أم لا غير أن الكلام في دخول الكافر والمرأة والعبد والصبي يليق بأبواب العموم والخصوص لأنه كلام في شمول الخطاب لهم ونفي شموله لهم ومن يقول إنهم يدخلون تحت الخطاب يقول ذلك لأن لفظ العموم يشملهم ومن قال لا يدخلون فيه أو بعضهم يقول إن فقد تمكنهم من الفعل يخرجهم عن الخطاب
وأما الكلام في الوجه الثالث وهو الأمر المفيد بشرط وصفة فننظر فيه هل
يجوز أن يؤمر الانسان بشرط زوال المنع وننظر أيضا هل إذا كان الايجاب معلقا بشرط أو صفة أو غاية فما عدا ذلك ينتفى عنه الايجاب أم لا يلزم ذلك
وأما الكلام في الوجه الرابع وهو تكرار الأمر فبأن ننظر إذا تكرر بحرف عطف أو بغير حرف عطف هل تتكرر فائدته أم لا
وأما الوجه الخامس فإنا ننظر في شرائط حسن الأمر
ونحن بمعونة الله نأتي على الكلام في هذه الأبواب على النسق إن شاء الله عز و جل
باب فيما يقع عليه قولنا أمر على سبيل الحقيقة
اعلم أنه لا شبهة في أن قولنا أمر يقع على جهة الحقيقة على القول المخصوص وذلك غير مفتقر إلى دلالة واختلفوا في وقوعه على الفعل فقال أكثر الناس إنه يقع عليه على سبيل المجاز وقالت طائفة من أصحاب الشافعي إنه يقع عليه على سبيل الحقيقة وقالت لذلك إن أفعال النبي عليه السلام على الوجوب لأنها داخلة تحت قول الله سبحانه فليحذر الذين يخالفون عن أمره وأنا أذهب إلى أن قول القائل أمر مشترك بين الشيء والصفة وبين جملة الشأن والطرائق وبين القول المخصوص يبين ذلك أن الانسان إذا قال هذا أمر لم يدر السامع أي هذه الأمور أراد كما أنه إذا قال إدراك لم يدر ما الذي أراد من الرؤية واللحوق فاذا قال هذا أمر بالفعل أو قال أمر فلان مستقيم أو قال قد تحرك هذا الجسم لأمر من الأمور وجاءنا زيد لأمر من الامور عقل السامع من الأول القول
المخصوص ومن الثاني الشأن ومن الثالث أن الجسم تحرك لصفة من الصفات وشيء من الأشياء وأن زيدا جاءنا لشيء من الأشياء أو غرض من الأغراض فبان أن قبولنا أمر مشترك بين هذه الأشياء وأنه يتخصص بواحد واحد منها بحسب ما يقترن به والدلالة على أن قولنا أمر ليس بحقيقة في الفعل أنه لو كان حقيقة فيه والدلالة على أن قولنا أمر ليس بحقيقة في الفعل أنه لو كان حقيقة فيه لاطرد فكان يسمى الأكل أمرا والشرب أمرا كما تقدم فو قولنا أسود
فان قالوا أليس قد يقال في الأكل الكثير هذا أمر عظيم قيل إنما يقال فيه ذلك من حيث هو شيء ألا ترى أنه لا يقال في الفعل القليل إنه أمر ونعني به الفعل وإنما نعني به أنه لا شيء من الأشياء ألا ترى أنه يقال فيه أمر من الامور على حد ما يقال ذلك فيما ليس بفعل
فان قالوا إن اسم الامر يقع على جملة ما وجد من الأفعال ولا يلزمنا أن يطرد في آحادها لأنا لم نجعله عبارة عن آحادها والجواب إنا وإنما تكلمنا على من جعل اسم الأمر عبارة عن آحاد الأفعال وهو مذهبكم ولهذا استدللتم بقول الله سبحانه وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر والمراد بذلك عندكم كل فعل من أفعاله فأما من قال هو عبارة عن جملة الأفعال فقد أبعد أن اسم الأمر يتناول جملة شأن الانسان أفعاله وغير أفعاله ولا طريق إلى العلم بان جملة الافعال وحدها يقع عليها هذا الاسم ألا ترى أن قول القائل أمر فلان مستقيم وهذا يدخل فيه شأنه وطرائقه أفعاله وغير أفعاله
