يعتبر رأس المال الفكري أحد المفاهيم الأساسية في عالم الأعمال والإقتصاد الحديث، الذي يتعلق بالخبرات والمهارات التي تمتلكها المؤسسة، والتي تسهم في تطويرها وتحقيق التفوق لها في السوق. وفي هذا المبحث سيتم التطرق في مضمونه إلى مفهوم رأس المال الفكري وخصائصه، أهميته وأهدافه، بالإضافة إلى مكوناته.
المطلب الأول: مفهوم رأس المال الفكري
أولا: تعريف رأس المال الفكري
أقدم العديد من الباحثين على إعطاء تعريف لرأس المال الفكري وإختلفت التعريفات كل حسب وجهة نظره، لذلك يمكن تجميعها في الجدول التالي:
الجدول رقم 1: مفاهيم رأس المال الفكري
الباحثین مضمون مفهوم رأس المال الفكري
Youndt
1996 قدرات متميزة يتمتع بها عدد محدود من الأفراد العاملين في المؤسسة، وتمكنهم من تقديم إسهامات فكرية التي تمكن المؤسسة من زيادة إنتاجيتها وتحقيق مستويات أداء عالية مقارنة بالمؤسسات المماثلة .
Edvinsson
1997 يتضمن الموارد والموجودات غير الملموسة التي يمكن استخدامها من قبل المؤسسة لإيجاد القيمة عن طريق تحويلها إلى عمليات جديدة وسلع وخدمات .
Stewart
1997 هو المعرفة والمعلومات وحقوق الملكية الفكرية والخبرات التي يمكن توظيفها لإنتاج الثروة وتدعيم القدرات التنافسية للمؤسسة .
Ulrich
1998 مجموعة من المهارات المتوفرة في المؤسسة التي تتمتع بمعرفة واسعة تجعلها قادرة على جعل المؤسسة عالمية من خلال الاستجابات لمتطلبات الزبائن .
Sveiby
2001 مجموع الأفراد العاملين بالمؤسسة الذين يستخدمون كفاءاتهم في خلق القيمة و هذا من خلال عملية تحويل المعرفة الكائنة بالموارد الداخلية والخارجية للمؤسسة .
العنزي
2001 المعرفة المفيدة التي يمكن توظيفها واستثمارها بشكل صحيح لصالح المؤسسة .
Awad & Ghaziri
2004 مجموعة من الأفراد الذين يستخدمون عقولهم أكثر من استخدامهم لأيديهم، لأنهم يمتلكون خبرات، قيم، ثقافة، قدرة على الإبتكار والإبداع من أجل إيجاد حل متخصص أو خلق قيمة .
نغم حسين عبيد
2005 المقدرة العقلية القادرة على توليد أفكار جديدة ومناسبة وعملية (قابلة للتنفيذ) وتتمتع بمستوى عال من الجودة، وتمتلك القدرة على تحقيق التكامل والتناغم بين مختلف المكونات للوصول للأهداف المنشودة فضلا عن قدرتها رؤية المنظمة بمجموعها وإدراك الترابط بين الوظائف وأثر المتغيرات في أي منها تجاه المنظمة في مجموعها وعلاقاتها مع المجتمع .
حسين عجلان حسن
2013 القدرة العقلية ذات مستوى معرفي عال تملكها مجموعة محددة من العاملين دون غيرهم، وهو بذلك يمثل موجودات فكرية غير ملموسة لها الأثر الأكبر في زيادة الموجودات المادية الأخرى للمؤسسة ويساهم في تعظيمها .
المصدر: بالإعتماد على مجموعة من المصادر
بالنظر إلى ما تم التطرق إليه من مفاهيم متعددة لرأس المال الفكري، فإننا نجد أن رأس المال الفكري يعتبر عنصرا حيويا لنجاح المؤسسة، حيث يمكن إستثمار هذه الموارد الغير مادية بشكل فعال لتحقيق أهداف المؤسسة ورفع مستوى جودة المنتجات والخدمات المقدمة، وذلك من خلال توظيف القدرات العقلية والإبتكارية للعاملين وإستغلال مخزون المعرفة الأساسية بطريقة تعزز القيمة المضافة للمؤسسة.
وبالتالي من خلال ما سبق يمكن تعريف رأس المال الفكري بأنه مجموعة من الموارد والمعارف غير الملموسة التي تمتلكها المؤسسة وتستخدمها لتحقيق ميزة تنافسية. ويشمل ذلك المعرفة والمهارات والخبرات والعلاقات والعلامات التجارية وبراءات الإختراع.
بشكل عام، يمثل رأس المال الفكري الثروة الحقيقية ومصدرا للمؤسسات والتي يجب إدارتها واستثمارها بعناية لتحقيق التفوق والنجاح في بيئة الأعمال التنافسية.
