لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (70%)

دور الشفافية والمساءلة كآلية من آليات الحوكمة (الحكم الراشد) للوقاية من الفساد الإداري
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
يهدف النظام الإداري الحديث إلى إعادة بناء الانسان من جديد تماشياً مع تطورات العصر من أجل خدمة المجتمع، ولتحقيق ذلك تحتاج الإدارة لنظام فعال وهادف ومتطور ضماناً لتطبيق القوانين بجهد وتكلفة أقل، الفصل الأول
مفهوم الحوكمة والفساد الاداري
يعد نظام الحوكمة نظاماً مهماً وحديثاً، إذ أثبت كفاءته العملية في تطوير عمل الإدارة للوقاية من الفساد الإداري، لذلك لاقى توجهاً دولياً لتطبيقه ضماناً لحسن سير المرافق العامة، فكانت الحوكمة هي الأسلوب الأمثل لذلك. مفهوم الحوكمة وخصائصها وأبعادها وأهميتها وأهدافها ومعايير تطبيقها
المطلب الأول
وهي تقابل في اللغة الإنجليزية مصطلح (GOVERNANCE)، علماً بأنه من الصعب إيجاد تعريف موحد بين اللغات كافة. للحوكمة اصطلاحاً تعريفات متعددة، نأخذ منها تعريف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بأنها: (قدرة المجتمع على ضمان سيادة القانون وحرية التعبير وواجب الحكومة المنفتحة والمسؤولة وإعطاء الحق للأفراد في المساهمة في حدود تطبيق القرارات العامة) وإن مميزات الحوكمة أنها وسيلة تحقق أهداف المؤسسات والهيئات الإدارية، وهي أداة للرقابة على عمل الإدارة وضامنة لحقوق الأفراد ومانعة لاستشراء الفساد بتفعيل آلياتها. أما خصائص الحوكمة فتتمثل في الالتزام الوظيفي والاستقلالية والعدالة. تتمثل أبعاد الحوكمة في البعد المؤسسي بوجود مؤسسات تنشر زيادة الوعي بها، والبعد الرقابي على المستويين الرقابي والتشريعي للمؤسسة الإدارية، المطلب الثاني
أهمية وأهداف الحوكمة
تتمثل أهمية الحوكمة في تحقيق استقرار ومصداقية المؤسسات وزيادة الكفاءة ودعم التنافس وتحقيق أهداف الإدارة، لاسيما تفعيل دور العاملين وبيان ماهية واجباتهم وتدعيم الدور الرقابي للأفراد على مجالس الإدارة والمديرين العامين. كما أنها تتصدى للفساد الإداري والمؤسسي في الدولة وتحقق التوازن بين مصالح الإدارة ومصالح المستفيدين من خدماتها.
أما أهداف الحوكمة فيمكن وصفها بأنها العمل على تفعيل قدرة الدولة على تحقيق أهدافها بخلق انطباع إيجابي لدى المتعاملين مع الإدارة بمصداقية البيانات والمعلومات المقدمة لهم وحماية الملكية العامة، إلى جانب توفير الثقة المتبادلة بين الإدارة والأفراد من خلال السعي إلى رفع مستوى أداء الموظفين بتقديم الخدمات، فضلاً عن توفير فرص العمل الجديدة عن طريق الحرص على تدعيم المؤسسات بغرض جذب مصادر التمويل داخلياً وخارجياً، وكذا معالجة أنماط إدارة المؤسسات بدعم الحوكمة وآلياتها، ويشمل ذلك المسارات القانونية والاجتماعية والاقتصادية، مما يحقق العدالة في عمل الإدارة. المطلب الثالث
لم تقتصر الحوكمة منذ ظهورها على مجال معين، وهي تنقسم إلى أنواع عديدة، فمنها الحوكمة القضائية، بحسبان أن القضاء من أهم مقومات الحكم الرشيد، لتكفله بتعزيز الحريات وإدارة العدالة، مما أوجب على القائمين بأمر المرفق القضائي السعي الدائم لتطويره بسهولة اللجوء إليه وتذليل العقبات الإدارية المانعة من ذلك. حيث يلعب الإعلام دوراً كبيراً في ترسيخ مبادئ الحكم الرشيد من خلال تعدد وسائله واستقلالها، علماً بأن هناك علاقة مهمة بين التنمية ووسائل الإعلام، بتوظيف الأخيرة لآليات الحوكمة، أما النوع الثالث فهو حوكمة الشركات، وهو مجموعة القواعد والضوابط المحددة للعلاقة بين حملة الأسهم وإدارة الشركة وغيرهم من الأطراف، علماً بأن السبب في تطبيق هذا النوع هو تزايد الهوة بين المساهمين والإدارة، والنوع