لخّصلي

وفي كل مكان حل به كان يلفت نظر السلطات إليه، ويدعو لبعث الأمة الإسلامية على أسس عقلية، لم تدفع به - كما فعلت مع بعض المفكرين المسلمين - إلى إنكار الدين لتعارضه مع العقل في زعمهم. وذهب الأفغاني في دعوته إلى الأخذ بالبرهان في أصول الدين والحضارة، إلى حد لم يتطاول إليه المعتزلة أنفسهم وهم عقليو الإسلام الأول. ورأى الأفغاني الخطورة على المسلمين والعالم المتحضر جميعه في الفلسفات الطبيعية التي يسميها النشرية، وله فيها مقال في الرد على الدهريين، وثالث في الرد على ريدان وزعمه أن الإسلام لا يشجع على البحث العلمي. على دور الدين في بناء الاجتماع والترقى بالإنسانية، عندما كانوا ملتزمين الاصول دينهم، وفلسفة اللذة التي قال بها، أفسدت على الناس أخلاقهم، وقضت على أساس اجتماعهم وتفوقهم، وانتهى الأمر بهم إلى الوقوع تحت حكم الرومان. المذهب الدهري باسم التنوير والعدالة الاجتماعية، وأنكرا المعتقدات الدينية، وكان على تلميذه أن يواصل من بعده التأكيد على فكرتي و عقلية الإسلام، وه بعده الحضاري اللتين حمل لواءهما الأفغاني، وهو تنبيه الضعفاء إلى ما يريده الأقوياء بهم، ليكونوا دولاً تأخذ بأسباب المدنية والعمران الموصلة إلى العزة والاستقلال غير ناسين تعاليم الإسلام. ومن أقوال وكذلك فإن الأمة الإسلامية، عندما تفشت فيها تعاليم دهرية الباطنية،

وحيدر أباد لمدد طويلة، وفي كل مكان حل به كان يلفت نظر السلطات إليه، ويهيج الخواطر ويحث على الإصلاح، ويدعو لبعث الأمة الإسلامية على أسس عقلية، لم تدفع به - كما فعلت مع بعض المفكرين المسلمين - إلى إنكار الدين لتعارضه مع العقل في زعمهم. وذهب الأفغاني في دعوته إلى الأخذ بالبرهان في أصول الدين والحضارة، إلى حد لم يتطاول إليه المعتزلة أنفسهم وهم عقليو الإسلام الأول. ورأى الأفغاني الخطورة على المسلمين والعالم المتحضر جميعه في الفلسفات الطبيعية التي يسميها النشرية، تعريباً لكلمة nature، وله فيها مقال في الرد على الدهريين، وآخر في البابية، وثالث في الرد على ريدان وزعمه أن الإسلام لا يشجع على البحث العلمي. ويدلل الأفغاني، على دور الدين في بناء الاجتماع والترقى بالإنسانية، بمقاومة الإغريق الشعب الصغير، عندما كانوا ملتزمين الاصول دينهم، للإمبراطورية الفارسية حتى أمكنهم تقويضها، لكن المذهب الدهري الذي دعا إليه أبيقور، وفلسفة اللذة التي قال بها، أفسدت على الناس أخلاقهم، وقضت على أساس اجتماعهم وتفوقهم، وانتهى الأمر بهم إلى الوقوع تحت حكم الرومان.

المذهب الدهري باسم التنوير والعدالة الاجتماعية، وأنكرا المعتقدات الدينية، فاندلعت الثورة الفرنسية وانهار كل شيء، ورافق هذا التفسخ كوارث أشد أدت إلى استفحال خطر الدهرية التي تمثلت في تفشى الأفكار العدمية والاشتراكية والشيوعية، وخاصة في الروسيا، ولو قيض للشيوعية الانتصار فعلى الدنيا السلام ومن أجل ذلك أصدر الأفغاني في باريس جريدة العروة الوثقى بمساعدة تلميذه ومحررها الأول الشيخ محمد عبده، وكان على تلميذه أن يواصل من بعده التأكيد على فكرتي و عقلية الإسلام، وه بعده الحضاري اللتين حمل لواءهما الأفغاني، ليصبحا من المطالب الرئيسية في تأويل الدين تأويلا جديدا في القرن العشرين. وفي العدد الأول من الجريدة نوه الأفغاني بمقصوده من عقلانية الإسلام وتحضره، وهو تنبيه الضعفاء إلى ما يريده الأقوياء بهم، وشرح أسباب ضعف الضعفاء وقوة الأقوياء. ويريد الأفغاني بالضعفاء المسلمين، يحفزهم بمقالاته لينهضوا متوثبين، ليكونوا دولاً تأخذ بأسباب المدنية والعمران الموصلة إلى العزة والاستقلال غير ناسين تعاليم الإسلام. وكانت لغته في الجريدة فصيحة يبتغى بها استحداث إحياء أدبي يواكب الإحياء العقلي. وكانت مقالاته تشع بالحكمة والفلسفة اللتين كانتا مطمع نظره واكثر ما يهمهه أن ينتشر فکره بین مريديه سواء کانوا من أهل الفكر أو لم يكونوا. ومن أقوال

وكذلك فإن الأمة الإسلامية، عندما تفشت فيها تعاليم دهرية الباطنية، انهارت وخضعت للاستعمار، وفي أوروبا أحيا الفولتير وروسو