لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) ماهيته وفروعه
أو علم الانسان (۱) : لقد أنت هذه الكلمة الأوربية من أصلين يونانيين ( انتروبس Anthropos أي الإنسان ولوجس Logos أي الكلمة أو العلم ) ،
ولكن تعريف الأنثروبولوجيا بهذا الشكل يجعلها تلتبس بالعلوم الإنسانية Humanities أو Human sciences التي يدرس كل منها ناحية أو أكثر من نواحي الانسان والحياة الانسانية ،
وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم السياسة وغيرها من العلوم الانسانية تدرس الانسان ولكنها في الوقت نفسه لها مجالها الذي يختلف عن مجال الأنثروبولوجيا .
ومن هنا تأتي عدة أسئلة وهي : في أية نواح بعد هؤلاء الأقوام متأخرين عن المجتمعات المتطورة ؟ أفي اخلاقهم مثلا ؟ أم في صفاتهم النفسية والبيولوجية ؟ أم في نظمهم الاجتماعية ؟ ثم ما هو المحك أو المعيار الذي نستخدمه في قياس التقدم أو التأخر ؟ .
تحليلية ويستخرج منها القواعد التي تخضع لها بدون أية أحكام تقديرية ،
ولقد لجأ بعض العلماء العرب إلى الاحتفاظ بالاسم الأجنبي منعاً للبس ،
ولكننا مع هذا نفضل ترجمته باسم علم الانسان مع ما في هذا التعبير من لبس ،
لأن هذا اللبس سيزول مع الاستخدام والانتشار والتعود ،
ولقد أصبح علم الانسان ولا سيما في الخمسين سنة الأخيرة علماً مركباً شديد التركيب ،
وكل من هذين العلمين يحتوي على عدة علوم - كما سنرى وذلك إلى جانب علم ثالث هو علم الانسان التطبيقي .
، ثم كثير من العلوم الفزيائية كالجيولوجيا وعلم الفلك فعلم الانسان إذن علم مركب معقد يشتمل على عدد كبير من العلوم ويتعلق بعدد لا حصر له من الدراسات .
و في أوائل القرن العشرين أطلق على العلماء الذين شغلوا أنفسهم بالأوجه غير العادية والمستغربة لتاريخ الانسان - اسم علماء الانسان .
ولماذا تنقل الملكية في بعض الشعوب متبعة قرابة الذكور وفي بعضها الآخر تتبع قرابة الإناث وفي نوع ثالث من الشعوب يرث الذكور والإناث معاً ؛
ولماذا يمرض بعض الناس ويموتون عندما يظنون أنهم سحروا على حين يسخر أناس آخرون من هذه الفكرة ؟ كانوا يبحثون عن الكليات أو المبادىء العامة في علم الحياة الانسانية وفي الأخلاق الانسانية .
. فعلم الانسان والحال هذه يدرس المجتمعات البدائية لا كفاية في ذاتها ولكن بقصد الوصول من تلك الدراسة إلى زيادة فهم الطبيعة الانسانية والنظم والعادات والتقاليد والأعراف السائدة في المجتمعات الحديثة لأننا إذ ندرسها في المجتمعات البدائية إنما ندرس أصولها الأولى ،
وهو يدرس الانسان من هذه الزاوية يعد علماً طبيعياً Natural science لانه يدرس كيف نشأت الحياة في هذا العالم وكيف انشعبت التركيبات الحيوانية وتفرقت وتعقدت وما هي الاوجه المتشابهة والمتفاوتة بين الانسان والمجموعات الحيوانية الأخرى .
فعلم الانسان يتميز بصفة هامة تجعله فريداً بين العلوم وهو أنه في معالجته للإنسان يحتوي على نوعين من الدراسات : دراسات فزيائية تبحث في الإنسان من حيث هو كائن ،
ودراسات اجتماعية تبحث في الإنسان من حيث هو حيوان مفكر قادر وحده - دون كل الحيوانات - على إبداع النظم والثقافات .
ما هو الغرض المتوخى أو الاغراض المتوخاة من دراسة هذا العلم ؟ علم الإنسان يسهم أولاً وقبل كل شيء في إفهامنا ذلك التعبير الغامض الذي نطلق عليه اسم « الطبيعة الانسانية ،
وعلم الانسان يبحث عن تعريف لتلك الطبيعة وعما إذا كانت تلك الطبيعة تعمل عند الشعوب المتحدثة باللغة الاسبانية بطريقة تختلف عنها عند الشعوب المتحدثة باللغة الانجليزية مثلاً ،
والتي تعيش في ظروف بثوية متغايرة والتي تنتمي إلى سلالات وأصول سلالية متبانية والتي تتكلم لغات ولهجات مختلفة - كيف نواجه تلك الشعوب مشكلاتها وتشق طريقها في الحياة ،
إذ ما فتيء الانسان منذ العصور السحيقة يسأل نفسه عن ماهيته وماهية الأشياء والفرق بين الانسان وما يحيط به من كائنات والفرق بين إنسان جماعة معينة وإنسان جماعة أخرى .
فعلماء الانسان اليوم يبحثون بشكل علمي ووفق المنهج الموضوعي الطبيعة الانسانية التي كان يتكلم فيها العلماء وغيرهم من الخاصة منذ العصور القديمة ويبحثون فيها بطريقة فلسفية .
وعندما أتى مالتس مثلا في القرن الثامن عشر وصاغ نظريته التي تذهب إلى أن السكان يتزايدون وفق متوالية هندسية بينما الموارد المعيشية في المجتمع لا تتزايد إلا وفق متوالية حسابية أو عددية ،
ومن ثم أظهر مخاوفه التشاؤمية من أن موارد المجتمعات لن تكفي يوماً ما الأعداد الهائلة من السكان الذين سيكونون معرضين للموت جوعاً .