ومما احتج به على أن اسم الأمر لا يتناول الفعل حقيقة هو أنه لو تناوله على الحقيقة لوجب أن يشتق لفاعله منه اسم آمر وهذا لا يصح لأنه قد
بينا أنه لا يجب الاشتقاق من الحقائق ألا ترى أن قولنا رائحة يقع على الرائحة حقيقة ولا يشتق منه وكذلك قولنا لون وكذلك طعم فانه ليس من أمارة الحقيقة التثنية والجمع لأن اسم الحمار إذا وقع على البليد ثني وجمع مع أنه مجاز فيه ولا يلزمنا نحن من وجه آخر لأنا إذا جعلناه عبارة عن شأن الانسان وذلك يدخل فيه فعله وغير فعله لم يجز أن يشتق منه اسم آمر لأن ذلك ينبىء عن الفعلية يعني الاشتقاق
ومنها أنه كان يجب أن يقال في فاعل الفعل أمر بكذا وأن يلزم الفعل الطاعة والمعصية كالقول وهذا لا يصح لان للقوم أن يقولوا نحن نجعله مشتركا بين القول الذي يتعدى فيقال فيه إنه أمر بكذا وبين الفعل الذي لا يتعلق بغيره ويتعدى إليه ولا يقال فيه أمر بكذا ولا يلزمه الطاعة والمعصية وهكذا الجواب إن استدل به علينا في وقوعه على الشأن
واحتج من جعله واقعا على الفعل حقيقة بوجوه
منها قول الله سبحانه وما أمر فرعون برشيد والجواب أنه لا يمتنع أن يكون أراد قوله ولهذا قال فاتبعوا أمر فرعون والاتباع إنما يكون في القول
ومنها قوله سبحانه وتعالى وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر والجواب أنه ليس المراد بذلك أن فعله كلمح بالبصر وإنما المراد بذلك أن من صنعته وشأنه أنه إذا أراد شيئا وقع كلمح البصر في السرعة
ومنها قولهم قد خولف بين جمع الأمر إذا أفاد القول وبين جمعه إذا أفاد الفعل فقيل في الأول أوامر وفي الثاني امور فدل على أنه حقيقة فيهما والجواب أنه قد حكي عن أهل اللغة أن الأمر لا يجمع
أوامر لا في القول ولا في الفعل وأن أوامر جمع آمرة وأيضا فان أمر وامور يقع كل واحد منهما موقع الآخر إن استعمل في الفعل على ما ذكروه وليس أحدهما جمعا للآخر ألا ترى أنه يقال أمر مستقيم فيفهم منه ما يفهم من قولنا اموره مستقيمة وعلى أن اختلاف جمعيهما ليس بأن يدل على أنه حقيقة فيهما بأولى من أن يدل على أنه مجاز في أحدهما وحقيقة في الآخر فان قيل الجمع أحد أدلة الحقيقة وقد جمع الأمر أمورا إذا استعمل في الفعل كان لمن يسلم لهم استعمال اسم الأمر في الفعل أن يجيب بالوجهين الأولين فأما نحن فلا نسلم ذلك وإنما نقول إنه مستعمل في جملة شأن الانسان وأحواله أفعاله وغير أفعاله
ومنها قولهم لو وقع قولنا أمر على الفعل على سبيل المجاز لكان لها مجازا إما بالزيادة وإما بالنقصان وإما بالنقل والتشبيه وليس بين القول والفعل شبه فعلمنا أنه ليس بمجاز فيه وجوابنا أن اسم الأمر ليس يقع على الفعل من حيث هو فعل لا على سبيل المجاز ولا على سبيل الحقيقة وإنما يقع على جملة الشأن حقيقة وهو المراد بقول الناس امور فلان مستقيمة فأما أصحابنا فانهم سلموا وقوع ذلك على الفعل وقالوا إنه مجاز فيه بزيادة معنوية لأن جملة أفعال الانسان لما دخل فيها القول سميت الجملة باسم جزئها وهذا لا يصح لأن الانسان قد يقول أمر فلان في تجارته أو صحته مستقيم ولا يدخل في ذلك أمره الذي هو القول وقيل ايضا إن الأفعال تشبه الأوامر في أن كل واحد منهما يدل على سداد أغراض الانسان ولا يلزم أن يسموا النهي والخبر أمرين لأن المجاز لا يجب اطراده وهذا لا يصح لأن القول المخصوص إنما وقع عليه اسم من حيث كان نعتا مخصوصا على الفعل فكان يجب أن يقع الشبه بينه وبين الفعل من هذه الجهة وإن لم يشتبها في فائدة الاسم من كل وجه يجب أن يكون المتلفظ باسم الأمر إذا عنى به الفعل أن يعني به ما ذكروه من الشبه ومعلوم أن ذلك لا يخطر بباله ألا ترى أن الرجل إنما يجوز اسم الأسد فيه من حيث أشبهه في الشجاعة التي هي
