لخّصلي

يعتبر الشعر من الفنون األدبية التي تعكس المكونات الداخلية بحيث يقدمه الشاعر تعبيراًعن أحاسيسه والمشاعر
والتجارب التي عاشها في حياته على شكل قال ٍب لغوي.ٍ والشعر الحديث أصبح عالمة فارقة لألدب الحديث وتطوه فهو
القلب النابض لمشاعر األدباء وترجمة عواطفهم بنظم جميل متقن وقد تعددت المدارس الشعرية في الوطن العربي وفق
البيئات الشعرية التي نشأ فيها الشعراء ومن أعظم هذه البيئات البيئة الشامية والبيئة المغربية وبذلك تتحدد مشكلة الدراسة
في التعرف الى خصائص الشعر عند عالمين من اعالم الشعر الحديث في تلك البيئتين.
إن تاريخ الروابط والعالقات الثقافية بين المغرب العربي وبالد الشام يرجع إلی السنوات القديمة جدا وذلك بسبب
موقعهم الجغرافي واللغة والمعتقدات االسالمية المشتركة فيما بينهم. ومن ناحية أخرى فإن التغييرات واألحداث
االجتماعية والسياسية في العالم في الوقت الراهن والتي أثرت بدورها على المجتمعين المغربي والشامي، كان لها أثر
مباشر على االدب كما أ ّن التيارات الشعرية لم تبق بمعزل عن هذه التغييرات والتأثيرات.
5
لحاجات الشعب في
تَحدُث التغييرات األدبية في أي مجتمع نتيجة للتغييرات السياسية واالجتماعية لهذا المجتمع وتبعاً
ذلك الوقت، تتشابه األوضاع االجتماعية والسياسية بين المغرب والشام بسبب األوضاع والظروف األجتماعية المشتركة،
ودخلت الدول العربية إثر ظهور العوامل االجتماعية والثقافية مرحلة جديدة وإن الدخول إلی المرحلة الجديدة تتطلب بيان
جديد ولغة مختلفة؛ هكذا تحول األدب من شكلها التقليدي القديم إلى شكلها الحالي الجديد وتجاوز المراحل الخاصة.
الى جنب)
في بداية تحول الشعر في المغرب العربي وبالد الشام، يلعب كال التقليد والحداثة جنبا 1(. فقد كان الشكل القديم ً
مسيطراً على الشعر، وكان اإلبداع والتجدد يحدث في مجال المضمون والمحتوى فقط وراحت اللغة تتأثر وتتطور وتتجدد
أساسياً بشكل تدريجي، وأوجد هذا المنهج في نه في الشعر. في الواقع وفي ظل هذه الظروف الجديدة
اية المطاف تحوالً
وفي النزاع بين الحديث والقديم ،كان عدم انسجام اللغة والقوالب الشعرية القديمة لبيان المفاهيم والمضامين الجديدة أدی
إلى ظهور لغة وشكل جديد للشعر)2(.
وفي زخم هذه التحوالت، تحول شعر النهضة الى حامل لواء المجتمع المتجدّد وأصبح الناس في عصر النهضة على
دراي ٍة أكثر بحقوقهم من أی زمان آخر، وتش ّكلت الحريات السياسية واالجتماعية والثقافية، وأعلن بالوجود الجمعيات
واألحزاب المختلفة في المجتمع، وانصرفت للقيام بالنشاطات الثقافية واالجتماعية. وعلى هذا النحو المتماشي والمشابه
للتحوالت الحاصلة في ثقافة المغرب العربي ، فقد تغير الشعر المعاصر في
للتغييرات األدبية في العالم الغربي، ونتيجةً
هاتين الثقافتين)3(، وقد تناقل األدباء أهمية الحركة الشعرية في بالد الشالم والمغرب العربية في ظل حركة التغريب
الثقافي عامة والشعر على وجهة الخصوص، ومن رموز الشعر في بالد الشام ، الشاعر أحمد درويش، والشاعر أبو القاسم
الشابي من شمال المغرب العربي، أضافة الى العديد من الشعراء غيرهم)4(