Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

غزوة بدر الكبرى أول معركة من معارك الإسلام الفاصلة قد أسلفنا في ذكر غزوة العشيرة أن عيراً لقريش أفلتت من النبي الله في ذهابها من مكة إلى الشام ، ولما قرب رجوعها من الشام إلى مكة بعث رسول الله الله طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى الشمال ، ليقوما باكتشاف خبرها ، ومكثا حتى مر بهما أبو سفيان بالعير ، فأسرعا إلى المدينة ، وأخبرا رسول الله الله بالخبر . كانت العير مركبة من ثروات طائلة من أهل مكة ، ألف بعير موقرة بالأموال ، لا تقل عن خمسين ألف دينار ذهبي ، ولم يكن معها من الحرس إلا نحو أربعين رجلاً . وضربة عسكرية وسياسية واقتصادية قاصمة ضد المشركين لو أنهم فقدوا هذه الثروة الطائلة ، لذلك أعلن رسول الله الله في المسلمين قائلاً : هذه عير قريش فيها أموالهم ، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها . ولم يعزم على أحد بالخروج ، بل ترك الأمر للرغبة المطلقة ، لما أنه لم يكن يتوقع عند هذا الانتداب أنه سيصطدم بجيش مكة - بدل العير - هذا الاصطدام العنيف في بدر ، ولذلك تخلف كثير من الصحابة في المدينة ، ولذلك لم ينكر على أحد تخلفه في هذه الغزوة . مبلغ قوة الجيش الإسلامي وتوزيع القيادات واستعد رسول الله الله للخروج ومعه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً (٣١٣) ، ۸۲ أو ۸۳ أو ٨٦ من المهاجرين ، ولم ١١/‏١٢, ١١:٤٥ م] ♡α☇: يحتفلوا لهذا الخروج احتفالاً بليغاً ، ولا اتخذوا أهبتهم كاملة ، فلم يكن معهم إلا فرسان ، فرس للزبير بن العوام ، وفرس للمقداد بن الأسود الكندي ، وكان معهم سبعون بعيراً ليعتقب الرجلان والثلاثة على بعير واحد ، وكان رسول الله الله وعلى ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيراً واحداً . فلما كان بالروحاء رد أبا لبابة بن عبد المنذز ، واستعمله على المدينة . ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري ، وكان هذا اللواء أبيض . وقسم جيشه إلى كتيبتين : 1 - كتيبة المهاجرين ، وأعطى علمها علي بن أبي طالب . ٢ - كتيبة الأنصار ، وأعطى علمها سعد بن معاذ . وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام ، وعلى الميسرة المقداد بن عمرو - وكانا هما الفارسين الوحيدين في الجيش كما أسلفنا - وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة ، وظلت القيادة العامة في يده الله كقائد أعلى للجيش . الجيش الإسلامي يتحرك نحو بدر: فخرج من نقب المدينة ، ومضى على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مكة ، حتى بلغ بئر الروحاء ولما ارتحل منها ، ترك طريق مكة بيسار ، وانحرف ذات اليمين على النازية ( يريد بدراً ) ، فسلك في ناحية منها ، حتى جزع وادياً يقال له رحقان ، ثم انصب منه حتى قرب من الصفراء ، وهنالك بعث بسبس بن عمر و الجهني وعدي بن أبي الزغباء الجهني إلى بدر يتجسسان له أخبار العير . النذير في مكة: وأما خبر العير فإن أبا سفيان - وهو المسؤول عنها - كان على غاية من الحيطة والحذر ، فقد كان يعلم أن طريق مكة محفوف بالأخطار ، وحينئذ استأجر أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة ، وخرج ضمضم سريعاً حتى أتى مكة ، وحول رحله ، وشق قميصه ، اللطيمة ، الغوث الغوث . أهل مكة يتجهزون للغزو فتحفز الناس سراعاً ، وقالوا : أيظن محمد وأصحابه أن تكون كبير ابن الحضرمي ؟ كلا ، والله ليعلمن غير ذلك ، فكانوا بين رجلين ، إما خارج ، وإما باعث مكانه رجلاً ، وأوعبوا في الخروج ، فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب ، وحشدوا من حولهم من قبائل العرب ، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدي ، فلم يخرج منهم أحد . قوام الجيش المكي: وكان قوام هذا الجيش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل في بداية سيره ، وكان معه مائة فرس وستمائة درع ، وجمال كثيرة لا يعرف عددها بالضبط ، وكان قائده العام أبا جهل بن هشام ، وكان القائمون بتموينه تسعة رجال من أشراف قريش ، فكانوا ينحرون يوماً تسعاً ويوماً عشراً من الإبل . مشكلة قبائل بني بكر: ولما أجمع هذا الجيش على المسير ، ذكرت قريش ما كان بينها وبين بني بكر من العداوة والحرب ، فخافوا أن تضربهم هذه القبائل من الخلف ، فيكونوا بين نارين ، جيش مكة يتحرك كما قال الله : ﴿ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ، وأقبلوا كما قال رسول الله له - ( بحدهم وحديدهم ، يحادون الله ويحادون رسوله » ، وعلى حمية وغضب وحنق على رسول الله الله وأصحابه ، تحركوا بسرعة فائقة نحو الشمال في تجاه بدر ، وسلكوا في طريقهم وادي عسفان ، وهناك تلقوا رسالة جديدة من أبي سفيان يقول لهم فيها : إنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ورجالكم وأموالكم ، وقد نجاها الله فارجعوا . ولكنه لم يزل حذراً متيقظاً ، وضاعف حركاته الاستكشافية ، ولما اقترب من بدر تقدم غيره ، حتى لقي مجدي بن عمرو ، وسأله عن جيش المدينة ، فقال : ما رأيت أحداً أنكره ، إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ، ثم استقيا في شن لهما ، ففته ، فإذا فيه النوى ، فقال : هذه والله علائف يثرب ، فرجع إلى غيره سريعاً ، وضرب وجهها محولاً اتجاهها نحو الساحل غرباً ، تاركاً الطريق الرئيسي الذي يمر ببدر على اليسار وبهذا نجا بالقافلة من الوقوع في قبضة جيش المدينة ، وأرسل رسالته إلى جيش مكة التي تلقاها في الجحفة . هم الجيش المكي بالرجوع ووقوع الانشقاق فيه: ولما تلقى هذه الرسالة جيش مكة هم بالرجوع ، ولكن قام طاغية قريش أبو جهل في كبرياء وغطرسة قائلاً : والله لا نرجع حتى نرد بدراً ، فنقيم بها ثلاثاً فننحر الجزور ، ونطعم الطعام ، ونسقي الخمر ، وتعزف لنا القيان ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا ، فرجع هو وبنو زهرة وكان حليفاً لهم ورئيساً عليهم في هذا النفير - فلم يشهد بدراً زهري واحد ، فلم يزل فيهم مطاعاً معظماً . وأرادت بنو هاشم الرجوع ، فاشتد عليهم أبو جهل ، وقال : لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع . فسار جيش مكة وقوامه ألف مقاتل بعد رجوع بني زهرة - وهو يقصد بدرا - فواصل سيره حتى