معظم فائدة قولنا أسد ومن يسمي الشجاع أسدا فانه يعني شجاعته
باب في أن قولنا أمر إذا وقع على القول ما الذي يفيد
اعلم أنه يفيد امورا ثلاثة أحدها يرجع إلى القول فقط وهو أن يكون على صيغة الاستدعاء والطلب للفعل نحو قولك لغيرك افعل وليفعل والآخران يتعلقان بفاعل الأمر أحدهما أن يكون قائلا لغيره افعل على طريق العلو لا على طريق التذلل والخضوع والآخر أن يكون غرضه بقوله افعل أن يفعل المقول له ذلك الفعل وذلك بأنه يريد منه الفعل أو بأن يكون الداعي له إلى قوله افعل أن يفعل المقول له الفعل وليس يليق الفصل بين الموضعين باصول الفقه
أما الشرط الأول فلا شبهة في أن اسم الأمر يقع حقيقة على ما هو من القول بصيغة افعل أو ليفعل فانه لا يقع على سبيل الحقيقة على الخبر والنهي والتمني ولذلك لا يقال لفاعل ذلك آمر
وأما الشرط الثاني فبين أيضا وهو أولى من ذكر علو الرتبة لأن من قال لغيره افعل على سبيل التضرع إليه والتذلل لا يقال إنه يأمره وإن كان أعلى رتبة من المقول له ومن قال لغيره افعل على سبيل الاستعلاء عليه لا على سبيل التذلل له يقال إنه أمر له وإن كان أدنى رتبة منه ولهذا يصفون من هذه سبيله بالجهل والحمق من حيث أمر من هو أعلى رتبة منه
وأما الشرط الثالث وهو الارادة فمختلف فيه بالخبر به لا بشرطه لقولها إن الله يأمر بالطاعة ولا يريدها ومن الفقهاء من يقول إن الأمر أمر لصيغته وذلك يوهم أنهم يقولون إنه استحق الوصف بانه أمر لصيغته والبغداديون من أصحابنا يقولون إن الأمر أمر لعينه والكلام في هذه المسئلة يكون من وجهين أحدهما أن نفرض أن للأمر حكما لاختصاصه به
يكون امرا ونبين أن الوجه في اختصاصه بذلك الوجه هو الارادة على طريق التعليل والوجه الآخر أن لا يثبت للصيغة حكما يرجع إليها وننظر هل المعقول من قولنا أمر هو الصيغة وحدها أو الصيغة مع شرط آخر هو الارادة وإنما فصلنا بين الوجهين لأن كثيرا من الناس ربما أدخل الكلام في أحدهما في الآخر ونحن نجري الكلام على الوجه الثاني لفساد الوجه الأول فنقول إن المعقول من قولنا إن اللفظة أمر هو أنها على صيغة مخصوصة مفعولة على وجه العلو وأنها طلب للفعل وبعث عليه ولسنا نعقل من هذه اللفظة شيئا آخر وقد تقدم بيان القول في الرتبة والصيغة فأما كون الصيغة طلبا فنحن نشرع في تفصيله فنقول ليس يخلو إما أن تكفي صيغة الأمر في أن تكون طلبا للفعل من غير أن يشرط معها إثبات شيء ولا نفي شيء أو لا تكفي في ذلك فان كفت في ذلك حتى تكون أمرا على أي وجه وجدت عليه لزم أن يكون التهديد أمرا وكلام الساهي أمرا إذا كان على صيغة افعل وإن وجب أن يشرط في كونها طلبا شرط زائدا على صيغتها ووجودها لم يخل إما إن يرجع إلى المأمور أو المأمور به أو إلى الأمر أو إلى محل الصيغة ولا تعلق لمن عداهم بها فيذكر ولا يجوز رجوعه إلى المأمور من كونه