Lakhasly

بواعث النهضة الادبية في العصر الحديث :
١-البعثات العلمية: يأتي هذا الباعث في المقدمة. وقد بدأت فاعليته بعد انتشار الثقافتين الفرنسية والانكليزية في المدارس والمعاهد التي أنشئت في الشام ومصر وتخرج فييا المعلمون الذين بعث بعضهم إلى فرنسة لإتمام تحصيلهم في مختلف العلوم ، ثم توالت البعثات فيما بعد، فشملت عدداً من البلدان الأمريكية والأوربية، وكانت أولى البعثات إلى فرنسة عام ١٨٢٦م في عهد محمد علي باشا، إذ اختير أربعة واربعون طالبًا من طلبة الأزهر، يرأسهم رجل النهضة الكبير (رفاعة الطهطاوي).

2- الترجمة: كانت لترجمة الكتب الفرنسية والانكليزية إلى العربية أثر كبير في النهضة الأدبية، وقد بدأت حركة الترجمة في بلاد الشام على يد بعض رجال البعثات الدينية، إذ ترجم هؤلاء بعض الكتب التي احتاجوا
إليها في التدريس، ويعود الفضل الأكبر في تنشيط هذه الحركة إلى
الطهطاوي الذي أنشأ «مدرسة الألسن» عاك1835ـ،

3- الطباعة: أنشئت أول مطبعة بحروف عربية في إيطالية عاـ 1514ـ، وطبع فيها بعض الكتب الدينية كسفر الزبور، ثم طبع القرآن في البندقية ، أما في البلاد العربية فأول مطبعة أنشئت فييا كانت في حلب ثم تلتها مطبعة ( الشوير ) في لبنان ثم أنشأت مطبعة في بيروت ، ولما قام نابليون بحملته على مصر احضر معه مطبعة مزودة بحروف عربيه ولاتينية. كذلك تأسست في بيروت '' المطبعة الامريكية " ثم مطبعة " الجوائب " التي أنشأها احمد فارس شدياق في الآستنة .

٤- حركة احياء التراث :
كان من اثر الاتصال بالغرب ، وابتداء الاستقاء من ثقافته ، وما رافق ذلك من استشراق او استغراب ، أن انتبهت العقول الى ضرورة احياء التراث العربي ونشره ، وقد أنشأ( علي مبارك ) جمعية لنشر المخطوطات العربية القديمة برئاسة ( رفاعة الطهطاوي) وقد افادت حركة احياء التراث مما سبقها اليه المستشرقون في ما نشروه من كتب التراث العربي .

٥- الصحافة :
كان لإنشاء المطابع، وانتشار الطباعة أثر واضح في ظهور
الصحافة، ومن المتفق عليه أن الصحافة العربية ظهرت في مصر قبل غيرها من البلاد العربية، فقد أنشأ نابليون جريدة «التنبيه»، فلما جاء محمد علي أصدر أول صحيفة عربية سنة 1822ـ هي «جرنال الخديوي» بالعربية والتركية، ثم ظهرت «الجوائب» في اسطنبول، و«نفير سورية»، وفي العراق «الّزوارء»، وفي مصر«الاهرام »،
و«المقطم». »، ومن الملاحظ ان الصحف العربية كانت في اوائلها ركيكة العبارة، يطغى على اسلوبها المحسنات البديعية من سجع وجناس وطباق ، ثم لان أسلوبها، وابتعد كتابها عن الزخرف والحشو، وتوخوا تأدية المعاني بدقة ووضوح فأضحت لغتهم وسطا بين الفصحى والعربية .

٦- المدارس والجامعات:
سبق تأسيس المدارس والجامعات في مصر وبلاد
الشام نظيره في الأقطار العربية الأخرى، وكان التعليم في مصر قبل محمد علي باشا مقصورا على الكتاتيب وعلى الجامع الأزهر جامعة تضم كليتي «الشريعة وأصول الدين» و«اللغة العربية»، وبعد عام 1961ـ أضيفت إليه كليات العلوم الحديثة المتنوعة، وفي بلاد الشام كانت مدارس البعثات الدينية أسبق من غيرها، فكان منها في لبنان مدرسة«عينطورة»التي أسسها الآباء العازاريون سنة 1834ـ، وفي سوريا كان التعليم أول الأمر دينياً يتم في الزوايا والمساجد، وكان الجامع الأموي أكبر المدارس الإسلامية وأقدمها، ثم أنشئت في عاـ 1901ـ مدرسة للحقوق أضحت فيما بعد «كلية الحقوق»، وأنِشئ «المعهد الطبي العربي» فكان منهما نواة الجامعة
السورية عاـ 1913ـ (جامعة دمشق اليوم)

