Lakhasly

جعل في قصص السابقين عبرة لأولي الأبصار، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على هديهم إلى يوم الدين. أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال جل في علاه: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
أيها المسلمون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار، فسدت عليهم الغار، ويتضرعون إليه ويسألونه؛ أن ينجيهم بصالح أعمالهم، فهو وحده القادر على إنقاذهم، وتحمل المشقة من أجلهما، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا رجعت إليهم حلبت فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بني، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالإناء فقمت عند رءوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما والصبية يبكون ويصيحون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر». فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج». ورضاه سبحانه عن صنيعه، وهما أولى الناس بالرعاية والعناية، وحقهما عليهم كبير، وإحسان معاملتهما، فيصيران عندك وفي رعايتك، كما كنت عندهما في أول عمرك. فقال سبحانه: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما). وتيسرت سبلها، فامتنعت مني؛ حتى ألمت بها سنة من السنين -أي: أصابتها ضائقة وحاجة- فجاءتني، فأعطيتها عشرين ومئة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها». ونهى نفسه عن هواها، وتركت الذهب الذي أعطيتها، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها». ويستجيب لهم دعاءهم، وينجيهم ويصلح بالهم، ويدخلهم الجنة عرفها لهم، قال عز وجل: (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير). وأمانته في معاملته، ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أد إلي أجري، فلم يترك منه شيئا، وحفظ له حقه، وأحسن إليه باستثماره له، وفرج كربته. وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نوفي الأجير حقه فقال: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه». فخرجوا يمشون». وتلك ثمرة تكامل الأعمال الصالحات، وييسر سبل الخيرات. وتفرج به همومنا، وتسعدنا به في دنيانا وآخرتنا، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد الأمين صلى الله عليه وسلم، وطاعة من أمرتنا بطاعته في كتابك المبين، حين قلت وأنت أصدق القائلين: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل. فقال كل منهم: «فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك؛ خشية الرحمن، وفرج عنهم كربتهم، ويجتنب المحرمات، تعرف إليه في الرخاء، يعرفك في الشدة». والإحسان إلى الوالدين والأرحام، والضعفاء والمحتاجين، وأداء الأجور إلى العمال في أوقاتها. هذا وصلوا وسلموا على خاتم النبيين والمرسلين، كما أمر رب العالمين؛ فقال في كتابه المبين: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، اللهم يا حليم يا كريم، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. واشمل بتوفيقك نائبه وولي عهده الأمين، وأدخلهم بفضلك فسيح جناتك. وارحم اللهم جميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات: الأحياء منهم والأموات، وزدها تقدما ورفعة، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجز أهليهم جزاء الصابرين؛ بكرمك يا أكرم الأكرمين. وانشر الاستقرار والسلام في بلدان المسلمين، اللهم أغثنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، يا عزيز يا غفار.

الحمد لله ما تتابع الليل والنهار، جعل في قصص السابقين عبرة لأولي الأبصار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على هديهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال جل في علاه: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه).

أيها المسلمون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار، فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل، فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم». فتوجهوا إليه تعالى يدعونه، ويتضرعون إليه ويسألونه؛ أن ينجيهم بصالح أعمالهم، فهو وحده القادر على إنقاذهم، فتقرب الأول إلى ربه ببر الوالدين وخدمتهما، وإيثارهما على غيرهما، وتحمل المشقة من أجلهما، فقال: «اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا رجعت إليهم حلبت فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بني، وأنه نأى بي ذات يوم الشجر فلم آت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالإناء فقمت عند رءوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما والصبية يبكون ويصيحون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر». ثم توجه بالدعاء إلى الله تعالى قائلا: «اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج». وانفراج الصخرة دليل على قبول الله عز وجل طاعته، ورضاه سبحانه عن صنيعه، فإن بر الوالدين مما يعجل الله تعالى ثوابه في الدنيا، وهما أولى الناس بالرعاية والعناية، ففضلهما على الأولاد عظيم، وحقهما عليهم كبير، وقد قرن الله جل شأنه شكره بشكرهما، فقال في حقهما: (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير). وأوصى الله تعالى ببرهما، وإحسان معاملتهما، خاصة حين يبلغان مرحلة الضعف، فيصيران عندك وفي رعايتك، كما كنت عندهما في أول عمرك. فقال سبحانه: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما).

