لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (100%)

لعلنا بعد أن بسطنا هاته النظرة العامة والمقتضبة عن أبرز المدارس التي طبعت حركة الفكر التربوي في العصور الإسلامية. بحاجة إلى وقفة تأمل ومراجعة لهاته الاتجاهات التربوية في عمومها وكلياتها من خلال عرض دراسة مقارنة لمختلف التوجهات الفكرية
التي اعتمدتها المدارس موضوع البحث؛ وهي وقفة لن تكون طويلة - مع شدة الحاجة إلى هذا الوقوف الطويل- . تحتاج إلى عمل مستقل. فمن المهم بداية الإشارة إلى أن التربية في المجتمع الإسلامي قد مرت بتطورات “وظروف عديدة تعرضت فيها مقومات الثقافة السائدة
في البلاد الإسلامية لتغيرات كثيرة» استجابة لحاجات عديدة فرضت نفسها على حياة المسلمين في العصور المختلفة؛ والفكر التربوي سريعي الاستجابة لتلك التغيرات والتطورات”(1) التي أسبمت في تشكيل صورة الفكر التربوي الإسلامي من خلال المدارس
الفكرية العديدة التي أفرزتها تطورات الفكر في الحياة والمجتمع. وقد عكست هذه المدارس الأجواء العلمية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في ذلك الإبان» ومدى تأثيرها على المفاهيم
ولذلك فإننا بصدد فكر تعددت مجالاته؛ ولكل مجال منبج خاص في التفكير وطريقة مخصوصة في الاشتغال التربوي. الفقباء له منبج يختلف عن منهج المتكلمينء. وهؤلاء لهم نيج لا يتماثل مع نبج الفلاسفة: وكل هؤلاء يختلفون كثيرا عن طريقة الصوفية:
وهذا ما يجعلنا نطرح تساؤلا بخصوص مدى اتساق عناصر الفكر التربوي الإسلامي؟
لعل مدارس الفكر التربوي الإسلامي موضوع البحث “تلتقي في كثير من المواصفات. تراثنا التربوي الإسلامي. وتبتم بالصفات الأخلاقية للمعلم والمتعلم الظاهرة منها والباطنة» وكلبا ينطلق من مرجعية القرآن الكريم» ومن
أو عددا منها على الأقل. الفكرية التي ينتسب إلها المؤلف. وتستشهد في ذلك بآيات
القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلمء وهي في الغالب تتشابه فيما تورده من الآيات والأحاديث”(3). ثم إن معظم هذه المدارس تلتقي في الكثير من أهدافها وخططهاء ولا تكاد مدرسة منها تغفل الحديث عن حقوق وواجبات كل من
المعلم والمتعلم: فليس من السهل أن نجد مدرسة خالصة تماما في تميزها عن المدارس الأخرى. فجميع هذه المدارس الفكرية تجعل من
نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المرجعية العامة لتوجهاتها التربوية: والتي تجعلها تندرج ضمن ما يسمى بالفكر التربوي الإسلامي»
ويكفي في هذا المقام أن نلاحظ شيئا من أوجه الاتفاق والاختلاف بين هذه المدارس. التربوي الإسلامي وتمثيله. يستطيع المتتبع للتراث التربوي الإسلامي أن يقرر “أن الجزء الأكبر من مصنفات التراث الإسلامي بصورة عامة يقع ضمن مدرسة
الرأي أو مدرسة الحديث التي يحلو لبعض الباحثين تسميتها بمدرسة النقل”(4): وذلك راجع كما لا يخفى إلى تأثير هذه المدرسة في عامة
الناس وخاصتهم: لأصالة علومباء وصفاء منابعباء وبعدها عن التعقيد والالتواء» ثم لا ننسى أن مدرسة الفقهاء والمحدثين التربوية وقفت
وقفة ثابتة صلبة في وجه النزعات المغالية؛ فبي “تقدم الدين في صورة بسيطة بعيدة كل البعد عن الجدل والنظريات الفلسفية الصعبة, ”(5). وتظبر هنا مشكلة حقيقية متعلقة بمسألة التمايز بين العقل والنقل. فإن معظم علماء المسلمين الذين كتبوا في التربية وغير التربية
كانوا يعتمدون على العقلء وأن ما دار من خلاف بين العقل والنقل. بل إن
فكرة تقديم العقل على النقل أو العكس هي فكرة زائفة. ليس في الرتبة وانما في الوظيفة. ومبما كان الأساس الذي
يعتمد عليه في تصنيف المدارس أو التيارات الفكرية في التراث الإسلامي: فإن العقل والنقل حاضران بقوة. “لكن من غير الممكن أن يكون
العقل غائبا حتى في عملية النقل والاتباع: لأن اختيار النقل والاتباع هو في الأساس اختيار عقليء. فالغزالي مثلا وهو يركز على ما يسميه
العلوم الدينية يقرر أن إدراكها يحتاج إلى كمال العقل. فهو يقول: وليس يخفى أن العلوم الدينية. بكمال العقل وصفاء الذكاء”(6). وهذا الجمع كان
ظاهرة معروفة في تاريخ العلوم عند المسلمين وعند غيرهمء. المجالات. إلخ. كما وجدنا أن مدرسة المتكلمين تعتمد على المنطق العقلي والتعامل مع النخبة. والدفاع عنه. بأساليب جديدة دخل فيها النظر العقلي والكلام المنطقيء والمناظرة والجدلء وكان من هؤلاء فقباء ومحدثون ومفسرون»
