Online English Summarizer tool, free and accurate!
عصور نهضتها وتألق في سمائها نجوم العلم والأدب والفلسفة أمثال الكندى والفارابي وابن سينا وابن رشد وابن الهيثم وجابر بن حيان وأطلق على عصرهم عصر الأزدهار . منها : وقد حاول بعض المستشرقين المتعصبون عنصريا أن يوجهوا بعض الانتقادات (1) عدم وجود فكر فلسفي واضح في المراحل الأولى للإسلام. (۲) عدم وجود مفكرين في ذلك العصر نطلق عليهم اسم فلاسفة مسلمين . وقدم اليه ووحدانيته كما يقضى بذلك الدين الإسلامي نفسه (۱) ، والملاحظ إن كلا الفريقين اللذان انكرا اصالة الفكر الإسلامي والآخر الذي أعطى أصالة ضئيلة لا تتفق مع مكانه الفكر الإسلامي على مر تاريخ الانسانية، ولكنهم سرعان ما أفاقوا ليراجعوا أنفسهم ويعدل أفكارهم وإن الفكر اليوناني في جملته كما وصل للمسلمين لم يتعارض مع دينهم. ان مفكرين غير اسلاميين سلموا فعلا بان فلاسفة المسلمين كان لديهم ما يقولونه وأنهم لم يكونوا يجرد نقله او شراح للفكر اليوناني، ولهذا كان الفلاسفة المسلمين موضوعات خاصة تابعة من البيئة الإسلامية وليس من البيئة اليونانية وتدلك على ذلك بان المفكرين المسلمين نقدوا المنطق الأرسططاليسي. وأيضا المسلمين هم أصحاب المنهج الاستقرائي كاملا وكان ردا على المنطق القياسي عند اليونانين ومحاولة ابن رشد الفيلسوف المسلم التوفيق بن الدين والفلسفة وسبقه في ذلك او فيلسوف عربي "الكندى" إلى و ابن سينا و ابن طفيل" - "السهروردي" كلهم متفنون على أن الدين لم يقف حائلا أمام الفكر بل دين الإسلامي بشجع الفكر والتفكير وجعل منه فريضة على كل مسلم وآياته وسننه تشهد على ذلك. المسلمين من الفكر اليوناني لقد وقع بعض فلاسفة الإسلام سجين الفكر اليوناني ، ولكن معظمهم سرعان ما أفاق ليراجع نفسه ويعدل أفكاره، ويجب ألا ننسى في هذا المقام ان الفكر اليوناني في جملته - كما وصل إلى المحيط الإسلامي - لم يبد في بادئ الأمر صريح العارض والتناقض مع الدين الإسلامي . ولم يشتد الصراع بين الإسلام وبين هذا الفكر إلا عندما تعرض هذا الفكر للمصادر الأساسية للدين كالنبوة والوحى والألوهية . وبطبيعة الحال لا يمكن أن يتوقع الإنسان اتفاق النتائج التي يصل إليها مثل هذا الفكر مع المبادئ الدينية - لقد كان إسراقا في الأمل أن توقع من رجال الدين ، وعلماء الكلام المحافظين أن يقبلوا أن تكون النبوة - المصدر المقدس للمعرفة الدينية والإلهية - موضع مقارنة مع الحكمة والفلسفة . كما أنه لم يكن من المتوقع أن يوفق مفكر ما في شرح تجربة النبوة (1) ، في الوقت الذي يفقد هذه التجربة . ولعل أهم ما أثار ثائرة رجال الدين المحافظين هو ما فهموه - ضمنيا أو تصريحا - من إمكان الاستغناء عن الوحى والحصول على معرفة مؤسسة على العقل وحده، وسترى في عرضنا لبعض المحاولات الفلسفية في التوفيق بين الدين والعقل أو بين الوحى والفلسفة ، أنه يمكن أن يفهم من هذه المحاولات أن الفيلسوف - وفى الواقع أي إنسان سليم البصيرة والفكر - يمكنه أن يصل إلى مثل الحقائق