نزل قريباً من بدر ، حراجة موقف الجيش الإسلامي : أما استخبارات جيش المدينة فقد نقلت إلى رسول الله الله - وهو لا يزال في الطريق بوادي ذفران - خبر العير والنفير ، وتأكد لديه بعد التدبر في تلك الأخبار أنه لم يبق مجال للاجتناب عن لقاء دام ، وأنه لابد من إقدام بينى على الشجاعة والبسالة ، والجسارة ، فمما لا شك فيه أنه لو ترك جيش مكة يجوس خلال تلك المنطقة يكون ذلك تدعيماً لمكانة قريش العسكرية ، وامتداداً لسلطانها السياسي ، وإضعافاً لكلمة المسلمين وتوهيناً لها ، بل ربما تبقى الحركة الإسلامية بعد ذلك جسداً لا روح فيه ، ويجرؤ على الشر كل من فيه حقد أو غيظ على الإسلام في هذه المنطقة . وبعد هذا كله فهل يكون هناك أحد يضمن للمسلمين أن يمنع جيش مكة عن مواصلة سيره نحو المدينة ، حتى ينقل المعركة إلى أسوارها ، ويغزو المسلمين في عقر دارهم . كلا ، المجلس الاستشاري وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه ، وقادته . وحينئذ تزعزع قلوب فريق من الناس ، وخافوا اللقاء الدامي ، وهم الذين قال الله فيهم كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَرِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا نَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ) وأما قادة الجيش ؛ ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ، امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد الجالدنا معك من دونه حتى تبلغه . . فقال له رسول الله الله خيراً ودعا له به . وهم أقلية في الجيش ، ولأن ثقل المعركة سيدور على كواهلهم ، مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم ، فقال بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة : و أشيروا على أيها الناس ، وفطن إلى ذلك قائد الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ ، فقال : والله ، فصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته الخضناه معك ، وما نكره أن تلقى بنا عدوا غداً ، إنا لصبر في الحرب ، صدق في اللقاء ، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله . . وفي رواية أن سعد بن معاذ قال الرسول الله الله : لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم ، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم ، فاظعن حيث شئت ، وصل حبل من شئت ، واقطع حبل من نشت ، وخذ من أموالنا ما شئت ، وأعطنا ما شئت ، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت ، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك ، فسر رسول الله له بقول سعد ، ثم قال : سيروا وأبشروا ، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم . الجيش الإسلامي يواصل سيره ثم ارتحل رسول الله الله من ذفران ، وترك الحنان بيمين - وهو كثيب عظيم الأصل - ثم نزل قريباً من بدر . الرسول - - - يقوم بعملية الاستكشاف وهناك قام بنفسه بعملية الاستكشاف مع رفيقه في الغار أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فسأله رسول الله ﷺ عن قريش وعن محمد وأصحابه - سأل عن الجيشين زيادة في التكتم - ولكن الشيخ قال : لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما ؟ فقال له رسول الله الله : إذا أخبرتنا أخبرناك ، قال الشيخ : فإنه بلغني أن محمداً وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهو اليوم بمكان كذا وكذا - للمكان الذي به جيش المدينة - وبلغني أن قريشاً خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا - للمكان الذي به جيش مكة . ولما فرغ من خبره قال : ممن أنتما ؟ فقال له رسول الله الله نحن من ماء ، ثم انصرف عنه ، وبقي الشيخ يتفوه ، ما من ماء ؟ أمن ماء العراق ؟ الحصول على أهم المعلومات عن الجيش المكي: وفي مساء ذلك اليوم بعث استخباراته من جديد ، ليبحث عن أخبار العدو ، وقام لهذه العملية ثلاثة من قادة المهاجرين ؛ ذهبوا إلى ماء بدر ، فوجدوا غلامين يسقيان الجيش مكة ، وهو في الصلاة ، فاستخبرهما القوم ، فقالا : نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء ، فكره القوم ورجوا أن يكونا لأبي سفيان - لا تزال في نفوسهم بقايا أمل في الاستيلاء على القافلة - فضربوهما موجعاً ، حتى اضطر الغلامان أن يقولا : نحن لأبي سفيان ، فتركوهما . ولما فرغ رسول الله له عن الصلاة قال هم كالعاتب : إذا صدقاكم ضربته وهما وإذا كذباكم تركتموهما ، صدقا والله ، ثم خاطب الغلامين قائلاً : أخبراني عن قريش ، قالا : هم وراء هذا الكتيب الذي ترى بالعدوة القصوى ، فقال لهما : كم القوم ؟ قالا : كثير . قال : ما عدتهم ؟ قالا : لا ندري ، قال : كم ينحرون كل يوم ؟ قالا : يوماً تسعاً ويوماً عشراً ، فقال رسول الله الله : القوم فيما بين التسعمائة إلى الألف ، وحكيم بن حزام ، ونوفل بن خويلد ، والحارث بن عامر ، وطعيمة بن عدي ، فقال : هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها . نزول المطر وأنزل الله عز وجل في تلك الليلة مطراً واحداً ، وأذهب عنهم رجس الشيطان ، ووطأ به الأرض ، وصلب به الرمل ، وثبت الأقدام ، ومهد به المنزل ، وتحرك رسول الله الله بجيشه ، ليسبق المشركين إلى ماء بدر ، ويحول بينهم وبين الاستيلاء عليه ، فنزل عشاء أدنى ماء من مياه بدر ، وهنا قام الحباب بن المنذر كخبير عسكري وقال : يا رسول الله ، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة ، قال : يا رسول الله ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم - قريش - فننزله ونغور - أي تخرب - ما وراءه من القلب ، ثم نبني عليه حوضاً ، فنملأه ماء ، ثم نقاتل القوم ، فنشرب ولا يشربون ، فقال رسول الله الله : لقد أشرت بالرأي . فنهض رسول الله الله بالجيش ، حتى أتى أقرب ماء من العدو ، فنزل عليه شطر الليل ، ثم صنعوا الحياض ، مقر القيادة وبعد أن تم نزول المسلمين على الماء اقترح سعد بن معاذ على رسول الله الله أن يبني المسلمون مقراً لقيادته ، حيث قال : و يا نبي الله ألا نبني لك عريشاً تكون فيه ، ونعد عندك ركائبك ، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا ، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك ، فلحقت بمن وراءنا من قومنا ، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حباً منهم ، ولو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك ، يمنعك الله بهم ، ينا صحونك ، وبنى المسلمون عريشاً على تلك مرتفع يقع في الشمال الشرقي لميدان القتال ، ويشرف على ساحة المعركة . كما تم انتخاب فرقة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن معاذ ، يحرسون رسول الله ﷺحول مقر قيادته تعبئة الجيش وقضاء الليل: ثم عباً رسول الله ﷺ جيشه (۱) ، ومشى في موضع المعركة ، وجعل يشير بيده : هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله ، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله (۲) ، ثم بات رسول الله ﷺ يصلي إلى جذع شجرة هنالك ، وبات المسلمون ليلهم هادىء الأنفاس منير الآفاق ، غمرت الثقة قلوبهم ، وأخذوا من الراحة قسطهم ، يأملون أن يروا بشائر ربهم بعيونهم صباحاً وإذ يُغَشِّيكُمُ النَّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ، الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ) (۸: ۱۱ ) . كانت هذه الليلة ليلة الجمعة ، السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة ، الجيش المكي في عرصة القتال ووقوع الانشقاق فيه: أما قريش ؛ فقضت ليلتها هذه في معسكرها بالعدوة القصوى ، ولما أصبحت أقبلت في كتائبها ، ونزلت من الكثيب إلى وادي بدر ، وأقبل نفر منهم إلى حوض رسول الله الله ، فقال : دعوهم ، فما شرب أحد منهم يؤمئذ إلا قتل ، سوى حكيم بن حزام ، فإنه لم يقتل ، وأسلم بعد ذلك ، وحسن إسلامه ، وكان إذا اجتهد في اليمين قال : لا والذي نجاني من يوم بدر ، فلما اطمأنت قريش بعث عمير بن وهب الجمحي ؛ للتعرف على مدى قوة جيش المدينة ، فدار عمير بفرسه حول العسكر ، يزيدون قليلاً أو ينقصون ، ولكن أمهلوني حتى أنظر اللقوم كمين أو مدد ؟ فضرب في الوادي حتى أبعد ، فلم ير شيئاً ، فرجع إليهم فقال : ما وجدت شيئاً ، ولكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا ، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع ، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم ، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم ، وحينئذ قامت معارضة أخرى ضد أبي جهل - المصمم على المعركة - تدعو إلى العودة بالجيش إلى مكة دونما قتال ، فقد مشى حكيم بن حزام في الناس ، وسيدها والمطاع فيها ، فهل لك إلى خير تذكر به إلى آخر الدهر ؟ قال : وما ذاك يا حكيم ؟ قال : ترجع بالناس ، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية نخلة - فقال عتبة : قد فعلت ، أنت ضامن على بذلك ، إنما هو حليفي فعلي عقله ديته وما أصيب من ماله . ثم قال عتبة الحكيم بن حزام : فأت ابن الحنظلية - أبا جهل ، والحنظلية أمه - فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره . والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر إلى وجه رجل يكره النظر إليه ، فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب ، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم ، وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون . وانطلق حكيم بن حزام إلى أبي جهل - وهو يهيئ درعاً له - قال يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني بكذا وكذا ، فقال أبو جهل : انتفخ والله سحره حين رأى محمداً وأصحابه ، كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد ، ولكنه رأى أن محمداً وأصحابه أكلة جزور ، وفيهم ابنه - وهو أبو حذيفة بن عتبة كان قد أسلم قديماً وهاجر - فتخوفكم عليه . ولما بلغ عتبة قول أبي جهل : ( انتفخ والله سحره ) ، قال عتبة : سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره ، أنا أم هو ؟ وتعجل أبو جهل مخافة أن تقوى هذه المعارضة . فبعث على إثر هذه المحاورة إلى عامر بن الحضرمي - أخي عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية عبد الله بن جحش - فقال : هذا حليفك ( أي عتبة ( يريد أن يرجع بالناس ، وقد رأيت ثأرك بعينك ، فقم فانشد خفرتك ، فقام عامر ، فكشف عن استه ، وصرخ : واعمراه ، واعمراه فحمي القوم ، وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة . وهكذا تغلب الطيش على الحكمة ، وذهبت هذه المعارضة دون جدوى . الجيشان يتراءان تحادك وتكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ، اللهم أحنهم الغداة ) . وقد قال رسول الله الله - ورأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر - إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر ، إن يطيعوه يرشدوا . وبينما هو يعدلها وقع أمر عجيب ، وكان سواد بن غزية مستنصلاً من الصف ، فطعن في بطنه بالقدح وقال : ه استو يا سواد ) ، فقال سواد : يا رسول الله أوجعتني فأقدني ، فكشف عن بطنه ، وقال : استقد ) ، فقال : و ما حملك على هذا يا سواد ، ؟ قال : يا رسول الله قد حضر ما ترى ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك . ولما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه بأن لا يبدأوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر الأخيرة ، ثم أدلى إليهم بتوجيه خاص في أمر الحرب فقال : ( إذا أكتبوكم - يعني كثروكم - فارموهم ، واستبقوا نبلكم (۱) ، ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم (٢) ، أما المشركون فقد استفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال : اللهم أقطعنا للرحم ، وآتانا بما لا نعرفه ، فأحنه الغداة ، اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم ، وفي ذلك أنزل الله وإِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَ كُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِن تَعُودُوا نَعْدٌ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( ۸ : ١٩ ) . ساعة الصفر وأول وقود المعركة وكان أول وقود المعركة الأسود بن عبد الأسد المخزومي - وكان رجلاً شرساً سيء الخلق . خرج قائلاً : أعاهد الله لأشربن من حوضهم ، أو لأموتن دونه . فلما التقيا ضربه حمزة ، فأطن قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض ، فوقع على ظهره تشخب رجله دماً نحو أصحابه ،


