لخّصلي

تتناول هذه المحاضرة مقاومة الأمير عبد القادر (1832-1847) في المغرب العربي، مُركّزةً على أهم معالمها. قبل مبايعة الأمير، شهد الغرب الجزائري أحداثًا هامة كاستيلاء الفرنسيين على وهران، ومقاومة الشيخ محيي الدين، وتدخل الباي التونسي والسلطان المغربي. جرت مبايعة الأمير عبد القادر على مرحلتين: بيعة خاصة (1832) وبيعة عامة (1833). يُفسّر اختيار الأمير للبيعة برغبته في تأسيس رباط جهاد قويّ، مستلهمًا بيعتي العقبة، وبإرادته في التميز عن السلطانين العثماني والمغربي، مُؤسّسًا لدولة جزائرية مستقلة. هدفت هذه الدولة إلى بناء هوية وطنية جزائرية مستقلة عن الحكم العثماني، ومواجهة الدولة الفرنسية بقوة مُتساوية. حقّق الأمير انتصارات عسكرية (معركة المقطع 1835، معركة واد السياق 1836)، وأبرم معاهدتين مع فرنسا (1834، 1837) استغلّهما لبناء دولته. لكن فرنسا نقضت المعاهدات، مُستخدِمةً حرب الإبادة، والطابور الخامس، لتدمير دولته. بعد سقوط العاصمة المتنقلة (1843)، لجأ الأمير للمغرب، مما أدى إلى معركة واد إيسلي (1844) ومعاهدة طنجة (1844) واتفاقية لالة مغنية (1845)، التي فرضت طرد الأمير أو القبض عليه، ورسم حدود جديدة. واصل الأمير الكفاح، مُحقّقًا انتصارًا في معركة سيدي إبراهيم (1845)، لكنه اضطر للانسحاب جنوبًا. أدى توظيف فرنسا لورقة العرش المغربي المُهدّد من قبل الأمير، إلى صراع بين الأخوة، واشتعال الفتنة. أحاطت فرنسا بالأمير من الشرق والغرب، مُضطرةً إياه على توقيع عهد أمان مع الجنرال لامورسييه (ديسمبر 1847). انتهى الأمر بخداع فرنسا للأمير، وأسره، في سابقة تُعتبر وصمة عار على فرنسا.

CamScanner
المحاضرة 5
نموذج عن المقاومة في المغرب العربي.
1 - مقاومة الأمير عبد القادر 1832-1847.
لا يسعنا السلام للالمام بعد ومة الأمير عبد القادر في هذه المحاضرة. ولذلك
ستركز حديثنا حول أهم المعالم الكبرى في مقاومته، معالم يمكن معالجتها
من خلال العناصر الناية
الوضع في الغرب الجزائري قبل مبايعة الأمير عبد القادر عرف الغرب.
الجزائري خلال هذه القدرة أحداث مدة يمكن ذكر ابرزها:
استيلاء الفرنسيين على مدينة وهران ونقي الباي حسن وبالتالي سقوط
نظام الحكم العثماني في بايلك الغرب كما سقط في دار السلطان الجزائر..
مقاومة الشيخ محيي الدين للفرنسيين.
الدخل الباي التونسي في اقليم وهران بالتنسيق مع الفرنسيين، من خلال
عقد صفقة بيع وهران للباي التونسي!؟
التدخل السلطان المغربي في بايلك الغرب الجزائري.
مبايعة الأمير عبد القادر 1832-1833:
كما هو معروف فإن مبايعة الأمير جرت غير مرحلتين: البيعة الأولى
بيعة الخاصة - 1832 وبيعة العامة 1833، ولكل منهما نص القائم بذاته.
يوضح لنا القصد من وراء البيعة. وهذا شيء بات متعارف عليه، لكن الا
شكال المطروح هو لماذا طرح الأمير عبد القادر مسألة البيعة على الرعية
سكان المنطقة؟ وما هي مرتكزات الأمير في ذلك؟
أن هذه المسألة تعكس المستوى الفكري الجزائري في ذلك الوقت. فا
الأمير يعي جيدا مدلول البيعة في الشرع الإسلامي، وأبعادها الدينية و
الفكرية، فالبيعة هي بمثابة عقد شرعي تعقد الزواج، الذي لا يتم التحلل منه
إلا بالطلاق وعليه قالبيعة أو السابعة هي رباط متين بين طرفين لا يمكن
التحلل منها؛ وعليه فمحور البيعة هذا هو : السمع والطاعة والجهاد في سبيل
الله فالأمير أراد أن يؤسس لرباط الجهاد بتأسيس قوي ومدين، لن ينته
يموت الأمير أو أمره الخ ونستشف من هذا مدى اقتداء الأمير بعيد
الخلق محمد صلى الله عليه وسلم في من ركن البيعة: بيعة العقبة الأولى
بيعة العقبة الثانية كما هو معروف.
