Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (Using the clustering technique)

نسق المجتمع المحلي في المجتمع السعودي يتكون النظام الاجتماعي لنسق المجتمع المحلي في المجتمع السعودي من نموذجين الأول وهو القرية المحددة جغرافيا، وفي الواقع تتباين نماذج المجتمعات المحلية سواء في القرية أو في أحياء المدن تباينا كبيراً في سماتها وخصائصها من حيث المجتمع، هي: ( أ ) الاتجاه الأيكولوجي : وهو يرى أن الموارد الاقتصادية الطبيعية تساهم بشكل كبير في صياغة الحياة الاجتماعية، لكن من جهة أخرى فقد ساعد التطور الثقافي والتكنولوجي على انفصال الإنسان إلى حد بعيد عن قيود القوى الطبيعية وأصبح يتحكم بالظروف البيئية. ولقد حاولت الدراسات الاجتماعية الأنثروبولوجية تحديد خصائص وسمات الجماعات الرئيسة التي يمكن أن يتكون منها المجتمع المحلي، ( أ ) الجماعة الأثنية أو الجماعة العرقية وهي فئة متمايزة من السكان تعيش في مجتمع أكبر لها ثقافتها المتمايزة، وهذه الجماعة وهم يعيشون في مجتمع أكبر لهم سلف مشترك سلالة واحدة وذكريات مشتركة، ترتكز على واحد أو أكثر من العناصر الرمزية للثقافة مما يجعلهم يشعرون بالأهلية ومن أهم العناصر الجوار اللغة اللهجة الانتماء القبلي الانتماء الديني . والعمل في نطاق ما أو أكثر من نطاقات الحياة الأساسية كاللغة والحياة الأسرية والمعرفة العلمية والسمات المادية والملكية والمهنة. ( د ) الجماعة السلالية : وهي تشير إلى جماعة من الناس يمتلكون في غالبيتهم ملامح فيزيقية مشتركة من أهمها لون الجلد، ارتفاع القامة أولاً : المجتمعات البدوية السعودية : المجتمع البدوي يمكن أن يكون محل دراسة في علم الاجتماع بفرعه المعروف علم الاجتماع البدوي، وكثير من الباحثين جعل من المعيار المهني وهو الرعي والانتقال مقياساً رئيساً لتحديد الجماعة البدوية من غيرها. فممارسة مهنة الرعي وحدها لا يمكن اعتبارها معياراً للحكم على صفة البداوة في الجماعة التي تقوم بهذا العمل، فمثلاً كشفت دراسة اجتماعية لأحد المجتمعات البدوية في المجتمع السعودي بعد أن استقروا وتوطنوا في هجرة الغطغط أن النشاط الرئيس لسكان الهجرة تبدل عند الرجال من الرعي إلى ممارسة المهن والوظائف المختلفة كالأعمال العسكرية والتجارية، وقد تأثرت العائلة بالتغيرات الاقتصادية والبيئية فلم تعد الأسرة الممتدة فقط هي السائدة في الهجرة، وعندما يركز علم الاجتماع على دراسة المجتمعات القروية أو الريفية فإن الباحث في هذا المجال يتخصص في علم الاجتماع الريفي أو القروي، وعلى هذا الأساس فإن علم الاجتماع يتعامل مع المجتمع بمعناه العادي الواضح (Society) ويهتم بدراسة الظواهر الاجتماعية العامة في المجتمع، في الوقت الذي يقصر فيه علم الاجتماع الريفي أو القروي بحثه على المجتمع الصغير المحلي (Community)، ليستخلص منها قواعد مقننة يضيفها إلى هيكل النظريات الاجتماعية، فمثلاً وصل حجم المنازعات في قرية سبت العلايا) في منطقة عسير في عام واحد فقط (١٤١٣هـ ) (١١٠) قضايا متعلقة بمنازعات الأراضي بين الأهالي، كما أن كثيراً من المهاجرين من القرى وخاص الشباب يهجرون المناطق الريفية والقروية من أجل مواصلة الدراسة في المعاهد والكليات الموجودة بالمدن، بحيث يمكن ملاحظة أن الزراعة في القرى السعودية أصبحت نشاطاً ثانوياً بعد أن كان رئيساً وبعد