لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (41%)

التأمين. ومعاملة وأول ما ظهر كان يطلق على التأمين التجاري، على البضائع التي تنقلها السفن بين مدن إيطاليا، في صورة التأمين من الحريق، وقد ظهر في صورته المنظمة في وقت قريب جداً، وبهذا صار مصطلح التأمين عند إطلاقه يشمل صوراً شتى، مما يؤمّن عنه". مما يؤمن عنه". أو ما يتعلق بشخصه وينقسم إلى أقسام منها:
ب‌- التأمين على الصحة: وهو التأمين على صحة المؤمن له فيتحمل المؤمن ما يجب على المؤمن له من تكاليف العلاج، والدواء، ونحوها. فيتحمل المؤمن ما يجب على المؤمن له تجاه الغير من مسؤولية، كالتأمين للمسؤولية عن حوادث السير، فإن محتوياتها غير معينة. سواء أقام به الأفراد، وفيما يلي بيان كل منهما:
المطلب الثاني
وسنتكلم عليه من خلال العناصر الآتية:
تعريفه: لغة: التأمين مصدر، وهي في معنى ضد الخيانة، وقدرته إنزالها، وقدرته رفعها. فالذي يملك سفك الدم يمكنه أن يعطي الأمان منه والذي يمكنه استحلال المال، والأمان في هذا وذاك هو رفع خوف المستأمن على نفسه، وهو أمان من وجه دون وجه، فقد يسفك من طريق لا يقدر عليه. ويرفع الخوف من وجه دون وجه ولا يقوى على رفع ذلك مطلقاً. فالحريق مكروه يؤمن والسرقة مكروه يؤمن منه، لكن التأمين لا يرفع الحريق ولا السرقة، ولو من وجه، فهو بهذا لا يرفع الخوف منهما، وكل ما يمكن أن يفعله المؤمن بعد حدوث المكروه هو تعويض المستأمن، واصطلاحاً: أرى أن يعرف بأنه: (عقد) يلتزم بمقتضاه طرف يسمى المؤمن، بالتحمل المالي عن طرف آخر ، أو الأداء له عند وقوع حادث معين مقابل أقساط مالية، يدفعها المؤمن له سلفاً). ب- أركانه: إذا نظر في عقد التأمين نظراً فقهيا فإن أركانه هي:
1. العاقدان وهما: "المؤمن"، 2. العوضان وهما: "القسط المدفوع من قبل المستأمن"، إذ هو الجانب الأقوى فيه عند أرباب التأمين وفيه يقول السنهوري: الخطر هو المحل الرئيسي في عقد التأمين)، لأن تحقق الخطر ركن قانوني في الالتزام، وليس مجرد شرط عارض). ومما يوضح أن المؤمن منه "الخطر" ركن في التأمين: أن التأمين عملية تقوم على أقطاب ثلاثة هي: "المؤمن"، "المؤمن منه الخطر"، ولا يتصور قيام التأمين إلا بوجود هذه الأقطاب. ومع ذلك يظل عقد التأمين قائماً، ملزماً للعاقدين، ولو كان ركناً لما أمكن وجود العقد بدونه، وليس ركناً. فإن المعقود عليه غير موجود وقت التعاقد. قلت: هذا هو الغرر الذي يكتنف المعقود عليه في التأمين، جـ- خصائصه: وللتأمين التجاري خصائص تميزه، والعوضان فيه هما: أقساط التأمين التي يدفعها المؤمن له" و"مبلغ التأمين، وهو التعويض الذي يدفعه المؤمن للمؤمن له عند وقوع الكارثة. 2. أنه من عقود الغرر، فإن الخطر المؤمن منه قد يقع فيستحق المؤمن له العوض، وقد لا يقع فتذهب أقساطه عليه هدرا، وقد يقع الخطر بعد أجل قريب من إبرام عقد التأمين، وقد يقع بعد أجل بعيد من إبرام عقد التأمين. وقد يدفع المؤمن للمؤمن له تعويضاً أكثر مما أخذه منه من أقساط ، وقد يدفع له تعويضاً أقل مما أخذه منه أقساط. وقد لا يقع ومن جهة مقداره ومن جهة ، أجله وبهذا يكون الغرر فاحشاً، وفيه يقول السنهوري: وهو من العقود الاحتمالية، معاملتهم، وأول بداياته كانت في الربع الأول من القرن الرابع عشر الهجري تقريباً - ، لذا فإنك لا تجد في خاصة حكمه كتاباً مسطوراً عن العلماء المتقدمين، عدا ما ذكره ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار ) حيث ذكره باسم "السوكرة"، وقد اختلف العلماء خلال هذه الفترة في حكم التأمين بين قائل بمنعه وقائل بإباحته على أن جمهورهم يقولون بمنعه، حيث عُرض التأمين التجاري للنظر في حكمه على مؤتمرات وهيئات علمية وبجامع فقهية كلها قالت بمنعه، سنة 1396هـ. لمنظمة المؤتمر الإسلامي، بتاريخ 16/4/1406هـ. أدلة المنع وقد اعتمد المانعون أدلة للمنع، وهذا هو الغرر، فإن الغرر في الاصطلاح:(ما تردد بين أمرين ليس أحدهما أظهر). وهما مما يشتملهما التأمين. ومقامرة، وذلك بأن لا يقتصر النظر على العلاقة العقدية بين المؤمن، وكل مستأمن على حدة، بل بالنظر إلى علاقة المؤمن بمجموع المستأمنين، أو مقامرة بالنسبة إلى المؤمن، لأنه بالنظر إلى مجموع المستأمنين، وتبعاً لقانون الكثرة لم يكن عَرَّض نفسه لاحتمال الخسارة، أو الكسب على نحو يفوق ما عليه التجارة المعتادة. ويناقش من وجوه:
الوجه الأول: أنه في نفي المقامرة لم ينظر إلا إلى جانب المؤمن، فإن الاحتمال والمقامرة وارد في حقه جدا، ووجود الاحتمال في أحد جانبي العقد يبطله. فإن قيل: وفي جانب المستأمن ينتفى الاحتمال والمقامرة أيضاً، فإنه بعقد التأمين قد حصل له الأمان، فقد حصل بمقابلها على عوض وجداني هو الأمان. والقانونيين. إذ لم يملكه البشر، فإنه منحة من رب البشر، وما يقدمه المؤمن ما هو إلا ضمان لا أمان فإنه بعد ارتفاع الأمان بوقوع الخطر يقوم المؤمن بما التزم به من ضمان بعض آثار الخطر، وما خلفه من كارثة، ولا يتم به تعويض النقص مطلقاً، كيف والإنسان قد يرزاً بنفسه فلا يؤمنه من ذلك عقد التأمين ولا يعوضه عن ذلك عقد التأمين وقد يرزاً بحبيبه، وقريبه فلا يؤمنه من ذلك عقد التأمين ولا يعوضه عنه، الوجه الثاني: ثم إن هذا التوجيه قد صيَّر التأمين علاقة تعاقدية، تعاونية بين مجموع المستأمنين وليس ذلك كذلك، لما يلي:
وليس ثمة رابطة تعاقدية بين مجموع المستأمنين والحكم على العقد ينبغي أن يكون بالنظر إلى طرفيه وهما:
المؤمن والمستأمن، فذلك مجاوزة لأحكام العقد، لما فيها من تفريق بين ما ، اجتمع، فلا ينظر إليهما باعتبارهما طرفي العقد، وهذا تفريق لا أساس له وجمع لا أساس له ومن ثم فإن ما بناه على ذلك من حكم لا أساس له إذ العقود المختلفة لا يحتج ببعضها على بعض، ولا يؤثر بعضها في بعض، أو كانت مشروطة في عقد واحد. تبطل دعوى التعاون، والمستأمن، وكلاهما محرم. 3. اشتمال التأمين التجاري علي أكل المال بالباطل، ولم يُعوّض عنها شيئاً، ولم يتسبب في حدوثها، إذ أفاض في الاستدلال، له ومناقشة مخالفيه. إلا أن المتأمل لأدلته يجدها:
أ‌- إما أن تكون قائمة على تصوير التأمين على غير حقيقته. ب‌- أو أن تكون قائمة على قياس غير صحيح. فيأخذ ما يكون له من المال، وإذا مات في أثناء تلك المدة فيكون لورثته، لو صدر مثل هذا التعاقد بين ذلك الرجل وهؤلاء الجماعة على الصفة المذكورة كان ذلك جائزاً شرعاً)
ويذكر عيسى عبده - رحمه الله - أن هذه الفتوى قد راجت رواجاً كبيراً بين شركات التأمين، وأحيطت بالأختام، ووضعت في إطار ثمين صارت تقتنيه شركات التأمين، وقد بني على هذا التصوير المخالف لحقيقة التأمين الاستدلال لجوازه بعقد المضاربة. ومن أمثلته أيضاً: تصوير التأمين على أنه تعاون قائم بين مجموع المستأمنين، وليست شركة التأمين إلا وسيطا بينهم. ومن أمثلة الثاني: قياس عقد التأمين على المضاربة، والاستئجار للحراسة، وضمان المجهول وضمان خطر الطريق وكل ذلك قياس مع الفارق. ومناقشتها:
أ‌- الاستدلال بالإباحة الأصلية على جواز التأمين فإن الأصل في الأشياء الإباحة، ب‌- الاستدلال بالاستصلاح على جواز التأمين فإن التأمين فيه مصلحة، إذ به يطمئن الناس على ، أموالهم وتجارتهم، ويجاب: بأن المصلحة في التأمين ملغاة لاشتماله على ما جاءت الشريعة بإلغائه ، ومنعه كالربا والغرر، ت‌- الاستدلال بالتعاون على جواز التأمين بالنظر إلى مجموع المستأمنين، إذ يتعاونون فيما بينهم على تحمل ما يصيبهم من ضرر. قلت: وهذا الاستدلال مبني على تصوير التأمين على خلاف حقيقته كما تقدم، وقد ذكر عيسى عبده - رحمه الله - أن دعوى التعاون هذه لا تثار إلا في بلاد المسلمين لتبرير التأمين، أما في بلاد الغرب، فشراح القانون لا يجدون غضاضة في وصف التأمين بأنه عقد معاوضة، وقد تقدمت مناقشة هذه الدعوى عند مناقشة استدلال المانعين بالغرر. وما يصرفه على التأمين من مبالغ للمستأمنين يمثل أرباحهم وما يحتفظ به لنفسه من مال يمثل نصيبه من الربح. وهذا الاستدلال مبني على تصوير التأمين على خلاف حقيقته، وفي التأمين ما يدفع من مال يكون ملكاً لشركة التأمين. وفي التأمين يكون الربح للشركة، ج‌- الاستدلال بقياسه على الإجارة في عمل الحراسة من جهة أن الحارس يجوز استئجاره للقيام بعمل الحراسة، والاطمئنان لمن استأجره، وكذا الشأن في التأمين فإنه يحقق الأمان والاطمئنان للمستأمن. ليس الأمان، ولهذا فإن الحارس عند قيامه بعمل الحراسة يستحق الأجرة، سواء أتحققت الغاية من العقد وهي الأمان أم لم تتحقق. فافترقا، من جهة أنه يجوز على خلاف بين الفقهاء- ضمان ما يكون مجهولا، وغرر. وإحسان فتغتفر فيه الجهالة، بخلاف التأمين، خ‌- الاستدلال بقياسه على ضمان خطر الطريق، فإذا جاز ضمان خطر الطريق، أ‌- أن ضمان خطر الطريق تبرع ، وإحسان أما التأمين فمعاوضة، له فلزمه الضمان، ومناقشته، وعرض لقول المانعين بأدلته ومناقشته، يتبين رجحان القول بالمنع، التأمين التعاوني: والتأمين التعاوني جاء ليكون بديلاً عن التأمين التجاري، • أن مقصودة التناصر والتعاون، • أن المؤمن هو المستأمن، تعريفه: و لم أقف على تعريف لهذا القسم، والتعاون، أو العمل في إنشاء صندوق لدعم من يتعرض منهم لنائبة، إن كان ذلك مطلقاً، أو مقيداً بنوع من الحوادث. وهذا القسم يسمى بـ "التأمين التعاوني البسيط المباشر"، ويتميز بمحدودية أعضائه، وأنهم القائمون بإدارته. 3. وقد تتوسع دائرة القسم الثاني، أو الصداقة، تعريفه: ويعرف بأنه عقد تأمين جماعي يلتزم بموجبه كل مشترك فيه بدفع مبلغ معين من المال على سبيل التبرع لتعويض المتضررين منهم، وهو من الإحسان والمعروف والتعاون على البر والتقوى، لما فيه من التعاون، والتناصر، في 1/8/1398م. ويمكن أن يقال بمنعه، لكونه ليس تبرعاً محضاً، قلت والأولى أن يلحق بحكم العاقلة، وأصله ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: (اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، .
ووجه الدلالة فيه على التأمين التعاوني هو أن الإسلام كلف العصبة التناصر ، ولم يعتبر بما يدخل ذلك من معاوضة، بخلاف التأمين التعاوني قلت: هذا فرق غير مؤثر فإن أي فرد من العصبة المتناصرين لا يكون مسلفاً للآخر.
ثم إن احتجاج المانعين بقاعدة كل قرض جر نفعاً فهو ربا" ليس بأولى من احتجاج المجيزين بحكم العاقلة،