أما المسالة الثانية فهي لماذا لقب أو تلقب بالأمير؟ كان يدرك جيدا.
انه محاط بسلطانين: السلطان العثماني السلطان المغربي، وعليه فهو أراد
التقري والتميز في أخذ لقب أعلى من السلطان وهو لقب الأمير وهذا تمهيدا
التأسيس دولته الفنية، التي ستكون مستقلة عن السلطان العثماني كما
ستقطع الطريق أمام السلطان المغربي الذي كان يتطلع لضم منطقة الغرب
CamScanner
الجزائري، وعليه فوجود سلطة شرعية في المنطقة ستمنعه من ذلك.
بغض النظر عن الاحتلال الفرنسي.
من فكرة الدولة:
ان طرح هذه الفكرة لها مدلول كبير فهو أراد التأسيس لوطنية
الجزائرية التي غبتها منظومة الحكم العثماني لعدة قرون والانفراد
بتأسيس دولة جزائرية غير تابعة للسلطان العثماني ، وكسلطة سياسية
مجاورة للسلطان المغربي. هذا من جهة ومن جهة أخرى فالأمير كان يدرك
جيدا حجم الدولة الفرنسية التي غزت بلاده وعليه فلا يمكن مجابهة هذه
الدولة إلا بدولة مثلها فالحرب أن تكون بالقبيلة ولا بالعرض ولا ب
الحمية ... الخ.
إن الشروع في التأسيس لهاتين الفكرتين في ظل تنظيم دقيق
ومحكم يكون قد أفرز على تحقيق انتصارات عسكرية كبيرة بين الفينة والا
خرى فخلال المدة المستدة من 1833-1837 قد كبد العدو الفرنسي خسائر
كيورا: معركة المقطع 1835، معركة واد السياق 1836، أفضت إلى عقد
معاهدتين معه الأولى بقيادة الجنرال في ميشال سنة 1834، والثانية.
بقيادة الجنرال بيجو في سنة 1837.
استغل الأمير عبد القادر هذه المعاهدة التي يراها في طبيعة الأمر
مجرد هدنة في التفرغ لتاسيس ارکان دولته دولة امتدت في رقعة
جغرافية معتبرة، متكاملة الأركان ذات سيادة، ففي ظرف زمني القصير
أسس النظام حكم جزائري لم ينجح نظام الحكم العثماني طيلة ثلاثة قرون
من تأسيسه، غير أن العدو الفرنسي لم يعط فرصة للأمير للاستفادة أكثر
من المعاهدة فراح يضرب الأمير عبد القادر بالشيخ أحمد التجاني بعين
ماضي، كما تعمد نقض معاهدة التافنا وقرض على الأمير العودة للكفاح
المسلح في توقعير 1839.
منذ مطلع 1840 راهن العدو الفرنسي على عدة معطيات القوة
العسكرية من حيث العدد العتاد الوسائل العربية: حرب الإبادة الأرض
المحروقة.. مما أفضى في الأخير إلى القضاء على البنية التحتية لدولة الا
مير بالتعاون أيضا مع الطابور الخامس الذي سبق تشكيله فسقطت
مقاطعات الأمير الواحدة تلو الأخرى مما دفعه إلى تأسيس الزمالة العاصمة
المنتقلة التي كانت تضم 60000 نسمة، لكن عيون العدو ومخبريه يكونوا
قد تمكنوا من القضاء عليها بعد جهد كبير ومطاردة استمرت لأكثر من
سنتين فكان سقوطها في سنة 1843، وكعادته لم يتوان في تشكيل ما
سمى بالدائرة واللجوء بمن يكي معه من المقاومين إلى المغرب الأقصى.
