لخّصلي

1- نظريات الرابط الإجتماعي:
1-1- الرابط الإجتماعي عند إبن خلدون:
يركز إبن خلدون في الرابط الإجتماعي على مصطلح"العصبية"، الذي يعتبر مصطلح خاصا به لإعطائه الدلالة السوسيولوجية لهذا المفهوم، وكان هذا المصطلح شائعا في الأوساط العربية قبل مجيء الإسلام، من خلال تجلي هذه الصورة في ولاء الفرد إلى الجماعة.
وعرفت العصبية في لسان العرب على أنها مشتقة من لفظ عصب، بمعنى الربط والشد، ونقول عصب الرأس أي شده أو ربطه، وهذا مايدل على الترابط والتلاحم ، وبعد الإسلام تلاشت اثار العصبية وذهب المسلمين للتخلص من أثارها القبلية، في المقابل أبى إبن خلدون إلا الإقتراب من مفهوم العصبية ومج مفهوم العصبية مع مصطلح الإلتحام والنسب، فيقول في ذلك" قي أن العصبية إنما تكون من الإلتحام بالنسب أو فيما معناه" ، والمقصود في ذلك بما في معناه كل مصطلح يرادف معنى الإلتحام، والترابط وغير ذلك.
ولهذا أعطي للعصبية الخلدونية من طرف الباحثين المهتمين بالفكر الخلدوني، مفهوم التماسك والترابط كونها عبارة عن رابطة إجتماعية بين أفراد النسب الواحد وتتجلى بصورة أكثر وضوح في القبيلة، ومن بين هؤلاء الباحثين"محمد عابد الجابري" الذي لخص العصبية من منظورهفي كتابه "العصبية والدولة" بأنها رابطة إجتماعية شعورية وغير شعورية، تربط بين أفراد الجماعة ربطا مستمرا يبرز عند الحاجة أو عند خطر يهددكيان المجموعة
كما يرى"محمد عزيز الحبابي" أن العصبية عند إبن خلدون مجموعة الأهداف والمشاعر المشتركة، بين كل من تجمع بينهم لحمة الدم أو الولاء وتتواجد في كل من البوادئ والمدن، لأنها نتاج ميل طبيعي يربط بين الناس ليتكتلو في فئات وإن لم ينتمو لنفس الأسرة
1-2- العصبية عند إبن خلدون:
تعامل إبن خلدون مع العصبية من جهة أهميتها في اللحمة الإجتماعية ومن جهة فعاليتها السياسية والحربية، وجعل من العصبية هي المحور الذي تدور حوله أراءه في قيام الدولة وتعاقبها، وأعتبر العصبية هي مصدر لتأسيس السلطة وهذا المصدر يرتكز في تكوينه بالعلاقات القرابية ورابطة الدم، مما يجعل من هذه العلاقات دورا هاما في تأسيس السلطة، وهذا ماإستخلصته البحوث الأنثروبولوجية حول السلطة والقرابة، فهذه المجتمعات تجعل من القرابة مصدرا لكل سلطة بما في ذلك السلطة السياسية، حيث تكون العلاقات القرابية فوق كل العلاقات الأخرى .ولتوضيح العلاقة القوية بين القرابة والعصبية لابد من تأكيد تواجد كل منهما، فداخل القبيلة توجد القرابة والعصبية، التي تتجلى صورها من خلال صلة الدم بين أفراد العائلة، وعليه تصبح القرابة هي رابطة إجتماعية طبيعية عند البشر، تتقلص الفردية فيها لتبرز روح الجماعة والولاء ويتقمص فيها الفرد شخصية القبيلة التي ينتمي إليها، وتزيد في حالة الخطر الذي يهدد إسقرار الجماعة، وتمر بحالة تطورية لتصل إلى مرحلة أخرى تسمى بالمجتمع الحضري، تتغير عن نظيرتها الأولى من خلال إتصال ثقافي، أو تأثير الثقافة الحضرية وهذا ما نوه إليه إبن خلدون بمصطلحه:"الترف الحضري"، كونها تزيد ملامحها في الحياة البدوية وتتقلص أو تتلاشى في نظيرتها الحضرية.