محدثا وموجودا وقادرا وغير ذلك ولا إلى المأمور به من كونه حسنا وواجبا وندبا لأن كل ذلك يحصل مع التهديد ألا ترى أن الانسان يهدد على فعل الواجب والحسن وإن رجع ذلك الشرط إلى الآمر لم يخل إما أن يكون من قبيل النفي أو من قبيل الإثبات وما هو من قبيل النفي أن يقال إن الصفة كانت أمرا لأنه لم يدلنا على أنه غير أمر أو أنه لم يدلنا على أنه تهديد أو إباحة ولا ذم كقول الله سبحانه قال اخسئوا فيها ولا تكلمون أو أنها وجدت منه وليس بكاره للفعل أو أنه غير كاره للفعل ولا ساه عنه وأكثر هذه الأقسام يقولها الفقهاء
وأما قولهم إنه لم يدلنا على أنها غير أمر فانه يقال لهم ما معنى قولكم أمر حتى نعقل الدلالة على إثباته أو على نفيه وهل مطلوبنا إلا أن نعقل معنى الأمر ما هو وأما قولهم إذا لم يدلنا على أنها تهديد أو إباحة أو إرشاد فانه يقال لهم قد يهدد من ليس بحكيم غيره ولا يدل على أن ما فعله تهديد لضرب من ضروب السفه ولا تكون الصيغة التي فعلها أمرا ويقال لهم أيضا إذا لم يدلنا على ذلك فانما نقضي بأنها أمر لو كان الأمر هو كلما كان على هذه الصيغة ولم يكن إباحة ولا تهديدا ولا ذما وليس الأمر كذلك لأن كلام الساهي قد خلا من هذه الأقسام وليس بأمر ولا طلب للفعل ولهذا لا يسمى أمرا ولا طلبا وعلى أنه إنما يتم ما ذكروه إذا أعقلونا معنى التهديد حتى يعلم في الصيغة إذا لم يكن تهديدا ولا إباحة أنها أمر فما التهديد فان قالوا هو ما كان على صيغة افعل مع الكراهة للفعل قيل لهم ولم كانت الكراهة شرطا في كون الصيغة تهديدا ونفيها شرطا في كونها أمرا بأولى من أن تكون الارادة شرطا في كون الصيغة طلبا ونفيها أو ضدها شرطا في كونها تهديدا فان قالوا معنى التهديد هو الصيغة بشرط انتفاء الدلالة على كونها أمرا كانوا قد علقوا كونها أمرا بفقد الدلالة على أنها تهديد وعلقوا كونها تهديدا بفقد الدلالة على كونها أمرا وهذا محال فأما الكلام بأن الصيغة إنما كانت طلبا وأمرا لأن المتكلم بها ما كره الفعل فإنه يلزم عليه أن يكون كلام الساهي والعابث أمرا وطلبا لأنه غير كاره للفعل فأما القول بأنها إنما يكون طلبا للفعل إذا كان المتكلم بها غير ساه ولا كاره للفعل ولم يقصد بها الاباحة والذم والتحدي وغير ذلك فانه يقال لهم إذا كان المتكلم غير ساه فلا بد من أن يكون غرضه بإيرادها شيئا من الأشياء فاذا لم يكن غرضه ما ذكرتم فلا بد من أن يكون غرضه إيقاع المأمور به وفي ذلك الرجوع إلى أنه لا بد من غرض وإرادة فقد تم ما ذكرناه من إثبات غرض أو إرادة ويجب أن تكون الصيغة إنما كانت طلبا من حيث طابقت هذا الغرض لا من حيث أن المتكلم بها ليس بساه لأن فقد السهو ليس باثبات للفعل فيكون القول به
طلبا فان قالوا إنما نعني بقولنا إن الامر كان أمرا لصيغته إذا تجردت أي أنها إذا جاءت متجردة من حكيم اكتفينا بذلك في الحكم عليها بأنها أمر وإنما يحتاج في أن المتكلم استعملها في غير الأمر إلى دلالة قيل لهم فهذا موضع وفاق وليس هو مطلوبنا وإنما مطلوبنا ما الذي يفيده قولنا أمر فيها فأحدها مفارق للآخر
