لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

ويلزمنا خصوصاً معدات للقيام بأعمال الحفر. أخشى ألا نتمكن من تنفيذ مشروعك على
عوضاً عن الإجابة المباشرة، هتف الشيخ الذي كان قد صعد إلى سيارته اللاندروفر
- سوف أعود بعد بضعة أيام. انطلقت السيارة محدثة غيمة من الغبار ووجهتها الساحل. لمن كانوا على معرفة جيدة بالرجل كان من الواضح أنه في مزاج عكر. قاد بسرعة قصوى إلى أن توقف أمام مدخل الحصن. كان المبنى المحصن بأربعة أبراج صغيرة في زواياه، وثلاثة أبراج مربعة الشكل مسننة، يُشرف على مشهد شبحي. بضعة عرشان من سعف النخل، ونحو مائة بيت مبنية بالآخر توحي بأن المكان قرية صغيرة لا عاصمة إمارة. وصيادون ينصبون شباكهم على الشاطئ
الرملي. ترجل زايد من السيارة. حيا الحرس القائمين على المدخل. وبعد أن عبر فناء فسيحاً دخل إلى الجناح الأيمن للمبنى وصعد ممراً طويلاً مجتازاً صفاً من الغرف. لم يجد صعوبة في التعرف إليه: إنه بيري غوردون مندوب جلالة الملك جورج السادس المفوّض بالعلاقات البريطانية في المنطقة. عندما أصبح في موازاة زايد توقف وانحنى واضعاً يده على
رطن بعربية ذات إيقاع إفرنجي. أو لنقل بأحسن ما يمكن. يقيناً. هر زايد رأسه. أدرك ذلك. لكن ما من مشكلة إلا ولها حلّ لأن
الحل بأيدينا. دبي
من الواضح أن الجواب لم يرضه. - اسمح لي بالانصراف أمامي طريق طويل للوصول إلى
بأمان الله، سيد غوردون. سوف نلتقي مجدداً بالتأكيد. حياه الإنجليزي واتجه بخطوات واسعة نحو المخرج. شيعه زايد بالنظر للحظات قبل أن يدخل إلى الغرفة التي كان المندوب الإنجليزي قد غادرها. غرفة بسيطة لها منور وحيد ينفذ منه شعاع الشمس الشاحب الأرض مفروشة بالسجاد والأثاث يقتصر على مقعد طويل منجد يحاذي أحد الجدران مغطى بمخدات متعددة الألوان، حالما
قبل أن يأخذه بين ذراعيه. - أهلاً وسهلاً !
صفق بيديه. وأشار إلى كرسي. امتثل زايد فيما جلس شخبوط مقابله. سعيد جداً برؤيتك. أرى أننا قلما نلتقي. أفضل حالاً. كيف
حالك؟ كيف حال أمنا؟
بصري يخف، وعظامي تؤلمني. بعد ثلاثة أشهر أكمل الخامسة
والأربعين من العمر. تنتظر مولوداً. كان الخادم قد عاد حاملاً فنجانين صغيرين ودلة. قدم القهوة وانسحب باحترام. وولدي خليفة بلغ
عامه الثاني. ثم أعلن:
دائماً هذا النزاع الحدودي. لا ينتهي. هر زايد رأسه. وفي ما يخص زايد كان همه الوحيد تجنّب سفك الدماء مهما كان الثمن في رأيه أنه لا يمكن لعربي، ولا ينبغي له أن يسفك دم
عربي آخر. رفع شخبوط الفنجان إلى شفتيه. وتابع الرجلان حوارهما المفعم دمائةً إلى أن قرّر زايد أن يفصح عن سبب زيارته. اسمح لي أن أكلمك بصراحة. - أليس هذا ما اعتدنا عليه؟ أسمعك. نهض الشيخ مسح براحته تجعيداً خفياً في كندورته. وتقدم نحو المكتب بوقار. لا يغرب عنك أن العين منطقة زراعية على مدار السنة، وترتبط كثيراً بالمياه المنحدرة من جبل حفيت. هذه المياه بحاجة إلى قنوات تجري فيها. جدنا، رحمه الله، كان يدرك أهمية هذه القنوات منذ بدء الأزمة المالية التي حاقت بنا - أتكلم طبعاً عن تدهور تجارة اللؤلؤ - لم نتمكن لعدم توافر الإمكانات من صيانة القنوات الموجودة. قاطعه شخبوط. - تريد أن تتكلم عن النفط. الساحل. ألا ترى أن بإمكاننا الإفادة من هذه العائدات؟