2- الرابط الإجتماعي عند"إيميل دوركايم":
تعد أطروحة "إيميل دوركايم" (تقسيم العمل الإجتماعي 1893) مقدمة للروابط الإجتماعية وكذلك زاد مهما في العلوم الإجتماعية و الأنثروبولوجية، حيث أوضح فيها دوركايم العلاقة بين الافراد والجماعة إنطلاقا من سؤاله الأساسي كيف يستطيع مجوعة من الأفراد تشكيل مجتمع؟
وأجاب عليه من خلال نوعين من التضامن، التضامن الالي والتضامن العضوي، أما بالنسبة للتضامن الالي يخضع في الفرد إلى ما يسمى الرأي العام والأعراف والتقاليد داخل المجتمع، أما التضامن العضوي تبرز فيه شخصيات الفرد وتكون أكثر تنوعا وتعددا، وهذا راجع إلى جملة الوضائف التي يقومون بها .
يذهب دوركايم إلى أن أول شكل إجتماعي يمكن تصوره لنشأة الحياة الإجتماعية، هو الرابطة ثم العشيرة ثم الإتحاد وصولا إلى القبيلة
يشير التضامن الالي إلى أن الروابط الإجتماعية تكون قوية وواضحة، في المجتمعات البسيطة(ترابط الي) حيث يسيطر الضمير الجمعي على السلوكيات وأخلاق الأفراد، حيث أن عدم مواكبة الفرد للعادات والتقاليد السائدة من طرف الجماعة يجعل منه فردا منبوذا من طرف الجماعة، وهذا مايوضح لنا بأن الضمير الجمعي هو المسيطر على سلوكيات الأفراد، أما بالنسبة للمجتمعات المعقدة أو المجتمعات الحضرية يتنوع فيها تقسيم العمل و يحتاج الفرد فيها إلى الافراد، إلا أن النزعة الفردية تكون واضحة وهذا ما يترتب عن التضامن العضوي بمعنى أنه كلما زاد التضامن العضوي تقل أهمية الضمير الجمعي، لأنه في المجتمعات الحضرية تزول بعض القيم والعادات لتبرز مكانها القوانين، الأمر الذي يجعل من الروابط الإجتماعية ضعيفة عما كانت عليه سابقا
ويرى دوركايم أن تقسيم العمل حقيقة إجتماعية وضرورية بزيادة الكثافة السكانية التي بدورها تزيد من كمية التفاعل بين الأفراد وهذا ما ينتج التغيير الإجتماعي من التضامن الالي إلى التضامن العضوي، بسبب صراع المصالح، وتقل فعالية الضمير الجمعي كلما إتجهنا نحو المجتمعات الحديثة ذوي الأسر النووية التي تحكم للقانون حيث تقل فيه حدة الترابط، بينما العكس كلما إتجهنا نحو المجتمعات التقليدية ذوي الأسر الممتدة التي تحكم بالعرف والضبط الإجتماعي تزيد فيها التماسك الإجتماعي

لايقتصر تواجد الرابطة الإجتماعي على مجتمع معين سواء كان هذا المجتمع حضري او مجتمع بدوي، لكن تحتلف حدة هذه الرابطة بين التضامن الالي والتضامن العضوي عند الإنتقال بين هذه المجتمعات وهذا راجع إلى طبيعة الأدوار وتقسيم العمل داخل المجتمع.
3- الرابطة الإجتماعية عند ماكس فيبر:
عند ذكر العالم" ماكس فيبر" لابد أن نستحضر دراسته التحليلية للعلاقات الإجتماعية والتأثير المتبادل بين النظم الإجتماعية، وتنويهه على أن موضوع علم الإجتماع يقتصر في دراسته على التأثير المتبادل بين النظم الإجتماعية، وأيضا الأخذ بعين الإعتبار على ان موضوع علم الإجتماع يقتصر في دراسته على العلاقات الإجتماعية من خلال فهم و تفسير سلوكيات الأفراد داخل المجتمعات
إن عملية التفاعل الإجتماعي بين الأفراد تنتج بينهم مايسمى بالعلاقات الإجتماعية التي توجه و تأطر سلوكيات الأفراد بنمط مشترك تحت ما يسمى بالتنشئة الإجتماعية.
بنى ماكس فيبر مفاهيمه بناء على نظريته للواقع الإجتماعي le social fait والتي حددها في ثلاث مستويات:
1-مستوى الفعل الفردي: أي النشاط أو الفعل الذي يقوم به فرد واحد من خلاله يسعى فيبر إلى فهم المعنى المقصود الذي أراده الفاعل من هذا الفعل أو أسبابه الكامنة خلفه.
