لخّصلي

1- الأمان: ثم جدد الأمان عدة مرات لأهل الريف والصعيد وجدد أيضا الأهل الفسطاط في منتصف شعبان عام 358هـ / 969م، كما أسلفنا. كما أبعدوا المغاربة، عن السكني في مدينة الفسطاط فكان جوهر ينادي كل عشاء ألا يبقى في المدينة أحدا من المغاربة كما أنه كان يعاقب المغاربة الذين كانوا يحاولون أن يضايقوا المصريين، نهبت المغاربة مواضع بمصر فثارت الرعية، أما في عام 363ھ / 973 م ، تبسطت المغاربة في نواحي القرافة ، فخرج الناس واستغاثوا إلى المعز ، وركب المعز بنفسه حتى شاهد المواضع التي ينزلون فيها ، لأنهم جند الدولة ومع ذلك وجدنا المغاربة بعد أشهر قليلة من نفس السنة يقومون بالثورة في المقابر ونهب الناس، وظل الأمر في العام الذي يليه عندما وقعت فتنة بين المصريين والمغاربة، وزادت تصرفات المغاربة سوءا؛ وامتدت أيديهم إلى أخذ الحرم في الطرقات، 3- العمل في الدواوين: وكان موظفو الإدارة في الغالب من الأقباط الذين كانوا يشكلون ثلث السكان ولقد استخدموا في أعلى المناصب الإدارية كما يذكر المؤرخون. خاصة في أثناء حكمهم حتى أنالمقريزي يذكر: " أن جوهرا لم يدع عملا إلا وجعل فيه مغربيا شريكا لمن فيه "، لكن هذا الأمر لم يستمر وذلك؛ لأن المغاربة كانوا يجهلون شئون الإدارة المصرية وكان الغرض من مشاركة المغارية في أول الأمر هو محاولة الحكام الجدد زيادة قبضتهم على البلاد، لاسيما وأن المغاربة سرعان ما تحولوا عن الإخلاص للفاطميين، مما جعل الفاطميين يبعدونهم عن السيطرة عن الأعمال الإدارية لذلك بقيت الدواوين في أيدي المصريين. وعمل أهل الذمة من قبط ويهود في دواوين مصر خاصة المالية وجميع فروع الإدارة، وربما يرجع ذلك التغلغل إلى تسامح الفاطميين مع أهل الذمة حتى وجدنا بعض أهل الذمة قد وصل إلى منصب الوزارة مثل ابن كلس ولقد انعكس هذا التغلغل على الشعر، ومنه العز فيهم والمال عندهم يا أهل مصر أنى نصحت لكم

سياسة الاحتواء والاهتمام بأحوال الرعبة

1- الأمان:

أما أهداف الفاطميين من فكان أهمها التقرب من المصريين حتى يتفرغوا لأهدافهم الحربية في توحيد دار الإسلام لنشر المذهب الشيعي، كما أسلفنا لذلك عملوا على احتواء المصريين من خلال عدة إجراءات بهدف التقرب من المصريين فأعلنوا لأهل مصر - الأمان للوفد الذي ندب لمقابلة جوهر، وكان يرأسه جعفر بن الفرات وأحد الأشراف، ثم جدد الأمان عدة مرات لأهل الريف والصعيد وجدد أيضا الأهل الفسطاط في منتصف شعبان عام 358هـ / 969م، كما أسلفنا.

2- إبعاد المغاربة

كما أبعدوا المغاربة، عن السكني في مدينة الفسطاط فكان جوهر ينادي كل عشاء ألا يبقى في المدينة أحدا من المغاربة كما أنه كان يعاقب المغاربة الذين كانوا يحاولون أن يضايقوا المصريين، وهذا يؤكد لنا أن المغاربة قد أثاروا المتاعب خاصة في عهد المعز الذي آثر سكناهم خارج مصر، وقد أسكنهم مدينة القاهرة ولم يسمح لهم بالنزول في مدن المصريين، ونقل بعضهم إلى عين شمس وكان ذلك المراعاة للمصريين.

ولعل ما قام به المغاربة في مصر يبين حرص الخلافة ومن البداية على إبعادهم تجنبا لغضب المصريين، فيذكر المؤرخون، لاسيما المقريزي، أنه في عام 361هـ /971م، نهبت المغاربة مواضع بمصر فثارت الرعية، واقتتلوا قتالا شديدا، وغرم جوهر للناس ما نهب لهم، وفي العام التالي كانت فتنة في البلد نهبت المغاربة فيها جماعة من الرعية، فركب جوهر في طلب النهابة وأخذهم وجلدهم. أما في عام 363ھ / 973 م ، تبسطت المغاربة في نواحي القرافة ، فنزلوا في الدور وأخرجوا الناس من دورهم ، ونقلوا السكان وشرعوا في السكني في المدينة ، وكان المعز أمرهم أن يسكنوا في أطراف المدينة ، فخرج الناس واستغاثوا إلى المعز ، فأمر أن يسكنوا في عين شمس ، وركب المعز بنفسه حتى شاهد المواضع التي ينزلون فيها ، ولم يكن جوهر يبيح لهم سكني المدينة ولا المبيت فيها ، وحظر ذلك عليهم ، لذا كان ينادي عليهم كل عشاء كما بينا . ولعل السماح لهم من المعز كان الغرض منه عدم التضييق
الشديد أيضا على المغاربة ؛ لأنهم جند الدولة
ومع ذلك وجدنا المغاربة بعد أشهر قليلة من نفس السنة يقومون بالثورة في المقابر ونهب الناس، فأنكر المعز وقبض على جماعة. وظل الأمر في العام الذي يليه عندما وقعت فتنة بين المصريين والمغاربة، فتم القبض على جماعة منهم وضربوا. وزادت تصرفات المغاربة سوءا؛ لأن بعض رجال الدولة استفادوا من هذه الظروف حتى أن ابن عمار اصطنع أحداث المغاربة، فكثر عبث أشرارهم، وامتدت أيديهم إلى أخذ الحرم في الطرقات، وكثرت الشكاوى منهم. ويتضح مما سبق، أنه رغم عنف الجند المغاربة بالمدنيين من المصريين؛ فإن الخلافة كانت حريصة على إبعاد هذا الخطر بشتى الطرق حرصا على المصريين.
3- العمل في الدواوين:

