لخّصلي

إذا ما استكملت جميع عناصر ها الفنية والتقنية من حركة وإيقاع وفهم وتعمق لكل ما يضيف إلى هذا الفن الرفيع من إمكانات مثيرة تعطيه

الفن هو تعبير عن الحياة، وعن الوجود، فيما يخالجنا من أحاسيس وتفاعلات
نعيشها في حاضرنا، متخذين من تجارب غيرنا مواعظ وحكم، إلى جانب ما في تاريخنا وتطورنا وحضارتنا، فتفاعل هده العوامل تمثل صورا حية لمشارعنا ومعركتنا مع الحياة فتخلق في نفوسنا ما يخالج شعورنا من عوامل بواعثها داخلية وخارجية وحياتية تتفاعل في التعبير فتكون عندنا ملكة الخلق، فتصور جميع التمخضات ونعطيها من أنفسنا عبقرية مما تكون لدينا صورة جميلة تولد عندنا مشاعر عديدة في إبتداع تلك الطبيعة وتصويرها التصوير الصادق النابع من تجربتنا الطويلة ودراستنا العميقة لكل ما صادف أجدادنا وصادفنا فتدفعنا على التأليف وحيث أننا نود التسهيل لجميع الطاقات البشرية وبعث أفكارنا إلى أكبر عدد ممكن سواء كانوا مثقفين أم أميين، فنترجم هذه المؤلفات وهذه القصص الحياتية إلى فن تمثيلي يقوم به أشخاص القصة نفسها فيعيش المتفرج لحظات
من التسلية مع ثقافة علمية ومن ثم ثقافة حياتية من خلال العبر والمواعظ والإرشاد.
فتكون عنده الحكم والعبر ويتقبلها بشكل سلس لا يبعث الملل ولا الكلل فيصبح
تلقائيا متمشيا مع حاضرنا وماضينا محللا لعقده مستجيبا لإشباع الرغبة في النفس المتعطشة دائما للتجديد، فيفرق في الحياة بين نماذج إنسانية متعددة، ويعيش مشاكل الآخرين وتصبح لديه فكرة واضحة عن معترك الحياة وتنمو أحاسيسه وتتوسع مداركه وتتكون لديه طاقة جباره لحل مشاكله والصعاب التي تواجهه، مستنتجا جميع ما قد يحدث في المستقبل من خلال خياله الخصب، فيحلل عقده الغريزة والوراثية في تثقف
ثقافة كاملة دون أن يشعر بأي إجهاد فكري أو عملي.
1
الموضوع الأول:ماهية الفن..........................................................أ.د/ عبيدة صبطي 0202/0202
فالفن يعطيك صورا شتى لمجتمع بكامله "ماض ي، حاضر و مستقبل ويوجهك
التوجيه الصحيح ويفسر لك معالم الحياة بشتى أنواعها ويوضح مفاهيمها وكيف يمكن أن تتصرف من خلال تجارب الآخرين فينقل الحياة نقلا دقيقا مع الإبداع والخلق التصويري. فالممثل يريد أن يمثل لك تلك الحوادث بطريقة شيقة وجميلة بإطار خلاب مبدع، والتمثيل يتمثل في أداء حدث مماثل لآخر، أي أنك تعطي حدث مماثل لأخر أي أنك تعطي مثلا لش يء شيق وإن شاهدته بأم عينك ورأيته بصدق أو مثلته كما هو في الحقيقة أعطيت الصورة الصادقة لهذا الحدث، ومن هنا كانت كلمة تمثيل أي مثل الش يء بالمثل.وأخذ صورة لهذا الش يء فأعطاها كما هي في واقعها ومن هنا اشتقت كلمة تمثيل ومنها جاءت كلمة الممثل التمثيلية الممثلة ...الخ.