2-مستوى العلاقات الإجتماعية: العلاقات التي تكون بين فاعلين أو أكثر في إطار المنظومة المجتمعية داخل منظومة ما
3-مستوى النظام الإجتماعي: الذي ينبغي أن يعكس الأبعاد المعقدة للفعل الإجتماعي داخل المجتمع
إن نظرنا إلى هذه المستويات، نجد فيبر يحلل العلاقات الاجتماعية، حيث أن هذه المستويات تضم روابط اجتماعية، فالتنشئة الجماعية تجعل من الأفراد أنهم ينتمون إلى جماعة واحدة، حيث أن هذه الجماعة، و مشتركة في عوامل كثيرة، ومن أهمها النشاطات الاجتماعية المشتركة، التي يمارسونها.
فالنشاط الاجتماعي،سبب من أسباب الترابط والوحدة بينالأفراد و الجماعة المنتمية لها، والتنشئة الاجتماعية تجعل الأفراد ينتمون إلى جماعة واحدة، عن طريق الاهداف المشتركة التي تحددها مجموعة القيم، كما يرى فيبر، أن أي تصرف أو سلوك يقوم به الأفراد، بشكل متعمد عن وعي وتعقل لرد فعل أخر، يعتبر تصرفا اجتماعيا ، وينشئ علاقة إجتماعية التي برزت إثر سلوك أو رد فعل جماعي، مقابل هذه الدعامة الأساسية للروابط الاجتماعية.كما يوجه فيبر مزيد عنايته للوصول، إلى مفاهيم لتلك الارتباطات، فقد عرّف السلطة أو السيادة بأنها نوع من القيادة، تعمل لإيجاد طاعة عند أشخاص معينين فقد تكون، السلطة قائمة على أساس العُرف والعادات والتقاليد السائد، في المجتمع أو الجماعة، الأمر الذي يترتب عليه ولاء للجماعة اوالقائد ويسيرون وفق معيار موحدالأمر الذي يتفرع عليه علاقة إجتماعية قوية ومترابطة فيما بينها.
3-1- الرابط السوسيولوجي: يقصد فيبر بالعليا ببساطة إمكانية أن يتبع بفعل معين أو يصاحب وقوعه فعل اخر، وكانت بنثابة مجهود ساهر في حل الصراع بين المعرفية الذاتية الفردية والمعرفة الموضوعية التعميمية مما جعل فيبر يتخذ موقفا وسيطا عبر عنه بمفهوم الإحتمال الموضوعي وهو ماذهب إليه بتفسير سببي الذي ظهر بمفهوم لديه تعريفاته للعلاقات الإجتماعية بالجماعة المنظمة وبالضبط الملزم تعريفه للقانون والعرف .
لما تطرق لهذه المفاهيم هو يعطي تفسير سببي هو بمثابة التحليل الموضوعي بعيدا عن التفسير العشوائي والأحكام المسبقة

فالأفراد من خلال تفاعلهم من خلال سلوكياتهم تنشأ بينهم علاقات إجتماعية التي بدورها توجه الأفراد نحو السلوك التبادلي مع بعضهم البعض، وتؤطر هذه العلاقة على صعيدين: التنشئة الجماعية و التنشئة الإجتماعية، وهذا من خلال شعور المنتمين إلى الإنتماء إلى مجموعة واحدة، وكذلك تنسيق المصالح فيما بينهم ومن خلال هذا التقسيم يرى فيبر أن الأفراد يعيشون في ترابط إجتماعي مستمر وقسم بذلك النشاطات الإجتماعية إلى أربعة أقسام على شاكلتها التالية:
1-النشاط الإتفاقي: لا يؤطر ضمن نظام أساسي بل إلى نوع من التفاهم والإتفاق، والتنظيم.