وغيرهم. ويبدو أن بعض أصحاب هذه المدرسة حاول صبغ عقيدة الإسلام ومفاهيمه بأفكاره وآرائه رغم محاولات بعض أصحابها الآخرين
مغالبة الملحدين والضالين ونشر مبادئ المتكلمينء والاعتماد على التأويل. وقد نظر بعض السلف إلى علم الكلام نظرة حذر ومحافظة:
وتصدوا لهم يفندون آراءهم ويردون عليها. وقد رأينا المدرسة الكلامية في جملة من الآراء التربوية المعتمدة لدى القاضي عبد الجبار المعتزلي من خلال العمل الكبير المسمى
” 1
أما المدرسة الفلسفيةء فعلى الرغم من أنها تلتقي مع المدرسة الكلامية في اعتماد المنطق العقلي. إلا أنها تستند إلى الانفتاح على
الثقافات غير الإسلامية التي دخلت المجتمع الإسلامي عن طريق ترجمة علوم الفرس واليونان. المسلمين. ومحاولة التقريب بين الدين والفلسفة. كما وجدنا ذلك عند إخوان صفاء ومسكويه. لأغراض التربية والتهذيب والتعليم. وهي رفضهم التعصب. الحقيقة. والرفض المطلق للتعصب. وقد أظيرت المدرسة الفلسفية حاجتها “إلى علوم
أخرى لم تظبر أهمية الاشتغال بها لدى المدارس الأخرى. مثل علوم الطب والفلك والرياضيات واللغة. إضافة إلى أن الكتابات التربوية
للفلاسفة ركزت على فهم النفس الإنسانيةء وتطور مدارك الإنسان في مراحل عمره”(8)
ومن هذا التسليم بالانفتاح العقلي استطاعوا أن يسبقوا عصرهم إلى معرفة أهمية الخلاف العقلي وتنوع المذاهب الفكرية في تنمية
الحركة العلمية وزيادة نبض التقدم العقلي والاجتماعي قوة وتدفقا. وجدنا كذلك من أطلق على المدارس الكلامية والفلسفية
مسى المدرسة العقلية. ثم إن أتباع المدارس العقلية لجؤوا إلى اعتماد “الحس والتجرية والمنطق العقلي في تقديم المادة للمتعلمين: وليم
طريقتهم المنطقية في فهم الصلة بين العلم والتعليم والتعلم”(9). وهو “طريق القلب بعد أن يصفى من شوائبه. النفس بعد أن تتجرد عن لذاتها وما يتعلق بها من أمور الدنيا”(10): إذ “يقوم المنبج التربوي عند معظم فرق الصوفية على مبدأ التتقشف
والزهد. وأداة ذلك في مجمله هو عمل القلب. ومن هنا تكاد تنحصر أهدافيهم التربوية في مسألة تربية المريدين واحسان التحكم في
غرائزهم: وتدريهم على الصبر وتحمل المشاق. والانعزال عن الناس: ومحاولة الانقطاع إلى الذكر. ويعتقدون بالكرامات والخوارق”(11). “فإذا كانت المدارس الفقهية والحديثية تعتمد المأثور في بيان
والمدارس الكلامية والفلسفية تغلب المنطق والجدل واعمال العقلء فإن المدرسة الصوفية تعتمد على الصلة الوثيقة
بين الشيخ والمريد. المريد في أضيق أحواله: لأنه يلتزم بما يؤمر به من أوراد تؤدى بكيفيات محددة. ”(12). وقد سبق أن أشرنا إلى أن التصوف اتجاه سلوي وليس مدرسة فكرية فحسب. “ولا شك في أن التراث التربوي الإسلامي يتضمن ما
يوضح أن الميل إلى الزهد والانقطاع إلى العبادة لم يقتصر على شيوخ التصوف وحلقاتهم. وانما كان صفة لكثير من الفقهاء والمحدثين. لكن المتصوفة أفرطوا في الزهد والذكر من جبة”(13). إن المدرسة الصوفية في التربية لا ميتم بالصغار كما هو الشأن بالنسبة للمدارس التربوية الأخرى. وانما ركزت على الكبارء وأن
لكنها اهتمت أكثر بالتربية الروحية. وتهذيب السلوك, والتحكم بالغرائز والشهوات:
وايثار حب الله ورسوله والآخرة. وترديد أدعية وأوراد معينة بكيفيات
محددة. والسير على توجيهات الشيخ. والرضا والقناعة التامة بأهليته وقدراته. والقبول بكل الأوامر التي هي من خصائص الطريقة التي
يرسمها شيخها والتي من شأنها أن توصله إلى مبتغاه. فالتعلم الذاتي الفردي يكاد يكون منعدما في الفكر التربوي الصوني. “أمنا أفاكنخ التربية الصوفية فري في الغالب أماكن خاصة تبتعد عن أماكن تجمع الناس في المساجد والجوامع. لذلك فضلوا الزوايا
والربط والخوانقء وان كان لبعضهم مساجد خصصوا لأنفسهم فبها زوايا لحلقات الدرس والذك ر"(14). هذه أمثلة خمسة من مدارس الفكر التربوي الإسلاميء ولا تكفي طبعا هذه النماذج المختصرة في إعطاء الصورة الحية الكاملة؛ أو
وريما نستطيع الحديث عن مدارس أخرى غيرهاء مثل
أديب معروفء لكنه متكلم معتزلي. فقد عرفت المدرسة
الفقهية مذاهب وتوجهات متبوعة. ومثل ذلك يقال عن المدارس.