الرابع هو الحوكمة الالكترونية، وجوهرها التأكد من وصول الخدمات للأفراد، وهي حوكمة ثنائية تربط بين الحكومة والمستفيدين من خدماتها وحقهم في الرقابة على أعمالها عبر الوسائط التكنولوجية، يقصد بمعايير تنفيذ الحوكمة مجموعة القواعد والتوجيهات المنظمة للعمل داخل المؤسسات الإدارية وطرق التواصل بينها وبين الأفراد، وينتج عن اعتمادها تحقيق الأهداف، وأهمها تحقيق النفع للجميع. ومن أهم المؤسسات الدولية التي رسخت هذه المعايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ولجنة بازل، وتتمثل معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في ضمان وجود أساس فعال للحوكمة وضمان حقوق المستفيدين والمساواة بينهم وحق الأفراد في الرقابة على الإدارة والافصاح والشفافية. مع عدم وجود أخطاء متعمدة من قبل الإدارة وضمان الدور الرقابي للمراقبين بتفعيل دورهم وتوعيتهم وتوافر الشفافية والافصاح للعمل الإداري. الأساس القانوني للحوكمة ومحدداتها وتجارب الدول
نبع الأساس القانوني للحوكمة في الأصل من القطاع الخاص، ويتمثل في ثلاث نظريات، أولها نظرية الوكالة، ووفقاً لها أن إدارة المؤسسة تنشأ قانوناً بموجب عقد وكالة تمنح بموجبه المؤسسة صلاحيات معينة لمديريها باعتبارهم وكلاء عنها في إدارة شؤونها والحفاظ على مصالحها ومصالح الأفراد، مما يجعل المؤسسة مسؤولة أمام الجهات الرقابية عن قراراتها وأعمالها، ويظهر ذلك في رصد حالات الفساد الإداري، حيث إن عقد الوكالة يرتب التزامات متقابلة بين إدارة المؤسسة والمدراء، إذ تقع على عاتقهم واجبات تنظيمية تحكمها القوانين الخاصة بالإدارة، علماً بأن العلاقة بين الأصيل والوكيل تتخذ عدة أشكال، ويترتب على ذلك أن يسعى كل منهما إلى تحقيق المنفعة العامة وعدم وجود تعارض بين المصالح، وأن يهدف إلى تحقيق استمرارية المؤسسة ونجاحها وسعي الأصيل إلى تنفيذ عقد الوكالة وإلزام الوكيل بالتعاون، مما يؤدي إلى تحقيق المنفعة المتبادلة. وقد انتقدت هذه النظرية بأن نظام الرقابة في الحوكمة المؤسسية نظام واسع لا تستوعبه نظرية الوكالة، كما أنها تقوم بتصوير الحوكمة على أنها إجراء وقائي، كونها تقوم على أساس عقدي ربحي، بينما المؤسسات الإدارية تقوم على أساس تنظيمي ربحي، وهدفها إشباع الحاجات الأساسية وتحقيق المصلحة العامة. والنظرية الثانية هي نظرية حسن النية، بحسبان أن الغاية من الحوكمة هي حماية حقوق المتعاملين مع الإدارة، بسبب أن هذا المبدأ مبدأ واسع قد يشمل جميع تصرفات الإدارة متجاوزاً الدور التقليدي المتضمن تكوين وتنفيذ العقد لمرحلة أهم هي حماية القانون. وقد أخذ القضاء الأمريكي في حكم له بهذا المبدأ كأساس للحوكمة (المساهمون في شركة والت ديزني ضد مجلس الإدارة). وأيد قسم من الفقه العربي هذه النظرية كأساس للحوكمة، تأسيساً على استقلالية الشركة عن شخصية الشركاء، وأن الغرض من صياغة نظام قانوني للحوكمة هو توفير الحماية للمتعاملين مع المؤسسة، حيث يمنح مبدأ حسن النية التوازن القانوني لذلك، كما أن الحوكمة واسعة في الجانب النظري والآثار المراد تحقيقها. أما النظرية الثالثة فهي التعسف في استعمال السلطة، والتي يكون سببها استخدام مدراء الهيئات الإدارية لسلطاتهم على نحو متعسف، اتخذها بعض الفقهاء أساساً للحوكمة الإدارية، علماً بأن هذه النظرية منصوص عليها أصلاً في القانون المدني. وقد صدرت أحكام قضائية تأخذ بهذه النظرية كأساس للحوكمة (قضية فريهوف)، ويرى الكاتب أن هذه النظرية الأخيرة هي النظرية المثلى كأساس للحوكمة الإدارية، استناداً إلى أن نظرية الوكالة قائمة على أساس وجود عقد، كما أن الخطأ التقصيري وارد في الحوكمة في المجال الإداري، حيث إن الموظف يمكنه تجاوز الخطأ لو كان حريصاً على الوظيفة العامة. المطلب الثاني
