خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
عر َّ فت فيه الد ُ أب وامل َّ ثابرة، ولم أترد ً د يوما في الإعراب عن ُ كلما التقينا دار الحديث َّ عن موضوعه املفضل؛ الذي يسعى اليابانيون قبل غريهم إلى تحقيقه. ِ ق حني تصبح الترجمة ع ًلم ُ ا صلبًا؛ إليَّ ٍ بني الحني والحني قصاصات ُّ من الص َّ حف تتضمن أنباء تطوير هذه الأجهزة. َ وعد اليابانيون بإخراج الجهاز املوعود الذي لن تستعصي عليه لغةٌ من لغات الأرض عام ١٩٩٥م 5 Generation ، وإن كانوا لم يتوقَّفوا عن الدعاية لأجهزتهم الحالية، َ آخر ٌ ها جهاز َّجربته السيدة مارجريت ثاتشر، ِ الج َّ هاز يترجم عبارة مجاملة للطعام الياباني مفادها: أن اللَّ ِ عة فأوقع املرافقة في ولكن الكمبيوتر لم يكن باملهارة املتوقَّ ُّ حرج شديد، weak is ، ُّ وكان صديقي من أصحاب النَّ ُّ تها وغرابتها وما توحي به من تخص ٍص وكنت دائم الضيق بالنَّ ً ظريات، حتى جمعتنا منذ سنوات جلسةُ عمل ِ في أحد املؤتمرات؛ َ لفها، فلم يحالفه التَّوفيق في إخراج الترجمة املرجوة، وتعديلات، ومن ثَم شرعت في وأولى الحقائق التي ينبغي أن أؤكدها في هذه املقدمة أن الترجمة فن تطبيقي، وأنا وربما كانت لها جوانب جمالية؛ ِّ (وسوف نفص ً ل القول في ذلك تفصيلا عند الحديث عن الترجمة الأدبية)، ومعنى ذلك أنه أو في كليهما، بالعربية (بل أيٍّ ُّ فلا توجد في رأيي طرق مختصرة للإجادة فلا كتب ِّ املتخصصني (مثل Nida وNewmark وغريهما بالإنجليزية)، ولا أو كتاب الدكتور صفاء ُ هذا الكتاب؛ وأقصى ما نستطيع أن نفعله — نحن املترجمني — أن ننقُ ل بعض خبراتنا إلى وأن نقدم لهم بعض الحلول التي اهتدينا إليها أو التي اهتدى إليها جيلُنا، ولكن املؤكد هو أن هذه الحلول سوف تمُّسها يد التعديل ُ الأشياء، وغدا فالحياة التي تتطور تؤثر في الترجمة بالقدر الذي تؤثر به في َّ اللغة. ومن غري املعقول أن نتصور أن يحاول املترجم ترجمة نص حديث يتضم َ ن معاني جديدةً دون أن يستخدم اللغة املعاصرة التي استُ َّ حدثت فيها الكلمات والتر ُ اكيب الجديدة َعنيه فيمتد قرونًا (مثلما حدث في تمهيد وقد يَ ُقصر َ فلا يتجاوز ع ًقد ً ا واحدا في عمر الحضارة الحديثة التي تلهث من أمامنا مسرعةً لا تتوقف، ولو اقتضى ذلك فبالأمس حاول رفاعة الطهطاوي إخراج لغة عربية معاصرة تتَّسع وبذل مع أحمد فارس الشدياق جهودا رائدةً في هذا املجال، ُّ مما أتيا به إلا أقل القليل، َبق عبارة مثل productive-counter be will This هكذا: «سيكون لهذا تأثري عكسي» (أي: سيأتي بنقيض ما رميت إليه)، بل إن بعضها سوف يستفحل مع ولقد تخلَّ ً فنا طويلا َ عن ر ْكب العصر، وعلينا أن نضاعف وتنقسم املشكلات التي أعتزم تناولها في هذا الكتاب إلى مشكلات خاصة بالألفاظ وتتضم ُ ن مشكلات الألفاظ اشتقاقها etymology, َّ وتتناول مشكلة التراكيب، وهي املشكلة الكبرى، بناءَ الجملة وفن مضاهاة التراكيب في اللغتني، وخصائص الصياغة في العربية والإنجليزية. وأخريً ِّ ا وقبل أن أشرع في البدايات أردد ما قاله أحد أصدقائي ممن مارسوا الترجمة عشرات السنني: «ليس على الترجمة سيد. » أي: إن املترجم مهما كانت قدرته ومهارته فهو والح ِ صيف من لا يستنكف عن السؤال والبحث َّعما لا يعرفه، بل وأحيانًا عما يعرفه أو يظن أنه يعرفه (كما سيأتي بيانه)؛ في النص الأجنبي غامضة في ذهن كاتبها، ترجمة محمد عناني، القاهرة، ١٩٧٩م. فن الترجمة ٍ املترجم أن يبحث عن تفسري مقنع ملا يقرؤه، وأن يطمئن إليه؛ َ املترجمة. ً ولأضرب مثلا ِ خطر ببالي وأنا أورد حادثة تجربة السيدة ثاتشر للكمبيوتر. ِ ي املرافقة، هو الإيحاءات الهامشية لكلمة flesh؛ إذ إنها وحدها عندما تُ ً تماما عما رمت إليه رئيسة الوزراء السابقة، ً ا أو روح ُّ ا)، ً كان شبحا (أو شيطانً أي: لحم ً ا ودما، أو بمعنى الجسد أو الإنسان؛ كقولك: flesh than more وليس فوق طاقة الجسد فحسب. وهكذا فإن هذه الظلال من املعاني الهامشية كامنةٌ في الكلمة التي أتى بها الكمبيوتر تُها، ِ فأحرج الجميع، ِّ ازداد وعي املترجم بهذه الظ َ لال ازدادت حريتُه، وازداد احتمال تضحيته بجزء من املعنى، َّ ولكن لهذا حديثًا آخر. ُّ وكل ما أرجوه هو أن يجد فيه العارف تسريةً ومشاركة في تطارح الرأي الدائر حول وربما استفاد منه املبتدئ. أي: إن عمله هو صوغ الأفكار في كلمات موجهة إلى قارئ، ومن َ الغريب أن يكون هذا الفارق مدعاةً ِّ للحط من شأن املترجم في بلادنا؛ 14 تمهيد ُ بالعربية من صعوبة تثني الكثريين عن محاولتها، من التَّعبري عن آراء املرء الأصلية؛ في تطويع اللغة لتلائم هذه الأفكار، بل وتطويع الأفكار لتلائم اللغة! وأرجو ألا يَ ْدَه َش القارئ من هذا القول؛ فالكتابة في العالم املثالي (غري املوجود) هي أفكار تخضع اللغة أما في عالم الواقع فهي أفكار لا تنفصل عن اللغة؛ بحيث يكون من املحال تصور الفكرة خارج اللغة أو تصور اللغة بدون الفكرة، فعلاقة املعاني بالألفاظ ليست علاقة ُّ (وهي بالقطع تعسفية arbitrary( َ ؛ ً ا أو ألفاظا معينة للإعراب عن فكرة، فالكاتب الذي يختار تعبريً َ يرمي إليها، بل ويجد أنه حتى دون أن يشعر قد انساق بفكره إلى مسالك جديدة أوحت ولا أريد أن أشغل ً القارئ بما أورده علماء اللغة في هذا الباب من تشومسكي إلى بارت وليونز (وخصوصا في علم دلالة الألفاظ semantics َّ )، ولكن َ الحقيقة التي أشرقت فسطع نورها حتى لا يكاد ُ ينكرها أحد؛ وليس لكاتب أن يزع َم أنه يكتب ما كان فعملية الكتابة نفسها عملية استكشاف للأفكار، ْ ووضع الكلمات على الورق عملية إبداع فكرية لا عملية تجسيد فكري؛ يأتي بأفكار جديدة أثناء الكتابة (أيٍّا كانت علاقتُها باملوضوع الأصلي)، ولا يقتصر عمله لأنه مقيد بنص ُ ها وتقاليدها وثقافتها وحضارتها، والعلم بهذا لها أعرافُ اللغة، َ ب بأن يبدو كاتبً ً ا أصيلا َ وإن لم يكن كذلك، أي: إنه مطالَ