النص الأصلي

لعلنا بعد أن بسطنا هاته النظرة العامة والمقتضبة عن أبرز المدارس التي طبعت حركة الفكر التربوي في العصور الإسلامية. نكون
بحاجة إلى وقفة تأمل ومراجعة لهاته الاتجاهات التربوية في عمومها وكلياتها من خلال عرض دراسة مقارنة لمختلف التوجهات الفكرية
التي اعتمدتها المدارس موضوع البحث؛ وهي وقفة لن تكون طويلة - مع شدة الحاجة إلى هذا الوقوف الطويل- . لأن مثل هذه الخطوة
تحتاج إلى عمل مستقل.


فمن المهم بداية الإشارة إلى أن التربية في المجتمع الإسلامي قد مرت بتطورات “وظروف عديدة تعرضت فيها مقومات الثقافة السائدة
في البلاد الإسلامية لتغيرات كثيرة» استجابة لحاجات عديدة فرضت نفسها على حياة المسلمين في العصور المختلفة؛ وكانت فلسفة التربية
والفكر التربوي سريعي الاستجابة لتلك التغيرات والتطورات”(1) التي أسبمت في تشكيل صورة الفكر التربوي الإسلامي من خلال المدارس
الفكرية العديدة التي أفرزتها تطورات الفكر في الحياة والمجتمع.


