Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

الفصل الأول: الحدود القانونية لمشروعية التدخل العسكري
الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ومنذ عام 1990 أصبح مجلس الأمن يصدر قراراته استنادا للفصل السابع في حالات نادرة كما في حرب العراق والكويت، ثم توالت قرارات مجلس الأمن استنادا لهذا الفصل في العديد من النزاعات الدولية، وتدخله في نزع أسلحة الدمار الشامل في كوريا الشمالية وإيران. والسؤال المطروح هو عند مخالفة مجلس الأمن لقواعد القانون الدولي تمثل تدخلا غير قانوني أم أن صلاحياته الواسعة تحول دون اعتبار مخالفته للشرعية الدولية تدخلا غير مشروع؟
وللإجابة على هذا التساؤل فإننا نتناول هذا الفصل في دراسة الحدود القانونية لمشروعية التدخل العسكري، وذلك بتقسيمه إلى مبحثين نتناول في المبحث الأول: توقيع مجلس الأمن باتخاذ التدابير العسكرية وفقا للفصل السابع، وفي الثاني: نتناول الأساس القانوني لقرارات مجلس الأمن للقيام بتدابير وأعمال عسكرية. المبحث الأول: توقيع مجلس الأمن باتخاذ التدابير العسكرية وفقا للفصل السابع
يتمتع مجلس الأمن بسلطة تقديرية واسعة في هذا المجال، وهذا من خلال عدم وجود تعريف واضح للأعمال التي تعد تهديدا للأمن والسلم أو الاخلال به أو العدوان، للاسترشاد به عند تكييفه للنزاعات المعروضة عليه، وهذا من أجل المحافظة على سلطته التقديرية وعدم التفكير بفكرة معينة تحد من تكييفه للحالات التي يوقع فيها التدابير العسكرية وفقا للفصل السابع. والسؤال المطروح هو ماهي الحالات التي تتوجب التدخل العسكري وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. المطلب الأول: تهديد السلم الدولي والاخلال به
حيث يمكنه تقديم توصياته باتخاذ الإجراءات المناسبة والجزاءات المنصوص عليها في سواء الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، سواء كانت جزاءات تستلزم القوة العسكرية، وهذا سنناقشه في فرعين لفهم موضوع تهديد السلم الدولي والاخلال به. الفرع الأول: تهديد السلم الدولي
أولا: المقصود بتهديد السلم الدولي
السلم والأمن هو شعور يشعر به الإنسان في نفسه من خلال الظروف والأوضاع المحيطة به، وأن أي أفعال تقوم بها دولة ما تهدد السلام الدولي تستعرض لعقوبات تصل أحيانا إلى التدخل العسكري ضدها، أ- معرفة تهديد السلم الدولي:
لم تعرف المادة (39) في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تهديد السلم الدولي تعريفا واضحا، وإنما أعطت لمجلس الامن سلطة تقديرية لتقييم وتقدير الأفعال التي من شأنها أن تهدد السلم والامن الدولي، وبعد ذلك القيام بالإجراءات اللازمة لمواجهته، دون وضع أي ضابط يحدد وجود ذلك التهديد، ومن أسباب ذلك هو تعدد واختلاف الأفعال التي من شأنها أن ترقى إلى أن تكون تهديدا للسلم والامن الدولي ومنه تعذر وضع تعريف محدد لتهديد السلم والامن الدولي. إذ، فقد تكون هذه الأفعال والاستفزازات مصدر ازعاج للدولة الأخرى لكنها لا ترتق أن تكون تهديدا للسلام الدولي، فإذا كانت هذه الأفعال والاستفزازات لا تهدد استقرار الدولة الأخرى ولا تتسع رقعتها الجغرافية بالتأثير على دول أخرى، فإن ذلك لا يستدع تدخل مجلس الأمن وفقا لأحكام الفصل السابع من الميثاق. لكن تهديد السلم حسب ماورد في المادة (39) من ميثاق الأمم المتحدة يقع عندما يكون هناك خطر ينذر بتهديد السلم، وذلك إما بإعلان دولة ما الحرب على أخرى، أو لإظهار نية عدائية بينهما، وهذا يختلف باختلاف الاحداث التي من المحتمل أنها لو استمرت لتعرض السلم والأمن الدولي لخطر داهم كما ورد حسب المادة (14) من ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك الأحداث التي من شأنها أن توتر العلاقات الودية بين الشعوب كما ورد في المادة (14) من ميثاق الأمم المتحدة، كما سوف نلاحظ لا حقا. لكن نية العدوان لا يمكن معرفتها بأي طريقة، والأمن خلال إجراء مادي ما تقوم به الدولة، وهنا نكون بصدد اخلال بالسلم الدولي أو جريمة تهديد له، حيث يتوجب على مجلس الأمن التدخل واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذا التهديد. وهذا يعني أن تهديد السلم الدولي لا يكون بالنظر إلى النية أو القصد كركن لازم لقيام هذه الجريمة، حيث يجب الأخذ بالمظاهر المادية لذلك. ب- ضوابط تهديد السلم الدولي:
وبالنظر إلى مباشرة مجاس الأمن لمهامه وفقا للفصل السابع، بناء على ضوابط تحكم ممارسته لتلك المهام والسلطات، وتتمثل في طريقة تحديد ما يعتبر تهديدا للسلم الدولي، ومدى تطابق ذلك مع الشرعية الدولية، فإن الإجابة الأولى تبدو سلبية واقعيا، وإن لم تكن كذلك قانونيا. أما عن طريقة تحديد ما يعتبر تهديدا للسلم الدولي في ميثاق الأمم المتحدة هو ما جاء في المادة (39) منه، وهذا النص عبارة عن إعطاء مجلس الأمن السلطة التقديرية لوجود تهديد للسلم الدولي، لكن بالنظر إلى المادة (2) و(4) من ميثاق الأمم المتحدة نجدها تحدد ضابطا لتهديد السلم الدولي وهو التهديد باستعمال القوة، دون الارتقاء إلى مستوى العدوان ضد أي دولة، لكن مجلس الأمن لا يتقيد بذلك دائما، بل له سلطة تقديرية واسعة حسب ما يتوافق مع مصالح الدول الكبرى. كذلك من بين حالات تهديد السلم الدولي، عدم تعامل مجلس الأمن مع كل القضايا الدولية المتشابهة بنفس الجدية والاهتمام، مما يؤدي ببعض الدول الاعتماد على نفسها واستعمال القوة لحماية نفسها، وهذا يؤدي إلى ارتفاع حدة النزاعات والتوترات الدولية، ومن ثم عدم مراعاة الشرعية الدولية في كثير من النزاعات، وهو ما يعتبر اخلالا بمبدأ المساواة مام القانون، ويؤكد عدم تمثيل مجلس الأمن للإرادة الدولية دائما. فمن الملاحظ أن مجلس الأمن لا يمثل إرادة المجتمع الدولي، لا من حيث تشكيلته ولا من حيث صنع القرار فيه، لأن الأوهام التي كانت معلقة على المثالية المروج لها من طرف الغرب قد تبددت منذ بداية ممارسة مجلس الأمن لسلطاته، ومنه فقد بينت الاحداث التي جرت على مر التاريخ أنه لم يكن مجسدا لإرادة المجتمع الدولي إلا إذا اقتضت مصلحة الدول الكبرى ذلك. ويرى البروفسور بول ويلكنسن – مع آخرين في لقاء عن الإرهاب ونزع السلاح