الاحتيال عليّ، وممثلهم المدعو لونغريغ، يهدد بمقاضاتي
في المحكمة. أخبرك في ما بعد. لنعد إلى مآخذك؟ ألم أبن خط أنابيب لنقل الماء من العين إلى هنا؟ وأعتزم إنشاء وحدتين لتحلية المياه. بلى يا أخي أعلم ذلك. وعلينا أن نسدّد مبلغ 23 ألف
دولار وعدنا بها المهندس الذي عاد أدراجه متأبطاً التصميمين. البنوك. المستشار المالي الذي اقترحوه علي كان أجنبياً! وأنا لا أريد أن يدس الأجانب أنوفهم في قضايا بلادنا. ارتسمت على شفتيه ابتسامة وأضاف:
- لكن ذلك لا يمنع من اختباري لهم في أي وقت للتأكد
من جاهزيتهم لإمدادي بأي مبلغ في أي وقت. - ولكن المستقبل لا ينتظر أحداً يا أخي، إليه. هذه المرة وقف شخبوط. حدق في عيني أخيه ثم قال بصوت بالغ التأثر :
- أنا قلق يا زايد قلق من أن تفقد بلادنا أصالتها. «تقدم». ولا طرق، لماذا هذا الإصرار على تغيير ما نحن فيه؟ نعم، أعلم أنك سترد علي قائلاً إن الآخرين قد بنوا مستشفيات ومدارس. لكن لماذا نقلد ما يفعلونه؟ بما أنك تحدثني عن مدارس، وليس لدينا معلمون؟
- نعم، أفهمك. يتولاه إلا معلمون من بلادنا. الأصالة والهوية. الرأي، لكنهما يدعمانني. قدم الخادم لهما القهوة ثانية وهمس:
العشاء جاهز. ولما لم يكن زايد قد أجاب بعد، كرر شخبوط السؤال. وبصفتي مواطناً أوليك طاعتي واحترامي، لا ريب في أن شخبوط تأثر بهذه المحادثة لأنه بعد أسبوعين على لقائنا أمدني بالوسائل اللازمة لبدء الأشغال. على مدى الأزمان كان الوصول إلى الماء امتيازاً في العين. كان موقوفاً على عائلات الوجهاء، هذا ما أعتبره إجحافاً. ولقد
كان المشروع معقداً، خصوصاً ونحن لا نملك أية معدات حديثة. ومرة أخرى واجهتنا
الحقيقة القاسية: عدم وجود المعدات المناسبة. هكذا شرح الأمر فارس صديق العمر، الذي كان يقال عنه: «له قوة الأسد وقلب حمل». كنت أوده كثيراً. لم
وذلك لا يعنيني: كان اسمه فارس. وأنت يا زايد متفائل جداً. كنت تقول: «هنا ستقوم مدرسة ذات يوم، وهناك مستشفى، وهنالك مدرسة أخرى» ينقصنا الماء لكن
دماغك غارق. يحلم. وأعلنت مشدداً على
الكلمات:
هنا ستقوم ذات يوم مدرسة، وهناك مستشفى. أنت امرؤ لا يمكن تقويمه
- لا، لدي الحل. بما أننا لا نملك الوسائل
سوف نوجه نداء إلى جميع الرجال ذوي النيات الحسنة
حالما تحفر البئر الأم ويتم الوصول إلى الماء نوصله بأفلاج". هكذا نكون شبكة. رفع فارس يده إلى جبهته. - يا الله لست جاداً، يا زايد. حوالي أربعين متراً في الأرض الوعرة وصولاً إلى مجرى الماء
في الظلمة. هذا مستحيل.