وقد عكست هذه المدارس الأجواء العلمية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في ذلك الإبان» ومدى تأثيرها على المفاهيم
التربوية والتعليمية في المجتمع الإسلامي.


ولذلك فإننا بصدد فكر تعددت مجالاته؛ ولكل مجال منبج خاص في التفكير وطريقة مخصوصة في الاشتغال التربوي. فمجال
الفقباء له منبج يختلف عن منهج المتكلمينء. وهؤلاء لهم نيج لا يتماثل مع نبج الفلاسفة: وكل هؤلاء يختلفون كثيرا عن طريقة الصوفية:
وهذا ما يجعلنا نطرح تساؤلا بخصوص مدى اتساق عناصر الفكر التربوي الإسلامي؟


لعل مدارس الفكر التربوي الإسلامي موضوع البحث “تلتقي في كثير من المواصفات. فكلها تتحدث عن أخلاقيات مبنة التعليم في
تراثنا التربوي الإسلامي. وتبتم بالصفات الأخلاقية للمعلم والمتعلم الظاهرة منها والباطنة» وكلبا ينطلق من مرجعية القرآن الكريم» ومن
سنة النبي عليه الصلاة والسلام وشمائله وأخلاقه"(2): إذ “يسبل على القارئ لنصوص التراث التربوي الإسلامي أن يلاحظ أن كثيرا من
مباحث هذه النصوص. أو عددا منها على الأقل. تكاد تتفق وتتطابق في مضمونهاء بل وفي بعض عبارتهاء بقطع النظر عن المدرسة
الفكرية التي ينتسب إلها المؤلف.... فجميعيا تؤكد فضل العلم والتعلم والتعليم: وأنه لا حدّ لطلب العلم. وتستشهد في ذلك بآيات
القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلمء وهي في الغالب تتشابه فيما تورده من الآيات والأحاديث”(3).


ثم إن معظم هذه المدارس تلتقي في الكثير من أهدافها وخططهاء ولا تكاد مدرسة منها تغفل الحديث عن حقوق وواجبات كل من
المعلم والمتعلم: فليس من السهل أن نجد مدرسة خالصة تماما في تميزها عن المدارس الأخرى. فجميع هذه المدارس الفكرية تجعل من
نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المرجعية العامة لتوجهاتها التربوية: والتي تجعلها تندرج ضمن ما يسمى بالفكر التربوي الإسلامي»
ويكفي في هذا المقام أن نلاحظ شيئا من أوجه الاتفاق والاختلاف بين هذه المدارس. وكيف أن أيا منها لا يكفي منفردا في التعبير عن التراث
التربوي الإسلامي وتمثيله.


يستطيع المتتبع للتراث التربوي الإسلامي أن يقرر “أن الجزء الأكبر من مصنفات التراث الإسلامي بصورة عامة يقع ضمن مدرسة
الرأي أو مدرسة الحديث التي يحلو لبعض الباحثين تسميتها بمدرسة النقل”(4): وذلك راجع كما لا يخفى إلى تأثير هذه المدرسة في عامة
الناس وخاصتهم: لأصالة علومباء وصفاء منابعباء وبعدها عن التعقيد والالتواء» ثم لا ننسى أن مدرسة الفقهاء والمحدثين التربوية وقفت
وقفة ثابتة صلبة في وجه النزعات المغالية؛ فبي “تقدم الدين في صورة بسيطة بعيدة كل البعد عن الجدل والنظريات الفلسفية الصعبة,
وكان القرآن الكريم والحديث الشريف هما مصدر العلم الأسامي عند الفقهاء والمحدثين..”(5).


وتظبر هنا مشكلة حقيقية متعلقة بمسألة التمايز بين العقل والنقل. فإن معظم علماء المسلمين الذين كتبوا في التربية وغير التربية
كانوا يعتمدون على العقلء وأن ما دار من خلاف بين العقل والنقل. لم يكن ليجعل من العالم نقليا فحسب. أو عقليا وحسب. بل إن
فكرة تقديم العقل على النقل أو العكس هي فكرة زائفة. لأن النقل والعقل عنصران أساسيان في النظام المعرفي الإسلامي. والفرق بينهما
ليس في الرتبة وانما في الوظيفة. فالنقل مصدر يستمد منه الجميعء والعقل أداة الاستمداد يمارسها الجميع. ومبما كان الأساس الذي
يعتمد عليه في تصنيف المدارس أو التيارات الفكرية في التراث الإسلامي: فإن العقل والنقل حاضران بقوة.


