Lakhasly

3. القصة ونحن ندلف إلى هذا العمل المتميز الروائي متميز هو الآخر وقد مضى في مسيرته الكتابة باللغة العربية التي بدأها العام 1979 قرابة 15 عاما فقط، لنلمس في الفقرة الأولى من الرواية ) مقارنة على اعتياد قلمه الخط بالفرنسية والذي يعود إلى ما قبل 1969 وربما التكلم بالبربرية أيضا، مما لا شك فيه أنه يحمل في لسان واحد ثلاث لغات أن تجاربه في رواية تيميمون مع الخط بالقلم العربي بدل الفرنسي ما زالت لم تكتمل بعد ليس في التهجين اللغوي الذي هو آلية فنية لكن في المعاناة مع العجمة كغيره من الكتاب المخضرمين بتأثير من ظروف غير خافية ولكن ما يقاس في الكتابة الروائية أنها تتخذ في كل عصر مضمونا وخصائص فنية جديدة، ولذلك نستطيع القول أن الرواية هي ما يدرسه النقاد في عصر من العصور على أنه رواية 188 ونبقى في هذا الجانب لنؤكد من منظور ثقافي مستقل عن مرحلة الأيديولوجية في الجزائر المتغذية من خطاب نقد الاستعمار أنه ليس صحيحا ما قاله واسيني الأعرج في كتابه اتجاهات الرواية العربية في الجزائر" وعديد النقاد الجزائريين كمصايف وركيبي وبن قينة وغيرهم أن فرنسا عملت بكل ما أوتيت على أن تقتلع الجذور العربية من أرض الجزائر بل الأصح به فالنخبة كانت منقسمة بين أغلبية فرانكفونية ومستعربة مهمشة في المناطق الداخلية المعزولة - والشاهد هنا هو بوجدرة نفسه الذي تغرب إلى فرنسا لأنه يعز الثقافة الفرانكفونية - بل أن نصف الجزائريين آنذاك كانوا يحبون الثقافة الفرانكفونية إما لأنهم ترعرعوا عليها وإما لأنه المزاج والتركيبة النفسية لأجوائها المنفتحة على الحرية والديمقراطية خولت لهم حبها ؛ لمسنا في رواية تيميمون ثلاث حكايات كل حكاية تحمل خطاب ثقافي، الحكاية الأولى جولة سياحية من العاصمة إلى الطاسيلي عبر واحة تيميمون السائق هو الراوي / البطل يقع في حب فتاة شقراء شرقية تشبه في ملامحها الأوروبيات المستشرقات لأنها تحب البربر الزنوج وتشبق بهم، لذلك يرمز تعلقه به وهو لم يتعلق بالنساء قط بتعلقه بالثقافة الأوروبية الفرنسية وسويسرية أين عمل طيارا حربيا وقد دعاها صراء"، تستحضر ذاكرة الراوي / البطل حياة المراهقة في أحياء مدينة قسنطينة القديمة، ويتدخل في تكوينه العنصران الآخران، أي التكوين النفسي والتكوين الثقافي الاجتماعي 189. كأنه بصدد نقد مقولة مركز - هامش في إطارها النيو كولونيالي لتوافق معه المقولة التي اختلقها الضعف والهوان واحتقار الذات وإن ارتدت رداء القداسة الروحية، يستشف ذلك من خلال تأمله في تفاصيل ذاتية حدثت له طيلة أطوار الرواية وهو يطوي فيافي الصحراء أو في استراحة مراقبا لزبائنه من جنسيات مختلفة، الوعي بثقافة الأنا من خلال الآخر بزيه وذهنيته وأخلاقه:" فالترابط وثيق بين الوعي بحضور الفرد وتأسيس السيرة الذاتية 191 ، سيرة لا يمكن استرجاعها إلا عن طريق المزاوجة بين التخيل والتخييل " لقد حان الوقت لكي أقول الحقيقة أخيرا، لكن لا يمكن أن أما الحكاية الثالثة فهي حكاية الراهن المضطرب الإرهابي، فلا تقتل إلا المثقفين الأبرياء، والمواطنين البسطاء . فتملأ هذه الذكريات الصوتية فمي مثلما يمتلئ فم الميت بالتراب اثنا عشر كرواتيا يذبحون بطريقة وحشية بالقرب من المدية استقاها من تجارب ثقافية مع المستعمر، محاكيا، فهذا صراع ليس طبقي بل فئوي نخبوي يعمق شرخا في الهوية،