إلى وصل إليها النبي ، وأن غاية النبي والفيلسوف واحدة : والآن يمكن أن نقول كلمة إنصاف في هذا الصدد إن التدليل على أحقية ما جاء به الرسول بإمكان الوصول إلى مثله عن طريق العقل يعد في ذاته عملا محمودا في نظر رجل الدين المتفتح، الذي يسره أن يجد مبادئ دينه لا تعارض العقل، ولا تقف في سبيل الفكر ، ولكن رجل الدين المتفتح لا ينسى ، أيضا أن النبوة خصوصية ، منحها الإله الأفراد نصبهم دعاة لأمره وهداة بهديه، وقد أطلعهم على الحقيقة مباشرة بصورة لا تحتمل شكا أو ارتيابا . وفي حالة الرسول الكريم - محمد صلى الله عليه وسلم - لم تتركه الألوهية ليصوغ هذه الحقائق التي شاهدها او علمها - بل جعلته مجرد واسطة امينة لنقل هذه حقائق الإلهية، التي تم صوغها بعيدا عن أي تدخل شخصي من النبي، فإذا جاز للفيلسوف ان يصل إلى حالة النبي، فليس هناك إذن أي داع للإختصاص، وقد يسأل الانسان فيقول: عن وضع المشكلة على هذا النحو يشعر بان هناك طريقين من طرق المعرفة، ولا يمكن أن يلقيا : الأول طريق الدين، وهذا ولا شك يوهم أن الدين لا يساير العقل ابداء بل يشق طريقا مخالفا له تمام المخالفة، وهو قول تنقصه الشواهد والأدلة التي يمكن ان نستمدها من الدين نفسه. وهذا تبسيط للمشكلة بجانب الصواب، فإن المشكلة في الواقع تتصل بعدة نقاط منها : (1) مدى وثاقة ما يوحى إلى النبي ((۲) مدى أحقية لعقل في مناقشة التعاليم والأفكار الدينية، بعد فرض صحتها ووثاقتها، ومدى أحقيته في الحرية في أن يفكر بعيدا عن هذه التعاليم وتريد بقولنا بعيدا عن هذه التعاليم ان يبحث في مجال آخر لا يتصل بميدان الأفكار الدينية. فإذا شغل نفسه حتى برفض التعاليم الدينية لا يقال إنه يفكر تفكيرا طليقا : لأن طبيعة التعاليم ما تزال تشد أفكاره وتوثقها واظن ان من الواضح ان الاشتغال برد أو رفض بعض الآراء - يترك أثره على الرد إن شاء أو أبي، ولعل من أمثلة ذلك ما نراه في تراث علم الكلام أيهما أولى بان يكون له اليد الطولى ؟ الدى ؟ أم الفلسفة أو ما يسمى تجاوزا بالفكر الحر ؟ ويتبع ذلك طبعا البحث في مشكلات متفرعة كمشكلة "الخاصة والعامة وخاصة الخاصة . والبحث في النقطة الأولى يطلب التعرض الحقيقة النبوة وطبيعة الوحي وادلة إمكانياته براهين صدفة في أسلوبه الرمزي (1) الفكرى وما يصاحب ذلك من فكر وسلوك، ومدى الإلزام الذي يتمتع به النبي كمصدر للمعرفة والسلوك، خصوصا في دولة إسلامية التحدث فيها السلطة الدينية والسلطة السياسية. ويرمح النظر المتأمل وقد يبدو متناقضا أن يعمل الفكر في تعاليم ومبادئ قد وضعت فعلا، وأصبحت ملزمة عقيدة وعملا، وثورة الفكر على مذهب معين كثيرا ما تنتهى بالوقوع ضحية لمذهب آخر. إن أشد الملاحدة ثورة على مبدأ الألوهية يقع فريسة دون أن يشعر الإلهه هو الذي يتخذه من الطبيعة او من الحيوان أو من الانسان: ويشمل ذلك نفسه ذاتها . إن وجود الفكر الطليق كلية لا يمكن ان يتصور إلا إذا تصور خلاء تام في العقل الانساني يتلوه عمل عقلي في ميدان التفكير ومع هذا فلابد أن