خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
الإمبراطورية والمسيحية أخذت المسيحية تنتشر انتشارا حثيثا بحيث لم يكد ينتهي القرن الأول إلا وكانت كل ولاية رومانية من الولايات المطلة على البحر المتوسط تضم بين جوانبها جالية مسيحية ، بل إن المسيحيين كونوا جالية ملحوظة في روما نفسها منذ وقد مبكر يرجع إلى سنة ٦٤م مما عرضهم لنقمة الإمبراطور نيرون واضطهاده، حقيقة أن الغالبية العظمي ممن اعتنقوا المسيحية في أوائل عهدها كانوا من الطبقة الدنيا ، ولكن ليس معنى ذلك أن المسيحية عدمت أنصارا الها من أفراد الطبقة الأرستقراطية خلال القرون الثلاثة الأولى من تاريخها. وهنا نلاحظ أن ظروف الإمبراطورية الرومانية والأوضاع التي أحاطت بها كانت أكبر مساعد على سرعة انتشار المسيحية بين ربوعها . فضلا عن الأمن والسلام الدين سادا ربوعها ، و نشاط التبادل التجاري بين مختلف أجزائها . واللغة اليونانية في أجزائها الشرقية، وكان الوضع المعروف في النظم الرومانية أن فئة واحدة من كبار الموظفين كانت تمسك بزمام جميع الوظائف الكبرى في الدولة ، مع ترك المية العقيدة لكل مواطن روماني طالما يعترف بآلهة الدولة الرسمية من جهة ، وطالما أن عقيدته لا تهدد سلام الإمبراطورية من جهة أخرى، أو أنه يجب على جميع الرعايا - مع اختلاف عقائدهم - أن يعترفوا بعباد الإمبراطور القائم (وهو اجراء يشبه يمين الولاء للحاكم حاليا) ، ولم يعد من هذا التكليف الأخير داخل حدود الإمبراطورية الرومانية سوى اليهود ، لا سيما ل المسيحيين رفضوا - مثل اليهود - تأليه الإمبراطور وعبادته ، ولكن له يكد ينتهي القرن الأول حتى اتضح الأمر وظهرت الفوارق واضحة بين الديانتين ، فأخذ المسيحيون يجتمعون سرا لمباشرة طقوسهم الدينية ، وهكذا أخذت الحكومة الرومانية تغير نظرتها إلى المسيحيين وتعتبرهم فئة هدامة تهدد أوضاع الإمبراطورية وسلامتها ، ويبدو أن سبب حنق الحكومة الرومانية على المسيحية كان اجتماعيا لا دينيا ، لأن المسيحية بدت في صورة ثورة اجتماعية خطيرة تنادى بمبادىء من شأنها تقويض الدعائم التي قام وكان الإمبراطور نيرون أشد اضطهادا لهم، اذ قدم مسيحى روما طعاما للنار العظيمة التي أشعلها سنة ٦٤ م ، وقد أصدر هذا الإمبراطور عدة مراسيم منع فيها صلاة المسيحيين وأمر بهدم كنائسهم، واحراق كتبهم، وحبس قساوستهم وطردهم نهائيا من الوظائف الحكومية ، إلى غير ذلك من الاجراءات المشددة التي جعلت المسيحيين يطلقون على الفترة الأخيرة من حكمه عصر الشهداء ، ويبدو أن هدف دقلديانوس من هذه السياسة كان محاولة اجبار الكنيسة - عن طريق الاضطهاد - على الخضوع للدولة ، شأنها - شأن بقية الهيئات والمنظمات الاجتماعية في الدولة الرومانية . أمر يتعارض مع المبدأ الأول الذي أقام عليه دقلديانوس نظامه الذي يقضي بخضوع جميع الرعايا لسيادة الدولة المطلقة. ومهما يكن من أمر فان المسيحية خرجت من جميع المعارك ظافرة مرفوعة الرأس، بمعنى أن يتمتع المسيحيون في الإمبراطورية بكافة الحقوق التي تمتع بها غيرهم من أتباع الديانات الأخرى ويضمن للمسيحيين وكافة الطوائف الأخرى حرية اختيار وممارسة العقيدة التي يرتضونها وبذلك ضمن من وجهة نظره رضاء جميع الآلهة والقوى السماوية ، كما ضمن رضاء جميع وأمر مرسوم ميلان برد جميع الحقوق الدينية إلى المسيحية التي حرموا منها ظلماً وعدواناً ، وأن تُعاد للكنيسة جميع أماكن العبادة والأراضي العامة المصادرة دون جدل أو إبطاء أو تكلفة . لمن قاموا بشراء أملاك الكنيسة ودفعوا مبالغ كبيرة فيها. فإذا تذكرنا أن الإمبراطورية الرومانية قامت على أساس الوثنية وفكرة تـ تأليه الأباطرة وإذا تذكرنا . ما نزل بالمسيحية في مختلف الولايات الرومانية من تعذيب واضطهاد ثم ما ترتب على اعتراف خططين بالمسيحية من انتشار سريع لهذه الديانية الجديدة وازدياد نفوذ رجالها حتى أصبحت الكنيسة أقوي هيئة في تاريخ أوروبا العصور الوسطى ، وقد اختلفت آراء الباحثين حول الدافع الذي جعل قسطنطين يصدر هذا المرسوم ، اجراء سياسي اتخذه قسطنطين لتحقيق مآرب خاصة. ولعل ما دفع المؤرخين إلى هذا الخلط وتعدد رواياتهم سلوك قسطنطين نفسه والواقع أن هناك تدرج بطيء غير محسوس انتهى بإعلان قسطنطين نفسه حامياً للمسيحية فلقد كان من الشاق على قسطنطين أن يمحو من ذهنه ما تلقاه من عادات ومعتقدات وثنية ، وال يؤمن بالديانة المسيحية والواقع أنه توجد أدلة كثيرة تثبت إيمان قسطنطين بالمسيحية ، كما توجد عدد أدلة أخرى عديدة توضح استمرار اعتناقه الوثنية، ذلك أن المسيحيين عندئذ لم يتجاور عشر مجموع سكان الإمبراطورية ، الأمر الذي يؤيد الرأي الأول بأن قسطنطين اتخد قراره عن شعور ديني لا بداي المصلحة السياسية، هذا في الوقت الذي كان قسطنطين قد انتصر على خصمه ماكسنتيوس في موقعة جسر ملويان Milvian Bridge بإيطاليا سنة ۳۱۳م ، وبذلك دار السلطانه الجزء الغربي من الإمبراطورية ولم يبق أمامه سوى اخصاع جزئها الشرقي ، حتى تتحقق له السيادة العامة على الإمبراطورية كلها . لذلك لا يستبعد أن يكون قسطنطين قد أصدر مرسوم ميلان غداة وقيل أن قسطنطين رأى في منامه المسيح ومعه الصليب وأمره باتخاذ هذا الصليب شعارا له خلال الرحف على عدوه ، وكان انتصاره من الدوافع الأساسية لاعترافه بالمسيحية واعتناقها. وتعهد بحماية أرواح المسيحيين وممتلكاتهم اسوة ببقية رعايا الإمبراطورية ، ومن هذا يبدو أن سياسة فطنطير الدينية تمثل حلقة انتقال ، حيث أبقى على الوثنية القديمة ورجالها و معابدها وطقوسها ، كما نقلت