أن كانت تتميز بالاكتفاء الذاتي وتنتج ما تحتاجه وتصدر الفائض إلى القرى المجاورة، وقد تبين أن معظم المواطنين السعوديين المهاجرين من القرى والمستقرين بالمدن الحضرية لهم علاقة وطيدة ومتينة بقراهم ولم تنقطع علاقاتهم عن مجتمع القرية بشكل مستمر بالرغم من أن غالبية المهاجرين تكيفوا بشكل كبير مع الحياة في المدينة، وهذا عكس ما لاحظه الباحثون في بعض المجتمعات الأجنبية أن عامل الهجرة أو الوضع السلالي في المجتمعات التي يسود فيها التمييز بين السكان على أسس عنصرية أو عرقية أو سلالية ينعكس على الأبعاد المكانية وتوزيع السكان على أحياء المدن كما هو واضح في بعض المدن الجنوبية من الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك في بعض المدن الهندية . فهم يشعرون أن أقاربهم سيعانون من بعض المشكلات التي تتعلق بتوفير السكن والمواصلات والتعليم باعتبار أن الظروف في المدن السعودية قد تغيرت عما كانت عليه عندما هاجروا إليها من قبل، ثالثاً : التجمعات السكنية في المجتمع السعودي : عندما نفذت الدولة برامجها التنموية والاجتماعية والاقتصادية جعلت من ضمن أهدافها إنشاء أحياء تحوي تجمعات سكنية لمواطنيها الذين يعملون في بعض المرافق والمنشآت المهمة، وتتميز تلك الأحياء بسمات وخصائص وظيفية ومهنية واقتصادية مشتركة قد يكون لها أثر مباشر وغير مباشر على طبيعة السلوك والعلاقات الاجتماعية لتلك الأسر. فبعد أن كانت زيارة العسكريين لجيرانهم في الأحياء المدنية العامة أسبوعياً تغير اتجاه الظاهرة وأصبح تبادل زيارة العسكريين بعضهم لبعض في التجمعات السكنية في أوقات المناسبات فقط واتضح كذلك أن العسكريين الذين ينتمون إلى التجمعات البشرية الصغيرة كالبادية والقرى، وينتمون إلى جنوب وغرب المملكة يحافظون على واجب الزيارة للجوار ولم يتأثروا بطبيعة الظروف المهنية والوظيفية المميزة للحي العسكري بالإضافة إلى ذلك فإن ظاهرة الزيارة في الأحياء العسكرية قد تأثرت كثيراً بنوعية عمل الزوجات، وهذا عكس ما هو موجود في الأحياء المدنية العامة عندما كانت علاقة العسكريين مفتوحة ويختارون رفاقهم من خارج أحيائهم المحلية. فكلما انخفض المركز الوظيفي والمؤهل الدراسي زاد من توجه الفرد نحو اختيار جماعة الرفاق من ضمن الساكنين، وهذا عكس ماكان يحدث في الأحياء المدنية العامة عندما كان الرجل العسكري يتميز بخلافات متعددة مع جيرانه المدنيين رابعاً : مجتمع الأقليات الثقافية في المجتمع السعودي : نتفق مع الدراسات السعودية التي رفضت مصطلح العرق الجماعة العرقية)، فهذا أبو جهل وذاك أبو لهب من الذين مثلوا أعلى درجات (سلم العرقية) عرب من بني هاشم ومن أشرف القبائل، بينما الإسلام ممثل بالرسول - - منح مكانة عليا لسلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي وهم ليسوا من عرق عربي، ولما للمجتمع السعودي من مكانة روحية لدى عموم المسلمين في جميع بلدان العالم وقصدهم المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة من أجل الحج والعمرة وزيارة مسجد الرسول - ل - والصلاة فيه، ففي المدينة المنورة وجد بعض الأقليات يسكنون في حي المنشية وحي باب الكوسة، وقد كشفت الدراسات أن مجتمع هذه الأحياء مجتمع محلي متميز يمثل أقلية لم تندمج في ثقافة المجتمع السعودي، بالرغم من أن بعضهم حصل على الجنسية السعودية وكان