ثانيا: خصائص رأس المال الفكري
يتميز رأس المال الفكري بعدة خصائص مختلفة، يمكن أن نحصرها فيما يلي:
1- خصائص تنظيمية
وترتبط تلك الخصائص بالبيئة المؤسسية التي تضمن تواجد رأس المال الفكري في جميع المستويات الإدارية، والمرونة التي تساعد على التجديد المستمر من خلال الأفراد، واحتواء التنظيم للعلاقات غير الرسمية والبعد عن المركزية في الإدارة.
2- خصائص مهنية
وترتبط تلك الخصائص بالعناصر البشرية داخل التنظيم وتتضمن امتلاك العديد من المهارات النادرة والخبرات المتراكمة بحيث يكون من الصعب استبدالهم، والتمتع بدرجة عالية من التعلم التظيمي، والتدريب الإثرائي.
3- خصائص شخصية
وترتبط بالعنصر البشري وبنائه الذاتي، وتتضمن الميل إلى تحمل المخاطر والإقدام على الأعمال والأنشطة المجهولة وحب العمل في ظل حالات عدم التأكيد والإستفادة من خبرات الآخرين أي الإنفتاح على خبرات الآخرين، ويتضمن كذلك المبادرة بتقديم أفكار ومقترحات بناءة.
كما يمكن أن نجد أهم هذه الخصائص فيما يلي:
- الرأس مال غير ملموس؛
- من الصعوبة بمكان قياسه بدقة؛
- سريع الزوال والفقدان؛
- يتزايد بالاستعمال؛
- يمكن الإستفادة منه في مراحل وعمليات مختلفة في نفس الوقت؛
- يتجسد في الأشخاص لديهم الإستعداد لحمله؛
- تأثير كبير على المؤسسة .
المطلب الثاني: أهمية و أهداف رأس المال الفكري
أولا: أهمية رأس المال الفكري
يمكن إجمال أهمية رأس المال الفكري فيما يلي:
- تحقيق الميزة التنافسية للمؤسسات من خلال توظيف القدرات الإبداعية المتميزة لإنتاج خدمات جديدة.
- رأس المال الفكري لا تقل قيمته بالإستخدام، بل تزاداد بمقدار زيادة الإستخدام والتداول، ولهذا تهتم المؤسسات الحديثة بإدارته وتنميته؛
- رأس المال الفكري يتعلق بمعرفة نوعية وكيفية أداء الأعمال، وهو الذي يستطيع تحقيق الفوائد وجني الأرباح للمؤسسات؛
- رأس المال الفكري هو أساس تقدم المجتمعات والمؤسسات، حيث أن المعرفة وتوافرها الآن يعد السلاح الأقوى والمؤشر الأكثر موضوعية لتقرير تقدم المجتمعات والمؤسسات؛
- تحقيق إستثمارات ناجحة وعوائد عالية، حيث أن القدرة على خلق المعرفة أو الوصول إليها وإستخدامها بفعالية، أصبحت أداة فعالة للإبداع والتنافسية وتحقيق النمو الإقتصادي؛
- زيادة القدرات الإبداعية للعاملين وتحسين إتجاهاتهم والصورة الذهنية الخارجية للمؤسسات؛
- تعزيز التنافس في الوقت من خلال تقديم المزيد من المنتجات الجديدة أو المطورة وتقليل الفترة بين كل إبتكار والذي يليه.
ثانيا: أهداف رأس المال الفكري
إن ممارسات رأس المال الفكري "المعرفي" تتضمن مجموعة من الفعاليات والجهود التي تهدف إلى تحقيق أهداف متعددة، ومن هذه الأهداف ما أكد عليه الباحث (Holsapple and Singh) :
- توليد المعرفة اللازمة والكافية والقيام بعمليات التحويل المعرفية وتحقيق عمليات التعليم وعمليات نشر المعرفة إلى كل الذات الأطراف ذات العلاقة؛
- التأكد من أنه يجري تطوير وتجديد وتحديث المعرفة بصورة مستمرة؛
- تحديد طبيعة ونوع رأس المال الفكري الذي يلزم المؤسسة، وتحديد كيفية تطويره وإدامته؛
- التحكم والسيطرة على العمليات ذات العلاقة برأس المال الفكري "المعرفي"؛
- السعي إلى إيجاد قيادة فاعلة قادرة على بناء وتطبيق مدخل رأس المال الفكري "المعرفي"؛
- تحقيق قدرة الرفع في أسواق الأعمال عن طريق رأس المال الفكري "المعرفي".