يستير العقل للتفكير شواهد اما حسية وإما معنوية، وعن طريقها يتحدد الفكر ويعود مقيدا مرة أخرى. إن ثورة ديكارت وطرحه لكل ما سبق من أفكار وعقائد كتيجة لشكه المنهجي ليست مثالا صحيحا الحرية الفكر المطلقة، حبيس مذهبه الذي لا يتعدى في جمله ان يكون تعديلا المشاج من المذاهب الأخرى، وليس خلقا مبتكرا يسبقه العدم ) . موقف المفكرين من النبوة اللهم إلا أفراد قلائل، جروا بدحض النبوة والتقليل من شانها ، وقد كشفهم مفكروا الاسلام وتصدوا للرد عليهم وإفحامهم. وتعتقد أن مثل هذه الآراء الجريئة المنحرفة لم يجهر بها إلا بعد أن ضمن للفلسفة الأجنبية مكان في المجتمع الاسلامي، وهذا بالطبع لا يتم إلا إذا وضح أن هدف الفلسفة لا يعارض هدف الدين، بل يؤيده ويعززه إن الدين يكتسب بالفلسفة نصيرا لا عدوا . حقيقة الروح الإسلامية : ومما يجب التنبه له هو انه لا يوجد في الروح الإسلامية ما يقف في طريق الفكر الهادف الذي ينشده الحق أي كان، ويسعى للإذعان له في اي ميدان تشهد بذلك آيات القرآن الكريم، وكما يدل على ذلك عرض القرآن لآراء المخالفين عرضا أمينا، والرد عليها بطريق مقتصر مباشر، بل ينتهى إلى إقناع النظرة السليمة الى يهمها وضوح الرؤية ونيل القصد، وتجنيب عورات الشبه الذي تكتمل فيه الكفايات الأساسية الثلاث: كفاية الفكر، فقد وجد الفلاسفة أنفسهم في موقف يفرض عليهم ان يهينوا لهذا الفكر المترجم مكانه مقبولة لدى المسلمين 1 اتصال المسلمين بالفكر اليوناني: لا يعنينا هنا أن تبع بالتفصيل ظروف اتصال المسلمين بالفلسفة اليونانية سواء كان ذلك عن مدارس حران والرها ونصين، او عن طريق الترجمات التي قام بها النساطرة، ويكفى أن نشير إلى مفهوم التسمية التي أطلقها الخليفة المأمون على منظمة انشأها توفى المأمون سنة (۲۱۸) هـ ) فقد سمى هذه المنظمة أو الأكاديمية "بيت الحكمة ونحن لعلم ان لفظ حكمة هو الاسم العربي للفلسفة وقد كشفت الدراسات الحديثة عن حقيقة معرفة العرب للفلسفة اليونانية قبل ذلك بوقت طويل حتى القرن الأول الهجرى) . عرف مفكروا الاسلام الفلسفة اليونانية في مراحلها المتعددة. وعرفوا ان هناك فلاسفة قدامى اسموهم احيانا بالطبيعيين الذين اعقبهم السوفسطائيون كما تنبهوا إلى الفرق الكبير بين سقراط وافلاطون من جهة وبين من سبقهم من فلاسفة الإغريق . حيث لاحظو انه بوجود هذين الفيلسوفين تخطى الفكر مرحلة جديدة يمكن ان تسمى بحق مرحلة جديدة يمكن ان تسمى بحق مرحلة التصور الفعلية . أما أرسطو فقد تكشف منطقة لهؤلاء المفكرين وعنوا به عناية فائقة، ولكن الجانب الطبيعي والميتافيزيقي لدى ارسطو لم يصل إلى هؤلاء المفكرين خالصا غير مشوب بعناصر داخلية، بل وصل إليهم محرفا بعض التحريف ومشوبا عناصر من الأفلاطونية المحدثة التي هي إحياء لمذهب أفلاطون مع إضافة بعض العناصر الغنوصية والصوفية إلى جانب أمشاج من اليهودية على يد افلاوطين الاسكندري وتلامذته) . تدعيمات الفلسفة في المحيط الاسلامي : ولم تقف معرفة المسلمين بالفكر اليوناني عند حد