Original text

غزوة بدر الكبرى


أول معركة من معارك الإسلام الفاصلة


سبب الغزوة


قد أسلفنا في ذكر غزوة العشيرة أن عيراً لقريش أفلتت من النبي الله في ذهابها من مكة إلى الشام ، ولما قرب رجوعها من الشام إلى مكة بعث رسول الله الله طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى الشمال ، ليقوما باكتشاف خبرها ، فوصلا إلى الحوراء ، ومكثا حتى مر بهما أبو سفيان بالعير ، فأسرعا إلى المدينة ، وأخبرا رسول الله الله بالخبر .


كانت العير مركبة من ثروات طائلة من أهل مكة ، ألف بعير موقرة بالأموال ، لا تقل عن خمسين ألف دينار ذهبي ، ولم يكن معها من الحرس إلا نحو أربعين رجلاً .


إنها فرصة ذهبية لعسكر المدينة ، وضربة عسكرية وسياسية واقتصادية قاصمة ضد المشركين لو أنهم فقدوا هذه الثروة الطائلة ، لذلك أعلن رسول الله الله في المسلمين قائلاً : هذه عير قريش فيها أموالهم ، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها .


ولم يعزم على أحد بالخروج ، بل ترك الأمر للرغبة المطلقة ، لما أنه لم يكن يتوقع عند هذا الانتداب أنه سيصطدم بجيش مكة - بدل العير - هذا الاصطدام العنيف في بدر ، ولذلك تخلف كثير من الصحابة في المدينة ، وهم يحسبون أن مضي رسول الله الله في هذا الوجه لن يعدو ما ألفوه في السرايا الماضية ، ولذلك لم ينكر على أحد تخلفه في هذه الغزوة .


مبلغ قوة الجيش الإسلامي وتوزيع القيادات


واستعد رسول الله الله للخروج ومعه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً (٣١٣) ، أو ٣١٤ ، ۳۱۷ رجلاً ) ، ۸۲ أو ۸۳ أو ٨٦ من المهاجرين ، و ٦١ من الأوس و ۱۷۰ من الخزرج . ولم
[١١/‏١٢, ١١:٤٥ م] ♡α☇: يحتفلوا لهذا الخروج احتفالاً بليغاً ، ولا اتخذوا أهبتهم كاملة ، فلم يكن معهم إلا فرسان ، فرس للزبير بن العوام ، وفرس للمقداد بن الأسود الكندي ، وكان معهم سبعون بعيراً ليعتقب الرجلان والثلاثة على بعير واحد ، وكان رسول الله الله وعلى ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيراً واحداً .


واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم ، فلما كان بالروحاء رد أبا لبابة بن عبد المنذز ، واستعمله على المدينة .


ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري ، وكان هذا اللواء أبيض .


وقسم جيشه إلى كتيبتين :


1 - كتيبة المهاجرين ، وأعطى علمها علي بن أبي طالب .


٢ - كتيبة الأنصار ، وأعطى علمها سعد بن معاذ .


وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام ، وعلى الميسرة المقداد بن عمرو - وكانا هما الفارسين الوحيدين في الجيش كما أسلفنا - وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة ، وظلت القيادة العامة في يده الله كقائد أعلى للجيش .


الجيش الإسلامي يتحرك نحو بدر:


سار رسول الله الله في هذا الجيش غير المتأهب ، فخرج من نقب المدينة ، ومضى على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مكة ، حتى بلغ بئر الروحاء ولما ارتحل منها ، ترك طريق مكة بيسار ، وانحرف ذات اليمين على النازية ( يريد بدراً ) ، فسلك في ناحية منها ، حتى جزع وادياً يقال له رحقان ، بين النازية وبين مضيق الصفراء ، ثم مر على المضيق ، ثم انصب منه حتى قرب من الصفراء ، وهنالك بعث بسبس بن عمر و الجهني وعدي بن أبي الزغباء الجهني إلى بدر يتجسسان


له أخبار العير .


النذير في مكة:


وأما خبر العير فإن أبا سفيان - وهو المسؤول عنها - كان على غاية من الحيطة والحذر ، فقد كان يعلم أن طريق مكة محفوف بالأخطار ، وكان يتحسس الأخبار ، ويسأل من لقي من الركبان ، ولم يلبث أن نقلت إليه استخباراته بأن محمدا - - قد استنفر أصحابه ليوقع بالعير ، وحينئذ استأجر أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة ، مستصرخاً لقريش بالنفير إلى غيرهم ، ليمنعوه من محمد - ل - وأصحابه ، وخرج ضمضم سريعاً حتى أتى مكة ، فصرخ ببطن الوادي واقفاً على بعيره ، وقد جدع أنفه ، وحول رحله ، وشق قميصه ، وهو يقول : يا معشر قريش ، اللطيمة ، اللطيمة ، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه ، لا أرى أن تدركوها ، الغوث الغوث .