سبب عدم اندماجهم يرجع إلى عدة عوامل . بعض العادات والقيم الاجتماعية والثقافية الذي يتميز به بعض الأقليات جعل هناك فواصل بين ثقافتهم وثقافة المجتمع السعودي ومن أمثلة هذه القيم عدم الحرص على الكهرباء واستخداماتها باعتبارها متاعاً دنيوياً يجب أن يترك ليعطى جزاء الآخرة، عن طريق وضع علامة مميزة بنهاية الاسم وهي موطنه الأصلي، سواء ما يختص بمراسيم العزاء أو عند تعاونها في دفع الدية للقتل الخطأ، تتكون في معظم الحالات من مهاجرين سعوديين قادمين من أقاليم المملكة ومناطقها المختلفة، يميلون عادة إلى السكن في الأحياء المتوسطة والأحياء الراقية بينما تميل الأسر الوافدة من خارج المملكة للسكن في الأحياء الشعبية. إذ لوحظ أن معظم الأحياء السكنية في المدينة يغلب على كل منها القادمون من منطقة معينة (بالنسبة للسعوديين) أو من دولة معينة بالنسبة لغير السعوديين)، وهذا يعطي مؤشراً على وجود ما يسمى بظاهرة العزلة الاجتماعية القائمة على أساس اعتبارات الموطن الأصلي. ( أ ) الغالبية من سكان المدن لم يمض على إقامتهم في المدينة سوى فترات قصيرة جدا لا تتجاوز الخمس عشرة سنة، فطول إقامة المهاجر في المدينة واستمرار الإقامة فيها يساعد على توليد بعض المفاهيم التي في ضوئها تتقلص أهمية اعتبارات الموطن الأصلي، وغير ذلك من الأشياء التي يجد المهاجر نفسه في أشد الحاجة إليها خلال الأيام الأولى لقدومه إلى المجتمع الحضري والشيء نفسه يمكن أن يقال بالنسبة للعمالة الوافدة إلى حد كبير، فقد ثبت أن العلاقات الأولية المتولدة عن انتماءات المواطن الأصلية تمارس الدور الأساس في اختيارات الأفراد، وربما يؤخذ من ذلك دليل قوي على أن المجتمع المحلي الحضري الحي في المدينة في المجتمع السعودي لم يصل بعد إلى المستوى الذي يمكن معه استيعاب الفوارق الإقليمية بين سكانه، وكذلك تميزت هذه الفترة المتغيرة بضعف الارتباط بين الجيران وأقل تشجيعاً لتوسعة علاقة الجوار في الحي لتشمل الزوجات والأبناء،


Original text

نسق المجتمع المحلي في المجتمع السعودي يتكون النظام الاجتماعي لنسق المجتمع المحلي في المجتمع السعودي من نموذجين الأول وهو القرية المحددة جغرافيا، والتي تتسم العلاقات بين أفراد مجتمعها بالتعارف، والنموذج الثاني: وهو المجتمع المحلي داخل المدن، والتي تقوم العلاقات فيه بين الناس على الجيرة أو التجانس والخصائص الاجتماعية كالمهنة أو الأصول الأولى.
وفي الواقع تتباين نماذج المجتمعات المحلية سواء في القرية أو في أحياء المدن تباينا كبيراً في سماتها وخصائصها من حيث المجتمع، والكثافة السكانية، والقرابة، ونوعية العلاقات، ودرجة العزلة، وطرق الحياة، ونوعية الثقافة السائدة، ووسائل الضبط الاجتماعي. ولقد تعددت المذاهب والاتجاهات الفكرية المفسرة لطبيعة المجتمعات المحلية وتباينت وجهات النظر التي اتجهت إلى دراستها من حيث الطبيعة والنشأة والتكوين ويمكن بصفة عامة حصر هذه الاتجاهات الفكرية في ثلاثة اتجاهات مهمة
هي: ( أ ) الاتجاه الأيكولوجي : وهو يرى أن الموارد الاقتصادية الطبيعية تساهم بشكل كبير في صياغة الحياة الاجتماعية، وتحديد الاستقرار البشري، وطبيعة العلاقات الاجتماعية، لكن من جهة أخرى فقد ساعد التطور الثقافي والتكنولوجي على انفصال الإنسان إلى حد بعيد عن قيود القوى الطبيعية وأصبح يتحكم بالظروف البيئية.
