Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (Using the clustering technique)

- الفصل الثاني : حق رئيس الجمهورية في استعمال الاوامر : اتجهت الكثير من دول العالم وفي ظل عدم استطاعة البرلمان تفعيل اختصاصاته احيانا الى منح رئيس الجمهورية صالحية التشريع في المجال المخصص للبرلمان عن طريق ما يسمى بالاوامر ، وفي هذا ذهبت دساتير الجزائر و تعديلاتها الى غاية 2020 ، مع تطور إجراءات سنها والتشديد عليها ، وبالرغم من هذا الا ان المؤسس الدستوري ترك الكثير من الثغرات ليترك المجال واسعا امام الفقه الدستوري للتأويل سواءا من ناحية اصدرها أو طبيعتها او حول خضوعها للرقابة من طرف المحكمة الدستورية . المبحث الاول : استعمال الاوامر في الظروف العادية : - الاطار القانوني للاوامر في التشريع الجزائري : من أجل ضمان استمرارية صدور التشريع ، منح المؤسس الدستوري لرئيس الجمهورية صلاحيات عديدة نظرا لمركزه الممتاز في الدولة ، فأقر له حق التدخل في مجال السلطة التشريعية أثناء غيابها وفي بعض الحالات حتى اثناء انعقادها بإصدار بما يسمى أوامر في مجال اختصاصها نظرا للوضع القائم بسبب حالة الشغور أو العطلة البرلمانية أو عدم إمكانية المصادقة على قوانين المالية ، - مجال اصدار الاوامر : أقر التعديل الدستوري الجزائري لسنة 2020 على إمكانية رئيس جمهورية أن يحل محل البرلمان بالتشريع في مجال اختصاصه دون تفويض منه مثلما ذهبت بعض التشريعات المقارنة ، حيث نجد أساس هذا الاختصاص بنصوص الدستور ، ونص هذا الاخير على إمكانية رئيس الجمهورية أن يصدر أوامر في المجال المخصص للبرلمان أثناء غيابه أو حتى اثناء انعقاده . - حالات اصدار الاوامر في غياب البرلمان : يفترض في مرفق السلطة التشريعية أنه دائم الانعقاد من أجل الحفاظ على خاصية سيرورة الدولة، ذلك أن هذه الاخيرة مجالاتها متعددة وتحتاج النصوص القانونية في كل حين سواءا كانت جديدة أو تحيينية ، الا أن المجلس الشعبي الوطني قد يطاله الشغور لسبب من الاسباب أو قد يكون في عطلة ، لذلك ال يمكن للدولة أن تترك دون تشريع ، فأقر المؤسس الدستوري بموجب المادة 142 من الدستور لرئيس الجمهورية حق الحلول مكان البرلمان في هذه الحالات ويصدر في مجال اختصاصه أوامر ، هذا الاختصاص الذي تعرفه جل دساتير العالم في النظم الدستورية المقارنة . المطلب الاول : استعمال الاوامر في العطل البرلمانية : - استعمال الاوامر في العطلة البرلمانية : للبرلمان الجزائري دورة واحدة سنوية تدوم لعشرة أشهر في الحالات العادية على أن تكون عطلته شهري جويلية وأوت من كل سنة ، مع إمكانية انعقاده لدورات غير عادية بمبادرة من طرف رئيس الجمهورية أو ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني لدراسة موضوع معين ، على أن تختتم بمجرد دراسة ما أقر ه جدول الاعمال للدورة الغير عادية . وفي هذه الحالة يمكن لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر بموجب المادة 142 من الدستور في أمور عاجلة أثناء عطلة البرلمان ، وهذا أمر عادي مبدئيا ، لكي ال يكون هناك فراغ تشريعي أو لمعالجة حالة استعجالية، لذلك يتدخل رئيس الجمهورية وينعقد له الاختصاص مكان البرلمان . والمستخلص من هذا أن رئيس الجمهورية ال يمكن له أن يصدر الاوامر في هذه الحالتين الا في الحالات المستعجلة ، لكن المتتبع يرى أن عدد الاوامر أكثر من عدد القوانين ، وأن البرلمان الجزائري لا يمارس اختصاصاته الدستورية المنوطه به من خلال الاحصائيات المنشورة على الجريدة الرسمية الجزائرية ، حيث أنه وفي سنة 2020 بلغ عدد الاوامر 13 مقابل 14 قوانين ، وهذا ما يدعونا الى التساؤل حول عنصر الاستعجال الذي اشترطه المؤسس الدستوري في المادة 142 . تتجسد الحالة الثانية من حالة غياب البرلمان في العطلة البرلمانية، حيث نصت المادة 138 من التعديل الدستوري لسنة 2020 على أنه: "يجتمع البرلمان في دورة عادية واحدة كل سنة، مدتها عشرة أشهر، وتبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر، وتنتهي في أخر يوم عمل من شهر يونيو. يمكن الوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، طلب تمديد الدورة العادية لايام معدودة لغرض الانتهاء من دراسة نقطة في جدول العمال من خلال هذا السند القانوني يتضح أن للبرلمان دورة عادية مدتها عشرة أشهر، معلومة البداية والنهاية، تبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر، وتنتهي في آخر يوم عمل من شهر يونيو وهي الاضافة التي أوردها المؤسس الدستوري وعمل على توضيحها من خلال التعديل الدستوري لسنة ، 2020 تكون هذه الدورة العادية قابلة للتمديد لايام معدودة بطلب من الوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، لغرض الانتهاء من دراسة نقطة في جدول العمال كما يمكن أن يجتمع البرلمان في دورة غير عادية بمبادرة من رئيس الجمهورية، أو بناء على استدعاء من رئيس الجمهورية بطلب من الوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، أو بطلب من ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني وكل هذا بحسب ما ورد في طيات نص المادة 138 من التعديل الدستوري لسنة 2020 وعليه فإن سلطة التشريع في غياب البرلمان تكون بناءا على حدوث مستجدات تفرض التدخل المستعجل لمواجهتها، ففكرة الاستعجال الواردة في نص المادة 142 من التعديل الدستوري لسنة ، 2020 هي من تبرر هذا التدخل تفاديا للاثر السلبي الذي ينجم عن التأخر في إصدار التشريع الملائم حيال هذه المسائل المستعجلة، غير أن الظاهر من نص المادة 142 السابق ذكرها حينما منحت لرئيس الجمهورية سلطة تقديرية في تقدير إذا ما كانت المسألة عاجلة أم لا، أمر من شأنه أن يطرح اشكالات عديدة نظرا لاتساع مضمون مصطلح "المسائل العاجلة" الذي قد يحمل عدة تاويلات ما يمكن رئيس الجمهورية أن يعتبره من قبيل الاستعجال . وكنتيجة لحالة الشعور والحل السابق تفصيلها، نجد أن الدستور الجزائري كرس آلية التشريع عن طريق الاوامر كحل لتدخل رئيس الجمهورية في اختصاصات السلطة التشريعية لسد الفراغ التشريعي الناتج عن شغور المجلس الشعبي الوطني في نص المادة 142 من التعديل الدستوري لسنة 2020 بصفة صريحة وشخصية، دون حاجة للتفويض من قبل البرلمان نظرا للصلاحيات الواسعة التي يمتلكها رئيس الجمهورية مباشرة من الدستور، وللمكانة التي يحتلها في النظام السياسي 2 الجزائري ، مكنه من تنظيم جميع المجالات التي تعود دستوريا إلى السلطة التشريعية، لكن هذا الوضع يؤدي إلى المساس بوجود مجلس الامة، باعتبار أن شغور المجلس الشعبي الوطني ال يترتب معه شغور مجلس الامة. وما يمكن ملاحظته أيضا أنه رغم توسيع الفترة التشريعية للبرلمان وتقليص العطلة البرلمانية لتصبح شهرين من أجل تضييق مجال تدخل السلطة التنفيذية في العمل التشريعي للبرلمان، الا أن الدستور الجزائري وفي نص المادة 142 من تعديل سنة 2020 منح لرئيس الجمهورية الحق في إصدار أوامر تشريعية لها صفة القانون، ويتم العمل بها فتنشئ التزامات و مراکز قانونية، شريطة عرض الاوامر التي اتخذها رئيس الجمهورية على كل غرفة من البرلمان في بداية أول دورة مقبلة له لتوافق عليها ، الامر الذي من شأنه أن يحول دون أي إهمال أو تقصير معتمد من طرف رئيس الجمهورية في عرض ما أصدره من أوامر على الجهة التي تملك أصال حق التشريع، ولو أنه مستبعد جدا عمليا أن يقف البرلمان أمام إرادة رئيس الجمهورية الذي خولت له النصوص الدستورية آليات هامة للاستغناء عنه سواء عن طريق اللجوء إلى حل المجلس الشعبي الوطني أو اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي ، إضافة إلى إعفاء البرلمان من مناقشة الاوامر التشريعية أو تقديم أي تعديل 3 عليها ، وهو ما يبرر تفوق إنتاج رئيس الجمهورية من الاوامر بكثير في بعض حالات الانتاج التشريعي للبرلمان، نظرا للاجراءات الطويلة التي يتطلبها إنتاج التشريع على مستوى البرلمان على الرغم من قصر المدة الممنوحة لرئيس الجمهورية للتشريع فيها بأوامر خلال العطلة البرلمانية والمقدرة ب 60 يوما على الاكثر . في الحقيقة إذا كانت هذه المآخذ التي تعتري الدور التشريعي لرئيس الجمهورية خلال عطلة البرلمان، الا أنه ال يمكننا أن ننكر سعي المؤسس الدستوري من خلال تقليصه لمدة العطلة البرلمانية والتي تتقلص معها في المقابل الفترة التي يمارس فيها رئيس الجمهورية هذه السلطة، إذ أن هذا الامر ان دل على شيء فإنه يدل على نية المؤسس الدستوري، في تعزيز مهام السلطة التشريعية لتحقيق او سيادة البرلمان، وفي محاولة منه إلى التقليل من إمكانية اللجوء إلى هذه الطريقة في التشريع واعادة الاعتبار للهيئة الاصلية المختصة بالتشريع خاصة ، وضمان تحقيق الاستمرارية للمؤسسات الدستورية ومجابهة الظرف لتحقيق المصلحة العامة على الوجه العام. وعليه فإنه مهما كان سبب غياب البرلمان فإنه يعد وضعا مؤقتا يزول أثره بزوال سببه، ومنه ينقضي حق رئيس الجمهورية في إصدار الاوامر التشريعية في هذه الحالة، لانعدام مبررات قيامها مادامت الحياة البرلمانية قد عادت لطبيعتها المعتادة . بالنتيجة فإذا كانت سلطة رئيس الجمهورية التشريعية وفقا لما تضمنته المادة 142 من التعديل، 2020 تقتضي من ممثل السلطة التنفيذية أن يشرع في مسائل عاجلة وعرض 3 الدستوري السنة الاوامر التي اتخذها رئيس الجمهورية على كل غرفة من البرلمان في بداية أول دورة مقبلة له لتوافق عليها كما سبق وأن وضحنا- فإن الامر لا يقتصر على هذا الحد، فإلى جانب هاذين الشرطين فإن الاختصاص التشريعي لرئيس الجمهورية يتطلب منه أخذ رأي مجلس الدولة من أجل التأكد من توافق الامر التشريعي مع الدستور ومختلف النصوص القانونية لتجنب أي تضارب محتمل ، بالاضافة إلى الشرط المستحدث في إطار التعديل الدستوري لسنة 2020 إذ نص المؤسس الدستوري لاول مرة في تعديل 2020 على وجوبية إخطار رئيس الجمهورية للمحكمة الدستورية بشأن الاوامر المتخذة في إطار نص المادة 142 من التعديل الدستوري لسنة ، 2020 إذ نصت المادة 142 من التعديل الدستوري السنة 2020 على أنه: "يخطر رئيس الجمهورية وجوبا المحكمة الدستورية بشأن دستورية هذه الاوامر، على أن تفصل فيها في أجل أقصاه عشرة أيام"، من خلال هذا النص القانوني يظهر أن المؤسس الدستوري لم يقيد رئيس الجمهورية بآجال معينة الاخطار المحكمة الدستورية بشأن الاوامر، نما او اكتفى بتحديد آجال فصل المحكمة الدستورية في رقابة دستورية الامر وقدرها بعشرة أيام من تاريخ تسجيل الاخطار بأمانة المحكمة الدستورية، والتي تعد اجال قصيرة ال تكفي لرقابة عدة أوامر قدمت دفعة واحدة أو حتى نص واحد يضم العديد من المواد القانونية مثل قانون الانتخابات والذي بالمناسبة فصل في دستوريته من قبل المجلس الدستوري في انتظار تنصيب المحكمة الدستورية في يومين بدل عشرة أيام المتاحة له . وفي هذا الصدد أثبتت الناحية العملية إخطار رئيس الجمهورية للمجلس الدستوري بشأن الاوامر التي اتخذها في آجال قصيرة جدا تحسب من تاريخ موافقة مجلس الوزراء على الاوامر وتسجيل الاخطار بأمانة المحكمة الدستورية. فتباينت المدد بين يوم واحد ، وأجل 21 يوم ، كما أن المجلس الدستوري هو الاخر فضل الفصل في الاخطارات بسرعة البرق، لم يتعد سبعة أيام ، كما أنه فصل في آجال أقل بكثير تتمثل في يوم واحدا ، علما أن المؤسس الدستوري قد منحه أجل عشرة أيام كاملة ، على أن تتخذ هذه الاوامر في مجلس الوزراء، والذي لن يجد رئيس الجمهورية صعوبة لتحقيقه، كون أن هذا الاخير هو نفسه رئيس مجلس الوزراء. المطلب الثاني : استعمال الاوامر في حالة شغور البرلمان : - استعمال الاوامر في حالة شغور البرلمان هذه الحالة تمس المجلس الشعبي الوطني دون مجلس الامة ، ويتم إقرار حالة الشغور حسبما نصت عليه نصوص الدستور في حالتين ، الاولى ما نصت عليها المادة 110 من الدستور والتي تتجسد في حالة عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على مخطط عمل الحكومة أو برنامج الاغلبية البرلمانية 1 حسب الحالة ، حيث يحل المجلس وجوبا على أن تتم الانتخابات التشريعية في أجل أقصاه ثالثة أشهر ، أما الحالة الثانية للشغور هي ما أقرته المادة 111 من الدستور والتي تمنح الحق لرئيس الجمهورية أن يقرر حل المجلس الشعبي الوطني . وبشغور الغرفة السفلى للبرلمان ينعقد الاختصاص لرئيس الجمهورية بأن يشرع بأوامر في مجال القانون والتي نجد أساسها في المادة 142 من الدستور ، بالرغم من كون الغرفة الثانية والمتمثلة في مجلس الامة في حالة انعقاد ، لكن بحكم أن صلاحياتها محدودة فلا تمارس لا سلطة التشريع ولا سلطة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية . تعد وظيفة التشريع من مجال اختصاص المؤسسة التشريعية، الا أنه يتصادف وأن يكون البرلمان في حالة شغور، فتسند بذلك مسألة التشريع لرئيس الجمهورية بحسب ما ورد في نص المادة 142 من التعديل الدستوري السنة 2020 إذا جاء فيها: "لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال العطلة البرلمانية بعد رأي مجلس الدولة". يقصد بحالة شغور المجلس الشعبي الوطني إنهاء حياته قبل انقضاء العهدة البرلمانية التي يحددها الدستور ، وبعبارة أخرى تكون حالة شغور المجلس الشعبي الوطني عند توقفه عن ممارسة اختصاصاته أو توقف نشاطه قبل انقضاء مدة العهدة التشريعية التي حددها له الدستور أو عند تأخر انعقاد دورة المجلس الجديدة ، ويتم اللجوء لاجراء الحل في حالة وجود خالف بين الاغلبية البرلمانية ورئيس الجمهورية، أو من أجل إدخال تعديلات جوهرية على وضع الدولة من الناحية السياسية خاصة أو الاجتماعية أو الاقتصادية، أو بتغليب الحكومة والدفاع عنها في مواجهة البرلمان في حال وجود خالف بينهما، إن هذا الاجراء يجعل منه اجراءا خطيرا يمس مبدأ الديمقراطية ومن أكثر الاليات في يد السلطة التنفيذية تأثيرا على البرلمان . بالحديث عن حالة شغور المجلس الشعبي الوطني في مقتضيات الدستور الجزائري لسنة 1996 المعدل سنة 2020 فإن هذا الوضع يكون نتيجة حل المجلس الشعبي الوطني قبل استكمال العهدة المخولة له دستوريا حسب نص المادة 122 من التعديل الدستوري لسنة 2020 والمقدرة بخمس سنوات. فيأخذ شغور المجلس الشعبي الوطني إحدى الصورتين: إما حله وجوبيا، أو حل المجلس الشعبي الوطني بإرادة رئيس الجمهورية، فيكون الاول وجوبيا استنادا للمادة 108 من التعديل الدستوري لسنة 2020 التي تنص على أنه: "إذا لم تحصل موافقة المجلس الشعبي الوطني من جديد، يحل وجوبا". والثانية حال إراديا من طرف الرئيس، أو بسبب إجراء انتخابات تشريعية مسبقة إذ نصت المادة 151 من التعديل الدستوري لسنة 2020 على أنه: "يمكن لرئيس الجمهورية أن يقرر حل المجلس الشعبي الوطني، أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها، بعد استشارة رئيس مجلس الامة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المحكمة الدستورية، والوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة. تجرى هذه الانتخابات، في كلتا الحالتين، في أجل أقصاه ثالثة أشهر، و اذا تعذر تنظيمها، في هذا الاجل ألي سبب كان، يمكن تمديد هذا الاجل لمدة أقصاها ثالثة أشهر بعد أخذ رأي المحكمة الدستورية" ، في هذه الحالة يبقى التشريع في يد رئيس الجمهورية. إن المادة 111 من التعديل الدستوري لسنة 2020 قد ذكرت سببا أخر من أسباب الحل أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها وهو الذي يتجسد في حالة عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على لائحة الثقة فعلى الوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة تقديم استقالة حكومته لرئيس الجمهورية الذي يحق له قبل قبول هذه الاستقالة أن يلجأ إلى أحكام المادة151 من التعديل الدستوري 2 لسنة ، 2020 وبالتالي تبقى السلطة التقديرية بيد رئيس الجمهورية ، الذي يمكنه اللجوء قبل قبول استقالة الحكومة إلى حل المجلس الشعبي الوطني، إذا كانت له قناعة تامة بأن هذا الاخير هو المتسبب في سوء العالقة مع الحكومة، ومرد ذلك إلى تفتت الاغلبية فيه، أو أنه غير قادر على أداء عمل تشريعي جيد، خاصة أنه صاحب برنامج سياسي أنتخب على ضوئه، ويرى بأن الحكومة ملتزمة بتنفيذه وقد أثبتت التجربة الدستورية في الجزائر استخدام رئيس الجمهورية لهذا الاجراء في 04 جانفي 1992، وكذا سنة 2021 وحل المجلس الشعبي الوطني بموجب صدور المرسوم الرئاسي 01-92 حينما أعلن رئيس الجمهورية حل المجلس الشعبي الوطني والدعوة الانتخابات تشريعية مبكرة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 77-21 . في آن واحد، إذا كانت المادة 151 من التعديل الدستوري لسنة 2020 لم توضح أسباب حل المجلس الشعبي الوطني من قبل رئيس الجمهورية، الا أنها ألزمت هذا الاخير باستشارة كل من رئيس مجلس الامة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المحكمة الدستورية، والوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، قبل لجوئه إلى استعمال حقه في حل المجلس الشعبي الوطني، الا أن هذا الاجراء لا يمس اطلاقا بإرادة رئيس الجمهورية في اللجوء إلى الحل في أي حال من الاحوال نظرا للطابع الاستدلالي لاستشارة ، بالرغم من ذلك فهو مرتبط بشرط مهم وهو شرط "الاستعجال"، بمعنى أن هذا التدخل يجب أن تفرضه فكرة الضرورة أي الحاجة الملحة التي تستدعي سرعة التدخل بأوامر الاتخاد التدابير الضرورية لمواجهة الاوضاع غير الطبيعية وغير المتوقعة، كانتشار أمراض خطيرة أو فتنة طائفية . مجلس الامة كونه هيئة ثانية إلى جانب المجلس الشعبي الوطني المشكلة في مجموعها للبرلمان 1 ومنه يبقى دور مجلس الامة هنا مجهولا . المبحث الثاني : استعمال الاوامر في الظروف الغير عادية : حالات اصدار األوامر اثناء انعقاد البرلمان : قد تواجه الدولة حالات مستعجلة أثناء انعقاد البرلمان ، ونظرا ألن هذه الحالات المستعجلة تستوجب إجراءات موازية لسرعتها بحكم أنها ال تحتمل التأجيل نظرا لخصوصيتها ، أقر المؤسس الدستوري لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر ، وقد حددها المؤسس الدستوري بحالتين الاولى هي الحالة الاستثنائية والثانية متعلقة بقانون المالية. المطلب الاول : استعمال الاوامر في الحالة الاستثنائية : أقرت المادة 1/142 لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في الحالات الاستثنائية المنصوص عليها في المادة 80 من