أهل مكة يتجهزون للغزو


فتحفز الناس سراعاً ، وقالوا : أيظن محمد وأصحابه أن تكون كبير ابن الحضرمي ؟ كلا ، والله ليعلمن غير ذلك ، فكانوا بين رجلين ، إما خارج ، وإما باعث مكانه رجلاً ، وأوعبوا في الخروج ، فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب ، فإنه عوض عنه رجلاً كان له عليه دين ، وحشدوا من حولهم من قبائل العرب ، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدي ، فلم يخرج منهم أحد .


قوام الجيش المكي:


وكان قوام هذا الجيش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل في بداية سيره ، وكان معه مائة فرس وستمائة درع ، وجمال كثيرة لا يعرف عددها بالضبط ، وكان قائده العام أبا جهل بن هشام ، وكان القائمون بتموينه تسعة رجال من أشراف قريش ، فكانوا ينحرون يوماً تسعاً ويوماً عشراً من الإبل .


مشكلة قبائل بني بكر:


ولما أجمع هذا الجيش على المسير ، ذكرت قريش ما كان بينها وبين بني بكر من العداوة والحرب ، فخافوا أن تضربهم هذه القبائل من الخلف ، فيكونوا بين نارين ، فكاد ذلك يثنيهم ، ولكن حينئذ تبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي - سيد بني كنانة - فقال لهم : أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه .


جيش مكة يتحرك


وحينئذ خرجوا من ديارهم ، كما قال الله : ﴿ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ، وأقبلوا كما قال رسول الله له - ( بحدهم وحديدهم ، يحادون الله ويحادون رسوله » ، وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ، وعلى حمية وغضب وحنق على رسول الله الله وأصحابه ، لاجتراء هؤلاء على قوافلهم .


تحركوا بسرعة فائقة نحو الشمال في تجاه بدر ، وسلكوا في طريقهم وادي عسفان ، ثم قديد ، ثم الجحفة ، وهناك تلقوا رسالة جديدة من أبي سفيان يقول لهم فيها : إنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ورجالكم وأموالكم ، وقد نجاها الله فارجعوا .


العير تفلت


وكان من قصة أبي سفيان أنه كان يسير على الطريق الرئيسي ، ولكنه لم يزل حذراً متيقظاً ، وضاعف حركاته الاستكشافية ، ولما اقترب من بدر تقدم غيره ، حتى لقي مجدي بن عمرو ، وسأله عن جيش المدينة ، فقال : ما رأيت أحداً أنكره ، إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ، ثم استقيا في شن لهما ، ثم انطلقا ، فبادر أبو سفيان إلى مناخهما ، فأخذ من أبعار بعيرهما ، ففته ، فإذا فيه النوى ، فقال : هذه والله علائف يثرب ، فرجع إلى غيره سريعاً ، وضرب وجهها محولاً اتجاهها نحو الساحل غرباً ، تاركاً الطريق الرئيسي الذي يمر ببدر على اليسار وبهذا نجا بالقافلة من الوقوع في قبضة جيش المدينة ، وأرسل رسالته إلى جيش مكة التي تلقاها في الجحفة .


هم الجيش المكي بالرجوع ووقوع الانشقاق فيه:


ولما تلقى هذه الرسالة جيش مكة هم بالرجوع ، ولكن قام طاغية قريش أبو جهل في كبرياء وغطرسة قائلاً : والله لا نرجع حتى نرد بدراً ، فنقيم بها ثلاثاً فننحر الجزور ، ونطعم الطعام ، ونسقي الخمر ، وتعزف لنا القيان ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا ، فلا يزالون يهابوننا أبداً .


ولكن على رغم أبي جهل أشار الأخنس بن شريق بالرجوع فعصوه ، فرجع هو وبنو زهرة وكان حليفاً لهم ورئيساً عليهم في هذا النفير - فلم يشهد بدراً زهري واحد ، وكانوا حوالي ثلاثمائة رجل ، واغتبطت بنو زهرة بعد برأي الأخنس بن شريق ، فلم يزل فيهم مطاعاً معظماً .


وأرادت بنو هاشم الرجوع ، فاشتد عليهم أبو جهل ، وقال : لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع .


فسار جيش مكة وقوامه ألف مقاتل بعد رجوع بني زهرة - وهو يقصد بدرا - فواصل سيره حتى نزل قريباً من بدر ، وراء كثيب يقع بالعدوة القصوى على حدود وادي بدر .


حراجة موقف الجيش الإسلامي :


أما استخبارات جيش المدينة فقد نقلت إلى رسول الله الله - وهو لا يزال في الطريق بوادي ذفران - خبر العير والنفير ، وتأكد لديه بعد التدبر في تلك الأخبار أنه لم يبق مجال للاجتناب عن لقاء دام ، وأنه لابد من إقدام بينى على الشجاعة والبسالة ، والجراءة ، والجسارة ، فمما لا شك فيه أنه لو ترك جيش مكة يجوس خلال تلك المنطقة يكون ذلك تدعيماً لمكانة قريش العسكرية ، وامتداداً لسلطانها السياسي ، وإضعافاً لكلمة المسلمين وتوهيناً لها ، بل ربما تبقى الحركة الإسلامية بعد ذلك جسداً لا روح فيه ، ويجرؤ على الشر كل من فيه حقد أو غيظ على الإسلام في هذه المنطقة .


وبعد هذا كله فهل يكون هناك أحد يضمن للمسلمين أن يمنع جيش مكة عن مواصلة سيره نحو المدينة ، حتى ينقل المعركة إلى أسوارها ، ويغزو المسلمين في عقر دارهم . كلا ، فلو حدث من جيش المدينة نكول ما لكان له أسوأ الأثر على هيئة المسلمين وسمعتهم .


