لخّصلي

تعريف الحفائر و أنواعها
مقدمة: إن الحفائر هي كل الأعمال التي يقوم بها الإنسان من نبش و تنقيب في الأرض من خلال تخريب الطبقات الترابية و الصخرية للبحث عن الأشياء التي تلبي رغبته. و قد تختلف هذه العملية حسب الغرض، الوسائل و المناهج المستعملة. و قد تنفذ هذه المرحلة بصفة ممنهجة كما قد يلجئ إليها الإنسان بشكل فوضوي باستعماله وسائل غير مناسبة. الميادين التي تعتمد على الحفر مختلف منها المناجم، المحروقات، الفلاحة، البحث عن المياه، التعمير و كذلك البحث العلمي ( البحث الأثري) على سبيل المثال. فكل هذه العمليات تعتبر عمليات تخريبية لسطح الأرض و المساس بالطبيعة. فعلم الآثار بوسائله و مناهجه يحاول أن يحافظ قدر الإمكان عن الحالة الأولية للمواقع الأثرية عاملا بمبدأ احترام الطبيعة و حق الأجيال القادمة. سوف نحاول أن نقدم تعريف بسيطة للحفائر الأثرية و أنواعها من خلال هذا المقطع.

أ- تعريف الحفرية:
يطلق مصطلح لحفرية على أعمال الحفر التي يقوم بها علماء الآثار في الحقل الأثري لاستخراج التحف
واللقى والبقايا الثرية المدفونة تحت الأرض، وتتم هذه العمال بطريقة منتظمة وممنهجة تختلف عن أي أعمال حفر أخرى، وهي الأسلوب و المنهج العلمي للبحث عن الآثار، بهدف استخراج و استخلص الآثار من باطن الأرض، و تسجيل أوصافها و أشكالها والمحافظة عليها وترميمها لاستنباط التاريخ منها، وإلقاء أضواء جديدة على الحضارة الإنسانية الماضية وتطورها، باعتبارها شاهدا ماديا لها.
وانطلقا من هذا التعريف يتضح الفرق الشاسع بين أعمال الحفر غير الأثارية و الحفر الذي يعتمد على منهجا و وسائل ملائمة وفق طرق علمية كالبحث في ميدان علم الآثار .
ب- انواع الحفرية:
-1 الحفرية في اليابس:

• الحفرية الإنقاذية (fouille de sauvetage ):
  
  كثيرا ما تقوم مؤسسات عامة و خاصة بأشغال حفر خاصة بالبناء أو شق الطرق أو غيرها ، وقد تصادف
  أثناء أشغالها تلك أثارا مطمورة في التراب، وفي هذه الحالة يصبح من الواجب على هذه المؤسسة أن توقف أشغالها وتبلغ السلطات المعنية بحماية الآثار،وهذه الخيرة تقوم بالاتصال بالجهات المعنية.
  التنظيم المعمول به حاليا في الجزائر هو أن أي مشروع حفر ينبغي أن تجتمع على مستوى البلدية المعنية
  بالمشروع لجنة و أعضاء آخرين من مديرية الثقافة، فيتم معاينة الموقع للترخيص بمواصلة الأشغال أو تأجيلها. فأحسن مثال نقدمه حول هذا النوع من الحفر هو أشغال محطة ساحة الشهداء بالجزائر العاصمة لمترو الأنفاق و البقايا الأثارية المعمارية مطمورة على شكل ثلاث طبقات تحت الأرض.
  فإذا تبين أن الموقع يحتوي على مخلفات اثارية فيجب على المؤسسة القابلة على الأشغال أن تبلغ السلطات المعنية ، فتقوم هذه الخيرة بإرسال بعثة أثرية مختصة للموقع لإنقاذ الآثار المتبقي وحمايته من
  التلف ، ويكون تدخل البعثة في هذه الحالة بدون تكوين ملف اثري حول الموقع وبدون إتباع الخطوات
  والإجراءات اللازمة للحفرية العلمية المبرمجة.


• الحفرية الوقائية: (fouille de sauvegarde)
  من المعلوم أن مشروع بناء أو حفر يجب أن تدرسه لجنة يحضرها ممثل مديرية الثقافة لدراسة المشروع ومعاينته الميدانية للموقع لكي يتأكد من وجود بقايا أثرية بالموقع و عدم وجودها. فإذا تأكد من وجودها، عندها يكون ملفا حول هذا الموقع ويقدم إلى الوزارة الوصية والتي بدورها تبرمج حفرية وقائية، والفرق بين هذا النوع من الحفرية والنوع السابق، النوع الأول قد مست أجزاء الموقع ، بينما في النوع الثاني لم تنطلق بعد الشغال، ولذلك تسمى الحفرية فيه وقائية.

-الحفرية المنظمة أو المبرمجة (fouille organisée et programmée ):
تتم هذه الحفرية عبر خطوات يجب على الباحث الأثري المكلف بها وفريقه المرافق له أن يتبعوها، وهي أن يحضر ملفا اثريا حول الموقع من خلل المصادر والمراجع التاريخية، والخرائط والصور الجوية، وجمع كل الدلائل والقرائن التاريخية والثرية المتعلقة بالموقع، ويحدد الأعضاء المرافقين له، ويقدم هذا الملف إلى وزارة الثقافة التي تقوم بدراسته والفصل فيه، وفي حالة الموافقة يتم تحديد الجهة المسؤولة على تموين الحفرية بميزانية محددة، ثم يقوم صاحب المشروع بتوفير الإمكانيات المادية اللازمة للقيام بالحفرية من وسائل الحفر والرسم والمأوى ووسيلة النقل و حماية وغير ذلك.
-2 الحفرية في البحار وتحت المياه:
لقد عرفت الحفريات التحت مائية في أوربا منذ فترة طويلة، لكنها تشهد تأخرا كبيرا في البلد العربية
والإفريقية، بالرغم من أن الكثير من السفن تحطمت على شواطئ وعرض البحر في المياه الإقليمية لهذه البلدان، كما أن موانئ العصور القديمة ل تزال غارقة في المياه، وقد حدثت بين الحين و الأخر اكتشافات عرضية لها، كما حدث . في المهدية بتونس عندما عثر صدفة على مجموعة من التماثيل ليتم استخراجها في سنتي 1907 و 1913
الحفريات العشوائية:
نقصد بالحفريات العشوائية أعمال التنقيب التي أجراها بعض الباحثين الفرنسيين دون أن تتم وفق أسس
علمية دقيقة، حيث أهمل فيها التسجيل العلمي والجرد الأثري للمكتشفات الثرية، وتم الخلط بين اللقى وجمعت في أكياس ثم وضعت في المتحف للعرض أو الخزن بطريقة فوضوية، فلم يميز بينها برموز وعلامات تدل على مكان العثور الأصلي لها، على الرغم من أن معرفة هذا المكان يعد أمرا ضروريا في التفسير والتحليل التاريخي والأثري للموقع.