النص الأصلي

التأمين.
المطلب الأول: تاريخ التأمين وأقسامه
أولاً: في بيان تاريخ التأمين: التأمين مما شاع بين الناس اليوم، مصطلحا، ومعاملة وأول ما ظهر كان يطلق على التأمين التجاري، الذي بدأ بالتأمين البحري في أواخر القرن الرابع عشر في أوروبا، على البضائع التي تنقلها السفن بين مدن إيطاليا، وبلدان حوض البحر الأبيض المتوسط.
ثم تلاه بعد زمن طويل التأمين البري في إنجلترا، في أواخر القرن السابع عشر، في صورة التأمين من الحريق، عقب حريق هائل نشب في لندن سنة ١٦٦٦م ، ألتهم أكثر من ثلاثة عشر ألف منزل ونحو مائة كنيسة.
ثم انتشر التأمين من الحريق بعد ذلك في ألمانيا وفرنسا وأمريكا، خلال القرن الثامن عشر الميلادي.
ثم أخذت تتقاطر صور التأمين الأخرى، وكان مما ظهر من صوره: التأمين التعاوني"، بصوره المختلفة، وقد ظهر في صورته المنظمة في وقت قريب جداً، ليكون بديلاً عن التأمين التجاري.

وبهذا صار مصطلح التأمين عند إطلاقه يشمل صوراً شتى، تختلف في حقيقتها، وحكمها.
ثانياً: في بيان أقسام التأمين: وينقسم التأمين أقساماً عدة، لاعتبارات عدة:
فباعتبار المكان الذي يقع فيه الحدث ينقسم التأمين إلى:



  1. التأمين البري: ويشمل حوادث البر "ما يحدث في البر، مما يؤمّن عنه".

  2. التأمين البحري: ويشمل حوادث البحر ما يحدث في البحر، مما يؤمن عنه".

  3. التأمين الجوي: ويشمل حوادث الجو " ما يحدث في الجو، مما يؤمن عنه".
    وباعتبار محله ينقسم التأمين إلى:

  4. التأمين على الأشخاص: ومحله شخص الإنسان، أو ما يتعلق بشخصه وينقسم إلى أقسام منها:
    أ‌- التأمين على الحياة: وفيها يُدفع للمستفيد "المؤمن له" مبلغ التأمين على نحو معلق بحياته، وجوداً، أو عدماً.
    ب‌- التأمين على الصحة: وهو التأمين على صحة المؤمن له فيتحمل المؤمن ما يجب على المؤمن له من تكاليف العلاج، والدواء، ونحوها.
    ت‌- التأمين على الذمة "المسؤولية": وهو التأمين لذمة المؤمن له، فيتحمل المؤمن ما يجب على المؤمن له تجاه الغير من مسؤولية، كالتأمين للمسؤولية عن حوادث السير، وفيه يتحمل المؤمن تعويض الغير عما أصابه من ضرر من قبل المؤمن له.

  5. التأمين على الأشياء الممتلكات": وهو التأمين على ما يملكه المؤمن له، سواء أكان معينا كالمنزل والمصنع أم كان غير معين: كالتأمين على المخازن والمتاجر، فإن محتوياتها غير معينة.
    وباعتبار غرضه، ينقسم إلى:

  6. التأمين التجاري: وهو ما يكون مقصودة الربح، سواء أقام به الأفراد، أم الشركات والجمعيات.