المجلس الاستشاري


ونظراً إلى هذا التطور الخطير المفاجىء عقد رسول الله ﷺ مجلساً عسكرياً استشارياً أعلى ، أشار فيه إلى الوضع الراهن ، وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه ، وقادته . وحينئذ تزعزع قلوب فريق من الناس ، وخافوا اللقاء الدامي ، وهم الذين قال الله فيهم كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَرِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا نَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ) وأما قادة الجيش ؛ فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن ،
ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو فقال : ( يا رسول الله ، امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد الجالدنا معك من دونه حتى تبلغه . .
فقال له رسول الله الله خيراً ودعا له به .


وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين ، وهم أقلية في الجيش ، فأحب رسول الله ﷺ أن يعرف رأي قادة الأنصار ، لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش ، ولأن ثقل المعركة سيدور على كواهلهم ، مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم ، فقال بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة : و أشيروا على أيها الناس ، وإنما يريد الأنصار ، وفطن إلى ذلك قائد الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ ، فقال :


والله ، لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟


قال : أجل .


قال : « فقد امنا بك ، فصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته الخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدوا غداً ، إنا لصبر في الحرب ، صدق في اللقاء ، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله . .


وفي رواية أن سعد بن معاذ قال الرسول الله الله : لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم ، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم ، فاظعن حيث شئت ، وصل حبل من شئت ، واقطع حبل من نشت ، وخذ من أموالنا ما شئت ، وأعطنا ما شئت ، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت ، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك ، فو الله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان النسيرن معك ، ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته الخضناه معك .


فسر رسول الله له بقول سعد ، ونشطه ذلك ، ثم قال : سيروا وأبشروا ، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم .


الجيش الإسلامي يواصل سيره


ثم ارتحل رسول الله الله من ذفران ، فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر ، ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدية ، وترك الحنان بيمين - وهو كثيب عظيم الأصل - ثم نزل قريباً من بدر ..


الرسول - - - يقوم بعملية الاستكشاف


وهناك قام بنفسه بعملية الاستكشاف مع رفيقه في الغار أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وبينما هما يتجولان حول معسكر مكة إذا هما بشيخ من العرب ، فسأله رسول الله ﷺ عن قريش وعن محمد وأصحابه - سأل عن الجيشين زيادة في التكتم - ولكن الشيخ قال : لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما ؟ فقال له رسول الله الله : إذا أخبرتنا أخبرناك ، قال : أو ذاك بذلك ؟


قال : نعم .


قال الشيخ : فإنه بلغني أن محمداً وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهو اليوم بمكان كذا وكذا - للمكان الذي به جيش المدينة - وبلغني أن قريشاً خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا - للمكان الذي به جيش مكة .


ولما فرغ من خبره قال : ممن أنتما ؟ فقال له رسول الله الله نحن من ماء ، ثم انصرف عنه ، وبقي الشيخ يتفوه ، ما من ماء ؟ أمن ماء العراق ؟


الحصول على أهم المعلومات عن الجيش المكي:


وفي مساء ذلك اليوم بعث استخباراته من جديد ، ليبحث عن أخبار العدو ، وقام لهذه العملية ثلاثة من قادة المهاجرين ؛ علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه ، ذهبوا إلى ماء بدر ، فوجدوا غلامين يسقيان الجيش مكة ، فألقوا عليهما القبض وجاءوا بهما إلى الرسول الله ، وهو في الصلاة ، فاستخبرهما القوم ، فقالا : نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء ، فكره القوم ورجوا أن يكونا لأبي سفيان - لا تزال في نفوسهم بقايا أمل في الاستيلاء على القافلة - فضربوهما موجعاً ، حتى اضطر الغلامان أن يقولا : نحن لأبي سفيان ، فتركوهما .
ولما فرغ رسول الله له عن الصلاة قال هم كالعاتب : إذا صدقاكم ضربته وهما وإذا كذباكم تركتموهما ، صدقا والله ، إنهما لقريش .


ثم خاطب الغلامين قائلاً : أخبراني عن قريش ، قالا : هم وراء هذا الكتيب الذي ترى بالعدوة القصوى ، فقال لهما : كم القوم ؟ قالا : كثير . قال : ما عدتهم ؟ قالا : لا ندري ،


قال : كم ينحرون كل يوم ؟ قالا : يوماً تسعاً ويوماً عشراً ، فقال رسول الله الله : القوم فيما بين


التسعمائة إلى الألف ، ثم قال لهما : فمن فيهم من أشراف قريش ؟ قالا : عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو البختري بن هشام ، وحكيم بن حزام ، ونوفل بن خويلد ، والحارث بن عامر ، وطعيمة بن عدي ، والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود ، وأبو جهل بن هشام ، وأمية بن خلف في رجال سمياهم .


فأقبل رسول الله له على الناس ، فقال : هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها .


نزول المطر


وأنزل الله عز وجل في تلك الليلة مطراً واحداً ، فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم ، وكان على المسلمين طلا طهرهم به ، وأذهب عنهم رجس الشيطان ، ووطأ به الأرض ، وصلب به الرمل ، وثبت الأقدام ، ومهد به المنزل ، وربط به على قلوبهم .


الجيش الإسلامي يسبق إلى أهم المراكز العسكرية


وتحرك رسول الله الله بجيشه ، ليسبق المشركين إلى ماء بدر ، ويحول بينهم وبين الاستيلاء عليه ، فنزل عشاء أدنى ماء من مياه بدر ، وهنا قام الحباب بن المنذر كخبير عسكري وقال : يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلاً أنزلكه الله ، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة ، قال : يا رسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم - قريش - فننزله ونغور - أي تخرب - ما وراءه من القلب ، ثم نبني عليه حوضاً ، فنملأه ماء ، ثم نقاتل القوم ، فنشرب ولا يشربون ، فقال رسول الله الله : لقد أشرت بالرأي .