الدستور ، عندما تكون البالد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة التراب الوطني . ولرئيس الجمهورية الحق في اعالن هذه الحالة بعد اتباع الاجراءات المنصوص عليها في المادة 80 من الدستور ، من أجل الحفاظ على أمن وسالمة وسيرورة البالد باعتباره المعبر عن إرادة الامة ، هذه الحالة الاستثنائية تتطلب السرعة في الاجراءات و الاستعجال بالتشريع مع عدم عرضها على البرلمان أو حتى استشارته بالرغم من انعقاده ، على أساس أن البرلمان يتطلب لسن القوانين الكثير من الو قت و الاجراءات المطولة والدراسة المستفيضة لمشاريع القوانين ، وهو ما ال يجب أن يكون في الحالة الاستثنائية، بحكم أنها مؤقتة تستهدف الحالة المسيرة لها ، وتختلف الاوامر الصادرة في الحالة الاستثنائية عن الاوامر الصادرة في حالة العطلة البرلمانية أو حالة الشغور بعدم عرضها على البرلمان للمصادقة عليها . ويتضح من خلال نص المادة 142 من الدستور وكذلك رأي المجلس الدستوري سابقا عندما أصدر رأيه المتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة وعملهما وكذا العالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة للدستور ، حيث أكد على أن المؤسس الدستوري عندما خصص فقرة لحالات اصدار الاوامر فهو يهدف الى التمييز بين الاوامر التي تعرض على 2 البرلمان للمصادقة عليها و الاوامر المستثناة من مصادقة البرلمان والصادرة في الحالة الاستثنائية . إن الحالة الاستثنائية نظمتها المادة 107 من دستور ، 1996 و لا يمكن اعلانها إلا بتوفر الشروط، و السبب في ذلك يعود إلى خطورة هذا الاجراء ، و ذلك أنه لم تعد هناك ضرورة ملحة فحسب بل إن هناك خطر وشيك الوقوع يهدد مؤسسات البلاد أو استقلالها أو سالمة ترابها، فالامر لا يتعلق بتجمهر مصحوب بعنف و إنما أخطر من ذلك تهدد مؤسسات و استقلال وسالمة التراب الوطني، لذلك اشترط المؤسس الدستوري نظرا لخطورتها على حقوق وحريات الافراد، ضرورة التقيد بإجراءات موضوعية و شكلية. وقد نصت المادة 107 من دستور 1996 على ما يلي: )يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية إذا كانت البالد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سالمة ترابها وال يتخذ مثل هذا الاجراء الا بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الامة والمجلس الدستوري، و الاستماع إلى المجلس الاعلى لألمن ومجلس الوزراء تخول الحالة الاستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الاجراءات الاستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقلال الامة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية ويجتمع البرلمان وجوبا تنتهي الحالة الاستثنائية حسب الاشكال و الاجراءات السالفة الذكر التي أوجبت اعلانها(. ومن خلال المادة نقول إنه يجب توافر الشروط الموضوعية والشكلية لكي يتم إعمال الحالة الاستثنائية، ويمكن تقسيم شروطها إلى شروط موضوعية وشكلية . المطلب الثاني : الشروط الموضوعية و الشكلية لتقرير الحالة الاستثنائية اولا: الشروط الموضوعية لتقرير الحالة الاستثنائية إن رئيس الجمهورية في ظل دستور 1996 له سلطة تقديرية في معاينة الظروف التقرير الحالة الاستثنائية، وبالرجوع إلى المادة 107 الفقرة الاولى من الدستور وما أقره المشرع وحدده من شروط موضوعية تمكن رئيس الجمهورية من ممارسة الاختصاص التشريعي في ظل الحالة الاستثنائية، والتي تتمثل في وجود خطر داهم، وأن يهدد هذا الخطر مؤسسات الدولة الدستورية أو استقلالها أو سالمة ترابها. -1 وجود خطر داهم لا بد أن يتوفر شرط الخطر، و الخطر في المعنى القانوني ينصرف إلى كل حالة واقعية تنذر بضرر يصيب حيوية، فيهددها بالزوال أو الانتقاص، و لامكانية القول بتوفر شرط الخطر ، فبالنسبة للخطر الداهم، فإن المادة 107 لم تحدد صفة هذا الخطر، و لا موضوعه، و لا صفات معينة . وبالتالي السلطة التقديرية مطلقة لرئيس الجمهورية، ومتى وقع الخطر ولو كان يسيرا هو الذي يقرر اعلان الحالة الاستثنائية. -2 أن يكون للخطر الداهم انعكاسات على مؤسسات الدولة الدستورية أو استقلال أو سالمة ترابها. لقد حددت المادة 107 من الدستور الخطر الذي يستدعي استعمالها، بأن يكون هذا الخطر مهددا لمؤسسات الدولة الدستورية أو مهدد استقلالها أو سالمة ترابها. و لا يكفي اللجوء للمادة 107 من الدستور مجرد قيام الخطر، بل لا بد من أن يكون هذا الخطر مؤثرا على نحو معين، بحيث يشمل تهديدا لمؤسسات الدولة أو استقلالها أو سالمة ترابها. ثانيا: الشروط اإلجرائية لتقرير الحالة الاستثنائية يشترط الدستور لتطبيق نص المادة 107 من الدستور 1996 أن يقوم رئيس الجمهورية ببعض الاجراءات الشكلية وهي تتمثل في الاستشارات لبعض المؤسسات الدستورية، حيث تتوقف عليها المشروعية الشكلية لقرار الاعلان، فيمكن لرئيس الجمهورية الاخد بها كما يمكنه عدم الاكتراث لها، فال يوجد أي قيد على إرادة الرئيس، فالدستور لم يستلزم أن يتم أخذ الرأي عن طريق الكتابة أو أن ينتظر صدور الرأي من طرف المؤسسات الدستورية المخولة لذلك، بالاضافة إلى هذه الاستشارات هناك شرط وجوب اجتماع البرلمان بقوة القانون. وبالنسبة للهيئات التي يجب أن تستشار من طرف رئيس الجمهورية في هذه الحالة هي كالاتي: 1 - استشارة رئيسي غرفتي البرلمان والمجلس الدستوري قرر المشرع الدستوري أن تشمل الاستشارة رئيسي غرفتي البرلمان والمجلس الدستوري قبل تقريره للحالة الاستثنائية. أ‌- استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الامة حيث يمثلان رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الامة، وهما يعبران عن رأي الشعب، وهذه الاستشارة أضافها التعديل الدستوري لسنة ، 1996 حيث لم تتضمنها المادة 101 من دستور ، 1989 وهذا تأكيد للدور الذي يلعبه البرلمان في السياسة و دلالة على خطورة هذه الحالة، لذلك جعل المشرع الدستوري يشرك البرلمان في قرار الاعلان عن الحالة الاستثنائية. ب‌- استشارة المجلس الدستوري هي استشارة تشمل الهيئة ككل، و تكمن أهميتها في المكانة التي يؤديها المجلس الدستوري في الحياة الدستورية، و ذلك بالسهر على احترام الدستور من طرف جميع السلطات فالمجلس هو قاضي الدستورية بالدرجة الاولى، و هاته تعد ضمانة و تدعيما لموقف رئيس الجمهورية من الناحية الدستورية أمام المؤسسات الاخرى و الافراد . -2 الاستماع إلى المجلس الاعلى للامن ومجلس الوزراء ربط المشرع الجزائري مصطلح الاستماع بالمجلس الاعلى للامن ومجلس الوزراء فهما يعتبران كهيئة تقنية وسياسية تساعد رئيس الجمهورية على توضيح الصورة، وتقرير الحالة الاستثنائية إذا ما قرر رئيس الجمهورية. أ‌- الاستماع إلى المجلس الاعلى للامن نلاحظ أن المادة 107 اشترطت على رئيس الجمهورية الاستماع إلى المجلس الاعلى للامن قبل اعلان الحالة الاستثنائية، رغم أنه رئيسه و يصحب من ذلك من تقديم تقارير و الادلاء بآراء معتمدة على وقائع وحقائق ومعطيات للملابسات والنتائج و الاثار الامنية والعسكرية وغيرها مما ينير الطريق أمام رئيس الجمهورية الذي بعد التقرير يتخذ القرار . ب‌- الاستماع لمجلس الوزراء إن مجلس الوزراء يجتمع طبقا للمادة 91 الفقرة الرابعة من دستور ، 1996 برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية الوزير الاول والوزراء، يستمع إليه رئيسه مع ما يترتب عن ذلك من مناقشات و تبادل الرأي و تقدير الموقف ونتائجه الايجابية و السلبية داخليا وخارجيا وهو ما ينير الطريق أمام رئيس مجلس الوزراء، رئيس الجمهورية التقدير مدى ملائمة تقرير الحالة الاستثنائية من غيرها ، و الاستماع إلى مجلس الوزراء يعني استعراض أراء أعضائه و الاستماع إلى تقاريرهم المفصلة عن معطيات الوضع من جميع جوانبه، و خاصة ما تعلق منها بالاثار الامنية و العسكرية لاتخاد قرار الحالة الاستثنائية . -3 اجتماع البرلمان وجوبا ان المادة 107 لم تبين الدور الذي يلعبه البرلمان إذ يمكن اعتبار اجتماع البرلمان وسيلة لتمكين نواب الشعب لمراقبة الاوضاع و تدعيم مشروعية قرارات رئيس الجمهورية في هذه الحالة الاستثنائية، وبذلك يظل البرلمان مجتمعا وجوبا طيلة الحالة الاستثنائية ألسباب بديهية واضحة تتمثل في ضرورة متابعة الاوضاع الصعبة التي تمر بالبلاد في تلك الفترة، وفي الاخير يمكن القول بأنه ال يمكن التقليل من أهمية رأي المؤسسات، ولو أن رئيس الجمهورية غير ملزم دستوريا بآرائها، الا أنه يستطيع تجاهلها بسبب المركز الذي يحتله و علاقته بالشعب، وهذا ما تسببه الحالة الاستثنائية من مساس بحقوق وحريات الافراد، وهذه الهيئات والمؤسسات بدورها تكرس ما يقوم به رئيس الجمهورية من أعمال، فهو يواجه الحالة الاستثنائية الوحدة وتبقى الاستشارة شكلية. ثالثا : التشريع بأوامر كآلية لمجابهة الحالة الاستثنائية : إن تقييد سلطة رئيس الجمهورية في التشريع بأوامر في الحالة الاستثنائية -بضرورة دفع هذه الاوامر للخطر الذي يهدد استقلال البلاد ومؤسساتها الدستورية - ترتب عليه تميز هذه الاوامر بالطبيعة الاستثنائية، بمعنى أن الاوامر التشريعية تسري فقط أثناء هذه الفترة، وبمجرد تقرير الظرف الاستثنائي تسقط معه هذه الاوامر، وذلك ألنها صدرت أصال من أجل تحقيق غاية معينة وهي دفع الخطر و المحافظة على استقلال البالد ومؤسساتها الدستورية، فإذا حققت هذه الغاية وقرر رئيس الجمهورية إنهاء الحالة الاستثنائية بعد اتباعه لاشكال و الاجراءات المتبعة لدى اعلانها تطبيقا لقاعدة توازي الاشكال، ولقد منح الدستور من خلال نص المادة 107 رئيس الجمهورية التشريع بأوامر في ظل الحالة الاستثنائية، وفي هذا تدخل في مجال السلطة التشريعية، كما أن هذه المادة قد وسعت في الاختصاصات التي يمارسها رئيس الجمهورية في الحالة الاستثتنائية عندما نصت على أن الحالة الاستثنائية تسمح لرئيس الجمهورية أن يتخذ الاجراءات الاجراءات التي تستوجبها المحافظة على اسقلال الامة و المؤسسات الدستورية في الجمهورية، اعترفت المادة 107 من التعديل الدستوري 2016 باتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة الحالة الاستثنائية دون أن تحدد مظاهرها أو نطاقها، ولنفس السبب حاول الفقه الفرنسي تحديد نطاق تلك السلطات، وفي اعتقادنا ان هذا ما يصلح للتطبيق في النظام الجزائري، وذلك بالاستناد للتشابه الواضح بين المادة 16 من الدستور الفرنسي و المادة 107 من التعديل الدستوري الجزائري. اولا: في مجال إلغاء وتعديل الدستور : لم ينص الدستور الجزائري وال الدستور الفرنسي من خلال المادتين 107 و16 على إمكانية تعطيل الدستور أو إلغائه، وإنما اكتفتا بإعطاء رئيس الجمهورية سلطة ممارسة جميع الاجراءات الاستثنائية التي تمكنه من التحكم في الوضع، حيث نصت المادة 107 من التعديل الدستوري الجزائري لعام 2016 على أنه: ) تخول الحالة الاستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الاجراءات الاستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقلال الامة و المؤسسات الدستورية في الجمهورية. (. وتنص المادة 16 من الدستور الفرنسي على ). ويتخذ رئيس الجمهورية الاجراءات التي تقتضيها هذه الظروف . ويجب أن يكون الغرض من هذه الاجراءات هو تمكين السلطات العامة الدستورية من القيام بمهامها في أقرب وقت ممكن. حيث أجمع الفقه الفرنسي على أن تطبيق المادة 16 من الدستور يؤدي إلى تركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية، وله أن يصدر القرارات مهما كانت طبيعتها دون أن يتعرض لمخالفة الدستور، فلا يجوز لرئيس الجمهورية ان يقوم بإلغاء أو تعديل الدستور ألن ذلك يخالف الغاية التي من أجلها وضع النص وهي وضع المؤسسات الدستورية على الطريق . كما لا يمكن تعديل الدستور في هذه المرحلة ألن هذه الظروف استثنائية ومؤقتة غير دائمة، و لا يمكن استغلال ظروف وقتية لوضع أحكام وقواعد ثابتة، ومن الاجدر أن يتم تعديل الدستور في ظروف عادية وليس في حالة أزمة سياسية تعرفها البلاد. وعلى الرغم من عدم تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية بدقة في المادة 107 من التعديل الدستوري 2016 الا أنه لا يمكن وقف العمل بالدستور أو وال خرق أحكامه الا في حالة الحرب، فنظرا لخطورة الوضع يوقف العمل بالدستور طيلة هاته الفترة وترتكز جميع السلطات في يد رئيس الجمهورية. ثانيا: في المجال التشريعي : تعتبر المادة 142 من التعديل الدستوري 2016 بمثابة ترخيص منحه المؤسس الدستوري لرئيس الجمهورية لمباشرة جميع اختصاصات المشرع العادي، -الشرط الاول: أن تكون هناك عالقة سببية بين الاجراءات التي يتخذها رئيس الجمهورية وبين الظروف الاستثنائية. - الشرط الثاني: أن يكون الهدف من هذا التشريع هو إعادة السلطات العامة الدستورية إلى عملها في أقرب وقت وضمان السير الحسن لمؤسسات الدولة، و الا اعتبرت هذه القرارات المتخذة من طرف رئيس الجمهورية غير مشروعة. وتجدر الاشارة إلى أن المادة 107 من التعديل الدستوري 2016 لم تتضمن أي تحديد للمدة الزمنية التي تطبق خلالها، فالمؤسس الدستوري لم يشر إلى فترة تطبيق هذه المادة وال مدة سريان الاوامر التشريعية التي تدخل في ظل الحالة الاستثائية، حيث ترك ذلك للسلطة التقديرية لرئيس الجمهورية وحده. فبالنسبة ملدى سريان الاجراءات الاستثنائية بعد الاعلان الرسمي عن انتهاء الحالة الاستثنائية، فإن الفقه الفرنسي أقر بمبدأ الارتباط و الالتزام الزمني بين الاجراءات الاستثنائية والظروف المثيرة لتلك الاجراءات، فإذا ما انقضت الظروف الاستثنائية فإن جميع الاجراءات الاستثنائية تسقط من تلقاء ذاتها، وتعود الامة إلى نظامها الدستوري العادي، معتبرا أن انتهاء تلك الحالة سببا مؤديا إلى سقوط جميع الاجراءات الاستثناءات من تلقاء نفسها بما فيها الاعمال التشريعية . والقاعدة نفسها تطبق في الجزائر من خلال المادة 107 من التعديل الدستوري، حيث أنه من خلال طبيعة الاوامر التشريعية يجب أن ينتهي العمل بها بمجرد الاعلان عن رفع الحالة التي تمت في ظلها، فبتقرير إنهاء الحالة الاستثنائية طبقا للفقرة الخامسة من المادة 107 فإنه يتوقف العمل بكل الاجراءات الاستثنائية التي صدرت في ظلها، وبذلك تلغى الاوامر التشريعية باعتبارها قوانين مؤقتة خاصة بفترة استثنائية. ثالثا: في المجال التنظيمي : يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية طبقا للمادة 143 من التعديل الدستوري ، 2016 فهو صاحب الاختصاص الاصيل في هذا الجمال سواء في الحالة العادية أو الحالة الاستثنائية، فيشرع في المجالات الخاصة بالبرلمان بأوامر تشريعية، كما يشرع في المجالات الخارجة عن ميادين البرلمان عن طريق مراسيم رئاسية، وبهذا فسلطة رئيس الجمهورية واسعة وغير مقيدة تشمل حتى مجال التشريع، وبهذا حصر مجال القانون و اطلاق مجال التنظيم دليل على تراجع دور البرلمان التشريعي. المبحث الثالث : امتداد سلطة رئيس الجمهورية التشريعية إلى المجال المالي نصت الفقرتين 7 و8 من المادة 120 من دستور 1996 على: (يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة وسبعون يوما من تاريخ إيداعه، طبقا للفقرات السابقة. في حالة عدم المصادقة عليه في الاجل المحدد سابقا، يصدر رئيس الجمهورية مشروع الحكومة بأمر«. نلاحظ هنا إمكانية الاستغناء عن المعيار التشريعي واستعمال المعيار القانوني كبديل عنه، مساو له في القوة القانونية وفي الاثار المترتبة عنه، فالموافقة على قانون المالية من اختصاص ممثلي الشعب، لكن هذه السلطة ليست مطلقة طالما أنها مقيدة من حيث الزمن بأجل خمسة وسبعين يوما من تاريخ إيداع المشروع، وبانقضاء هذا الاجل يفقد البرلمان هذا الاختصاص بأثر مباشر، وتتحول المبادرة إلى رئيس الجمهورية الذي يصدر المشرع بإرادته المنفردة بمقتضى أمر . كما تجدر الاشارة على أن الاوامر التشريعية تتخذ في مجلس الوزراء وتعرض على البرلمان ليوافق عليها في أول دورة له، وهو ما نصت عليه المادة 124 والعرض هنا يقتصر على الموافقو دون المناقشة، وبهذا خول المؤسس الدستوري لكل غرفة في البرلمان أن تراقب -لاحقا- الامر التشريعي، أي إما أن توافق أو لا توافق على النص جملة وليس تفصيلا. وهنا نستشهد بالمادة 38 من القانون العضوي 99-02 الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الامة وعملهما والعالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، حيث نصت على أنه: »يطبق إجراء التصويت بدون مناقشة على الاوامر التي يعرضها رئيس الجمهورية على كل غرفة للموافقة، . الا أنه بالنظر إلى واقع النظام السياسي والدستوري يبدو من الصعب للغاية رفض البرلمان الامر لا سيما وأنه دخل حيز التنفيذ قبل عرضه على البرلمان، وهذا من شأنه أن يتسبب في إحجام أعضاء البرلمان عن رفضها. المطلب الاول : أسباب التشريع عن طريق الاوامر في مجال قانون المالية يعرف قانون المالية تقليديا بأنه قانون الميزانية وهو المصطلح الذي ظهر في فرنسا في أمر 19 جوان ، 1956 ليتحول إلى قانون المالية في أمر 02 جانفي ، 1956 وفي تعريف آخر لميزانية الدولة تعرف بأنها وثيقة تحدد ما تعتزم الدولة إنفاقه، فهي وسيلة لتحقيق الاهداف الاقتصادية وتنفيذ مخططات وتوجهات الدولة ، في الجزائر يتولى البرلمان سلطة التشريع المالي وذلك بموجب المادة 139 في فقرها 12 من التعديل الدستوري لسنة 2020 والتي جاء فيها: ". التصويت على قوانين المالية"، كما يتولى البرلمان المصادقة على قانون المالية طبقا للمادة 146 من التعديل الدستوري لسنة 2020 والتي نصت على أنه: "يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة وسبعون يوما من تاريخ إيداعه". الا أن التطور الذي تضمنه دستور 1996 من خلال المادة 120 منه، والتي تقابلها المادة 146 من التعديل الدستوري لسنة ، 2020 ولم يكن مقررا في أحكام الدساتير الفارطة هو منح رئيس الجمهورية سلطة إصدار قانون المالية بموجب أمر، وذلك إذا لم يصادق عليه البرلمان في الاجال المحددة إذ ارتأت المادة 146 في فقرتها الثانية من التعديل الدستوري لسنة 2020 هذا الامر بحسب ما جاء فيها: "في حالة عدم المصادقة عليه في الاجل المحدد سابقا، يصدر رئيس الجمهورية مشروع الحكومة بأمر"، وبالتالي يكون المشرع الجزائري قد أتي بسبب وحيد لتدخل رئيس الجمهورية الاصدار قانون المالية بموجب أمر وهو عدم الموافقة على قانون المالية في الفترة المحددة دستورية والمقدرة ب (75) يوما وحدوث خالف بين غرفتي البرلمان بشأنها،