  7. التأمين غير التجاري: وهو ما لا يقصد به الربح، وإنما التعاون في تحقيق المصلحة، ودفع المفسدة، ومن أقسامه: "التأمين التعاوني"، وفيما يلي بيان كل منهما:
    المطلب الثاني
    التأمين التجاري: وهو الأصل في التأمين معاملة، ومصطلحاً، وشركاته تصنف على أنها من شركات الأموال فإنها تشبه إلى حد البنوك، من جهة أن كلاً منهما وعاء تجتمع فيه الأموال، وتوظف في القروض. وسنتكلم عليه من خلال العناصر الآتية:
    أ‌. تعريفه: لغة: التأمين مصدر، مشتق من المادة "أمن" بتشديد الميم، وهي في معنى ضد الخيانة، لكن المعاصرين يرون أن التأمين من الأمان بمعنى رفع الخوف، ويعتبرون رفع الخوف منفعة يقدمها المؤمن للمستأمن "المؤمن له"، ويستحق مقابلها عوضاً من المؤمن، وتلك مبالغة، فإن الأمان قسمان: أمان عام وهذا لا يملكه سوى الله تعالى، إذ هو سبحانه مالك رفع المخاوف كلها، إذ بقدره، وقدرته إنزالها، وبقدره، وقدرته رفعها. وأمان ،خاص يصدر من كل بحسبه، فالذي يملك سفك الدم يمكنه أن يعطي الأمان منه والذي يمكنه استحلال المال، يمكنه أن يعطي الأمان منه.
    والأمان في هذا وذاك هو رفع خوف المستأمن على نفسه، أو ماله بكف المؤمن -من يعطي الأمان عن سببه الذي يقدر عليه.
    وهو أمان من وجه دون وجه، ذلكم أن المؤمن لا يملك منع سفك دم المستأمن مطلقا، فقد يسفك من طريق لا يقدر عليه.
    كما أن المؤمن لا يملك منع تلف مال المستأمن، إذ قد يتلف من طريق لا يقدر عليه.
    وعلى هذا: فإن الأمان يرفع المكروه من وجه دون وجه، ويرفع الخوف من وجه دون وجه ولا يقوى على رفع ذلك مطلقاً.
    وبالنظر إلى التأمين فإنه لا يرفع المكروه، فالحريق مكروه يؤمن والسرقة مكروه يؤمن منه، لكن التأمين لا يرفع الحريق ولا السرقة، ولو من وجه، فهو بهذا لا يرفع الخوف منهما، ولا يرفع كل أثر يترتب عليهما، وكل ما يمكن أن يفعله المؤمن بعد حدوث المكروه هو تعويض المستأمن، وهذا أقرب إلى مفهوم الضمان منه إلى الأمان فإن الضمان لا يمنع وقوع المكروه، لكن يعمل على تخفيف بعض أثره بعد وقوعه والتأمين في أحسن أحواله لا يعدو هذا، فكان الأولى اشتقاق اسمه الضمان لا من الأمان.
    واصطلاحاً: أرى أن يعرف بأنه: (عقد) يلتزم بمقتضاه طرف يسمى المؤمن، بالتحمل المالي عن طرف آخر ، يسمى المؤمن له، أو الأداء له عند وقوع حادث معين مقابل أقساط مالية، يدفعها المؤمن له سلفاً).
    ب- أركانه: إذا نظر في عقد التأمين نظراً فقهيا فإن أركانه هي:

  8. العاقدان وهما: "المؤمن"، "والمستأمن المؤمن له".

  9. العوضان وهما: "القسط المدفوع من قبل المستأمن"، و"مبلغ التأمين - التعويض - الذي يدفعه المؤمن".

  10. المؤمن منه "الخطر": فإنه ركن في عقد التأمين، إذ هو الجانب الأقوى فيه عند أرباب التأمين وفيه يقول السنهوري: الخطر هو المحل الرئيسي في عقد التأمين)، ويقول: (العنصر الجوهري في التأمين هو : الخطر المؤمن منه)، ويقول أيضاً وليس هو التزاماً معلقاً على شرط واقف هو تحقق الخطر المؤمن منه، لأن تحقق الخطر ركن قانوني في الالتزام، وليس مجرد شرط عارض).
    ومما يوضح أن المؤمن منه "الخطر" ركن في التأمين: أن التأمين عملية تقوم على أقطاب ثلاثة هي: "المؤمن"، "المؤمن له"، "المؤمن منه الخطر"، ولا يتصور قيام التأمين إلا بوجود هذه الأقطاب.
    فإن قيل إن المؤمن منه الخطر " قد لا يوجد، ومع ذلك يظل عقد التأمين قائماً، ملزماً للعاقدين، ولو كان ركناً لما أمكن وجود العقد بدونه، لأن الركن جزء من الماهية لا يتحقق وجودها إلا به فهو إذا شرط علق عليه استحقاق التعويض في عقد التأمين، وليس ركناً.
    قلت: إن تصور العقد دون وجود ركنه وقت العقد ممكن كما هو الشأن في عقد السلم، فإن المعقود عليه غير موجود وقت التعاقد.
    فإن قيل بالفرق بين التأمين والسلم من جهة أن المعقود عليه في السلم وإن كان غير موجود وقت العقد إلا أنه يوجد لاحقا عند حلول الأجل، وليس التأمين كذلك، فقد لا يقع "المؤمن منه الخطر " أبداً.
    قلت: هذا هو الغرر الذي يكتنف المعقود عليه في التأمين، وبه لا يكون التأمين مشروعاً واحتماله الغرر لا يصيّره شرطاً، لكنه يصيّر العقد ممنوعاً، لاشتمال ركنه على الغرر.

  11. الصيغة وهي الإيجاب والقبول من طرفي العقد: "المؤمن"، و"المستأمن .
    المؤمن له".
    جـ- خصائصه: وللتأمين التجاري خصائص تميزه، من أهمها:

  12. أنه عقد معاوضة، والعوضان فيه هما: أقساط التأمين التي يدفعها المؤمن له" و"مبلغ التأمين، وهو التعويض الذي يدفعه المؤمن للمؤمن له عند وقوع الكارثة.

  13. أنه من عقود الغرر، فإن الخطر المؤمن منه قد يقع فيستحق المؤمن له العوض، وقد لا يقع فتذهب أقساطه عليه هدرا، وقد يقع الخطر بعد أجل قريب من إبرام عقد التأمين، وقد يقع بعد أجل بعيد من إبرام عقد التأمين.
    وقد يدفع المؤمن للمؤمن له تعويضاً أكثر مما أخذه منه من أقساط ، وقد يدفع له تعويضاً أقل مما أخذه منه أقساط.
    وبه يتبين أن أحد العوضين، وهو المبلغ التعويضي" يكتنف الغرر من جهات ثلاث من جهة أصل استحقاقه إذ هو مرتبط بخطر قد يقع، وقد لا يقع ومن جهة مقداره ومن جهة ،أجله وبهذا يكون الغرر فاحشاً، وفيه يقول السنهوري: وهو من العقود الاحتمالية، أو عقود الغرر، وقد أورده التقنين المدني ضمن هذه العقود بعد المقامرة والرهان والإيراد المرتب مدى الحياة).

  14. أنه من عقود الإذعان: إذ فيه ينزل "المؤمن له" وهو الجانب الضعيف في العقد على شروط "المؤمن" وهو الجانب القوي في العقد.

