- الملائكة كائنات روحية: في الكتاب المقدس تعني ترجمة كلمة "ملاك" "مرسل" إلى رتبة من الكائنات الروحية. فالملائكة طبقا لكاتب العبرانيين هي أرواح خادمة أرسلت لعدتيدين أن يرثوا الخلاص. فالملائكة إذا هي كائنات روحية تعمل كمرسلين روحيين وخدام لله لهؤلاء المفديين. وهذه بعض الشواهد التي تؤكد ان الملائكة ارواح متى 16:8؛ لوقا 21:7؛أ عمال 19:12 12؛عبرانيين 12:1 .ورغم قدرتهم على الظهور في شكل اجساد حقيقية، إلا أن ذلك لا يحدث دون أمر من خالقهم وفي ظروف استثنائية.
- الملائكة كائنات مخلوقة: الاملائكة هي كائنات روحية، لكنها تختلف عن الله كروح. مزمور 2:148؛ كولوسي 16:1 يتكلمان بوضوح على أن الملاكة هي كائنات مخلوقة. لذلك فهي تخضع لخالقها وتحقق مشيئته وخطته.
- الملائكة جماعة وليست سلالة: خلق الله كل جند الملائكة مرة واحدة وهنا يكشف أن الملائكة لا تتكاثر وليس لها جنس ولا تصنف وكذكور أو إناث «لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، إِذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضًا، لأَنَّهُمْ مِثْلُ الْمَلاَئِكَةِ…». لذلك فإن الملائكة عددها يظل ثابتا. لا يذكر الكتاب المقدس معلومة واضحة عن عدد الملائكة، لكنه يؤكد أنهم جيشا قويا. في مزمور68:17 «مَرْكَبَاتُ اللهِ رِبْوَاتٌ، أُلُوفٌ مُكَرَّرَةٌ...».
- الملائكة كائنات أدبية وعاقلة ولها مشاعر: خلق الله الملائكة ليس ليشبعوا رغباته، أو لأنه يحتاج إليهم، بل خلقهم كائنات عاقلة، لها إرادة وشخصية. إنهم كائنات ذكية بالإضافة إلى الذكاء يظهر للملائكة الصفات الشخصية للإحساس أو الشعور. فهم يعبرون عن المشاعر و يظهرونها كما أن تمجيدهم وهدفهم بالعبادة والتسبيح يظهر أيضا قدرتهم على تعبير المشاعر. كما أنهم أيضا يتمتعون بالإرادة والقدرة على اتخاذ القرارات.
تتسم الملائكة بمعرفة عظيمة وهذا يؤيد أنها كائنات عاقلة، لكن علم الملائكة. لذلك يمكننا أن نفترض أن للملائكة معرفة جيدة عن جوانب ملكوت الله، ولكنها تخضع تحت حدود معينة، وهي الحدود التي رسمها الله الخالق لهم، فهي محدودة في مجال فداء البشر والمجيء الثاني المسيح. كما أنها أيضا تتسم بأنها عظيمة القدرة صح ويشير إليهم داود بملائكة الله المقتدرين، و ويوجه الرسولان بولس وبطرس انتباهنا إلى قوة الملائكة القديسين ويتكلم الكتاب عن علم الملائكة في متى 36:24.
متى خلقت الملائكة؟
لا يوجد نص صريح في الكتاب المقدس يحدد توقيت خلق الملائكة. هناك من يعتقد أنهم خُلقوا بعد الإنسان، مستندين إلى ترتيب خلق الكائنات الأرضية من الأدنى إلى الأعلى، حتى خلق الإنسان، ومن ثم خلق الملائكة الذين هم أعلى منه مرتبة. ولكن هذا الرأي يتناقض مع نصوص الكتاب المقدس التي تشير إلى وجود الملائكة في السماء قبل خلق البشر على الأرض، وذلك للأسباب التالية:
(1) عند خلق الإنسان، كان هناك كائن خبيث موجود قبله حاول تخريب وإبادة الإنسان (تكوين 3: 1-7). هذا الكائن المخرّب كان ملاكاً ساقطاً.
(2) عندما رد الرب على أيوب من العاصفة قال له: "أين كنت حين أسست الأرض... عندما ترنمت كواكب الصبح معاً، وهتف جميع بني الله" (أيوب 38: 4-7). والتفسير الشائع هو أن "بني الله" هنا يشير إلى الملائكة. فالملائكة كانوا موجودين عند وضع أسس الأرض، بينما الإنسان هو تاج المخلوقات، وليس لأنه آخرها خلقاً.
(3) بالإضافة إلى ذلك، في سفر الرؤيا 12: 7-9، نجد ذكرًا لمعركة في السماء بين ميخائيل وملائكته والتنين وملائكته، مما يشير إلى وجود الملائكة قبل سقوط الإنسان.
(4) كما أن رسالة يهوذا 1: 6 تتحدث عن الملائكة الذين لم يحفظوا مكانهم الأولي وتركوا مسكنهم، مما يدل على وجودهم قبل أي حدث على الأرض.
من ذلك نستنتج أن الكتاب المقدس لم يذكر أي تاريخ محدد لخلق الملائكة، وأي آراء حول توقيت خلقهم هي مجرد اجتهادات أشخاص ولا تستند إلى نصوص صريحة. ورغم أن الكتاب المقدس لم يصارحنا بموعد خلقهم، إلا أنه صرح لنا بأنهم كائنات أزلية لن تموت.
مكان الملائكة في قصد الله وعلاقة الإنسان بهم:
أهدافهم: يقول الكتاب أن الله خلق كل الأشياء لمسرته (وهذا يشمل الملائكة)، ولكي يفعلوا مرضاته ولكن هذا لا يعني أن الله تحتاج إليهم.
1- دور الملائكة في توضيح خطة الله ومحبته للبشر:
الملائكة والبشر هما المخلوقات العاقلة الوحيدة التي خلقها الله، مما يتيح لنا فهم خطة الله ومحبته بشكل أعمق. بالرغم من أن البشر خُلقوا "على صورة الله"، إلا أن الكتاب المقدس لم يشير إلى هذا الوصف للملائكة، مما يعزز تفضيل الله للبشر. يشير الكتاب المقدس إلى أن البشر سيمتلكون سلطة على الملائكة، مما يعكس الأولوية التي يضعها الله للبشر.
2- دور الملائكة في التذكير بالعالم الروحي:
- الملائكة تحمي: يؤكد الكتاب المقدس على وجود عالم غير مرئي وحقيقي، حيث يتدخل الملائكة لحماية البشر ومساعدتهم. يُحدثنا الكتاب المقدس عن حادثة غلام أليشع الذي رأى جيشًا من الملائكة، مما يعزز فهمنا لوجود هذا العالم الروحي. تذكّر الكتاب المقدس البشر بضرورة التفكير في العالم الروحي ووجود الملائكة كشاهدين على هذه الحقيقة.
3- الملائكة نماذج للطاعة والعبادة:
هم يقدمون أمثلة في طاعتهم وعبادتهم لله. دعوتنا لتحقيق مشيئة الله في الأرض كما في السماء تعكس مثال الملائكة. يجب علينا أن نفعل كما يفعل الملائكة في السماء، مساعدين الله ومنفذين لإرادته.
4- دور الملائكة في تنفيذ مخططات الله:
ينفذون مخططات الله في الأرض، بنقل رسائله وتنفيذ عقوباته، يقاتلون القوى الشيطانية ويعلنون العدالة والقوانين الإلهية، مشاركتهم في أحداث النصوص المقدسة تظهر تدخلهم المباشر والفعال في الأرض.
5- تمجيد الملائكة لله:
يوضح الكتاب المقدس أن الملائكة يتهللون دائما في السجود لله، كما أنه سمح لأشعياء أن يسمع و يرى السرافيم في محضر الله، كما سمح للرسول يوحنا أن يرى الأربع حيوانات الواقفين في محضر الله المباشر وهم يهتفون قائلين: «قدوس قدوس قدوس قرب الإله القادر على كل شيء الذي كان هو الكائن والذي يأتي». وكما هو واضح أن الملائكة تعبد وتسبح الله؛ فإذا هي مدركة لسلطان، وسيادة، وقدرة الله.
علاقة الملائكة بالمؤمنين:
يشاهدون ويشهدون طاعة المؤمنين ويفرحون بها. يتمنون رؤية أمجاد خطة الخلاص تتجلى في حياة المؤمنين. ويكونون شهودًا على طاعة المؤمنين أمام الله ويمجدون الله بسببها.
هذه النقاط تبرز دور الملائكة في خطة الله وتأكيد على وجودهم في العالم الروحي والدور الذي يلعبونه كوسطاء بين الله والبشر.
أصل الأرواح الشريرة:
- الملائكة الأشرار: بالإضافة إلى الملائكة الصالحة، هناك ملائكة أشرار يقاومون الله. بعض الملائكة خرجوا عن مكانتهم الأصلية وسقطوا بسبب طموحهم ومعاداتهم لعمل الله، يهوذا6؛ 2بطرس 4:2. لم يُعلن عن خطيتهم بوضوح، لكن يُعتقد أنهم رفضوا سلطة الله وسعوا للسيطرة والسلطة.