  • قد يتعثر مشروع قانون المالية، في حالة عدم مصادقة المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الامة على مشروع القانون في الاجال المحدد لكل منهما للمصادقة.
  • قد تتحقق عدم المصادقة، في حالة ما إذا مضت مهلة ثمانية أيام دون أن تفصل اللجنة المتساوية الاعضاء في الخلاف الذي ثار بين الغرفتين حول المشروع المالي، وهنا لا تستطيع الحكومة أن تسحب مشروع قانون المالية، هذا الخلاف عالجه المؤسس الدستوري من خلال نص المادة 146 من التعديل الدستوري لسنة 2020 وبيان تفاصيل تطبيقها بالاحالة إلى المادة 44 من القانون العضوي 12-16 الناظم للمجلس الشعبي الوطني ومجلس الامة الصادر في الجريدة الرسمية، وعملهما وكذا العالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، فمن خلال استقراء أحكام المادتين يتضح أن نصوص هذه المواد أوجبت أن تتم المصادقة على مشروع قانون المالية خلال خمسة وسبعين يوما من تاريخ إيداعه بحيث يصوت المجلس الشعبي الوطني في مدة أقصاها (47) يوما ليرسل بعدها فورا لمجلس الامة ليصادق عليه في مدة (20) يوما، لكن قد يحدث خالف بين غرفتي البرلمان وجد الحل بتدخل من الوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة بتعيينه لجنة متساوية الاعضاء تضم أعضاء كال من الغرفتين وتتاح لها مهلة (08) أيام لحل الخالف الحاصل . المطلب الثاني : خصائص الاوامر التشريعية المتضمنة التشريع الحالي تكتسب األوامر التشريعية المتخذة في مجال قانون المالية جملة من الخصائص تحاول توضيحها من خلال ما يلي :
  • تعد سلطة رئيس الجمهورية في التشريع بأوامر في المجال المالي، سلطة مقيدة شكال وموضوعا وأداة فمن الناحية الشكلية يستطيع رئيس الجمهورية أن يمارس هذه السلطة دون إتباع أي إجراءات دستورية، أو ضرورة استشارة أي هيئة أخرى، فالمؤسس الدستوري لم يشترط اتخاذ هذه الاوامر في مجلس الوزراء، أما من الناحية الموضوعية، فهذه السلطة لا تمس الا مشروع الحكومة المتعلق بقانون المالية، دون أن تمتد إلى مسائل تشريعية أخرى، وهي سلطة مقيدة من ناحية الاداة، لان الدستور يحدد القالب الذي يأخذه عمل رئيس الجمهورية وهو الامر .
  • رئيس الجمهورية في ظل المراجعة الاخيرة التي جاء بها التعديل الدستوري لسنة 2020 غير مفوض في اختصاصه التشريعي المالي من قبل البرلمان، فهو يمارس هذا الاختصاص بوصفه اختصاصا اصيلا ممنوحا له بشكل دائم لا يحتاج فيه أي تفويض، فمرکز رئيس الجمهورية في التعديل الدستوري لسنة 2020 في هذا الشأن جاء مدعما، حيث منحت أوامر المادة 146 من التعديل الدستوري لسنة 2020 رخصة دائمة لرئيس الجمهورية بدون الحاجة إلى تفويض، أي أن الدستور مكنه من هذا الحق وهو يستمده منه مباشرة، فإن إعطاء الدستور صالحية مباشرة طبقا للمادة 146 هي تشريع غير مفوض فيه، فكلمة التفويض غير واردة،
    • الامر الذي يصدره رئيس الجمهورية المتعلق بالشأن المالي، لا يعرض على البرلمان للموافقة عليه ليأخذ صبغة القانون - كشأن الاوامر في المجالات الاخرى التي و ان صدرت تمتلك صفة القانون بالمعيار المادي، تظل يطلق عليها أوامر و لا تسمى قوانين، حتى تتم الموافقة عليها من قبل البرلمان، فحينها فقط تكتسب صفة القانون بالمعيار الشكلي، ويمكن حينها تسميتها كذلك بل يكسب الامر المتعلق بقانون المالية صفة القانون بقوة النص الدستوري والعضوي .
  • لا يملك رئيس الجمهورية سلطة تقديرية في إصدار مشروع قانون المالية بموجب أمر وذلك إذا لم يصادق عليه البرلمان في مدة (75) يوما، إنما هو و اجب والتزام دستوري يقع عليه، ومرد ذلك لارتباطة الشديد بالمصلحة العامة، وخطورة الاثار الناجمة عن عدم تواجد قانون المالية، لكون هذا الوضع يؤدي بالضرورة إلى الفوضى أو بالاحرى إلى الشلل الكلي للدولة .