المطلب الثالث: مكونات رأس المال الفكري
لقد قدم مجموعة من المفكرين تقسيمات مختلفة لمكونات رأس المال الفكري، وعلى الرغم من إتفاقها في المكونات، إلا أنها تختلف في طريقة التقسيم. ولعل من بين كل تلك التقسيمات يعد تصنيف ستيوارت الأكثر أهمية والمعتمد بدرجة كبيرة في الدراسات العلمية، حيث يضم هذا التصنيف ثلاث مكونات رئيسية لرأس المال الفكري هي:
الشكل رقم 2: مكونات رأس المال الفكري
المصدر: كمال زيتوني، كريم جايز، أخلاقيات رأس المال الفكري كمدخل لتعزيز إدارة المعرفة في منظمات الأعمال العربية، الملتقى الدولي الخامس حول: رأس المال الفكري في منظمات الأعمال العربية في الإقتصاديات الحديثة، جامعة الشلف، الجزائر، 13-14 ديسمبر2011،ص 6.
أولا: رأس المال البشري
1- مفهوم رأس المال البشري
هو قدرات مستخدمي المؤسسة اللازمة لتوفير حلول لعملائها، والإبتكار والتجديد، وهو يمثل مصدر الإبتكار والتحسين، ولكنه في الوقت نفسه هو الأصعب على القياس. وهو ينمو بإستخدام المؤسسة لمعارف المستخدمين وبزيادة هذه المعارف .
كما يتمثل في جميع الموارد البشرية ذات الإمكانيات المتميزة على شغل الوظائف الإدارية والفنية، والتي لديها القدرات الإبداعية والإبتكارية والتفوقية. وتشتمل هذه على معارف العاملين المتطورة، وخبراتهم المتراكمة على التجارب الحياتية والعملية، ومهاراتهم التقنية والفنية، فضلا عن رضاهم ومعنوياتهم وتماسكهم كفريق عمل متكامل .
وأيضا يتمثل في مجموع الأفراد العاملين الذين يمثلون معارف ومهارات وقابليات نادرة وذات قيمة للمؤسسة في زيادة ثروتها المادية والإقتصادية .
2- أهمية رأس المال البشري
تكمن أهمية رأس المال البشري في فيما يلي:
- تراكم رأس المال البشري يساعد في التقدم التقني؛
- يساهم التعليم في تحسين الموارد البشرية، وتطويرها؛
- زيادة الطاقات الإنتاجية والإستثمار في الأصول الملموسة وغير الملموسة مثل: (لإبتكار، التعليم والتدريب...) يعمل على رفع معدلات النمو المستديم؛
- في عصر صناعات العقل البشري يتطلب أن يكون العمال من ذوي المهارات العالية والمتجددة.
لكن رغم أهمیة رأس المال البشري فعلى المؤسسات ضرورة مراعاة الجوانب الآتیة:
- أن أهمیة رأس المال البشري لا تكمن في مدخلاته وإنما في مخرجاته فمثلا مخرجات التعلیم العالي متاحة لكل المؤسسات المتنافسة ولكن العبرة بتلك المؤسسات التي تحقق بهم مزایا فریدة على صعید النتائج عند إستخدامهم؛
- إن البعد الكمي في عدد العاملین وسنوات الخدمة وغیرها لا تكون أبعادا حاسمة في تمیز عمل المؤسسة وتفوقها على غیرها من المؤسسات المنافسة وإنما یجب البحث عن الأشخاص الموهوبین وربما هذا هو سبب دقة إجراءات إختیار المعینین الجدد في المؤسسات وهناك ما یسمى عملیة إجتذاب المواهب بالحرب.
3- مؤشرات رأس المال البشري
وأهم مؤشرات رأس المال البشري تتلخص فيما يلي:
• قدرات العاملين: وتشمل:
- القيادة الإستراتيجية لإدارة المؤسسة؛
- مستوى جودة العاملين؛
- قدرة التعلم لدى العاملين؛
- كفاءة عمليات تدريب العاملين؛
- قدرة العاملين على المشاركة في إتخاذ القرارات.
• إبداع العاملين: وتتضمن:
- قدرات الإبداع والإبتكار لدى العاملين؛
- الدخل المتحقق من الأفكار الأصيلة للعاملين .
• إتجاهات العاملين: ويتضمن:
- تطابق إتجاهات العاملين مع قيم المؤسسة؛
- درجة رضا العاملين؛
- معدل دوران العاملين؛
- متوسط مدة خدمة العاملين بالمؤسسة.
ثانيا: رأس المال الهيكلي
1- مفهوم رأس المال الهيكلي
يعرف على أنه المعرفة الصريحة للمؤسسات، ويشمل الأنظمة، وبراءات الاختراع، وقواعد البيانات، والإجراءات، والدروس المتعلمة، والثقافة المنظمية، وغيرها. ويمتاز رأس المال الهيكلي بأنه يمث لكل القيم التي تبقى في المؤسسة حتى لو ترك الأفراد العمل .
