Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (19%)

فإن كان الأول : لم يجز أن يستدل على التحريم بأحاديث الوعيد، فإن العلم بهذا الشرط متعذر. قيل له : إنما اشترطت إجماع العلماء، فإن محذور شمول اللعنة لهذا، فإنه إذا زل زل بزلته عالم. ثواباً لم يشاركه فيه ذلك الجاهل، ما هو نص في صورة الخلاف، مثل «لعنة المحلل له فإن من العلماء من يقول : إن هذا لا يأثم بحال، حتى يقال: لعن لاعتقاده وجوب الوفاء بالتحليل. وإن بطل الشرط، فإنها تحل للثاني - جرد الثاني عن الإثم. والكفر لا اختصاص له بإنكار هذا الحكم الجزئي دون غيره، والخلاف يستلزم دخول بعض من لا يستحق اللعن فيه. ليس عليه أن يستثني من تخلف الوعد أو الوعيد في حقه المعارض، فيكون الكلام جارياً على منهاج الصواب. أما إذا جعلنا اللعن» على فعل المجمع على تحريمه، كان سبب اللعن غير مذكور في الحديث مع أن ذلك العموم لابد فيه من التخصيص أيضاً. وقد قدمنا فيما مضى، حتى إنا نقول: إن محلل الحرام أعظم إثماً من فاعله. ومع هذا فالمعذور معذور. وكلاهما خارج عن العقوبة. قلنا : الجواب من وجوه : ليجتنبه من يتبين له التحريم. وإن كان قد يعذر من يفعلها مجتهداً أو مقلداً، ولكان ترك أدلة المسائل المشتبهة خيراً من بيانها. لم يكن معذوراً. ولم يصده عنه اتباع الهوى، وعن غيره، منهم: الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. وقال: حديث حسن وعن الشهادة، فيكون أولئك المجتهدون الذين رأوا دخول محل الخلاف في الحديث، وعلى تقدير بقائه - علم أنه ليس بمحذور، وذلك أن الدخول تحت الوعيد مشروط بعدم العذر في الفعل. سواء اعتقد بقاء الحديث على ظاهره، إلا إلى وجه واحد. - وهو أن يقول السائل: أنا أسلم أن من العلماء المجتهدين من يعتقد دخول مورد الخلاف في نصوص الوعيد، فيلعن - مثلاً من فعل ذلك الفعل، لكن هو مخطىء في هذا الاعتقاد خطأ يعذر فيه و يؤجر، فلا يدخل في وعيد من لعن بغير حق، تعرض للوعيد المذكور على اللعن. أخرج محل الخلاف من الوعيد الثاني، وأعتقد أن أحاديث الوعيد في كلا الطرفين، لم تشمل محل الخلاف، لا في جواز الفعل، ولا في جواز لعنة فاعله، وأنا أعتقد خطأه في ذلك، والثالث: القول بالتحريم الخالي من هذا الوعيد الشديد. وأنا قد أختار هذا القول الثالث، ووعيد اللاعن، فيقال للسائل : إن جوزت أن تكون لعنة هذا الفاعل من مسائل الاجتهاد، والمقتضي لإرادته قائم، أو سوغت الاختلاف فيه، وذلك الاعتقاد الذي ذكرته، والوعيد، لم يبق في اللعن المختلف فيه دليل على تحريمه، وما نحن فيه من اللعن المختلف فيه كما تقدم، وهي الأحاديث اللاعنة لمن فعل هذا، فيجب العمل بالدليل المقتضي الجواز لعنه السالم عن المعارض، وإنما جاء هذا الدور الآخر، لأن عامة النصوص المحرمة للعن متضمنة للوعيد. لم يجز الاستدلال بها على لعن مختلف فيه، كما تقدم. قيل له : الإجماع منعقد على تحريم لعن معين من أهل الفضل. وارتفعت الموانع، إنما هو دليل واحد. أن نبين أن المحذور الذي ظنوه، هو لازم على التقديرين، فلا يكون محذوراً، فيكون دليل واحد قد دل على إرادة محل الخلاف من المنصوص، وإن كان المطلوبان متلازمين. وإنما خالف بعضهم في العمل بآحادها في الوعيد خاصة. بل إذا كان في الحديث وعيد، كان ذلك أبلغ في اقتضاء التحريم، واعتقاد الوعيد، فإذا قلنا بموجب قوله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً) . وقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، لأنه يقال : الصديق الصالح، ففعل هذه الأمور ممن يحسب أنها مباحة - باجتهاد، أو تقليد، وهذا الترك يجر إلى الضلال، وحرموا ذلك خير وأحسن تأويلا). ونتبع ما أنزل إلينا من ربنا جميعه، والله يوفقنا لما يحبه ويرضاه من القول والعمل في خير وعافية لنا ولجميع المسلمين.