انعقد في مقر هيئة الأمم المتحدة في نيويورك في 25 أكتوبر 2001 بعنوان السلم والأمن من خلال نزع السلاح من الإرهاب والتسلح من المسائل التي تهدد السلم الدولي، وأما فيما يخص مدى وجوب تعامل مجلس الأمن مع كل ما يهدد السلم الدولي وفقا لأحكام الفصل السابع من الميثاق، فكل نصوص مواد الفصل السابع، تمنح مجلس الامن السلطة التقديرية المطلقة في تكييف الوقائع، واعتبارها مما يهدد السلم والامن الدولي، أولا بالاضافة الى أن هذه النصوص تخول المجلس اتخاذ أي إجراء يراه مناسبا، دون أن يتضمن هذا الفصل أي معيار أو ضابط يستند إليه المجلس في اتخاذ قراراته واجراءاته، ومنه يمكن القول أن التعامل مع قضايا السلم والامن الدولي بهذه الطريقة يعتبر تهديدا للسلم في حد ذاته، ويتحدد رد مجلس الامن في حالة تهديد السلم الدولي على مصدر التهديد وآثاره، حيث سيقتصر الرد على الادانة الشفهية والتحذير والتنديد، وفرض الجزاءات الاقتصادية والعسكرية. ثانيا: صور تهديد السلم الدولي
حسب مفهوم المادة (39) من الميثاق فإن حالة تهديد السلم الدولي تكون عندما تقوم دولة ما بالتهديد باستعمال القوة ضد دولة أخرى، وبناء على هذا فإن تهديد السلم الدولي لا يقتصر على العلاقة غير الودية بين دولتين، فتهديد السلم الدولي يكون في حالة حدوث نزاع داخل إقليم الدولة نفسها، إذا تميز بالعنف والقوة إلى درجة تعرض مصالح الدول الاخرى للخطر إذا كان الصراع الداخلي الذي يتسم بالعنف من شانه ان يهدد مصالح الدول الأخرى، إلا أن هناك رأي آخر يرى بأن تهديد السلم الدولي يكون عند وجود إساءة إلى حسن الجوار. لكن مجلس الامن لا يسير على منهاج واحد في اعتبار ما يعد تهديدا للسلم الدولي أو في الاجراءات اللازمة لمواجهته، لكن عندما يتعلق الامر بمصالح الدول الكبرى يتوسع في مفهوم السلم والامن الدولي. فتهديد السلم الدولي من وجهة نظر الدول الصغرى التي لا أطماع يتركز على النواحي الإنسانية والاجتماعية، والولايات المتحدة الأمريكية هي من يقف ضد وضع تعريف له يحدده ويخرجه من اللب الذي هو فيه. والرئيس الأمريكي جورج بوش الاب، لذا يمكن القول أن الاستعمار الدولي الجديد الذي تمارسه الدول الكبرى أحد أسباب تهديد السلم والامن الدولي ، وخير دليل على ذلك ما يعيشه العالم من أحاث تحاول فيها الدول الكبرى، وعلى رأسهم أمريكا فرض هيمنتها وتحاول الشعوب والدول الوقوف في وجه هذه الهيمنة كل حسب طريقته وقدراته المتاحة. وذلك أن أي صراع فها أصبح يستقطب أطراف أخرى للدفاع عن مصالحها أو المشاركة في الغنائم، فنجد إسرائيل تملك الأسلحة النووية، ونجد الو. م. أ تسارع الى تزويدها بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا المتطورة، وفي المقابل فإنه يمنع منعا باتا على بقية دول المنطقة امتلاك أي قدر من التسليح المؤثر في موازين القوى العسكرة في المنطقة، بل ونجد أن هناك من لا يزال ينكر حق شعب فلسطين في تقرير مصيره، وهذا ما يعتبر في الحقيقة تهديدا للسلم الدولي، حيث أصبحنا نسمع وفي كل مناسبة تعبير الحكومات العميلة، مما يعني انفصال الحكومات عن إرادة شعوبها. وهكذا نلاحظ ن صور تهديد السلم الدولي ليست من طبيعة واحدة، كما أنها ليست محددة على سبيل الحصر، وليس لها معايير دقيقة مميزة. الفرع الثاني: الاخلال بالسلم الدولي
حسب المادة (39) من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بحيث ينشى معها أن تتعدى آثارها نطاقها الإقليمي، ومنه يتضح أن الاخلال بالسلم الدولي أخطر من تهديده(رغم وجود معيار مميز لكليهما) بعبارة أخرى أن ادنى صور الاخلال بالسلم الدولي، تماثل في فقه القانون الجنائي الوطني، الشروع الذي يتم من خلاله ممارسة أعمال مادية لو استمرت إلى تنفيذ القصد الجنائي. ويختلف تهديد السلم عن الاخلال به في أن الأول يشبه الجريمة السياسية التي لا وجود للشروع فيها ، أما الاخلال بالسلم فيتصور فيه الشروع، بالمعنى الوارد في المادة (39) يكون الاخلال بالسلم عندما تحدث الأعمال العدائية بين القوات المسلحة التابعة للحكومات الواقعية أو القانونية ، أو بينها وبين الثوار أو أثناء الحرب الاهلية. لتحقيق مصالح سياسية، وقد اعتبر مجلس الأمن حالات كفاح الشعوب اخلالا بالسلم الدولي. ومن صور الاخلال بالسلم الدولي، الحروب الأهلية، فهنا نكون بصدد تهديد للسلم الدولي دون الاخلال به. ومن هنا يمكن القول أن الفرق بين تهديد السلم المنصوص عليه في المادة (39) وطرقه بالنسبة لمجلس الأمن، يتمثل في قيام مجلس الأمن في هذه الحالة بأعمال وقائية الزامية للحد من تطور الموقف وإيجاد الحلول المناسبة له، فإنه يجب على مجلس الأمن اتخاذ أي إجراء من الإجراءات المنصوص عليها في الفصل السابع. ويعتبر اخلال بالسلم الدولي كل حالات العدوان غير المباشر، خصوصا بعد رفض الاعتراف به-قانونا- في قرار تعريف العدوان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. ثالثا: ضابط ما يعتبر اخلالا بالسلم الدولي
بحكم أن نصوص ميثاق الأمم المتحدة تعطي لمجلس الأمن سلطة تقديرية مطلقة في تكييف الوقائع والأحداث، إلا أنها لا تلبي أهداف الأمم المتحدة، حيث منحت هذه السلطة التقديرية للدول الكبرى نطاقا واسعا في التحكم في قرارات مجلس الأمن بما يتوافق مع مصالحها. والتطبيق العملي لقوانين هيئة الأمم المتحدة أثبت أن الأحداث والوقائع والنزاعات تكتسي طابع الغموض من الصعب معه أن نميز بين المعتدي والضحية ، إلا أن مؤسسي الميثاق لم يعدلوا من هذه النقائص لتكون أكثر موضوعية وحيادية لصالح السلم الدولي. يصعب الاخذ بمعيار محدد سلفا، ولكن يمكن الحكم على المواقف، تأتي مسألة العدوان المنصوص عليه في المادة (39) من الميثاق، لنقف امام أخطر حالة من حالات تهديد السلم الدولي من الناحية الفعلية، ورد فعل مجلس الأمن، وهي ماهيته وصوره وحالاته. الفرع الأول: تعريف العدوان