٧- الجمعيات الادبية :
أسست في العصر الحديث جمعيات كثيرة كان لها
دور بارز في إذكاء روح النهضة، وسبقت بلاد الشام غيرها في هذا المضمار، إذ تأسست «الجمعية العلمية السورية» في بيروت عاـ 1847ـ، وكان هدفها نشر العلوم وترقية الآداب والفنوف، وقد أربى أعضاؤها على الخمسين، من مختلف مدن الشام إضافة إلى بعض المصريين، وظلت هذه الجمعية تعمل حتى عاـ 1868ـ، وقد زودت هذه الجمعية بمكتبة، ثـ أنشئت في بيروت «جمعية زهرة الآداب» عاـ 1873ـ وكان من أعضائها نفر من الاعلام بينهم : سليمان البستاني، وأديب إسحاق، ويعقوب صروف، وفارس نمر، وابراهيم اليازجي. وكان هدفها التمرس بالخطابة والبحث وكتابة الروايات والمسرحيات، أما في الآستانة فقد تأسس عاـ 1909ـ «المنتدى الأدبي» الذي اتخذ أعضاؤه من النشاط الأدبي واجهة للمعمل السياسي، ثم أنشئت في مصر «جمعية المعارف» عاـ 1868ـ، أما في المهجر فقد تأسست «العصبة الأندلسية» في البرازيل ورأسها ميشال المعلوف ، ثم تأسست «الاربطة الأدبية» في الارجنتين برئاسة جورج صيدح.

٨- المجامع اللغوية ساعدت هذه المجامع على خدمة اللغة والادب والتراث العربي مساعدة طيبة، وأقدمها هو«المجمع العلمي العربي» تأسس في دمشق بجهود (محمد كرد علي) ورئاسته، وقد عني هذا المجمع بوضع المصطمحات العملية الحديثة، وتصحيح الأخطاء اللغوية الشائعة،ونشر كتب التراث غدا اسمه «مجمع اللغة العربية»، وفي القاهرة تأسس «مجمع فؤاد الأول للغة العربية» ، وصار اسمه فيما بعد «مجمع اللغة العربية» وبعد ذلك تأسست مجامع أخرى مشابهة في عدد من الأقطار العربية كالعراق والاردن والسودان والمغرب وسواها .

٩- المكتبات :
من المكتبات المهم ما هو عام وما هو خاص، واشهر هذه
المكتبات واقدمها «دار الكتب الخديوية» التي أنشأها علي مبارك في القاهرة ، ثم «المكتبة الظاهرية» التي تأسست في دمشق ايام حكم الوالي مدحت باشا، ثم «المكتبة الازهرية» التابعة لمجامع الأزهر في القاهرة، ومن أشهر المكتبات الخاصة «الخزانة التيمورية»لأحمد تيمور ،و«الخزانة الزكية »لأحمد زكي؛وتمتاز هذه الأخيرة من سواها باحتوائها الكتب الأجنبية التي ألفها المستشرقون
بالفرنسية والانكليزية والألمانية وغيرها من اللغات .

١٠ - المسرح والتمثيل :
تعد المسارح والتمثيل من العوامل المهمة المساعدة
في تنشيط الأدب ونهضته ، ويجمع الباحثون على ان المسرح العربي بمعناه الفني قد ولد في لبنان حين نقل مارون النقاش مسرحية «البخيل» لموليير إلى العربية، ومثلها في بيته بعد ان كان قد أطلع على المسرح والتمثيل في أوربة، ثم أخذ بعدها بتأليف المسرحيات وتمثيلها، وقد ُجمعت مسرحياته في كتاب «أرزة لبنان»، وكانت لغته فيها أقرب إلى العامية، ثم نظم خليل اليازجي مسرحية «المروءة والوفاء» ، أما في سوريا فقد أسس أحمد أبو خليل القباني المسرح بدمشق ، ومن مسرحياته : ناكر
الجميل، وهارون الرشيد.