محددات الحوكمة وتجارب الدول الخاصة بالحوكمة
.. الخ)، مع وجود قضاء عادل وشفاف وقادر ووجود موظفين بمختلف الاختصاصات، كالمحاسبين والقانونيين والمدققين، إلى جانب كفاءة أجهزة وهيئات الرقابة على أعمال الإدارة، باعتبارها التي تحد من الفساد الإداري. أما المحددات الداخلية فهي نظام الإدارة الداخلي الذي يضع هيكلاً إدارياً سليماً يوضح كيفية اتخاذ القرارات ويوزع المسؤوليات والواجبات، ويؤثر النظام الاقتصادي والاجتماعي على هذه المحددات، والتطبيق السليم لهذه المحددات يزيد من ثقة المستفيدين من خدمات الإدارة، ومما سبق يرى الكاتب أن المحددات بنوعيها تعزز الثقة بالإدارة وتحصن حقوق الأفراد، كما أنها تنمي دور الإدارة في الدولة وتطور العمل الإداري وترفع من القدرة على العمل المتواصل لتحقيق مرامي الإدارة. أما بشأن تجارب الدول، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعد الدولة الرائدة في هذا المجال، بسبب بعض الأحداث التي مرت بها ودفعتها لقيادة حملة إصلاحية ضد الفساد الإداري، فقامت بتفعيل الرقابة على شفافية المعلومات الصادرة عن المؤسسات، وإلزامها بالتطبيق السليم لقواعد الحوكمة، حيث صدر تقرير عام 1987 الذي احتوى على توصيات خاصة في هذا المجال. وفي أوروبا أنشئ فريق متعدد التخصصات لمكافحة الفساد الإداري عام 1992، ونشأت منظمة الشفافية الدولية عام 1993، وأقر الاتحاد الأوروبي بروتوكول معالجة الفساد الإداري العالي عام 1996، كما صدر إعلان هيئة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والرشوة عام 1997. ومن أهم الدول الرائدة في هذا المجال هي المملكة المتحدة وروسيا وفرنسا، والتي أصبح مؤشر الفساد فيها 69 درجة في عام 2014، بعد أن كان 71 درجة في عام 2012. المبحث الثالث
وهو خلاف المصلحة، وهو بين معانٍ ثلاثة، فساد عضوي، تجارية واجتماعية. وعرفته هيئة الأمم المتحدة بأنه: (سوء استعمال السلطة العامة للحصول على مكاسب شخصية، مع الإضرار بالمصلحة العامة). أما منظمة الشفافية الدولية فعرفته بأنه: (تسخير المصلحة العامة لتحقيق المصلحة الخاصة). علماً بأنه لا يوجد تعريف جامع ومانع له بسبب أبعاده المختلفة، هي توافر صفة موظف عام أو مكلف بخدمة عامة في الشخص، مع وجود مقابل مادي أو معنوي للمخالفة. المطلب الثاني
صور الفساد الإداري السائدة في العراق
ومنها الإخلال بالواجبات الوظيفية المنصوص عليها في قانون انضباط موظفي الدولة العراقي رقم 14 لسنة 1991، ومن أهمها عدم قيام الموظف بأداء أعمال الوظيفة بنفسه وإضاعة الوقت بعدم الالتزام بالحضور في أوقات العمل الرسمية وعدم التوظيف الأمثل لساعات العمل. والصورة الثانية هي عدم إطاعة الموظف لأوامر وتعليمات رؤسائه وفقاً لما تقضي به الأنظمة والتعليمات. والصورة الثالثة هي التهرب من تحمل المسؤولية والإهمال الوظيفي، مما يؤثر سلباً على سير المرفق العام. والصورة الرابعة هي عدم كتمان الأسرار الوظيفية، سواء كان ذلك متعلقاً بأسرار الوظيفة أو أسرار العاملين في المرفق العام أو أسرار العملاء. كما تناول الانحرافات الخاصة بسلوك الموظف، باعتبارها تدخل ضمن انحرافات الفساد الإداري، مثل جرائم الرشوة والاختلاس وتجاوز الموظفين لحدود وظائفهم. المطلب الثالث
أسباب الفساد الإداري وآثاره
والتي تتمثل في الحكم الشمولي الفردي وضعف دور الإعلام والرقابة الرسمية والشعبية. إلى جانب الأسباب الاقتصادية بسبب استغلال المتنفذين لمواقعهم للحصول على منافع شخصية. وثالث الأسباب هي الأسباب الاجتماعية والثقافية، حيث تؤدي العادات والتقاليد الموروثة إما لانتشار الفساد أو تقليله. بتبديد الأموال العامة، فتنخفض معدلات الاستثمار،