يضع ميثاق الأمم المتحدة تعريفا واضحا للعدوان، ويرجع السبب في رأي البعض إلى أن أي تعريف للعدوان لن يكون دقيقا حسب التطورات والمتغيرات، إضافة إلى أن مصطلح العدوان مرتبط بقواعد العلوم السياسية والأمور العسكرية، الامر الذي أدى إلى عدم وضع تعريف جامع له. لذا سعت الجمعية العامة إلى وضع تعريف للعدوان في 14 ديسمبر 1974 تحت رقم (3314)، أو احتلالها السياسي، أو بأي صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التعريف لم يتناول ما تضمنه الميثاق من حق الشعوب في تقرير مصيرها، وأحكام الإعلان المشار إليه. الفرع الثاني: صور وأشكال العدوان
فإننا نقول إن العدوان المقصود في المادة (39) من ميثاق الأمم المتحدة، هو العدوان المسلح، وبالنظر إلى مواد وفقرات القرار وأحكامه، والحقيقة أن العدوان لا يقتصر على استخدام القوة العسكرية، بل له صورا وأشكالا أخرى، ويكون مباشرا أو غير مباشر. أولا: العدوان المباشر
حيث إن العدوان المسلح هو الصورة الوحيدة للعدوان المباشر. وحتى إذا لم يحدث تصادم بين البلدين. ثانيا: العدوان غير المباشر
العدوان غير المباشر هو في معظم الحالات التي يقوم فيها المعتدي بالعدوان بطريقة غير مباشرة، أي عدم مباشرة بنفسه، حيث يكون عندما تقوم دولة أو ما ينوب عنها بالتخطيط للعدوان، ومجلس الأمن هو المخول الوحيد لتحديد حدوث عدوان حسب المادة (39) من ميثاق الأمم المتحدة. ومع التطور التكنولوجي فقد ظهرت أشكال جديدة من العدوان غير المباشر، حيث أن استعمال الانترنت ساهم في خرق أنظمة الحكومات في معظم المجالات، وغيرها من حالات العدوان، التي سنتطرق إليها في الفرع الثالث من هذا المطلب. في فقراتها السبع كما يلي:
أولا: قيام دولة بغزو أخرى، أو شن هجوم على أراضيها، أو أي احتلال مسلح، ينجر عنه الاستيلاء على ارض دولة أخرى أو جزء منها عن طريق القوة (م3). فالعدوان هنا يكون بقوة عسكرية، من دولة ذات سيادة ضد دولة أخرى ذات سيادة. ثانيا: استعمال القصف كأداة للعدوان، وهو صورة من صور العدوان المباشر، لكنه أقل خطورة من الحالات السابقة، حيث لا يتعدى العدوان مجرد القصف بالأسلحة. المشار إليها في الفقرة (ب) هو قول لا ينطبق على الواقع، خصوصا بالنظر إلى التطور الهائل للأسلحة، سواء من حيث قدرتها التدميرية أو دقة اصابتها ومسافتها. ثالثا: حصار موانئ وسواحل دولة من قبل قوات مسلحة لدولة أخرى (م3/ج) وهذا العدوان يكون بمجرد التواجد قرب سواحل الدولة المستهدفة، وقد ينتج عن هذا الحصار مواجهات عسكرية. رابعا: قيام قوات الدولة المهاجمة بالهجوم على قوات الدولة المستهدفة (المادة 3 فقرة ء)، وهذه الصورة رغم أنها من صور العدوان المباشر الوارد ذكره في الفقرة (أ) من المادة (3)، إلا أنها صورة مختلفة عن الأخرى، في أن الهجوم المقصود في الفقرة (أ) يكون على الدولة بحد ذاتها داخل إقليمها وأراضيها، أما الهجوم المشار إليه في الفقرة (ء) المقصود به أمر آخر، وهو مواجهة قوات الدولة المستهدفة دون أن تكون متواجدة بالضرورة على إقليمها. خامسا: قيام الدولة باستخدام قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى، حيث تقوم بتهديد وجودها داخل الإقليم حتى بعد نهاية الاتفاق. وفي هذه الحالة نكون بصدد عدوان سياسي لا عسكري ضد الدولة المضيفة، وذلك إذا تم استخدام هذه القوات بغير إذن منها. وبالرغم من ذلك، فإن تطابق تعريف العدوان على أي حالة من الحالات التي تعرض على مجلس الأمن، لا يعني أنه سيكيف الموقف على الأمر الظاهر، حيث إن سلطته التقديرية تخوله تكييف القضية على ما يراه مناسبا، وحتى في الحالات التي يرى فيها مجلس الأمن أنها عدوان، إلا أن الفيتو له أن يمنع مجلس الأمن القول بأنها عدوان. المبحث الثاني: الأساس القانوني لقرارات مجلس الأمن للقيام بتدابير وأعمال عسكرية
إن الممارسة الفعلية للأجهزة وعلى رأسها مجلس الأمن هي من تحدد شروط التزامها بوصف قراراتها الشرعية، والخروج عن هذه الشروط يؤدي إلى وصف هذه القرارات بغير الشرعية . وعلى هذا الأساس نستعرض خلال هذا المبحث الأساس القانوني لقرارات مجلس الأمن لاتخاذ تدابير عسكرية في المطلب الاول، والشروط التي تبنى عليها قرارات مجلس الأمن لتحقيق الشرعية. المطلب الأول: الأساس القانوني لمشروعية قرارات مجلس الأمن لاتخاذ التدابير العسكرية
إن القول بمشروعية قرارات مجلس الأمن أو عدم مشروعيتها يعتمد بالأساس على مدى تطابق هذه القرارات مع بعض القواعد القانونية، التي تعد الأساس القانوني لمشروعية قرارات مجلس الأمن، وتتمثل في النصوص والقواعد التي جاءت في ميثاق الأمم المتحدة، حيث تساهم هذه القواعد في تكوين الأساس القانوني لمشروعية قرارات مجلس الأمن، التي يجب أن تتوافق مع تلك النصوص والمبادئ . الفرع الأول: مشروعية قرارات مجلس الأمن وميثاق الأمم المتحدة
تتضمن وثيقة الأمم المتحدة القواعد المتعلقة بنشاط الهيئة وقواعدها، حيث إن هذه الوثيقة تكون أعلى الهرم في تدرج القواعد القانونية الخاصة بهيأة الامم. ويتم اعداد هذه الوثيقة من خلال مؤتمر دولي لهذا الغرض، يتكون من الدول الراغبة في تأسيس المنظمة، بالإضافة إلى أن الميثاق يأخذ صورة المعاهدة الدولية الجماعية، ويصبح ساري المفعول بعد المصادقة عليه، والتي نظمتها اتفاقية فينا لقانون المعاهدات سنة 1969. فكما يكون لدساتير الدول نوع من السمو اتجاه باقي القوانين، فإن ميثاق الأمم المتحدة له نوع من السمو على ما تقوم به أجهزتها من أعمال قانونية، وعلى ذلك فإن مجلس الأمن لا يستطيع أن يصدر ما يخالف أحكام الميثاق، ولا يجوز للأمم المتحدة أن تخالف القانون الدولي الانساني. حيث تقرر المادة 27 الفقرة 3 من ميثاق الأمم المتحدة أن صدور أي قرار من مجلس الأمن، يجب أن يكون بأغلبية تسعة أعضاء من بينهم الأعضاء الدائمين متفقين، ويشترط امتناع من كان طرفا في النزاع عن التصويت، وأحكام المادة 52 فقرة 3، وكانت احدى الدول الأعضاء طرفا في النزاع وشاركت في التصويت، فإن هذا القرار يعد غير شرعي، لمخالفته إحدى قواعد الميثاق، ويوصف بعدم الشرعية. حيث قررت المحكمة في 03 مارس 1950، ميثاق قبول أعضاء جدد دون صدور توصية مجلس الأمن عملا بنص المادة 04 فقرة 02 من الميثاق، بأن توصيته هي الشرط الأول لقرار الجمعية، وهذا اعتراف لمحكمة العدل الدولية بالقيمة القانونية لتوصية مجلس الأمن، بحيث لا تستطيع الجمعية العامة اصدار أي قرار بهذا الشأن دون صدور توصية من مجلس الأمن،