وأيضا هو البنية الإرتكازية لرأس المال البشري، بما في ذلك القدرات التنظيمية لمواجهة متطلبات السوق، كما يتضمن نوعية نظم المعلومات والمفهوم والتوثيق التنظيمي، وهو يمثل الهيكل التنظيمي للمؤسسة ومادتها الصلبة، وتعتمد قيمته على مدى قدرته على تمكين المؤسسة من تغليف وتحريك استخدام رأس المال البشري، أي معارف المؤسسة في خدمة أهدافها .
كما يمثل قدرات المؤسسة التنظيمية، التي تسمح بالمشاركة في المعرفة ونقلها وتعزيزها عن طريق الموجودات الفكرية الهيكلية المتمثلة في نظم المعلومات وبراءات الاختراع، وحقوق النشر والتأليف والعلامة التجارية، التي تمثل شخصية المؤسسة وقيمتها وهويتها .
2- أهمية رأس المال الهيكلي
من المؤكد أن رأس المال الهيكلي يعتبر القاعدة أو البنية التحتية للمؤسسة وأحد مكوناتها الإستراتيجية الفعالة، فهو يستند أهميته إنطلاقا من عدة نقاط:
- هو أساس وقدرة المؤسسة المعرفية التي تؤدي للإبداع؛
- يحقق عوائد مالية على المدى القريب عند إستثماره؛
- يعتبر مورد إستراتيجي لأنه ثمين ويتسم بالندرة؛
- يعتبر أداة أو سلاح قوي لدى المؤسسات الرائدة لأنه قادر على بناء ميزة تنافسية مستدامة؛
- له دور في العلاقة التكاملية بين مختلف مكونات رأس المال الفكري الأخرى.
3- مؤشرات رأس المال الهيكلي:
من أهم مؤشرات رأس المال الهيكلي في المؤسسات ما يلي:
- الثقافة العامة: وتتضمن طبيعة بناء ثقافة المؤسسة، تطابق العاملين مع منظور المؤسسة ورؤيتها المستقبلية.
- الهيكل التنظيمي: وتتضمن صلاحية نظام الرقابة بالمؤسسة، وضوح العلاقة بين السلطة والمسؤولية.
- التعلم التنظيمي: وتتضمن بناء شبكة معلومات داخلية واستخدام هذه الشبكة، بناء مخزون تعليمي للمؤسسة وإستخدام هذا المخزون.
- العمليات: وتتضمن مدة عمليات الأنشطة والأعمال، مستوى جودة المنتج، وكفاءة العمليات التشغيلية.
- نظام المعلومات: وتتضمن الدعم المتبادل والتنسيق بين العاملين، توفر البيانات والمعلومات ذات العلاقة بأنشطة المؤسسة وأعمالها، والمشاركة في المعرفة.
ثالثا: رأس المال العلائقي
1- مفهوم رأس المال العلائقي
يتمثل بالقيمة المشتقة من الزبائن الراضين ذوي الولاء، الموردين المعول عليهم، والمصادر الخارجية الأخرى التي تقدم قيمة مضافة للمؤسسة جراء علاقاتها المتميزة بها .
وأيضا هو العلاقة مع الناس الذين تتعامل المؤسسة معهم والذين يتمثلون بزبائنها ومجهزيها. وقد أسماه البعض برأس مال العلاقات وهو الأعلى قيمة بين مكونات رأس المل الفكري والأسهل على القياس من خلال الإيرادات .
كما يعرف بأنه القيمة التي يفرزها مستوى رضا الزبائن ولائهم والموردون والجهات الخارجية الأخرى، وما إستطاعت المؤسسة من بنائه من علاقات متميزة مع هذه الأطراف .
2- أهمية رأس المال العلائقي
تتمثل أهمية رأس المال العلائقي في:
- تحقيق التفوق والتميز، من خلال تقديم منتجات في مستوى تطلعات الزبائن ورغباتهم المتغيرة؛
- تقديم منتجات ذات جودة عالية أو منتجات جديدة، مما يساهم في كسب عملاء جدد؛
- كسب رضا وولاء الزبائن ومن ثم إختراق أسواق جديدة وتوسيع الحصة السوقية للمؤسسة؛
- زيادة قيمة الزبائن عن طريق عمليات إدارة الزبائن، وتعميق العلاقة مع الزبائن الحاليين.
3- مؤشرات رأس المال العلائقي
و من أهم مؤشرات رأس المال العلائقي في المؤسسة هي:
- القدرة التسويقية الأساسية: وتتضمن بناء واستخدام قاعدة بيانات للزبائن، توفير القدرات اللازمة لخدمة الزبائن، القدرة على تحديد حاجات الزبائن.
- كثافة السوق: وتتضمن الحصة السوقية، السوق المحتملة، الوحدات المباعة إلى عدد الزبائن، العلامة التجارية والاسم التجاري للمؤسسة، بناء قنوات البيع والتوزيع.