Original text

فإن كان الأول : لم يجز أن يستدل على التحريم بأحاديث الوعيد، حتى يعلم أن جميع الأمة، حتى الناشئين بالبوادي البعيدة، والداخلين في الإسلام من المدة القريبة، قد
اعتقدوا أن هذا محرم. وهذا لا يقوله مسلم، بل ولا عاقل، فإن العلم بهذا الشرط متعذر.
وإن قيل : يكتفى باعتقاد جميع العلماء.
قيل له : إنما اشترطت إجماع العلماء، حذراً من أن يشمل الوعيد بعض المجتهدين، وإن كان مخطئاً. وهذا بعينه موجود فيمن لم يسمع دليل التحريم من العامة، فإن محذور شمول اللعنة لهذا، كمحذور شمول اللعنة لهذا.
ولا ينجي من هذا الإلزام أن يقال: ذلك من أكابر الأمة وفضلاء الصديقين، وهذا من أطراف الأمة وعامتها، فإن افتراقها من هذا الوجه، لا يمنع اشتراكهما في هذا الحكم، فإن الله سبحانه كما غفر للمجتهد إذا أخطأ، غفر للجاهل إذا أخطأ ولم يمكنه التعلم، بل المفسدة التي تحصل بفعل واحد من العامة محرماً لم يعلم تحريمه، ولم يمكنه معرفة تحريمه ، أقل بكثير من المفسدة التي تنشأ من إحلال بعض الأئمة لما قد حرمه الشارع وهو لم يعلم تحريمه، ولم يمكنه معرفة تحريمه. ولهذا قيل : احذروا زلة العالم، فإنه إذا زل زل بزلته عالم. قال ابن عباس - رضي الله عنها - ويل للعالم من الأتباع.فإذا كان هذا معفواً عنه - مع عظم المفسدة الناشئة من فعله - فلأن يعفى عن الآخر، مع خفة مفسدة فعله،أولى. نعم يفترقان من وجه آخر، وهو: أن هذا اجتهد فقال باجتهاد. وله من نشر العلم وإحياء السنة ما تنغمر فيه هذه المفسدة. وقد فرق الله بينها من هذا الوجه، فأثاب المجتهد على اجتهاده، وأثاب العالم على علمه، ثواباً لم يشاركه فيه ذلك الجاهل، فهما مشتركان في العفو مفترقان في الثواب ووقوع العقوبة على غير المستحق ممتنع، جليلاً كان أم حقيراً.فلابد من إخراج هذا الممتنع من الحديث بطريق يشمل القسمين.السادس: أن من أحاديث الوعيد، ما هو نص في صورة الخلاف، مثل «لعنة المحلل له فإن من العلماء من يقول : إن هذا لا يأثم بحال، فإنه لم يكن ركناً في العقد الأول بحال، حتى يقال: لعن لاعتقاده وجوب الوفاء بالتحليل. فمن اعتقد أن نكاح الأول صحيح، وإن بطل الشرط،فإنها تحل للثاني - جرد الثاني عن الإثم. بل وكذلك «المحلل» فإنه إما أن يكون ملعوناً على التحليل، أو على اعتقاده وجوب الوفاء بالشرط المقرون بالعقد فقط، أو على مجموعهما .فإن كان الأول، أو الثالث، حصل الغرض. وإن كان الثاني ، فهذا الاعتقاد هو المرجب اللعنة،سواء حصل هناك تحليل، أو لم يحصل.وحينئذ فيكون المذكور في الحديث ليس هو سبب اللعنة، وسبب اللعنة لم يتعرض له. وهذا باطل ثم هذا المعتقد وجوب الوفاء، إن كان جاهلاً، فلا لعنة عليه. وإن كان عالماً بأنه لا يجب، فحال أن يعتقد الوجوب، إلا أن يكون مراغماً للرسول صلى الله عليه وسلم، فيكون كافراً.فيعود معنى الحديث إلى لعنة الكفار، والكفر لا اختصاص له بإنكار هذا الحكم الجزئي دون غيره، فإن هذا بمنزلة من يقول : لعن الله من كذب الرسول في حكمه بأن شرط الطلاق في النكاح باطل. ثم هذا كلام عام عموماً لفظياً ومعنوياً، وهو عموم مبتدأ.
ومثل هذا العموم لا يجوز حمله على الصور النادرة، إذ الكلام يعود لكنة وعياً، كتأويل من يتأول قوله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت من غير إذن وليها فنكاحها باطل» على المكاتبة.و بيان ندرته، أن المسلم الجاهل لا يدخل في الحديث والمسلم العالم بأن هذا الشرط لا يجب الوفاء به، ولا يشترطه معتقداً وجوب الوفاء به، إلا أن يكون كافراً، والكافر لا ينكح نكاح المسلمين، إلا أن يكون منافقاً،