(ب) الاتجاه السيكولوجي: يقرر أصحاب الاتجاه السيكولوجي أن المجتمع المحلي منطقة روابط مشتركة لها مظهر نفسي عاطفي، تشمل التقاليد الموروثة والمكان والممتلكات والالتزامات والمسؤوليات، وتتكون عاطفة المجتمع المحلي من الشعور ب نحن أي الشعور والإحساس بالمشاركة، والشعور بالدور الذي يتحدد عضويته بالمجتمع المحلي والشعور بالاعتماد على المجتمع المحلي.
(جـ) الاتجاه السوسيولوجي يرى أصحاب هذا الاتجاه أن المجتمع المحلي منطقة محلية ذات حدود جغرافية معينة ومعترف بها، وأفراد المجتمع لهم اهتمامات مشتركة ذات فعالية وأهمية في حياتهم، لإثارة الاعتراف فيما بينهم بالرباط المشترك» الذي يربطهم، والذي ينمي فيهم الشعور بالانتماء. ويتواجد في المجتمع أدنى المستويات من النظم الاجتماعية الضرورية كنظام الأسرة والتعليم، مع مشاركة شعبية لأعضاء المجتمع في الأنشطة المختلفة، ومن أهمها الممارسة الدينية وغير ذلك من النظم الشديدة الصلة بالمجتمع المحلي.
ولقد حاولت الدراسات الاجتماعية الأنثروبولوجية تحديد خصائص وسمات الجماعات الرئيسة التي يمكن أن يتكون منها المجتمع المحلي، وتوصلت إلى أن المجتمع المحلي ممكن أن يتكون من إحدى الجماعات الآتية :
( أ ) الجماعة الأثنية أو الجماعة العرقية وهي فئة متمايزة من السكان تعيش في مجتمع أكبر لها ثقافتها المتمايزة، تشعر بذاتيتها وترتبط معا، إما بروابط السلالة أو الثقافة أو القومية، وهذه الجماعة وهم يعيشون في مجتمع أكبر لهم سلف مشترك سلالة واحدة وذكريات مشتركة، وثقافة مشتركة، ترتكز على واحد أو أكثر من العناصر الرمزية للثقافة مما يجعلهم يشعرون بالأهلية ومن أهم العناصر الجوار اللغة اللهجة الانتماء القبلي الانتماء الديني .... إلخ.
(ب) الجماعة القومية : وتشير إلى مجموعة من الناس يعيشون في منطقة جغرافية محددة ويخضعون لحكومة مشتركة، أي أن هذه الجماعة تتميز بالموضوعية السياسية. (جـ) الجماعة الثقافية : وهي تتميز بالتشابه في طرق التفكير، والعمل في نطاق ما أو أكثر من نطاقات الحياة الأساسية كاللغة والحياة الأسرية والمعرفة العلمية والسمات المادية والملكية والمهنة.
( د ) الجماعة السلالية : وهي تشير إلى جماعة من الناس يمتلكون في غالبيتهم ملامح فيزيقية مشتركة من أهمها لون الجلد، ملامح الوجه، لون الشعر، ارتفاع القامة أولاً : المجتمعات البدوية السعودية : المجتمع البدوي يمكن أن يكون محل دراسة في علم الاجتماع بفرعه المعروف علم الاجتماع البدوي، الذي يجعل موضوع الجماعات التي يسود فيها سلطان القيم البدوية مجالاً للبحث والدراسة، وكثير من الباحثين جعل من المعيار المهني وهو الرعي والانتقال مقياساً رئيساً لتحديد الجماعة البدوية من غيرها.
والواقع أن الركون لهذا المقياس غير صحيح، فممارسة مهنة الرعي وحدها لا يمكن اعتبارها معياراً للحكم على صفة البداوة في الجماعة التي تقوم بهذا العمل، بل ينبغي أن يضاف إلى ذلك معيار آخر أساسي، بل إن هذا المعيار أصبح هذه الأيام أجدى من معيار المهنة، ونقصد بذلك المعيار استقرار القيم البدوية في مجتمع معين، وأن تكون لها من السلطة في المجتمع حتى لتصبح ذات أثر فعال موجه في السلوك، ومن ثم فإنه قد توجد القيم البدوية في الأحياء الحضرية، ولها السلطان على السلوك في المدن، خاصة بعد أن استقرت العشائر ومضت أعوام على أخذها بأساليب حياة المدينة .