فنهض رسول الله الله بالجيش ، حتى أتى أقرب ماء من العدو ، فنزل عليه شطر الليل ، ثم صنعوا الحياض ، وغوروا ما عداها من القلب


مقر القيادة
وبعد أن تم نزول المسلمين على الماء اقترح سعد بن معاذ على رسول الله الله أن يبني المسلمون مقراً لقيادته ، استعداداً للطوارىء ، وتقديراً للهزيمة قبل النصر ، حيث قال : و يا نبي الله ألا نبني لك عريشاً تكون فيه ، ونعد عندك ركائبك ، ثم تلقى عدونا ، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا ، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك ، فلحقت بمن وراءنا من قومنا ، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حباً منهم ، ولو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك ، يمنعك الله بهم ، ينا صحونك ، ويجاهدون معك ) .


فأثنى عليه رسول الله الله خيراً ، ودعا له بخير ، وبنى المسلمون عريشاً على تلك مرتفع يقع


في الشمال الشرقي لميدان القتال ، ويشرف على ساحة المعركة .


كما تم انتخاب فرقة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن معاذ ، يحرسون رسول الله ﷺحول مقر قيادته


تعبئة الجيش وقضاء الليل:


ثم عباً رسول الله ﷺ جيشه (۱) ، ومشى في موضع المعركة ، وجعل يشير بيده : هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله ، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله (۲) ، ثم بات رسول الله ﷺ يصلي إلى جذع شجرة هنالك ، وبات المسلمون ليلهم هادىء الأنفاس منير الآفاق ، غمرت الثقة قلوبهم ، وأخذوا من الراحة قسطهم ، يأملون أن يروا بشائر ربهم بعيونهم صباحاً وإذ يُغَشِّيكُمُ النَّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ، وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ


الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ) (۸: ۱۱ ) .


كانت هذه الليلة ليلة الجمعة ، السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة ، وكان خروجه في ۸ أو ۱۲ من نفس الشهر .


الجيش المكي في عرصة القتال ووقوع الانشقاق فيه:
أما قريش ؛ فقضت ليلتها هذه في معسكرها بالعدوة القصوى ، ولما أصبحت أقبلت في كتائبها ، ونزلت من الكثيب إلى وادي بدر ، وأقبل نفر منهم إلى حوض رسول الله الله ، فقال : دعوهم ، فما شرب أحد منهم يؤمئذ إلا قتل ، سوى حكيم بن حزام ، فإنه لم يقتل ، وأسلم بعد ذلك ، وحسن إسلامه ، وكان إذا اجتهد في اليمين قال : لا والذي نجاني من يوم بدر ، فلما اطمأنت قريش بعث عمير بن وهب الجمحي ؛ للتعرف على مدى قوة جيش المدينة ، فدار عمير بفرسه حول العسكر ، ثم رجع إليهم فقال : ثلاثمائة رجل ، يزيدون قليلاً أو ينقصون ، ولكن أمهلوني حتى أنظر اللقوم كمين أو مدد ؟ فضرب في الوادي حتى أبعد ، فلم ير شيئاً ، فرجع إليهم فقال : ما وجدت شيئاً ، ولكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا ، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع ، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم ، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم ، فإذا أصابوا منكم أعداد كم ، فما خير العيش بعد ذلك ، فروا رأيكم .


وحينئذ قامت معارضة أخرى ضد أبي جهل - المصمم على المعركة - تدعو إلى العودة بالجيش إلى مكة دونما قتال ، فقد مشى حكيم بن حزام في الناس ، وأتى عتبة بن ربيعة فقال : يا أبا الوليد إنك كبير قريش ، وسيدها والمطاع فيها ، فهل لك إلى خير تذكر به إلى آخر الدهر ؟ قال : وما ذاك يا حكيم ؟ قال : ترجع بالناس ، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية نخلة - فقال عتبة : قد فعلت ، أنت ضامن على بذلك ، إنما هو حليفي فعلي عقله ديته وما أصيب من ماله .


ثم قال عتبة الحكيم بن حزام : فأت ابن الحنظلية - أبا جهل ، والحنظلية أمه - فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره .


ثم قام عتبة بن ربيعة خطيباً فقال : يا معشر قريش ، إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمداً وأصحابه شيئاً ، والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر إلى وجه رجل يكره النظر إليه ، قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلاً من عشيرته ، فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب ، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم ، وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون .
وانطلق حكيم بن حزام إلى أبي جهل - وهو يهيئ درعاً له - قال يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني بكذا وكذا ، فقال أبو جهل : انتفخ والله سحره حين رأى محمداً وأصحابه ، كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد ، وما بعتبة ما قال ، ولكنه رأى أن محمداً وأصحابه أكلة جزور ، وفيهم ابنه - وهو أبو حذيفة بن عتبة كان قد أسلم قديماً وهاجر - فتخوفكم عليه .


ولما بلغ عتبة قول أبي جهل : ( انتفخ والله سحره ) ، قال عتبة : سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره ، أنا أم هو ؟ وتعجل أبو جهل مخافة أن تقوى هذه المعارضة . فبعث على إثر هذه المحاورة إلى عامر بن الحضرمي - أخي عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية عبد الله بن جحش - فقال : هذا حليفك ( أي عتبة ( يريد أن يرجع بالناس ، وقد رأيت ثأرك بعينك ، فقم فانشد خفرتك ، ومقتل أخيك ، فقام عامر ، فكشف عن استه ، وصرخ : واعمراه ، واعمراه فحمي القوم ، وحقب أمرهم ، واستوثقوا على ما هم عليه من الشر ، وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة . وهكذا تغلب الطيش على الحكمة ، وذهبت هذه المعارضة دون جدوى .


الجيشان يتراءان


ولما طلع المشركون ، وترأى الجمعان قال رسول الله الله : ( اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلاتها وفخرها ، تحادك وتكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ، اللهم أحنهم الغداة ) . وقد قال رسول الله الله - ورأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر - إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر ، إن يطيعوه يرشدوا .