وذهب هؤلاء العلماء إلى أن الميل الجنسي بين الرجال والنساء يقل كلها تطورت المجتمعات ومن ثم تقل نسبة الزواج بين الرجال والنساء كلما تطورت المجتمعات البشرية ،
وكانت هذه النغمة التي انتهى إليها هؤلاء العلماء متمشية مع النظرية العامة التي سادت تفكير علماء الاقتصاد في القرن الثامن عشر من أن المجتمعات البشرية تسير وفق قوانين طبيعية الهية خيرة تنق بطريقة آلية ،
هل ثمة اختلاف بين السلالات البشرية المختلفة من النواحي النفسية بأنواعها المختلفة كالبواعث الفطرية والانفعالات والعواطف وأنواع الادراك والاحساس ؟ هل ثمة فرق في مستويات الذكاء مثلا بين السلالات البشرية المختلفة ،
أو في معايير التفكير أو ما يسمى بالمقولات ؟ وهل ثمة عقلية بدائية تختلف عن عقلية المتطورين ؟ أم أن ليس ثمة اختلاف ألبتة بين البدائيين والمتطورين وأن ما بين كلا النوعين من فوارق إنما يرجع إلى الاختلاف بينها في النماذج الثقافية والحضارية .
وتلك الحال هي أشبه شيء بالحالة التي ينظر فيها الجد إلى حفيد له يشبهه فيرى فيه صورة حية لما كان يأتي من تصرفات عندما كان طفلا في المهد منذ عشرات السنين .
ولذالك يقول أحد العلماء : وإن علم الانسان يمسك بمرآة كبرى للإنسان ليدعه ينظر إلى نفسه في صوره التي لا نهاية لها » .
، تأتي عدة أسئلة هامة يجيب عليها علم الإنسان : كيف سار التطور الانساني من الناحيتين البيولوجية أو الحيوية والثقافية ؟ وهل ثمة مبادىء عامة أو قوانين يخضع لها ذلك التطور ؟ وما هي العلاقات الضرورية التي توجد بين الشعوب الماضية والشعوب الحالية فيما يخص ما سادها وما يسودها من نموذج فزبائي أو جسمي ،
ومن أغراض هذا العلم الكبرى أنه يفسر لنا كثيراً من مظاهر حياتنا الحالية وهي المظاهر التي لا نستطيع فهمها إلا بالرجوع الى دراستها عند البدائيين : ومن أمثلة ذلك : لماذا يضع بعض الناس في القرى وفي بعض المدن على أبواب بيوتهم ثمرات من البصل أو القمح الجاف أو تمساحاً مجففاً محشواً بالحصى أو تمثالاً لتمساح يعلقونه ؟ لماذا يلبس المريض بالحصبة من الأطفال في بعض القرى ملابس حمراء والمريض بالحمى ملابس صفراء ؟ كيف نفسر لبس و دبلة الخطوبة ،
أو الصليب ؟ كيف نفسر مظاهر العرافة والسحر التي لا زالت سائدة عند كثير من المتطورين أشخاصاً وجماعات وتفسير الأحلام لرؤية المستقبل ؟ إننا لا نستطيع أن نفهم كثيراً من ظواهرنا ونظمنا وعاداتنا الاجتماعية وتقاليدنا إلا إذا رجعنا الى علم الانسان ليعيننا على فهمها وفهم أصولها وماذا طرأ عليها .
على أن فعل يكون كان مستخدماً في اللغات السامية القديمة ؟ ثم في الحساب والرياضة نجد بعض الناس في أوروبا يتشاءمون من رقم ١٣ فما هو سر هذا الاعتقاد وما أساسه ؟ وما أساس التشاؤم والتفاؤل ؟ ولما تجعل بعض المجتمعات مقاييسها عشرية كالفرنسيين ( المتر ١٠ ديسمتر والديسيمتر ۱۰ سنتميتر والسنتميتر ۱۰ ملليمتر .
إذ كانوا يقرأون الكتب المؤلفة والتقارير الضافية عن نفسية تلك الشعوب وعاداتها وتقاليدها حتى يستطيعوا ان يعرفوا ميول الافراد وبذلك يتبعون الوسائل التي تسهل لهم مهمتهم سواء في الحقل السياسي أو الاقتصادي أو الديني ،
وفي كتابنا عن أسس علم الاجتماع بينا كيف حاول بعض الاوروبيين استخدام بعض آيات الكتاب المقدس ) كالآية : كتب على أولاد حام أن يكونوا قطاع أخشاب وحملة ماء ) في تبرير وجود السلالات ،
البشرية وزعموا أن من الطبيعي أن يحكم شعب متطور شعباً آخر بدائياً وكيف احتجت الكنيسة الكاثوليكية على ذلك التفسير المغرض لآيات الكتاب المقدس .
على كل حال يذهب بعض العلماء إلى أن علم الانسان قد نشأ منذ البداية ليخدم ببحوثه التي تقوم على تقسيم الانسان إلى سلالات متفاوتة فيما بينها - الاستعمار وليبور اخضاع شعب ما لشعب آخر .
فنتائح الرياضة والطبيعة والكمياء والذريات وأي علم من العلوم يمكن ان تستخدم للنفع كما تستخدم للضرر وهذا ليس من شأنه أن يسيء إلى قيمة العلم ولا العلماء .
على أن دراسات الفوارق الجسمية والنفسية بين الشعوب - قبل أن تنظم وتتخذ لنفسها علماء كانت تستخدم منذ العصور القديمة لتعريف الساسة والحكام بعادات وتقاليد المجتمعات الخاضعة لحكمهم أو التي يريدون ضمها إلى ملكهم حتى تسهل مهمتهم ،
كما كان يستعان بدراسة السمات الجسمية في الحرب للتفرقة بين القتلى ومعرفة ما إذا كانوا من جنود الجيوش المنتمية للأعداء أو للجيوش المحلية أو الصديقة وذلك إلى جانب السترة العسكرية .
أو نيران موقدة ) أي تواتم الدول المراد مهاجمتها حتى إذا رأى الشعب المهاجم صفوف التوائم خر لها ساجداً فيأخذه الجيش المهاجم على غرة ويستطيع أن يهزمه بهذة الطريقة ،