على نقوده شعارات المسيحية والوثنية، وهكذا يمكن القول بأن قسطنطين ظل حتى أواخر حياته وثنيا مع الوثنيين. وقد شهدت المسيحية منذ أوائل عهدها خلافات مذهبية خطيرة كان لها أثر عظيم في تاريخ الشرق والغرب جميعا ، وهى مشكلة تحديد العلاقة بين المسيح الابن ، ذلك أنه حدث خلاف بين اثنين من رجال الكنيسة والاله الأب بالإسكندرية حول تحديد هذه العلاقة فقال أريوس وهو كاهن سکندری مثقف بأن المنطق يحتم وجود الأب قبل الابن، وبعبارة أخرى فان المسيح مخلوق لا إله ، أما أثناسيوس فقال بأن فكرة الثالوث المقدس تحتم بأن يكون الابن مساويا للإله الآب تماما في كل شيء بحكم أنهما من عنصر واحد بعينه ، هذا وإن كانا شخصين متميزين . وأن أي اتجاه نحو التقليل من مركزه يؤدي إلى اضعاف الدعوة المسيحية. ومن الواضح أن المذهب الأريوسى كان يتفق ومنطق المثقفين لأنه أراد أن يقيم العقائد المسيحية على أساس من المنطق والتعقل ، في حين كان المذهب الأثناسيوسي يستقيم وتفكير عامة الناس من البسطاء الذين يحكمون عواطفهم قبل عقولهم ، وهنا نلمس أثر الفوارق الحضارية بين الشرق والغرب ، إذ لم يلبث أن ساد المذهب الأثناسيوسي في بلاد الغرب اللاتيني في حين أصبحت الغلبة في الشرق الهلليني للمذهب الأريوسي ، هذا فضلا عما نلحظه من أن معظم المفكرين والفلاسفة والأدباء كانوا أريوسيين موحدين ، في حين كانت معظم الطبقات الوسطى والدنيا التي خشي الإمبراطور قسطنطين أن يؤثر ذلك في وحدة الإمبراطورية فحاول أن يوفق بين المذهبين لذا دعا قسطنطين إلى عقد مجمع ديني في نيقية عام ٣٢٥ م ، على الرغم من الحسم الخلاف ، وكان هذا المجمع أول مجمع مسكونى عالمى فى تاريخ الكنيسة، ومع ذلك فقد ظلت الأريوسية قائمة في الأجزاء الشرقية من الإمبراطورية ، ولعل بقاء المذهب الأريوسي قويا في الشرق كان من العوامل التي أدت بالإمبراطور قسطنطين إلى تغيير رأيه ، فاستدعى أريوس من منفاه سنة ٣٢٧م وتستطيع أن نعلل هذا التغيير الذي طرأ على مسلك قسطنطين بما كان يعتزمه الإمبراطور من نقل عاصمته إلى القسطنطينية ، وهو الأمر الذي تم فعلا عام ۳۳۰ م مما استلزم استرضاء أهالي الجزء الشرقي من الإمبراطورية، وتؤكد هذه الخطوة من جانب قسطنطين الرأي القائل بأنه كان على استعداد لتغيير ميوله المذهبية - بل الدينية - وفق ما تتطلبه مصالحه السياسية حيث أنه ظل يؤيد المذهب الأثناسيوسي طالما كانت عاصمته في الغرب ، لم يجد غضاضة في تغيير عقيدته أو ميوله نحو المذهب الأريوسي لذا تم عقد مجمع دينى جديد في صور سنة ٣٣٤م ألغي قرارات مجمع نيقية السابق ، ولم يلبث أريوس أن توفي فجأة في القسطنطينية عام ٣٣٦م . ولم يلبث أن لحق به الإمبراطور قسطنطين عام ٣٣٧م بعد أن تم تعميده على فراش الموت وفق مبادىء المذهب الأريوسي. وكان قسطنطين قد قسم الإمبراطورية قبل وفاته بين أبنائه الثلاثة ، فأحد قسطنطين الثاني الغرب، وأخذ قسطنطينوس الشرق، وهنا نجد كل حاكم من هؤلاء الحكام الثلاثة يعمل على توطيد نفوذه عن طريق المذهب السائد في بلاده ، مما جعل الخلاف المذهبي يتطور إلى انقسام في الكنيسة بين الشرق اليوناني والغرب اللاتيني ولكن حدث أن أبناء هذا الإمبراطور خالفوا أباهم واختاروا عدم الاستمرار فى مجاملة الوثنية وأهلها ، تم أغلقت معابدها بعد ذلك بعدة سنوات ، حتى تستسلم في سهولة مطلقة ، اذ بدأت تصحو من جديد عندما تولى حكم الإمبراطورية جوليان المرتد (٣٦١-٣٦٣م) الذي كان متمسكا بأهداب الحضارة اليونانية الوثنية ، فتحلى عن المسيحية سرا قبل أن يتولى منصب الإمبراطورية ، لذلك أمر بفتح معابد الوثنية التي أغلقت وفقا لمرسوم قسطنطينوس، وأعاد تنظيم رجال الدين الوثنيين وفق النظام المعمول به في الكنيسة ، كما أخذ يبعد المسيحيين تدريجيا عن وظائف الجيش والإدارة ليحل الوثنيين محلهم ، إذ لم يلبث المسيحيون أن استردوا في عهد جوفان - الذي حكم مدة لا تتجاوز سبعة أشهر - مكانتهم وامتيازاتهم التي حرمهم منها جوليان الذي تمسك بة جميع الأباطرة السابقين ، اذ ظلت الوثنية قوية - وبصفة خاصة في الغرب وروما - حيث استمرت تشيد لها المعابد حتى أواخر القرن الرابع ، فضلا عن قيامهم بمهام التنظيم الكنسي والواقع أن الاعتراف بالمسيحية دينا رسميا للإمبراطورية كانت له نتائج بعيدة الأثر بالنسبة للكنيسة ونظمها . اذ لم يتعد الرابطة الدينية بين مجتمعات مسيحية مستقلة بعضها عن بعض ، وقد ظهر على رأس الكنيسة عندئذ خمسة بطارقة في روما والقسطنطينية وأنطاكية وبيت المقدس والإسكندرية ، وكان يتبع كل واحد من هؤلاء البطارقة مجموعة من رؤساء الأسقافة الذين يشمل نفوذ الواحد منهم عدة أسقفيات ، ثم الأساقفة الذين يشرف كل منهم على شئون كرسيه الأسقفي ، ثم كان أن أخذت الكنيسة المسيحية تحصل - بصفتها راعية الديانة الرسمية للدولة - على امتيازات خاصة من الحكومة الإمبراطورية . وأهم هذه الامتيازات حق الحصول على الهبات والاعفاء من الضرائب فضلا عن قيام الأساقفة بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين المسيحيين ، ولم يلبث أن ازداد نفوذ الأساقفة تدريجيا في أقاليمهم بفضل مكانتهم الدينية من جهة وما جمعوه من صدقات و هبات من . جهة أخرى ، لا سيما وأن الصدقات التي جاد بها الخيرون كان يتم توزيعها على الفقراء مما أوجد طبقة من الفقراء والمحتاجين عن طريق الأسقف نفسه مستعدة لتنفيذ مشيئة رجال الدين. وهكذا أخذت تزداد ثروة الكنيسة ، والتبرعات التي قدمها الأهالي عن طيب خاطر من جهة أخرى. حتى أدى إلى تحويلها من منظمة