وصدور هذا النكاح على مثل هذا الوجه من أندر النادر. ولو قيل: إن مثل هذه الصورة لا تكاد تخطر ببال المتكلم لكان القائل صادقاً.
وقد ذكرنا الدلائل الكثيرة، في غير هذا الموضع، على أن هذا الحديث قصد به المحلل القاصد، وإن لم يشترط (1) . وكذلك الوعيد الخاص من اللعنة والنار وغير ذلك قد جاء منصوصاً في مواضع، مع وجود الخلاف فيها . مثل : حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج». قال الترمذي:حدیث حسن .
وزيارة النساء رخص فيها بعضهم، وكرهها بعضهم،ولم يحرمها .وحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لعن الله الذين يأتون النساء
في محاشهن))وحديث أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون» .
وقد تقدم حديث الثلاثة الذين لا يكلمهم الله ، ولا ينظر إليهم، يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم» وفيهم من منع فضل مائه».
وقد لعن بائع الخمر وقد باعها بعض المتقدمين. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم، من غير وجه، أنه قال: «من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» .
وقال : «ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب )) مع أن طائفة من الفقهاء يقولون: إن الجر والإسبال للخيلاء مكروه غير محرم. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الواصلة والموصولة وهو من أصح الأحاديث.
وفي وصل الشعر خلاف معروف.وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الذي يشرب في آنية الفضة إنما يُجرجر في بطنه نار جهنم) ومنالعلماء من لم يحرم ذلك. السابع : أن الموجب للعموم قائم، والمعارض المذكور، لا يصلح أن يكون معارضاً، لأن غايته، أن يقال: حمله على صور الوفاق، والخلاف يستلزم دخول بعض من لا يستحق اللعن فيه. فيقال : إذا كان التخصيص على خلاف الأصل، فتكثيره على خلاف الأصل، فيستثنى من هذا العموم من كان معذوراً بجهل، أو اجتهاد، أو تقليد، مع أن الحكم شامل لغير المعذورين، كما هو شامل لصور الوفاق، فإن هذا التخصيص أقل، فيكون أولى. الثامن : أنا إذا حملنا اللفظ على هذا كان قد تضمن ذكر سبب اللعن، ويبقى المستثنى قد تخلف الحكم عنه لمانع. ولا شك أن من وعد، أو أوعد، ليس عليه أن يستثني من تخلف الوعد أو الوعيد في حقه المعارض، فيكون الكلام جارياً على منهاج الصواب.أما إذا جعلنا اللعن» على فعل المجمع على تحريمه، أو جعلنا سبب اللعن هو الاعتقاد المخالف للإجماع، كان سبب اللعن غير مذكور في الحديث مع أن ذلك العموم لابد فيه من التخصيص أيضاً.فإذا كان لابد من التخصيص على التقديرين فالتزامه على الأول أولى، الموافقة وجه الكلام، وخلوه من الإضمار.
التاسع : أن الموجب لهذا، إنما هو نفي تناول اللعنة للمعذور.وقد قدمنا فيما مضى، أن أحاديث الوعيد إنما المقصود بها بيان أن ذلك الفعل سبب لتلك اللعنة. فيكون التقدير:هذا الفعل سبب اللعن.فلو قيل هذا، لم يلزم منه تحقق الحكم في حق كلشخص، لكن يلزم منه قيام السبب إذا لم يتبعه الحكم، ولامحذور فيه.وقد قررنا فيما مضى، أن الذم لا ياحق المجتهد، حتى إنا نقول: إن محلل الحرام أعظم إثماً من فاعله. ومع هذا فالمعذور معذور.فإن قيل : فمن المعاقب ؟ فإن فاعل هذا الحرام، إما مجتهد، أو مقلد له، وكلاهما خارج عن العقوبة.قلنا : الجواب من وجوه :
أحدها : أن المقصود بيان أن هذا الفعل مقتض
للعقوبة، سواء وجد من يفعله أو لم يوجد. فإذا فرض، أنه لا فاعل إلا وقد انتفى فيه شرط العقوبة أو قد قام به ما يمنعها، لم يقدح هذا في كونه محرماً،بل نعلم أنه محرم، ليجتنبه من يتبين له التحريم. و يكون من رحمة الله بمن فعله، قيام عذر له، وهذا كما أن الصغائر محرمة، وإن كانت تقع مكفرة باجتناب