أرسطو، بل تعددت ذلك أيضا . ومن الطبيعي أن تجد الفلسفة اليونانية مقاومة شديدة في المحيط الإسلامي فقد وجدت نفس هذه المقاومة في المحيطين اليهودي والمسيحي، لا باعتبارها تمثل فكرا حرا فقط بل لأنها كانت تمثل روحا مباينة للروح الإسلامية، ولقد جاهد عشاق الفلسفة هذه في أن يمهدوا لها أرضا ثابتة في المجتمع الإسلامي بوسائل كثيرة، فتارة يستندون إلى أحاديث كثيرة تمجد العقل الانساني وتدعو إلى الاعتماد عليه، حتى إن احد العلماء جمع في كتاب واحد احاديث كثيرة جدا. وكلها تدور حول العقل ومكانته السامية. ويصرف النظر عن صحة هذه الأحاديث او عدم صحتها . فإن المهم أن هؤلاء المفكرين كانوا يدركون تمام الإدراك ان هذا ليس خطوة تمهيدية وليست النهاية، لقد بدأ للمفكرين المسلمين أيضا أن يلجا والقرآن يلمسون فيه الآيات - وما أكثرها - التي تدعو إلى التفكير وتأمر بالتأمل والبصر في حقائق الكون والاعتبار بآثار القدرة والتعقل والفقه - وفى الواقع كل المصطلحات التي تفيد وجوب استغلال طاقات الإنسانية الفكرية في استكشاف أسرار الكون للوصول إلى صفات المبدع، وإذا نظرنا إلى هذه الآيات وما تدعو إليه - بصرف النظر عن موضع استغلالها لدى هؤلاء لا نملك إلا أن تقرر أن القرآن لم يتردد لحظة في إعلان وجوب استعمال الفكر فيما خلق له. وحتمية التنبه إلى ما في الأرض من ثروات ومصادر خير ونعم. يحسن بالمرء أن يستغلها، ويجدر به أن يشكر المنعم عليها . بل إن القرآن ليضرب أمثلة التأمل وكيفيته واستخلاص العبرة او الدرس يخاطب العقل والقلب معا كما أسلفنا - استغل هؤلاء المفكرين هذه الآيات الكثرة المنيلة في القرآن وهي ما زالت ولن تزال موضع اعتزاز المسلمين يتبنى الاسلام وتشجيعه للفكر البناء الهادف في غير تحكم او تحيز ) . وقد لا يكون من المبالغة القول إن الأصاب الإسلام من ضرر وإيذاء على يد اعدائه الملاحدة، قد يساوى في الدرجة ما أصابه على يد انصاره المتزمتين الذين جمدوا روح الدين، وحظروا على الدين والعقل ان يتنزها في رياض هذا الدين، وأن يتذوقا حلاوته الفكرية والروحية - إن الدين لفتات فكرية وروحية قلما تنبه لها هؤلاء، وطالما سعى أولئك لإخفائها وطمس معالمها ، عن محاربة الفكر المنحرف لا تكون انجع بإخفائه بقدر ما تكون بإظهار عواره وكشف تفاهه. ولكن الإنصاف يفرض علينا ان تذكر في هذا الصدد ان المستويات المختلفة والظروف المتشابكة - اجتماعية وسياسية داخلية وخارجية - التي عاشها المجتمع الاسلامي في هذه الفترة ساهمت بطريقة فعالة في تأجيج الصراع بين أنصار وخصوم الفاسفة على السواء، واخذ العامة وانصاف المثقفين يهزاون ويحاربون الفكر في شخص الفلسفة، وربما كان هذا سبيا في استعمال بعض المفكرين لفظ "اعتبار " بدلا من لفظ "فلسفة" الذي أصبح فيما بعد اسلوبا للفكر، تبناه عدد من أبنائه الأمة الإسلامية على اختلاف في المنهج والهدف ، وأصبحت كلمة "الاعتبار تقابل كلمة "النبأ" أو الخبر؟ بنفس التقابل الذي يوجد بين كلمتي "العقل" و "النقل" أو الفلسفة و "الدين".
