Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (22%)

الثقافة العربية بين الأصالة والمعاصرة (2)

د. فرحان السليم
ويقتضي ذلك ما يلي :
1. ضرورة معرفة العصر :
إن من بين دعاة الأصالة من يعيش في الماضي وحده ، ويحيا في مشكلاتهم ، ويجيب عن أسئلتهم ، أكثر مما يعايش الأحياء . وإذا سألتهم عن حل لمشكلة معاصرة استنجدوا بآبائهم لكي يحلوها . حتى قال فيهم جمال الدين الأفغاني : لقد أضحوا على حالة كلما قلت لهم كونوا بني آدم قالوا كان آباؤنا كذا وكذا . المطلوب ـ إذن ـ أن يعيش الإنسان القوي في حاضره ، ولكي يحسن العيْشة في حاضره وزمانه (عصره) ينبغي أن يعرفه حتى يتعامل معه على بصيرة . وهذه المعرفة لازمة لكل من يريد تقويم هذا الواقع ، والآنية ، منزهة عن كل نقص ، وإن كانت تنخر في كيانه ، ومثل ذلك : الاتجاه " التآمري " الذي يرى وراء كل حدث ـ وإن صغر ـ أيادي أجنبية ، ونحن لا ننكر التآمر والكيد ولكن تضخيم ذلك بحيث يجعلنا " أحجاراً على رقعة الشطرنج " يفتُ في عضدنا ، وييئسنا من أي توجه إيجابي لإرادة التغيير ، ولا حلَ أمامنا غير الاستسلام للواقع المر . أن نردَها إلى الخلل الداخلي ، كل حسب ماله من طاقة وسلطة : الجماهير والعلماء ، والمفكرون والمربون والحكام : (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )) . وفي هذا لون من التدليس والتلبيس ،


Original text

الثقافة العربية بين الأصالة والمعاصرة (2)


د. فرحان السليم


الثقافة العربية بين الأصالة والمعاصرة (1)


ماذا تعني المعاصرة ؟
إن المعاصرة تعني أن يعيش الإنسان في عصره وزمانه ، ومع أهله الأحياء ، يفكر كما يفكرون ، ويعمل كما يعملون ، يعايش الأحياء لا الأموات ، والحاضر لا الماضي . ويقتضي ذلك ما يلي :



