Lakhasly

ان جوهر الجيوبوليتيكا هو تحليل العلامات السياسية الدولية على ضوء الأوضاع والتركيب الجغرافي، ولهذا فإن الآراء الجيوبوليتيكية يجب أن تختلف مع اختلاف الأوضاع الجغرافية التي التغير بتغير تكنولوجية الإنسان وما ينطوي عليه ذلك من مفاهيم وقوى جديدة لذات الأرض وفي هذا قال ماكيندر لكل فرن جيوبوليتيكيته وإلى اليوم فإن نظرتنا إلى الحقائق الجغرافية ما زالت ملونة بمفاهيمنا المسبقة المستمدة
من الماضي لتلك الحقائق، وذلك الأعراض عملية " وعلى هذا فإن نظرتنا إلى الأوضاع الجغرافية في هذا القرن في تلك القائمة على الترابط بين توزيع أشكال سطح الأرض وأنماط الحركة، بينما كانت النظرة في القرن الماضي مبنية على توزيع الكتل القارية تقط وفيما قبل القرن التاسع عشر كانت النظرة إلى الأوضاع والحقائق الجغرافية نابعة من التوزيعات المناخية وأشكال السطح الإقليمية وتشير المناقشات الجارية بين المختصين إلى أن أسس النظرة إلى الأوضاع والحقائق الجغرافية في القرن القادم سوف ترتكز على توزيع الكتل السكانية والتكاملات الاقتصادية أكثر بكثير مما يعطى لها من وزن في الوقت الحاضر.
لكن ما هو هدف وفرض التحليل الجيوبوليتيكي؟ يرى بعض الباحثين وأن التنظيم الجيوبوليتيكي قد يخدم أغراض البحث التأملي أو أعراض تخطيط السياسة والدعاية أو غير ذلك من الأغراض السياسية العملية، مثال ذلك أعمال الجيبوليتيكيين الألمان في خلال العهد النازي
والحقيقة أن الأفكار الجيوبوليتيكية قديمة لتقدم الفكر الإنساني في حضاراته العليا القديمة، ولعل أقدم فكرة صريحة وصلت إلينا هي أفكار الفيلسوف الإفريقي أرسطو الذي أكد أن موقع اليونان الجغرافي في الإقليم المعتدل المناخي، قد أهل الاغريق إلى السيادة العالمية على شعوب الشمال البارد والجنوب الحارة لأرسطو في كتاب السياسة، وعلى أية حال فإن الجيبوليتيكا تخدم كافة الأغراض العلمية والعملية من وجهة النظر المشار إليها سابقا على شريطة ألا يشوه الكاتب عملا تفسيره ونظرته إلى الأوضاع الجغرافية، وهذا يتطلب من الكاتب ألا يكون مشاركا أو داعيا للتطبيق العمل الاتجاهات فكرية أو سياسية معينة، لكن السؤال الأخطر هو من يمكن للكاتب أن
يتحرى الموضوعية الدقيقة في الكتابة؟
يقوم التحليل الجيوبوليتيكي على موضوعين أساسيية
الأول: وصف الوضع الجدراني وحقائقه كما تبدو بالارتباط بالقوى السياسية المختلفة
الثاني :وضع ورسم الإطار المكاني يحتوي على القوى السياسية - الدول - المتفاعلة
والمتصارعة
ومن الصعب في الوقت الحاضر أن تحاول القيام بمثل هذا التحليل بالقياس إلى سهولة ذلك في الماضي، وذلك راجع إلى تداخل الأطوار المكانية القوى والتكتلات الدولية الحالية، وما يتبع ذلك من استمرار العملية إدخال أو إخراج واحدة من القوى داخل خلف أو آخر. وبذلك لا يمكن وضع حدود مكانية واضحة والاسنة: إذ لا بد أن تعتريها
المراحات الزمانية من أن إلى آخر.
ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك أن الحدود المكانية للكتلتين الشرقية والغربية في أوروبا كانت خلال الخمسينيات واضحة كل الوضوح في صورة خط متر فاصل بين لمانيا الغربية من جانب وألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا من جانب آخر، بينما يتبع الخط الفاصل تمينا يجعل الأمور في واضحة المعالم في منطقة النمسا بأسرها، ومنطقة يوسلافيا بأسرها، ويعود الخط إلى الوضوح متمثلا في الحدود المشتركة بين الغارية من جانب واليونان وتركيا من جانب تمر واليوم - مرورا بالستينيات - مجد بداية تبيع واضح في خطوط الفصل الثاني للكتلتين نتيجة التقارب بين دولتي المانيا وتوقيع معادية بينهما، والتقارب المسبق بين ألمانيا الغربية والاتحاد السوفيتي وبولنا وتوقيع اتفاقيات الاعتراف بحدود بولندا الجديدة على الأودر والنيسة متقلص القوى السياسية
يغير الإطارات المكانية بصورة سريعة على مر الزمن يصعب معها تنظير محدد في التحليل الجيوبوليتيكي
في الماضي كانت المحاولات الجيوبوليتيكية ممكنة، فحتى نهاية القرن التاسع عشر كانت القوى الدولية الرئيسية عبارة عن ارتباطات بالإمبراطوريات الاستعمارية الاوروبية تمركز هذه القوى كان محددنا بمنطقة ضيقة في أوروبا ودول البحر المتوسط البحرية. وفي خلال ثلاثة آلاف سنة كانت مراكز القوى العالمية عبارة عن القلوب صغيرة تنقلن من مكان إلى آخر في الشرق الأوسط وأوروبا مصر - العراق - فارس الغربية - الإفريق - قرطاجة - روما - بيزنطة - بغداد الخلافة العباسية) - القاهرة (الفاطمية والمملوكية) - الأسنانة (العثمانية) - إسبانيا والبرتغال - فرنسا - الجلارا - هولندا - الثانية
هذه المراكز السياسية على مر الزمن تزامنت أو تلاحقت الواحدة تلو الأخرى بعد صراع زمني، وكانت هذه في مجموعها تكون العالم ذو الأهمية، في رأي جيمس في جريف فهذا العالم - بموقعه والوضاعة الجغرافية الخاصة - مكن شعوبه وسكانه من أن يطوروا وينموا موارد بلادهم المحلية أولا، ثم التوسع بعد ذلك إلى أقاليم وموارد
خارجية في مناطق أقل نموا وتقدما.
وفي النصف الثاني من القرن التاسع على وجد بعض الجيوبوليتيكيين أن العالم دو الأهمية لم يعد قاصرا على أوروبا الغربية والوسطى بل العدد ليشمل الكتل الأرضية في نصف الكرة الشمالي بين درجات العرض ٢٠ و ٦٠، ووجد أخرون أن هذا النمط السالك لم يعد قاصرا على دول سواس أوروبا الغربية بل أخذ ينتقل تدريجيا إلى داخلية القارات في العروض ٣٠-١٠ شمالا، أو بعبارة أخرى اخذت مراكز القوى تظهر في كل
من الولايات المتحدة وروسيا.
ولكن في الوقت الحاضر لا تستطيع أن تتفق مع تحديدات السابقين على أن ما بين
درجتي العرض ٣٠-٦٠ في مراكز القوى العالية فالأساس الحالي المرتبط بالتكلل السكاني عددياً والموارد الاقتصادية ورقبات الشعوب والأيديولوجيات القومية وغيرها تجعل من المستحيل على الباحث أن يقول إن النطاق الشمالي سيال ممتازا المراكز القوى العالية، وعلى هذا فإننا نجد بوادر ظهور مراكز قوى عالمية تمثلها الهند والصين والبرازيل، وفوق هذا يمكننا أن نطرح سؤالة للمستقبل عن مراكز قوى أخرى في العالم
العربي ككل أو في جزء منه.
ومن ثم فإن اصطلاح العالم ذو الأهمية، لم يعد وجوده بالوضوح الذي كان عليه في أوائل هذا القرن، ولكن هل يعني هذا أنه لا يمكن تبين مناطق من العالم مستقل في كل دول وقوى أخرى؟ هل أصبح أو سيصبح العالم متكافها تماما؟ إن الإجابة على هذا التساؤل لا يجب أن تكون جازمة وملتزمة، لكن الحقائق الجغرافية تجمع أمامنا
احتمالات كثيرة
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجور والبوتيكا
فلا شك أن هناك مناطق أسهل اتصالا بالموارد الاقتصادية الهامة من غيرها بحكم التنظيم العام الأشكال السطح والعلاقة المكانية، وهناك مناطق للتمتع بكفاءة أعلى -
تكليك - في استخدام الموارد ولمثل هذه المناطق احتمالات بقاء واستمرار لنفوذها الذي تبسطه على أجزاء من العالم يحكم حقائق الجغرافيا الطبيعية والحضارية معا.