Original text


  • الفصل الثاني : حق رئيس الجمهورية في استعمال الاوامر :


اتجهت الكثير من دول العالم وفي ظل عدم استطاعة البرلمان تفعيل اختصاصاته احيانا الى منح رئيس الجمهورية صالحية التشريع في المجال المخصص للبرلمان عن طريق ما يسمى بالاوامر ، وفي هذا ذهبت دساتير الجزائر و تعديلاتها الى غاية 2020 ، مع تطور إجراءات سنها والتشديد عليها ، وبالرغم من هذا الا ان المؤسس الدستوري ترك الكثير من الثغرات ليترك المجال واسعا امام الفقه الدستوري للتأويل سواءا من ناحية اصدرها أو طبيعتها او حول خضوعها للرقابة من طرف المحكمة الدستورية .
المبحث الاول : استعمال الاوامر في الظروف العادية :



  • الاطار القانوني للاوامر في التشريع الجزائري :
    من أجل ضمان استمرارية صدور التشريع ، منح المؤسس الدستوري لرئيس الجمهورية صلاحيات عديدة نظرا لمركزه الممتاز في الدولة ، فأقر له حق التدخل في مجال السلطة التشريعية أثناء غيابها وفي بعض الحالات حتى اثناء انعقادها بإصدار بما يسمى أوامر في مجال اختصاصها نظرا للوضع القائم بسبب حالة الشغور أو العطلة البرلمانية أو عدم إمكانية المصادقة على قوانين المالية ، هذه الاوامر ظهر عليها اختلاف كبير في تحديد طبيعتها القانونية

  • مجال اصدار الاوامر :
    أقر التعديل الدستوري الجزائري لسنة 2020 على إمكانية رئيس جمهورية أن يحل محل البرلمان بالتشريع في مجال اختصاصه دون تفويض منه مثلما ذهبت بعض التشريعات المقارنة ، حيث نجد أساس هذا الاختصاص بنصوص الدستور ، ونص هذا الاخير على إمكانية رئيس الجمهورية أن يصدر أوامر في المجال المخصص للبرلمان أثناء غيابه أو حتى اثناء انعقاده .