بسيطة ديموقراطية الى هيئة وراثية ذات إدارة بيروقراطية مركزة ، كلفها التخلي عن سياسة التسامح من جهة ، ذلك أن النعمة الكبيرة التي أصبحت فيها الكنيسة أدت إلى اتساع الفجوة بين رجالها وجمهور المسيحيين . وبعبارة أخرى فان ازدياد ثروة رجال الدين أدى إلى اختفاء روح الأخوة والبساطة والمساواة وهي الروح التي ميزت الكنيسة في عصرها الأول ، وحل محلها القسوة والتعالي والتباعد وهو نتيجة طبيعية للغني المفرط المفاجئ ، وهكذا أخذ الأساقفة يتباعدون شيئا فشيئا عن رعاياهم ، ولم يلبث أن تضاءل قصر حاكم الولاية أمام القصر الأسقفي بعد أن تشبه الأساقفة بالأمراء وأحاطوا أنفسهم بالحشم والأتباع والموظفين على أن القرن الرابع لم يشهد قيام التنظيم الكهنوتي للكنيسة وازدياد نفوذها السياسي فحسب، بل شهد أيضا تطور اللاهوت المسيحي وتقدمه . لكنه لم يقم بأية محاولة لوضع لاهوت علمى منظم . وطالما كان أتباعه ورسله يقومون بتقديم مواعهم ونشر دعوتهم بين أناس غير مثقفين، ذلك أن هؤلاء المتعلمين أخذوا يتساءلون عن العلاقة بين الله والمسيح وحاولوا تحديد هذه العلاقة، كما استفسروا عن طبيعة الملائكة وغيرها من المسائل وسرعان ما أصبحت هذه المسائل تحتل جانبا كبيرا من تفكير المسيحيين عندما غدت المسيحية دينا رسميا للدولة ، مما استلزم وضع دراسات لاهوتية يقنع بها المثقفون من معتنقي الديانة الجديدة . وقد قام بهذه المهمة مجموعة من كبار مفكري المسيحية الذين يطلق عليهم عادة لقب أباء الكنيسة . نشاة البابوية : ففي الشرق أسلمت الكنيسة زمامها للأباطرة الذين ازداد تدخلهم في الشئون الكنيسة وبخاصة فيما بين القرنين السادس والثامن بحيث أخذوا يتدخلون لا في سياسة الكنيسة الخارجية فحسب بل في نظمها و سياستها الداخلية أيضا. هكذا أصبح من العسير وقف تدخل الامبراطور البيزنطي في شئون الكنيسة الشرقية ، ومن الواضح أن هذه السياسة وضع أسسها قسطنطين نفسه منذ اعترافه بالمسيحية وانشائه القسطنطينية، هذا إلى أنه استن سنة جديدة اتبعها خلفاؤه من الأباطرة الشرقيين ، هي قيام الإمبراطورية بدعوة المجامع الدينية العامة لبحث مختلف المشاكل المتعلقة بالكنيسة والعقيدة المسيحية. وسرعان ما وجدت الكنيسة الغربية ضالتها في شخص أسقف روما الذي تحول كرسية إلى بابوية لها السيادة العليا على الكنيسة في مختلف بلدان العالم الغربي. ولكن هذا الرأي صادف معارضة من القائلين بأن تراث المسيحية انتقل عن طريق الرسل والحواريين وظل محفوظا في الكنائس التي أسسوها ، لذا فإن خلفاءه - هذا في الساقفة روما أحق الناس بأن يرثوا زعامة العالم المسيحي الوقت الذي كان فيه الشرق البيزنطي مصرا على عباده ، ولكن مندوب البابا ليو الأول عارض هذا المبدأ واستشهد بعض قرارات مجمع نيقية على أسقية كرسي روما، القديس بطرس ، وفي عام ٤٥٥م أصدر الإمبراطور فالنشيان الثالث إمبراطور العرب مرسوما يقضى بخضوع جميع أساقفة الغرب للبابا. ومن جهة أخرى لأنه توالى على هذا المنصب عدد من كبار الأساقفة مثل جريجوري العظيم الذي دافع عن المدينة ضد البرابرة ، وقدم الكثير من الخدمات الاجتماعية،
الإمبراطورية والمسيحية
أخذت المسيحية تنتشر انتشارا حثيثا بحيث لم يكد ينتهي القرن الأول إلا وكانت كل ولاية رومانية من الولايات المطلة على البحر المتوسط تضم بين جوانبها جالية مسيحية ، بل إن المسيحيين كونوا جالية ملحوظة في روما نفسها منذ وقد مبكر يرجع إلى سنة ٦٤م مما عرضهم لنقمة الإمبراطور نيرون واضطهاده، ولم يقتصر اعتناق المسيحية حينئذ على الطبقات الدنيا من المجتمع الروماني بل امتدت للطبقات العليا التي تمثل الجانب الأرستقراطي في المجتمع الروماني، حقيقة أن الغالبية العظمي ممن اعتنقوا المسيحية في أوائل عهدها كانوا من الطبقة الدنيا ، وأن الطبقات العليا في المجتمع الروماني لم تقبل على اعتناق المسيحية في أعداد ضخمة إلا بعد أن تم الصلح بين الكنيسة والدولة بمقتصى مرسوم میلان سنة ۳۱۳ م، ولكن ليس معنى ذلك أن المسيحية عدمت أنصارا الها من أفراد الطبقة الأرستقراطية خلال القرون الثلاثة الأولى من
تاريخها.
وهنا نلاحظ أن ظروف الإمبراطورية الرومانية والأوضاع التي أحاطت بها كانت أكبر مساعد على سرعة انتشار المسيحية بين ربوعها . فهذه الإمبراطورية امتازت بشبكة واسعة من الطرق الصحمة التي ربطت مدنها وأطرافها برباط وثيق ، فضلا عن الأمن والسلام الدين سادا ربوعها ، و نشاط التبادل التجاري بين مختلف أجزائها . هذا كله عدا سيادة اللغة اللاتينية في الأجزاء العربية من الإمبراطورية ، واللغة اليونانية في
ووصولها إلى أقصى أطراف البلاد . أجزائها الشرقية، مما جعل من اليسير انتقال الآراء والأفكار والمعتقدان في سهولة بين مختلف أنحاء الإمبراطورية ، وبالتالى انتشار المسيحي
وكان الوضع المعروف في النظم الرومانية أن فئة واحدة من كبار الموظفين كانت تمسك بزمام جميع الوظائف الكبرى في الدولة ، مع ترك المية العقيدة لكل مواطن روماني طالما يعترف بآلهة الدولة الرسمية من جهة ، وطالما أن عقيدته لا تهدد سلام الإمبراطورية من جهة أخرى، أو أنه يجب على جميع الرعايا - مع اختلاف عقائدهم - أن يعترفوا بعباد الإمبراطور القائم (وهو اجراء يشبه يمين الولاء للحاكم حاليا) ، ولم يعد من هذا التكليف الأخير داخل حدود الإمبراطورية الرومانية سوى اليهود ، في حين لم يتمتع المسيحيون بهذا القدر من الحرية الدينية ومن الثابت أن المسيحية لم تكن الديانة الأجنبية الوحيدة التي كان على الحكومة الرومانية أن تحدد موقفها منها.