النص الأصلي


  • زايد، نحتاج إلى المال، ويلزمنا خصوصاً معدات للقيام بأعمال الحفر. أخشى ألا نتمكن من تنفيذ مشروعك على


الوجه الأكمل.


عوضاً عن الإجابة المباشرة، هتف الشيخ الذي كان قد صعد إلى سيارته اللاندروفر



  • سوف أعود بعد بضعة أيام.


انطلقت السيارة محدثة غيمة من الغبار ووجهتها الساحل. لمن كانوا على معرفة جيدة بالرجل كان من الواضح أنه في مزاج عكر.


قاد بسرعة قصوى إلى أن توقف أمام مدخل الحصن. كان المبنى المحصن بأربعة أبراج صغيرة في زواياه، وثلاثة أبراج مربعة الشكل مسننة، إضافة إلى سقيفة تعلوها قبة، يُشرف على مشهد شبحي. بضعة عرشان من سعف النخل، ونحو مائة بيت مبنية بالآخر توحي بأن المكان قرية صغيرة لا عاصمة إمارة. وغير بعيد تلوح بضعة سنابيك هائمة على وجه البحر، وصيادون ينصبون شباكهم على الشاطئ


الرملي.


ترجل زايد من السيارة. حيا الحرس القائمين على المدخل. وبعد أن عبر فناء فسيحاً دخل إلى الجناح الأيمن للمبنى وصعد ممراً طويلاً مجتازاً صفاً من الغرف. وعندما هم بدخول إحدى تلك الغرف رأى رجلاً أصهب الشعر يرتدي زي الجيش البريطاني خارجاً منها. لم يجد صعوبة في التعرف إليه: إنه بيري غوردون مندوب جلالة الملك جورج السادس المفوّض بالعلاقات البريطانية في المنطقة.


عندما أصبح في موازاة زايد توقف وانحنى واضعاً يده على


قلبه.


السلام عليكم، رطن بعربية ذات إيقاع إفرنجي.



  • كيف حالك يا مستر غوردون؟


جيد جداً، يا شيخ زايد، أو لنقل بأحسن ما يمكن. ولولا بعض المشكلات الحدودية لكنت بحال أفضل بكثير


يقيناً.


هر زايد رأسه.


نعم، أدرك ذلك. لكن ما من مشكلة إلا ولها حلّ لأن


الحل بأيدينا.


دبي


عبس الإنجليزي. من الواضح أن الجواب لم يرضه.



  • اسمح لي بالانصراف أمامي طريق طويل للوصول إلى


بأمان الله، سيد غوردون. سوف نلتقي مجدداً بالتأكيد.


حياه الإنجليزي واتجه بخطوات واسعة نحو المخرج. شيعه زايد بالنظر للحظات قبل أن يدخل إلى الغرفة التي كان المندوب الإنجليزي قد غادرها. غرفة بسيطة لها منور وحيد ينفذ منه شعاع الشمس الشاحب الأرض مفروشة بالسجاد والأثاث يقتصر على مقعد طويل منجد يحاذي أحد الجدران مغطى بمخدات متعددة الألوان، وبكرسيين ومكتب... خلفه رجل مائل برأسه على أوراق يقرأها أول ما يصدم في مظهره شحوب ملامحه. هو رجل نحيل قسماته دقيقة ومنتظمة تزينها لحية سوداء مشذبة وعينان واسعتان داكنتان. حالما


رأى الزائر ارتسمت على شفتيه ابتسامة عريضة. كان ذلك هو الشيخ شخبوط نهض بعفوية وأسرع نحو أخيه ليحييه أنفاً لأنف تبعاً للعادة، قبل أن يأخذه بين ذراعيه.



  • أهلاً وسهلاً !


صفق بيديه. فظهر خادم كما لو بفعل سحر.



  • أحضر القهوة، وليعدوا العشاء.


وأشار إلى كرسي.



  • تفضّل، اجلس


امتثل زايد فيما جلس شخبوط مقابله.


