Lakhasly

جغرافيتها
تطورت الحضارة العربية الإسلامية خلال العصور التي درج المؤرخين الأوروبيين على تسميتها بالعصور الوسطى ،
فقد شهد القرن الأول الهجري /السابع الميلادي تكوين الدولة العربية الإسلامية ووصولها إلى أقصى حدود
اتساعها حيث كان أولها انتصار الدعوة الإسلامية وسيادته على الجزيرة العربية ثم تلتها موجة الفتح الأولى في
عصر الخلفاء الراشدين التي أدت إلى ضم كل من بلاد العراق وإيران في الشمال الشرقي من شبه الجزيرة وسوريا
ومصر في الشمال والجنوب الغربي منها ، وتلتها مرحلة حكم بني أمية عندما ساد الفتح على كل ما يسمى الوطن
العربي في هذا العصر ، يضاف إليه شرقا منطقة الممتدة من إيران إلى تركستان الروسية وحتى حدود الصين في
الشمال الشرقي ووادي البنجاب في الهند من جهة الجنوب لشرقي ، أما في الغرب فقد انضوى تحت لواء الدولة
العربية الإسلاميةكل من شمال إفريقيا واسبانيا يمكن تصنيف البلدان التي سادته الحضارة العربية الإسلامية إلى منطقتين ؛ الوطن العربي الحالي وتتكون من بيئة
تكاد تكون واحد ويعمرها أناس متقاربين أو متماثلين من ناحية الأصول .وتقاربهم في اللغات بحيث تكون أسرة
لغوية متمايزة عن مجموعات اللغات الأخرى ، أما المنطقة الثانية فهي كل ما دخل في سيدة الدولة الإسلامية ،
وانفصل عنها فيما بعد سياسيا وحضاريا وثقافيا ، وخاصة في ميدان اللغة ضمن إطار هذا التصنيف كانت أرض
الدولة الإسلامية مكونة من بلاد متمايزة في مجالات متعددة ، كالخليط البشري والموارد الاقتصادية الناجمة في
الأغلب عن الشروط الطبيعية وهذه البلاد هي: ، شبه جزيرة العرب، العراق ، بلاد الشام ، مصر،بلاد فارس ،
بلاد المغرب العربي والأندلس .
فيما يخص شبه الجزيرة العربية فعلى أرضها أشرق الإسلام وقامت دعوته وتأسست دولته ومنها خرج الفاتحون
لتبليغ دعوته لكن الفتوحات لم تلبث أن أفقرتها بشريا واقتصاديا وبالتالي سياسيا ، فقد غادرته أثر الفتوحات
عناصر من سكانه لتشارك في الفتح أولا ومن ثم لتقيم في الراضي المفتوحة في طول المنطقة وعرضها اعتبارا من
خراسان في شمال إيران إلى الأندلس غربا ، وفقدت شبه الجزيرة العربية دورها التجاري القديم كصلة وصل بين عالم
الشرق الأقصى والمتوسط عبر الطريق الذي يبدأ من جنوبها ويعبر منطقتها الغربية برا إلى الشام ومصر ،والذي كان
أساس ازدهار اليمن وسمو مكانة مكة ، وهكذا يبرز الدور الاقتصادي للجزيرة متمثلا في منطقته الغربية ذات صلة
الوصل بين عالم الحضارة العربية الإسلامية وشواطئ أفريقيا الشرقية .
أما العراق فيحيط بشبه الجزيرة العربية وتتكون من سلسلة من الهضاب الخصبة إلى السهول الجافة التي تتجه من
شمال جبال طوروس و زاغروس شرقا نحو البحر المتوسط ، ومع ذلك فإنها تتألف بدورها من من مناطق ذات
خصائص مميزة فهناك ما بين دجلة والفرات أقيمت منذ العهد الساسان مشاريع ري هائلة وخاصة في الجنوب
الشرقي من المنطقة أي في منطقة عربستان التي تضم حوض قارون والكرخة وأصبحت مخزن للسكر في العصور
الإسلامية ، ويتم الانتقال من العراق إلى بلاد الشام عبر سهل واسع ابتداء من منعطف الفرات حتى الشرق
ويكون في شماله سهلا مناسبا للرعي ولكنه ببادية الشام ولكن هذه المنطقة تبدو عقدة مواصلات حيث إليها
ينتهي الطريق البحري من الشرق الأقصى الذي يحط في البصرة ثم يحاذي الفرات كما ينتهي الطريق البري القادم
من الصين.