Original text

الفصل الأول: الحدود القانونية لمشروعية التدخل العسكري


لقد شهد العالم في نهاية القرن الواحد والعشرون الكثير من الأحداث والثورات والحروب نتج عنها اصدار مجلس الأمن عدة قرارات تتعلق بالمحافظة على السلم والأمن الدولي، وخاصة تلك التي تستند على أحكام
الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ومنذ عام 1990 أصبح مجلس الأمن يصدر قراراته استنادا للفصل السابع في حالات نادرة كما في حرب العراق والكويت، ثم توالت قرارات مجلس الأمن استنادا لهذا الفصل في العديد من النزاعات الدولية، وتدخله في نزع أسلحة الدمار الشامل في كوريا الشمالية وإيران.


والسؤال المطروح هو عند مخالفة مجلس الأمن لقواعد القانون الدولي تمثل تدخلا غير قانوني أم أن صلاحياته الواسعة تحول دون اعتبار مخالفته للشرعية الدولية تدخلا غير مشروع؟
وللإجابة على هذا التساؤل فإننا نتناول هذا الفصل في دراسة الحدود القانونية لمشروعية التدخل العسكري، وذلك بتقسيمه إلى مبحثين نتناول في المبحث الأول: توقيع مجلس الأمن باتخاذ التدابير العسكرية وفقا للفصل السابع، وفي الثاني: نتناول الأساس القانوني لقرارات مجلس الأمن للقيام بتدابير وأعمال عسكرية.


المبحث الأول: توقيع مجلس الأمن باتخاذ التدابير العسكرية وفقا للفصل السابع


يتمتع مجلس الأمن بسلطة تقديرية واسعة في هذا المجال، وهذا من خلال عدم وجود تعريف واضح للأعمال التي تعد تهديدا للأمن والسلم أو الاخلال به أو العدوان، للاسترشاد به عند تكييفه للنزاعات المعروضة عليه، وهذا من أجل المحافظة على سلطته التقديرية وعدم التفكير بفكرة معينة تحد من تكييفه للحالات التي يوقع فيها التدابير العسكرية وفقا للفصل السابع.
والسؤال المطروح هو ماهي الحالات التي تتوجب التدخل العسكري وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.


المطلب الأول: تهديد السلم الدولي والاخلال به
حيث يمكنه تقديم توصياته باتخاذ الإجراءات المناسبة والجزاءات المنصوص عليها في سواء الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، سواء كانت جزاءات تستلزم القوة العسكرية، وهذا سنناقشه في فرعين لفهم موضوع تهديد السلم الدولي والاخلال به.