عصور نهضتها وتألق في سمائها نجوم العلم والأدب والفلسفة أمثال الكندى والفارابي وابن سينا وابن رشد وابن الهيثم وجابر بن حيان وأطلق على عصرهم عصر الأزدهار . منها : وقد حاول بعض المستشرقين المتعصبون عنصريا أن يوجهوا بعض الانتقادات (1) عدم وجود فكر فلسفي واضح في المراحل الأولى للإسلام. (۲) عدم وجود مفكرين في ذلك العصر نطلق عليهم اسم فلاسفة مسلمين . وقدم اليه ووحدانيته كما يقضى بذلك الدين الإسلامي نفسه (۱) ، والملاحظ إن كلا الفريقين اللذان انكرا اصالة الفكر الإسلامي والآخر الذي أعطى أصالة ضئيلة لا تتفق مع مكانه الفكر الإسلامي على مر تاريخ الانسانية، ولكنهم سرعان ما أفاقوا ليراجعوا أنفسهم ويعدل أفكارهم وإن الفكر اليوناني في جملته كما وصل للمسلمين لم يتعارض مع دينهم. والألوهية ، وما نود ان نصل اليه . ان مفكرين غير اسلاميين سلموا فعلا بان فلاسفة المسلمين كان لديهم ما يقولونه وأنهم لم يكونوا يجرد نقله او شراح للفكر اليوناني، ولهذا كان الفلاسفة المسلمين موضوعات خاصة تابعة من البيئة الإسلامية وليس من البيئة اليونانية وتدلك على ذلك بان المفكرين المسلمين نقدوا المنطق الأرسططاليسي. وأيضا المسلمين هم أصحاب المنهج الاستقرائي كاملا وكان ردا على المنطق القياسي عند اليونانين ومحاولة ابن رشد الفيلسوف المسلم التوفيق بن الدين والفلسفة وسبقه في ذلك او فيلسوف عربي "الكندى" إلى و ابن سينا و ابن طفيل" - "السهروردي" كلهم متفنون على أن الدين لم يقف حائلا أمام الفكر بل دين الإسلامي بشجع الفكر والتفكير وجعل منه فريضة على كل مسلم وآياته وسننه تشهد على ذلك.المسلمين من الفكر اليوناني لقد وقع بعض فلاسفة الإسلام سجين الفكر اليوناني ، ولكن معظمهم سرعان ما أفاق ليراجع نفسه ويعدل أفكاره، ويجب ألا ننسى في هذا المقام ان الفكر اليوناني في جملته - كما وصل إلى المحيط الإسلامي - لم يبد في بادئ الأمر صريح العارض والتناقض مع الدين الإسلامي . واستقبلته البيئة الإسلامية . ولم يشتد الصراع بين الإسلام وبين هذا الفكر إلا عندما تعرض هذا الفكر للمصادر الأساسية للدين كالنبوة والوحى والألوهية . وبطبيعة الحال لا يمكن أن يتوقع الإنسان اتفاق النتائج التي يصل إليها مثل هذا الفكر مع المبادئ الدينية - لقد كان إسراقا في الأمل أن توقع من رجال الدين ، وعلماء الكلام المحافظين أن يقبلوا أن تكون النبوة - المصدر المقدس للمعرفة الدينية والإلهية - موضع مقارنة مع الحكمة والفلسفة . في كفة أخرى . كما أنه لم يكن من المتوقع أن يوفق مفكر ما في شرح تجربة النبوة (1) ، في الوقت الذي يفقد هذه التجربة . ولعل أهم ما أثار ثائرة رجال الدين المحافظين هو ما فهموه - ضمنيا أو تصريحا - من إمكان الاستغناء عن الوحى والحصول على معرفة مؤسسة على العقل وحده، وسترى في عرضنا لبعض المحاولات الفلسفية في التوفيق بين الدين والعقل أو بين الوحى والفلسفة ، أنه يمكن أن يفهم من هذه المحاولات أن الفيلسوف - وفى الواقع أي إنسان سليم البصيرة والفكر - يمكنه أن يصل إلى مثل الحقائق إلى وصل إليها النبي ، وأن غاية النبي والفيلسوف واحدة : والآن يمكن أن نقول كلمة إنصاف في هذا الصدد إن التدليل على أحقية ما جاء به الرسول بإمكان الوصول إلى مثله عن طريق العقل يعد في ذاته عملا محمودا في نظر رجل الدين المتفتح، الذي يسره أن يجد مبادئ دينه لا تعارض العقل، ولا تقف في سبيل الفكر ، ولكن رجل الدين المتفتح لا ينسى ، أيضا أن النبوة خصوصية ، منحها الإله الأفراد نصبهم دعاة