لذلك يبدو أن الأمر اختلط على الرومان في أول الأمر فظنوال المسيحية ليست إلا فرقة من الديانة الموسوية اليهودية ، لا سيما ل المسيحيين رفضوا - مثل اليهود - تأليه الإمبراطور وعبادته ، ولكن له يكد ينتهي القرن الأول حتى اتضح الأمر وظهرت الفوارق واضحة بين الديانتين ، فأخذ المسيحيون يجتمعون سرا لمباشرة طقوسهم الدينية ، كم رفضوا الخدمة في الجيش الروماني ، واتخذوا الأحد أول أيام الأسبين ليكون ذا صفة دينية بدلا من السبت عند اليهود، وهكذا أخذت الحكومة الرومانية تغير نظرتها إلى المسيحيين وتعتبرهم فئة هدامة تهدد أوضاع الإمبراطورية وسلامتها ، ويبدو أن سبب حنق الحكومة الرومانية على المسيحية كان اجتماعيا لا دينيا ، لأن المسيحية بدت في صورة ثورة اجتماعية خطيرة تنادى بمبادىء من شأنها تقويض الدعائم التي قام
عليها المجتمع الروماني.
وكان أن بدأت الحكومة الرومانية تعتبر اعتناق المسيحية جرما في حق الدولة ، فمنعت اجتماعات المسيحيين وأخذت تنظم حملات الاضطهاد صدهم ، وكان الإمبراطور نيرون أشد اضطهادا لهم، اذ قدم مسيحى روما طعاما للنار العظيمة التي أشعلها سنة ٦٤ م ، ويبدو أن هذا الاضطهاد أتي بنتيجة عكسية، لأن روح الشجاعة والصبر والإيمان التي واجه بها شهداء المسيحية مصيرهم أصبحت موضع اعجاب الكثيرين الذين أقبلوا هم الآخرون على اعتناق الديانة الجديدة، وهكذا لم يكد يحل القرن الثالث إلا وكانت المسيحية قد أصبحت قوة خطيرة نتيحة لازدياد عدد أتباعها ازديادا مطردا، مما دفع الإمبراطور دقلديانوس إلى التطرف في قمعها في أوائل القرن الرابع ولاسيما بعد أن أدي ازدياد نفوذ المسيحية بين رجال الجيش إلى التهديد بالقضاء على ولاء الجند للإمبراطورية. وقد أصدر هذا الإمبراطور عدة مراسيم منع فيها صلاة المسيحيين وأمر بهدم كنائسهم، واحراق كتبهم، وحبس قساوستهم وطردهم نهائيا من الوظائف الحكومية ، إلى غير ذلك من الاجراءات المشددة التي جعلت المسيحيين يطلقون على الفترة الأخيرة من حكمه عصر الشهداء ، ويبدو أن هدف دقلديانوس من هذه السياسة كان محاولة اجبار الكنيسة - عن طريق الاضطهاد - على الخضوع للدولة ، شأنها - شأن بقية الهيئات والمنظمات الاجتماعية في الدولة الرومانية . ذلك أن قيام الكنيسة كهيئة مستقلة أو كدولة داخل الدولة ، أمر يتعارض مع المبدأ الأول الذي أقام عليه دقلديانوس نظامه الذي يقضي بخضوع
جميع الرعايا لسيادة الدولة المطلقة. ومهما يكن من أمر فان المسيحية خرجت من جميع المعارك ظافرة مرفوعة الرأس، لاسيما بعد أن اعترف الإمبراطور قسطنطين بسياسة الأمر الواقع وأصدر مرسوم ميلان الشهير عام ٣١٣م معترفا بالديانة المسيحية كإحدى الشرائع المصرح باعتناقها داخل الإمبراطورية ، بمعنى أن يتمتع المسيحيون في الإمبراطورية بكافة الحقوق التي تمتع بها غيرهم من أتباع الديانات الأخرى ويضمن للمسيحيين وكافة الطوائف الأخرى حرية اختيار وممارسة العقيدة التي يرتضونها وبذلك ضمن من وجهة نظره رضاء جميع الآلهة والقوى السماوية ، كما ضمن رضاء جميع
الرعايا واستمرار تأييد الرب له.
وأمر مرسوم ميلان برد جميع الحقوق الدينية إلى المسيحية التي حرموا منها ظلماً وعدواناً ، وأن تُعاد للكنيسة جميع أماكن العبادة والأراضي العامة المصادرة دون جدل أو إبطاء أو تكلفة . واقترن هذا الانذار الصارم بوعد كريم قضي بأن يتم دفع تعويض من خزانة الإمبراطورية
لمن قاموا بشراء أملاك الكنيسة ودفعوا مبالغ كبيرة فيها.
وهنا نتوقف قليلا لنتدبر أهمية هذه الخطوة الجريئة التي أقدم عليها قسطنطين، فإذا تذكرنا أن الإمبراطورية الرومانية قامت على أساس الوثنية وفكرة تـ تأليه الأباطرة وإذا تذكرنا . ما نزل بالمسيحية في مختلف الولايات الرومانية من تعذيب واضطهاد ثم ما ترتب على اعتراف خططين بالمسيحية من انتشار سريع لهذه الديانية الجديدة وازدياد نفوذ رجالها حتى أصبحت الكنيسة أقوي هيئة في تاريخ أوروبا العصور الوسطى ، لأدركنا أهمية هذه الخطوة التي أقدم عليها قسطنطين. وقد اختلفت آراء الباحثين حول الدافع الذي جعل قسطنطين يصدر هذا المرسوم ، وهل أصدره عن عقيدة صادقة وإيمان بالمسيحية أم كان مجرد
اجراء سياسي اتخذه قسطنطين لتحقيق مآرب خاصة.