وأما بلاد الشام فتكمن أهميته المائية بسهول حوض العاصي وغوطة دمشق والأغوار في الأردن والبقاع إضافة
للسهول الساحلية لكن شهرتها تتميز بالبستنة والغابات في الجبال ، من الناحية السكانية فإن سكان الشام ومابينالنهرين امتداد لسكان شبه الجزيرة العربية والصلة بينهما قائمة منذ أقدم العصور حيث سجل ما سمي بالهجرات
السامية من أمورية وكنعانية وآرامية ، وظل الاتصال قائما بين المنطقتين حتى قبيل الفتح الإسلامي.
وفيما يتعلق بمصر فمعظم أراضي مصر الزراعية تتكون من شريط ضيق حول نهر النيل من الجنوب إلى الشمال ،
ولعنصر الطبيعة في مصر أثر أخر ينبع من موقعها إذ هي برزخ بين بحرين المتوسط والأحمر وبالتالي ظلت صلة
الوصل في التجارة بين عالمي هذين البحرين ، وصارت مركزا بحريا على صعيدي الحرب والسلم
أما بلاد فارس( إيران) فتحيط بها الجبال من الشمال والغرب كما تعلو وسطها وتجعلها مكونة من منطقتين كلاهما
صحاريب وسهول جافة باستثناء بعض الواحات التي تأتيها من الجبال فتتكون مدن تحيط بها أرض مزروعة ،
وهذا الوضع هو الذي يفسر شهرة الإيرانيين في طريقة خاصة تتمثل في إقامة سلسلة قنوات تمر بها تحت الأرض
لاستخدامها في الري .وهناك طرق تواصل عديدة من بينى الشمال والشرق والجنوب وحتى وراء إيران الى الشمال
الشرقي سيطر المسلمون على إقليم ما وراء النهر وخلفها كان ينتشر النفوذ الصيني حيث اصطدم العرب به خلال
العصر الأموي واستطاعوا الانتصار عليه .
أما بلاد المغرب العربي والأندلس فالمعروف أن المغرب منطقة ممتدة من الصحراء الليبية شرقا إلى الأطلسي غربا
ومن المتوسط شمالا إلى الصحراء الكبرى جنوبا ، وتتشكل أرض المغرب من أشرطة طولانية تمتد من الشرق إلى
الغرب أولها من جهة البحر جبال أطلس التل ويليها نحو الداخل منطقة الهضاب العليا وهذا الشكل يفسر لنا
الصعوبة التي واجهت مهاجمو المغرب من الشمال كالرومان وسهولة توغل القادمين من الغرب كالوندال أو من
الشرق كالعرب ، تظهر هذه التضاريس يوضوح في الوسط (منطقة الجزائر الحالية) لكن الاستثناء يبدو في الأطراف
حيث تبتعد الجبال عن البحر مفسحة المجال لانفساح السهول ، كما أن خط الساحل في الطرفين يقترب من
الجزر الأوروبية الغربية .
واسبانيا فكانت هضبة تنحدر نحو الغرب بشكل عام ولذلك جرت أعظم وديانها نحو الغرب أو الأطلسي ،
وعاش فيها أيبيريون قدماء وسيطر عليها الرومان ثم الوندال ثم القوط ثم فتحها المسلمون عام 92ه ( 711م)
حيث كان لبعد الأندلس عن مركز الدولة الإسلامية أول الأقاليم انفصالا عن جسمها حيث استمرت فيها
الدولة الأموية