وهذا لا يمنع من القول بأن حضور أحدهما عند عالم من العلماء كان أكثر من حضوره عند آخر. “لكن من غير الممكن أن يكون
العقل غائبا حتى في عملية النقل والاتباع: لأن اختيار النقل والاتباع هو في الأساس اختيار عقليء. فالغزالي مثلا وهو يركز على ما يسميه
العلوم الدينية يقرر أن إدراكها يحتاج إلى كمال العقل. فهو يقول: وليس يخفى أن العلوم الدينية. وهي “فقه طريق الآخرة” إنما تدرك
بكمال العقل وصفاء الذكاء”(6).: ثم إن كثيرا من العلماء كانوا موسوعيين يجمعون بين عدد من المجالات المعرفية. وهذا الجمع كان
ظاهرة معروفة في تاريخ العلوم عند المسلمين وعند غيرهمء. وان غلب على الواحد منهم تميز في مجال واحد أكثر من غيره من هذه
المجالات. فغلب عليه لقب الفقيه: أو المحدث. أو المتكلم: أو الطبيب.... إلخ.


كما وجدنا أن مدرسة المتكلمين تعتمد على المنطق العقلي والتعامل مع النخبة. كما تتميز باهتمامبا بمسائل العقيدة. وحماية الدين
والدفاع عنه. بأساليب جديدة دخل فيها النظر العقلي والكلام المنطقيء والمناظرة والجدلء وكان من هؤلاء فقباء ومحدثون ومفسرون»
كما تميز المتكلمون إلى فرق متعددة منها الخوارجء والجبرية. والقدريةء والمعتزلة والأشاعرة. وغيرهم.
ويبدو أن بعض أصحاب هذه المدرسة حاول صبغ عقيدة الإسلام ومفاهيمه بأفكاره وآرائه رغم محاولات بعض أصحابها الآخرين
مغالبة الملحدين والضالين ونشر مبادئ المتكلمينء والاعتماد على التأويل. وقد نظر بعض السلف إلى علم الكلام نظرة حذر ومحافظة:
ومهيم من عَدَه “بدغة من أكبو البدع”(7): وممن شدد النكير على أتباع علم الكلام أهل الحديث والفقه الذين ناصبوا للمتكلمين العداء.
وتصدوا لهم يفندون آراءهم ويردون عليها.
وقد رأينا المدرسة الكلامية في جملة من الآراء التربوية المعتمدة لدى القاضي عبد الجبار المعتزلي من خلال العمل الكبير المسمى
“المغني في أبواب التوحيد والعدل”: وأيضا كتابه “المجموع في المحيط بالتكليف.” 1
أما المدرسة الفلسفيةء فعلى الرغم من أنها تلتقي مع المدرسة الكلامية في اعتماد المنطق العقلي. إلا أنها تستند إلى الانفتاح على
الثقافات غير الإسلامية التي دخلت المجتمع الإسلامي عن طريق ترجمة علوم الفرس واليونان. وذلك من أجل التدليل على صحة ما عند
المسلمين. ومحاولة التقريب بين الدين والفلسفة. كما وجدنا ذلك عند إخوان صفاء ومسكويه.ء ولبؤلاء على وجه التحديد كتابات موجبة
لأغراض التربية والتهذيب والتعليم.