الكبائر، وهذا شأن جميع المحرمات المختلف فيها .. فإن تبين أنها حرام، وإن كان قد يعذر من يفعلها مجتهداً أو مقلداً، فإن ذلك لا يمنعنا أن نعتقد تحريمها.الثاني : أن بيان الحكم سبب لزوال الشبهة المانعة من الحوق العقاب، فإن العذر الحاصل بالاعتقاد ليس المقصود
بقاءه، بل المطلوب زواله بحسب الإمكان، ولولا هذا لما وجب بيان العلم، ولكان ترك الناس على جهلهم خيراً لهم، ولكان ترك أدلة المسائل المشتبهة خيراً من بيانها. الثالث : أن بيان الحكم والوعيد، سبب لثبات المجتنب على اجتنابه، ولولا ذلك لانتشر العمل بها . الرابع : أن هذا العذر لا يكون عذراً إلا مع العجز عن إزالته، وإلا فمتى أمكن الإنسان معرفة الحق، فقصر فيه، لم يكن معذوراً. الخامس : أنه قد يكون في الناس من يفعله غير مجتهد اجتهاداً يبيحه، ولا مقلداً تقليداً يبيحه، فهذا الضرب قد قام فيه سبب الوعيد من غير هذا المانع الخاص، فيتعرض للوعيد و يلحقه، إلا أن يقوم فيه مانع آخر، من توبة، أوحسنات ماحية، أو غير ذلك. ثم هذا مضطرب. قد يحسب الإنسان أن اجتهاده، أو تقليده، مبيح له أن يفعل، و يكون مصيباً في ذلك تارة، ومخطئاً أخرى، لكن متى تحرى الحق، ولم يصده عنه اتباع الهوى، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها .العاشر : أنه إن كان بقاء هذه الأحاديث على مقتضياتها مستلزماً لدخول بعض المجتهدين تحت الوعيد فكذلك إخراجها عن مقتضياتها، مستلزم لدخول بعض المجتهدين تحت الوعيد.وإذا كان لازماً على التقديرين، بقي الحديث سالماً عن المعارض، فيجب العمل به.
بيان ذلك، أن كثيراً من الأئمة صرحوا بأن فاعل الصورة المختلف فيها، ملعون منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنها - فإنه سئل عمن تزوجها ليحلها، ولم تعلم بذلك المرأة ولا زوجها؟ فقال: «هذا سفاح، وليس بنكاح، لعن الله المحلل والمحلل له وهذا محفوظ عنه من غير وجه. وعن غيره، منهم: الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. فإنه قال : إذا أراد الإحلال فهو محلل، وهو ملعون وهذا منقول عن جماعات من الأئمة في صور كثيرة من صور الخلاف في الخمر، والربا، وغيرهما.فإن كانت اللعنة الشرعية وغيرها من الوعيد الذي جاء، لم يتناول إلا محل الوفاق، فيكون هؤلاء قد لعنوا من لا يجوز لعنه، فيستحقون من الوعيد الذي جاء في غير حديث مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «لعن المسلم كقتله) (۱) وقوله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه ابن مسعود
رضي الله عنه: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» متفق عليها .وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه .سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الطعانين واللعانين لا
يكونون يوم القيامة شفعاء ولا شهداء». وعن أبي هريرة - رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينبغي لصديق أن يكون لعاناً» رواهما مسلم. وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء» رواه الترمذي.وقال: حديث حسن
وفي أثر آخر : «ما من رجل يلعن شيئاً ليس له بأهل إلا حارت اللعنة عليه)) .