النص الأصلي

دور الشفافية والمساءلة كآلية من آليات الحوكمة (الحكم الراشد) للوقاية من الفساد الإداري


بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
يهدف النظام الإداري الحديث إلى إعادة بناء الانسان من جديد تماشياً مع تطورات العصر من أجل خدمة المجتمع، ولتحقيق ذلك تحتاج الإدارة لنظام فعال وهادف ومتطور ضماناً لتطبيق القوانين بجهد وتكلفة أقل، بحسبان أن الإدارة هي الجهة المعنية بتقديم الخدمات لأفراد المجتمع وتحقيق التنمية، وذلك باستخدام نظام الحوكمة اعتماداً على آليات الشفافية والمساءلة للوقاية من الفساد الإداري تحقيقاً للحكم الرشيد.
الفصل الأول
مفهوم الحوكمة والفساد الاداري
يعد نظام الحوكمة نظاماً مهماً وحديثاً، إذ أثبت كفاءته العملية في تطوير عمل الإدارة للوقاية من الفساد الإداري، لذلك لاقى توجهاً دولياً لتطبيقه ضماناً لحسن سير المرافق العامة، حيث أدت الانهيارات الاقتصادية التي حدثت في العديد من دول العالم ومثالها الأزمة المالية في الولايات المتحدة وأوروبا لضرورة إيجاد طريقة فعالة لتنظيم عمل المرافق العامة، فكانت الحوكمة هي الأسلوب الأمثل لذلك.
المبحث الأول
مفهوم الحوكمة وخصائصها وأبعادها وأهميتها وأهدافها ومعايير تطبيقها
المطلب الأول
مفهوم الحوكمة لغة واصطلاحاَ وخصائصها وأبعادها
تعني الحوكمة لغة: (السيطرة أو الحكم والرقابة على الإدارة)، وهي تقابل في اللغة الإنجليزية مصطلح (GOVERNANCE)، علماً بأنه من الصعب إيجاد تعريف موحد بين اللغات كافة.
للحوكمة اصطلاحاً تعريفات متعددة، نأخذ منها تعريف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بأنها: (قدرة المجتمع على ضمان سيادة القانون وحرية التعبير وواجب الحكومة المنفتحة والمسؤولة وإعطاء الحق للأفراد في المساهمة في حدود تطبيق القرارات العامة) وإن مميزات الحوكمة أنها وسيلة تحقق أهداف المؤسسات والهيئات الإدارية، وهي أداة للرقابة على عمل الإدارة وضامنة لحقوق الأفراد ومانعة لاستشراء الفساد بتفعيل آلياتها. أما خصائص الحوكمة فتتمثل في الالتزام الوظيفي والاستقلالية والعدالة.
تتمثل أبعاد الحوكمة في البعد المؤسسي بوجود مؤسسات تنشر زيادة الوعي بها، والبعد الرقابي على المستويين الرقابي والتشريعي للمؤسسة الإدارية، والبعد التقني والإداري المتمثل في فاعلية وكفاءة الأجهزة الإدارية واستقلالها، والبعد الاستراتيجي المتعلق بتشجيع التطور في الحاضر والمستقبل.
المطلب الثاني
أهمية وأهداف الحوكمة
تتمثل أهمية الحوكمة في تحقيق استقرار ومصداقية المؤسسات وزيادة الكفاءة ودعم التنافس وتحقيق أهداف الإدارة، لاسيما تفعيل دور العاملين وبيان ماهية واجباتهم وتدعيم الدور الرقابي للأفراد على مجالس الإدارة والمديرين العامين. كما أنها تتصدى للفساد الإداري والمؤسسي في الدولة وتحقق التوازن بين مصالح الإدارة ومصالح المستفيدين من خدماتها.