  15. حكم التأمين التجاري: التأمين لم يك ظاهراً في بلاد الإسلام من جملة ،معاملتهم، وأول بداياته كانت في الربع الأول من القرن الرابع عشر الهجري تقريباً - ، لذا فإنك لا تجد في خاصة حكمه كتاباً مسطوراً عن العلماء المتقدمين، عدا ما ذكره ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار ) حيث ذكره باسم "السوكرة"، وجملة ما يُذكر في التأمين من أقوال في حكمه تعود إلى العلماء خلال قرن من الزمان هو فترة بدايته إلى أن صار اليوم ظاهرة في بلاد الإسلام فاشية في سوقها كغيرها من المعاملات.
    وقد اختلف العلماء خلال هذه الفترة في حكم التأمين بين قائل بمنعه وقائل بإباحته على أن جمهورهم يقولون بمنعه، وفيما يلي بيان للأقوال بأدلتها:
    القول الأول: القول بمنع التأمين التجاري، حيث عُرض التأمين التجاري للنظر في حكمه على مؤتمرات وهيئات علمية وبجامع فقهية كلها قالت بمنعه، وهي:

  16. المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي، في مكة المكرمة، سنة 1396هـ.

  17. مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، في دورته العاشرة، بالرياض بتاريخ ١٣٩٧/٤/٤هـ .

  18. مجلس مجمع الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، لدورته الأولى، في مكة المكرمة، بتاريخ 1/٨/1398هـ.

  19. مجلس مجمع الفقه الإسلامي، لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في جدة، بتاريخ 16/4/1406هـ.
    أدلة المنع وقد اعتمد المانعون أدلة للمنع، من أظهرها:

  20. اشتمال التأمين التجاري على الغرر الفاحش- وقد تقدم بيانه في خصائص التأمين، فإنه يتردد بين أمور عدة، ويحتمل احتمالات عدة، وهذا هو الغرر، فإن الغرر في الاصطلاح:(ما تردد بين أمرين ليس أحدهما أظهر). وهو محرم النبي عن بيع الغرر.
    ويدخل في الغرر: الرهان والمقامرة "القمار" فإنهما من أنواعه، وفيهما يتردد الإنسان بين أن يكون غانماً، أو أن يكون غارماً ، وهما مما يشتملهما التأمين.
    وقد حاول المجيزون استخراج التأمين من كونه غرراً، ومقامرة، وذلك بأن لا يقتصر النظر على العلاقة العقدية بين المؤمن، وكل مستأمن على حدة، بل بالنظر إلى علاقة المؤمن بمجموع المستأمنين، وبهذا لا يكون عقد التأمين عقداً احتماليا، أو مقامرة بالنسبة إلى المؤمن، لأنه بالنظر إلى مجموع المستأمنين، وتبعاً لقانون الكثرة لم يكن عَرَّض نفسه لاحتمال الخسارة، أو الكسب على نحو يفوق ما عليه التجارة المعتادة.
    ويناقش من وجوه:
    الوجه الأول: أنه في نفي المقامرة لم ينظر إلا إلى جانب المؤمن، لكنه لم ينظر إلى جانب المستأمن، فإن الاحتمال والمقامرة وارد في حقه جدا، ووجود الاحتمال في أحد جانبي العقد يبطله.
    فإن قيل: وفي جانب المستأمن ينتفى الاحتمال والمقامرة أيضاً، فإنه بعقد التأمين قد حصل له الأمان، فإذا فات عليه ما دفعه من أقساط، ولم يأخذ مقابلها تعويضاً مالياً، فقد حصل بمقابلها على عوض وجداني هو الأمان. قلت: هذا يخالف حقيقة عقد التأمين إذ العوضان فيه القسط ومبلغ التعويض، وهو أمر متقرر عند الفقهاء، والقانونيين.
    ومن جهة أخرى فإن الأمان ليس سلعة تباع وتشترى، إذ لم يملكه البشر، فإنه منحة من رب البشر، وما يقدمه المؤمن ما هو إلا ضمان لا أمان فإنه بعد ارتفاع الأمان بوقوع الخطر يقوم المؤمن بما التزم به من ضمان بعض آثار الخطر، وما خلفه من كارثة، وهذا الضمان لا يتحقق به الأمان مطلقاً، ولا يتم به تعويض النقص مطلقاً، كيف والإنسان قد يرزاً بنفسه فلا يؤمنه من ذلك عقد التأمين ولا يعوضه عن ذلك عقد التأمين وقد يرزاً بحبيبه، وقريبه فلا يؤمنه من ذلك عقد التأمين ولا يعوضه عنه، عقد التأمين.
    الوجه الثاني: ثم إن هذا التوجيه قد صيَّر التأمين علاقة تعاقدية، تعاونية بين مجموع المستأمنين وليس ذلك كذلك، لما يلي:
    أ‌- أن التأمين عقد ثنائي طرفاه المؤمن، والمستأمن، وليس ثمة رابطة تعاقدية بين مجموع المستأمنين والحكم على العقد ينبغي أن يكون بالنظر إلى طرفيه وهما:
    المؤمن والمستأمن، أما النظر إلى مجموع المستأمنين الذين لا يربطهم عقد، فذلك مجاوزة لأحكام العقد، لما فيها من تفريق بين ما ،اجتمع، وجمع بين ما افترق إذ جمع بين عموم المستأمنين، وعقودهم متفرقة لا رابطة بينها وفرّق بين طرفي العقد المؤمن، والمستأمن، فلا ينظر إليهما باعتبارهما طرفي العقد، وإنما ينظر إلى كل منهما باعتباره طرفا يقابله طرف آخر هم عموم المستأمنين، وهذا تفريق لا أساس له وجمع لا أساس له ومن ثم فإن ما بناه على ذلك من حكم لا أساس له إذ العقود المختلفة لا يحتج ببعضها على بعض، ولا يؤثر بعضها في بعض، إذا لم تجتمع في عقد واحد، أو كانت مشروطة في عقد واحد.
    ب‌- وببطلان النظر إلى مجموع المستأمنين في رابطة تعاقدية تعاونية، تبطل دعوى التعاون، فيبقى التأمين على أصله عقد معاوضة، كما هو معلوم عند أربابه وعند القانونيين شارحي أحكامه، وقد تقدم في بيان خصائصه.
    ت‌- وببطلان النظر إلى مجموع المستأمنين يبقى التأمين على أصله عقداً ثنائياً بين طرفيه: المؤمن، والمستأمن، كما هو معلوم عند أربابه وعند شارحي أحكامه من القانونيين.