فهذا الوعيد الذي قد جاء في اللعن» حتى قيل: إن من لعن من ليس بأهل كان هو الملعون، وأن هذا اللعن فسوق، وإنه مخرج عن الصديقية، وعن الشفاعة، وعن الشهادة، ويتناول من لعن من ليس بأهل.فإذا لم يكن فاعل المختلف فيه داخلاً في النص؛ لم يكن أهلاً. فيكون لاعنه مستوجباً لهذا الوعيد، فيكون أولئك المجتهدون الذين رأوا دخول محل الخلاف في الحديث، مستوجبين لهذا الوعيد.فإذا كان المحذور ثابتاً - على تقدير إخراج محل الخلاف، وعلى تقدير بقائه - علم أنه ليس بمحذور، وأنه لا مانع من الاستدلال بالحديث. وإن كان المحذور ليس ثابتاً - على واحد من التقدير بن - فلا يلزم محذور البتة.
وذلك، أنه إذا ثبت التلازم، وعلم أن دخولهم على تقدير الوجود، مستلزم لدخولهم على تقدير العدم، فالثابت أحد الأمرين، إما وجود الملزوم واللازم، وهو دخولهم جميعاً، أو عدم اللازم والملزوم، وهو عدم دخولهم جميعاً، لأنه
إذا وجد الملزوم وجد اللازم. وإذا عدم اللازم، عدم الملزوم. وهذا القدر كاف في إبطال السؤال، لكن الذي نعتقده، أن الواقع عدم دخولهم على التقدير ين على ما تقرر. وذلك أن الدخول تحت الوعيد مشروط بعدم العذر في الفعل. وأما المعذور عذراً شرعياً، فلا بتناوله الوعيد بحال.والمجتهد معذور، بل مأجور، فينتفي شرط الدخول في حقه، فلا يكون داخلاً، سواء اعتقد بقاء الحديث على ظاهره، أو أن في ذلك خلافاً يعذر فيه، وهذا إلزام مفحم لا محيد عنه، إلا إلى وجه واحد. - وهو أن يقول السائل: أنا أسلم أن من العلماء المجتهدين من يعتقد دخول مورد الخلاف في نصوص الوعيد، و يوعد على مورد الخلاف بناء على هذا الاعتقاد، فيلعن - مثلاً من فعل ذلك الفعل، لكن هو مخطىء في هذا الاعتقاد خطأ يعذر فيه و يؤجر، فلا يدخل في وعيد من لعن بغير حق، لأن ذلك الوعيد هو عندي محمول على لعن محرم بالاتفاق، فمن لعن لعناً محرماً بالاتفاق، تعرض للوعيد المذكور على اللعن.وإذا كان اللعن من موارد الاختلاف، لم يدخل في أحاديث الوعيد كما أن الفعل المختلف في حله ولعن فاعله لا يدخل في أحاديث الوعيد. فكما أخرجت محل الخلاف من الوعيد الأول، أخرج محل الخلاف من الوعيد الثاني، وأعتقد أن أحاديث الوعيد في كلا الطرفين، لم تشمل محل الخلاف، لا في جواز الفعل، ولا في جواز لعنة فاعله، سواء اعتقد جواز الفعل أو عدم جوازه.فإني - على التقدير ين - لا أجوز لعنة فاعله، ولا أجوز لعنة من لعن فاعله، ولا أعتقد الفاعل، ولا اللاعن دخلا في حديث وعيد، ولا أغلظ على اللاعن إغلاظ من يراه متعرضاً للوعيد، بل لعنه لمن فعل المختلف فيه عندي من جملة مسائل الاجتهاد، وأنا أعتقد خطأه في ذلك، كما قد أعتقد خطأ المبيح، فإن المقالات في محل الخلاف ثلاثة : أحدها : القول بالجواز.
والثاني: القول بالتحريم ولحوق الوعيد.
والثالث: القول بالتحريم الخالي من هذا الوعيد الشديد. وأنا قد أختار هذا القول الثالث، لقيام الدليل على تحريم الفعل، وعلى تحريم لعنة فاعل الفعل المختلف فيه، مع اعتقادي أن الحديث الوارد في وعيد الفاعل، ووعيد اللاعن، لم يشمل هاتين الصورتين. فيقال للسائل : إن جوزت أن تكون لعنة هذا الفاعل من مسائل الاجتهاد، جاز أن يستدل عليها بالظاهر المنصوص، فإنه حينئذ لا أمان من إرادة محل الخلاف من حديث الوعيد، والمقتضي لإرادته قائم، فيجب العمل به.
فإن لم تجوز أن يكون من مسائل الاجتهاد، كان لعنه محرماً تحريماً قطعياً . ولا ريب أن من لعن مجتهداً لعناً محرماً تحريماً قطعياً،
كان داخلاً في الوعيد الوارد للأعن، وإن كان متأولا كمن لعن بعض السلف الصالح.فثبت أن الدور لازم، سواء قطعت بتحريم لعنة فاعل المختلف فيه، أو سوغت الاختلاف فيه، وذلك الاعتقاد الذي ذكرته، لا يدفع الاستدلال بنصوص الوعيد على التقدير بن وهذا بين.