ولعل النصوص التي أوردها المؤرخون المعاصرون لعصر قسطنطين هي التي أوجدت جدلاً حول هذا الموضوع فنجد أحدهم يشير أن الإمبراطور اعتنق المسيحية منذ اللحظة الأولى من حكمه ، بينما يرى آخر أن إيمان قسطنطين مرجعه إلى شارة الصليب التي ظهرت في السماء عام ٣١٣م وموجز هذه الرواية أن قسطنطين عندما كان يعد العدة للقاء منافسه ماكسنتيوس Maxentius شهد في السماء راية الصليب فاتخذ الإمبراطور تلك الراية شعارا في حروبه . وهناك رواية أخرى تختلف عن هذه وتلك ، تذكر أن قسطنطين لم يعمد إلا على فراش الموت حيث وضع الأسقف يده على رأسه وأتم اجراء الطقوس الدينية ، ولعل ما دفع المؤرخين إلى هذا الخلط وتعدد رواياتهم سلوك قسطنطين نفسه والواقع أن هناك تدرج بطيء غير محسوس انتهى بإعلان قسطنطين نفسه حامياً للمسيحية فلقد كان من الشاق على قسطنطين أن يمحو من ذهنه ما تلقاه من عادات ومعتقدات وثنية ، وال
يؤمن بالديانة المسيحية
والواقع أنه توجد أدلة كثيرة تثبت إيمان قسطنطين بالمسيحية ، كما توجد عدد أدلة أخرى عديدة توضح استمرار اعتناقه الوثنية، ذلك أن المسيحيين عندئذ لم يتجاور عشر مجموع سكان الإمبراطورية ، الأمر الذي يؤيد الرأي الأول بأن قسطنطين اتخد قراره عن شعور ديني لا بداي المصلحة السياسية، وكانت المسيحية أوسع انتشارا وأشد تركيرا في الشرق منها في الغرب ، بحيث أن آسيا الصغرى غدت من المراكز الرئيسة للمسيحية في القرن الرابع ، هذا في الوقت الذي كان قسطنطين قد انتصر على خصمه ماكسنتيوس في موقعة جسر ملويان Milvian Bridge بإيطاليا سنة ۳۱۳م ، وبذلك دار السلطانه الجزء الغربي من الإمبراطورية ولم يبق أمامه سوى اخصاع جزئها الشرقي ، حتى تتحقق
له السيادة العامة على الإمبراطورية كلها . لذلك لا يستبعد أن يكون قسطنطين قد أصدر مرسوم ميلان غداة
انتصاره على ما كستنيوس في الغرب ليفتح أمامه أبواب الشرق ، وقيل أن قسطنطين رأى في منامه المسيح ومعه الصليب وأمره باتخاذ هذا الصليب شعارا له خلال الرحف على عدوه ، وكان انتصاره من الدوافع الأساسية لاعترافه بالمسيحية واعتناقها. وتعهد بحماية أرواح المسيحيين وممتلكاتهم اسوة ببقية رعايا الإمبراطورية ، ومن هذا يبدو أن سياسة فطنطير الدينية تمثل حلقة انتقال ، حيث أنه تسامح مع المسيحيين في الوقت الذي لم يضطهد الوثنيين وبذا حقق نوعا من التوازن بين الصبيحية والوثنية، حيث أبقى على الوثنية القديمة ورجالها و معابدها وطقوسها ، كما احتفظ مثل أسلافه من الأباطرة بلقب الكاهن الأعظم Pontifex Maximus
أما بلاطه فقد أصبح يغص بالأساقفة والقساوسة من مختلف المذاهب المسيحية ، جنبا إلى جنب مع الكهنة والفلاسفة الوثنيين . هذا في الوقت الذي صارت وظائف الدولة الكبيرة قسمة بين الوثنيين والمسيحيين ، كما نقلت على نقوده شعارات المسيحية والوثنية، أما عن حياته الخاصة فان قتل قسطنطين لزوجته وولده يدل على أنه لم يتأثر اطلاقا بتعاليم المسيحية وأخلاقها. وهكذا يمكن القول بأن قسطنطين ظل حتى أواخر
حياته وثنيا مع الوثنيين.
وقد شهدت المسيحية منذ أوائل عهدها خلافات مذهبية خطيرة كان لها أثر عظيم في تاريخ الشرق والغرب جميعا ، قسمت المسيحيين وبالتالي العالم الروماني إلى معسكرين وأثارت البغضاء الدينية والسياسية بينهما لمدة قرنين من الزمان ، وهى مشكلة تحديد العلاقة بين المسيح الابن ، ذلك أنه حدث خلاف بين اثنين من رجال الكنيسة والاله الأب بالإسكندرية حول تحديد هذه العلاقة فقال أريوس وهو كاهن سکندری مثقف بأن المنطق يحتم وجود الأب قبل الابن، ولما كان المسيح الابن مخلوق للاله الأب فهو اذا دونه ولا يمكن بأي حال ان يعادل الابن الإله الأب في المستوى ، وبعبارة أخرى فان المسيح مخلوق لا إله ، أما أثناسيوس فقال بأن فكرة الثالوث المقدس تحتم بأن يكون الابن مساويا للإله الآب تماما في كل شيء بحكم أنهما من عنصر واحد بعينه ، هذا وإن كانا شخصين متميزين . ويبدو أن الأثناسيوسيين أدركوا أن المسيحية تعتمد في دعوتها على مكانة المسيح ، وأن أي اتجاه نحو
التقليل من مركزه يؤدي إلى اضعاف الدعوة المسيحية.
ومن الواضح أن المذهب الأريوسى كان يتفق ومنطق المثقفين لأنه أراد أن يقيم العقائد المسيحية على أساس من المنطق والتعقل ، في حين كان المذهب الأثناسيوسي يستقيم وتفكير عامة الناس من البسطاء الذين يحكمون عواطفهم قبل عقولهم ، وهنا نلمس أثر الفوارق الحضارية بين الشرق والغرب ، إذ لم يلبث أن ساد المذهب الأثناسيوسي في بلاد الغرب اللاتيني في حين أصبحت الغلبة في الشرق الهلليني للمذهب الأريوسي ، هذا فضلا عما نلحظه من أن معظم المفكرين والفلاسفة والأدباء كانوا أريوسيين موحدين ، في حين كانت معظم الطبقات الوسطى والدنيا التي
انتمي اليها رجال الدين من الأثناسيوسيين.
وعندما اشتد الجدل وتفاقم النزاع بين الطرفين ، خشي الإمبراطور قسطنطين أن يؤثر ذلك في وحدة الإمبراطورية فحاول أن يوفق بين المذهبين لذا دعا قسطنطين إلى عقد مجمع ديني في نيقية عام ٣٢٥ م ، على الرغم من الحسم الخلاف ، وكان هذا المجمع أول مجمع مسكونى عالمى فى تاريخ الكنيسة، إذ حضره نحو ثلاثمائة من رجال الدين في الشرق والغرب تراسه الإمبراطور قسطنطين نفسه ، . أنه لم يكن معمدا . وقد أدان مجمع نيقية أريوس وبالتالي تقرر نفيه إلى اليريا والتخلص من كتاباته وتحريم تداولها واضطهاد أتباعه من الأريوسيين. ومع ذلك فقد ظلت الأريوسية قائمة في الأجزاء الشرقية من الإمبراطورية ، ومنها انتقلت إلى الأمم الجرمانية بواسطة المبشرين ورجال الدين.
ولعل بقاء المذهب الأريوسي قويا في الشرق كان من العوامل التي أدت بالإمبراطور قسطنطين إلى تغيير رأيه ، فاستدعى أريوس من منفاه سنة ٣٢٧م وتستطيع أن نعلل هذا التغيير الذي طرأ على مسلك قسطنطين بما كان يعتزمه الإمبراطور من نقل عاصمته إلى القسطنطينية ، وهو الأمر الذي تم فعلا عام ۳۳۰ م مما استلزم استرضاء أهالي الجزء الشرقي من الإمبراطورية، وتؤكد هذه الخطوة من جانب قسطنطين الرأي القائل بأنه كان على استعداد لتغيير ميوله المذهبية - بل الدينية - وفق ما تتطلبه مصالحه السياسية حيث أنه ظل يؤيد المذهب الأثناسيوسي طالما كانت عاصمته في الغرب ، ولكنه عندما شرع في نقل عاصمته إلى الشرق وأحس بالحاجة إلى استرضاء سكان القسم الشرقي من الإمبراطورية ، لم يجد غضاضة في تغيير عقيدته أو ميوله نحو المذهب الأريوسي لذا تم عقد مجمع دينى جديد في صور سنة ٣٣٤م ألغي قرارات مجمع نيقية السابق ، وقرر العفو عن أريوس وأتباعه ، وعزل اثناسيوس في العام التالي و نفي إلى غاليا حتى أطلق سراحه الإمبراطور جوليان (٣٦١-٣٦٣م) ، الذي كان بحكم وثنيته لا يهتم بأمر الأريوسيين أو الأثناسوسيين، ولم يلبث أريوس أن توفي فجأة في القسطنطينية عام ٣٣٦م . ولم يلبث أن لحق به الإمبراطور قسطنطين عام ٣٣٧م بعد أن تم تعميده على فراش الموت وفق مبادىء المذهب الأريوسي.