سعيد جداً برؤيتك. أرى أننا قلما نلتقي. ينبغي أن أذهب لزيارتك في العين ولا سيما أنني هناك أشعر بأنني


أفضل حالاً.



  • غني عن القول طبعاً أنك تكون هناك في منزلك. كيف


حالك؟ كيف حال أمنا؟



  • أمنا، حفظها الله، بصحة جيدة. أما في ما يخصني فلا أعلم شيئاً. منذ بعض الوقت ما عدت أدري ما بي، بصري يخف، وعظامي تؤلمني. بعد ثلاثة أشهر أكمل الخامسة


والأربعين من العمر.



  • هيا أنت شاب وزوجتك الشيخة مريم؟


تنتظر مولوداً.


كان الخادم قد عاد حاملاً فنجانين صغيرين ودلة.


قدم القهوة وانسحب باحترام.


هزاع متوعك قليلاً، لكنه بخير. وولدي خليفة بلغ


عامه الثاني.


ثم أعلن:



  • رأيت للتو بيري غوردون، كان معتماً.


دائماً هذا النزاع الحدودي. لا ينتهي.


هر زايد رأسه. كان الموضوع واحة البريمي، وفي ما يخص زايد كان همه الوحيد تجنّب سفك الدماء مهما كان الثمن في رأيه أنه لا يمكن لعربي، ولا ينبغي له أن يسفك دم


عربي آخر.


رفع شخبوط الفنجان إلى شفتيه. وتابع الرجلان حوارهما المفعم دمائةً إلى أن قرّر زايد أن يفصح عن سبب زيارته.




  • أخي، اسمح لي أن أكلمك بصراحة.




  • أليس هذا ما اعتدنا عليه؟ أسمعك.




نهض الشيخ مسح براحته تجعيداً خفياً في كندورته.


وتقدم نحو المكتب بوقار.


يا أخي، لا يغرب عنك أن العين منطقة زراعية على مدار السنة، وترتبط كثيراً بالمياه المنحدرة من جبل حفيت. هذه المياه بحاجة إلى قنوات تجري فيها. جدنا، رحمه الله، كان يدرك أهمية هذه القنوات منذ بدء الأزمة المالية التي حاقت بنا - أتكلم طبعاً عن تدهور تجارة اللؤلؤ - لم نتمكن لعدم توافر الإمكانات من صيانة القنوات الموجودة. وهذا ما أدى إلى جفاف بعض الأفلاج وانسداد غيرها بفعل الرواسب.


والحال أننا نمتلك منذ بعض الوقت موارد أخرى من....


قاطعه شخبوط.




  • تريد أن تتكلم عن النفط.




  • 115 ألف روبية من العقد المبرم مع شركة تطوير بترول




الساحل. ألا ترى أن بإمكاننا الإفادة من هذه العائدات؟


بدا شخبوط مرهقاً.



  • أنا في حالة نزاع مع هذه الشركة. يحاول مسؤولوها


الاحتيال عليّ، وممثلهم المدعو لونغريغ، يهدد بمقاضاتي


في المحكمة.



  • ما هي الأسباب؟


أخبرك في ما بعد. لنعد إلى مآخذك؟ ألم أبن خط أنابيب لنقل الماء من العين إلى هنا؟ وأعتزم إنشاء وحدتين لتحلية المياه. وطلبت من مهندس أن يضع تصميماً لمرفاً.


بلى يا أخي أعلم ذلك. وعلينا أن نسدّد مبلغ 23 ألف


دولار وعدنا بها المهندس الذي عاد أدراجه متأبطاً التصميمين. وينبغي أن نستمر في شق الطرق وبناء المدارس والمستشفيات واستيراد الأجهزة والاستعانة بمستشارين ماليين والتعامل مع


البنوك.


المستشار المالي الذي اقترحوه علي كان أجنبياً! وأنا لا أريد أن يدس الأجانب أنوفهم في قضايا بلادنا. أما بشأن البنوك فقد قبلت مؤخراً بالتعامل معها وفتحت حساباً مصرفياً.