  • حالات اصدار الاوامر في غياب البرلمان :
    يفترض في مرفق السلطة التشريعية أنه دائم الانعقاد من أجل الحفاظ على خاصية سيرورة الدولة، ذلك أن هذه الاخيرة مجالاتها متعددة وتحتاج النصوص القانونية في كل حين سواءا كانت جديدة أو تحيينية ، الا أن المجلس الشعبي الوطني قد يطاله الشغور لسبب من الاسباب أو قد يكون في عطلة ، لذلك ال يمكن للدولة أن تترك دون تشريع ، فأقر المؤسس الدستوري بموجب المادة 142 من الدستور لرئيس الجمهورية حق الحلول مكان البرلمان في هذه الحالات ويصدر في مجال اختصاصه أوامر ، هذا الاختصاص الذي تعرفه جل دساتير العالم في النظم الدستورية المقارنة .


المطلب الاول : استعمال الاوامر في العطل البرلمانية :




  • استعمال الاوامر في العطلة البرلمانية :
    للبرلمان الجزائري دورة واحدة سنوية تدوم لعشرة أشهر في الحالات العادية على أن تكون عطلته شهري جويلية وأوت من كل سنة ، مع إمكانية انعقاده لدورات غير عادية بمبادرة من طرف رئيس الجمهورية أو ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني لدراسة موضوع معين ، على أن تختتم بمجرد دراسة ما أقر ه جدول الاعمال للدورة الغير عادية .


    وفي هذه الحالة يمكن لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر بموجب المادة 142 من الدستور في أمور عاجلة أثناء عطلة البرلمان ، وهذا أمر عادي مبدئيا ، لكي ال يكون هناك فراغ تشريعي أو لمعالجة حالة استعجالية، لذلك يتدخل رئيس الجمهورية وينعقد له الاختصاص مكان البرلمان . والمستخلص من هذا أن رئيس الجمهورية ال يمكن له أن يصدر الاوامر في هذه الحالتين الا في الحالات المستعجلة ، لكن المتتبع يرى أن عدد الاوامر أكثر من عدد القوانين ، وأن البرلمان الجزائري لا يمارس اختصاصاته الدستورية المنوطه به من خلال الاحصائيات المنشورة على الجريدة الرسمية الجزائرية ، حيث أنه وفي سنة 2020 بلغ عدد الاوامر 13 مقابل 14 قوانين ، وهذا ما يدعونا الى التساؤل حول عنصر الاستعجال الذي اشترطه المؤسس الدستوري في المادة 142 .


    تتجسد الحالة الثانية من حالة غياب البرلمان في العطلة البرلمانية، حيث نصت المادة 138 من التعديل الدستوري لسنة 2020 على أنه: "يجتمع البرلمان في دورة عادية واحدة كل سنة، مدتها عشرة أشهر، وتبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر، وتنتهي في أخر يوم عمل من شهر يونيو. يمكن الوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، طلب تمديد الدورة العادية لايام معدودة لغرض الانتهاء من دراسة نقطة في جدول العمال من خلال هذا السند القانوني يتضح أن للبرلمان دورة عادية مدتها عشرة أشهر، معلومة البداية والنهاية، تبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر، وتنتهي في آخر يوم عمل من شهر يونيو وهي الاضافة التي أوردها المؤسس الدستوري وعمل على توضيحها من خلال التعديل الدستوري لسنة ،2020 تكون هذه الدورة العادية قابلة للتمديد لايام معدودة بطلب من الوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، لغرض الانتهاء من دراسة نقطة في جدول العمال كما يمكن أن يجتمع البرلمان في دورة غير عادية بمبادرة من رئيس الجمهورية، أو بناء على استدعاء من رئيس الجمهورية بطلب من الوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، أو بطلب من ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني وكل هذا بحسب ما ورد في طيات نص المادة 138 من التعديل الدستوري لسنة 2020 وعليه فإن سلطة التشريع في غياب البرلمان تكون بناءا على حدوث مستجدات تفرض التدخل المستعجل لمواجهتها، ففكرة الاستعجال الواردة في نص المادة 142 من التعديل الدستوري لسنة ،2020 هي من تبرر هذا التدخل تفاديا للاثر السلبي الذي ينجم عن التأخر في إصدار التشريع الملائم حيال هذه المسائل المستعجلة، غير أن الظاهر من نص المادة 142 السابق ذكرها حينما منحت لرئيس الجمهورية سلطة تقديرية في تقدير إذا ما كانت المسألة عاجلة أم لا، أمر من شأنه أن يطرح اشكالات عديدة نظرا لاتساع مضمون مصطلح "المسائل العاجلة" الذي قد يحمل عدة تاويلات ما يمكن رئيس الجمهورية أن يعتبره من قبيل الاستعجال .


    وكنتيجة لحالة الشعور والحل السابق تفصيلها، نجد أن الدستور الجزائري كرس آلية التشريع عن طريق الاوامر كحل لتدخل رئيس الجمهورية في اختصاصات السلطة التشريعية لسد الفراغ التشريعي الناتج عن شغور المجلس الشعبي الوطني في نص المادة 142 من التعديل الدستوري لسنة 2020 بصفة صريحة وشخصية، دون حاجة للتفويض من قبل البرلمان نظرا للصلاحيات الواسعة التي يمتلكها رئيس الجمهورية مباشرة من الدستور، وللمكانة التي يحتلها في النظام السياسي 2 الجزائري ، مكنه من تنظيم جميع المجالات التي تعود دستوريا إلى السلطة التشريعية، لكن هذا الوضع يؤدي إلى المساس بوجود مجلس الامة، باعتبار أن شغور المجلس الشعبي الوطني ال يترتب معه شغور مجلس الامة.


    وما يمكن ملاحظته أيضا أنه رغم توسيع الفترة التشريعية للبرلمان وتقليص العطلة البرلمانية لتصبح شهرين من أجل تضييق مجال تدخل السلطة التنفيذية في العمل التشريعي للبرلمان، الا أن الدستور الجزائري وفي نص المادة 142 من تعديل سنة 2020 منح لرئيس الجمهورية الحق في إصدار أوامر تشريعية لها صفة القانون، ويتم العمل بها فتنشئ التزامات و مراکز قانونية، شريطة عرض الاوامر التي اتخذها رئيس الجمهورية على كل غرفة من البرلمان في بداية أول دورة مقبلة له لتوافق عليها ، الامر الذي من شأنه أن يحول دون أي إهمال أو تقصير معتمد من طرف رئيس الجمهورية في عرض ما أصدره من أوامر على الجهة التي تملك أصال حق التشريع، ولو أنه مستبعد جدا عمليا أن يقف البرلمان أمام إرادة رئيس الجمهورية الذي خولت له النصوص الدستورية آليات هامة للاستغناء عنه سواء عن طريق اللجوء إلى حل المجلس الشعبي الوطني أو اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي ، إضافة إلى إعفاء البرلمان من مناقشة الاوامر التشريعية أو تقديم أي تعديل 3 عليها ، وهو ما يبرر تفوق إنتاج رئيس الجمهورية من الاوامر بكثير في بعض حالات الانتاج التشريعي للبرلمان، نظرا للاجراءات الطويلة التي يتطلبها إنتاج التشريع على مستوى البرلمان على الرغم من قصر المدة الممنوحة لرئيس الجمهورية للتشريع فيها بأوامر خلال العطلة البرلمانية والمقدرة ب 60 يوما على الاكثر .


    في الحقيقة إذا كانت هذه المآخذ التي تعتري الدور التشريعي لرئيس الجمهورية خلال عطلة البرلمان، الا أنه ال يمكننا أن ننكر سعي المؤسس الدستوري من خلال تقليصه لمدة العطلة البرلمانية والتي تتقلص معها في المقابل الفترة التي يمارس فيها رئيس الجمهورية هذه السلطة، إذ أن هذا الامر ان دل على شيء فإنه يدل على نية المؤسس الدستوري، في تعزيز مهام السلطة التشريعية لتحقيق او سيادة البرلمان، وفي محاولة منه إلى التقليل من إمكانية اللجوء إلى هذه الطريقة في التشريع واعادة الاعتبار للهيئة الاصلية المختصة بالتشريع خاصة ، وضمان تحقيق الاستمرارية للمؤسسات الدستورية ومجابهة الظرف لتحقيق المصلحة العامة على الوجه العام. وعليه فإنه مهما كان سبب غياب البرلمان فإنه يعد وضعا مؤقتا يزول أثره بزوال سببه، ومنه ينقضي حق رئيس الجمهورية في إصدار الاوامر التشريعية في هذه الحالة، لانعدام مبررات قيامها مادامت الحياة البرلمانية قد عادت لطبيعتها المعتادة .
    بالنتيجة فإذا كانت سلطة رئيس الجمهورية التشريعية وفقا لما تضمنته المادة 142 من التعديل،2020 تقتضي من ممثل السلطة التنفيذية أن يشرع في مسائل عاجلة وعرض 3 الدستوري السنة الاوامر التي اتخذها رئيس الجمهورية على كل غرفة من البرلمان في بداية أول دورة مقبلة له لتوافق عليها كما سبق وأن وضحنا- فإن الامر لا يقتصر على هذا الحد، فإلى جانب هاذين الشرطين فإن الاختصاص التشريعي لرئيس الجمهورية يتطلب منه أخذ رأي مجلس الدولة من أجل التأكد من توافق الامر التشريعي مع الدستور ومختلف النصوص القانونية لتجنب أي تضارب محتمل ، بالاضافة إلى الشرط المستحدث في إطار التعديل الدستوري لسنة 2020 إذ نص المؤسس الدستوري لاول مرة في تعديل 2020 على وجوبية إخطار رئيس الجمهورية للمحكمة الدستورية بشأن الاوامر المتخذة في إطار نص المادة 142 من التعديل الدستوري لسنة ،2020 إذ نصت المادة 142 من التعديل الدستوري السنة 2020 على أنه: "يخطر رئيس الجمهورية وجوبا المحكمة الدستورية بشأن دستورية هذه الاوامر، على أن تفصل فيها في أجل أقصاه عشرة أيام"،


    من خلال هذا النص القانوني يظهر أن المؤسس الدستوري لم يقيد رئيس الجمهورية بآجال معينة الاخطار المحكمة الدستورية بشأن الاوامر، نما او اكتفى بتحديد آجال فصل المحكمة الدستورية في رقابة دستورية الامر وقدرها بعشرة أيام من تاريخ تسجيل الاخطار بأمانة المحكمة الدستورية، والتي تعد اجال قصيرة ال تكفي لرقابة عدة أوامر قدمت دفعة واحدة أو حتى نص واحد يضم العديد من المواد القانونية مثل قانون الانتخابات والذي بالمناسبة فصل في دستوريته من قبل المجلس الدستوري في انتظار تنصيب المحكمة الدستورية في يومين بدل عشرة أيام المتاحة له .


    وفي هذا الصدد أثبتت الناحية العملية إخطار رئيس الجمهورية للمجلس الدستوري بشأن الاوامر التي اتخذها في آجال قصيرة جدا تحسب من تاريخ موافقة مجلس الوزراء على الاوامر وتسجيل الاخطار بأمانة المحكمة الدستورية.


    فتباينت المدد بين يوم واحد ، وأجل 21 يوم ، كما أن المجلس الدستوري هو الاخر فضل الفصل في الاخطارات بسرعة البرق، لم يتعد سبعة أيام ، كما أنه فصل في آجال أقل بكثير تتمثل في يوم واحدا ، علما أن المؤسس الدستوري قد منحه أجل عشرة أيام كاملة ، على أن تتخذ هذه الاوامر في مجلس الوزراء، والذي لن يجد رئيس الجمهورية صعوبة لتحقيقه، كون أن هذا الاخير هو نفسه رئيس مجلس الوزراء.