لأمره وهداة بهديه، وقد أطلعهم على الحقيقة مباشرة بصورة لا تحتمل شكا أو ارتيابا . وفي حالة الرسول الكريم - محمد صلى الله عليه وسلم - لم تتركه الألوهية ليصوغ هذه الحقائق التي شاهدها او علمها - بل جعلته مجرد واسطة امينة لنقل هذه حقائق الإلهية، التي تم صوغها بعيدا عن أي تدخل شخصي من النبي، فإذا جاز للفيلسوف ان يصل إلى حالة النبي، فليس هناك إذن أي داع للإختصاص، وقد يسأل الانسان فيقول: عن وضع المشكلة على هذا النحو يشعر بان هناك طريقين من طرق المعرفة، ولا يمكن أن يلقيا : الأول طريق الدين، والثاني طريق العقل، وهذا ولا شك يوهم أن الدين لا يساير العقل ابداء بل يشق طريقا مخالفا له تمام المخالفة، وهو قول تنقصه الشواهد والأدلة التي يمكن ان نستمدها من الدين نفسه. وهذا تبسيط للمشكلة بجانب الصواب، فإن المشكلة في الواقع تتصل بعدة نقاط منها : (1) مدى وثاقة ما يوحى إلى النبي ((۲) مدى أحقية لعقل في مناقشة التعاليم والأفكار الدينية، بعد فرض صحتها ووثاقتها، ومدى أحقيته في الحرية في أن يفكر بعيدا عن هذه التعاليم وتريد بقولنا بعيدا عن هذه التعاليم ان يبحث في مجال آخر لا يتصل بميدان الأفكار الدينية. فإذا شغل نفسه حتى برفض التعاليم الدينية لا يقال إنه يفكر تفكيرا طليقا : لأن طبيعة التعاليم ما تزال تشد أفكاره وتوثقها واظن ان من الواضح ان الاشتغال برد أو رفض بعض الآراء - يترك أثره على الرد إن شاء أو أبي، ولعل من أمثلة ذلك ما نراه في تراث علم الكلام أيهما أولى بان يكون له اليد الطولى ؟ الدى ؟ أم الفلسفة أو ما يسمى تجاوزا بالفكر الحر ؟ ويتبع ذلك طبعا البحث في مشكلات متفرعة كمشكلة "الخاصة والعامة وخاصة الخاصة . الخ. والبحث في النقطة الأولى يطلب التعرض الحقيقة النبوة وطبيعة الوحي وادلة إمكانياته براهين صدفة في أسلوبه الرمزي (1) الفكرى وما يصاحب ذلك من فكر وسلوك، ومدى الإلزام الذي يتمتع به النبي كمصدر للمعرفة والسلوك، خصوصا في دولة إسلامية التحدث فيها السلطة الدينية والسلطة السياسية. ويرمح النظر المتأمل وقد يبدو متناقضا أن يعمل الفكر في تعاليم ومبادئ قد وضعت فعلا، وأصبحت ملزمة عقيدة وعملا، وأن يوصف الفكر مع هذا بالحرية. لأن الفكر لا يأتي من لا شئ، وثورة الفكر على مذهب معين كثيرا ما تنتهى بالوقوع ضحية لمذهب آخر. إن أشد الملاحدة ثورة على مبدأ الألوهية يقع فريسة دون أن يشعر الإلهه هو الذي يتخذه من الطبيعة او من الحيوان أو من الانسان: ويشمل ذلك نفسه ذاتها . إن وجود الفكر الطليق كلية لا يمكن ان يتصور إلا إذا تصور خلاء تام في العقل الانساني يتلوه عمل عقلي في ميدان التفكير ومع هذا فلابد أن يستير العقل للتفكير شواهد اما حسية وإما معنوية، وعن طريقها يتحدد الفكر ويعود مقيدا مرة أخرى. إن ثورة ديكارت وطرحه لكل ما سبق من أفكار وعقائد كتيجة لشكه المنهجي ليست مثالا صحيحا الحرية الفكر المطلقة، حبيس مذهبه الذي لا يتعدى في جمله ان يكون تعديلا المشاج من المذاهب الأخرى، وليس خلقا مبتكرا يسبقه العدم ) .