(1 (النظرية والتطبيق
ٌ لي صديق ِّ ، من أصدقاء الص َ با، عر َّ فت فيه الد ُ أب وامل َّ ثابرة، ولم أترد ً د يوما في الإعراب عن
َّ ا وفرقتنا أحيانًا، وكنا
إعجابي بنشاطه وحماسه للعلم، وقد تقاذفتنا الأيام فجمعتنا حينً
ُ كلما التقينا دار الحديث َّ عن موضوعه املفضل؛ ألا وهو الترجمة بالكمبيوتر، وهو الهدف
الذي يسعى اليابانيون قبل غريهم إلى تحقيقه. وكان صديقي يقول: «إن هذا الهدف
ِ ق حني تصبح الترجمة ع ًلم ُ ا صلبًا؛ بفضل علوم اللغة الحديثة.» وكان يرسل
سوف يتحقَّ
إليَّ ٍ بني الحني والحني قصاصات ُّ من الص َّ حف تتضمن أنباء تطوير هذه الأجهزة. وقد
َ وعد اليابانيون بإخراج الجهاز املوعود الذي لن تستعصي عليه لغةٌ من لغات الأرض
عام ١٩٩٥م 5 Generation ،وإن كانوا لم يتوقَّفوا عن الدعاية لأجهزتهم الحالية، وكان
َ آخر ٌ ها جهاز َّجربته السيدة مارجريت ثاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، أثناء
زيارتها لليابان، وإن كانت النتيجة لا تُ ِّبشر بالخري؛ إذ طلبت من مرافقتها أن تجعل
ٌّ حم طري (أي: يسهل مضغه)
ِ الج َّ هاز يترجم عبارة مجاملة للطعام الياباني مفادها: أن اللَّ
ِ عة فأوقع املرافقة في
(tender is meat The ،(ولكن الكمبيوتر لم يكن باملهارة املتوقَّ
َ عني أن الجسد ٌ ضعيف (flesh The
تَ
ُّ حرج شديد، وأثار ضحك الزوار؛ لأنه أخرج عبارةً
weak is ،( َ ودلالتها في الإنجليزية ع ْجُز الإنسان أو ضعفه.
غة،
ُّ
َ ظريات، يهوى ترديد الأفكار املستمدة من علم الل
وكان صديقي من أصحاب النَّ
ُّ وتعمق.
ُّ تها وغرابتها وما توحي به من تخص ٍص
ِ والاصطلاحات ِ التي تبهر السامع بجَّد
وكنت دائم الضيق بالنَّ ً ظريات، ميالا إلى التطبيق، حتى جمعتنا منذ سنوات جلسةُ عمل
ِ في أحد املؤتمرات؛ حيث عمل ك ٌّ لانا بالترجمة، ووقع في يده نص َّ يتضم َ ن بعض حيل
فن الترجمة
َ لفها، وبعض الإشارات إلى ما لا يعرف، فلم يحالفه التَّوفيق في إخراج
ْ
َّ التركيب التي لم يأ
َّ ص الذي أخرجه وما دو ُ نه املراجع من تصويبات
الترجمة املرجوة، وأطلعني على النَّ
َ ى املشكلات التي يصطدم بها اليوم من
َ عتبر نماذج لشتَّ
وتعديلات، فوجدت أن أخطاءه تُ
َّ يتصد َّ ى للترجمة من الإنجليزية إلى العربية، ومن العربية إلى الإنجليزية، ووجدت أنها
تصلح رءوس موضوعات للحديث عن هذه املشكلات. وربما كان لهذا الحديث فائدة لدى
املهتمني بممارسة الترجمة، وربما لدى من يهتم بالنَّ ً ظريات أيضا، ومن ثَم شرعت في
ُّ وضع تصور مؤقت لهذا الكتاب.