أيها المصلون: وتقرب الرجل الثاني إلى الله تعالى بخشيته، والتعفف عن معصيته، بعد أن تهيأت له أسبابها، وتيسرت سبلها، فقال: «اللهم كانت لي بنت عم، كانت أحب الناس إلي، فأردتها عن نفسها، فامتنعت مني؛ حتى ألمت بها سنة من السنين -أي: أصابتها ضائقة وحاجة- فجاءتني، فأعطيتها عشرين ومئة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها». فذكرته ابنة عمه بالله تعالى؛ الذي يعلم السر وأخفى، فوقعت خشية الله في قلبه، وخاف مقام ربه، ونهى نفسه عن هواها، وأحسن إلى ابنة عمه، ووصل رحمها، فترك المال لها، قال: «فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها». فهذا الرجل نموذج لصنف من الناس يرضى الله عنهم، ويستجيب لهم دعاءهم، وينجيهم ويصلح بالهم، ويدخلهم الجنة عرفها لهم، قال عز وجل: (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير).

أيها المؤمنون: وتقرب الثالث إلى الله تعالى بأداء الأجر إلى عامله، وأمانته في معاملته، فقال: «اللهم إني استأجرت أجراء، فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد؛ ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أد إلي أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم... فأخذه كله فاستاقه، فلم يترك منه شيئا، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه». فهذا إنسان أعطى الأجير أجره، وحفظ له حقه، وأحسن إليه باستثماره له، فعجل الله عز وجل له المكافأة في الدنيا؛ بأن استجاب دعوته، وفرج كربته. وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نوفي الأجير حقه فقال: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه». وهكذا أنجى الله تعالى هؤلاء الثلاثة من محنتهم؛ بمجموع إحسانهم، وصالح أعمالهم، «فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون». وتلك ثمرة تكامل الأعمال الصالحات، فبها يفرج الله تعالى الكربات، وييسر سبل الخيرات. فاللهم ارزقنا عملا صالحا يقربنا إليك، تشرح به صدورنا، وتفرج به همومنا، وتسعدنا به في دنيانا وآخرتنا، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد الأمين صلى الله عليه وسلم، وطاعة من أمرتنا بطاعته في كتابك المبين، حين قلت وأنت أصدق القائلين: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،

فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل.

أيها المسلمون: إن هؤلاء الثلاثة أيقنوا أن الله سبحانه لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم، فقال كل منهم: «فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك؛ فافرج عنا ما نحن فيه». وعلموا أن خير ما يتقرب به الإنسان إلى الكريم المنان؛ خشية الرحمن، والبر والأمانة والإحسان، فقدر الله تعالى سلامتهم، وفرج عنهم كربتهم، وهم نماذج لأصناف من الناس، قدمها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنقتدي بهم في إخلاصهم، وجميل إحسانهم، وصالح أعمالهم. فليكثر الإنسان من فعل الخيرات، وتقديم المبرات؛ في سائر الأوقات، ويجتنب المحرمات، فذلك سبب في حفظ الله ورعايته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء، يعرفك في الشدة». وليعزز الآباء والأمهات في قلوب بناتهم وأبنائهم خشية الله تعالى ومراقبته، والإحسان إلى الوالدين والأرحام، والضعفاء والمحتاجين، وأداء الأجور إلى العمال في أوقاتها.

هذا وصلوا وسلموا على خاتم النبيين والمرسلين، كما أمر رب العالمين؛ فقال في كتابه المبين: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين. اللهم يا حليم يا كريم، يا رب العرش العظيم، نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. اللهم وفق رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد لما تحبه وترضاه، واشمل بتوفيقك نائبه وولي عهده الأمين، وإخوانه حكام الإمارات. اللهم ارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وشيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رضوانك، وأدخلهم بفضلك فسيح جناتك. وارحم اللهم جميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات: الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات. اللهم أدم على دولة الإمارات الأمان والاستقرار، والرخاء والازدهار، وزدها تقدما ورفعة، وتسامحا ومحبة، وأدم على أهلها السعادة يا رب العالمين. اللهم إنا نسألك من الخير كله؛ عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله؛ عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ونعوذ بك من شر ما عاذ منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم ارحم شهداء الوطن وقوات التحالف الأبرار، وأدخلهم الجنة مع الأخيار، واجز أهليهم جزاء الصابرين؛ بكرمك يا أكرم الأكرمين. اللهم انصر قوات التحالف العربي، وانشر الاستقرار والسلام في بلدان المسلمين، والعالم أجمعين. اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا مغيثا هنيئا واسعا شاملا، اللهم اسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، يا عزيز يا غفار.

عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم.

وأقم الصلاة.