و يقال له أيضاً ليس مقصودنا بهذا الوجه تحقيق تناول الوعيد لمحل الخلاف، وإنما المقصود تحقيق الاستدلال بحديث الوعيد على محل الخلاف. والحديث أفاد حكمين: التحريم، والوعيد، وما ذكرته إنما يتعرض لنفي دلالته على الوعيد فقط .والمقصود هنا : إنما هو بيان دلالته على التحريم، فإذا التزمت أن الأحاديث المتوعدة للأعن لا تتناول لعناً مختلفاً فيه، لم يبق في اللعن المختلف فيه دليل على تحريمه، وما نحن فيه من اللعن المختلف فيه كما تقدم، فإذا لم يكن حراماً كان جائزاً.أو يقال : فإذا لم يقم دليل على تحريمه، لم يجز اعتقاد تحريمه ، والمقتضي الجوازه قائم، وهي الأحاديث اللاعنة لمن فعل هذا، وقد اختلف العلماء في جواز لعنه، ولا دليل على تحريم لعنه على هذا التقدير، فيجب العمل بالدليل المقتضي الجواز لعنه السالم عن المعارض، وهذا يبطل السؤال.فقد دار الأمر على السائل من جهة أخرى، وإنما جاء هذا الدور الآخر، لأن عامة النصوص المحرمة للعن متضمنة للوعيد.فإن لم يجز الاستدلال بنصوص الوعيد على محل الخلاف، لم يجز الاستدلال بها على لعن مختلف فيه، كما تقدم.
ولو قال : أنا أستدل على تحريم هذا اللعن بالإجماع. قيل له : الإجماع منعقد على تحريم لعن معين من أهل الفضل.أما لعن الموصوف، فقد عرفت الخلاف فيه. وقد تقدم أن لعن الموصوف لا يستلزم إصابة كل واحد من أفراده، إلا إذا وجدت الشروط، وارتفعت الموانع، وليس الأمر كذلك.و يقال له أيضاً : كل ما تقدم من الأدلة الدالة على منع حمل هذه الأحاديث على محل الوفاق، ترد هنا. وهي تبطل هذا السؤال هنا، كما أبطلت أصل السؤال .وليس هذا من باب جعل الدليل مقدمة من مقدمات دليل آخر، حتى يقال: هذا مع التطويل، إنما هو دليل واحد. إذ المقصود منه، أن نبين أن المحذور الذي ظنوه، هو لازم على التقديرين، فلا يكون محذوراً، فيكون دليل واحد قد دل على إرادة محل الخلاف من المنصوص، وعلى أنه لا محذور في ذلك. وليس بمستنكر أن يكون الدليل على مطلوب مقدمة في دليل مطلوب آخر، وإن كان المطلوبان متلازمين. الحادي عشر: أن العلماء متفقون على وجوب العمل بأحاديث الوعيد فيما اقتضته من التحريم. وإنما خالف بعضهم في العمل بآحادها في الوعيد خاصة.فأما في التحريم، فليس فيه خلاف معتد محتسب. ومازال العلماء، من الصحابة والتابعين والفقهاء بعدهم - رضي الله عنهم أجمعين - في خطاباتهم وكتبهم، يحتجون بها في موارد الخلاف وغيره. بل إذا كان في الحديث وعيد، كان ذلك أبلغ في اقتضاء التحريم، على ما تعرفه القلوب. وقد تقدم أيضاً التنبيه على رجحان قول من يعمل بها في الحكم، واعتقاد الوعيد، وأنه قول الجمهور. وعلى هذا فلا يقبل سؤال يخالف ما اتفقت عليه الجماعة.الثاني عشر: أن نصوص الوعيد، من الكتاب والسنة،كثيرة جداً، والقول بموجبها واجب على وجه العموم والإطلاق، من غير أن يعين شخص من الأشخاص. فيقال : هذا ملعون» أو «مغضوب عليه أو مستحق للنار». لا سيما إن كان لذلك الشخص فضائل وحسنات. فإن من سوى الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - يجوز عليهم الصغائر والكبائر. مع إمكان أن يكون ذلك الشخص صديقاً أو شهيداً، أو صالحاً، لما تقدم أن موجب الذنب يتخلف عنه بتوبة، أو استغفار، أو حسنات ماحية أو مصائب مكفرة، أو شفاعة، أو بمحض مشيئة الله ورحمته. فإذا قلنا بموجب قوله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً) . وقوله تعالى : (ومن يعص الله ورسوله و يتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) . وقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان ربكم رحيما. ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً، وكان ذلك على الله يسيرا) .