موقف المفكرين من النبوة اللهم إلا أفراد قلائل، جروا بدحض النبوة والتقليل من شانها ، وقد كشفهم مفكروا الاسلام وتصدوا للرد عليهم وإفحامهم. وتعتقد أن مثل هذه الآراء الجريئة المنحرفة لم يجهر بها إلا بعد أن ضمن للفلسفة الأجنبية مكان في المجتمع الاسلامي، هو أن يهينوا لها مكانا مقبولا في هذا المجتمع. وهذا بالطبع لا يتم إلا إذا وضح أن هدف الفلسفة لا يعارض هدف الدين، بل يؤيده ويعززه إن الدين يكتسب بالفلسفة نصيرا لا عدوا . حقيقة الروح الإسلامية : ومما يجب التنبه له هو انه لا يوجد في الروح الإسلامية ما يقف في طريق الفكر الهادف الذي ينشده الحق أي كان، ويسعى للإذعان له في اي ميدان تشهد بذلك آيات القرآن الكريم، وكما يدل على ذلك عرض القرآن لآراء المخالفين عرضا أمينا، والرد عليها بطريق مقتصر مباشر، بل ينتهى إلى إقناع النظرة السليمة الى يهمها وضوح الرؤية ونيل القصد، وتجنيب عورات الشبه الذي تكتمل فيه الكفايات الأساسية الثلاث: كفاية الفكر، ومع ذلك ، وبالرغم من كل ذلك، فقد وجد الفلاسفة أنفسهم في موقف يفرض عليهم ان يهينوا لهذا الفكر المترجم مكانه مقبولة لدى المسلمين 1 اتصال المسلمين بالفكر اليوناني: لا يعنينا هنا أن تبع بالتفصيل ظروف اتصال المسلمين بالفلسفة اليونانية سواء كان ذلك عن مدارس حران والرها ونصين، او عن طريق الترجمات التي قام بها النساطرة، ويكفى أن نشير إلى مفهوم التسمية التي أطلقها الخليفة المأمون على منظمة انشأها توفى المأمون سنة (۲۱۸) هـ ) فقد سمى هذه المنظمة أو الأكاديمية "بيت الحكمة ونحن لعلم ان لفظ حكمة هو الاسم العربي للفلسفة وقد كشفت الدراسات الحديثة عن حقيقة معرفة العرب للفلسفة اليونانية قبل ذلك بوقت طويل حتى القرن الأول الهجرى) . عرف مفكروا الاسلام الفلسفة اليونانية في مراحلها المتعددة. وعرفوا ان هناك فلاسفة قدامى اسموهم احيانا بالطبيعيين الذين اعقبهم السوفسطائيون كما تنبهوا إلى الفرق الكبير بين سقراط وافلاطون من جهة وبين من سبقهم من فلاسفة الإغريق . حيث لاحظو انه بوجود هذين الفيلسوفين تخطى الفكر مرحلة جديدة يمكن ان تسمى بحق مرحلة جديدة يمكن ان تسمى بحق مرحلة التصور الفعلية . أما أرسطو فقد تكشف منطقة لهؤلاء المفكرين وعنوا به عناية فائقة، ولكن الجانب الطبيعي والميتافيزيقي لدى ارسطو لم يصل إلى هؤلاء المفكرين خالصا غير مشوب بعناصر داخلية، بل وصل إليهم محرفا بعض التحريف ومشوبا عناصر من الأفلاطونية المحدثة التي هي إحياء لمذهب أفلاطون مع إضافة بعض العناصر الغنوصية والصوفية إلى جانب أمشاج من اليهودية على يد افلاوطين الاسكندري وتلامذته) . تدعيمات الفلسفة في المحيط الاسلامي : ولم تقف معرفة المسلمين بالفكر اليوناني عند حد أرسطو، بل تعددت ذلك أيضا . ومن الطبيعي أن تجد الفلسفة اليونانية مقاومة شديدة في المحيط الإسلامي فقد وجدت نفس هذه المقاومة في المحيطين اليهودي والمسيحي، وقد وجدت هذه المقاومة في الاسلام، لا باعتبارها تمثل فكرا حرا فقط بل لأنها كانت تمثل روحا مباينة للروح الإسلامية، ولقد جاهد عشاق الفلسفة هذه في أن يمهدوا لها أرضا ثابتة في المجتمع الإسلامي بوسائل كثيرة، فتارة يستندون إلى أحاديث كثيرة تمجد العقل الانساني وتدعو إلى الاعتماد عليه، حتى إن احد العلماء جمع في كتاب واحد احاديث كثيرة جدا. وكلها تدور حول العقل ومكانته السامية. ويصرف النظر عن صحة هذه الأحاديث او عدم صحتها . فإن المهم أن هؤلاء المفكرين كانوا يدركون تمام الإدراك ان هذا ليس خطوة تمهيدية وليست النهاية، للفكر سواء كان يونانيا او غيره. لقد بدأ للمفكرين المسلمين أيضا أن يلجا والقرآن يلمسون فيه الآيات - وما أكثرها - التي تدعو إلى التفكير وتأمر بالتأمل والبصر في حقائق الكون والاعتبار بآثار القدرة والتعقل والفقه - وفى الواقع كل المصطلحات التي تفيد وجوب استغلال طاقات الإنسانية الفكرية في استكشاف أسرار الكون للوصول إلى صفات المبدع، وإذا نظرنا إلى هذه الآيات وما تدعو إليه - بصرف النظر عن