النص الأصلي

علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) ماهيته وفروعه
ا الأنثروبولوجيا ، أو علم الانسان (۱) : لقد أنت هذه الكلمة الأوربية من أصلين يونانيين ( انتروبس Anthropos أي الإنسان ولوجس Logos أي الكلمة أو العلم ) ، فالانثروبولوجيا هي علم الإنسان أو هي علم دراسة الانسان . ولكن تعريف الأنثروبولوجيا بهذا الشكل يجعلها تلتبس بالعلوم الإنسانية Humanities أو Human sciences التي يدرس كل منها ناحية أو أكثر من نواحي الانسان والحياة الانسانية ، فالتاريخ والجغرافية البشرية ، وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم السياسة وغيرها من العلوم الانسانية تدرس الانسان ولكنها في الوقت نفسه لها مجالها الذي يختلف عن مجال الأنثروبولوجيا . واهل هذا هو السبب في أن بعض المفكرين العرب قد رأى ترجمة هذه الكلمة و بعلم الانسان الأول ) لما عرف عن الأنثروبولوجيا من أنها تدرس المجتمعات البدائيه ، ولكن الأنثروبولوجيا لا تقتصر على دراسة المجتمعات البدائية وحدها بل تتعدى ذلك الى دراسة المجتمعات المتحضرة ، إذ يقول في هذا الشأن هيبل Hoebel و ان الأنثروبولوجيا قد ركزت انتباهها تقليدياً على دراسة إنسان ما قبل التاريخ والانسان البدائي . ولكن من حيث كونها علماً لدراسة الانسان ، ينبغي لها مع ذلك أن تدخل في مجالها بحق دراسة الانسان على أي مستوى ثقافي بدائي ومتحضر ، وينبغي لها بحق أن تدخل في أبحاثها دراسة الانسان في أي زمن ، سواء كان هذا فيما قبل التاريخ أو في العصور التاريخية أو المعاصرة . إن أذ لا تكون البؤرة الأساسية لهذه الدراسة . ولنفس هذا السبب لا يصح ترجمة كلمة انثروبولوجيا بعلم المجتمعات المتأخرة، فضلا عما يحمله لفظ ( متأخرة من حكم معياري يبعدنا عن مجال العلم وروحه ، يصح أن ننعت الأقوام البدائيين بالمتأخرين ، إذ يعني هذا أننا نحكم على هؤلاء الأقوام بالتأخر وعلى المجتمعات المتطورة بالتقدم ؛ ومن هنا تأتي عدة أسئلة وهي : في أية نواح بعد هؤلاء الأقوام متأخرين عن المجتمعات المتطورة ؟ أفي اخلاقهم مثلا ؟ أم في صفاتهم النفسية والبيولوجية ؟ أم في نظمهم الاجتماعية ؟ ثم ما هو المحك أو المعيار الذي نستخدمه في قياس التقدم أو التأخر ؟ ... إلى غير ذلك من الأسئلة . إن علم الانثروبولوجيا من حيث هو علم ، لا يحكم بالتقدم أو التأخر ، بل يدرس الظواهر دراسة موضوعية شأنه الأنثروبولوجيا يجب أن تنتهي إلى نتائج يستفاد منها في مشكلات المجتمع الحديث ؛ ويجب عليها أن تضع مناهجها تحت تصرف العلوم الأخرى .. فالأنثروبولوجيا إذن لا تقتصر في دراستها - كما سنوى ذلك جلياً على المجتمعات البدائية ومجتمعات ما قبل التاريخ وإن كانت تلك المجتمعات
تحليلية ويستخرج منها القواعد التي تخضع لها بدون أية أحكام تقديرية ، في هذا كشأن أي علم من العلوم . ولقد لجأ بعض العلماء العرب إلى الاحتفاظ بالاسم الأجنبي منعاً للبس ، ولكننا مع هذا نفضل ترجمته باسم علم الانسان مع ما في هذا التعبير من لبس ، لأن هذا اللبس سيزول مع الاستخدام والانتشار والتعود ، إذ سيفهم طلاب الاجتماع والدراسات الانسانية أن علم الانسان جزء من الدراسات الانسانية ، وأنه ليس جماع هذه الدراسات
ولقد أصبح علم الانسان ولا سيما في الخمسين سنة الأخيرة علماً مركباً شديد التركيب ، وهو من أكثر العلوم تعقداً ، إذ لم يعد علماً بسيطاً . فهو في الحقيقة يحتوي على علمين كبيرين ، هما علم الانثروبولوجيا الفزيائية ، أو علم الانسان الفزيائي وعلم الانسان الثقافي . وكل من هذين العلمين يحتوي على عدة علوم - كما سنرى وذلك إلى جانب علم ثالث هو علم الانسان التطبيقي . ثم هو بعد ذلك يتصل أوثق اتصال بكثير من العلوم الانسانية وغير الانسانية ، كعلوم الاجتماع والنفس والحياة والتاريخ والآثار والتشريح .. ، ثم كثير من العلوم الفزيائية كالجيولوجيا وعلم الفلك فعلم الانسان إذن علم مركب معقد يشتمل على عدد كبير من العلوم ويتعلق بعدد لا حصر له من الدراسات .