أما أهداف الحوكمة فيمكن وصفها بأنها العمل على تفعيل قدرة الدولة على تحقيق أهدافها بخلق انطباع إيجابي لدى المتعاملين مع الإدارة بمصداقية البيانات والمعلومات المقدمة لهم وحماية الملكية العامة، إلى جانب توفير الثقة المتبادلة بين الإدارة والأفراد من خلال السعي إلى رفع مستوى أداء الموظفين بتقديم الخدمات، فضلاً عن توفير فرص العمل الجديدة عن طريق الحرص على تدعيم المؤسسات بغرض جذب مصادر التمويل داخلياً وخارجياً، وكذا معالجة أنماط إدارة المؤسسات بدعم الحوكمة وآلياتها، الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق الفعالية الإدارية، ويشمل ذلك المسارات القانونية والاجتماعية والاقتصادية، مما يحقق العدالة في عمل الإدارة.
المطلب الثالث
أنواع الحوكمة ومعايير تنفيذها
لم تقتصر الحوكمة منذ ظهورها على مجال معين، وهي تنقسم إلى أنواع عديدة، فمنها الحوكمة القضائية، بحسبان أن القضاء من أهم مقومات الحكم الرشيد، لتكفله بتعزيز الحريات وإدارة العدالة، مما أوجب على القائمين بأمر المرفق القضائي السعي الدائم لتطويره بسهولة اللجوء إليه وتذليل العقبات الإدارية المانعة من ذلك. والنوع الثاني هو الحوكمة الإعلامية، حيث يلعب الإعلام دوراً كبيراً في ترسيخ مبادئ الحكم الرشيد من خلال تعدد وسائله واستقلالها، علماً بأن هناك علاقة مهمة بين التنمية ووسائل الإعلام، بتوظيف الأخيرة لآليات الحوكمة، كحق المواطن في مساءلة الحكومة عن طريق الإعلام والشفافية في نقل القضايا وتسهيل الوصول إلى وثائق الإدارة وكيفية صنع القرار في الدولة. أما النوع الثالث فهو حوكمة الشركات، وهو مجموعة القواعد والضوابط المحددة للعلاقة بين حملة الأسهم وإدارة الشركة وغيرهم من الأطراف، وتضمن حوكمة الشركات حصول كل شخص على حقه، علماً بأن السبب في تطبيق هذا النوع هو تزايد الهوة بين المساهمين والإدارة، ويمتد نطاقها إلى تنظيم جميع العلاقات القانونية بتأسيس الشركات وممارسة أعمالها وأنشطتها بصورة شاملة. والنوع الرابع هو الحوكمة الالكترونية، وهي استخدام التكنولوجيا للوصول للمعلومات لتقديم الخدمات للمواطن وتبادل المعلومات بين الحكومة والمواطن والحكومة والقطاع الخاص، وجوهرها التأكد من وصول الخدمات للأفراد، وهي حوكمة ثنائية تربط بين الحكومة والمستفيدين من خدماتها وحقهم في الرقابة على أعمالها عبر الوسائط التكنولوجية، بغية الوصول إلى حكومة خالية من الفساد..
يقصد بمعايير تنفيذ الحوكمة مجموعة القواعد والتوجيهات المنظمة للعمل داخل المؤسسات الإدارية وطرق التواصل بينها وبين الأفراد، وينتج عن اعتمادها تحقيق الأهداف، وأهمها تحقيق النفع للجميع. ومن أهم المؤسسات الدولية التي رسخت هذه المعايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ولجنة بازل، وتتمثل معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في ضمان وجود أساس فعال للحوكمة وضمان حقوق المستفيدين والمساواة بينهم وحق الأفراد في الرقابة على الإدارة والافصاح والشفافية. أما معايير لجنة بازل فهي إعلان الأهداف الاستراتيجية للدولة عامة والمؤسسات الإدارية خاصة وتحديد مسؤولياتها وكفاءة أعضاء الإدارة، مع عدم وجود أخطاء متعمدة من قبل الإدارة وضمان الدور الرقابي للمراقبين بتفعيل دورهم وتوعيتهم وتوافر الشفافية والافصاح للعمل الإداري. وتمثلت معايير منظمة التمويل الدولية (2013) في وجوب جودة ممارسة المؤسسات الإدارية والمالية ووضع الخطوات الضامنة لتحقيق الحكم الرشيد والإسهام الأساسي في توجيه الحوكمة محلياً ووجود قيادة جيدة لتطبيق وتنفيذ الحوكمة الرشيدة.