فأما ما يرجع إلى الآمر فما هو إثبات فالذي يجوز أن يكون شرطا في ذلك علوه وقدرته وإرادته وكراهاته وليس يجوز أن تكون الشروط في كون الصيغة طلبا للفعل قدرة فاعلها عليها أو علمه بها وبحسنها أم بحسن الفعل أو وجوبه لأنه مع ذلك قد تكون الصيغة تهديدا ولا يجوز أن تكون إنما كانت الصيغة أمرا وطلبا لأن الفاعل لها جعلها بقدرته أمرا وطلبا لأنه تكلمنا مع بطلان القول بأن للأمر حكما وصفة فلا يمكن أن يقال إن القادر جعل الأمر على ذلك الحكم ولأنه ينبغي أن يعرفنا ما معنى كونها أمرا فانا عنه نبحث وبهذا يبطل القول بأنها صارت أمرا لأنه علمها أمرا ولأن الشيء لا يكون على ما هو عليه بالعلم بل ينبغي أن يكون على ما هو عليه حتى يصح أن يتناوله العلم على أن المهدد قد علم كون الأمر أمرا ولا يكون ما يفعله من صيغة التهديد أمرا وليس يجوز أن تكون الصيغة طلبا وأمرا لأن فاعلها كره الفعل لأنه كان يجب كون المهدد آمرا ولا يجوز أن يكون شرط كونها أمرا ما يرجع إلى المحل لأنا نعلقها طلبا وأمرا من غير أن يخطر ببالنا لون المحل وطعمه وغير ذلك لأن ما يرجع إلى المحل قد يثبت والصيغة تارة أمرا وتارة تهديدا فيثبت أنه إنما كان طلبا وأمرا لإرادته ولا تخلو إرادته إما أن تتعلق بالمأمور به وهو قول اصحابنا ولا يجوز أن يكون شرط كونها طلبا إرادة إحداثها لأن هذا حاصل في التهديد ولا يمكن أن يقال إرادة إحداثها أمرا لأنا عن ماهية كونها أمرا نبحث فيجب أن نعقله حتى نعقل تعلق الإرادة به فان قالوا أليس يقول شيوخكم إن الخبر إنما يكون خبرا لارادة كونه خبرا فما أنكرتم من مثله في الأمر قيل إن إرادة كونه خبرا معقولة وهو أن يريد
المتكلم به إخبار زيد وإعلامه ما تضمنه الخبر فقد أعقلنا معنى إرادته لكونه خبرا فينبغي أن يعقلوا بالارادة لكون الصيغة أمرا وقد أفسد ذلك أيضا بأنه كان يجب أن تكون الصيغة أمرا إذا أراد فاعلها أن يكون أمرا وإن كره المأمور به وذلك باطل بالتهديد ولقائل أن يقول إنما لم يكن التهديد أمرا لأن المتكلم به ما أراد كونه أمرا أو يستحيل من جهة الداعي أن يريد كونه أمرا ويكره المأمور به وقيل أيضا كان ينبغي جواز تعلق الأمر بالماضي كالخبر إذا كان إرادة إحداث المأمور به ليس من شرطه ولقائل أن يقول إن الأمر تكليف ولا يجوز تكليف الماضي والجواب أنه إن لم يجب أن يكون الغرض به إيقاع الفعل فليس بواجب أن يكون تكليفا وكان ينبغي صحة تعلقه بالإحداث وبغير الإحداث كالخبر ويكون ما تعلق منه بغير الاحداث قبيحا فصح أن صيغة الأمر إنما تكون طلبا بشرط أن يكون الغرض بها وقوع المأمور به
واحتج المخالف بأشياء
منها أنه لو كان الأمر إنما يكون أمرا إذا أراد الآمر الفعل لما جاز أن يستدل بالأمر على الارادة لأنه لا يعلم أمرا قبل الارادة والجواب أنا لا نستدل على الارادة بالأمر من حيث كان أمرا بل من حيث إنه على صيغة افعل وقد تجرد لأن عند أصحابنا أن هذه الصيغة موضوعة للإرادة وكلام الحكيم يجب حمله على موضوعه إذا تجرد وعندنا أن هذه الصيغة جعلت في اللغة طلبا للفعل فإذا بان لنا أنه لا معنى لكونها طلبا للفعل إلا أن المتكلم بها قد أراد الفعل وأنه هو غرضه علمنا بذلك الارادة عند علمنا بالصيغة
ومنها قولهم إن اهل اللغة قالوا إن الأمر هو قول القائل افعل مع الرتبة ولم يشرطوا الارادة مع انهم شرطوا الرتبة فلو كانت الارادة شرطا لذكروها أيضا فجرى ذلك مجرى كون الأسد مسمى بأنه أسد في أنه لا يشرط فيه الارادة والجواب أنه يجوز أن يكونوا لم يشرطوا الارادة لظهورها