٢ - التعريف بعلم الانسان ، موضوعه والغرض منه : (۲) يقول ج ما نتشب هوايت في كتابه و علم الانسان ، و إننا في استخدامنا لتعبير علم الانسان لا نقصد دراسة الانسان بقدر ما نقصد دراسة الانسان البدائي ، وهذا يعني دراسة المجتمعات القطرية ذلك أن دراسة الانسان المتطور المعقد المجتمعاتنا المتحضرة ، بالمعنى الحضري لهذه الكلمة ، ليست من مهمة عالم الانسان بل من مهمة عالم الاجتماع ، . ويقول كلايد كلو كهون في كتابه « مرآة الانسان ، و في أوائل القرن العشرين أطلق على العلماء الذين شغلوا أنفسهم بالأوجه غير العادية والمستغربة لتاريخ الانسان - اسم علماء الانسان . لقد كانوا رجالاً يبحثون عن أبعد أجداد الانسان ، وعن تروادة هوميروس ، وعن الموطن الأصلي للهنود الأمريكيين ، وعن العلاقة بين ضوء الشمس الساطع ولون البشرة ، وعن أصل العجلة ودبوس الأمن وصناعة الخزف . وكانوا يريدون معرفة كيف ( شق الرجل الحديث طريقه ، ولماذا يحكم شعباً ما ملك ، على حين يحكم شعباً ثانياً مجموعة من الشيوخ وشعوباً أخرى جماعة من العسكريين ، ولا يوجد شعب الا نادراً تحكمه النساء ؛ ولماذا تنقل الملكية في بعض الشعوب متبعة قرابة الذكور وفي بعضها الآخر تتبع قرابة الإناث وفي نوع ثالث من الشعوب يرث الذكور والإناث معاً ؛ ولماذا يمرض بعض الناس ويموتون عندما يظنون أنهم سحروا على حين يسخر أناس آخرون من هذه الفكرة ؟ كانوا يبحثون عن الكليات أو المبادىء العامة في علم الحياة الانسانية وفي الأخلاق الانسانية . ولقد برهنوا على أن الناس في جميع القارات والأقاليم - من الناحية الفزيائية .. أكبر في درجة تشابههم منهم في درجة تفاوتهم . وقد اكتشفوا كثيراً من المتشابهات بين العادات الانسانية ، وبعضها أمكن تفسيره بأنه راجع إلى الاتصال التاريخي . وبتعبير آخر قد أصبح علم الانسان علم المتشابهات والمفارقات الانسانية .. ولقد سبق أن بينا رأي هيبل في أن علم الانسان يدرس الانسان المتحضر ، كما يدرس الانسان البدائي . ولكنه يضيف بعد ذلك : إن الطريقة المثلى هي أن نحفظ جذور علم الانسان ثابتة في المعلومات المستقاة عن المجتمع البدائي .. إنه فضلا عن ذلك ، وفي عصر كعصرنا ، يكون أكبر مبرر لوجود علم الانسان هو الإسهام الذي يمكن أن يقوم به في دراسة العالم الحديث ، . فعلم الانسان والحال هذه يدرس المجتمعات البدائية لا كفاية في ذاتها ولكن بقصد الوصول من تلك الدراسة إلى زيادة فهم الطبيعة الانسانية والنظم والعادات والتقاليد والأعراف السائدة في المجتمعات الحديثة لأننا إذ ندرسها في المجتمعات البدائية إنما ندرس أصولها الأولى ، وما طرأ عليها من تطور وتغير .علم الانسان يدرس الانسان من زاويتين ، فهو يدرسه أولا من حديث كونه جزءاً من الطبيعة ، من العالم بكل ما يسود ذلك العالم من ظواهر ؛ فالانسان من هذه الزاوية بعد ظاهرة طبيعية ، أو سلالة بيولوجية أو حيوية داخل المملكة الحيوانية . وعلم الانسان ، وهو يدرس الانسان من هذه الزاوية يعد علماً طبيعياً Natural science لانه يدرس كيف نشأت الحياة في هذا العالم وكيف انشعبت التركيبات الحيوانية وتفرقت وتعقدت وما هي الاوجه المتشابهة والمتفاوتة بين الانسان والمجموعات الحيوانية الأخرى .. إلى آخر كل ذلك من المباحث . ولكن الانسان يتميز عن غيره من الحيوانات الأخرى بالتفكير وبما أدى إليه هذا التفكير من نظم ثقافية وحضارية ، ومن هنا تأتي الزاوية الاخرى التي ينظر منها علم الانسان للإنسان ، إذ يدرس النظم الاجتماعية والثقافية الانسانية في نشأتها وتطورها وما عسى أن يكون قد حدث بينها من تأثير متبادل أو غير متبادل . وعلم الانسان في هذا الجزء من دراسته يكون علماً اجتماعياً . فعلم الانسان يتميز بصفة هامة تجعله فريداً بين العلوم وهو أنه في معالجته للإنسان يحتوي على نوعين من الدراسات : دراسات فزيائية تبحث في الإنسان من حيث هو كائن ، ودراسات اجتماعية تبحث في الإنسان من حيث هو حيوان مفكر قادر وحده - دون كل الحيوانات - على إبداع النظم والثقافات . ولكن بعد أن عرفنا موضوع علم الانسان ، ما هو الغرض المتوخى أو الاغراض المتوخاة من دراسة هذا العلم ؟ علم الإنسان يسهم أولاً وقبل كل شيء في إفهامنا ذلك التعبير الغامض الذي نطلق عليه اسم « الطبيعة الانسانية ، . . ذلك أننا .. كما يقول كلو كهون لا نعرف أنفسنا جيداً إذ نتكلم عن شيء حائر وهو الطبيعة الانسانية . فنحن نؤكد بقوة أن ثمة طبيعة انسانية تؤدي بنا إلى أن نفعل هذا ولا نفعل ذاك ، وعلم الانسان يبحث عن تعريف لتلك الطبيعة وعما إذا كانت تلك الطبيعة تعمل عند الشعوب المتحدثة باللغة الاسبانية بطريقة تختلف عنها عند الشعوب المتحدثة باللغة الانجليزية مثلاً ، وما إذا كانت مظاهر تلك الطبيعة الانسانية واحدة عند السلالات البشرية المختلفة . وما هو سر اختلاف الشعوب في ألوانها ولغاتها ونظمها الاجتماعية والثقافية . وعلم الانسان في سبيل وصوله إلى تحديد الطبيعة الانسانية والتعريف بها وفهمها يدرس المتشابهات والمتناقضات بين الشعوب