  21. اشتمال التأمين التجاري على الربا بنوعيه: "الفضل، والنسيئة" ، فإن المؤمن إن دفع للمستأمن أكثر مما أخذ منه من النقود ، فهو ربا فضل ونسيئة لاجتماع الزيادة، والتأخير.
    وإن دفع للمستأمن مثلما دفع، أو أقل، فهو ربا نسيئة، وكلاهما محرم.

  22. اشتمال التأمين التجاري علي أكل المال بالباطل، فإن من يدفع أقساطاً نقدية، ولم يُعوّض عنها شيئاً، فإنها تفوت عليه بلا مقابل، ويكون من أخذها قد أكلها بلا مقابل وهو الباطل المنهي عنه.

  23. اشتمال التأمين التجاري على الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم تحدث منه الكارثة، ولم يتسبب في حدوثها، فلم يكن ملزماً بضمان آثارها، والتزامه بالضمان لقاء عوض يدفع له مجاوزة لا يقر عليها.
    القول الثاني: القول بجواز التأمين التجاري، ويكاد يكون فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا -رحمه الله - عمدة القائلين بجوازه، إذ أفاض في الاستدلال، له ومناقشة مخالفيه.
    ومع إفاضة الشيخ الزرقا - رحمه الله - في الاستدلال للجواز، إلا أن المتأمل لأدلته يجدها:
    أ‌- إما أن تكون قائمة على تصوير التأمين على غير حقيقته.
    ب‌- أو أن تكون قائمة على قياس غير صحيح.
    ومن أمثلة الأول: ما ذكره عیسی عبده - رحمه الله – من خلال رجوعه إلى السجلات الرسمية بدار الإفتاء، حيث نقل سؤالا تقدم به "هور روسل" في صفر سنة ١٣٢١هـ إلى الشيخ محمد عبده – رحمه الله - وهو المفتي وقتها، ونص السؤال هو: رجل يريد أن يتعاقد مع جماعة شركة مثلا على أن يدفع من ماله الخاص على أقساط معينة ليعملوا فيها بالتجارة، واشترط عليهم أنه إذا قام بما ذكر أو انتهى أمد الاتفاق المعين بانتهاء الأقساط المعينة، وكانوا قد عملوا في ذلك المال.. وكان حياً، فيأخذ ما يكون له من المال، مع ما يخصه من الأرباح، وإذا مات في أثناء تلك المدة فيكون لورثته، أو لمن له حق الولاية في ماله أن يأخذوا المبلغ تعلق مورثهم مع الأرباح، فهل مثل هذا التعاقد الذي يكون مفيداً لأربابه بما ينتجه لهم من الربح.. جائز شرعاً؟، وقد أجاب الشيخ محمد عبده بما يلي - وهو النص الرسمي للفتوى المشهورة:
    (لو صدر مثل هذا التعاقد بين ذلك الرجل وهؤلاء الجماعة على الصفة المذكورة كان ذلك جائزاً شرعاً)
    ويذكر عيسى عبده - رحمه الله - أن هذه الفتوى قد راجت رواجاً كبيراً بين شركات التأمين، إذ طبعت بحروف دقيقة، وأحيطت بالأختام، ووضعت في إطار ثمين صارت تقتنيه شركات التأمين، وتشهره في مكاتبها.
    وقد بني على هذا التصوير المخالف لحقيقة التأمين الاستدلال لجوازه بعقد المضاربة.
    ومن أمثلته أيضاً: تصوير التأمين على أنه تعاون قائم بين مجموع المستأمنين، وليست شركة التأمين إلا وسيطا بينهم.
    وبناء على هذا التصوير استدلوا لجواز التأمين بأنه قائم على التعاون.
    ومن أمثلة الثاني: قياس عقد التأمين على المضاربة، والاستئجار للحراسة، وضمان المجهول وضمان خطر الطريق وكل ذلك قياس مع الفارق.
    في بيان أدلة الجواز، ومناقشتها:
    أ‌- الاستدلال بالإباحة الأصلية على جواز التأمين فإن الأصل في الأشياء الإباحة، ومن ذلك العقود والشروط.
    ويجاب عنه: بأن الاعتبار بالإباحة الأصلية مشروط بانتفاء الموانع الشرعية، والتأمين قد اشتمل على موانع شرعية كالربا والغرر، وأكل المال بالباطل فتخرجه من عموم قاعدة الإباحة الأصلية، وتقضي بتحريمه.
    ب‌- الاستدلال بالاستصلاح على جواز التأمين فإن التأمين فيه مصلحة، إذ به يطمئن الناس على ،أموالهم وتجارتهم، وصناعتهم.
    ويجاب: بأن المصلحة في التأمين ملغاة لاشتماله على ما جاءت الشريعة بإلغائه ،ومنعه كالربا والغرر، وأكل المال بالباطل.
    ت‌- الاستدلال بالتعاون على جواز التأمين بالنظر إلى مجموع المستأمنين، إذ يتعاونون فيما بينهم على تحمل ما يصيبهم من ضرر.
    قلت: وهذا الاستدلال مبني على تصوير التأمين على خلاف حقيقته كما تقدم، وقد ذكر عيسى عبده - رحمه الله - أن دعوى التعاون هذه لا تثار إلا في بلاد المسلمين لتبرير التأمين، أما في بلاد الغرب، فشراح القانون لا يجدون غضاضة في وصف التأمين بأنه عقد معاوضة، ورهان و مقامرة، وقد تقدمت مناقشة هذه الدعوى عند مناقشة استدلال المانعين بالغرر.
    ث‌- الاستدلال بقياسه على المضاربة من جهة أن المؤمن يستثمر أموال المستأمنين، وما يصرفه على التأمين من مبالغ للمستأمنين يمثل أرباحهم وما يحتفظ به لنفسه من مال يمثل نصيبه من الربح.
    وهذا الاستدلال مبني على تصوير التأمين على خلاف حقيقته، كما في صورة الفتوى المنقولة فيما تقدم عن الشيخ محمد عبده - رحمه الله- ويجاب عنه:
    بأنه قياس مع الفارق فإن شركة المضاربة تفترق عن التأمين من وجوه منها:
    أ‌- أن رأس المال في المضاربة يكون ملكاً لصاحبه الذي دفعه، وفي التأمين ما يدفع من مال يكون ملكاً لشركة التأمين.
    ب‌- أن الربح الناتج عن رأس المال في المضاربة يكون بين الشريكين حسب اتفاقهما، وفي التأمين يكون الربح للشركة، باعتبار أنها مالك رأس المال.
    ج‌- الاستدلال بقياسه على الإجارة في عمل الحراسة من جهة أن الحارس يجوز استئجاره للقيام بعمل الحراسة، وهو بعمله يحقق الأمان، والاطمئنان لمن استأجره، وكذا الشأن في التأمين فإنه يحقق الأمان والاطمئنان للمستأمن.
    ويجاب: بأن القياس مع الفارق فإن الأجرة في عقد الحراسة إنما هي على العمل، ليس الأمان، ولهذا فإن الحارس عند قيامه بعمل الحراسة يستحق الأجرة، سواء أتحققت الغاية من العقد وهي الأمان أم لم تتحقق.
    أما الأقساط في عقد التأمين فإنها مقابل مبلغ التعويض، فافترقا، وفي كلا العقدين لم يكن الأمان محلاً للعقد.
    ح‌- الاستدلال بقياسه على ضمان المجهول، وضمان مالم يجب، من جهة أنه يجوز على خلاف بين الفقهاء- ضمان ما يكون مجهولا، وما لم يكن واجبا من الحقوق فإذا كان جائزا مع اشتماله على الجهالة، فليجز التأمين على ما فيه من جهالة، وغرر.
    ويجاب: بأنه قياس مع الفارق، فإن الضمان تبرع، وإحسان فتغتفر فيه الجهالة، بخلاف التأمين، فهو عقد معاوضة تفسده الجهالة، والاحتمال.
    خ‌- الاستدلال بقياسه على ضمان خطر الطريق، فإن من قال لآخر: اسلك هذا الطريق، فإنه آمن، فإن كان مخوفاً، وأُخذ مالك فإنا ضامن، فإنه يضمن ووجه الشبه بين هذا والتأمين أن في كل منهما ضماناً للخطر إذا وقع، فإذا جاز ضمان خطر الطريق، فليجز التأمين.
    ويجاب: بأنه قياس مع الفارق لما يلي:
    أ‌- أن ضمان خطر الطريق تبرع ،وإحسان أما التأمين فمعاوضة، فافترقا.
    ب‌- أن سبب ضمان خطر الطريق هو تغرير الضامن للمضمون له ولهذا صار الضامن سببا فيما حصل للمضمون، له فلزمه الضمان، أما التأمين فلا تغرير فيه من قبل شركة التأمين للمستأمن يستحق بسببه المستأمن الضمان فافترقا.
    الترجيح: ومما سبق من عرض لقول المجيزين بأدلته، ومناقشته، وعرض لقول المانعين بأدلته ومناقشته، يتبين رجحان القول بالمنع، لقوة أدلته، وظهور دلالتها، في حين أن القول بالجواز أدلته متكلفة في جملتها.