وأيضا فانهم لم يشرطوا انتفاء القرائن والمخالف يشرط انتفائها وأيضا فانهم لم يشرطوا انتفاء القرائن والمخالف يشرط انتفائها وأيضا فانهم لا يختلفون في أن الأمر هو طلب الفعل والقول من بعد في أن الطلب لا يكون إلا مع الارادة وهو تفصيل بحمله وطريقة العقل لأنه كلام في المعقول من معنى الطلب وليس يرجع إلى اللغة في المعقول من الأمور وأما قولهم إن اسم الأسد لا يعتبر في كونه اسما للإرادة فان أرادوا به أن الواضع لهذا الاسم وضعه للاسد فصار اسما له من دون أن يريد أن نسميه بذلك فذلك باطل بل نعلم انه قد أراد ذلك وإن أرادوا أنا نحن نكون مستعملين لاسم الأسد في الأسد من دون أن نريد ذلك فباطل أيضا لأنه لا بد من أن نريد ذلك وإن أرادوا أنه لا يكون اسما له في أصل الوضع بأن نريد نحن بأن يكون موضوعا له فصحيح لأن وضع الواضع الأسماء للمعاني لا يقف على إرادتنا ولذلك لا يكون الأمر واقعا على الصيغة في أصل الوضع بارادتنا على ان ذلك خارج عما نحن بسبيله لأن الذي نحن بسبيله هو هل صيغة الأمر تستحق الوصف بأنها أمر وإن لم يكن قد أراد بها الفعل أم لا فبوزن هذا أن يقال إن جسم الأسد يستحق أن يوصف بأنه أسد وإن لم تقصد بجسمه كثيرا من الأشياء
ومنها قولهم إن الانسان قد يأمر عبده بالفعل وهو يكرهه منه إذا كان قصده أن يعرف أصدقاءه عصيانه فبان أن الصيغة تكون امرا من دون إرادة والجواب أنا لا نسلم أنه أمر كما لا نسلم أنه طالب منه الفعل في نفسه وإنما يقال إنه موهم للغلام أنه طالب منه الفعل وآمر له به
ومنها قولهم إن الله سبحانه قد أمر أهل الجنة بقوله كلوا واشربوا ولم يرد ذلك منهم والجواب أن أصحابنا يقولون قد أراد ذلك منهم لأن في علمهم بارادته ذلك منهم زيادة مسرة ولا يمتنع أن يكون ذلك
إطلاقا وليس بأمر كما أن قوله لأهل النار اخسئوا وليس بأمر كما نقول لمن نذمه اخسأ
ومنها قولهم إن الله أمر إبراهيم بذبح إسماعيل وما أراد من الذبح فقد وصفت صيغة الأمر بأنها أمر مع أن فاعلها لم يرد الفعل والجواب أن ما أمر به قد أراده والذي أمر به هو مقدمات الذبح كالاضجاع وأخذ المدية أو أمره بالذبح نفسه وقد فعله إبراهيم عليه السلام لكن الله سبحانه كان يلحم ما يفريه إبراهيم شيئا فشيئا هذا إن ثبت أن إبراهيم كان قد رأى في المنام صيغة الأمر وقول إسماعيل افعل ما تؤمر يحتمل ما يؤمر في المستقبل
فإد ثبت ذلك حددنا الأمر بأنه قول يقتضي استدعاء الفعل بنفسه لا على حجة التذلل وقد دخل في ذلك قولنا افعل وقولنا ليفعل ولا يلزم عليه أن يكون الخبر عن الوجوب أمرا لأنه ليس يستدعي الفعل بنفسه لكن بواسطة تصريحه بالايجاب وكذلك قول القائل أريد منك أن تفعل هو يقتضي بنفسه إثبات إرادته للفعل وبتوسطها يقتضي البعث على الفعل وكذلك النهي عن جميع أضداد الشيء ليس يستدعي فعل ذلك الشيء بنفسه وإنما يقتضي ذلك بتوسط اقتضائه قبح تلك الأضداد واستحالة انفكاك المكلف منها إلا إلى ذلك الشيء وقد دخل في قولنا يقتضي استدعاء الفعل الارادة والغرض لأنا قد بينا أنهما داخلان في الاستدعاء والطلب والله أعلم
باب في أن قولنا افعل ليس بمشترك على سبيل الحقيقة بين فائدتين
اعلم أن من الذاهبين إلى أن لفظ العموم مشترك بين الاستغراق والبعض من جعل لفظة افعل مشتركة بين استدعاء الفعل وبين التهديد الذي هو