وأولى الحقائق التي ينبغي أن أؤكدها في هذه املقدمة أن الترجمة فن تطبيقي، وأنا
ُّ ى إلا بالد ِ ربة وامل َ ران واملمارسة
ِ أستخدم كلمة فن باملعنى العام؛ أي: الحرفة التي لا تتأتَّ
ً استناد ٍ ا إلى موهبة ُ ، وربما كانت لها جوانب جمالية؛ بل ربما كانت لها جوانب إبداعية
ِّ (وسوف نفص ً ل القول في ذلك تفصيلا عند الحديث عن الترجمة الأدبية)، ومعنى ذلك أنه
ا كان حظه من العلم بالإنجليزية أو
لا يمكن لأستاذ في اللغة أو في الأدب، أو في كليهما، أيٍّ ُّ
ا كان حظه من العلم بنظريات اللغة) أن يُ ٍّ خرج لنا نص ً ا مقبولا ً مترجما عن
بالعربية (بل أيٍّ ُّ
إحدى اللغتني دون َّ ممارسة طويلة للترجمة. فلا توجد في رأيي طرق مختصرة للإجادة
ُ في الترجمة، فلا كتب ِّ املتخصصني (مثل Nida وNewmark وغريهما بالإنجليزية)، ولا
ُ الكتب َّ العامة مثل كتاب «فن الترجمة» ملحمد عبد الغني حسن، أو كتاب الدكتور صفاء
خلوصي «فن الترجمة»، أو كتاب إبراهيم زكي خورشيد «الترجمة ومشكلاتها»، ولا
ُ هذا الكتاب؛ بم ٍ غنية عن املمارسة والخبرة.
وأقصى ما نستطيع أن نفعله — نحن املترجمني — أن ننقُ ل بعض خبراتنا إلى
ِّ حديثي العهد، وأن نقدم لهم بعض الحلول التي اهتدينا إليها أو التي اهتدى إليها جيلُنا،
َ وقد يقبلونها وقد يرفضونها، ولكن املؤكد هو أن هذه الحلول سوف تمُّسها يد التعديل
مع التقدم والتطور الحضاري؛ فبالأمس كان الناس يطلقون بعض الأسماء على بعض
ُ الأشياء، واليوم يطلقون عليها أسماءً مختلفة، وبالأمس كانت تشيع تراكيب ُم ً عينة، وغدا
ُ ستأتي تراكيب جديدة؛ فالحياة التي تتطور تؤثر في الترجمة بالقدر الذي تؤثر به في
َّ اللغة. ومن غري املعقول أن نتصور أن يحاول املترجم ترجمة نص حديث يتضم َ ن معاني
جديدةً دون أن يستخدم اللغة املعاصرة التي استُ َّ حدثت فيها الكلمات والتر ُ اكيب الجديدة
ً للدلالة على هذه املعاني الجديدة. ولهذا أقول دائما إن من حق كل جيل أن يترجم بلغته
َعنيه فيمتد قرونًا (مثلما حدث في
هو لا بلغة الأسلاف، وقد يطول عمر الجيل الذي أ
12
تمهيد
التاريخ العربي)، وقد يَ ُقصر َ فلا يتجاوز ع ًقد ً ا واحدا في عمر الحضارة الحديثة التي
تلهث من أمامنا مسرعةً لا تتوقف، وهذا ما ذكرته في مقدمة ترجمتي املسرحية «روميو
وجوليت»1 من الحاجة إلى إخراج النصوص الأدبية الحية بلغة العصر، ولو اقتضى ذلك
ترجمتَها عدة مرات؛ فبالأمس حاول رفاعة الطهطاوي إخراج لغة عربية معاصرة تتَّسع
ً لألفاظ الحضارة، وبذل مع أحمد فارس الشدياق جهودا رائدةً في هذا املجال، وكانا
2
يترجمان بعدة أساليب أترك دراستها للمتخصصني.