الفرع الأول: تهديد السلم الدولي
أولا: المقصود بتهديد السلم الدولي
السلم والأمن هو شعور يشعر به الإنسان في نفسه من خلال الظروف والأوضاع المحيطة به، حيث قامت الدول الكبرى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بإنشاء قانون دولي هدفه حفظ السلام والأمن في العالم، وأن أي أفعال تقوم بها دولة ما تهدد السلام الدولي تستعرض لعقوبات تصل أحيانا إلى التدخل العسكري ضدها،
أ- معرفة تهديد السلم الدولي:
لم تعرف المادة (39) في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تهديد السلم الدولي تعريفا واضحا، وإنما أعطت لمجلس الامن سلطة تقديرية لتقييم وتقدير الأفعال التي من شأنها أن تهدد السلم والامن الدولي، وبعد ذلك القيام بالإجراءات اللازمة لمواجهته، دون وضع أي ضابط يحدد وجود ذلك التهديد، ومن أسباب ذلك هو تعدد واختلاف الأفعال التي من شأنها أن ترقى إلى أن تكون تهديدا للسلم والامن الدولي ومنه تعذر وضع تعريف محدد لتهديد السلم والامن الدولي.
إذ، فقد تكون هذه الأفعال والاستفزازات مصدر ازعاج للدولة الأخرى لكنها لا ترتق أن تكون تهديدا للسلام الدولي، فإذا كانت هذه الأفعال والاستفزازات لا تهدد استقرار الدولة الأخرى ولا تتسع رقعتها الجغرافية بالتأثير على دول أخرى، فإن ذلك لا يستدع تدخل مجلس الأمن وفقا لأحكام الفصل السابع من الميثاق.


لكن تهديد السلم حسب ماورد في المادة (39) من ميثاق الأمم المتحدة يقع عندما يكون هناك خطر ينذر بتهديد السلم، وذلك إما بإعلان دولة ما الحرب على أخرى، أو لإظهار نية عدائية بينهما، أو بسبب نشوب حرب أهلية داخل إحدى الدول.
وهذا يختلف باختلاف الاحداث التي من المحتمل أنها لو استمرت لتعرض السلم والأمن الدولي لخطر داهم كما ورد حسب المادة (14) من ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك الأحداث التي من شأنها أن توتر العلاقات الودية بين الشعوب كما ورد في المادة (14) من ميثاق الأمم المتحدة، كما سوف نلاحظ لا حقا.
لكن نية العدوان لا يمكن معرفتها بأي طريقة، والأمن خلال إجراء مادي ما تقوم به الدولة، وهنا نكون بصدد اخلال بالسلم الدولي أو جريمة تهديد له، حيث يتوجب على مجلس الأمن التدخل واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذا التهديد.
وهذا يعني أن تهديد السلم الدولي لا يكون بالنظر إلى النية أو القصد كركن لازم لقيام هذه الجريمة، حيث يجب الأخذ بالمظاهر المادية لذلك.


ب- ضوابط تهديد السلم الدولي:
وبالنظر إلى مباشرة مجاس الأمن لمهامه وفقا للفصل السابع، بناء على ضوابط تحكم ممارسته لتلك المهام والسلطات، وتتمثل في طريقة تحديد ما يعتبر تهديدا للسلم الدولي، ومدى تطابق ذلك مع الشرعية الدولية، فإن الإجابة الأولى تبدو سلبية واقعيا، وإن لم تكن كذلك قانونيا.
أما عن طريقة تحديد ما يعتبر تهديدا للسلم الدولي في ميثاق الأمم المتحدة هو ما جاء في المادة (39) منه، وهذا النص عبارة عن إعطاء مجلس الأمن السلطة التقديرية لوجود تهديد للسلم الدولي، لكن بالنظر إلى المادة (2) و(4) من ميثاق الأمم المتحدة نجدها تحدد ضابطا لتهديد السلم الدولي وهو التهديد باستعمال القوة، دون الارتقاء إلى مستوى العدوان ضد أي دولة، لكن مجلس الأمن لا يتقيد بذلك دائما، بل له سلطة تقديرية واسعة حسب ما يتوافق مع مصالح الدول الكبرى.


كذلك من بين حالات تهديد السلم الدولي، عدم تعامل مجلس الأمن مع كل القضايا الدولية المتشابهة بنفس الجدية والاهتمام، مما يؤدي ببعض الدول الاعتماد على نفسها واستعمال القوة لحماية نفسها، وهذا يؤدي إلى ارتفاع حدة النزاعات والتوترات الدولية، ومن ثم عدم مراعاة الشرعية الدولية في كثير من النزاعات، وهو ما يعتبر اخلالا بمبدأ المساواة مام القانون، ويؤكد عدم تمثيل مجلس الأمن للإرادة الدولية دائما.
فمن الملاحظ أن مجلس الأمن لا يمثل إرادة المجتمع الدولي، لا من حيث تشكيلته ولا من حيث صنع القرار فيه، لأن الأوهام التي كانت معلقة على المثالية المروج لها من طرف الغرب قد تبددت منذ بداية ممارسة مجلس الأمن لسلطاته، ومنه فقد بينت الاحداث التي جرت على مر التاريخ أنه لم يكن مجسدا لإرادة المجتمع الدولي إلا إذا اقتضت مصلحة الدول الكبرى ذلك.
ويرى البروفسور بول ويلكنسن – مع آخرين في لقاء عن الإرهاب ونزع السلاح انعقد في مقر هيئة الأمم المتحدة في نيويورك في 25 أكتوبر 2001 بعنوان السلم والأمن من خلال نزع السلاح من الإرهاب والتسلح من المسائل التي تهدد السلم الدولي،
وأما فيما يخص مدى وجوب تعامل مجلس الأمن مع كل ما يهدد السلم الدولي وفقا لأحكام الفصل السابع من الميثاق، تجعل الإجابة بالإيجاب أمرا غير دقيق. فكل نصوص مواد الفصل السابع، تمنح مجلس الامن السلطة التقديرية المطلقة في تكييف الوقائع، واعتبارها مما يهدد السلم والامن الدولي، أولا بالاضافة الى أن هذه النصوص تخول المجلس اتخاذ أي إجراء يراه مناسبا، دون أن يتضمن هذا الفصل أي معيار أو ضابط يستند إليه المجلس في اتخاذ قراراته واجراءاته، ومنه يمكن القول أن التعامل مع قضايا السلم والامن الدولي بهذه الطريقة يعتبر تهديدا للسلم في حد ذاته، ويتحدد رد مجلس الامن في حالة تهديد السلم الدولي على مصدر التهديد وآثاره، حيث سيقتصر الرد على الادانة الشفهية والتحذير والتنديد، وفرض الجزاءات الاقتصادية والعسكرية.
ثانيا: صور تهديد السلم الدولي
حسب مفهوم المادة (39) من الميثاق فإن حالة تهديد السلم الدولي تكون عندما تقوم دولة ما بالتهديد باستعمال القوة ضد دولة أخرى، وبناء على هذا فإن تهديد السلم الدولي لا يقتصر على العلاقة غير الودية بين دولتين، فتهديد السلم الدولي يكون في حالة حدوث نزاع داخل إقليم الدولة نفسها، إذا تميز بالعنف والقوة إلى درجة تعرض مصالح الدول الاخرى للخطر إذا كان الصراع الداخلي الذي يتسم بالعنف من شانه ان يهدد مصالح الدول الأخرى، إلا أن هناك رأي آخر يرى بأن تهديد السلم الدولي يكون عند وجود إساءة إلى حسن الجوار. لكن مجلس الامن لا يسير على منهاج واحد في اعتبار ما يعد تهديدا للسلم الدولي أو في الاجراءات اللازمة لمواجهته، لكن عندما يتعلق الامر بمصالح الدول الكبرى يتوسع في مفهوم السلم والامن الدولي.
فتهديد السلم الدولي من وجهة نظر الدول الصغرى التي لا أطماع يتركز على النواحي الإنسانية والاجتماعية، والولايات المتحدة الأمريكية هي من يقف ضد وضع تعريف له يحدده ويخرجه من اللب الذي هو فيه. والرئيس الأمريكي جورج بوش الاب، لذا يمكن القول أن الاستعمار الدولي الجديد الذي تمارسه الدول الكبرى أحد أسباب تهديد السلم والامن الدولي ، وخير دليل على ذلك ما يعيشه العالم من أحاث تحاول فيها الدول الكبرى، وعلى رأسهم أمريكا فرض هيمنتها وتحاول الشعوب والدول الوقوف في وجه هذه الهيمنة كل حسب طريقته وقدراته المتاحة.