إلى غير ذلك من آيات الوعيد.أو قلنا بموجب قوله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من شرب الخمر أو عق والديه، أو غير منار الأرض». أو لعن الله السارق أو لعن الله آكل الربا وموكله، وشاهديه وكاتبه))أو «لعن الله لاوتي الصدقة والمعتدي فيها » . أو من أحدث في المدينة حدثاً، أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» . أو «من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (( . أو «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» . أو «من عشنا ليس منا) أو من ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه فالجنة عليه حرام) ، أو من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال امرىء مسلم لقي الله وهو عليه غضبان) .
أو من استحل مال امرى مسلم بيمين كاذبة، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة) ... أو «لا يدخل الجنة قاطع رحم)) إلى غير ذلك من أحاديث الوعيد: لم يجز أن نعين شخصاً ممن فعل بعض هذه الأفعال، ونقول: هذا المعين قد أصابه هذا الوعيد، لإمكان التوبة
وغيرها من مسقطات العقوبة.ولم يجز أن نقول: هذا يستلزم لعن المسلمين، ولعن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أو لعن الصديقين، أو الصالحين. لأنه يقال : الصديق الصالح، متى صدرت منه بعض هذه الأفعال، فلابد من مانع يمنع الحوق الوعيد به،مع قيام سببه. ففعل هذه الأمور ممن يحسب أنها مباحة - باجتهاد، أو تقليد، أو نحو ذلك - غايته: أن يكون نوعاً من أنواع الصديقين الذين امتنع الحوق الوعيد بهم المانع، كما امتنع الحوق الوعيد به لتوبة أو حسنات ماحية، أو غير ذلك.واعلم أن هذه السبيل هي التي يجب سلوكها. فإن ما سواها طريقان خبيثان أحدهما : القول بلحوق الوعيد لكل فرد من الأفراد بعينه. ودعوى أن هذا عمل بموجب النصوص. وهذا أقبح من قول الخوارج المكفر ين بالذنوب والمعتزلة وغيرهم.وفساده معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، وأدلته،معلومة في غير هذا الموضع. الثاني : ترك القول والعمل بموجب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظناً أن القول بموجبها مستلزم للطعن فيمن خالفها .وهذا الترك يجر إلى الضلال، واللحوق بأهل الكتابين، الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم يعبدوهم، ولكن أحلوا لهم الحرام فاتبعوهم، وحرموا
عليهم الحلال فاتبعوهم)).و يفضي إلى طاعة المخلوق في معصية الخالق. و يفضي إلى قبح العاقبة، وسوء التأويل المفهوم من فحوى قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلا).
ثم إن العلماء يختلفون كثيراً. فإن كان كل خير فيه تغليظ خالفه مخالف، ترك القول بما فيه من التغليظ، أو ترك العمل به مطلقاً، لزم من هذا من المحذور ما هو أعظم من أن يوصف من الكفر، والمروق من الدين.وإن لم يكن المحذور من هذا أعظم من الذي قبله، لم
يكن دونه.فلا بد أن نؤمن بالكتاب كله، ونتبع ما أنزل إلينا من ربنا جميعه، ولا نؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض، ولا تلين قلوبنا لا تباع بعض السنة، وتنفر عن قبول بعضها بحسب العادات والأهواء، فإن هذا خروج عن الصراط
المستقيم، إلى صراط المغضوب عليهم والضالين.والله يوفقنا لما يحبه ويرضاه من القول والعمل في خير وعافية لنا ولجميع المسلمين. والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه المهتدين، وأزواجه أمهات المؤمنين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