المبحث الثاني
الأساس القانوني للحوكمة ومحدداتها وتجارب الدول
المطلب الأول
الأساس القانوني للحوكمة
نبع الأساس القانوني للحوكمة في الأصل من القطاع الخاص، ويتمثل في ثلاث نظريات، أولها نظرية الوكالة، ووفقاً لها أن إدارة المؤسسة تنشأ قانوناً بموجب عقد وكالة تمنح بموجبه المؤسسة صلاحيات معينة لمديريها باعتبارهم وكلاء عنها في إدارة شؤونها والحفاظ على مصالحها ومصالح الأفراد، مما يجعل المؤسسة مسؤولة أمام الجهات الرقابية عن قراراتها وأعمالها، ويظهر ذلك في رصد حالات الفساد الإداري، حيث إن عقد الوكالة يرتب التزامات متقابلة بين إدارة المؤسسة والمدراء، إذ تقع على عاتقهم واجبات تنظيمية تحكمها القوانين الخاصة بالإدارة، علماً بأن العلاقة بين الأصيل والوكيل تتخذ عدة أشكال، هي العلاقة التناظرية والعلاقة التلقائية والعلاقة التعاقدية، ويترتب على ذلك أن يسعى كل منهما إلى تحقيق المنفعة العامة وعدم وجود تعارض بين المصالح، وأن يهدف إلى تحقيق استمرارية المؤسسة ونجاحها وسعي الأصيل إلى تنفيذ عقد الوكالة وإلزام الوكيل بالتعاون، مما يؤدي إلى تحقيق المنفعة المتبادلة. وقد انتقدت هذه النظرية بأن نظام الرقابة في الحوكمة المؤسسية نظام واسع لا تستوعبه نظرية الوكالة، كما أنها تقوم بتصوير الحوكمة على أنها إجراء وقائي، وبالتالي يرى الكاتب أن هذه النظرية غير صالحة لنظام الحوكمة الإدارية، كونها تقوم على أساس عقدي ربحي، بينما المؤسسات الإدارية تقوم على أساس تنظيمي ربحي، وهدفها إشباع الحاجات الأساسية وتحقيق المصلحة العامة. والنظرية الثانية هي نظرية حسن النية، بحسبان أن الغاية من الحوكمة هي حماية حقوق المتعاملين مع الإدارة، بسبب أن هذا المبدأ مبدأ واسع قد يشمل جميع تصرفات الإدارة متجاوزاً الدور التقليدي المتضمن تكوين وتنفيذ العقد لمرحلة أهم هي حماية القانون. وقد أخذ القضاء الأمريكي في حكم له بهذا المبدأ كأساس للحوكمة (المساهمون في شركة والت ديزني ضد مجلس الإدارة). وأيد قسم من الفقه العربي هذه النظرية كأساس للحوكمة، تأسيساً على استقلالية الشركة عن شخصية الشركاء، وأن الغرض من صياغة نظام قانوني للحوكمة هو توفير الحماية للمتعاملين مع المؤسسة، حيث يمنح مبدأ حسن النية التوازن القانوني لذلك، كما أن الحوكمة واسعة في الجانب النظري والآثار المراد تحقيقها. أما النظرية الثالثة فهي التعسف في استعمال السلطة، والتي يكون سببها استخدام مدراء الهيئات الإدارية لسلطاتهم على نحو متعسف، ولكون الحوكمة نظام ضامن لحسن الإدارة، اتخذها بعض الفقهاء أساساً للحوكمة الإدارية، علماً بأن هذه النظرية منصوص عليها أصلاً في القانون المدني. وقد صدرت أحكام قضائية تأخذ بهذه النظرية كأساس للحوكمة (قضية فريهوف)، ويرى الكاتب أن هذه النظرية الأخيرة هي النظرية المثلى كأساس للحوكمة الإدارية، استناداً إلى أن نظرية الوكالة قائمة على أساس وجود عقد، بينما العلاقة بين الإدارة والموظفين أساسها تنظيمي، وعدم وجود أصل لمبدأ حسن النية في العلاقة الإدارية بين الموظف والإدارة، كما أن الخطأ التقصيري وارد في الحوكمة في المجال الإداري، حيث إن الموظف يمكنه تجاوز الخطأ لو كان حريصاً على الوظيفة العامة.
المطلب الثاني
محددات الحوكمة وتجارب الدول الخاصة بالحوكمة
تنقسم محددات الحوكمة والتي تعد من ضرورات تطبيقها إلى محددات خارجية وأخرى داخلية، ويقصد بالخارجية بيئة عمل الإدارة، ومن المعلوم أنها تختلف من دولة إلى أخرى وتحتاج لتوافر عدد من العناصر، هي وجود مكاتب خاصة بالمهن الحرة (محامين، محاسبين، ......الخ)، مع وجود قضاء عادل وشفاف وقادر ووجود موظفين بمختلف الاختصاصات، كالمحاسبين والقانونيين والمدققين، إلى جانب كفاءة أجهزة وهيئات الرقابة على أعمال الإدارة، باعتبارها التي تحد من الفساد الإداري. أما المحددات الداخلية فهي نظام الإدارة الداخلي الذي يضع هيكلاً إدارياً سليماً يوضح كيفية اتخاذ القرارات ويوزع المسؤوليات والواجبات، ويؤثر النظام الاقتصادي والاجتماعي على هذه المحددات، إلى جانب وعي المجتمع، حيث إن تطبيق الأنظمة والقوانين بصورة صحيحة من الأفراد لا يكون إلا في ظل زيادة الوعي، والتطبيق السليم لهذه المحددات يزيد من ثقة المستفيدين من خدمات الإدارة، كما أنه يرفع كفاءة هذه الخدمات. ومما سبق يرى الكاتب أن المحددات بنوعيها تعزز الثقة بالإدارة وتحصن حقوق الأفراد، كما أنها تنمي دور الإدارة في الدولة وتطور العمل الإداري وترفع من القدرة على العمل المتواصل لتحقيق مرامي الإدارة.