موضع استغلالها لدى هؤلاء لا نملك إلا أن تقرر أن القرآن لم يتردد لحظة في إعلان وجوب استعمال الفكر فيما خلق له. وضرورة التأمل في صنع الله، وحتمية التنبه إلى ما في الأرض من ثروات ومصادر خير ونعم. يحسن بالمرء أن يستغلها، ويجدر به أن يشكر المنعم عليها . بل إن القرآن ليضرب أمثلة التأمل وكيفيته واستخلاص العبرة او الدرس يخاطب العقل والقلب معا كما أسلفنا - استغل هؤلاء المفكرين هذه الآيات الكثرة المنيلة في القرآن وهي ما زالت ولن تزال موضع اعتزاز المسلمين يتبنى الاسلام وتشجيعه للفكر البناء الهادف في غير تحكم او تحيز ) . وقد لا يكون من المبالغة القول إن الأصاب الإسلام من ضرر وإيذاء على يد اعدائه الملاحدة، قد يساوى في الدرجة ما أصابه على يد انصاره المتزمتين الذين جمدوا روح الدين، وحظروا على الدين والعقل ان يتنزها في رياض هذا الدين، وأن يستمتعا بجماله، وأن يتذوقا حلاوته الفكرية والروحية - إن الدين لفتات فكرية وروحية قلما تنبه لها هؤلاء، وطالما سعى أولئك لإخفائها وطمس معالمها ، عن محاربة الفكر المنحرف لا تكون انجع بإخفائه بقدر ما تكون بإظهار عواره وكشف تفاهه. ولكن الإنصاف يفرض علينا ان تذكر في هذا الصدد ان المستويات المختلفة والظروف المتشابكة - اجتماعية وسياسية داخلية وخارجية - التي عاشها المجتمع الاسلامي في هذه الفترة ساهمت بطريقة فعالة في تأجيج الصراع بين أنصار وخصوم الفاسفة على السواء، واخذ العامة وانصاف المثقفين يهزاون ويحاربون الفكر في شخص الفلسفة، وربما كان هذا سبيا في استعمال بعض المفكرين لفظ "اعتبار " بدلا من لفظ "فلسفة" الذي أصبح فيما بعد اسلوبا للفكر، تبناه عدد من أبنائه الأمة الإسلامية على اختلاف في المنهج والهدف ، وأصبحت كلمة "الاعتبار تقابل كلمة "النبأ" أو الخبر؟ بنفس التقابل الذي يوجد بين كلمتي "العقل" و "النقل" أو الفلسفة و "الدين".
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
ad يترقب المقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي بدء تفعيل التأشيرة الخليجية الموحدة بعد مرور أكثر من ع...
Bullying is a repeated aggressive behavior that involves an imbalance of power between the bully and...
فاللغة العربية ليست فقط لغة المسلمين، ووسيلة لتحقيق غاية أخرى وهي تعديل سلوك التلاميذ اللغوي من خلال...
1-تعتبر أسرة محمد آل علي الإبداع والإبتكار هي أول نقطة في الإنطلاق إلى التحسين في شتى المجالات حيث ق...
يعتبر فول الصويا من المحاصيل الغذائية والصناعية الهامة على المستوى العالمي نظراً لاحتواء بذوره على ن...
Traffic Padding: inserting some bogus data into the traffic to thwart the adversary’s attempt to use...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم ذهب إلى دورة القرآن وتعلمت القرآن ثم عدت إلى منزلي ومكتبي قلي...
يجمع نظام التكاليف بجوار المحاسبة على الفعليات،التوفيق في ظروف حدوثها وأسبابها ومدى الكفاءة في التنف...
نطاق البحث يركز هذا البحث على تحليل الأطر القانونية والمؤسساتية لعدالة الأحداث، مع دراسة النماذج الد...
نفيد بموجب هذا الملخص أنه بتاريخ 30/03/1433هـ، انتقل إلى رحمة الله تعالى المواطن/ صالح أحمد الفقيه، ...
العدل والمساواة بين الطفل واخواته : الشرح اكدت السنه النبويه المطهرة علي ضروره العدل والمساواة بين...
آملين تحقيق تطلعاتهم التي يمكن تلخيصها بما يلي: -جإعادة مجدهم الغابر، وإحياء سلطانهم الفارسي المندثر...