ثم هناك سمة مميزة لعلّها تكون من أبرز سماتهم الفكرية. وهي رفضهم التعصب. والتزامهم بحرية الفكر كقاعدة ملزمة لطلب
الحقيقة. وذلك بالانفتاح على العلوم والثقافات الأخرى. والرفض المطلق للتعصب. وقد أظيرت المدرسة الفلسفية حاجتها “إلى علوم
أخرى لم تظبر أهمية الاشتغال بها لدى المدارس الأخرى. مثل علوم الطب والفلك والرياضيات واللغة. إضافة إلى أن الكتابات التربوية
للفلاسفة ركزت على فهم النفس الإنسانيةء وتطور مدارك الإنسان في مراحل عمره”(8)


ومن هذا التسليم بالانفتاح العقلي استطاعوا أن يسبقوا عصرهم إلى معرفة أهمية الخلاف العقلي وتنوع المذاهب الفكرية في تنمية
الحركة العلمية وزيادة نبض التقدم العقلي والاجتماعي قوة وتدفقا.


وكما وجدنا من أطلق على مدارس الفقه والحديث مسدىى المدرسة النقلية. وجدنا كذلك من أطلق على المدارس الكلامية والفلسفية
مسى المدرسة العقلية. ثم إن أتباع المدارس العقلية لجؤوا إلى اعتماد “الحس والتجرية والمنطق العقلي في تقديم المادة للمتعلمين: وليم
طريقتهم المنطقية في فهم الصلة بين العلم والتعليم والتعلم”(9).


أما المدرسة الصوفيةء فقد اتبعوا طريقا تختلف عن الفلاسفة وعلماء الشرع؛ وهو “طريق القلب بعد أن يصفى من شوائبه. وطريق
النفس بعد أن تتجرد عن لذاتها وما يتعلق بها من أمور الدنيا”(10): إذ “يقوم المنبج التربوي عند معظم فرق الصوفية على مبدأ التتقشف
والزهد. وأداة ذلك في مجمله هو عمل القلب. ومن هنا تكاد تنحصر أهدافيهم التربوية في مسألة تربية المريدين واحسان التحكم في
غرائزهم: وتدريهم على الصبر وتحمل المشاق. والانعزال عن الناس: ومحاولة الانقطاع إلى الذكر. ويعتقدون بالكرامات والخوارق”(11).


وتظبر المدرسة الصوفية كمدرسة متميزة عن المدارس الفكرية الأخرى. “فإذا كانت المدارس الفقهية والحديثية تعتمد المأثور في بيان
الأحكام العلمية. والمدارس الكلامية والفلسفية تغلب المنطق والجدل واعمال العقلء فإن المدرسة الصوفية تعتمد على الصلة الوثيقة
بين الشيخ والمريد. في تقديم تربية روحية وجدانية تستهدف تزكية النفس والقلبء والزهد في متاع الدنياء ويكون فيها هامش الحرية لدى
المريد في أضيق أحواله: لأنه يلتزم بما يؤمر به من أوراد تؤدى بكيفيات محددة..”(12).


وقد سبق أن أشرنا إلى أن التصوف اتجاه سلوي وليس مدرسة فكرية فحسب. “ولا شك في أن التراث التربوي الإسلامي يتضمن ما
يوضح أن الميل إلى الزهد والانقطاع إلى العبادة لم يقتصر على شيوخ التصوف وحلقاتهم. وانما كان صفة لكثير من الفقهاء والمحدثين.
لكن المتصوفة أفرطوا في الزهد والذكر من جبة”(13).


إن المدرسة الصوفية في التربية لا ميتم بالصغار كما هو الشأن بالنسبة للمدارس التربوية الأخرى. وانما ركزت على الكبارء وأن
منيجها يتضمن العلوم المعروفة في المدارس الأخرى. لكنها اهتمت أكثر بالتربية الروحية. وتهذيب السلوك, والتحكم بالغرائز والشهوات:
وايثار حب الله ورسوله والآخرة. وأن طريقة التربية تعتمد على الصلة الوثيقة بين الشيخ والمريد. وترديد أدعية وأوراد معينة بكيفيات
محددة. والسير على توجيهات الشيخ. والرضا والقناعة التامة بأهليته وقدراته. والقبول بكل الأوامر التي هي من خصائص الطريقة التي
يرسمها شيخها والتي من شأنها أن توصله إلى مبتغاه. فالتعلم الذاتي الفردي يكاد يكون منعدما في الفكر التربوي الصوني.