3. القصة

ونحن ندلف إلى هذا العمل المتميز الروائي متميز هو الآخر وقد مضى في مسيرته الكتابة باللغة العربية التي بدأها العام 1979 قرابة 15 عاما فقط، لنلمس في الفقرة الأولى من الرواية ) مقارنة على اعتياد قلمه الخط بالفرنسية والذي يعود إلى ما قبل 1969 وربما التكلم بالبربرية أيضا، مما لا شك فيه أنه يحمل في لسان واحد ثلاث لغات أن تجاربه في رواية تيميمون مع الخط بالقلم العربي بدل الفرنسي ما زالت لم تكتمل بعد ليس في التهجين اللغوي الذي هو آلية فنية لكن في المعاناة مع العجمة كغيره من الكتاب المخضرمين بتأثير من ظروف غير خافية ولكن ما يقاس في الكتابة الروائية أنها تتخذ في كل عصر مضمونا وخصائص فنية جديدة، ولذلك نستطيع القول أن الرواية هي ما يدرسه النقاد في عصر من العصور على أنه رواية 188 ونبقى في هذا الجانب لنؤكد من منظور ثقافي مستقل عن مرحلة الأيديولوجية في الجزائر المتغذية من خطاب نقد الاستعمار أنه ليس صحيحا ما قاله واسيني الأعرج في كتابه اتجاهات الرواية العربية في الجزائر" وعديد النقاد الجزائريين كمصايف وركيبي وبن قينة وغيرهم أن فرنسا عملت بكل ما أوتيت على أن تقتلع الجذور العربية من أرض الجزائر بل الأصح به فالنخبة كانت منقسمة بين أغلبية فرانكفونية ومستعربة مهمشة في المناطق الداخلية المعزولة - والشاهد هنا هو بوجدرة نفسه الذي تغرب إلى فرنسا لأنه يعز الثقافة الفرانكفونية - بل أن نصف الجزائريين آنذاك كانوا يحبون الثقافة الفرانكفونية إما لأنهم ترعرعوا عليها وإما لأنه المزاج والتركيبة النفسية لأجوائها المنفتحة على الحرية والديمقراطية خولت لهم حبها ؛ وطبيعي من الفرانكفوني التدوين بالفرنسية قبل العربية إذا كان يتحكم في قواعدها.
لمسنا في رواية تيميمون ثلاث حكايات كل حكاية تحمل خطاب ثقافي، الحكاية الأولى جولة سياحية من العاصمة إلى الطاسيلي عبر واحة تيميمون السائق هو الراوي / البطل يقع في حب فتاة شقراء شرقية تشبه في ملامحها الأوروبيات المستشرقات لأنها تحب البربر الزنوج وتشبق بهم، لذلك يرمز تعلقه به وهو لم يتعلق بالنساء قط بتعلقه بالثقافة الأوروبية الفرنسية وسويسرية أين عمل طيارا حربيا وقد دعاها صراء"، يناوب في وصفها واسترجاع ذكريات حي مراهقته مع البربر واليهود، كمال رئيس وكوهين وبورتون من وراء الرحلة محاكاة الآخر والهروب من الإرهاب والتمتع بالطبيعة الهادئة وبالاستمتاع بالكيف واستباحة المحظورات والتي أعدت خصيصا لمن هم في حاجة إليها من السواح مقابل المال، محاكاة صراء لثقافة المتع الاستشراقية حيث تتعلق المرأة منهم برجل أسود شبق والرجل بامرأة سمراء بربرية يشي بأنها ذات أصول أمازيغية بالرغم أن الكاتب لم يذكر ذلك. والهدف إذن التغلغل في ثقافة الآخر ومحاكاتها في الشيشا والجنس وحكايا الحب الصحراوية ومقت كل ما ينغص عن الاستمتاع بالحياة.
في الحكاية الثانية، تستحضر ذاكرة الراوي / البطل حياة المراهقة في أحياء مدينة قسنطينة القديمة، كنوع من رفض الحاضر بالتعلق بحياة الماضي الخالية من القتل والإرهاب وبتعدد أطيافه، فهو ورث عن أمه ثقافة التسامح مع الآخر وتفضيل اليهود والبربر ضمن فضاء متعايش وسلمي رغم وقت الاستعمار الصعب وما بعده بقليل على حاضر الاضطهاد والقمع وتقوده ذكريات نوستالجية إليها ممارسة لحريته الثقافية المهددة: " أما الفضاء الثقافي فهو فضاء ذهني دلالي رمزي ينتفي فيه التكوين الجغرافي، ويتدخل في تكوينه العنصران الآخران، أي التكوين النفسي والتكوين الثقافي الاجتماعي 189. مع نقد بعض المعتقدات والمسلمات كأمور الحيض التي اكتشفها من خلال محاولة التقرب من حياة أمه السرية ... كان المؤدب قد عاقبني صبيحة نفس اليوم عقوبة شديدة، فضربني بالفلقة لأنني رفضت كتابة الآية: ويسألونك عن المحيض، قل هو أذى، قلت لن أكتب هذا فأمي طاهرة " 190 ، كأنه بصدد نقد مقولة مركز - هامش في إطارها النيو كولونيالي لتوافق معه المقولة التي اختلقها الضعف والهوان واحتقار الذات وإن ارتدت رداء القداسة الروحية، فهي مقولة لم تختلقها قط، لا العقلانية ولا الحداثة ولا ما بعد الحداثة والدليل هو أن أيديولوجيا الدم التي تواجه العقلانية وتميزها عنصريا باسم "الآخر" تواجهه بعلومه وتحاربه بسلاحه ، يستشف ذلك من خلال تأمله في تفاصيل ذاتية حدثت له طيلة أطوار الرواية وهو يطوي فيافي الصحراء أو في استراحة مراقبا لزبائنه من جنسيات مختلفة، فيعي الهجنة الثقافية من منطلق سيري نفسي وتاريخي، الوعي بثقافة الأنا من خلال الآخر بزيه وذهنيته وأخلاقه:" فالترابط وثيق بين الوعي بحضور الفرد وتأسيس السيرة الذاتية 191 ، سيرة لا يمكن استرجاعها إلا عن طريق المزاوجة بين التخيل والتخييل " لقد حان الوقت لكي أقول الحقيقة أخيرا، لكن لا يمكن أن