المطلب الثاني
التأمين التعاوني: والتأمين التعاوني جاء ليكون بديلاً عن التأمين التجاري، بعدما ترجح منعه، وسيكون الكلام عليه مقيداً بالعناصر الآتية:
أ‌. خصائصه: ويتميز التأمين التعاوني عن التأمين التجاري بخصائص منها:
• أن مقصودة التناصر والتعاون، بخلاف التجاري فإن مقصودة المعاوضة، وما يكون فيه من تعاون ليس قصدا، بل تبع.
• أن المؤمن هو المستأمن، ومجموعهم يمثل أعضاء جمعية التأمين، بخلاف التجاري فإن المؤمن طرف مستقل تمثله شركة التأمين، والمستأمن طرف آخر مستقل عن المؤمن، وعن باقي المستأمنين.
ب‌. أقسامه، والتعريف بكل قسم : وينقسم إلى ثلاثة أقسام:



  1. منها ما يكون تبرعاً محضاً لمساعدة المنكوبين، كأن يُخصص صندوق لدعم المنكوبين تدعمه الدولة أو المحسنون - من غير المستفيدين منه، أو هما معاً.
    تعريفه: و لم أقف على تعريف لهذا القسم، وأرى أن يعرف بأنه :
    (تبرع لمن يصيبه ضرر من غير المتبرعين).

  2. ومنها ما يكون مقصودة التناصر، والتعاون، إذ التبرع فيه ليس محضاً من جهة أن المستفيدين منه هم المسهمون فيه، كأن المسهمون فيه، كأن يجتمع أفراد تربطهم رابطة ،القرابة أو الصداقة، أو العمل في إنشاء صندوق لدعم من يتعرض منهم لنائبة، إن كان ذلك مطلقاً، أو مقيداً بنوع من الحوادث.
    وهذا القسم يسمى بـ "التأمين التعاوني البسيط المباشر"، ويتميز بمحدودية أعضائه، وأنهم القائمون بإدارته.
    تعريفه: ويعرف بـ (أن يشترك جماعة بمبالغ تخصص لتعويض من يصيبه الضرر منهم).