فالتمثيل هو الرغبة في التعبير عن الخوالج النفسية، ومحاكاة الأنواع البشرية،
وتحليلها تحليلا دقيقا حتى تفي بالغرض لظهور تفاعلات الغير .وعمل الممثل في أداء دوره هو إعطاء التقليد أهمية الحياة الطبيعية، فكل عمل متقن يعود للتقليد المحكم، فهو بحق صورة سواء كانت من عهد سابق أو حاضر أو لاحق.وهو تمثل تلك الصورة بصدق
وإيمان فلا ينحرف عن الواقع الذي يمثله. نلبس الحاضر نمثل وإذ التاريخية، الثياب نرتدي التاريخ نمثل أننا نجد ولذلك
حلته أي أننا نعطي لكل زمان ما يناسبه من حلة ومظهر ومن ظروف مكانية
وزمانية.
ومن هنا وجدت المعاهد الفنية التي تصقل تلك المواهب المقلدة للنزعات البشرية
حتى تأتي الصورة بطابعها الصحيح فينقل كل جزءا من حوادث الرواية بمكانها وزمانها ولونها الخاص بها فإن كان التمثيل محليا فعلى الممثل أن تمثل تمثيلا محليا طبيعيا -مجردا
عن التزيف إلا من منطلق سليم وقواعد ثابتة سليمة. فالمعاهد تستطيع أن تدرس تلك القواعد دراسة واقعية ومن خلال خبرة طويلة
وعميقة ثم من خلال تجارب عديدة.ومن هنا كان أساتذة التمثيل ينطلقون من هذا الأساس ويعتمدون عليه .ومن هنا انتقل التمثيل إلى فن بديع متقن يعمل دائما على خلق صورة جميلة كاملة .فهو دائما مبدع مستمر في الخلق والتجديد. وقبل أن تنطلق في الكلام
2
الموضوع الأول:ماهية الفن..........................................................أ.د/ عبيدة صبطي 0202/0202
عن هذا العمل الواسع ومقوماته وإبراز مراحله لابد من أن نشدد على أهمية هذا الفن البديع وما يحيط به من كمال، إذا ما استكملت جميع عناصر ها الفنية والتقنية من حركة وإيقاع وفهم وتعمق لكل ما يضيف إلى هذا الفن الرفيع من إمكانات مثيرة تعطيه
الصبغة التعبيرية سواء في الإضاءة أو الديكور. لو رجعنا إلى الأصل الاشتقاقي لكلمة فن )Techne( باليونانية وهي )Ars( باللاتنية
لوجدنا أن هذه الكلمة لم تعني سوى النشاط الصناعي النافع بصفة عامة. وهذا يعني أن الفن يشمل الكثير من الصناعات المهنية كالتجارة، إلى جانب الشعر و الأدب والموسيقى والنحت. وقد فهم العرب الفن بهذا المعنى أيضا حيث كانوا يستعملون )الصناعة (للإشارة إلى الفن وفي العصور الوسطى بقيت كلمة الفن تشير إلى الحرفة أو الصناعة أما في معجم )أكسفورد (فقد عرف الفن نقلا عن نص) جون ست وارت ( بأنه سعي وراء الكمال في ا لأداء.
أما أرسطو فقد عرف الفن بأنه تقليد محاكاة.كذلك لدينا تعريف جو رج سانتيا للفن :فقد عرفه بأنه متعة جمالية يحاول مناقشة الإحساس بالجمال والقيم الجمالية وأهمية البعد الجمالي في التجربة المعاشة.
أما تولستوي فعرفه بأنه ضرب من النشاط البشري الذي يتمثل في قيام
الإنسان، بتوصيل عواطفه إلى ا لآخرين).ياسمين نزيه أبو شيخة، عدلي محمد عبد الهادي : 1122، ص ص 12-01).
أما تعريف باغنو للفن :هو التقاء محاسن واحدة معتبرة في الطبيعة وأن القدرة
على رؤية هذه المحاسن هي التذوق والقدرة على جمعها في ش يء واحد هي العبقرية الفنية .