ارتسمت على شفتيه ابتسامة وأضاف:



  • لكن ذلك لا يمنع من اختباري لهم في أي وقت للتأكد


من جاهزيتهم لإمدادي بأي مبلغ في أي وقت.



  • ولكن المستقبل لا ينتظر أحداً يا أخي، علينا أن نذهب


إليه.


هذه المرة وقف شخبوط.


حدق في عيني أخيه ثم قال بصوت بالغ التأثر :



  • أنا قلق يا زايد قلق من أن تفقد بلادنا أصالتها. يقرعون أذني كل يوم بهذه الكلمة: «تقدم»، «تقدم». ما هو التقدم؟ تطوير الفرد ؟ أو تطوير المنافع المادية؟ لكنني أقول إن ما يسمونه التقدم ما هو إلا استبدال مشكلة بأخرى. لقد عشنا حياة طيبة على مدى قرنين من دون سيارات، ولا طرق، ولا كهرباء، لا شيء سوى مهارتنا وتقاليدنا. لماذا هذا الإصرار على تغيير ما نحن فيه؟ نعم، أعلم أنك سترد علي قائلاً إن الآخرين قد بنوا مستشفيات ومدارس. لكن لماذا نقلد ما يفعلونه؟ بما أنك تحدثني عن مدارس، ما الفائدة من بنائها


وليس لدينا معلمون؟


ما إن هم زايد بالرد حتى أكمل الشيخ شخبوط حديثه:



  • نعم، أفهمك. تريد أن تقول لي إن بوسعنا أن نأتي بهم من الخارج. أنا أرفض ذلك التعليم عمل مقدس ولا ينبغي أن


يتولاه إلا معلمون من بلادنا.


أخذ نفساً قصيراً.


تريد أن تعلم ما هو التقدم في نظري؟ إنه خطر يهدد


الأصالة والهوية.


خيم صمت ثقيل قبل أن يستعيد زايد دوره في الكلام.




  • ما رأي هزاع وخالد في ذلك؟




  • تريد أن أجيبك بصراحة؟ أشعر بأن أخوي لا يوافقانني




الرأي، لكنهما يدعمانني. وأنت؟


قدم الخادم لهما القهوة ثانية وهمس:


العشاء جاهز.


ولما لم يكن زايد قد أجاب بعد، كرر شخبوط السؤال.


اقترب أخوه منه وأحاطه بذراعيه وقبل جبهته.



  • أنت أخي الكبير وأنت قائدنا بصفتي أخاك أمنحك حبي وولائي، وبصفتي مواطناً أوليك طاعتي واحترامي،


وسأبقى هكذا دائماً، ما قدر الله لنا من حياة.


لا ريب في أن شخبوط تأثر بهذه المحادثة لأنه بعد أسبوعين على لقائنا أمدني بالوسائل اللازمة لبدء الأشغال.


على مدى الأزمان كان الوصول إلى الماء امتيازاً في العين. كان موقوفاً على عائلات الوجهاء، أما الآخرون فلا يصلون إليه إلا بقدر إمكاناتهم المتواضعة. هذا ما أعتبره إجحافاً. الماء يجب أن يكون في متناول الجميع، أغنياء وفقراء. ولقد


عزمت على إنهاء هذا الوضع.


قررت في المرحلة الأولى تنظيف قنوات الري المكتظة بر كام من الحجارة أو المسدودة بالرمل. كان المشروع معقداً، خصوصاً ونحن لا نملك أية معدات حديثة. استغرق التنفيذ وقتاً طويلاً وكان العمل شاقاً وعندما انتهى تبين أن المنسوب لن يكون كافياً لتلبية احتياجات جميع السكان. ما العمل؟ لا بد من العثور على مصادر تموين جديدة. ومرة أخرى واجهتنا


الحقيقة القاسية: عدم وجود المعدات المناسبة.



  • هذا محزن، لكن الإناء ينضح بما فيه. وإناؤنا فارغ.