- ولاء الزبائن: ويتضمن رضا الزبائن، شكاوي الزبائن، حجم الاستثمار في بناء العلاقات مع الزبائن، مستوى كسب زبائن جدد، مستوى خسارة زبائن حاليين.
المبحث الثاني: الإطار النظري للإستجابة التنافسية:
في سوق الأعمال التنافسي، تعد الإستجابة التنافسية أمرا أساسيا لنجاح المؤسسات وضمان بقائها وإستمراريتها والحفاظ على حصتها السوقية خاصة في ظل المتغيرات البيئية الخارجية المختلفة، لذا سنتناول في هذا المبحث الإطار النظري للإستجابة التنافسية إنطلاقا من تعريفها وخصائصها، أهميتها وأهدافها، إلى الأبعاد.
المطلب الأول: مفهوم الإستجابة التنافسية
أولا: تعريف الإستجابة التنافسية
إختلفت آراء الباحثين وتعددت في تعريف الإستجابة التنافسية والتي نجدها متمثلة في:
حيث عرفها (Tom Davies) بأنها مقياس قدرة المؤسسة على التعامل مع التغيرات في الظروف والأحداث الخارجية، والهدف العام هو تحسين أداء المؤسسات من خلال خلق ميزة تنافسية على منافسيها في قدرتها على التفاعل مع بيئتها الخارجية.
كما عرفها (Robert P) بأنها قدرة المؤسسة التي تسمح لها بالتجاوب بسرعة لمتطلبات السوق المتبدلة، فالمؤسسات المستجبية لديها القدرة على التكيف بسرعة مع شروط البيئة المتقلبة بإستمرار، وأن التكيف بسرعة يمكن أن يكون حاسما عندما تكون تلك الشروط تتميز بالكثير من الغموض وعدم التأكد.
وفي تعريف آخر يقصد بها "رياض عيشوش" بأنها درجة تجاوب المؤسسة مع التغيرات البيئية المختلفة. بمعنى أن الإستجابة هي فعل على المستوى الإستراتيجي، وتعظم أهميتها مع تزايد المنافسة والإحتياجات الزبونية وتعتبر هنا عامل نجاح حيوي بالنسبة لأي مؤسسة.
إذن نستنتج أن الإستجابة التنافسية هي القدرة على التكيف والتغيير بسرعة بإستخدام الموارد وتنفيذ الإستراتيجيات بشكل فعال لمواجهة التحديات والفرص التي تواجهها المؤسسة في بيئة الأعمال التنافسية.
ثانيا: خصائص الإستجابة التنافسية
مما سبق التطرق إليه في التعاريف يمكن أن نستنتج الخصائص فيما يلي:
- تعبر عن قدرة المؤسسات على التكيف والتغيير بسرعة لمواجهة التحديات والفرص الخارجية؛
- تتطلب التفاعل الفعال مع البيئة الخارجية والتعامل السريع مع التغيرات والظروف المتقلبة؛
- يمكن من خلالها للمؤسسات تحسين أدائها وخلق ميزة تنافسية تمكنها من التفوق على منافسيها في السوق.
المطلب الثاني: أهمية الإستجابة التنافسية
أدت زيادة التعقيدات والإضطرابات البيئية المتسارعة، وشدة المنافسة إلى وضع المؤسسات تحت تلك الضغوط، مما جعل تلك المؤسسات بحاجة إلى قدر مناسب من المرونة من أجل القدرة على الرد بشكل سريع نحو تلك الضغوط والتغييرات، وقد أدركت المؤسسات أهمية الإستجابة التنافسية لأسباب عدة منها:
- تعزيز إمكانية المؤسسات وقدرتها للإستجابة لتغير حاجات ورغبات الزبائن المختلفة، وخلق عملية التفاعل بينها وبين عملائها؛
- الإستجابة التنافسية ضرورة مهمة لزيادة قدرة المؤسسات على مواجهة الضغوطات والتغيرات البيئية التي تحدث في الأسواق بكفاءة وفاعلية، وتمكينها من إدارة نشاطاتها في تلك الظروف؛
- الإسهام في زيادة تعزيز قدرة المؤسسات على عرض منتجاتها في أسواق مختلفة ومتعددة وتطوير إمكانياتها في توليد قيمة حقيقية للعملاء.
المطلب الثالث: أبعاد الإستجابة التنافسية
حتى تتمكن المؤسسة من تحقيق الإستجابة بفاعلية للتغيرات المتنوعة في بيئتها الخارجية، يجب أن ترتكز على ثلاثة أبعاد أساسية إقترحها الباحثون تمثلت في: السرعة، الإتساق والثبات، الفعالية.