وتجدر الإشارة إلى أن تسليح الشرق الأوسط يعتبر تهديدا للسلم الدولي في هذه المنطقة، وذلك أن أي صراع فها أصبح يستقطب أطراف أخرى للدفاع عن مصالحها أو المشاركة في الغنائم، فنجد إسرائيل تملك الأسلحة النووية، ونجد الو. م.أ تسارع الى تزويدها بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا المتطورة، وفي المقابل فإنه يمنع منعا باتا على بقية دول المنطقة امتلاك أي قدر من التسليح المؤثر في موازين القوى العسكرة في المنطقة، بل ونجد أن هناك من لا يزال ينكر حق شعب فلسطين في تقرير مصيره، وهذا ما يعتبر في الحقيقة تهديدا للسلم الدولي، حيث أصبحنا نسمع وفي كل مناسبة تعبير الحكومات العميلة، أو الحكام التابعين أو المفروضين، مما يعني انفصال الحكومات عن إرادة شعوبها.
وهكذا نلاحظ ن صور تهديد السلم الدولي ليست من طبيعة واحدة، كما أنها ليست محددة على سبيل الحصر، وليس لها معايير دقيقة مميزة.


الفرع الثاني: الاخلال بالسلم الدولي
حسب المادة (39) من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بحيث ينشى معها أن تتعدى آثارها نطاقها الإقليمي، ومنه يتضح أن الاخلال بالسلم الدولي أخطر من تهديده(رغم وجود معيار مميز لكليهما) بعبارة أخرى أن ادنى صور الاخلال بالسلم الدولي، تماثل في فقه القانون الجنائي الوطني، الشروع الذي يتم من خلاله ممارسة أعمال مادية لو استمرت إلى تنفيذ القصد الجنائي.
ويختلف تهديد السلم عن الاخلال به في أن الأول يشبه الجريمة السياسية التي لا وجود للشروع فيها ، أما الاخلال بالسلم فيتصور فيه الشروع،
ثانيا: حالات وصور الاخلال بالسلم الدولي
بالمعنى الوارد في المادة (39) يكون الاخلال بالسلم عندما تحدث الأعمال العدائية بين القوات المسلحة التابعة للحكومات الواقعية أو القانونية ، أو بينها وبين الثوار أو أثناء الحرب الاهلية.
فمن أعمال الاخلال بالسلم الدولي، لتحقيق مصالح سياسية، وقد اعتبر مجلس الأمن حالات كفاح الشعوب اخلالا بالسلم الدولي.
ومن صور الاخلال بالسلم الدولي، الحروب الأهلية، فهنا نكون بصدد تهديد للسلم الدولي دون الاخلال به.


ومن هنا يمكن القول أن الفرق بين تهديد السلم المنصوص عليه في المادة (39) وطرقه بالنسبة لمجلس الأمن، يتمثل في قيام مجلس الأمن في هذه الحالة بأعمال وقائية الزامية للحد من تطور الموقف وإيجاد الحلول المناسبة له، فإنه يجب على مجلس الأمن اتخاذ أي إجراء من الإجراءات المنصوص عليها في الفصل السابع. ويعتبر اخلال بالسلم الدولي كل حالات العدوان غير المباشر، كالعدوان الاقتصادي أو الديني، خصوصا بعد رفض الاعتراف به-قانونا- في قرار تعريف العدوان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ثالثا: ضابط ما يعتبر اخلالا بالسلم الدولي
بحكم أن نصوص ميثاق الأمم المتحدة تعطي لمجلس الأمن سلطة تقديرية مطلقة في تكييف الوقائع والأحداث، إلا أنها لا تلبي أهداف الأمم المتحدة، حيث منحت هذه السلطة التقديرية للدول الكبرى نطاقا واسعا في التحكم في قرارات مجلس الأمن بما يتوافق مع مصالحها.
والتطبيق العملي لقوانين هيئة الأمم المتحدة أثبت أن الأحداث والوقائع والنزاعات تكتسي طابع الغموض من الصعب معه أن نميز بين المعتدي والضحية ، إلا أن مؤسسي الميثاق لم يعدلوا من هذه النقائص لتكون أكثر موضوعية وحيادية لصالح السلم الدولي. يصعب الاخذ بمعيار محدد سلفا، ولكن يمكن الحكم على المواقف، من خلال تكييف مجلس الأمن للمسألة،
المطلب الثاني: وقوع عدوان
تأتي مسألة العدوان المنصوص عليه في المادة (39) من الميثاق، لنقف امام أخطر حالة من حالات تهديد السلم الدولي من الناحية الفعلية، ورد فعل مجلس الأمن، وهي ماهيته وصوره وحالاته.