2-النشاط المؤسسي: يشير هنا فيبر إلى أن الفرد لاينتسب لهذه التنظيما أنما يجد نفسه عضو فيه من الميلاد، ونتيجة للظروف المعاشة، أي ان تواجده فيه كان بالوراثة سواء كان ذلك عن طريق الأسرة او الجماعات القرابية
3-نشاط عضوية الجمعيات: من خلال هذا النظام يحدد غايات الجمعيات والوسائل و الممتلكات
وتحدد فيها الصلاحيات و الجزاءات وطريقة الإنتساب إلى هذه الجمعيات
4-النشاط التكتلي: سلطة تحدد معنى النشاط الذي يهدف إلى القيام به، وتمارس عند الإقتضاء ضغطا على الأعضاء
من خلال هذه التصنيفات نجد أن فيبر يحلل العلاقات الإجتماعية، فمن خلال التنشئة الإجتماعية تجعل من الأفراد لهم روح الجماعة من خلال شعور الإنتماء جيث تشترك هذه الجماعة في تفاصيل كثيرة، من أهمها النشاط الإجتماعي المشترك فهو عامل من العوامل التي تربط بين الأفراد والجماعة،والتنشئة الإجتماعية بدورها تجعل الأفراد ينتمون إلى جماعة واحدة عن طريق الأهداف والقيم المجتمعية، كما يرى فيبر أن أي سلوك من طرف الأفراد يعتبر تصرفا جمعيا.
4- الرابطة الإجتماعية عند أوغست كونت:
أولى كونت الأهمية إلى النسق التاريخي وهذا من خلال تقديم دراسة تطورية، التي تتعاقب على المجتمعات وحاول دراسة خصوصيات كل مرحلة على إنفراد، و تناول تقسيم العمل الإجتماعي والتضامن الإجتماعي وهذا من خلال تقديمه شرح "الرابطة الإجتماعية" من خلال تطرقه إلى مايسمى التضامن الإجتماعي سواء من ديناميكية المجتمع او ستاتيكا المجتمع
ينطلق كونت من تكوينه الأول للمجتمع وهي الأسرة بإعتبارها الرابطة الإجتماعية الأولى ثم تتشكل مجموعة من الأسر، ثم الهيئات الإجتماعية، التي تتجمع في الامم والتجمعات الإنسانية بإختلافها، هنا يؤكد كونت دراسة الأسرة بإعتبارها النواة الأولى للمجتمع وان المجتمع يتكون من أسر لا من أفراد وهذا مايؤدي إلى تشكيل الروابط الإجتماعية والعلاقات الإجتماعية.
كما كان هناك تفسير ل"نيكولاس شاف" بأن كونت تحدث عن الرابطة الإجتماعية وذلك بتطرقه للفرد والأسرة بإستخدامه لمصطلح" إتحاد الإنسانية" ويقصد به عن ضرورة الإرتباط بين عناصر المجتمع، وهو قائم في جميع مجالات الحياة ويبلغ أقصاه في المجتمع الإنساني وهذا راجع إلى أهم هذه الوحدات وهي الأسرة بحكم عامل القرابة وصلة الدم، حيث تتشتكل في مستوى اخر المدن التي تتكون على التعاون الشعوري .
زأشار كونت إلى ماسماه ب"التوافق الجمعي" وهو ذلك الإرتباط الحتمي بين الأفراد داخل المجتمع، ينتج عنه توافق موجود في كل مجالات الحياة وهذا التوافق يكون بوجه الخصوص بين الأفكار يؤدي إلى توافق جمعي وهو أساس الرابطة الإجتماعية، بمعنى أنه هناك توازن و تشابه بين المجتمع وبين الكائن العضوي ؤدي فيه الأعضاء المتماسكة وضائف معينة، كما إعتبر كونت أن الإنسانية ككل لا تتجزأ وأنها مجتمع واحد لأن المجتمع الإنساني ليس مجتمعا بصغة الفرد بل هو عدد من المجتمعات، رغم الإختلافات فيما بينها، إلا أن هناك سمة موحدة في التعاون والتضامن وهذا مايشكل علاقات وتفاعلات ورابطة إجتماعية .
من خلال هذا يمكننا أن نستخلص أن الرابطة الإجتماعية عند كونت، تتجلى صورتها من خلال توافق مجموعة الأفكار والأفراد، وهذا ماسماه ب"التناسق" الذي يجعل من فكرة الترابط بين الأفراد حتمية وواقعية، وهذا راجع أنه لا يمكن تحقيق التماسك والترابط الإجتماعي إلا عن طريق إنسجام وتوافق الأفكار.