“أمنا أفاكنخ التربية الصوفية فري في الغالب أماكن خاصة تبتعد عن أماكن تجمع الناس في المساجد والجوامع. لذلك فضلوا الزوايا
والربط والخوانقء وان كان لبعضهم مساجد خصصوا لأنفسهم فبها زوايا لحلقات الدرس والذك ر"(14).


هذه أمثلة خمسة من مدارس الفكر التربوي الإسلاميء ولا تكفي طبعا هذه النماذج المختصرة في إعطاء الصورة الحية الكاملة؛ أو
تدل على المستوى الذي كانت عليه العملية التعليمية في تراثنا التربوي الإسلامي. وريما نستطيع الحديث عن مدارس أخرى غيرهاء مثل
المدرسة الشيعية»:والمدرسة العلمية»والمدرسة الأدبية» ومدرسة المؤرخينء مع ملاحظة التداخل الواضح :بين المدارسء فالجاحظ:قو
أديب معروفء لكنه متكلم معتزلي. وابن خلدون مؤرخ مشبور لكنه فيلسوف معروفء. وهكذا.
ثم إن الذي قام به الباحث هو عرض إجمالي لا يغني عن الدخول في بعض التفاصيل القائمة في كل مدرسة. فقد عرفت المدرسة
الفقهية مذاهب وتوجهات متبوعة..ومثل ذلك يقال عن المدارس. الأخرئ: وهما تجدر ملاحظته أن التراث التزيوي الإسلامي يزخر
القواعد التربوية الصحيحة وبلورتها بصورة علمية تنسجم مع الحقائق والأسس الفلسفية والتربوية المعاصرة» وبالتالي لا يمكن معرفة
هذا التراث التربوي الإسلامي من الكتابات الخاصة بمدرسة واحدة من المدارس المذكورة: إذ يلزم ملإاحظة التنوع والتعدد الذي عرفه
الإحالات المرجعية:
حسن عبد العال. التربية الإسلامية ف القرن الرابع المجري. (مرجع سابق). ص: 96.
فتحي حسن ملكاوي. التراث التربوي الإسلامي. (مرجع سابق). الطبعة الأولى. ص: 261.
المرجع نفسه. ص: 398.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

واجه العديد من ...

واجه العديد من الأشخاص مشاكل في فهم شخص آخر من بلد آخر ولغة ومجتمع آخر، بالإضافة إلى لقاءات في الشرك...

1. تحسين الصحة ...

1. تحسين الصحة النفسية للمراهقين: تقلل من أعراض الاكتئاب والقلق: يمكن لبرامج الصحة النفسية أن تساعد...

Thermal analysi...

Thermal analysis techniques are those in which a physical property of a substance or its reaction pr...

في مساء يوم الا...

في مساء يوم الاثنين شعرت ماريلا بالضيق لأنها لم ترى مشبك الجمشت وبحثت عنه في كل مكان ولكن لم تعثر عل...

Contents 1. Pla...

Contents 1. Plan and prepare for meetings 2. Conduct meetings 3. Debrief and follow up meetings. Un...

3. القصة ونحن ...

3. القصة ونحن ندلف إلى هذا العمل المتميز الروائي متميز هو الآخر وقد مضى في مسيرته الكتابة باللغة ال...

?" ! The narrat...

?" ! The narrator in *Lord of the Flies* is a separate, unnamed, impar9al narrator is aware of what ...

السرد إعلان ...

السرد إعلان مناخ مناسب للتعبير عن التجارب والمعاناة التي واجهها الشاعر بتضمينه صوراً شعرية عريضة ...

Step 6: Monitor...

Step 6: Monitoring and Evaluating Performance Monitoring and evaluating performance require ongoing ...

في تناول الموضو...

في تناول الموضوعات التربوية والخلقية التي اختارها لكتابتها ، فلقيت مقالاته رواجا كبيرا في أوساط الق...

Family Relation...

Family Relations : King Lear addresses family relationships , including those between children and f...

الصناعات التقلي...

الصناعات التقليدية هي إنتاج حضاري لآلاف السنين من التفاعل الحي بين المجتمعات المحلية بما تحمله من رؤ...