لخّصلي

المالتسية- 1
قدم مالتس أفكاره حول نظریتھ فى السكان فى مقالة تحت عنوان: "المبدأ العام للسكان كما
یؤثر فى تقدم المجتمع فى المستقبل مع ملاحظات على تكھنات جدوین وكوندرسیھ وغیرھما
من الكتاب". وحسب النظریة المالتسیة فإن النمو السكانى یتـولد عن طریق الإنجاب، وأن
النتائج الطبیعیة للنمو السكانى ھى البؤس والفقر، نظراً لاتجاه السكان نحو النمو بدرجة أسرع
من الإمداد بالطعام. ویعتقد مالتس أن البؤس Misery ربما یمكن تجنبھ إذا مارس الأفراد قید
أخلاقى على أنفسھم، وذلك عن طریق العفة قبل الزواج وتأخیر الزواج
(39:1993,J.Weeks (ومن الثابت أن ھذه النظریة تعرضت لانتقادات، حیث لم تؤید أحداث
التاریخ افتراضاتھا الأساسیة، التى یعد من أھمھا أن السكان یتزایدون حسب متوالیة ھندسیة،
بینما یتزاید إنتاج الأرض حسب متوالیة عددیة. كما أن موقف المالتسیین الجدد من القضیة
السكانیة لا یبتعد كثیراً عن انتقادات النظریة ، حیث نبھ العالم البیولوجى غاریت ھاردن
Hardin Garret من جامعة كالیفورنیا، أحد اتباع مالتس إلى مخاطر النمو السكانى، وھو ما
أشار إلیھ بول ارلیخ Ehrlich Poul من جامعة ستانفورد فى كتابھ عام 1972 ،حینما أشار
إلى ما یسمى بالقنبلة السكانیة، كما أطلق على كوكب الأرض الكوكب الذى یحتضر.
ویرى إرلیخ أن البلدان المتخلفة لابد وأن تواجھ أزمة غذائیة، ففى كل عام ینخفض إنتاج
الغذاء فى ھذه البلدان، إلى جانب التدھور البیئى المستمر والضغوط المتزایدة فى تأمین الموارد
وتلبیة احتیاجات العیش، بحیث أصبح ما یقرب من 50 %من سكان العالم یعانون من قلة
الغذاء، كما یرى أن مالتس كان محقاً جداً، إلا أنھ یرى أن صراع الموت أكثر تأكیداً مما كان
یراه مالتس وبالنسبة لھ فإن الفقراء یموتون جوعاً، فى حین أن الأغنیاء والفقراء یموتون معا
من النواتـج السلبیة للتلوث وتدھور النظام الطبیعى فى العلاقة بین البیئة والكائنات الحیة،
ولذلك أدرك كل من ارلیخ وھاردن أن الزیادة السكانیة تتجاوز محدودیة الموارد وتعمل على
تدمیر البیئة، وأن الاختلاف الأساسى عن مالتس، یتمثل فى رفضھما لمبدأ الرادع الأخلاقى
كوسیلة لتحدید وضبط النسل، إضافة على تأكیدھما على أھمیة اللجوء إلى ضبط النسل ولو
. (Weeks.J,1993:29) قسریة بطریقة
ورغم أن المالتسیون الجدد لم یضیفوا كثیرا إلى الفكرة المالتسیة القدیمة إلا أن أھم ما
أشار إلیھ ھاردن وارلیخ، ھو التنبیھ إلى العلاقة بین النمو السكانى وتدھور البیئة، غیر أن ما
اقترحھ ھذین المفكرین بشأن أسلوب معالجة النمو السكانى ولو بأسلوب القسر، یجعلنا نرفض
ھذا الاقتراح حیث یتعارض مع الفطرة التى خلق الله بھا الإنسان، ومن ثم یصعب التحكم فى
غرائز الفرد كما نتحكم فى غرائز الحیوان.
ومن الواضح أن أفكار النظریة المالتسیة القدیمة، فضلاً عن أفكار تلامیذ وأتباع مالتس،
حاولت تشخیص ظاھرة النمو السكانى وعلاقة ذلك بسیادة المجاعات والفقر والبؤس، فى حالة
عدم ضبط التزاید فى السكان بدرجة أسرع من إنتـاج الغذاء، دون أن تقدم لنا تصوراتھا حول
العوامل المؤثرة على الخصوبة بصورة شاملة ودقیقة. ولقد استدعى ذلك إجراء التطویر
النظرى لھذه الأفكار المالتسیة القدیمة وبما یتناسب مع التغیرات التى طرأت على سكان العالم،
ومن أھمھا: انخفاض معدلات الخصوبة ودخول بعض البلدان مرحلة التحول الدیموجرافى.