5- الرابطة الإجتماعية عند مالك بن نبي:
حدد مالك بن نبي ثلاثة عوالم لصناعة التاريخ وكانت عبارة عن عالم الأشخاص وعالم الأفكار وعالم الأشياء، في المقابل أشد على ضرورة وجود العلاقات الإجتماعية أو ماسماه ب"شيكة العلاقات الإجتماعية " كعالم رابع لإكتمال العمل التاريخي، لأن هذه الشبكة هي النقطة الاولى التي تكون محطة إنطلاق للمجتمع نحو السيرورة و التغير، ويقول مالك بن نبي في ذلك"إن شبكة العلاقات هي العمل التاريخي الأول الذي يقوم به المجتمع وقت بدايته وركز مالك بن نبي على أهمية قصوى للعلاقات الإجتماعية ودورها في الحركة التاريخية لأي مجتمع، ويرى في ذلك "التغيرات التي تتم في الحياة الإجتماعية لايصح أن تعزى إبتداء من المادة التاريخية، وإنما تعزى إلى العلاقات التي تحول الشروط السابقة للظاهرة الإقتصادية ذاتها، في نطاق العمل المشترك الذي يصنع التاريخ"
.
5-1 الثورة الإجتماعية: يربط مالك بن نبي أي ثورة حقيقة بعالم الأفكار، في المقابل يرى ضرورة تواجدها بإعتبارها هي مقومها الأساسي ويقول في ذلك" لايقاس غنى مجتمع بكمية مايملك من أشياء بل ما يملك من أفكار" وأعتبر عالم الأشياء يمكن أن يعاد بناءه ووضع كل من روسيا وألمانيا كمثال لذلك إبان الحرب العالمية الثانية حيث دمر عالم الأشياء لديهما، لكن بفضل مقوماتها الفكرية إستطاعت الدولتان إعادة بناء كل ماهدم
من خلا فكرة مالك بن نبي عن المجتمع يرتبط ميلاد المجتمع بتشكل الرابطة الإجتماعية، وتكون قوة المجتمع مرتبطة بقوة العلاقات الإجتماعية، ويزول بزوالها حتى مع بقاء أعضاء المجتمع، وهذا مإتفق حوله جل المنظرين في فكرة حيث يرون أن الرابطة الإجتماعية تكون متماسكة في ميلادها، وتتقهقر عندما تنتقل في الحياة الحضرية رغم تواجد نفس أفراد هذا المجتمع، في هذه المرحلة تزول روح التضامن بين أفراد المجتمع ليحل محلها الروح الفردية أي المصالح الشخصية وينغمس الفرد في الفردنية في المجتمع الحضري لتقوم العلاقات في أساسها على المصلحة الشخصية.
إستخدم مالك بن نبي مصطلح "المرض" بدل مصطلح الضعف وهذا ما وصف به العالم الإسلامي ويرى في ذلك غياب للمفاهيم والأفكار في حس المسلمين، خصوصا بين العلاقة التي تنظم بين عالم الأفكار وعالم الأشياء، حيث تبقى الفكرة معزولة وبتالي تفقد فعاليتها، وهذا مايراه مالك بن نبي في فكر العالم الإسلامي المعاصر الذي تنعدم فيه الفاعلية، وشح في الأفكار، في وقت تمثل فيه الأفكار القوة الأساسية المعول عليها
لقد أراد مالك بن نبي توضيح الصلة القائمة بين النشاط الإجتماعي للإنسان، ضمن عالم الأفكار و الأشخاص والأشياء، وحدد أهمية موضوع شبكة العلاقات من خلال مستويين:
1-المستوى المعرفي: أهمية العلاقات الإجتماعية لدى مالك بن نبي، و تأثيرها على الأداء الوظيفي لعوالم البناء الثقافي(عالم الأفكار) عالم الأشخاص وعالم الأشياء، وبتالي تأثيرها على مسيرة الإنسان بإتجاه التنمية، من خلال تحليله لتجربة الحضارة الإسلامية في جميع مراحلها.
2-المستوى الواقعي: التركيز على الإنقسامات الخطيرة التي إستهدفت البنية الداخلية للمجتمع، مسببة هذه الإنقسامات في حالة من اللاتجانس الوظيفي في هذه المستويات، وحث على التركيز على شبكة العلاقات الإجتماعية من خلال بناء شبكة قوية من العلاقات التي بدورها تلعب دورا هاما في حماية النسيج الفطري والحضاري ككل .