وعدل رسول الله عله صفوف المسلمين ، وبينما هو يعدلها وقع أمر عجيب ، فقد كان في يده قدح يعدل به ، وكان سواد بن غزية مستنصلاً من الصف ، فطعن في بطنه بالقدح وقال : ه استو يا سواد ) ، فقال سواد : يا رسول الله أوجعتني فأقدني ، فكشف عن بطنه ، وقال : استقد ) ، فاعتنقه سواد وقبل بطنه ، فقال : و ما حملك على هذا يا سواد ، ؟ قال : يا رسول الله قد حضر ما ترى ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك . فدعاء له رسول الله الله بخير .
ولما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه بأن لا يبدأوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر الأخيرة ، ثم أدلى إليهم بتوجيه خاص في أمر الحرب فقال : ( إذا أكتبوكم - يعني كثروكم - فارموهم ، واستبقوا نبلكم (۱) ، ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم (٢) ، ثم رجع إلى العريش هو وأبو بكر خاصة ، وقام سعد بن معاذ بكتيبة الحراسة على باب العريش .
أما المشركون فقد استفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال : اللهم أقطعنا للرحم ، وآتانا بما لا نعرفه ، فأحنه الغداة ، اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم ، وفي ذلك أنزل الله وإِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَ كُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِن تَعُودُوا نَعْدٌ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( ۸ : ١٩ ) .


ساعة الصفر وأول وقود المعركة


وكان أول وقود المعركة الأسود بن عبد الأسد المخزومي - وكان رجلاً شرساً سيء الخلق . خرج قائلاً : أعاهد الله لأشربن من حوضهم ، أو لأهدمنه ، أو لأموتن دونه . فلما خرج إليه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، فلما التقيا ضربه حمزة ، فأطن قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض ، فوقع على ظهره تشخب رجله دماً نحو أصحابه ، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه ، يريد أن تبر يمينه ، ولكن حمزة ثنى عليه بضربة أخرى أنت عليه وهو داخل الحوض .


المبارزة
وكان هذا أول قتل أشعل نار المعركة ، فقد خرج بعده ثلاثة من خيرة فرسان قريش كانوا من عائلة واحدة ، وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة ، فلما انفصلوا من الصف طلبوا المبارزة ، فخرج إليهم ثلاثة من شباب الأنصار ، عوف ومعوذ ابنا الحارث - وأمهما عفراء - وعبد الله بن رواحة ، فقالوا : من أنتم ؟ قالوا : رهط من الأنصار . قالوا : أكفاء كرام ، ما لنا بكم حاجة ، وإنما نريد بني عمنا ، ثم نادى مناديهم : يا محمد ، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا ، فقال رسول الله ﷺ : ( قم يا عبيدة بن الحارث ، وقم يا حمزة ، وقم يا علي ، ، فلما قاموا ودنوا منهم ، قالوا : من أنتم ؟ فأخبروهم ، فقالوا : أنتم أكفاء كرام ، فبارز عبيدة - وكان أسن القوم - عتبة بن ربيعة ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز على الوليد (1) ، فأما حمزة وعلي فلم يمهلا قرنيهما أن قتلاهما ، وأما عبيدة فاختلف بينه وبين قرنه ضربتان ، فأثخن كل واحد منهما صاحبه ، ثم كر علي وحمزة على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة ، وقد قطعت رجله ؛ فلم يزل صمتاً حتى مات بالصفراء بعد أربعة أو خمسة أيام من وقعة بدر ، حينما كان المسلمون في طريقهم إلى المدينة .


وكان علي يقسم بالله أن هذه الآية نزلت فيهم هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ﴾ الآية .


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

لقد حقق قسم بحو...

لقد حقق قسم بحوث المقننات المائية والري الحقلي إنجازات متعددة تعزز كفاءة استخدام المياه وتدعم التنمي...

1. قوة عمليات ا...

1. قوة عمليات الاندماج والاستحواذ المالية في المشهد الديناميكي للأعمال الحديثة، ظهرت عمليات الاندماج...

اﻷول: اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ...

اﻷول: اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﺗﻤﮭﯿﺪﯾﺔ ﻣﻘﺪﻣﮫ ﺳﻨﻀﻊ اﻟﻤﺒﺤﺚ ھﺬا ﻓﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻣﻦ واﻟﺘﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ذﻟﺒﻌﺾ ھﺎﻌﻠﻮم ﻔﺎت ...

الوصول إلى المح...

الوصول إلى المحتوى والموارد التعليمية: تشكل منصات وسائل التواصل الاجتماعي بوابة للدخول إلى المحتوى ...

ـ أعداد التقاري...

ـ أعداد التقارير الخاصه بالمبيعات و المصاريف والتخفيضات و تسجيل الايرادات و المشتريات لنقاط البيع...

وهي من أهم مستح...

وهي من أهم مستحدثات تقنيات التعليم التي واكبت التعليم الإلكتروني ، والتعليم عن والوسائط المتعدد Mult...

كشفت مصادر أمني...

كشفت مصادر أمنية مطلعة، اليوم الخميس، عن قيام ميليشيا الحوثي الإرهابية بتشديد الإجراءات الأمنية والر...

أولاً، حول إشعي...

أولاً، حول إشعياء ٧:١٤: تقول الآية: > "ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا، وتدعو اسمه عمانوئيل" (إشعياء...

يفهم الجبائي ال...

يفهم الجبائي النظم بأنّه: الطريقة العامة للكتابة في جنس من الأجناس الأدبية كالشعر والخطابة مثلاً، فط...

أعلن جماعة الحو...

أعلن جماعة الحوثي في اليمن، اليوم الخميس، عن استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع...

اهتم عدد كبير م...

اهتم عدد كبير من المفكرين والباحثين في الشرق والغرب بالدعوة إلى إثراء علم الاجتماع وميادينه، واستخدا...

وبهذا يمكن القو...

وبهذا يمكن القول في هذه المقدمة إن مصطلح "الخطاب" يعدُّ مصطلحًا ذا جذور عميقة في الدراسات الأدبية، ح...