وكان قسطنطين قد قسم الإمبراطورية قبل وفاته بين أبنائه الثلاثة ، فأحد قسطنطين الثاني الغرب، وأخذ قسطنطينوس الشرق، في حين كانت إليريا والجزء الأوسط من شمال إفريقية من نصيب قنسطائر، وهنا نجد كل حاكم من هؤلاء الحكام الثلاثة يعمل على توطيد نفوذه عن طريق المذهب السائد في بلاده ، فاتجه قسطنطينوس نحو تشجيع الأريوسية ، في حين دأب أخواه على تأييد الأثناسيوسية، مما جعل الخلاف المذهبي يتطور إلى انقسام في الكنيسة بين الشرق اليوناني والغرب اللاتيني
أما عن موقف الوثنية المتداعية في هذه الحقبة فقد ظل قسطنطين الأول حتى وفاته سنة ٣٣٧م يتخذ موقفا وسطا بين المسيحية بمذهبها من جهة والوثنية من جهة أخرى. ولكن حدث أن أبناء هذا الإمبراطور خالفوا أباهم واختاروا عدم الاستمرار فى مجاملة الوثنية وأهلها ، بل شنوا عليها موجة عنيفة من الاضطهاد ، فصادروا ما لمعابدها من أراض وممتلكات اذا ما حلت سنة ٣٤٠م منع الأباطرة الثلاثة تقديم القرابين للآلهة الوثنية ، تم أغلقت معابدها بعد ذلك بعدة سنوات ، على أن الوثنية لم ، حتى تستسلم في سهولة مطلقة ، اذ بدأت تصحو من جديد عندما تولى حكم الإمبراطورية جوليان المرتد (٣٦١-٣٦٣م) الذي كان متمسكا بأهداب الحضارة اليونانية الوثنية ، فتحلى عن المسيحية سرا قبل أن يتولى منصب الإمبراطورية ، ولم يكد يتولى هذا المنصب حتى أعلن ارتداده عن المسيحية ، لذلك أمر بفتح معابد الوثنية التي أغلقت وفقا لمرسوم قسطنطينوس، وأعاد تنظيم رجال الدين الوثنيين وفق النظام المعمول به في الكنيسة ، واهتم بالمعابد الوثنية وزينتها حتى لا تبدو أقل جمالا من الكنائس، كما أخذ يبعد المسيحيين تدريجيا عن وظائف الجيش والإدارة ليحل الوثنيين محلهم ، ولكن يبدو أن هذه الصحوة التي مرت بها الوثنية على عهد الإمبراطور جوليان لم تستمر طويلا، إذ لم يلبث المسيحيون أن استردوا في عهد جوفان - الذي حكم مدة لا تتجاوز سبعة أشهر -
مكانتهم وامتيازاتهم التي حرمهم منها جوليان
ثم جاء الإمبراطور جراشيان ( ٣٧٥ - ٣٨٣م ( فتخلى عن لقب الكاهن الأعظم ، الذي تمسك بة جميع الأباطرة السابقين ، بل إن هذا الإمبراطور سرعان ما استأنف عام ۳۸۲م سياسة مصادرة ممتلكات المعابد الوثنية، حقيقة أن هذه الإجراءات لا تعني القضاء على الوثنية قضاء مبرما ، اذ ظلت الوثنية قوية - وبصفة خاصة في الغرب وروما - حيث استمرت تشيد لها المعابد حتى أواخر القرن الرابع ، ولكن تشييد المعابد الوثنية في هذه الفترة المتأخرة أصبح لا يتم على نفقة الحكومية كما كان الحال من قبل . ثم كانت بداية التطرف في استخدام القوة ، والعنف ضد الوثنية وأهلها في عهد الإمبراطور ثيودسيوس الأول الذي نجح في توحيد العالم الروماني تحت حكمه عام ٣٩٤م وقد استمرت الحرب التي بدأها ثيودسيوس الأول ضد الوثنية مدة ثلاثين سنة بعد وفاة هذا الإمبراطور أغلقت فيها معابد الوثنيين وأعدمت كتبهم ومنعوا من مباشرة طقوسهم الدينية حتى داخل منازلهم بل إن الإمبراطور أركاديوس ( ٣٩٥ - ٤٠٨م أصدر مرسوما بتحطيم معابد الوثنية - لا اغلاقها فحسب واستغلال أحجارها في اقامة منشآت عامة، وعندئذ أدركت الوثنية قرب مصيرها المحتوم فلم تجد بدا من الفرار والالتجاء الى مناطق العزلة النائية في إيطاليا وغاليا .. وهكذا ظل الحال حتى القرن السادس عندما أقام القديس بندكت ديره الشهير عام ٥٢٩م على أنقاض
آخر ما تبقى من معابد أبولو في مونت كاسينو.
على أن انتصار المسيحية استلزم قيام تنظيم جديد للعلاقة بين الكنيسة من جهة، والدولة والمجتمع من جهة أخرى ذلك أن الإمبراطورية الرومانية كان لها دين رسمى و كهنة يتمتعون بمساندة الحكومة وتأييدها 6 ولكن رجال الدين في العصر الوثني لم يحاولوا اطلاقا التدخل في شئون السلطة الزمنية بعكس الكنيسة التي أخذت تكتسب شيئا فشيئا صفة سلطة جديدة منافسة للسلطة العلمانية مما أوجد نفورا بين السلطتين الزمنية والروحية. وهنا نلاحظ أن تدخل الكنيسة في شئون السلطة الزمنية أخذ يستفحل بازدياد ضعف الإمبراطورية الرومانية واضمحلالها ، حتى انتهى الأمر بأن حلت الكنيسة محل الإمبراطورية عندما غربت شمس الأخيرة في غرب أوروبا ، ومما ساعد الكنيسة على تحقيق ذلك أنها حدت حذو الإمبراطورية الرومانية في تنظيماتها حتى الأساقفة يضطلعون بعبء التنظيم الإداري في أقاليم الإمبراطورية صبح
فضلا عن قيامهم بمهام التنظيم الكنسي والواقع أن الاعتراف بالمسيحية دينا رسميا للإمبراطورية كانت له نتائج بعيدة الأثر بالنسبة للكنيسة ونظمها . ذلك أن التنظيم الكنسي امتاز بالبساطة المطلقة في العصر المسيحي الأول ، اذ لم يتعد الرابطة الدينية بين مجتمعات مسيحية مستقلة بعضها عن بعض ، لكل مجتمع منها أسقف يساعده فريق من القساوسة والشمامسة . وقد ظهر على رأس الكنيسة عندئذ خمسة بطارقة في روما والقسطنطينية وأنطاكية وبيت المقدس والإسكندرية ، وهؤلاء يمكن تشبيههم بكبار الرؤساء الإداريين في الإمبراطورية الروماني. وكان يتبع كل واحد من هؤلاء البطارقة مجموعة من رؤساء الأسقافة الذين يشمل نفوذ الواحد منهم عدة أسقفيات ، ثم الأساقفة الذين يشرف كل منهم على شئون كرسيه الأسقفي ، وأخيرا يأتي فس الأبرشية في القرية . وهكذا ظهر سلم كهنوتي متدرج يشبه إلى حد كبير سلم الوظائف الإدارية في الإمبراطورية الرومانية.