وقد أبقى جوهر طبقة الموظفين في عهد الفاطميين على ما كانت عليه قبل مجيئهم مصر التي تتكون أصلا من أهل الذمة لكن الوظائف الكبيرة قد شغلها موظفون كبار من الشيعة المخلصين لعقيدة الدولة. وهذا يبين أن جوهرا استخدم المصريين في العمل بالدواوين على الرغم من أنها كانت مجموعة بالقصر الفاطمي تحت إشراف الخلفاء. وكان موظفو الإدارة في الغالب من الأقباط الذين كانوا يشكلون ثلث السكان ولقد استخدموا في أعلى المناصب الإدارية كما يذكر المؤرخون.
هذا فضلا عن اشتراك المغاربة في إدارة البلاد، خاصة في أثناء حكمهم حتى أنالمقريزي يذكر: " أن جوهرا لم يدع عملا إلا وجعل فيه مغربيا شريكا لمن فيه "، لكن هذا الأمر لم يستمر وذلك؛ لأن المغاربة كانوا يجهلون شئون الإدارة المصرية وكان الغرض من مشاركة المغارية في أول الأمر هو محاولة الحكام الجدد زيادة قبضتهم على البلاد، لاسيما وأن المغاربة سرعان ما تحولوا عن الإخلاص للفاطميين، مما جعل الفاطميين يبعدونهم عن السيطرة عن الأعمال الإدارية لذلك بقيت الدواوين في أيدي المصريين.

وعمل أهل الذمة من قبط ويهود في دواوين مصر خاصة المالية وجميع فروع الإدارة، كما ازدادت أعدادهم في دواوين الإنشاء أيضا، وربما يرجع ذلك التغلغل إلى تسامح الفاطميين مع أهل الذمة حتى وجدنا بعض أهل الذمة قد وصل إلى منصب الوزارة مثل ابن كلس ولقد انعكس هذا التغلغل على الشعر، ومنه

يهود هذا الزمان قد بلغوا

غاية أمالهم وقد ملكوا

العز فيهم والمال عندهم

ومنهم المستشار والملك

يا أهل مصر أنى نصحت لكم

تهودوا، قد تهود الفلك

وقد أثار هذا التغلغل حفيظة بعض الخلفاء الذي عملوا على الحد من استخدام أهل الذمة في الدواوين منهم الحاكم الذي كان ينتقم من الكتاب النصارى المنحرفين ففرض عليهم حمل علامات خاصة لتميزهم عن الموظفين المسلمين، فكان الموظفون من أهل الذمة، يعقدون الزنانير في أوساطهم ويلبسون العمائم السود على رءوسهم.

-4 معاملة أهل الذمة

وهذا الموضوع كنا قد طرقناه سلفا أثناء حديثا عن الاعتماد على أقباط مصر في دولاب العمل الإداري، وكذلك سيتضح اهتمام الخلافة بالذميين من خلال الاحتفال بأعيادهم والسماح للمسلمين بمشاركتهم فيها، وكان من مظاهر معاملة أهل الذمة هو إذا تولي البطريرك القبطي سلطته الدينية استقبله الخليفة الفاطمي استقبالا رسميا في قصره، وهذا الاستقبال يقف دليلا على ما ناله النصارى على وجه الخصوص من رعاية واهتمام، كما كانت الأديرة النائية تحظى برعاية الخلفاء الفاطميين وزيارتهم.

ومنها مما يدل على رعاية الخلفاء الفاطميين، فعندها خرج الخليفة الأمر في رحلة صيد بالقرب من الجيزة منح رهبانه المال, وكذلك هناك سجلات حفظت في دیر سانت کاترین مرسلة من قبل الخلفاء والوزراء الأقوياء لتامين الرهبان في هذا الدير على أرواحهم وممتلكاتهم مثل تلك السجلات المرسلة من الخليفة الحافظ ، كما كان الخليفة الفائز متسامحا مع اليهود والنصارى ويؤكد ذلك المنشور الذي أصدره إلى رجاله في شبه جزيرة سيناء بأمرهم : " بان يشملوا الرهبان بالرعاية والعناية " ، كذلك يتضح حرص الخلفاء الفاطميين على رعاية أهل الذمة من انفاق الأموال الطائلة على نفقة وصيانة المؤسسات الدينية اليهودية والمسيحية, فكانت أكاديمية فلسطين تتسلم منحة ثابتة للنفقة عليها وصيانتها من قبل الخلفاء كذلك منح بيت تعليم

الدين اليهودي بالقاهرة منحة ثابتة.

كما كثر إنشاء الكنائس بمدينة القاهرة حاضرة الفاطميين ، وهذا الأمر لا يبدو غريبا ؛ لأن الفاطميين كانوا أكثر الحكام تسامحا تجاه أهل الذمة وذكر المقريزي كثيرا من الكنائس التي أنشئت في عصرهم فمع مجيئ جوهر إلى مصر وإنشائه المدينة القاهرة اضطر إلى هدم دير بالقرب من المدينة الجديدة فبنى ديرا آخر سمى بدير الخندق عوضا عن الدير الذي هدمه، كما كثرت الديارات بعد ذلك لاسيما الخاصة