هكذا شرح الأمر فارس صديق العمر، الذي كان يقال عنه: «له قوة الأسد وقلب حمل». كنت أوده كثيراً. كنا يكمل أحدنا الآخر. حيث أرى البحر يرى هو مركباً. لم


أعرف أصله أبداً، وذلك لا يعنيني: كان اسمه فارس.


أجبته:



  • أنت متشائم جداً، يا أخي.


وأنت يا زايد متفائل جداً. لاحظتك أمس. انعقد لساني عندما رأيتك ترسم بعضاً خطوطاً على الرمل وسمعتك تتكلم وحدك. كنت تقول: «هنا ستقوم مدرسة ذات يوم،


وهناك مستشفى، وهنالك مدرسة أخرى» ينقصنا الماء لكن


دماغك غارق.



  • ماذا تريد ؟ المتفائل يحلم لينسى والمتشائم ينسى أن


يحلم.


أشرت إلى فضاء يكثر فيه النخيل، وأعلنت مشدداً على


الكلمات:


نعم. هنا ستقوم ذات يوم مدرسة، وهناك مستشفى.


أنت امرؤ لا يمكن تقويمه



  • لا، يا صديقي، لدي الحل. بما أننا لا نملك الوسائل


الفعالة فسوف نستخدم الوسائل التي وهبتنا إياها الطبيعة. ونذهب للبحث عن الماء حيث ينتظرنا في الطبقات الجوفية.


سوف نوجه نداء إلى جميع الرجال ذوي النيات الحسنة


حالما تحفر البئر الأم ويتم الوصول إلى الماء نوصله بأفلاج".


هكذا نكون شبكة.


رفع فارس يده إلى جبهته.



  • يا الله لست جاداً، يا زايد. أتدري ما يعنيه ذلك؟ حفر


حوالي أربعين متراً في الأرض الوعرة وصولاً إلى مجرى الماء


في الظلمة. هذا مستحيل.




  • لا، إذا اشترك فيه كل الرجال القادرين على العمل.




  • لكننا لا نملك روبية واحدة لمكافأتهم.




سوف يعملون مجاناً. سأقنعهم.




  • كيف؟




  • بأن أوضح لهم أن هذا المشروع لمصلحتهم، بفضله لن يعودوا يخافون الجفاف، لا هم، ولا أولادهم، ولا مواشيهم. ثم إن الرسوم الصغيرة التي نجبيها عن المشروع سوف تستثمر فوراً لخلق أفلاج جديدة، وهذه المياه المستخرجة من أعماق




الأرض تصبح ملكاً مشتركاً لجميع السكان.


حل صمت لا يكاد يخرقه حفيف مرور الريح بسعف


النخيل.


جيد جداً، تنهد صديقي، كما في القول القديم: «إن تقدمت من وإن تراجعت من. فلماذا التراجع؟».


في اليوم نفسه قمت بجولة على رجال القبائل. زرت كل بيت، وتحدثت مع رب كل أسرة، وعرضت عليهم مشروعي. لم يكونوا بحاجة إلى التشاور، وكان رد فعلهم واحداً. - مجاناً، العمل مجاناً؟ أفلا يستحق كل جهد أجراً؟



  • هل يُدفع لكم أجر لكي تتنفسوا؟ الماء والهواء ملك لجميع الكائنات. انظروا أولاً إلى الفوائد التي ستجنونها أنتم


وعائلاتكم من هذه القنوات الجديدة.



  • لكن لا أحد اندفع في مثل هذا المشروع من الصعب جداً تحقيقه ليس لدينا المؤهلات اللازمة لإنجاحه. استمر الجدل مدة طويلة إلى أن صاح فارس

  • يا إخواني نحن لا نجرؤ على الأشياء لأنها صعبة، بل إنها صعبة لأننا لا نجرؤ عليها. هيا! أين ذهبت نخوتكم البدوية؟ أين شجاعتكم؟ أين ثباتكم؟


أصابتهم كلمات صديقي في الجانب الأكثر حساسية لدينا الكبرياء. قبلوا التحدي.