أولا: سرعة الإستجابة التنافسية
تزايدت الحاجة لسرعة الإستجابة كونها تعد شكلا من أشكال تمايز المؤسسة، وبعدا تنافسيا لا يمكن الإستغناء عنه في ظل زيادة أهمية الوقت لدى الزبائن وخاصة عند الإنتاج وفقا للطلب ، وتكمن في القدرة على الإجابة على سؤال مدى سرعة إستجابة العمل للفرص والتهديدات الخارجية؟
حيث تتنافس الشركات على مدى سرعة إستجابتها للأحداث والتطورات التي تحدث في أسواقها على مدار الساعة طوال اليوم. سواء كانت أخبارا عاجلة أو عمليات إستحواذ أو تغييرات في الظروف الإقتصادية والديموغرافية، تتنافس الشركات المنافسة المباشرة في بيئة مشتركة، وبالتالي تتنافس على وتيرة إستجابتها للأحداث التي تغير بيئة عملها .
ثانيا: ثبات وإتساق الإستجابة التنافسية
ويتعلق هذا البعد بالقدر من الإستمرارية الذي تملكه المؤسسة في الإستجابة لمختلف التغييرات البيئية، ويعد هذا عاملا حاسما في النجاح أو الفشل، خاصة حينما نتحدث عن مؤسسة عالمية، حيث يجب أن تتحد كل أجزائها لتعمل في آن واحد بإتجاه التغيرات المختلفة. فالهدف هنا هو التجاوب وفق شعور موحد، بدلا من وجود تقسيمات مختلفة للمؤسسة تعمل بشكل منفرد، ولو تحت اسم مؤسسة واحدة. حيث تعمل المؤسسات جاهدة لتحافظ على سياق مستمر لعملياتها وأجزائها المختلفة وجعلها في توافق مستمر، فبعد السرعة لا يقيس بدرجة كبيرة هذا الجانب، حيث تستجيب المؤسسات بسرعة لتحرك تنافسي معين مرة واحدة، بينما قد تكون الحاجة هنا لضمان سلسلة من التجاوبات التنافسية، وهذا يتطلب توفر الموارد المطلوبة وقدرا عاليا من التنسيق والتكامل بين الأجزاء المختلفة للمؤسسة .
ثالثا: فعالية الإستجابة التنافسية
تشير الفاعلية إلى الدرجة التي تحقق فيها المؤسسة أهدافها المنشودة، وأن المؤسسة التي تستخدم مواردها بصورة جيدة وبدون هدر وتختار أهدافها بطريقة صحيحة يكون مصيرها النجاح والازدهار، في حين المؤسسة التي تستخدم مواردها بطريقة كفؤة وفاعلة وأهدافها غير متكافئة فسوف يكون أداؤها منخفض ومصيرها الفشل .
ويرى (Tom Davies & Al) أن الأعمال لا تكون متكيفة عادة للحفاظ على مركز تنافسي معين، وأحد الأسباب أن الفوز يتعلق بكيفية بناء علاقة جديدة مع مستهلك، وكونك الأول ما هو إلا جزء من تلك المعادلة، والتحدي يبقى قائما في كيفية إقناع العميل لاختيار منتجات معينة. فالكثير من المؤسسات تفتخر بأنها حققت السبق في الإستجابة لفرصة سوقية معينة، لنكتشف فيما بعد أنها فقدت الكثير من حصتها السوقية لصالح منافسيها، ونلاحظ هذا خاصة في الأسواق ذات المزاحمة التنافسية العالية .
الأبعاد الثلاثة للإستجابة التنافسية: السرعة، الاتساق، وأيضا الفعالية ليست ذات أهمية متساوية. ورغم أن السرعة في الغالب تعطى لها أولوية مقارنة بالأبعاد الأخرى، فليس معناه التركيز على هذا البعد بالذات. ولكن ترتبط أهمية كل بعد وأولويته على الإستراتيجية التنافسية الكلية للمؤسسة وأيضا على تموقعها التنافسي الحالي والمستقبلي .
المبحث الثالث: أثر مكونات رأس المال الفكري على الإستجابة التنافسية
في عالم الأعمال الديناميكي اليوم، باتت المنافسة سمة أساسية تحدد مصير المؤسسات. ولتحقيق النجاح المستدام، لم يعد التركيز على الموارد المادية كافيا، بل بات رأس المال الفكري هو الجوهر الحقيقي الذي يُمكن المؤسسات من الإستجابة التنافسية الفعالة. حيث يتخطى رأس المال الفكري مفهومه التقليدي ليشمل المعرفة والمهارات والإبداع والإبتكار التي يتمتع بها أفراد المؤسسة، بالإضافة إلى العلاقات مع الزبائن والسمعة التجارية التي تبنى على مر السنين. وفي هذا المبحث سيتم التطرق في مضمونه إلى أثر كل من رأس المال البشري، الهيكلي، العلائقي على الإستجابة التنافسية.