أقولها إلى في عمل تخييلي 192.

أما الحكاية الثالثة فهي حكاية الراهن المضطرب الإرهابي، وقد تمكن من دماء الناس وأعراضهم بأنذل وأجبن الطرق، إذ تقطع أطوار القصة كل ما أوغل فيها الراوي / البطل في سرد سيرته، سواء كان بصدد شعريات الصحراء وهيامه في فضاءاتها المساعدة والمستمر بالصراء، كما يفعل ذلك الاستشراقيون إلى أنه فجأة يقطع هاجس ما هذا الانزواء والاختلاء الشعري بالروح فيخترقه الخوف مع صوت الراديو فيروح مخلخلا السرد بالدخول في طور الحكاية الخارجية قائلا: أرفض كل هذا العنف المخيف، وهذا الإرهاب المتوحش.. فيما كانت عصابات الحشاشين تفرض وجودها من خلال العنف، فلا تقتل إلا المثقفين الأبرياء، والمواطنين البسطاء .. كنت أغير مسكني مرتين في الأسبوع، فأعيش حالة رهيبة، فلا أفارق جفينات السيانور الخمس . . 193 التعليق على أخبار الموت يتم بدون وصف ولا جماليات كان ذاكرته لا تحفزه بل تخونه بإزائها، أما جمالية وصف شعرية الصحراء ومجونياتها فغير ذلك تلك المقاهي العتيقة التي كانت تنز برائحة الشاي المنعنع والقهوة التركية، فتملأ هذه الذكريات الصوتية فمي مثلما يمتلئ فم الميت بالتراب اثنا
عشر كرواتيا يذبحون بطريقة وحشية بالقرب من المدية
وحكايات القصة الثلاث تشترك في الرؤية الأثنية البربرية لغة وهوية دينية، ترجمها لغة وخطابا الراوي / البطل في البنية العامة للقصة، استقاها من تجارب ثقافية مع المستعمر، محاكيا، وآخر محلي يقاومه بثبات كمن له علم أن الغرب لن يتوقف في تسويده للثقافة العولمية بعد أن أحله الإسلام عدوا في بنيته العقلية، وبعد أوجاع إرهابية عديدة لحقت من القاعدة وغيرها، والجدلي في هذا الجانب يكمن في أن الاختراق الثقافي الموجه ضد المنطقة العربية، بخاصة تلك التي ظهر بها التيار السلفي مؤخرا منها الجزائر - والمعزز بنداءات تدعو إلى شن حرب حضارية باردة على الإسلام، وبأعمال تجسم هذه الحرب عمليا، حتى يحرك ذلك صراعًا تناحرياً وحروبا أهلية داخل المجتمعات العربية - كما هو حاصل حالياً في بعض الأقطار، يعزز الانقسام الحاد داخل الدولة الواحدة بين الثقافة العالمة وقادتها الحداثيين الذين تثقفوا بثقافة الغرب، وبشروا بها، وغالبا ما صاروا مخترقين يقفون ضد الأوائل، ويولد هذا الاختراق الثقافي مزيدا من التعصب في الداخل، متحولا إلى صراع بين الأصولية والتغريب تستغله الأصوليات الأخرى مطالبة بحقوقها أيضا، فيبتعد المثقف عن الواقع مما يوسع دائرة المقدس في التراث لتشمل قصدا أو من دون قصد نصوص التراث التي هي جهد بشري مرهون بعصره يصبح الولي وزاويته مقدسا الأمر الذي يصعد التطرف الحداثي، فهذا صراع ليس طبقي بل فئوي نخبوي يعمق شرخا في الهوية، ويشجع بروز التعصب الطائفي والنعرات الأثنية الداعية للثقافة المحلية على حساب الثقافة القومية (اللغة والعرق). على حساب الثقافة القومية.