لخّصلي

تسلسل الإنشاء ما بين مستقر ومستودع، فظهور الآباء مستقر الذريات، وأرحام الأمهات مستودعها، ولا يتبصر بدقائق هذا التكوين الرباني إلا قوم يفقهون أي يتعمقون بالبحث عن المعرفة الدالة على عظيم حكمة الله وقدرته. ومنها قول الله في سورة «الأعراف»: هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها ..... فأضاف سبحانه وتعالى في هذه الآية معنى

السكن الدال على أنه بحكمته قد جعل في المرأة من الخصائص ما

يحببها لنفس الرجل حتى يسكن إليها .

ألا فلتطمئن النساء إلى التكريم العظيم الذي كرمهن به الإسلام. والذين يريدون من المرأة أن تنافس الرجل في خصائصه، إنما يدفعونها إلى أقبح حالات النقص التي تعتري بعض النساء؛ وهؤلاء المحرضون لتتجاوز المرأة واقعها التكويني، ومهماتها التي اصطفاها لها الإسلام بحسب خصائصها ، إنما يريدون منها أن تركع لأهوائهم وأنانياتهم، وتقع في الفخاخ التي نصبوها لها، وما ذلك إلا العوامل شح في نفوسهم، التي تجعلهم يبخلون عن كفالة المرأة ورعايتها والنفقة عليها؛ وهم يتذمرون من الإسلام، الدين الحنيف الذي كرم المرأة وصانها، واختار أن يخفف عنها أعباء الكسب، لتتفرغ لأعباء تهيئة الحياة السعيدة في منزلها لزوجها وأطفالها وذويها، دون أن يمنعها منه إذا اختارته هي لنفسها، أو إذا اضطرت لذلك.

إن المرأة في الإسلام الدين الحنيف مسؤولة كالرجل مسؤولية كاملة عن جميع الأمور الدينية تجاه ربها، وتجاه المجتمع الإسلامي وحكمها كحكم الرجل في الإيمان والكفر، والثواب والعقاب والطاعة والمعصية، فهي مخلوق مكلف لأنها مزودة بالعقل الذيتدرك فيه الحق والباطل، والخير والشر، والمصالح والمفاسد، وعندها الإرادة الحرة التي يناط بها التكليف والمرأة في مجال التكليف الشرعية مثل الرجل سواء بسواء، لا تكلف إلا وسعها، ويشملها ويشمل الرجل معا عبارة النفس الواردة في نصوص قرآنية كثيرة، كقول الله تعالى في سورة البقرة»: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ؛ وقوله تعالى في سورة «الأعراف : والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفساً إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ؛ وقوله تعالى في سورة المؤمنون»: ولا نكلف نفساً إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق

بالحق .

من أجل ذلك كانت مسؤولة عن إعلان الإسلام، وهي في ذلك تقف مع الرجل في مرتبة واحدة، وتعامل مثل معاملته، ومتى أعلنت إسلامها فنطقت بالشهادتين عصمت دمها ومالها إلا بحق الإسلام، وحسابها على الله تعالى، وإذا ارتدت أصابتها جميع أحكام المرتدين دونما تفريق أو تمييز، لأن وسعها في هذا المجال مثل وسع الرجل والمنافقات من النساء كالمنافقين من الرجال، والمشركات منهن كالمشركين منهم يستقبلون جميعاً عند الله نصيبهم من العذاب . انظر إلى قول الله تعالى جلت قدرته : وليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيماً . وقوله تعالى : وليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزاً عظيماً. ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب اللهعليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساء مصيراً . فالنساء والرجال بين يدي أركان العقيدة الإسلامية سواء تكليفاً وجزاء، لذلك فإن النصوص الإسلامية التي يوجه فيها الخطاب للرجال هي موجهة للنساء أيضاً، في كل الأحكام والعظات والتكاليف وأنواع التربية الإسلامية، ما لم يكن مضمون الخطاب مما يتعلق بخصائص الرجال التكوينية، وما لم يصرح في الخطاب بأنه

خاص بالرجال دون النساء.

هذا هو واقع المرأة في الإسلام. أما دعاة تحرير المرأة، فإنهم يحاولون أن يدفعوها إلى ما وراء الحدود الإسلامية، إنما يخادعونها، ليهبطوا بها عن مرتبة الإنسان الذي كرمه الله بالعقل والإرادة، ووضعه موضع الامتحان، فكلفه الإيمان والعمل الصالح، والبعد

عن الشر والإثم .

وهدف دعاة تحرير المرأة، وهم غالباً من المفتونين بحضارة الغرب الزائفة، أن يقدفوا بها إلى سوق الرذيلة المشاعة لكل فاسق ويزجوا بها في أتون الخدمة والعمل والكدح الشاق، لتكسب عيشها وكساءها ومأواها، وهذا ما انتهت إليه حرية المرأة الغربية في البلاد التي تتحلى بشعارات تحرير المرأة، فقد أمست المرأة فيها لا تجد أباً ولا أخاً ولا عماً ولا زوجاً ولا ولداً ولا حفيداً يعيلها؛ فالأنثى عندهم متى غدت في سن معينة، وأصبحت قادرة على الكسب هان عليهم أن تعمل أي عمل، ولو بذلت فيه عفافها لأي طالب. والمرأة العاملة في الغرب تتعرض لكثير من الاعتداءات الجنسية، وتذكر الليدي مارتي» في كتابها ابتزاز المرأة العاملة جنسياً» إن المرأة العاملة في قطاعات الأمم المتحدة تتعرض لكثير من الاعتداءات الجنسية ؛