ثم كان أن أخذت الكنيسة المسيحية تحصل - بصفتها راعية الديانة الرسمية للدولة - على امتيازات خاصة من الحكومة الإمبراطورية . وأهم هذه الامتيازات حق الحصول على الهبات والاعفاء من الضرائب فضلا عن قيام الأساقفة بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين المسيحيين ، ولم يلبث أن ازداد نفوذ الأساقفة تدريجيا في أقاليمهم بفضل مكانتهم الدينية من جهة وما جمعوه من صدقات و هبات من . جهة أخرى ، لا سيما وأن الصدقات التي جاد بها الخيرون كان يتم توزيعها على الفقراء مما أوجد طبقة من الفقراء والمحتاجين عن طريق الأسقف نفسه مستعدة لتنفيذ مشيئة رجال الدين. وهكذا أخذت تزداد ثروة الكنيسة ، حتى امتلكت الأراضي والضياع الواسعة التي قام العبيد والأقنان بفلاحتها، هذا فضلا عن الهبات التي أغدقها الأباطرة بسخاء من جهة، والتبرعات التي قدمها الأهالي عن طيب خاطر من جهة أخرى.
ويلاحظ أنه إذا كان التطور الذي مرت به الكنيسة في القرن الرابع امتاز بعمقه وسرعته ، حتى أدى إلى تحويلها من منظمة بسيطة ديموقراطية الى هيئة وراثية ذات إدارة بيروقراطية مركزة ، إلا أن الكنيسة دفعت ثمنا باهظا مقابل ما أحرزته من عظمة ، كلفها التخلي عن سياسة التسامح من جهة ، وانتشار الفساد - من رشوة وسرقة ومحاباة في جهازها من جهة أخرى . ذلك أن النعمة الكبيرة التي أصبحت فيها الكنيسة أدت إلى اتساع الفجوة بين رجالها وجمهور المسيحيين . وبعبارة أخرى فان ازدياد ثروة رجال الدين أدى إلى اختفاء روح الأخوة والبساطة والمساواة وهي الروح التي ميزت الكنيسة في عصرها الأول ، وحل محلها القسوة والتعالي والتباعد وهو نتيجة طبيعية للغني المفرط المفاجئ ، وهكذا أخذ الأساقفة يتباعدون شيئا فشيئا عن رعاياهم ، وصار الواحد منهم يجلس على عرشه الأسقفي كما كان يفعل الحاكم الروماني من قبل . ولم يلبث أن تضاءل قصر حاكم الولاية أمام القصر الأسقفي بعد أن تشبه الأساقفة بالأمراء وأحاطوا أنفسهم بالحشم والأتباع والموظفين على أن القرن الرابع لم يشهد قيام التنظيم الكهنوتي للكنيسة وازدياد نفوذها السياسي فحسب، بل شهد أيضا تطور اللاهوت المسيحي وتقدمه . ذلك أن المسيح وضع للناس أسلوبا جديدا للحياة ، لكنه لم يقم بأية محاولة لوضع لاهوت علمى منظم . وطالما كان أتباعه ورسله يقومون بتقديم مواعهم ونشر دعوتهم بين أناس غير مثقفين، ولكن انتشار المسيحية بين المثقفين الذين ألفوا التفكير وطرق الجدل وأساليب المنطق والفلسفة أدى إلى تطور جديد في الدراسات اللاهوتية. ذلك أن هؤلاء المتعلمين أخذوا يتساءلون عن العلاقة بين الله والمسيح وحاولوا تحديد هذه العلاقة، كما استفسروا عن طبيعة الملائكة وغيرها من المسائل وسرعان ما أصبحت هذه المسائل تحتل جانبا كبيرا من تفكير المسيحيين عندما غدت المسيحية دينا رسميا للدولة ، مما استلزم وضع دراسات لاهوتية يقنع بها المثقفون من معتنقي الديانة الجديدة . وقد قام بهذه المهمة مجموعة من كبار مفكري المسيحية الذين يطلق عليهم عادة لقب
أباء الكنيسة .
نشاة البابوية :
تطلب التيار الذي انساقت فيه الكنيسة ، ومحاكاتها لنظم الحكومة الإمبراطورية قيام شخصية عظيمة على رأسها كما كان للإمبراطورية إمبراطور يتزعمها . وهنا نلاحظ فارقا واضحا بين الشرق والغرب ، ففي الشرق أسلمت الكنيسة زمامها للأباطرة الذين ازداد تدخلهم في الشئون الكنيسة وبخاصة فيما بين القرنين السادس والثامن بحيث أخذوا يتدخلون لا في سياسة الكنيسة الخارجية فحسب بل في نظمها و سياستها الداخلية أيضا. هكذا أصبح من العسير وقف تدخل الامبراطور البيزنطي في شئون الكنيسة الشرقية ، ومن الواضح أن هذه السياسة وضع أسسها قسطنطين نفسه منذ اعترافه بالمسيحية وانشائه القسطنطينية، هذا إلى أنه استن سنة جديدة اتبعها خلفاؤه من الأباطرة الشرقيين ، هي قيام الإمبراطورية بدعوة المجامع الدينية العامة لبحث مختلف المشاكل المتعلقة بالكنيسة والعقيدة المسيحية. أما في الغرب فان الوضع اختلف عن ذلك كثيرا لأن الإمبراطورية الغربيئة أصبحت بعد تقسيم العالم الروماني ضعيفة لا تستطيع أن تفرض سيطرتها على الكنيسة والدولة معا كما حدث في الشرق ، وسرعان ما وجدت الكنيسة الغربية ضالتها في شخص أسقف روما الذي تحول كرسية إلى بابوية لها السيادة العليا
على الكنيسة في مختلف بلدان العالم الغربي.
وإذا انتقلنا إلى التنافس بين روما والقسطنطينية حول الزعامة الدينية على العالم المسيحي ، فإن القسطنطينية اعتمدت على أنها مركز الأباطرة ومحل اقامتهم، وبالتالي يحق للبطريرك فيها أن تكون له الزعامة الدينية على العالم المسيحي كما كان لإمبراطورها الزعامة السياسية . ولكن هذا الرأي صادف معارضة من القائلين بأن تراث المسيحية انتقل عن طريق الرسل والحواريين وظل محفوظا في الكنائس التي أسسوها ، وبخاصة في التشريف ، لأن أحدا من الرسل لم يشرفها بالذهاب إليها أو الاستشهاد الشاكية والإسكندرية وروما . وهنا تبدو القسطنطينية مفتقرة إلى مثل هذا قربها أو تأسيس كنيسة في منطقتها ، لأن القسطنطينية نفسها لم تؤسس الا في القرن الرابع، أما روما فيكفيها فخرا أنها ارتبطت ارتباطا أبديا مذكرى القديس بطرس زعيم الحواريين ومقدم الرسل ، لذا فإن خلفاءه - هذا في الساقفة روما أحق الناس بأن يرثوا زعامة العالم المسيحي الوقت الذي كان فيه الشرق البيزنطي مصرا على عباده ، فاستمر الأباطرة يدعون المجامع الدينية للنظر في المسائل الدينية المعلقة ، كما أحدوا يساندون مبدأ المساواة المطلقة بين روما والقسطنطينية من حيث المركز الديني .