عهدت إلى أهالي العين بمهمة حفر البئر الأم وكلفت عدداً من الأشخاص بشق الصاروج. بناء على التصاميم التي وضعتها كان على الماء أن يجري في هذا الفلج ثم يمر في قنوات ثانوية في ساعات معينة، وعلى فترات منتظمة. والهدف هو توزيع الماء على السكان بالتساوي لقاء رسم زهيد. غير أن الإنصاف لم يعمر طويلاً، ويا للأسف! سارعت العائلات الأكثر غنى إلى شراء كميات كبيرة من الماء لكي تعود فتبيعها بسعر أكبر مرتين أو ثلاث مرات إلى العائلات الأكثر فقراً. والذين لا يقدرون على الدفع باتوا محرومين من


الماء.


الغضب ليس من شيمي. ولكن كيف لي أن أتمالك نفسي أمام ما كنت أعتبره عملاً من أعمال القرصنة؟ على مدى أيام طويلة جهدت في محاولة إعادة المسؤولين عن هذا الانحراف إلى رشدهم بلا جدوى ما يفعلونه هو في نظرهم تجارة. وما من قانون يمكن أن يمنعهم من التجارة. لغياب أي حل آخر، قررت أن أتخذ قراراً قاسياً. جمعت الوجهاء وأبلغتهم:



  • من اليوم فصاعداً يصبح ماء الصاروج للفقراء وحدهم.


والذين يجمعون الثروات من مصائب غيرهم لن يعود لهم حق


في هذا الماء.


وأضفت:


سوف تكتفون بأخذ الماء من الأفلاج القديمة، ولن تحصلوا على قطرة زيادة. أما أنا فأتخلى عن الرسم المحبى


وأطلب من عائلتي وأصدقائي أن يقتدوا بي.


لكن هؤلاء الأغنياء أدركوا بخفاء أنهم لن يحصلوا، آجلاً


أو عاجلاً، على ما يكفي من الماء لإرواء عطشهم أو ري مزروعاتهم، فوضعوا حداً لتجارتهم غير المشروعة. هكذا بات الحصول على الماء متاحاً للجميع من دون قيد ولا


شرط.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Speech Act Theo...

Speech Act Theory The Speech Act Theory was first formulated by the philosopher John Austin (1962) a...

Pathophysiology...

Pathophysiology Gram-negative bacteria traditionally have been the most commonly implicated microor...

and missionary ...

and missionary activity were needed to restore the faiths. Generally however, religious belief, obse...

خرجت آن لتلعب م...

خرجت آن لتلعب مع ديانا وحددت لها ماريال نصف ساعة وتعود للبيت لكي تقوم بعملها ولكن غابت آن كثيرا فطلب...

- لماذا تدرس من...

- لماذا تدرس منهجية البحث في الجامعات. ؟ والجواب على السؤال هو: إعداد ...

Over the last 3...

Over the last 30 years the profession of executive housekeeping has passed from the realm of art to ...

عقارإكس أو بالإ...

عقارإكس أو بالإنجليزية AQARX هي شركة عقارية متخصصة في مجال بناء وبيع المنازل أو الوحدات السكنية وال...

مقدمة الطبعة ال...

مقدمة الطبعة الجديدة الإصدار الجديد - الطبعة الأولى (2003) لقيت الطبعات السابقة من هذا الكتاب قبول...

تعتبر الاسرة ال...

تعتبر الاسرة اللبنة الأولى في كيان المجتمع، وهي الأساس المتين الدي يقوم عليه هدا الكيان، فبصلاح الأس...

Murals can be p...

Murals can be painted everywhere. For example, on wood, plastic or anything else. Here are some simp...

ان نتائج استثما...

ان نتائج استثمار الجهود في العلاقات العامة لايتم بصفة فورية او سريعة ولكن يعتمد في ذلك على تكوين الا...

I -الجزء التطبي...

I -الجزء التطبيقي سنعتمد في الجانب التطبيقي للدراسة على دراسة حالة البنك الوطني الجزائري، من خلال اج...