المختلفة ، القديم منها والحديث . إننا لا نستطيع فهم تلك الطبيعة أي فهم أنفسنا على حقيقتها إلا إذا فهمنا كيف تواجه الشعوب التي تختلف في وسائل تربيتها وتعليمها ، والتي تعيش في ظروف بثوية متغايرة والتي تنتمي إلى سلالات وأصول سلالية متبانية والتي تتكلم لغات ولهجات مختلفة - كيف نواجه تلك الشعوب مشكلاتها وتشق طريقها في الحياة ، فحينئذ ، وحينئذ فقط يمكننا أن ندعي فهم طبيعتنا البشرية ) . والبحث في الطبيعة البشرية قديم قدم الانسان نفسه ، إذ ما فتيء الانسان منذ العصور السحيقة يسأل نفسه عن ماهيته وماهية الأشياء والفرق بين الانسان وما يحيط به من كائنات والفرق بين إنسان جماعة معينة وإنسان جماعة أخرى .
فعلماء الانسان اليوم يبحثون بشكل علمي ووفق المنهج الموضوعي الطبيعة الانسانية التي كان يتكلم فيها العلماء وغيرهم من الخاصة منذ العصور القديمة ويبحثون فيها بطريقة فلسفية . وعندما أتى مالتس مثلا في القرن الثامن عشر وصاغ نظريته التي تذهب إلى أن السكان يتزايدون وفق متوالية هندسية بينما الموارد المعيشية في المجتمع لا تتزايد إلا وفق متوالية حسابية أو عددية ، ومن ثم أظهر مخاوفه التشاؤمية من أن موارد المجتمعات لن تكفي يوماً ما الأعداد الهائلة من السكان الذين سيكونون معرضين للموت جوعاً .. عندما قال مالتش ذلك ، وقف فريق من العلماء يتحدونه على أساس أن الطبيعة الانسانية متغيرة في الانسان المتحضر عنه في الانسان البدائي. وذهب هؤلاء العلماء إلى أن الميل الجنسي بين الرجال والنساء يقل كلها تطورت المجتمعات ومن ثم تقل نسبة الزواج بين الرجال والنساء كلما تطورت المجتمعات البشرية ، وبالتالي يقل النسل ليظل دائماً في الحدود التي تطيقها الموارد الاقتصادية . وكانت هذه النغمة التي انتهى إليها هؤلاء العلماء متمشية مع النظرية العامة التي سادت تفكير علماء الاقتصاد في القرن الثامن عشر من أن المجتمعات البشرية تسير وفق قوانين طبيعية الهية خيرة تنق بطريقة آلية ، وبدون تدخل الانسان ، بين الشئون المختلفة التي ترتكز عليها الحياة الاجتماعية . فهل حقاً يختلف الانسان البدائي عن المتطور في ميوله الجنسية ؟ وبشكل أعم ، هل ثمة اختلاف بين السلالات البشرية المختلفة من النواحي النفسية بأنواعها المختلفة كالبواعث الفطرية والانفعالات والعواطف وأنواع الادراك والاحساس ؟ هل ثمة فرق في مستويات الذكاء مثلا بين السلالات البشرية المختلفة ، أو في معايير التفكير أو ما يسمى بالمقولات ؟ وهل ثمة عقلية بدائية تختلف عن عقلية المتطورين ؟ أم أن ليس ثمة اختلاف ألبتة بين البدائيين والمتطورين وأن ما بين كلا النوعين من فوارق إنما يرجع إلى الاختلاف بينها في النماذج الثقافية والحضارية .ذلك هو المبحث الاول من مباحث علم الانسان والغرض الرئيسي من ذلك العلم وهو تفسير الطبيعة الانسانية في شتى مظاهرها عند البدائيين والمتطورين ، فعلم الانسان في أساسه علم مقارن الأنواع العقليات وأنماط التفكير القائمة بين البدائيين والمتطورين .أما الغرض الثاني لدراسة علم الانسان فهو أن هذه الدراسات هي بمثابة مرآة يرى فيها الانسان المعاصر تاريخ حياته ونظمه ، فهو يرى فيها كيف كانت النظم العائلية التي نسير عليها اليوم منذ آلاف السنين مثلا ، وكيف كان أجدادنا القدامي والذين عاشوا في العصور السحيفة ، تاريخية كانت أم قبل التاريخ ، يديرون شئونهم السياسية والاقتصادية ، وكيف كانوا يصورون العالم وذوات ما بعد الطبيعة ، وكيف كانوا يتعبدون ويعيشون وعلم الانسان يتخذ في دراساته معملين كبيرين : الأول النظم التي سادت في عصور ما قبل التاريخ وفي عصور التاريخ المختلفة ، والثاني دراسة المجتمعات البدائية المعاصرة التي ، على تفاوت فيما بينها ، تبين بصورة معاصرة ماثلة للعيان كيف كان يعيش أسلاف الانسان في عصور تاريخية وغير تاريخية مختلفة . فالمجتمعات البدائية هي بمثابة مرآة ترى فيها الشعوب المتطورة ماضيها وحياة أجدادها الذين عاشوا في العصور المختلفة ، في صورة ماثلة واقعة أمامها . وتلك الحال هي أشبه شيء بالحالة التي ينظر فيها الجد إلى حفيد له يشبهه فيرى فيه صورة حية لما كان يأتي من تصرفات عندما كان طفلا في المهد منذ عشرات السنين . فالمجتمعات البدائية هي مرآة يرى فيها الانسان الحالي نماذج ( على الطبيعة ، أو ( طبيعية ) لحياة أسلافه في العصور المختلفة . ولذالك يقول أحد العلماء : وإن علم الانسان يمسك بمرآة كبرى للإنسان ليدعه ينظر إلى نفسه في صوره التي لا نهاية لها » .