قد تكون أسباب السقوط تنوعت بين الكبرياء والشهوة، كما في حالة إبليس والشياطين. من المرجح أن إبليس هو من جر الآخرين معه في سقوطه.
دور الشيطان باعتباره رئيس الملائكة الساقطين:
إبليس، قائد الملائكة الساقطين، يُذكر في العهد الجديد بألقاب تكشف شخصيته الشريرة. يُعرف بأسماء مثل "الشيطان" و"أبوليون" (رؤ۱۱:۹) معناها المدمر و"المجرب" (مت٣:٤؛ ۱تس٥:٣) و"الشرير". يُصف إبليس بأنه الكذاب الأصلي والحية التي خدعت حواء في عدن. يُعتبر خصمًا لله وللإنسان المسيحي، دائمًا يبحث عن الضعف والشخصيات المتخاذلة ليوجههم في الاتجاه الخاطئ. يُظهر دهاءه الخادع وضراوته المدمرة كأسد يزأر وكتنين "اصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ." (1 بط 5: 8). إبليس يُصور بصورة خسيسة ومكرها وحاقدة، موجهة ضد الله وضد أولئك الذين يحبهم الله.
يُعرف إبليس كرئيس للملائكة الساقطين وكمناهض لله ولعمله .كان من أقوى رؤساء العالم الملائكي قبل سقوطه وتمرده على الله.
يُصوَّر إبليس كمسبب للخطيئة وسبب دخولها للعالم ومعادٍ لعمل الله وللمؤمنين. يُظهر كرئيس معترف به للملائكة الساقطين ويُستخدمهم في مقاومة المسيح وملكوته. يمتلك قوة خارقة وسلطة واسعة، لكنها محدودة بسلطة الله. يُصوَّر كمسيطر على العالم الشرير وكمحارب للإنسانية والمؤمنين.
بينما يستخدم الملائكة الأخيار قوتهم لخدمة الله، يستعمل الملائكة الساقطون قوتهم لمقاومته وتدمير أعماله. يعملون بجدل مستمر على لعن الله ومحاربة مسيحه وتشويه عمل الله في العالم.
يجب أن يأخذ المسيحيون إبليس بجدية، حيث يسعى باستمرار للبحث عن نقاط الضعف والقوة الموجهة بشكل خاطئ، ويستهدف الإيمان الضعيف والرجاء المتخاذل والشخصية المحبطة. يعتبر الشيطان خصمًا مُهِمًا للمسيحيين، ولكنه عدو مهزوم بفضل انتصار المسيح.
عكس انتصار المسيح على الشيطان قوة المسيح وفوزه بالحرب الروحية. يُشجع المسيحيون على القوة والثقة في مواجهة الشيطان بكل ما يمدهم به المسيح. (أف١٠:٦-١٣؛ يع٧:٤؛ ١بط ٩:٥-١٠). لأَنَّ الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ" (ايو٤:٤).
يُنبغي أن يتم فهم وجود الشيطان بشكل سليم، دون الانزلاق إلى المفهوم الثنائي من وجود إلهين يتحاربان. يُعتبر الشيطان مخلوقًا مهزومًا بالفعل، لا إلهًا، له القدرة والمعرفة، ولكنه ليس كلي العلم والقدرة.
يتوجب الاعتراف بالهزيمة النهائية للشيطان ومصيره في النار وفقًا للكتاب المقدس (رؤية ١٠:٢٠).
أنشطة الشيطان والأرواح الشريرة
يشير الكتاب المقدس إلى أن الملائكة الأشرار كثيرو العدد وأقوياء جدًا، ولديهم سلطان في عالم البشر.
يتمكنون من التأثير على أجساد البشر وعقولهم بما في ذلك أمثلة من أفعالهم مع أيوب وبعض المجانين والمصروعين وحواء وأخآب وحنانيا وامرأته والجارية التي كان فيها روح عرافة وكل المجانين المذكورين في العهد الجديد.
لكن يوجد بعض القةات التي تحصرهم:
- يعملون بموجب سلطان الله ونواميس طبيعية.
- لا يمكنهم اختراق حرية الإنسان ومسؤوليته.
- ينجح كل من يحاول أن يقاومهم بقوة الرب.
لا ينبغي التطرف في الاعتقاد بسلطان الملائكة الأشرار لتجنب الشرور التي قد تنشأ عن ذلك. يجب الاعتراف بأن الملائكة الأشرار محدودون ويعملون بموجب قوانين الطبيعة وحرية الإنسان، ولا يمكن اكتشاف أعمالهم بشكل قاطع.
ينبغي للمؤمنين أن يتوجهوا إلى الله لحمايتهم من حيل الملائكة الأشرار وأن يشكروا الله على خدمة الملائكة غير المنظورة.