المطلب الثاني : استعمال الاوامر في حالة شغور البرلمان :




  • استعمال الاوامر في حالة شغور البرلمان
    هذه الحالة تمس المجلس الشعبي الوطني دون مجلس الامة ، ويتم إقرار حالة الشغور حسبما نصت عليه نصوص الدستور في حالتين ، الاولى ما نصت عليها المادة 110 من الدستور والتي تتجسد في حالة عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على مخطط عمل الحكومة أو برنامج الاغلبية البرلمانية 1 حسب الحالة ، حيث يحل المجلس وجوبا على أن تتم الانتخابات التشريعية في أجل أقصاه ثالثة أشهر ، أما الحالة الثانية للشغور هي ما أقرته المادة 111 من الدستور والتي تمنح الحق لرئيس الجمهورية أن يقرر حل المجلس الشعبي الوطني .


    وبشغور الغرفة السفلى للبرلمان ينعقد الاختصاص لرئيس الجمهورية بأن يشرع بأوامر في مجال القانون والتي نجد أساسها في المادة 142 من الدستور ، بالرغم من كون الغرفة الثانية والمتمثلة في مجلس الامة في حالة انعقاد ، لكن بحكم أن صلاحياتها محدودة فلا تمارس لا سلطة التشريع ولا سلطة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية .


    تعد وظيفة التشريع من مجال اختصاص المؤسسة التشريعية، الا أنه يتصادف وأن يكون البرلمان في حالة شغور، فتسند بذلك مسألة التشريع لرئيس الجمهورية بحسب ما ورد في نص المادة 142 من التعديل الدستوري السنة 2020 إذا جاء فيها: "لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال العطلة البرلمانية بعد رأي مجلس الدولة".


    يقصد بحالة شغور المجلس الشعبي الوطني إنهاء حياته قبل انقضاء العهدة البرلمانية التي يحددها الدستور ، وبعبارة أخرى تكون حالة شغور المجلس الشعبي الوطني عند توقفه عن ممارسة اختصاصاته أو توقف نشاطه قبل انقضاء مدة العهدة التشريعية التي حددها له الدستور أو عند تأخر انعقاد دورة المجلس الجديدة ، ويتم اللجوء لاجراء الحل في حالة وجود خالف بين الاغلبية البرلمانية ورئيس الجمهورية، أو من أجل إدخال تعديلات جوهرية على وضع الدولة من الناحية السياسية خاصة أو الاجتماعية أو الاقتصادية، أو بتغليب الحكومة والدفاع عنها في مواجهة البرلمان في حال وجود خالف بينهما، إن هذا الاجراء يجعل منه اجراءا خطيرا يمس مبدأ الديمقراطية ومن أكثر الاليات في يد السلطة التنفيذية تأثيرا على البرلمان .


    بالحديث عن حالة شغور المجلس الشعبي الوطني في مقتضيات الدستور الجزائري لسنة 1996 المعدل سنة 2020 فإن هذا الوضع يكون نتيجة حل المجلس الشعبي الوطني قبل استكمال العهدة المخولة له دستوريا حسب نص المادة 122 من التعديل الدستوري لسنة 2020 والمقدرة بخمس سنوات. فيأخذ شغور المجلس الشعبي الوطني إحدى الصورتين: إما حله وجوبيا، أو حل المجلس الشعبي الوطني بإرادة رئيس الجمهورية، فيكون الاول وجوبيا استنادا للمادة 108 من التعديل الدستوري لسنة 2020 التي تنص على أنه: "إذا لم تحصل موافقة المجلس الشعبي الوطني من جديد، يحل وجوبا". والثانية حال إراديا من طرف الرئيس، أو بسبب إجراء انتخابات تشريعية مسبقة إذ نصت المادة 151 من التعديل الدستوري لسنة 2020 على أنه: "يمكن لرئيس الجمهورية أن يقرر حل المجلس الشعبي الوطني، أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها، بعد استشارة رئيس مجلس الامة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المحكمة الدستورية، والوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة.
    تجرى هذه الانتخابات، في كلتا الحالتين، في أجل أقصاه ثالثة أشهر، و اذا تعذر تنظيمها، في هذا الاجل ألي سبب كان، يمكن تمديد هذا الاجل لمدة أقصاها ثالثة أشهر بعد أخذ رأي المحكمة الدستورية" ، في هذه الحالة يبقى التشريع في يد رئيس الجمهورية.


    إن المادة 111 من التعديل الدستوري لسنة 2020 قد ذكرت سببا أخر من أسباب الحل أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها وهو الذي يتجسد في حالة عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على لائحة الثقة فعلى الوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة تقديم استقالة حكومته لرئيس الجمهورية الذي يحق له قبل قبول هذه الاستقالة أن يلجأ إلى أحكام المادة151 من التعديل الدستوري 2 لسنة ،2020 وبالتالي تبقى السلطة التقديرية بيد رئيس الجمهورية ، الذي يمكنه اللجوء قبل قبول استقالة الحكومة إلى حل المجلس الشعبي الوطني، إذا كانت له قناعة تامة بأن هذا الاخير هو المتسبب في سوء العالقة مع الحكومة، ومرد ذلك إلى تفتت الاغلبية فيه، أو أنه غير قادر على أداء عمل تشريعي جيد، خاصة أنه صاحب برنامج سياسي أنتخب على ضوئه، ويرى بأن الحكومة ملتزمة بتنفيذه وقد أثبتت التجربة الدستورية في الجزائر استخدام رئيس الجمهورية لهذا الاجراء في 04 جانفي 1992، وكذا سنة 2021 وحل المجلس الشعبي الوطني بموجب صدور المرسوم الرئاسي 01-92 حينما أعلن رئيس الجمهورية حل المجلس الشعبي الوطني والدعوة الانتخابات تشريعية مبكرة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 77-21 .


    في آن واحد، إذا كانت المادة 151 من التعديل الدستوري لسنة 2020 لم توضح أسباب حل المجلس الشعبي الوطني من قبل رئيس الجمهورية، الا أنها ألزمت هذا الاخير باستشارة كل من رئيس مجلس الامة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المحكمة الدستورية، والوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، قبل لجوئه إلى استعمال حقه في حل المجلس الشعبي الوطني، الا أن هذا الاجراء لا يمس اطلاقا بإرادة رئيس الجمهورية في اللجوء إلى الحل في أي حال من الاحوال نظرا للطابع الاستدلالي لاستشارة ، بالرغم من ذلك فهو مرتبط بشرط مهم وهو شرط "الاستعجال"، بمعنى أن هذا التدخل يجب أن تفرضه فكرة الضرورة أي الحاجة الملحة التي تستدعي سرعة التدخل بأوامر الاتخاد التدابير الضرورية لمواجهة الاوضاع غير الطبيعية وغير المتوقعة، كانتشار أمراض خطيرة أو فتنة طائفية ... الخ


    مجلس الامة كونه هيئة ثانية إلى جانب المجلس الشعبي الوطني المشكلة في مجموعها للبرلمان 1 ومنه يبقى دور مجلس الامة هنا مجهولا .




المبحث الثاني : استعمال الاوامر في الظروف الغير عادية :
حالات اصدار األوامر اثناء انعقاد البرلمان :


قد تواجه الدولة حالات مستعجلة أثناء انعقاد البرلمان ، ونظرا ألن هذه الحالات المستعجلة تستوجب إجراءات موازية لسرعتها بحكم أنها ال تحتمل التأجيل نظرا لخصوصيتها ، أقر المؤسس الدستوري لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر ، وقد حددها المؤسس الدستوري بحالتين الاولى هي الحالة الاستثنائية والثانية متعلقة بقانون المالية.

المطلب الاول : استعمال الاوامر في الحالة الاستثنائية :


  أقرت المادة 1/142 لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في الحالات الاستثنائية المنصوص عليها في المادة 80 من الدستور ، عندما تكون البالد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة التراب الوطني .

ولرئيس الجمهورية الحق في اعالن هذه الحالة بعد اتباع الاجراءات المنصوص عليها في المادة 80 من الدستور ، من أجل الحفاظ على أمن وسالمة وسيرورة البالد باعتباره المعبر عن إرادة الامة ، هذه الحالة الاستثنائية تتطلب السرعة في الاجراءات و الاستعجال بالتشريع مع عدم عرضها على البرلمان أو حتى استشارته بالرغم من انعقاده ، على أساس أن البرلمان يتطلب لسن القوانين الكثير من الو قت و الاجراءات المطولة والدراسة المستفيضة لمشاريع القوانين ، وهو ما ال يجب أن يكون في الحالة الاستثنائية، بحكم أنها مؤقتة تستهدف الحالة المسيرة لها ، وتختلف الاوامر الصادرة في الحالة الاستثنائية عن الاوامر الصادرة في حالة العطلة البرلمانية أو حالة الشغور بعدم عرضها على البرلمان للمصادقة عليها .

ويتضح من خلال نص المادة 142 من الدستور وكذلك رأي المجلس الدستوري سابقا عندما أصدر رأيه المتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة وعملهما وكذا العالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة للدستور ، حيث أكد على أن المؤسس الدستوري عندما خصص فقرة لحالات اصدار الاوامر فهو يهدف الى التمييز بين الاوامر التي تعرض على 2 البرلمان للمصادقة عليها و الاوامر المستثناة من مصادقة البرلمان والصادرة في الحالة الاستثنائية .

إن الحالة الاستثنائية نظمتها المادة 107 من دستور ،1996 و لا يمكن اعلانها إلا بتوفر الشروط، و السبب في ذلك يعود إلى خطورة هذا الاجراء ، و ذلك أنه لم تعد هناك ضرورة ملحة فحسب بل إن هناك خطر وشيك الوقوع يهدد مؤسسات البلاد أو استقلالها أو سالمة ترابها، فالامر لا يتعلق بتجمهر مصحوب بعنف و إنما أخطر من ذلك تهدد مؤسسات و استقلال وسالمة التراب الوطني، لذلك اشترط المؤسس الدستوري نظرا لخطورتها على حقوق وحريات الافراد، ضرورة التقيد بإجراءات موضوعية و شكلية.

وقد نصت المادة 107 من دستور 1996 على ما يلي: )يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية إذا كانت البالد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سالمة ترابها وال يتخذ مثل هذا الاجراء الا بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الامة والمجلس الدستوري، و الاستماع إلى المجلس الاعلى لألمن ومجلس الوزراء تخول الحالة الاستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الاجراءات الاستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقلال الامة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية ويجتمع البرلمان وجوبا تنتهي الحالة الاستثنائية حسب الاشكال و الاجراءات السالفة الذكر التي أوجبت اعلانها(.

ومن خلال المادة نقول إنه يجب توافر الشروط الموضوعية والشكلية لكي يتم إعمال الحالة الاستثنائية، ويمكن تقسيم شروطها إلى شروط موضوعية وشكلية .

المطلب الثاني : الشروط الموضوعية و الشكلية لتقرير الحالة الاستثنائية

اولا: الشروط الموضوعية لتقرير الحالة الاستثنائية
إن رئيس الجمهورية في ظل دستور 1996 له سلطة تقديرية في معاينة الظروف التقرير الحالة الاستثنائية، وبالرجوع إلى المادة 107 الفقرة الاولى من الدستور وما أقره المشرع وحدده من شروط موضوعية تمكن رئيس الجمهورية من ممارسة الاختصاص التشريعي في ظل الحالة الاستثنائية، والتي تتمثل في وجود خطر داهم، وأن يهدد هذا الخطر مؤسسات الدولة الدستورية أو استقلالها أو سالمة ترابها.

-1 وجود خطر داهم
لا بد أن يتوفر شرط الخطر، و الخطر في المعنى القانوني ينصرف إلى كل حالة واقعية تنذر بضرر يصيب حيوية، فيهددها بالزوال أو الانتقاص، و لامكانية القول بتوفر شرط الخطر ، ال بد أن يتوفر فيه شيئين هما: أن يكون جسيما - خطر داهم وأن يكون حالا - يوشك أن يصيب - و يستوي في هذا الصدد أن يكون الخطر خارجيا أو داخليا
فبالنسبة للخطر الداهم، فإن المادة 107 لم تحدد صفة هذا الخطر، و لا موضوعه، و لا صفات معينة .... وبالتالي السلطة التقديرية مطلقة لرئيس الجمهورية، ومتى وقع الخطر ولو كان يسيرا هو الذي يقرر اعلان الحالة الاستثنائية.