فإذا كان لدينا هذان المعملان الكبيران اللذان يعيناننا على فهم طبيعتنا البشرية ورؤية ماضينا حياً ملموساً ( على الطبيعة ، ، تأتي عدة أسئلة هامة يجيب عليها علم الإنسان : كيف سار التطور الانساني من الناحيتين البيولوجية أو الحيوية والثقافية ؟ وهل ثمة مبادىء عامة أو قوانين يخضع لها ذلك التطور ؟ وما هي العلاقات الضرورية التي توجد بين الشعوب الماضية والشعوب الحالية فيما يخص ما سادها وما يسودها من نموذج فزبائي أو جسمي ، ولغة وعادات ونظم وتقاليد ؟ ما هي التعميمات التي يمكن أن يقال بها عن الموجودات البشرية التي تعيش في مجتمعات متبانية ؟ وإلى أي حد تتنوع حياة الانسان أو ما هي درجة مرونته في هذا الصدد ؟ إلى أي حد يمكن عن طريق التدريب أو تحت ضغط الحاجة تكييف الانسان للوسط الذي يعيش فيه ولما يقع عليه من ضغوط ؟ لماذا يتميز الأشخاص الذين يعيشون في مجتمع ما بنماذج للشخصية تختلف عن نماذج شخصية أفراد
مجتمعات أخرى ؟ وهكذا . إن علم الانسان يعرفنا بالخطوات الكبيرة والصغيرة التي عبرتها الحضارة والثقافة الانسانيتان حتى وصلتا إلى المرحلة الحالية ، ثم يبين ذلك أيضاً فيما يخص تركيبنا الجسمي والتغيرات التي حدثت به منذ الأزمنة الأولى حتى اليوم ويبين ما هي العوامل التي أدت إلى تلك التغييرات ، وماذا كانت نتائجها على الحياة الانسانية . ومن أغراض هذا العلم الكبرى أنه يفسر لنا كثيراً من مظاهر حياتنا الحالية وهي المظاهر التي لا نستطيع فهمها إلا بالرجوع الى دراستها عند البدائيين : ومن أمثلة ذلك : لماذا يضع بعض الناس في القرى وفي بعض المدن على أبواب بيوتهم ثمرات من البصل أو القمح الجاف أو تمساحاً مجففاً محشواً بالحصى أو تمثالاً لتمساح يعلقونه ؟ لماذا يلبس المريض بالحصبة من الأطفال في بعض القرى ملابس حمراء والمريض بالحمى ملابس صفراء ؟ كيف نفسر لبس و دبلة الخطوبة ، أو ( الماشا الله ، أو الصليب ؟ كيف نفسر مظاهر العرافة والسحر التي لا زالت سائدة عند كثير من المتطورين أشخاصاً وجماعات وتفسير الأحلام لرؤية المستقبل ؟ إننا لا نستطيع أن نفهم كثيراً من ظواهرنا ونظمنا وعاداتنا الاجتماعية وتقاليدنا إلا إذا رجعنا الى علم الانسان ليعيننا على فهمها وفهم أصولها وماذا طرأ عليها . كيف مثلا - نشأت عادة أكل الفسيخ والبصل والخبز المحمر في شم النسيم في مصر ؟ وما الذي ترمز إليه هذه الاطعمة ؟ وماذا حدث لتلك العادة في مصر عندما دخلت المسيحية إليها ثم بعد ان أسلمت ؟ ومثلا ، ما هي الأسس التي ترجع إليها المحللات والمحرمات ؟ لماذا لا يحق للانسان الزواج من فتيات معينات وهن من نسميهن بالأقربيات كالأخت وأبنة الأخت والعمة والخالة وابنة الاخ .. إلى غير ذلك من الفئات المحرمة على الفرد ، وهل ذلك التحريم راجع لأسباب صحية مثلا أم لأسباب نفسية أم لاسباب روحية ؟ وبنفس الأسلوب ، لماذا يحرم أكل لحم كثير من الحيوانات كالخنزير مثلا عند المسلمين أو كثير من الحيوانات الأخرى عند كثير من الشعوب ؟ وهل أساس ذلك التحريم اقتصادي ، أم صحي أم روحي ديني ؟ وما أساس صور الزواج والطلاق التي سادت وتسود في المجتمعات المختلفة ؟ ونلاحظ تشابهات كثيرة بين لغات بعيدة عن بعضها بعض كل البعد ، وذلك فيما يخص ألفاظها وقواعدها ، مثل الكلمة العربية أرض والألمانية Erde والانجليزية Earth ، ثم الكلمة العربية ترى واللاتينية Terra ، ثم الكلمة العربية أسطورة واليونانية Istoria واللاتينية Historia . ثم نجد وجود فعل يكون بصوره المختلفة في الجملة البسيطة في اللغات المسماة بالهندية الاوربية وما انشق منها من لغات كاللاتيني والجرماني والانجلوسكسوني ، مع خلو الجملة العربية البسيطة من هذا الفعل واقتصارها على المبتدأ والخبر، أو الجملة الاسمية ، فما سبب ذلك ، وهل كانت اللغة العربية القديمة وأشباهها من اللغات الساسية تحتوي على ذلك الفعل ثم سقط مع الاستعمال تسهيلا ؟ خصوصاً وأنه في كثير من اللغات الاوروبية القديمة كان يمكن إسقاطه ؟ ثم الا تدل كلمة و ليس ، العربية وهي في الأصل - فيما يرى بعض فقهاء اللغات - عبارة عن لا هست ( أي لا يكون ) ، على أن فعل يكون كان مستخدماً في اللغات السامية القديمة ؟ ثم في الحساب والرياضة نجد بعض الناس في أوروبا يتشاءمون من رقم ١٣ فما هو سر هذا الاعتقاد وما أساسه ؟ وما أساس التشاؤم والتفاؤل ؟ ولما تجعل بعض المجتمعات مقاييسها عشرية كالفرنسيين ( المتر ١٠ ديسمتر والديسيمتر ۱۰ سنتميتر والسنتميتر ۱۰ ملليمتر ... ) على حين تجعل بعض المجتمعات ، مقاييسها اثنا عشرية أو غير عشرية كالانجليز مثلا ، فالدستة ١٢ وحدة مثلا والقدم ۱۲ بوصة والباردة ثلاثة أقدام والشلن ١٢ بنساً ، أو كمقاييسنا البلدية إذ الأردب ۱۲ كيلة والكيلة ربعان والربع ملوتان والملوة ولماذا قسمت السنة إلى ١٢ شهراً والأسبوع إلى سبعة أيام قدحان ولما تختلف المجتمعات المختلفة في مقاييسها والأسس القائمة عليها ، وكيف نشأت الكتابة والأرقام وحسابها ؟ .. كل تلك النقاط التي لا حصر لها وأشباهها اللامحدودة والامتناهية تبحث في بحوث مستفيضة من الدراسات الانسانية في فروعها المختلفة . ومن ثم كان هذا العلم هاماً لانه يفسر لنا كثيراً من مظاهر حياتنا ويرجع إلى الاساس الأول الذي تستند أو كانت تستند إليه هذه المظاهر . ومة غرض آخر من أغراض الانثروبولوجيا ( أو علم الانسان ) وهو البحث في أصول النظم الاجتماعية والعادات والتقاليد وما عسى أن يكون قد نشأ منها كنتيجة للبيئة الفزيائية ، أو ليقوم بخدمة وظائف اجتماعية معينة خاصة بهذه البيئة . فعلم الانسان يبحث مثلا عما إذا كانت اللغات الموجودة ترجع كلها إلى أصل واحد انتشر في المجتمعات السحيفة المختلفة ، ثم بدأت تختلف لما لحقها من تطور وتغير في بيئاتها فأصبحت تبدو وكأنها لغات متبانية أشد التباين ، أو أن اللغات السائدة اليوم ترجع إلى أصول كانت مختلفة منذ البداية اختلاقاً تاماً ، ثم تطور كل أصل منها وأنتج اللغات التي ترجع إليه . ومثل ذلك يقال عن النظم السياسية والتربوية والاقتصادية والدينية والعائلية والاخلاقية والجمالية الخ أو بمعنى آخر يبحث علم الانسان في أصول الثقافات .
ولقد كان للدراسات الانسانية وظيفة هامة تؤديها ، حتى قبل أن تنشأ كعلم منهجي معترف به ، إذ كانت تستخدم لتعريف الأوروبيين بثقافات الشعوب الأسيوية والافريقية التي يتعاملون معها ، إذ كانوا يقرأون الكتب المؤلفة والتقارير الضافية عن نفسية تلك الشعوب وعاداتها وتقاليدها حتى يستطيعوا ان يعرفوا ميول الافراد وبذلك يتبعون الوسائل التي تسهل لهم مهمتهم سواء في الحقل السياسي أو الاقتصادي أو الديني ، فخدم علم الانسان العسكريين والشركات التجارية الرأسمالية والمبشرين الدينيين .... منذ القرن السابع عشر خدمات لا حدود لها ولا تقدر بقيمة معينة ، حتى أن بعض العلماء ليذهب إلى أن علم الانسان قد نشأ منذ البداية لخدمة الاستعمار وتبريره وتسهيل مهمته . وفي كتابنا عن أسس علم الاجتماع بينا كيف حاول بعض الاوروبيين استخدام بعض آيات الكتاب المقدس ) كالآية : كتب على أولاد حام أن يكونوا قطاع أخشاب وحملة ماء ) في تبرير وجود السلالات ، البشرية وزعموا أن من الطبيعي أن يحكم شعب متطور شعباً آخر بدائياً وكيف احتجت الكنيسة الكاثوليكية على ذلك التفسير المغرض لآيات الكتاب المقدس . على كل حال يذهب بعض العلماء إلى أن علم الانسان قد نشأ منذ البداية ليخدم ببحوثه التي تقوم على تقسيم الانسان إلى سلالات متفاوتة فيما بينها - الاستعمار وليبور اخضاع شعب ما لشعب آخر . ولكن علم الانسان ككل العلوم يقوم بالبحوث ويستنتج منها ما تؤدي إليه من نتائج ، فاذا أتى قوم وأخذوا هذه النتائج وأفادوا منها في تنفيذ برامجهم الاقتصادية أو السياسية الضارة ببعض الشعوب ، فان الذنب لا يرجع إلى علماء الانسان الذين كرسوا جهودهم لخدمة العلم ولخدمة البحث دون نظر لاي شيء آخر ، فنتائح الرياضة والطبيعة والكمياء والذريات وأي علم من العلوم يمكن ان تستخدم للنفع كما تستخدم للضرر وهذا ليس من شأنه أن يسيء إلى قيمة العلم ولا العلماء . على أن دراسات الفوارق الجسمية والنفسية بين الشعوب - قبل أن تنظم وتتخذ لنفسها علماء كانت تستخدم منذ العصور القديمة لتعريف الساسة والحكام بعادات وتقاليد المجتمعات الخاضعة لحكمهم أو التي يريدون ضمها إلى ملكهم حتى تسهل مهمتهم ، كما كان يستعان بدراسة السمات الجسمية في الحرب للتفرقة بين القتلى ومعرفة ما إذا كانوا من جنود الجيوش المنتمية للأعداء أو للجيوش المحلية أو الصديقة وذلك إلى جانب السترة العسكرية . ومثلا في العصور القديمة كانت الجيوش في بعض الدول تسير وفي مقدمتها صنوف من تواتم ( قطط أو بقر ، أو عجول خاصة ، أو نيران موقدة ) أي تواتم الدول المراد مهاجمتها حتى إذا رأى الشعب المهاجم صفوف التوائم خر لها ساجداً فيأخذه الجيش المهاجم على غرة ويستطيع أن يهزمه بهذة الطريقة ، وكل الدول القديمة من مصر وفارس وبابل وأشور كانت تستخدم تلك الوسائل المستقاة من الدراسات الانسانية ، قبل أن ينشأ علم الانسان بآلاف السنين ! !