استدعاء لترك الفعل وبين الاباحة وبين اقتضاء الايجاب وبين اقتضاء الندب جعلوها حقيقة في كل ذلك وكذلك قالوا في قول القائل لا تفعل إنه مشترك بين النهي وبين التهديد على الترك وعند جمهور الناس أن لفظة افعل حقيقتها في الطلب والأمر ومجازها في غيره وأن لفظة لا تفعل حقيقة في النهي مجاز في غيره والدليل على ذلك أنه لو كان قول القائل لغيره افعل حقيقة في أن يفعل وحقيقة في التهديد المقتضي أن لا يفعل لكان اقتضاؤه لكل واحد من هذين على سواء لا ترجيح لأحدهما على الآخر ولو كان كذلك لما سبق إلى أفها منا عند سماعها من دون قرينة أن المتكلم بها يطلب الفعل ويدعو إليه كما أنه لما كان اسم اللون مشتركا بين السواد والبياض لم يسبق عند سماع هذه اللفظة من دون قرينة السواد دون البياض ومعلوم أنا إذا سمعنا قائلا يقول لغيره افعل وعلمنا تجرد هذا القول عن كل قرينة فان الأسبق إلى أفهامنا أنه طالب للفعل لا مانع منه كما أنا إذا سمعناه يقول رأيت حمارا فانه يسبق إلى أفهامنا البهيمة دون الأبله وأيضا فان قولنا افعل في أنه في معنى الاثبات جار مجرى قولنا زيد فاعل فكما أن قولنا زيد فاعل حقيقة في كونه فاعلا وإن جاز ان يستعمل على انه غير فاعل لأن الانسان قد يقول زيد فاعل على طريق الاستهزاء أي أنه على الضد من هذه الحال فكذلك قولنا افعل يجب كونه حقيقة إذا طلب به الفعل ولا يكون حقيقة في نفي الفعل كما لم يكن قولنا زيد فاعل حقيقة في نفي كونه فاعلا إذ كل واحد منهما إثبات ونحن نستوفي الكلام في شبههم عند الكلام في العموم
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
ad يترقب المقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي بدء تفعيل التأشيرة الخليجية الموحدة بعد مرور أكثر من ع...
Bullying is a repeated aggressive behavior that involves an imbalance of power between the bully and...
فاللغة العربية ليست فقط لغة المسلمين، ووسيلة لتحقيق غاية أخرى وهي تعديل سلوك التلاميذ اللغوي من خلال...
1-تعتبر أسرة محمد آل علي الإبداع والإبتكار هي أول نقطة في الإنطلاق إلى التحسين في شتى المجالات حيث ق...
يعتبر فول الصويا من المحاصيل الغذائية والصناعية الهامة على المستوى العالمي نظراً لاحتواء بذوره على ن...
Traffic Padding: inserting some bogus data into the traffic to thwart the adversary’s attempt to use...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم ذهب إلى دورة القرآن وتعلمت القرآن ثم عدت إلى منزلي ومكتبي قلي...
يجمع نظام التكاليف بجوار المحاسبة على الفعليات،التوفيق في ظروف حدوثها وأسبابها ومدى الكفاءة في التنف...
نطاق البحث يركز هذا البحث على تحليل الأطر القانونية والمؤسساتية لعدالة الأحداث، مع دراسة النماذج الد...
نفيد بموجب هذا الملخص أنه بتاريخ 30/03/1433هـ، انتقل إلى رحمة الله تعالى المواطن/ صالح أحمد الفقيه، ...
العدل والمساواة بين الطفل واخواته : الشرح اكدت السنه النبويه المطهرة علي ضروره العدل والمساواة بين...
آملين تحقيق تطلعاتهم التي يمكن تلخيصها بما يلي: -جإعادة مجدهم الغابر، وإحياء سلطانهم الفارسي المندثر...