افرز لجوء الأمير إلى المغرب الأقصى تسارع في الأحداث حيث
CamScanner
عارضت فرنسا هذا اللجوء، وفرضت على سلطان المغرب أن يقوم بطرده او
يتدخل الفرنسيون لالقاء القبض على الأمير بانفسهم لكن تسوف السلطان
وعدم قدرته على تنفيذ هذا المطلب دفع بالفرنسيين إلى التوغل في المغرب
الشرقي، توغل اقضى إلى معركة واد ايسلي سنة 1844، معركة فرضت
بموجبها فرنسا شروطها على السلطان من خلال معاهدة طنجة سنة 1844
واتفاقية لالة مغنية سنة 1845 طرد الأمير من المغرب أو القاء القبض
عليه من طرف السلطان + رسم خط الحدود بين الجزائر والمغرب المعقد
من البحر المتوسط إلى ثنية الماسي حتى يسهل مراقبة تحركات الأمير
ومنعه من العودة إلى الجزائر.
سعودة الأمير عبد القادر إلى الجزائر :
لم لكن الإجراءات الفرنسية من عزيمة الأمير ومنعه من العودة إلى
الجزائر لمواصلة الكفاح المسلح ففي خطوة جريئة وقوية تمكن من تحقيق
انتصار عسكري هائل على الجيش الفرنسي في معركة سيدي ابراهيم في
ستمبر 1845 معركة تكيد فيها العدو خسائر بشرية الادجة ثم توغل
مقداما شجاعا نحو خليلته ابن سالم في برج حمزة بالبويرة، ومن هداك
خطط لتطويق العاصمة الجزائر، لكن عيون العدو الفرنسي والمخبرين
تفطنوا له، فأعلنت فرنسا حالة طوارئ كبرى، تمثلت في تشكيل 15 طابور
عسكري غايتها مطاردة الأمير وانقضاء عليه، مما فرض عليه الانسحاب نحو
جبال العمور وأولاد نايل لكن قوة العدو الفرنسي أجبرته على التوغل أكثر
في الجنوب الغربي الجزائري ليحط رحاله بقبائل أولاد سيدي الشيخ البيض.
لم يعمر وجوده بينهم، إذ سرعان ما غير المغرب عبر منطقة فليق
ليلتحق بدائرته في المغرب من جديد دائرة وجدها تئن وتتألم من تطبيق
المخزن المغربي ومن تحريفات الفرنسيين القاضية بضرب السلطان بالأمر
ومن بين المستجدات توظيف الفرنسيين لورقة العرش المغربي المهدد من
طرف الأمير وهي بذرة فنية صنعتها المخابرات الفرنسية لتنمو وتكبر في
عقل السلطان الذي بات يرعد ويزيد حسب ما ذكره دی شاسته گونه رای
في الأمير عدو لدود له يجب طرده من المغرب أو القاء القبض عليه.
وبين هذا وذاك استعرت نار الفتنة بين الاخوة الانتقاء، فراح ينفع
فيها العدو الفرنسي لتشتعل وتكبر شيئا فشيئا، دار اقضت إلى مواجهات
دامية في معارك هامشية معركة الحشم وبنو عامر معركة قلعية الخ.
ولتطويل الأمير اكثر جهز المخزن 50000 متطوع وزج بهم في المعركة
العهد الأمير عبد القادر هذا من جهة الغرب في الوقت الذي جهز العدو
الفرنسي 100 ألف جندي من جهة الشرق فيدات الحلقة تضيق على الأمير
شيئا فشيتا حلقة وجد لها مخرجا من خلال عهد الأمان الذي وقعه مع
CamScanner
الجنرال لا مورسيين في موقفى شهر ديسمبر 1847.
ان ما نختتم به فصول هاته المقاومة هو الطعنة التي تلقاها الأمير
من السلطان المغربي، الذي صدق الاكاذيب الفرنسية، فانطلت عليه حياتهم
فراح يحارب في مجاهد لجأ إليه لحماية ظهره من الأعداء، فولاه الدير هذا
من جهة ومن جهة اخرى الخديعة التي تعرض لها الأمير عبد القادر من
الجانب الفرنسي، الذي أعطى عهده وميثاقه للأمير في الإلتزام بشروط عقد
الأمان الموقعة في وثيقة رسمية بين الأمير ولا مورسيين، فبدلا من تنفيذ
شروط العقد قام العدو الفرنسي بأسر الأمير لا تعد هذه العملية وصمة عار
في جبين فرنسا، تضاف إلى غارها السالف واللاحق في أرض الشهداء.