ُّ مما أتيا به إلا أقل القليل، وكذلك شأننا؛ فنحن نقول للمبتدئ إننا نترجم
َبق
والآن لم يَ
عبارة مثل productive-counter be will This هكذا: «سيكون لهذا تأثري عكسي» (أي:
سيأتي بنقيض ما رميت إليه)، ولكن من أدرانا ما سيئول إليه هذا التعبري بعد جيل أو
جيلني؟ ولا شك أن الجهود التي بذلتها أقسام الترجمة العربية في الأمم املتحدة ومنظماتها
َّ قد رسخت كثريًا من املصطلحات الجديدة، وأتت بحلول كثرية للمشكلات التي أشرت إليها
ً في بداية املقدمة، ولكن بعض املشكلات لا يزال قائما، بل إن بعضها سوف يستفحل مع
تقدم العلوم والفنون والآداب، ولقد تخلَّ ً فنا طويلا َ عن ر ْكب العصر، وعلينا أن نضاعف
الجهد حتى نلحق به فنسايره أو نسبقه.
وتنقسم املشكلات التي أعتزم تناولها في هذا الكتاب إلى مشكلات خاصة بالألفاظ
lexical ،ومشكلات خاصة بالتراكيب Syntactic َّ . وتتضم ُ ن مشكلات الألفاظ اشتقاقها
(etymology, derivation (ومعانيَها ودلالاتها، واختلاف ذلك من سياق إلى سياق.
َّ وتتناول مشكلة التراكيب، وهي املشكلة الكبرى، بناءَ الجملة وفن مضاهاة التراكيب في
اللغتني، وخصائص الصياغة في العربية والإنجليزية.
وأخريً ِّ ا وقبل أن أشرع في البدايات أردد ما قاله أحد أصدقائي ممن مارسوا الترجمة
عشرات السنني: «ليس على الترجمة سيد.» أي: إن املترجم مهما كانت قدرته ومهارته فهو
ً قطع ٌ ا واقع َ في مشكلة ما، والح ِ صيف من لا يستنكف عن السؤال والبحث َّعما لا يعرفه،
بل وأحيانًا عما يعرفه أو يظن أنه يعرفه (كما سيأتي بيانه)؛ إذ أحيانًا ما تكون الفكرة
في النص الأجنبي غامضة في ذهن كاتبها، أو أحيانًا ما يكون قد أساء التعبري عما يريد أن
1 شكسبري، وليم؛ روميو وجوليت، ترجمة محمد عناني، القاهرة، دار غريب، ١٩٨٦م.
2 انظر كتاب الدكتور حلمي خليل: املولد؛ دراسة في نمو وتطور اللغة العربية في العصر الحديث.
الإسكندرية، الهيئة املصرية العامة للكتاب، ١٩٧٩م.
13
فن الترجمة
َّ يقوله، ولكن القارئ العربي َ لن يغفر للمترجم إخراج ٍّ ه نص ً ا غامضا، ومن ثَم يكون على
ٍ املترجم أن يبحث عن تفسري مقنع ملا يقرؤه، وأن يطمئن إليه؛ حتى يضمن وضوح الفكرة
َ املترجمة. وأحيانًا يكون للنِّص الأجنبي من ظلال املعاني ما يجعل ترجمته مستحيلة،
ً ولأضرب مثلا ِ خطر ببالي وأنا أورد حادثة تجربة السيدة ثاتشر للكمبيوتر.