بدينا تخزينتنا ...

بدينا تخزينتنا ولم تفارقني الرغبة بان اكون بين يدي رجلين اثنين أتجرأ على عضويهما المنتصبين يتبادلاني...

خليج العقبة هو ...

خليج العقبة هو الفرع الشرقي للبحر الأحمر المحصور شرق شبه جزيرة سيناء وغرب شبه الجزيرة العربية، وبالإ...

فرضية كفاءة الس...

فرضية كفاءة السوق تعتبر فرضية السوق الكفء او فرضية كفاءة السوق بمثابة الدعامة او العمود الفقري للنظر...

‏@Moamen Azmy -...

‏@Moamen Azmy - مؤمن عزمي:موقع هيلخصلك اي مادة لينك تحويل الفيديو لنص https://notegpt.io/youtube-tra...

انا احبك جداً ت...

انا احبك جداً تناول البحث أهمية الإضاءة الطبيعية كأحد المفاهيم الجوهرية في التصميم المعماري، لما لها...

توفير منزل آمن ...

توفير منزل آمن ونظيف ويدعم الطفل عاطفيًا. التأكد من حصول الأطفال على الرعاية الطبية والتعليمية والن...

Le pêcheur et s...

Le pêcheur et sa femme Il y avait une fois un pêcheur et sa femme, qui habitaient ensemble une cahu...

في التاسع من ما...

في التاسع من مايو/أيار عام 1960، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام التجاري لأول أقر...

أهم نقاط الـ Br...

أهم نقاط الـ Breaker Block 🔹 ما هو الـ Breaker Block؟ • هو Order Block حقيقي يكون مع الاتجاه الرئي...

دوري كمدرب و مس...

دوري كمدرب و مسؤولة عن المجندات ، لا اكتفي باعطاء الأوامر، بل اعدني قدوة في الانضباط والالتزام .فالم...

سادساً: التنسيق...

سادساً: التنسيق مع الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وفريق إدارة شؤون البيئة لنقل أشجار المشلع ب...

I tried to call...

I tried to call the hospital , it was too early in the morning because I knew I will be late for ...