  1. ضرورة معرفة العصر :
    أي أن نعرف " العصر " الذي نعيش فيه معرفة دقيقة وصادقة ، فإن الجهل بالعصر يؤدي إلى عواقب وخيمة ، وهذا ما دفع أحد المفكرين إلى القول : إن المشكلة ليست في جهلنا بالإسلام ، بل المشكلة في جهلنا بالعصر ! والجهل بالعصر سمة مشتركة بين دعاة الأصالة ودعاة المعاصرة . إن من بين دعاة الأصالة من يعيش في الماضي وحده ، ويسكن في صومعة التراث ، وقد أغلق عليه بابها ، فلا يكاد يرى أو يسمع أو يحسُ شيئاً مما حوله . ويا ليته يعيش في عصور التألق والازدهار ، بل كثيراً ما يعيش في عصور التخلف والتراجع . فهو يفكر بعقولهم ، ويتحدث بلغتهم ، ويحيا في مشكلاتهم ، ويجيب عن أسئلتهم ، فهو حي يعايش الأموات ، أكثر مما يعايش الأحياء .
    إن مما ابتليت به الثقافة العربية نفراً من الآبائيين الذين يفرون من مواجهة الواقع إلى أحضان آبائهم وأجدادهم : (( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون )) . وإذا سألتهم عن حل لمشكلة معاصرة استنجدوا بآبائهم لكي يحلوها . حتى قال فيهم جمال الدين الأفغاني : لقد أضحوا على حالة كلما قلت لهم كونوا بني آدم قالوا كان آباؤنا كذا وكذا .
    المطلوب ـ إذن ـ أن يعيش الإنسان القوي في حاضره ، منطلقاً إلى مستقبله ، ولكي يحسن العيْشة في حاضره وزمانه (عصره) ينبغي أن يعرفه حتى يتعامل معه على بصيرة . وكلمة اللسان الواردة في الآية : (( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم )) ، يفهم منها اللغة ويفهم منها طبيعة العصر .
    معرفة الواقع من تمام معرفة العصر : الواقع المحلي ( الوطني ) ، والإقليمي ( العربي ) ، والإسلامي ، والعالمي .
    وهذه المعرفة لازمة لكل من يريد تقويم هذا الواقع ، أو إصدار حكم له أوعليه ، أو محاولة تغييره .
    ولا تتم معرفة الواقع على ما هو عليه حقيقة إلا بمعرفة العناصر الفاعلة فيه ، والموجهة له والمؤثرة في تكوينه وتلوينه ، سواء أكانت عناصر مادية أم معنوية ، بشرية أم غير بشرية ومنها عناصر جغرافية وتاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية وفكرية وروحية .
    وتفسير الواقع كتفسير التاريخ ، يتأثر باتجاه المفسر وانتمائه العقدي والفكري .
    ويجب أن نحذر من النظرات الجزئية ، والمحلية ، والآنية ، والسطحية ، والتلفيقية والتسويغية .
    فعلينا أن نحذر من الاتجاه " الإطرائي " للواقع ، ومحاولة تحسينه وإبراز صورته سالمة من كل عيب ، منزهة عن كل نقص ، وغضّ الطرف عن العيوب الكامنة فيه ، وإن كانت تنخر في كيانه ، واتهام كل من ينقد هذه العيوب والآفات بأنه مشوش ، أو مبالغ أو متطرف .
    ونحذر كذلك من الاتجاه " التشاؤمي " الذي ينظر إلى الواقع بمنظار أسود ، يجرده من كل حسنة ، ويلحق به كل نقيصة ، ولا يرى فيه إلا ظلمات متراكمة ، موروثة من عهود التخلف ، أو وافدة مع عهد الاستعمار . جماهير مُضلَّلة ، وأقطار هي مجموعة " أصفار " !! وما يرجى من تغيير ، أو يؤمل من إصلاح ، فهو سراب يحسبه الظمآن ماء .
    ومثل ذلك : الاتجاه " التآمري " الذي يرى وراء كل حدث ـ وإن صغر ـ أيادي أجنبية ، وقوى خفية ، تحركه من وراء ستار . ونحن لا ننكر التآمر والكيد ولكن تضخيم ذلك بحيث يجعلنا " أحجاراً على رقعة الشطرنج " يفتُ في عضدنا ، وييئسنا من أي توجه إيجابي لإرادة التغيير ، ويريحنا بأن نشعر أننا أبدا ضحايا من هو أقوى منا ، ولا حلَ أمامنا غير الاستسلام للواقع المر . ومن ناحية أخرى يجعلنا هذا لا نعود على أنفسنا باللائمة ولا نحاول إصلاح ما فسد ، وتدارك ما وقع .
    إن أوْلى من تعليق أخطائنا على مشجب التآمر الخارجي ، أن نردَها إلى الخلل الداخلي ، أي الخلل في أنفسنا قبل كل شيء : (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) .
    وقريب من ذلك الاتجاه " التنصلي " في تفسير الواقع ، بمعنى أن أحداً لا يريد أن يتحمل مسؤولية ما في هذا الواقع من سوء وانحراف ، فكل واحد ، وكل فريق ، يريد أن يحمل وزره على غيره ، أما هو فلا ذنب له ، ولا تبعة عليه .
    الكل يشكو من الفساد ، ولكن من المسؤول عن فساد الحال ؟ وأين الخلل ؟ جمهور كبير من الناس يحملون المسؤولية على العلماء ، والعلماء يحملون المسؤولية على الحكام ، والحكام يحملونها على الضغوط الخارجية أو الضرورات الداخلية .
    والحق أن الجميع مسؤولون ، كل حسب ماله من طاقة وسلطة : الجماهير والعلماء ، والمفكرون والمربون والحكام : (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )) . ( متفق عليه من حديث ابن عمر . صحيح الجامع الصغير برقم 4569) .
    ومن التفسيرات الخاطئة للواقع : التفسير التسويغي التبريري الذي يحاول أن يضفي على الواقع ، ما يجعله مقبولاً ومشروعاً ، وإن حاد عن الحق وسواء السبيل ، وفي هذا لون من التدليس والتلبيس ، بإظهار الواقع على غير حقيقته ، وإلباسه زيا غير زيه .
    إننا نريد معرفة واقع عصرنا وعالمنا عموما ، وواقع أمتنا خصوصاً كما هو ، دون تحريف ولا تزييف ، ولا تهويل ولا تهوين ، ولا مدح ولا ذم ، مستخدمين الأساليب العلمية الموضوعية في الكشف والرصد والتحليل ، وفي هذا ما يساعدنا على تشخيص الداء ووصف الدواء .
    إن أعداءنا يعرفوننا تماماً ، فنحن مكشوفون لهم حتى النخاع ، فهل عرفنا نحن أعداءنا ؟ وإذا كنا لم نعرف أنفسنا كما عرفها غيرنا ، فكيف نعرفهم ؟ بل هل عرفنا أنفسنا مثلما عرفها خصومنا ؟


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

Meet the manage...

Meet the manager and learn about the services provided by the bank to the individual and. Companies ...

fanfictionfanfi...

fanfictionfanfictionfanfictionfanfictionfanfictionfanfictionfanfictionfanfictionfanfictionfanfiction...

اللعن كلمة ورد ...

اللعن كلمة ورد ذكرها في الشرع واللغة لمعان، فقد تحدثت كتب اللغة عن استعمال هذه الكلمة في حديث العرب ...

The company con...

The company considers that public relations plays a vital role in enhancing trust between the compan...

الصلة بعمليات ا...

الصلة بعمليات الطوارئ يعتمد نظام اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات نهجاً استطلاعياً نهائياً لإجرا...

:The Nile Delta...

:The Nile Delta, the lifeblood of Egypt, faces a multitude of threats from climate change. Here's a ...

Magnetic fields...

Magnetic fields are established due to the inherent properties of moving charges and the principles ...

مع التعقيد المت...

مع التعقيد المتزايد للعمليات التجارية والبيئة التنظيمية الصعبة ، أصبح دور عمليات التدقيق في ضمان الا...

يقصد بقناة التو...

يقصد بقناة التوزيع " مجموعة المؤسسات أو الفراد النين تقع على مسؤوليتهم القييام بمجموعية مين الوظامف ...

قد تبدو وكأنها ...

قد تبدو وكأنها قصة خيالية ، و لكنها تحكي قصة حقيقية حدثت مع أحد المهاجرين الذين قد فقدوا ابنهم في من...

مع التعقيد المت...

مع التعقيد المتزايد للعمليات التجارية والبيئة التنظيمية الصعبة ، أصبح دور عمليات التدقيق في ضمان الا...

We contend that...

We contend that this sector is not inherently unethical but that there are some ethical issues with...