-2 أن يكون للخطر الداهم انعكاسات على مؤسسات الدولة الدستورية أو استقلال أو سالمة ترابها.
لقد حددت المادة 107 من الدستور الخطر الذي يستدعي استعمالها، بأن يكون هذا الخطر مهددا لمؤسسات الدولة الدستورية أو مهدد استقلالها أو سالمة ترابها.
و لا يكفي اللجوء للمادة 107 من الدستور مجرد قيام الخطر، بل لا بد من أن يكون هذا الخطر مؤثرا على نحو معين، بحيث يشمل تهديدا لمؤسسات الدولة أو استقلالها أو سالمة ترابها.


  ثانيا: الشروط اإلجرائية لتقرير الحالة الاستثنائية 

يشترط الدستور لتطبيق نص المادة 107 من الدستور 1996 أن يقوم رئيس الجمهورية ببعض الاجراءات الشكلية وهي تتمثل في الاستشارات لبعض المؤسسات الدستورية، حيث تتوقف عليها المشروعية الشكلية لقرار الاعلان، فيمكن لرئيس الجمهورية الاخد بها كما يمكنه عدم الاكتراث لها، فال يوجد أي قيد على إرادة الرئيس، فالدستور لم يستلزم أن يتم أخذ الرأي عن طريق الكتابة أو أن ينتظر صدور الرأي من طرف المؤسسات الدستورية المخولة لذلك، بالاضافة إلى هذه الاستشارات هناك شرط وجوب اجتماع البرلمان بقوة القانون.

وبالنسبة للهيئات التي يجب أن تستشار من طرف رئيس الجمهورية في هذه الحالة هي كالاتي:

1 - استشارة رئيسي غرفتي البرلمان والمجلس الدستوري


قرر المشرع الدستوري أن تشمل الاستشارة رئيسي غرفتي البرلمان والمجلس الدستوري قبل تقريره للحالة الاستثنائية.


أ‌- استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الامة
حيث يمثلان رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الامة، وهما يعبران عن رأي الشعب، وهذه الاستشارة أضافها التعديل الدستوري لسنة ،1996 حيث لم تتضمنها المادة 101 من دستور ،1989 وهذا تأكيد للدور الذي يلعبه البرلمان في السياسة و دلالة على خطورة هذه الحالة، لذلك جعل المشرع الدستوري يشرك البرلمان في قرار الاعلان عن الحالة الاستثنائية.


ب‌- استشارة المجلس الدستوري
هي استشارة تشمل الهيئة ككل، و تكمن أهميتها في المكانة التي يؤديها المجلس الدستوري في الحياة الدستورية، و ذلك بالسهر على احترام الدستور من طرف جميع السلطات فالمجلس هو قاضي الدستورية بالدرجة الاولى، و هاته تعد ضمانة و تدعيما لموقف رئيس الجمهورية من الناحية الدستورية أمام المؤسسات الاخرى و الافراد .


-2 الاستماع إلى المجلس الاعلى للامن ومجلس الوزراء
ربط المشرع الجزائري مصطلح الاستماع بالمجلس الاعلى للامن ومجلس الوزراء فهما يعتبران كهيئة تقنية وسياسية تساعد رئيس الجمهورية على توضيح الصورة، وتقرير الحالة الاستثنائية إذا ما قرر رئيس الجمهورية.


أ‌- الاستماع إلى المجلس الاعلى للامن
نلاحظ أن المادة 107 اشترطت على رئيس الجمهورية الاستماع إلى المجلس الاعلى للامن قبل اعلان الحالة الاستثنائية، رغم أنه رئيسه و يصحب من ذلك من تقديم تقارير و الادلاء بآراء معتمدة على وقائع وحقائق ومعطيات للملابسات والنتائج و الاثار الامنية والعسكرية وغيرها مما ينير الطريق أمام رئيس الجمهورية الذي بعد التقرير يتخذ القرار .


ب‌- الاستماع لمجلس الوزراء
إن مجلس الوزراء يجتمع طبقا للمادة 91 الفقرة الرابعة من دستور ،1996 برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية الوزير الاول والوزراء، يستمع إليه رئيسه مع ما يترتب عن ذلك من مناقشات و تبادل الرأي و تقدير الموقف ونتائجه الايجابية و السلبية داخليا وخارجيا وهو ما ينير الطريق أمام رئيس مجلس الوزراء، رئيس الجمهورية التقدير مدى ملائمة تقرير الحالة الاستثنائية من غيرها ، و الاستماع إلى مجلس الوزراء يعني استعراض أراء أعضائه و الاستماع إلى تقاريرهم المفصلة عن معطيات الوضع من جميع جوانبه، و خاصة ما تعلق منها بالاثار الامنية و العسكرية لاتخاد قرار الحالة الاستثنائية .


-3 اجتماع البرلمان وجوبا
ان المادة 107 لم تبين الدور الذي يلعبه البرلمان إذ يمكن اعتبار اجتماع البرلمان وسيلة لتمكين نواب الشعب لمراقبة الاوضاع و تدعيم مشروعية قرارات رئيس الجمهورية في هذه الحالة الاستثنائية، وبذلك يظل البرلمان مجتمعا وجوبا طيلة الحالة الاستثنائية ألسباب بديهية واضحة تتمثل في ضرورة متابعة الاوضاع الصعبة التي تمر بالبلاد في تلك الفترة، فال يمكن لاعضائه أن ينصرفوا إلى شؤونهم الخاصة أو إلى شؤونهم العامة والثانوية والبالد في أوضاع دقيقة


 وفي الاخير يمكن القول بأنه ال يمكن التقليل من أهمية رأي المؤسسات، ولو أن رئيس الجمهورية غير ملزم دستوريا بآرائها، الا أنه يستطيع تجاهلها بسبب المركز الذي يحتله و علاقته بالشعب، وهذا ما تسببه الحالة الاستثنائية من مساس بحقوق وحريات الافراد، وهذه الهيئات والمؤسسات بدورها تكرس ما يقوم به رئيس الجمهورية من أعمال، فهو يواجه الحالة الاستثنائية الوحدة وتبقى الاستشارة شكلية.

ثالثا : التشريع بأوامر كآلية لمجابهة الحالة الاستثنائية :
إن تقييد سلطة رئيس الجمهورية في التشريع بأوامر في الحالة الاستثنائية -بضرورة دفع هذه الاوامر للخطر الذي يهدد استقلال البلاد ومؤسساتها الدستورية - ترتب عليه تميز هذه الاوامر بالطبيعة الاستثنائية، بمعنى أن الاوامر التشريعية تسري فقط أثناء هذه الفترة، وبمجرد تقرير الظرف الاستثنائي تسقط معه هذه الاوامر، وذلك ألنها صدرت أصال من أجل تحقيق غاية معينة وهي دفع الخطر و المحافظة على استقلال البالد ومؤسساتها الدستورية، فإذا حققت هذه الغاية وقرر رئيس الجمهورية إنهاء الحالة الاستثنائية بعد اتباعه لاشكال و الاجراءات المتبعة لدى اعلانها تطبيقا لقاعدة توازي الاشكال، فإن هذه الاوامر لم يعد هناك داع للعمل بها
ولقد منح الدستور من خلال نص المادة 107 رئيس الجمهورية التشريع بأوامر في ظل الحالة الاستثنائية، وفي هذا تدخل في مجال السلطة التشريعية، كما أن هذه المادة قد وسعت في الاختصاصات التي يمارسها رئيس الجمهورية في الحالة الاستثتنائية عندما نصت على أن الحالة الاستثنائية تسمح لرئيس الجمهورية أن يتخذ الاجراءات الاجراءات التي تستوجبها المحافظة على اسقلال الامة و المؤسسات الدستورية في الجمهورية، وبهذا فما المدى الذي يمكن أن تصل إليه هذه الاجراءات ؟ وهل ترد عليها قيود؟
اعترفت المادة 107 من التعديل الدستوري 2016 باتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة الحالة الاستثنائية دون أن تحدد مظاهرها أو نطاقها، ولنفس السبب حاول الفقه الفرنسي تحديد نطاق تلك السلطات، وفي اعتقادنا ان هذا ما يصلح للتطبيق في النظام الجزائري، وذلك بالاستناد للتشابه الواضح بين المادة 16 من الدستور الفرنسي و المادة 107 من التعديل الدستوري الجزائري.


اولا: في مجال إلغاء وتعديل الدستور :
لم ينص الدستور الجزائري وال الدستور الفرنسي من خلال المادتين 107 و16 على إمكانية تعطيل الدستور أو إلغائه، وإنما اكتفتا بإعطاء رئيس الجمهورية سلطة ممارسة جميع الاجراءات الاستثنائية التي تمكنه من التحكم في الوضع، حيث نصت المادة 107 من التعديل الدستوري الجزائري لعام 2016 على أنه: ) تخول الحالة الاستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الاجراءات الاستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقلال الامة و المؤسسات الدستورية في الجمهورية...(. وتنص المادة 16 من الدستور الفرنسي على )...ويتخذ رئيس الجمهورية الاجراءات التي تقتضيها هذه الظروف ... ويجب أن يكون الغرض من هذه الاجراءات هو تمكين السلطات العامة الدستورية من القيام بمهامها في أقرب وقت ممكن...(
حيث أجمع الفقه الفرنسي على أن تطبيق المادة 16 من الدستور يؤدي إلى تركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية، وله أن يصدر القرارات مهما كانت طبيعتها دون أن يتعرض لمخالفة الدستور، فلا يجوز لرئيس الجمهورية ان يقوم بإلغاء أو تعديل الدستور ألن ذلك يخالف الغاية التي من أجلها وضع النص وهي وضع المؤسسات الدستورية على الطريق .كما لا يمكن تعديل الدستور في هذه المرحلة ألن هذه الظروف استثنائية ومؤقتة غير دائمة، و لا يمكن استغلال ظروف وقتية لوضع أحكام وقواعد ثابتة، ومن الاجدر أن يتم تعديل الدستور في ظروف عادية وليس في حالة أزمة سياسية تعرفها البلاد. وعلى الرغم من عدم تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية بدقة في المادة 107 من التعديل الدستوري 2016 الا أنه لا يمكن وقف العمل بالدستور أو وال خرق أحكامه الا في حالة الحرب، فنظرا لخطورة الوضع يوقف العمل بالدستور طيلة هاته الفترة وترتكز جميع السلطات في يد رئيس الجمهورية.
ثانيا: في المجال التشريعي :
تعتبر المادة 142 من التعديل الدستوري 2016 بمثابة ترخيص منحه المؤسس الدستوري لرئيس الجمهورية لمباشرة جميع اختصاصات المشرع العادي، الا أن ممارسة هذه الاختصاصات تستوجب توفر شرطين أساسيين:
-الشرط الاول: أن تكون هناك عالقة سببية بين الاجراءات التي يتخذها رئيس الجمهورية وبين الظروف الاستثنائية. - الشرط الثاني: أن يكون الهدف من هذا التشريع هو إعادة السلطات العامة الدستورية إلى عملها في أقرب وقت وضمان السير الحسن لمؤسسات الدولة، و الا اعتبرت هذه القرارات المتخذة من طرف رئيس الجمهورية غير مشروعة.
وتجدر الاشارة إلى أن المادة 107 من التعديل الدستوري 2016 لم تتضمن أي تحديد للمدة الزمنية التي تطبق خلالها، فالمؤسس الدستوري لم يشر إلى فترة تطبيق هذه المادة وال مدة سريان الاوامر التشريعية التي تدخل في ظل الحالة الاستثائية، حيث ترك ذلك للسلطة التقديرية لرئيس الجمهورية وحده. وهنا يثار الاشكال التالي: ما مصير الاوامر التشريعية التي صدرت في ظل الحالة الاستثنائية بعد الاعلان الرسمي عن انتهاء هذه الحالة؟
فبالنسبة ملدى سريان الاجراءات الاستثنائية بعد الاعلان الرسمي عن انتهاء الحالة الاستثنائية، فإن الفقه الفرنسي أقر بمبدأ الارتباط و الالتزام الزمني بين الاجراءات الاستثنائية والظروف المثيرة لتلك الاجراءات، فإذا ما انقضت الظروف الاستثنائية فإن جميع الاجراءات الاستثنائية تسقط من تلقاء ذاتها، وتعود الامة إلى نظامها الدستوري العادي، معتبرا أن انتهاء تلك الحالة سببا مؤديا إلى سقوط جميع الاجراءات الاستثناءات من تلقاء نفسها بما فيها الاعمال التشريعية .
والقاعدة نفسها تطبق في الجزائر من خلال المادة 107 من التعديل الدستوري، حيث أنه من خلال طبيعة الاوامر التشريعية يجب أن ينتهي العمل بها بمجرد الاعلان عن رفع الحالة التي تمت في ظلها، فبتقرير إنهاء الحالة الاستثنائية طبقا للفقرة الخامسة من المادة 107 فإنه يتوقف العمل بكل الاجراءات الاستثنائية التي صدرت في ظلها، وبذلك تلغى الاوامر التشريعية باعتبارها قوانين مؤقتة خاصة بفترة استثنائية.