ِ ي املرافقة، كما تقول صحيفة Times The؛ هو
َ إن ما جعل الدم يصعد إلى وجنتَ
َع َّرف بأداة التعريف (The
الإيحاءات الهامشية لكلمة flesh؛ إذ إنها وحدها عندما تُ
flesh ( ِ تصبح مرادفةً لرغبات الجسد أو الشهوات الحسية (كقولك: «خطايا الجسد»
flesh the of Sins ،(وعندما تدخل في تركيبات أخرى من نوع املصطلح الذي سيأتي
ً تماما عما رمت إليه رئيسة الوزراء السابقة، وأهمها كما
َ ذكره، تتخذ معاني مختلفةً
تخطر ببالي ودون ترتيب flesh all of way the go to بمعنى يقضي نحبه؛ أي: يموت
ُّ (مثلما يموت كل حي) أو creep flesh my made it؛ أي: أفزعني املنظر وهالني كأنما
ً ا أو روح ُّ ا)، واملعنى أنه جعل جسمي يقشعر؛ إلى جانب املعاني
ً كان شبحا (أو شيطانً
املألوفة للجسم بمعنى الجسد (أو الشخص) flesh the in بمعنى «شخصيٍّا» أو flesh
blood and ً ؛ أي: لحم ً ا ودما، أو بمعنى الجسد أو الإنسان؛ كقولك: flesh than more
stand can blood and؛ بمعنى فوق طاقة البشر، وليس فوق طاقة الجسد فحسب.
وهكذا فإن هذه الظلال من املعاني الهامشية كامنةٌ في الكلمة التي أتى بها الكمبيوتر
تُها، وكلما
ِ فأحرج الجميع، وهذه لا يمكن أن توحي بها الترجمة العربية مهما كانت دقَّ
ِّ ازداد وعي املترجم بهذه الظ َ لال ازدادت حريتُه، وازداد احتمال تضحيته بجزء من املعنى،
َّ ولكن لهذا حديثًا آخر.
ِ فلنبدأ بتعريف جديد للمترجم يضعه في موضعه الصحيح، في ضوء علوم اللغة
ُّ الحديثة وفلسفاتها ونظرياتها التي كثرت، لا لتفترق بل لتجتمع على ما أود أن أقوله.
ُّ وكل ما أرجوه هو أن يجد فيه العارف تسريةً ومشاركة في تطارح الرأي الدائر حول
الترجمة، وربما استفاد منه املبتدئ.
(2 (من هو املترجم؟
َّ املترجم كاتب؛ أي: إن عمله هو صوغ الأفكار في كلمات موجهة إلى قارئ، والفارق بينه
َ وبني الكاتب الأصيل هو أن الأفكار التي يصوغها ليست أفكار ُ ه، بل أفكار سواه. ومن
َ الغريب أن يكون هذا الفارق مدعاةً ِّ للحط من شأن املترجم في بلادنا؛ على ما في الكتابة
14
تمهيد
ُ بالعربية من صعوبة تثني الكثريين عن محاولتها، فأنا أرى أن نقل أفكار الغري أعسر
من التَّعبري عن آراء املرء الأصلية؛ فالكاتب الذي يصوغ أفكاره الخاصة يتمتع بالحرية
في تطويع اللغة لتلائم هذه الأفكار، بل وتطويع الأفكار لتلائم اللغة! وأرجو ألا يَ ْدَه َش
القارئ من هذا القول؛ فالكتابة في العالم املثالي (غري املوجود) هي أفكار تخضع اللغة
ُ لها، أما في عالم الواقع فهي أفكار لا تنفصل عن اللغة؛ بحيث يكون من املحال تصور
الفكرة خارج اللغة أو تصور اللغة بدون الفكرة، فعلاقة املعاني بالألفاظ ليست علاقة
الروح بالجسد؛ كما كان نقاد العرب القدامى يقولون، ولكنها علاقة نظرية أو افتراضية
ُّ (وهي بالقطع تعسفية arbitrary( َ ؛ كما يذهب إلى ذلك علماءُ اللغة املحدثون.