الفرع الأول: تعريف العدوان
يضع ميثاق الأمم المتحدة تعريفا واضحا للعدوان، ويرجع السبب في رأي البعض إلى أن أي تعريف للعدوان لن يكون دقيقا حسب التطورات والمتغيرات، بالإضافة إلى أنه قد لا يتسع لتناول جميع أعمال العدوان مما قد يكون في صالح المعتدي، إضافة إلى أن مصطلح العدوان مرتبط بقواعد العلوم السياسية والأمور العسكرية، الامر الذي أدى إلى عدم وضع تعريف جامع له.
لذا سعت الجمعية العامة إلى وضع تعريف للعدوان في 14 ديسمبر 1974 تحت رقم (3314)، أو احتلالها السياسي، أو بأي صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة.


وتجدر الإشارة إلى أن هذا التعريف لم يتناول ما تضمنه الميثاق من حق الشعوب في تقرير مصيرها، وحقها في الحرية والاستقلال، وأحكام الإعلان المشار إليه.


الفرع الثاني: صور وأشكال العدوان
فإننا نقول إن العدوان المقصود في المادة (39) من ميثاق الأمم المتحدة، هو العدوان المسلح، وبالنظر إلى مواد وفقرات القرار وأحكامه، يمكننا القول إن العدوان له صور مختلفة، يمكن سرد أمثلة عليها دون حصرها لأنها متطورة مع التطور التكنولوجي واختلاف الأحداث والظروف.
ففي نص المادة (13ج) يعتبر ارسال جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية للقيام بأعمال عسكرية ضد دولة أخرى يعتبر شكلا من أشكال العدوان.
والحقيقة أن العدوان لا يقتصر على استخدام القوة العسكرية، بل له صورا وأشكالا أخرى، ويكون مباشرا أو غير مباشر.


أولا: العدوان المباشر
الجمعية العامة تعرفه على أنه استخدام القوة العسكرية ضد سيادة دولة أخرى، أو وحدتها الإقليمية أو استقلالها السياسي، حيث إن العدوان المسلح هو الصورة الوحيدة للعدوان المباشر.
فبمجرد وقوعه يعتبر عدوانا مسلحا ولو لم يتخط الحدود ، وحتى إذا لم يحدث تصادم بين البلدين.
ثانيا: العدوان غير المباشر
العدوان غير المباشر هو في معظم الحالات التي يقوم فيها المعتدي بالعدوان بطريقة غير مباشرة، أي عدم مباشرة بنفسه، حيث يكون عندما تقوم دولة أو ما ينوب عنها بالتخطيط للعدوان، ومجلس الأمن هو المخول الوحيد لتحديد حدوث عدوان حسب المادة (39) من ميثاق الأمم المتحدة.
ومع التطور التكنولوجي فقد ظهرت أشكال جديدة من العدوان غير المباشر، حيث أن استعمال الانترنت ساهم في خرق أنظمة الحكومات في معظم المجالات، من اختراق وسرق المعلومات والتجسس إلى غير ذلك.
ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وجاء في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بتعريف العدوان، كقيام القوات المسلحة لدولة بمهاجمة قوات دولة أخرى، وغيرها من حالات العدوان، التي سنتطرق إليها في الفرع الثالث من هذا المطلب.
الفرع الثالث: حالات العدوان
في فقراتها السبع كما يلي:
أولا: قيام دولة بغزو أخرى، أو شن هجوم على أراضيها، أو أي احتلال مسلح، ينجر عنه الاستيلاء على ارض دولة أخرى أو جزء منها عن طريق القوة (م3).
وهذه الصورة من صور العدوان أكثر وضوحا من غيرها، فالعدوان هنا يكون بقوة عسكرية، من دولة ذات سيادة ضد دولة أخرى ذات سيادة. ثانيا: استعمال القصف كأداة للعدوان، وهو صورة من صور العدوان المباشر، لكنه أقل خطورة من الحالات السابقة، حيث لا يتعدى العدوان مجرد القصف بالأسلحة. المشار إليها في الفقرة (ب) هو قول لا ينطبق على الواقع، خصوصا بالنظر إلى التطور الهائل للأسلحة، سواء من حيث قدرتها التدميرية أو دقة اصابتها ومسافتها.
ثالثا: حصار موانئ وسواحل دولة من قبل قوات مسلحة لدولة أخرى (م3/ج) وهذا العدوان يكون بمجرد التواجد قرب سواحل الدولة المستهدفة، دون أن تكون هناك مواجهة عسكرية، وقد ينتج عن هذا الحصار مواجهات عسكرية. رابعا: قيام قوات الدولة المهاجمة بالهجوم على قوات الدولة المستهدفة (المادة 3 فقرة ء)، وهذه الصورة رغم أنها من صور العدوان المباشر الوارد ذكره في الفقرة (أ) من المادة (3)، إلا أنها صورة مختلفة عن الأخرى، في أن الهجوم المقصود في الفقرة (أ) يكون على الدولة بحد ذاتها داخل إقليمها وأراضيها، أما الهجوم المشار إليه في الفقرة (ء) المقصود به أمر آخر، وهو مواجهة قوات الدولة المستهدفة دون أن تكون متواجدة بالضرورة على إقليمها.
خامسا: قيام الدولة باستخدام قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى، بمخالفة الشروط المتفق عليها، حيث تقوم بتهديد وجودها داخل الإقليم حتى بعد نهاية الاتفاق.
وفي هذه الحالة نكون بصدد عدوان سياسي لا عسكري ضد الدولة المضيفة، وذلك إذا تم استخدام هذه القوات بغير إذن منها. وبالرغم من ذلك، فإن تطابق تعريف العدوان على أي حالة من الحالات التي تعرض على مجلس الأمن، لا يعني أنه سيكيف الموقف على الأمر الظاهر، حيث إن سلطته التقديرية تخوله تكييف القضية على ما يراه مناسبا، وحتى في الحالات التي يرى فيها مجلس الأمن أنها عدوان، إلا أن الفيتو له أن يمنع مجلس الأمن القول بأنها عدوان.