المطلب الأول: أثر رأس المال البشري على الإستجابة التنافسية
كان التصور في الماضي أن من يقدمون المساهمات المالية لتكوين مؤسسات الأعمال هم أصحاب رأس المال، لكن الواقع الجديد يطرح حقيقة أخرى أهم، هي أن من يملك المعرفة يملك المؤسسة. وقد أصبح بناء المجتمعات الحديثة وتطويرها يعتمد إلى حد كبير على تنمية مواردها البشرية في قطاعات العمل الإقتصادية والاجتماعية المختلفة، باعتبار أن الإنسان وسيلة التنمية وأدائها وغايتها، وقد ازدادت أهمية العنصر البشري في الجهود التنموية في العقود الأخيرة في ضوء التطورات المذهلة في العلوم والمجالات الحياتية المختلفة وفي تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة .
بإعتبار المورد البشري هو الذي يعمل على تفعيل وإستثمار باقي الموارد المادية والتقنية الأخرى في المؤسسة، وأن نجاح المؤسسة يعتمد بالدرجة الأولى على نوعية هذه الأخيرة "مواردها البشرية" فإنه من الضروري أن توجه جميع جهود المؤسسة في سبيل تطوير وتنمية هذا المورد من أجل الوصول به إلى حد الإمتياز. ولكن توافر هذا المورد أو تواجده ليس كافيا لضمان تحقيق الأهداف المرجوة للمؤسسة أو تحقيقها لقدرة تنافسية، بل عليها تنمية قدراته الفكرية وإطلاق الفرصة أمامه للإبداع والتطوير وتمكينه من مباشرة مسؤولياته حتى تثيره التحديات والمشكلات وتدفعه إلى الإبتكار والتطوير .
كما يمكن أن يساهم المورد البشري في التنافسية من خلال:
- المشاركة في تحديد إحتياجات المجتمع المختلفة وإعداد الخطط اللازمة تبعا لقدراته، والمشاركة الفعلية في بناء أمن المجتمع وإستقراره من خلال المؤسسات المختلفة؛
- إسهام المورد البشري في الخدمات الإجتماعية والتطوعية، والمشاركة في البرامج التعليمية والتربوية ، ودورات التوعية والتثقيف؛
- توصيل ونقل خبرات وعلوم ومعارف وثقافات الشعوب الأخرى وإنتقاء الصالح منها لخدمة المجتمع.
من خلال ما سبق نجد أن الإنسان والمعرفة أصبحا من أهم عوامل مستوى النجاح والقدرة التنافسية في العصر الحديث، حيث يعتبر المورد البشري الذي يملك المعرفة هو الذي يعمل على تنشيط وإستثمار الموارد الأخرى في المؤسسة.
كما نجد أيضا أن نجاح المؤسسة يعتمد في الأساس على جودة موردها البشري وقدرته على تطوير وتنمية القدرات الفكرية والإبداعية. لذلك يجب على المؤسسات توجيه جهودها نحو تطوير وتمكين موردها البشري من أجل الوصول إلى مستوى من التميز وتحقيق التنافسية.
بشكل عام، يمكن القول أن رأس المال البشري له دور مهم في تعزيز الإستجابة التنافسية، حيث يعمل على تطوير القدرات والمهارات الفكرية والإبداعية للمؤسسة، مما يساهم في تحقيق التميز والنجاح في بيئة التنافسية الحديثة.
المطلب الثاني: أثر رأس المال الهيكلي على الإستجابة التنافسية
لقد أدى التنافس في عصر المعرفة والمعلوماتية وفي ظل ظروف بيئية تتصف بتعقيد عملية المنافسة، إلى الحاجة للمعلومات بجميع أشكالها مالية وغير مالية، مهيكلة وغير مهيكلة مترابطة لإستخدامها كدليل موجه لصناعة قرارات رشيدة، تحقق من خلالها أهدافا تشغيلية وإستراتيجية للمؤسسة تمكنها من البقاء في موقف تنافسي في السوق .
حيث نجد أن رأس مال الهيكلي في المؤسسات يعبر عن الموجودات المعرفية التي تبقى في دائرة المؤسسة عندما لا يأخذ رأس مال البشري بعين الاعتبار، وعلى المؤسسة أن تقوم بالاهتمام بكل العناصر حتى تحقق الميزة التنافسية ، كما يجب أن تعتمد على عملية تنموية شاملة متكاملة ومستدامة لكل هذه العناصر وبنفس المستوى من الاهتمام، لأن حصر قيمتها في إطار كمي أسهل وأدق من حصر وتحديد قيمة العنصر البشري كما أنها تعتبر دعامة أساسية لنشاط رأس المال البشري التابع للمؤسسة، وكل هذا يتحقق من خلال وجود أنظمة وقواعد بيانات وتكنولوجيا المعلومات .