ثالثا: في المجال التنظيمي :
يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية طبقا للمادة 143 من التعديل الدستوري ،2016 فهو صاحب الاختصاص الاصيل في هذا الجمال سواء في الحالة العادية أو الحالة الاستثنائية، فيشرع في المجالات الخاصة بالبرلمان بأوامر تشريعية، كما يشرع في المجالات الخارجة عن ميادين البرلمان عن طريق مراسيم رئاسية، وبهذا فسلطة رئيس الجمهورية واسعة وغير مقيدة تشمل حتى مجال التشريع، وبهذا حصر مجال القانون و اطلاق مجال التنظيم دليل على تراجع دور البرلمان التشريعي.


المبحث الثالث : امتداد سلطة رئيس الجمهورية التشريعية إلى المجال المالي
نصت الفقرتين 7 و8 من المادة 120 من دستور 1996 على: (يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة وسبعون يوما من تاريخ إيداعه، طبقا للفقرات السابقة. في حالة عدم المصادقة عليه في الاجل المحدد سابقا، يصدر رئيس الجمهورية مشروع الحكومة بأمر«. نلاحظ هنا إمكانية الاستغناء عن المعيار التشريعي واستعمال المعيار القانوني كبديل عنه، مساو له في القوة القانونية وفي الاثار المترتبة عنه، فالموافقة على قانون المالية من اختصاص ممثلي الشعب، لكن هذه السلطة ليست مطلقة طالما أنها مقيدة من حيث الزمن بأجل خمسة وسبعين يوما من تاريخ إيداع المشروع، وبانقضاء هذا الاجل يفقد البرلمان هذا الاختصاص بأثر مباشر، وتتحول المبادرة إلى رئيس الجمهورية الذي يصدر المشرع بإرادته المنفردة بمقتضى أمر .
كما تجدر الاشارة على أن الاوامر التشريعية تتخذ في مجلس الوزراء وتعرض على البرلمان ليوافق عليها في أول دورة له، وهو ما نصت عليه المادة 124 والعرض هنا يقتصر على الموافقو دون المناقشة، وبهذا خول المؤسس الدستوري لكل غرفة في البرلمان أن تراقب -لاحقا- الامر التشريعي، أي إما أن توافق أو لا توافق على النص جملة وليس تفصيلا.
وهنا نستشهد بالمادة 38 من القانون العضوي 99-02 الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الامة وعملهما والعالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، حيث نصت على أنه: »يطبق إجراء التصويت بدون مناقشة على الاوامر التي يعرضها رئيس الجمهورية على كل غرفة للموافقة، وفي هذه الحالة ال يمكن تقديم أي تعديل«
. الا أنه بالنظر إلى واقع النظام السياسي والدستوري يبدو من الصعب للغاية رفض البرلمان الامر لا سيما وأنه دخل حيز التنفيذ قبل عرضه على البرلمان، وهذا من شأنه أن يتسبب في إحجام أعضاء البرلمان عن رفضها.


المطلب الاول : أسباب التشريع عن طريق الاوامر في مجال قانون المالية


   يعرف قانون المالية تقليديا بأنه قانون الميزانية وهو المصطلح الذي ظهر في فرنسا في أمر 19 جوان ،1956 ليتحول إلى قانون المالية في أمر 02 جانفي ،1956 وفي تعريف آخر لميزانية الدولة تعرف بأنها وثيقة تحدد ما تعتزم الدولة إنفاقه، فهي وسيلة لتحقيق الاهداف الاقتصادية وتنفيذ مخططات وتوجهات الدولة ، في الجزائر يتولى البرلمان سلطة التشريع المالي وذلك بموجب المادة 139 في فقرها 12 من التعديل الدستوري لسنة 2020 والتي جاء فيها: "... التصويت على قوانين المالية"، كما يتولى البرلمان المصادقة على قانون المالية طبقا للمادة 146 من التعديل الدستوري لسنة 2020 والتي نصت على أنه: "يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة وسبعون يوما من تاريخ إيداعه". الا أن التطور الذي تضمنه دستور 1996 من خلال المادة 120 منه، والتي تقابلها المادة 146 من التعديل الدستوري لسنة ،2020 ولم يكن مقررا في أحكام الدساتير الفارطة هو منح رئيس الجمهورية سلطة إصدار قانون المالية بموجب أمر،  وذلك إذا لم يصادق عليه البرلمان في الاجال المحددة إذ ارتأت المادة 146 في فقرتها الثانية من التعديل الدستوري لسنة 2020 هذا الامر بحسب ما جاء فيها: "في حالة عدم المصادقة عليه في الاجل المحدد سابقا، يصدر رئيس الجمهورية مشروع الحكومة بأمر"، وبالتالي يكون المشرع الجزائري قد أتي بسبب وحيد لتدخل رئيس الجمهورية الاصدار قانون المالية بموجب أمر وهو عدم الموافقة على قانون المالية في الفترة المحددة دستورية والمقدرة ب (75) يوما وحدوث خالف بين غرفتي البرلمان بشأنها، وتتجسد عدم مصادقة البرلمان على قانون المالية من خلال الفرضيتين التاليتين:



  • قد يتعثر مشروع قانون المالية، في حالة عدم مصادقة المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الامة على مشروع القانون في الاجال المحدد لكل منهما للمصادقة.




  • قد تتحقق عدم المصادقة، في حالة ما إذا مضت مهلة ثمانية أيام دون أن تفصل اللجنة المتساوية الاعضاء في الخلاف الذي ثار بين الغرفتين حول المشروع المالي، وهنا لا تستطيع الحكومة أن تسحب مشروع قانون المالية، مثل ما هو عليه الحال بالنسبة لمشاريع القوانين العادية


        هذا الخلاف عالجه المؤسس الدستوري من خلال نص المادة 146 من التعديل الدستوري لسنة 2020 وبيان تفاصيل تطبيقها بالاحالة إلى المادة 44 من القانون العضوي 12-16 الناظم للمجلس الشعبي الوطني ومجلس الامة الصادر في الجريدة الرسمية، وعملهما وكذا العالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، فمن خلال استقراء أحكام المادتين يتضح أن نصوص هذه المواد أوجبت أن تتم المصادقة على مشروع قانون المالية خلال خمسة وسبعين يوما من تاريخ إيداعه بحيث يصوت المجلس الشعبي الوطني في مدة أقصاها (47) يوما ليرسل بعدها فورا لمجلس الامة ليصادق عليه في مدة (20) يوما، لكن قد يحدث خالف بين غرفتي البرلمان وجد الحل بتدخل من الوزير الاول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة بتعيينه لجنة متساوية الاعضاء تضم أعضاء كال من الغرفتين وتتاح لها مهلة (08) أيام لحل الخالف الحاصل .



المطلب الثاني : خصائص الاوامر التشريعية المتضمنة التشريع الحالي
تكتسب األوامر التشريعية المتخذة في مجال قانون المالية جملة من الخصائص تحاول توضيحها من خلال ما يلي :



  • تعد سلطة رئيس الجمهورية في التشريع بأوامر في المجال المالي، سلطة مقيدة شكال وموضوعا وأداة فمن الناحية الشكلية يستطيع رئيس الجمهورية أن يمارس هذه السلطة دون إتباع أي إجراءات دستورية، أو ضرورة استشارة أي هيئة أخرى، فالمؤسس الدستوري لم يشترط اتخاذ هذه الاوامر في مجلس الوزراء، أما من الناحية الموضوعية، فهذه السلطة لا تمس الا مشروع الحكومة المتعلق بقانون المالية، دون أن تمتد إلى مسائل تشريعية أخرى، وهي سلطة مقيدة من ناحية الاداة، لان الدستور يحدد القالب الذي يأخذه عمل رئيس الجمهورية وهو الامر .

  • رئيس الجمهورية في ظل المراجعة الاخيرة التي جاء بها التعديل الدستوري لسنة 2020 غير مفوض في اختصاصه التشريعي المالي من قبل البرلمان، فهو يمارس هذا الاختصاص بوصفه اختصاصا اصيلا ممنوحا له بشكل دائم لا يحتاج فيه أي تفويض، فمرکز رئيس الجمهورية في التعديل الدستوري لسنة 2020 في هذا الشأن جاء مدعما، حيث منحت أوامر المادة 146 من التعديل الدستوري لسنة 2020 رخصة دائمة لرئيس الجمهورية بدون الحاجة إلى تفويض، أي أن الدستور مكنه من هذا الحق وهو يستمده منه مباشرة، فإن إعطاء الدستور صالحية مباشرة طبقا للمادة 146 هي تشريع غير مفوض فيه، فكلمة التفويض غير واردة، وهي صالحية دستورية يتمتع بها رئيس الجمهورية مباشرة دون أية قيود

    • الامر الذي يصدره رئيس الجمهورية المتعلق بالشأن المالي، لا يعرض على البرلمان للموافقة عليه ليأخذ صبغة القانون - كشأن الاوامر في المجالات الاخرى التي و ان صدرت تمتلك صفة القانون بالمعيار المادي، تظل يطلق عليها أوامر و لا تسمى قوانين، حتى تتم الموافقة عليها من قبل البرلمان، فحينها فقط تكتسب صفة القانون بالمعيار الشكلي، ويمكن حينها تسميتها كذلك بل يكسب الامر المتعلق بقانون المالية صفة القانون بقوة النص الدستوري والعضوي .



  • لا يملك رئيس الجمهورية سلطة تقديرية في إصدار مشروع قانون المالية بموجب أمر وذلك إذا لم يصادق عليه البرلمان في مدة (75) يوما، إنما هو و اجب والتزام دستوري يقع عليه، ومرد ذلك لارتباطة الشديد بالمصلحة العامة، وخطورة الاثار الناجمة عن عدم تواجد قانون المالية، لكون هذا الوضع يؤدي بالضرورة إلى الفوضى أو بالاحرى إلى الشلل الكلي للدولة .


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

يهدف إلى دراسة ...

يهدف إلى دراسة الأديان كظاهرة اجتماعية وثقافية وتاريخية، دون الانحياز إلى أي دين أو تبني وجهة نظر مع...

‏تعريف الرعاية ...

‏تعريف الرعاية التلطيفية‏ ‏وفقا للمجلس الوطني للصحة والرفاهية ، يتم تعريف الرعاية التلطيفية على النح...

Risky Settings ...

Risky Settings Risky settings found in the Kiteworks Admin Console are identified by this alert symb...

الممهلات في الت...

الممهلات في التشريع الجزائري: بين التنظيم القانوني وفوضى الواقع يخضع وضع الممهلات (مخففات السرعة) عل...

Lakhasly. (2024...

Lakhasly. (2024). وتكمن أهمية جودة الخدمة بالنسبة للمؤسسات التي تهدف إلى تحقيق النجاح والاستقرار. Re...

‏ Management Te...

‏ Management Team: A workshop supervisor, knowledgeable carpenters, finishers, an administrative ass...

تسجيل مدخلات ال...

تسجيل مدخلات الزراعة العضوية (اسمدة عضوية ومخصبات حيوية ومبيدات عضوية (حشرية-امراض-حشائش) ومبيدات حي...

My overall expe...

My overall experience was good, but I felt like they discharged me too quickly. One night wasn't eno...

- لموافقة المست...

- لموافقة المستنيرة*: سيتم الحصول على موافقة مستنيرة من جميع المشاركين قبل بدء البحث. - *السرية*: سي...

تعزيز الصورة ال...

تعزيز الصورة الإيجابية للمملكة العربية السعودية بوصفها نموذجًا عالميًا في ترسيخ القيم الإنسانية ونشر...

وصف الرئيس الأم...

وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بأنها "مأساوية"، متعه...

Mears (2014) A ...

Mears (2014) A system of justice that could both punish and rehabilitate juvenile criminals was the ...