المبحث الثاني: الأساس القانوني لقرارات مجلس الأمن للقيام بتدابير وأعمال عسكرية
إن الممارسة الفعلية للأجهزة وعلى رأسها مجلس الأمن هي من تحدد شروط التزامها بوصف قراراتها الشرعية، والخروج عن هذه الشروط يؤدي إلى وصف هذه القرارات بغير الشرعية .
وعلى هذا الأساس نستعرض خلال هذا المبحث الأساس القانوني لقرارات مجلس الأمن لاتخاذ تدابير عسكرية في المطلب الاول، والشروط التي تبنى عليها قرارات مجلس الأمن لتحقيق الشرعية.


المطلب الأول: الأساس القانوني لمشروعية قرارات مجلس الأمن لاتخاذ التدابير العسكرية
إن القول بمشروعية قرارات مجلس الأمن أو عدم مشروعيتها يعتمد بالأساس على مدى تطابق هذه القرارات مع بعض القواعد القانونية، التي تعد الأساس القانوني لمشروعية قرارات مجلس الأمن، وتتمثل في النصوص والقواعد التي جاءت في ميثاق الأمم المتحدة، حيث تساهم هذه القواعد في تكوين الأساس القانوني لمشروعية قرارات مجلس الأمن، التي يجب أن تتوافق مع تلك النصوص والمبادئ .


الفرع الأول: مشروعية قرارات مجلس الأمن وميثاق الأمم المتحدة
تتضمن وثيقة الأمم المتحدة القواعد المتعلقة بنشاط الهيئة وقواعدها، حيث إن هذه الوثيقة تكون أعلى الهرم في تدرج القواعد القانونية الخاصة بهيأة الامم.
ويتم اعداد هذه الوثيقة من خلال مؤتمر دولي لهذا الغرض، يتكون من الدول الراغبة في تأسيس المنظمة، بالإضافة إلى أن الميثاق يأخذ صورة المعاهدة الدولية الجماعية، ويصبح ساري المفعول بعد المصادقة عليه، والتي نظمتها اتفاقية فينا لقانون المعاهدات سنة 1969. فكما يكون لدساتير الدول نوع من السمو اتجاه باقي القوانين، فإن ميثاق الأمم المتحدة له نوع من السمو على ما تقوم به أجهزتها من أعمال قانونية، وعلى ذلك فإن مجلس الأمن لا يستطيع أن يصدر ما يخالف أحكام الميثاق، ولا يجوز للأمم المتحدة أن تخالف القانون الدولي الانساني. وقد وضحت الفقرة الثانية من المادة (32) من الميثاق أن مجلس الأمن يقوم بأداء هذه الواجبات وفقا لمبادئ الأمم المتحدة،
حيث تقرر المادة 27 الفقرة 3 من ميثاق الأمم المتحدة أن صدور أي قرار من مجلس الأمن، يجب أن يكون بأغلبية تسعة أعضاء من بينهم الأعضاء الدائمين متفقين، ويشترط امتناع من كان طرفا في النزاع عن التصويت، حسب احكام الفصل السادس، وأحكام المادة 52 فقرة 3، حيث إنه لو قام مجلس الأمن بإصدار قرار في نزاع وفقا لأحكام الفصل السادس، وكانت احدى الدول الأعضاء طرفا في النزاع وشاركت في التصويت، فإن هذا القرار يعد غير شرعي، لمخالفته إحدى قواعد الميثاق، ويوصف بعدم الشرعية.
حيث قررت المحكمة في 03 مارس 1950، ميثاق قبول أعضاء جدد دون صدور توصية مجلس الأمن عملا بنص المادة 04 فقرة 02 من الميثاق، بأن توصيته هي الشرط الأول لقرار الجمعية،
وهذا اعتراف لمحكمة العدل الدولية بالقيمة القانونية لتوصية مجلس الأمن، بحيث لا تستطيع الجمعية العامة اصدار أي قرار بهذا الشأن دون صدور توصية من مجلس الأمن، وإن قامت بذلك فإن قرارها يعد باطلا. حيث إن الاعتماد على ما يصدر عن محكمة العدل الدولية من أحكام وآراء في مدى مشروعية القرارات الصادرة عن مجلس الأمن يرجع إلى أن محكمة العدل الدولية من خلال آرائها وأحكامها تعتبر الجهاز القضائي الرئيسي لهيئة الأمم المتحدة.
الفرع الثالث: القواعد القانونية المستقلة عن الميثاق وشرعية قرارات مجلس الأمن
إذا كان أساس تحقيق مشروعية قرارات مجلس الأمن لحفظ الأمن والسلم الدولي، هو توافق تلك القرارات مع أحكام ميثاق الأمم المتحدة


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

سبق وأن قام وال...

سبق وأن قام والدي المؤرخ المرحوم (عبدالرحمن بن سليمان الرويشد) بتكليف من الأمير المرحوم فهد بن محمد ...

في علم النفس كا...

في علم النفس كان هناك صراع بين التحليل النفسي و العلاج السلوكي، حيث ركز كلاهما على البؤس والصراع، مع...

وأعظم الأسباب ل...

وأعظم الأسباب لذلك وأصلها وأسها هو الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى : مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَ...

Showing kindnes...

Showing kindness is a crucial human trait. When someone is facing hardship or difficulty, extending ...

بيان المهمة " ت...

بيان المهمة " توفير تعليم وتدريب عالي الجودة يحركه السوق ودعم ريادة الأعمال والبحث التطبيقي التعاوني...

مفهوم القيم في ...

مفهوم القيم في الفلسفة: يوجد اختلاف في النظر إلى القيم حسب المذاهب الفلسفية، وباعتبار المواضيع التي ...

الفصل 5: فورت ك...

الفصل 5: فورت كارون في الصباح بعد لقاءنا بالملك، عدت إلى فندقنا لاصطحاب روكسي، بينما بقيت زانوبا في...

ثانياً الأندلس ...

ثانياً الأندلس : المراد بلفظ الأندلس اسبانيا الاسلامية بصفة عامة اطلق هذا اللفظ في بادىء الأمر على ش...

We then identif...

We then identify the enabling technologies for the introduced 6G services and outline a comprehensiv...

‏1. Exporting: ...

‏1. Exporting: - In this initial stage, the firm starts selling its products or services in foreign ...

إن الاعتدال وال...

إن الاعتدال والوسطية في المنهج الإسلامي من المسلمات المهمة للتعايش وبناء السلام، وعلى هذا المنوال نج...

وينبغـي أن يالح...

وينبغـي أن يالحـظ أن العبـرة فـي وصـف المـادة بأنهـا سـامة أم ال، ليسـت بطبيعـة هـذه المـادة فـي ذات...