أما بشأن تجارب الدول، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعد الدولة الرائدة في هذا المجال، بسبب بعض الأحداث التي مرت بها ودفعتها لقيادة حملة إصلاحية ضد الفساد الإداري، فقامت بتفعيل الرقابة على شفافية المعلومات الصادرة عن المؤسسات، وإلزامها بالتطبيق السليم لقواعد الحوكمة، حيث صدر تقرير عام 1987 الذي احتوى على توصيات خاصة في هذا المجال. وفي أوروبا أنشئ فريق متعدد التخصصات لمكافحة الفساد الإداري عام 1992، ونشأت منظمة الشفافية الدولية عام 1993، وأقر الاتحاد الأوروبي بروتوكول معالجة الفساد الإداري العالي عام 1996، كما صدر إعلان هيئة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والرشوة عام 1997. ومن أهم الدول الرائدة في هذا المجال هي المملكة المتحدة وروسيا وفرنسا، والتي أصبح مؤشر الفساد فيها 69 درجة في عام 2014، بعد أن كان 71 درجة في عام 2012. أما الدول العربية فيعد تطبيق نظام الحوكمة فيها حديث نسبياً لعدم اكتمال الجوانب النظرية على المستويين القانوني والاقتصادي، مع الإشارة إلى أن بعض الدول العربية أصدرت تشريعات لم تتضمن العمل بمبادئ الحوكمة ومعاييرها، ومنها مصر والامارات العربية المتحدة والعراق.
المبحث الثالث
ماهية الفساد الإداري
المطلب الأول
مفهوم الفساد الإداري
الفساد لغة نقيض الصلاح، وهو خلاف المصلحة، وقد ورد في القرآن الكريم بمعانٍ مختلفة، وهو بين معانٍ ثلاثة، فساد عضوي، فساد أخلاقي وفساد في أداء الواجب. وهو كل سلوك يتضمن معاني الضرر والخلل والإخلال بأداء الواجب. أما الإدارة في اللغة فتعني الضبط والالتزام.
للفساد اصطلاحاً معان متعددة، منها: الخروج عن القوانين والأنظمة أو استغلال غيابهما من أجل تحقيق مصالح سياسية، اقتصادية، مالية، تجارية واجتماعية. وعرفته هيئة الأمم المتحدة بأنه: (سوء استعمال السلطة العامة للحصول على مكاسب شخصية، مع الإضرار بالمصلحة العامة). أما منظمة الشفافية الدولية فعرفته بأنه: (تسخير المصلحة العامة لتحقيق المصلحة الخاصة). كما عرفته عدد من المنظمات العالمية والإقليمية بتعريفات مختلفة، علماً بأنه لا يوجد تعريف جامع ومانع له بسبب أبعاده المختلفة، سوى أنه يمكن القول بوجود عناصر له، هي توافر صفة موظف عام أو مكلف بخدمة عامة في الشخص، واخلاله بالسلطة الممنوحة له عن طريق مخالفة الأنظمة والتعليمات، مع وجود مقابل مادي أو معنوي للمخالفة.
المطلب الثاني
صور الفساد الإداري السائدة في العراق
تناول الكاتب صور الفساد الإداري السائدة في العراق، ومنها الإخلال بالواجبات الوظيفية المنصوص عليها في قانون انضباط موظفي الدولة العراقي رقم 14 لسنة 1991، ومن أهمها عدم قيام الموظف بأداء أعمال الوظيفة بنفسه وإضاعة الوقت بعدم الالتزام بالحضور في أوقات العمل الرسمية وعدم التوظيف الأمثل لساعات العمل. والصورة الثانية هي عدم إطاعة الموظف لأوامر وتعليمات رؤسائه وفقاً لما تقضي به الأنظمة والتعليمات. والصورة الثالثة هي التهرب من تحمل المسؤولية والإهمال الوظيفي، مما يؤثر سلباً على سير المرفق العام. والصورة الرابعة هي عدم كتمان الأسرار الوظيفية، سواء كان ذلك متعلقاً بأسرار الوظيفة أو أسرار العاملين في المرفق العام أو أسرار العملاء. كما تناول الانحرافات الخاصة بسلوك الموظف، والتي تدخل ضمن المخالفات الإدارية، وهي إساءة استعمال السلطة والوساطة والمحسوبية وعدم الامتناع عن القيام بقسم من المعاملات التجارية. كما أشار إلى الانحرافات الجنائية وفقاً للقانون العراقي، حيث بين أن قانون العقوبات العراقي نص على الجرائم المتعلقة بالموظف العام والوظيفة العامة، باعتبارها تدخل ضمن انحرافات الفساد الإداري، مثل جرائم الرشوة والاختلاس وتجاوز الموظفين لحدود وظائفهم.
المطلب الثالث
أسباب الفساد الإداري وآثاره
من أهم أسباب الفساد الإداري هي الأسباب السياسية، والتي تتمثل في الحكم الشمولي الفردي وضعف دور الإعلام والرقابة الرسمية والشعبية. إلى جانب الأسباب الاقتصادية بسبب استغلال المتنفذين لمواقعهم للحصول على منافع شخصية. وثالث الأسباب هي الأسباب الاجتماعية والثقافية، حيث تؤدي العادات والتقاليد الموروثة إما لانتشار الفساد أو تقليله.
تتمثل آثار الفساد الإداري في تأثيره على النظام السياسي، وتبدو في عدم تطبيق مبدأ سيادة القانون، مما يفقد الدولة هيبتها. كما يؤثر الفساد الإداري على الجانب الاقتصادي، بتبديد الأموال العامة، مما يؤثر في عملية التنمية، فتنخفض معدلات الاستثمار، إلى جانب عجز الموازنة. كما يؤثر الفساد الإداري على الجانب الاجتماعي، بإحداثه اختلالاً في منظومة القيم والمبادئ السائدة في المجتمع. كما يؤثر على أخلاقيات العمل ويدفع إلى ظهور قيم سالبة تتحكم بالمجتمع.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