وقد حاول زعماء الكنيسة الشرقية في مجمع خلقدونيا سنة ٤٥١م تأكيد هذه المساواة في المكانة والامتيازات بين كرسي روما و كرسي القسطنطينية ، ولكن مندوب البابا ليو الأول عارض هذا المبدأ واستشهد بعض قرارات مجمع نيقية على أسقية كرسي روما، وهكذا تمسك بابوات روما دائما بفكرة أنهم خلفاء . القديس بطرس ، حتى اعترف برعامتهم جميع أسقفيات الغرب في القرن الخامس ولم تعارضهم سوى الكنيسة الشرقية . وفي عام ٤٥٥م أصدر الإمبراطور فالنشيان الثالث إمبراطور العرب مرسوما يقضى بخضوع جميع أساقفة الغرب للبابا. وهنا نشير إلى وجود عوامل أخرى ثانوية ساعدت على تحقيق سيادة البابوية ، منها زيادة اللجوء إلى أساقفة روما لاستئناف الأحكام القضائية التي أصدرتها المجامع الإقليمية أو صغار الأساقفة مما جعل أسقف روما يبدو بمثابة الحكم الأكبر والسيد الأعلى ، بالاضافة إلى تعاقب عدد من ذوى الشخصيات القوية على كرسيها الأسقفي مثل ليو الأول وجريجوري الأول هذا فضلا عن أن سقوط الإمبراطورية في الغرب سنة ٤٧٦م ترك البابا وحيدا لا ينافسه سيد سياسي في الغرب ، في الوقت الذي كان
بعيدا عن سلطان إمبراطور القسطنطينية و نفوذه في الشرق وهكذا سارت الأمور حتى تحققت للبابوية سيادتها الفعلية في عهد البابا جريجوري الأول أو العظيم ( ٥٩٠-٦٠٤م) الذي دانت لنفوذه الكنيسة الغربية بأكملها ، وذلك بوصفه خليفة للقديس بطرس، أما الشرق فقد ظل مستقلا بإمبراطوريته وكنيسته عن الغرب، وفي الوقت نفسه كان الخلاف حول تفسير بعض المسائل الدينية كان دائما من العوامل التي زادت من اتساع الفجوة بين الكنيستين الشرقية والغربية
وفى الغرب الأوروبي لم يحصل أسقف روما على لقب البابا حتى القرن الخامس الميلادي ، وقبل ذلك كان يلقب بالكاردينال، وذلك لمكانته الدينية، باعتباره خليفة القديس بطرس من جهة ، ومن جهة أخرى لأنه توالى على هذا المنصب عدد من كبار الأساقفة مثل جريجوري العظيم الذي دافع عن المدينة ضد البرابرة ، وقدم الكثير من الخدمات الاجتماعية، وشجع الأعمال التبشيرية.
لقد كان العصر الأول للمسيحية هو عصر الرهبان على الرغم من أن الديرية ازدهرت أولاً في الشرق ، وبوجه خاص في مصر ، والقديس بندكت الذي يرجع أصله إلى نورسيا Nursia في إيطاليا هو الذي أدخل نظام الديرية، ونظامه الشهير شجع على حياة التنسك والزهد في الأمور الدنيوية ، وهذا النظام فرض على أتباعه وبشكل معقول ضرورة تخصيص ساعات للصلوات ، والعبادة ، والدراسة والعمل في الحقول
ومازال هذا النظام هو السائد في كثير من الأديرة. وفي الفترة ما بين القرنين السادس والعاشر الميلاديين ، وهي الفترة التي شهدت الركود الاقتصادي الذي أعقب سقوط روما ، استطاع الرهبان أن يبسطوا هيمنتهم على العالم الغربي كله ، وقاموا بكثير من الأعمال التبشيرية العظيمة ؛ وإلى حد ما فإنهم حافظوا على الحضارة القديمة في مكتباتهم ، حيث قاموا بنسخ الكثير من الكتب، وأصدروا العديد من الكتب الجديدة ، كما أداروا معظم المدارس، وفي داخل جدران أديرتهم احتمى كثير من الرجال الذين كان لديهم الدافع للزهد وهجر الحياة ، والبحث عن الفضيلة، والرضا بالقضاء والقدر، لذا كانت المؤسسات الديرية أشبه ما يكون بالجنة التي يفر إليها كل من يستطيع الهرب من
العالم المليء بالشرور والآثام.
ولقد شهدت هذه الفترة ذاتها قيام الكثير من المؤسسات الكنسية ، كما أن الذهاب في رحلة من رحلات الحج إلى أحد الأماكن المقدسة أصبح شيئًا كثير الحدوث منذ القرن الثالث فصاعداً، وكذلك الحصول على الذخائر المقدسة من الشرق كان أخذا في التزايد، وأدى إلى كثير من المنافسات غير الأخلاقية في جمع تلك الذخائر المقدسة. كما أن الطقوس الدينية أصبح لها شكل ثابت ، وتم تدوين الترانيم الكبرى ، وتشكلت الجمعيات الخيرية الدينية إلا أن الكنيسة الأولى تعرضت لكثير من الانقسام والتمزق بسبب الأشخاص المولعين بالخصام المذهبي.
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
Traffic Padding: inserting some bogus data into the traffic to thwart the adversary’s attempt to use...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم ذهب إلى دورة القرآن وتعلمت القرآن ثم عدت إلى منزلي ومكتبي قلي...
يجمع نظام التكاليف بجوار المحاسبة على الفعليات،التوفيق في ظروف حدوثها وأسبابها ومدى الكفاءة في التنف...
نطاق البحث يركز هذا البحث على تحليل الأطر القانونية والمؤسساتية لعدالة الأحداث، مع دراسة النماذج الد...
نفيد بموجب هذا الملخص أنه بتاريخ 30/03/1433هـ، انتقل إلى رحمة الله تعالى المواطن/ صالح أحمد الفقيه، ...
العدل والمساواة بين الطفل واخواته : الشرح اكدت السنه النبويه المطهرة علي ضروره العدل والمساواة بين...
آملين تحقيق تطلعاتهم التي يمكن تلخيصها بما يلي: -جإعادة مجدهم الغابر، وإحياء سلطانهم الفارسي المندثر...
Network architects and administrators must be able to show what their networks will look like. They ...
السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يجيب عن أسئلة شفوية بمجلس النواب. قدم السيد مح...
حقق المعمل المركزي للمناخ الزراعي إنجازات بارزة ومتنوعة. لقد طوّر المعمل نظامًا متكاملًا للتنبؤ بالظ...
رهف طفلة عمرها ١٢ سنة من حمص اصيبت بطلق بالرأس وطلقة في الفك وهي تلعب جانب باب البيت ، الاب عامل بسي...
قصة “سأتُعشى الليلة” للكاتبة الفلسطينية سميرة عزام تحمل رؤية إنسانية ووطنية عميقة، حيث تسلط الضوء عل...