لخّصلي

أ- الحالة السياسية : كما سبق وأن ذكرنا فإن نهاية الفترة الأولى من الخلافة العباسية كانت باستيلاء البويهيين على بغداد عاصمة الخلافة العباسية، ومن هنا يمكن الإشارة إلى أن الحالة السياسية في الفترة الثانية من العصر العباسي كانت فترة فتن وحروب لم يكن لها مثيل في حياة الخلافة الإسلامية منذ أن قامت ، ولذلك أسباب يمكن حصرها في عاملين

أساسين :

1- عامل داخلي : ويتمثل هذا في ضعف الخلفاء العباسيين المتزايد لأسباب عدة ، كذلك قوة شأن الدويلات المستقلة عن السلطة حيث لم يعد يربطها بها إلا الاعتراف الاسمي فقط ( اعتراف الدويلات بالعاصمة بغداد شكلا دون تطبيق نفوذها ) يضاف إلى ذلك شدة الصراع بين الإمارات حيث أن كل إمارة تحاول إفناء الأخرى، ونتج عن هذا الصراع

الحاد دويلات منها :

الدولة البويهية بفارس وبغداد 321هـ / 447 هـ .

الدولة الغزنوية في الهند وأفغانستان 351 هـ / 582 هـ .

الدولة الفاطمية في مصر والشام 357 هـ / 567 هـ .

• استيلاء السلاجقة على بغداد 443 هـ .

الدولة الأيوبية في مصر والشام 567هـ ) التي حكمت بعد الدولة الفاطمية ) .

واستمر ذلك الصراع بين هذه الدويلات وأدى إلى فتن ونزاعات بينها، بينما كان أمراؤها

في غفلة عن أعدائهم فأغار التتار على بغداد عاصمة الخلافة العباسية ، وسقطت نهائيا

عام 656 هـ وانتهى بذلك عهد الدولة العباسية.

2 عامل خارجي : قامت أوروبا بحملة صليبية ( استعمارية ) عام 491 هـ لاحتلال بلاد المشرق العربي بجيوش قوية عبر المتوسط إلى سواحل فلسطين والشام ورفعوا الصليب فوجهوا ادعاء الحماية بيت المقدس، وتمكنوا من اغتصاب جزء كبير من أرض فلسطين

وأنشأوا أربع إمارات صليبية :
1- الرها 2 طرابلس 3- أنطاكيا 4 - بيت المقدس واقاموا لها حصونا وقلاعا صليبية، وكانت غفلة المسلمين وانقسامهم وتنازع أمرائهم من أكبر العوامل في نجاح هذا الغزو الاستعماري الصليبي. وأفاق المسلمون على وجود عدو منتصب حولهم ، فحملوا السلاح وقاوموا الصليبيين قرابة قرنين كاملين من الزمن وعرفت هذه المقاومة في التاريخ باسم الحروب الصليبية. وقد قاد جيش المسلمين قادة أبطال تذكر منهم صلاح الدين الأيوبي الذي وحد الشام ومصر تحت راية الإسلام، وتمكن بفضل قوته من جمع وتوحيد الإمارات المنفصلة واسترجاع بيت المقدس سنة 385 هـ وتم القضاء على الصليبيين وطردهم من الشام نهائيا سنة 296 هـ على يد السلطان خليل بن قلاوون .

ب - الحالة الفكرية : ويمكن تقسيمها إلى فرعين لقد تقدمت الحركة العلمية في النصف الأول من هذه الفترة وبلغت فروع المعارف العلمية إلى أكثر من ثلاثمائة فرع ، حيث وضعت أصول الطبيعيات وارتقت الفلسفة وكثرت كتب التاريخ ومعاجم اللغة.

وقد ساءت الأحوال في النصف الثاني من هذه الفترة الشيء الذي أدى إلى تخلف الحياة العلمية في بغداد بسبب سقوط الدولة في يد السلاجقة، بينما استمرت مصر على يد الأيوبيين ، فكثرت فيها دوائر المعارف والعلوم. ومع وجود الانحلال السياسي الذي أصاب الدولة و ظهور القوميات ، ظلت الحركة الأدبية قائمة علما أن هذا الجانب قد سجل تقدما في النصف الأول ولكن ما لبث أن تلاشى في النصف الثاني ، ومن أسباب ذلك التقدم :

تنافس الدويلات ورغبة الحكام والأمراء في الاستقلال عن بغداد وهذا عن طريق الاهتمام بالعلم والأدب وتشجيعهما ، وكان الكثير من الأمراء على صلة قوية بالعلوم والآداب كالحمدانيين بحلب والبويهيين بفارس والعراق، بينما نافس الفاطميون بمصر غيرهم بتشييد المعاهد العلمية كالأزهر ودار الحكمة .

كما قوي التنافس بين حكام هذه الولايات في جلب العلماء والأدباء الشيء الذي دفع بالنهضة العلمية والأدبية إلى التقدم ، فتعددت مراكز الثقافة لتكون بمثابة مكان اعتراف

للعلم تذكر منها : حلب، القاهرة، قرطبة .

ولكن تلك النهضة ما لبثت أن ضعفت في النصف الثاني من هذه الفترة.