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

"Lord of the Fl...

"Lord of the Flies" is a thought-provoking and unsettling novel that delves into the darker aspects ...

تحسين الدقة وال...

تحسين الدقة والموثوقية: بفضل الرقمنة، يتم تقليل الأخطاء البشرية في عمليات التدقيق الجبائي، حيث يتم ا...

https://www.vis...

https://www.vision2030.gov.sa/static/report/Vision2030_Annual_Report_2023_AR.pdf اطلعي على التقرير ا...

يتكون هذا الفصل...

يتكون هذا الفصل من جزأين. في الجزء الأول نقدم طريقة جديدة لتقييم الاستقرار الزمني للتدابير الاستبطان...

Proper handling...

Proper handling of tissue specimens is critical to ensure that an accurate diagnosis is obtained fro...

ويكتب اسم المنط...

ويكتب اسم المنطقة واسم الموقع على غلاف السجل . هو سجل على شكل مفكرة الجيب ( صغيرة الحجم ) تسجل فيه ا...

إن جميع المعادن...

إن جميع المعادن الطبيعية من ذهب أو فضة أو بترول أو حديد أو ملح أو ماء أي استغلال المناجم و أي منتوجا...

التجارة والعقود...

التجارة والعقود: 1. التجارة عند العرب قبل الإسلام: أ. مسار القوافل التجارية: عرف العرب في ا...

1- إذا لاحظت أ...

1- إذا لاحظت أن منزلك في حالة إنشائية سيئة وقد ينهار ،حاول الهروب منه بحذر شديد وتجنب سقوط حائط الس...

اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻋﻠﻢ ...

اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﻤﻮ – اﻷﻫﻤﻴﺔ واﻟﺨﺼﺎﺋﺺ  ﺗﻌﺮﻳ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ.  ﺗﻌﺮﻳ ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﻤﻮ.  أﻫﻤﻴﺔ دراﺳﺔ اﻟﻨ...

الفتوى تعريف ا...

الفتوى تعريف الفتوى لغة واصطلاحاً : تعريفها لغة مصدر لفعل (أفتى) وهي مأخوذة من فتى وفتو وهي (الإبا...

بيان أول نوفمبر...

بيان أول نوفمبر1954 هو وثيقة أساسية للثورة تم إعدادها من طرف القادة الستة، من أجل تحديد مسار ا...