المقابلة مع أبو...

المقابلة مع أبو سمير تقدم نظرة عميقة ومؤثرة عن التحديات التي يواجهها الفلسطينيون في القدس الشرقية، ل...

في نهاية عملنا ...

في نهاية عملنا هذا بعدما تم إستعراض واقع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و استنتجنا انها تلعب دور هام في ...

تحسين صورة العل...

تحسين صورة العلامة التجارية من خلال الألوان يعد اللون أداة قوية في العلامة التجارية ويمكن أن يكون له...

الكثيرات من الف...

الكثيرات من الفتيات المقبلات على الزواج لا يجدن الطهى بشكل محترف أو جيد، لذلك يشعرن بالقلق والتوتر ع...

When 27-year-ol...

When 27-year-old Aron Ralston set out to climb in the remote Blue John Canyon in Utah one Sunday in ...

عزيزي مصطفى تس...

عزيزي مصطفى تسَلَّمتُ رسالتَكَ الآن، وفيها تُخبرُني أنَّكَ أتْمَمْتَ لي كُلَّ ما أحتاجُ إليهِ لِيدع...

لإصلاح شخصية ال...

لإصلاح شخصية الإنسان وتقويم سلوكه في الحياة الدنيا، وعلى ضوء ذلك نستخلص أن التربية تعني «عملية إيصال...

تحليل مشاركة ال...

تحليل مشاركة الطلاب في تجربة "الموجة" يكشف عن عدة عوامل نفسية واجتماعية معقدة تساهم في فهم سلوكهم وم...

To establish st...

To establish stable physician–patient relationships, improving patient trust in doctors is essential...

الغاء اٌماف الت...

الغاء اٌماف التنفٌذ :. - اذا لم ٌمم المحكوم علٌه بتنفٌذ الشروط المفروضة علٌه . -1 اذا ارتكب المحكوم ...

احتلت مشكلة الس...

احتلت مشكلة السكن مساحة مهمة في عصر ساده الضعف الاقتصادي فالحروب والازمات التي مرت بها الدول لا سيما...

كيف يمكنني التع...

كيف يمكنني التعامل مع التغيرات الحالية والمستقبلية في علاقة المريض مع محيطه؟ إن إصابة الشخص بداء ا...