ً ا أو ألفاظا معينة للإعراب عن فكرة، كثريًا ما يجد أن
فالكاتب الذي يختار تعبريً
َ التعبري الذي اختاره والألفاظ ِّ التي استخدمها تقدم بعض املعاني الأخرى التي لم يكن
َ يرمي إليها، بل ويجد أنه حتى دون أن يشعر قد انساق بفكره إلى مسالك جديدة أوحت
ً بها تلك العبارة أو تلك الألفاظ، وربما لم يكن يرمي إليها أصلا. ولا أريد أن أشغل
ً القارئ بما أورده علماء اللغة في هذا الباب من تشومسكي إلى بارت وليونز (وخصوصا في
علم دلالة الألفاظ semantics َّ )، ولكن َ الحقيقة التي أشرقت فسطع نورها حتى لا يكاد
ُ ينكرها أحد؛ هي أن اللغة والفكر لا ينفصلان، وليس لكاتب أن يزع َم أنه يكتب ما كان
ُ يعتزم ُ كتابته فقط حني تصدى للكتابة؛ فعملية الكتابة نفسها عملية استكشاف للأفكار،
ْ ووضع الكلمات على الورق عملية إبداع فكرية لا عملية تجسيد فكري؛ بمعنى أن الكاتب
يأتي بأفكار جديدة أثناء الكتابة (أيٍّا كانت علاقتُها باملوضوع الأصلي)، ولا يقتصر عمله
ُ على تجسيد أفكار مسبَّقة في كلمات.
أما املترجم فهو محروم من هذه الحرية الإبداعية أو الحرية الفكرية؛ لأنه مقيد بنص
تمتَّع فيه صاحبه بهذا الحق من قبل، وهو مكلف الآن بنقل السجل الحي للفكر، من لغة
ُ ها وتقاليدها وثقافتها وحضارتها، إلى لغة ربما اختلفت في كل ذلك. والعلم بهذا
لها أعرافُ
ُّ من التبحر في آداب تلك
ً كله ليس أمر ً ا ميسور ً ا ومتاح ٍ ا للجميع، بل يتطلب سنوات طويلةً
اللغة، ومع ذلك فهو مطالب بأن يُ ٍّ خرج نص ُ ا يوحي بأنه ك ً تب أصلا باللغة املترجم إليها؛
َ ب بأن يبدو كاتبً ً ا أصيلا َ وإن لم يكن كذلك، وهذا م َكمن الصعوبة الأول
أي: إنه مطالَ
َّ والأكبر، ومعنى ذلك هو أن يتسلح املترجم بالقدرة على استخدام الألفاظ والتراكيب لتدل
ٍ على ما يريده من معان ِ ، وليس هذا بمتوفر في معظم من يتعلمون اللغات الأجنبية، بل
ٍ وليس هذا بممكن دون ممارسة الكتابة الأصيلة سنوات طويلة.
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
بيانات المعاملة هذه هي بعض من أسرع البيانات تحركا وتناميا فى العالم. على سبيل المثال، من المعروف أن...
هدفت هذه الدراسة إلى تحليل التهديدات الأمنية المرتبطة بالحوسبة السحابية، مع التركيز على كيفية تأمين ...
45 - الفصل االول الغزو املغولي للعراق - اصل القبائل المغولية: عاش في االراضي الشاسعة التي تقع الى شم...
يرى الدكتور يوسف اليوسف أنّ المنهج الجدلي هو الأداة الوحيدة الحاسمة في تخليص الأدب الجاهلي من أكاذي...
تعتبر البولي فوسفات مهمة في صناعة المواد الغذائية لممتلكاتها المحددة ، بما في ذلك احتباس الماء والمل...
فً هذا النوع من العمود ٌتم اإلتفاق على سعر محدد مستهدف لألعمال. • وحٌن إستكمال األعمال إذا كانت التك...
إن توفير بيئة لعب متطورة وشاملة في ساحة المدرسة أمر بالغ الأهمية لتحقيق حق الأطفال في اللعب والراحة ...
DNA structure • Deoxyribonucleic acid (DNA) : Double helix, Polymeric molecule , unit of heredit...
Lesson No. 03: Concepts of Civil and Criminal Procedures Civil Procedure In court, the procedure beg...
الثقافي من جهة ومدى نوعية البنية التحتية المطلوبة لرفع المستوى الثقافي للأمة. التنمية الثقافية الحد...
المقال العلمي في العلوم التربوية: نوع نصي ذو مظهر موحد يتكون من أقسام ذات خصائص مميزة التدريب والمه...
بحث حول محل الحق المـقـدمـة: تنقسم الحقوق المرتبطة بالذمة المالية من حيث محلها، إلى حقوق ترد على أشي...