كما يمكن للمؤسسة أن تتميز برأس مال هيكلي من خلال مايلي:
- تطوير وتشجيع قدرات الإبداع والمشاركة لدى الأفراد ونشر المعرفة من أجل زيادة إنتاجياتهم في مختلف الميادين.
- توسيع نطاق الأنشطة وتطوير البنى التحتية وتكييفها بما يتلاءم مع متغيرات البيئة الداخلية والخارجية للمؤسسة.
- تبني هيكل تنظيمي مناسب، والذي يشجع الأفراد مهما كانت مواقعهم التنظيمية على العطاء أكثر وإستغلال كل المعارف الظاهرة منها والضمنية إستغلالا مثاليا.
مما سبق يمكن القول أن رأس المال الهيكلي يمثل الأساس التنظيمي والهيكلي للمؤسسة، ويتمثل أثره في القدرة على تنظيم وتنسيق العمليات والموارد بكفاءة وفعالية. ويساهم ذلك في زيادة الإنتاجية والجودة، مما يجعلها قادرة على الإستجابة لإحتياجات السوق بسرعة .
كما يتجلى أيضا تأثيره في القدرة على إتخاذ القرارات الإستراتيجية والتكتيكية بطريقة مدروسة، مما يجعلها أكثر قدرة على التنافس في السوق والبقاء في مركز متقدم. كما يمكن للهيكلة القوية أن تحفز الإبتكار والإبداع داخل المؤسسة، مما يزيد من قدرتها على تطوير منتجات جديدة تلبي إحتياجات الزبائن بشكل أفضل.
وبشكل عام، يعد رأس المال الهيكلي القوي من أحد أهم محددات الإستجابة التنافسية للمؤسسة، مما يمكن هذه الأخيرة من تنظيم عملياتها بفعالية وتحسين كفاءتها، المساهمة في تحقيق ميزة تنافسية والبقاء في سوق الأعمال بنجاح.
المطلب الثالث: أثر رأس المال العلائقي على الإستجابة التنافسية
يعتبر رأس المال العلائقي الثروة الحقيقية للمؤسسة التي تتمثل في العلاقات مع الزبائن، وكذلك حقوق ملكية العلامات التجارية وثقة الزبائن بالمؤسسة المتعامل معها وولائهم لها، إضافة إلى علاقاتها مع جميع الأطراف الخارجية المؤثرة بشكل محسوس في نشاطها العادي، وفي ظل المنافسة الحادة، تجد المؤسسة نفسها مجبرة على خدمة الزبائن وعرض المواد والخدمات بالجودة المطلوبة لكسب رضا الزبون بغية التفوق على منافسيها وبالتالي كسب ميزة تنافسية تضمن لها البقاء والإستمرار، حيث أن رضا الزبون يمثل مفتاح المنافسة بين المؤسسات، فضلا عن أنه يعد من مقومات النجاح الرئيسية في عالم المنافسة اليوم وأغلب المدراء يهتمون اهتماما كبيرا برضا الزبون وذلك بغرض زيادة الربحية والحصة السوقية .
فالإستجابة السریعة لحاجات ورغبات الزبائن تعكس مدى قوة أداء وتمیز المؤسسة مقارنة بالمنافسین، بإعتبار الحفاظ على الزبون وتحقیق رضاه وولائه أولویة ملحة لكل مؤسسة تسعى للتفوق في سوق المنافسة. ویتطلب هذا البعد تحقیق مرونة عالیة عن طریق تكیف المؤسسة مع متغیرات البیئة الداخلیة والخارجیة مع قدرتها على تنویع منتجاتها وخدماتها المقدمة وفق ما یتلاءم مع التغییر في حاجات الزبائن، وهذا ما یتماشى مع عملیة الإبداع والإبتكار وتحقیق الكفاءة الإنتاجیة للوصول إلى الجودة المرجوة وإستحداث المزید من القیم التي تفتقدها المؤسسات المنافسة.
من خلال ماسبق نجد أنه إذا قامت المؤسسة بتقديم خدمات فعالة لزبائنها وتلبية إحتياجاتهم ورغباتهم، يمكنها أن تكتسب سمعة جيدة في السوق وتحتفظ بزبائن راضين وموثوقين، ونتيجة لذلك من خلال العمل الجاد على تحسين تجربة الزبائن وتقديم سلع وخدمات عالية الجودة، يمكن للمؤسسة أن تتفوق على منافسيها، وبالتالي تزيد من فرصها في البقاء في بيئة تنافسية.
وبالتالي يمكن القول بأن رأس المال العلائقي يمثل مجموعة من العوامل التي تؤثر على قدرة المؤسسة على التفاعل بفعالية مع زبائنها وتلبية توقعاتهم، ويعد رأس المال هذا أساسيا في تحديد مستوى الإستجابة التنافسية للمؤسسة. وذلك لأن سرعة الإستجابة تزيد من رضا الزبائن وتعزز مكانة المؤسسة في السوق.