  3. وقد تتوسع دائرة القسم الثاني، فتجاوز حدود القرابة، أو الصداقة، فتضم جمعاً كبيراً من المسهمين فيه بحيث يعجز أعضاؤه عن إدارته، فيُعهد بإدارته إلى شركة أجنبية عن المسهمين فيه، وهذا أظهر ما يفرقه عن القسم الذي قبله ويسمى بـ "التأمين التعاوني المركب -غير المباشر".
    تعريفه: ويعرف بأنه عقد تأمين جماعي يلتزم بموجبه كل مشترك فيه بدفع مبلغ معين من المال على سبيل التبرع لتعويض المتضررين منهم، على أساس التكافل والتضامن عند تحقق الخطر المؤمن منه، تدار فيه العمليات التأمينية من قبل شركة متخصصة، على أساس الوكالة بأجر معلوم).
    ت‌- في بيان حكمه: أما القسم الأول: فلا إشكال في جوازه، فإنه تبرع محض، وهو من الإحسان والمعروف والتعاون على البر والتقوى، وهو مأمور به.
    وأما القسم الثاني: فالراجح جوازه، لما فيه من التعاون، والتناصر، والإحسان، وقد أفتت بجوازه هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في قرراها رقم ٥١ في ١٣٩٧/٤/٤هـ، كما أفتى بجوازه مجلس مجمع الفقه الإسلامي، لرابطة العالم الإسلامي، في دورته الأولى، بمكة المكرمة، في 1/8/1398م.
    ويمكن أن يقال بمنعه، لكونه ليس تبرعاً محضاً، فإن المسهمين فيه قصدهم الانتفاع عند حاجتهم منه فيكون أدخل بسلف جر نفعا .
    ويجاب: بأن هذا توسع في تطبيق قاعدة كل سلف جر نفعا فهو ربا. قلت والأولى أن يلحق بحكم العاقلة، وأصله ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: (اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى أن دية جنينها غرة ،عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها ...).
    ووجه الدلالة فيه على التأمين التعاوني هو أن الإسلام كلف العصبة التناصر ، والتعاون فيما بينهم في تحمل الدية عن الفرد منهم، ولم يعتبر بما يدخل ذلك من معاوضة، من جهة أن الفرد من هذه العصبة يكون متحملاً اليوم، متحملاً عنه غدا.
    فإن قيل بالفرق بينهما من جهة أن نظام العاقلة لا ترصد له أموال سلفاً قبل وقوع الضرر، بخلاف التأمين التعاوني قلت: هذا فرق غير مؤثر فإن أي فرد من العصبة المتناصرين لا يكون مسلفاً للآخر. بمجرد رصد المال سلفا، وإنما يكون مسلفا له بالتحمل عنه فاستوى في ذلك رصد المال سلفا وعدمه.
    وإذا كان ذلك كذلك واغتفرت الشريعة ما فيه من معنى المعاوضة، فليكن كذلك في التأمين التعاوني، فإنه مثله لعدم تأثير الفرق كما تقدم.

    ثم إن احتجاج المانعين بقاعدة كل قرض جر نفعاً فهو ربا" ليس بأولى من احتجاج المجيزين بحكم العاقلة، بل هو أولى بالتأمين التعاوني بجامع التعاون، والتناصر في كل وقصدهما في التأمين التعاوني أظهر من قصد المعاوضة.
    وأما القسم الثالث: التأمين التعاوني المركب فالأصل جوازه، لأن ما يفترق فيه عن التأمين التعاوني البسيط غير مؤثر إلا إن ترتب على هذه الفروق الشكلية فروق مؤثرة ، كأن يترتب على كثرة الأعضاء وعدم تعارفهم، وإدارته من قبل شركة أجنبية عن الشركاء خروج به عن هدفه، فتحيد به الشركة القائمة على إدارته عن غايته التعاونية وتستأثر بأمواله المجتمعة، وتوظفها في الإقراض بفائدة، وتخطو فيه خطا شركات التأمين التجاري، فذلك أمر محظور.
    وهو يوجب التثبت مما عليه واقع تلك الشركات قبل الحكم عليها، لأن مجرد الأسماء لا اعتبار لها، فلا يحكم على بنك أنه إسلامي، أو تأمين على أنه تعاوني لمجرد اسمه بل لابد من النظر إلى حقيقته.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

المستخدم عادة ك...

المستخدم عادة كلمة الصدمة للتعبير عن التأثير النفسي الشديد لكن مفتاح تعريف هذه الحالة والمعروفة "ame...

ما هو دور الأخل...

ما هو دور الأخلاقيات في صناعة الترجمة؟ اً في عالم الاتصالات العالمية دائم التطور، تلعب صناعة الترجمة...

sBusiness Repor...

sBusiness Report: Business Report is a document prepared by executives to know about the business c...

يشير إلى صورة ش...

يشير إلى صورة شيء مألوف عندما يسمى أمامه ينطق كلمة واحدة ليعبر من خلالها عن جملة ينخرط في كلام غير...

عندما نخوض في ن...

عندما نخوض في نقاش حول عقوبة الإعدام، ندخل إلى عالم معقد يتخلله تشابك للقيم الأخلاقية والقوانين والس...

وجدت الحيوانات ...

وجدت الحيوانات في هذا الكلام شيئًا غريبًا وطريفًا، فانطلقت تضحك وتقهقه بشدة. وحين رأت البيضة دُهِشَت...

وصلت ماريال وآن...

وصلت ماريال وآن لبيت السيدة سبنسر الكبير وسألت ماريال عن خطأ اإلتيان بفتاة وقد طلبت صبي قالت لها سبن...

1. المقدمة تعت...

1. المقدمة تعتبر العمارة التقليدية الليبية جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية والثقافية لليبيا. على م...

وفي مجال التعلي...

وفي مجال التعليم هناك تمييز واضح ضد العرب الفلسطينيين إسرائيل. والفرق ينبع من مشكلتين أساسيتين يعاني...

المركّبات العضو...

المركّبات العضويّة تعبّر المركّبات العضويّة عن مجموعةٍ كبيرةٍ من المركّبات الكيميائيّة، وتتميّز باحت...

المطر الحمضي هو...

المطر الحمضي هو أحد ملوثات الهواء الخطرة وينتج بسبب تلوث الهواء بملوثات أولية مثل أكاسيد الكبريت وال...

أمام هذا الوضع؛...

أمام هذا الوضع؛ عرفت الصين موجة من السخط والغضب عمّت أرجائها رافضة الحكم الإمبراطوري الفاشل وتدخلات ...