وقد اهتمت الدراسات السعودية المتخصصة في علم الاجتماع بالمجتمعات البدوية وحاولت كشف أثر المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية على نشاطهم الاقتصادي وسلوكهم الاجتماعي، وخاصة عملية توطين البدو وتحضرهم. فمثلاً كشفت دراسة اجتماعية لأحد المجتمعات البدوية في المجتمع السعودي بعد أن استقروا وتوطنوا في هجرة الغطغط أن النشاط الرئيس لسكان الهجرة تبدل عند الرجال من الرعي إلى ممارسة المهن والوظائف المختلفة كالأعمال العسكرية والتجارية، وتحولت الملكية من الملكية الجماعية للأرض إلى الملكية الفردية، ومن ملكية الحيوان إلى ملكية الأرض والعقار، وتغير شكل السلطة في الهجرة من نظام المشيخة الوراثي، إلى نظام الإمارة بالتعيين.
وقد واكب هذه التغيرات الجذرية في الجوانب الاقتصادية والسياسية بعض المتغيرات في النسق القرابي، فلم يعد أهالي الهجرة ينتمون إلى عشيرة واحدة فقط بل إلى عدة عشائر متباينة، ولم يعد أبناء العشيرة الواحدة يمثلون وحدة سكنية مشتركة بل أصبحوا عبارة عن أسر مبعثرة في الأحياء السكنية للهجرة، مما جعل التضامن بين أبناء العشيرة الواحدة لا يعتمد على الترابط القرابي فحسب بل على وحدة الجوار أيضاً .
وقد تأثرت العائلة بالتغيرات الاقتصادية والبيئية فلم تعد الأسرة الممتدة فقط هي السائدة في الهجرة، بل ظهر الكثير من الأسر النووية، ولم تعد الهجرة (الغطغط) وحدة منتجة في المقام الأول، بل غدت وحدة مستهلكة تعتمد على المدينة في سد معظم احتياجاتها، وبعد أن كانت المرأة عونا للرجل في البادية، أصبحت عبنا عليه عند الاستقرار في القرية، وقد تأثرت العادات المصاحبة لدورة حياة الفرد كثيراً بهذه المتغيرات، خاصة في الجوانب المادية كالسكن ووسائل النقل والأدوات المنزلية، وهي أسرع تغيراً من الجوانب الثقافية كالقيم والمعايير والعادات والتقاليد البدوية
ثانيا : المجتمعات القروية السعودية : علم الاجتماع هو العلم الذي يدرس المجتمع، والمقصود بالمجتمع هنا هو المجتمع الكبير، وعندما يركز علم الاجتماع على دراسة المجتمعات القروية أو الريفية فإن الباحث في هذا المجال يتخصص في علم الاجتماع الريفي أو القروي، الذي يساهم بدراسة الظواهر والمشكلات الاجتماعية في الريف والقرى، وعلى هذا الأساس فإن علم الاجتماع يتعامل مع المجتمع بمعناه العادي الواضح (Society) ويهتم بدراسة الظواهر الاجتماعية العامة في المجتمع، في الوقت الذي يقصر فيه علم الاجتماع الريفي أو القروي بحثه على المجتمع الصغير المحلي (Community)، ويهتم الباحث فيه بالظواهر والمشكلات الاجتماعية ذات الطابع الريفي، أو التي تظهر في الريف، أو المجتمعات القروية على وجه التحديد، وهو بذلك يستقي مادته العلمية من الحياة الاجتماعية الريفية، ويخضعها للدراسة والتجريب، ليستخلص منها قواعد مقننة يضيفها إلى هيكل النظريات الاجتماعية، فيسهم في تقدم العلم.
ولا يعني أن الباحث في علم الاجتماع الريفي يقتصر على جمع مادته العلمية من القرية أو الريف فقط، فقد اضطر مؤخراً بجانب هذا إلى أن يعرج إلى المجتمعات الحضرية والصناعية المجاورة يتفحصها في علاقتها بمجتمع القرية أو الريف، ولهذا قد يتسع مجال علم الاجتماع الريفي تبعاً لاتساع مجال البحث فيه لتشمل الهجرة من الريف إلى المدن وتكيف القرويين داخل المراكز الحضرية والصناعية .
وقد أثبتت الدراسات الاجتماعية السعودية أن هناك ظواهر ومشكلات اجتماعية تتعلق بالأرياف والقرى السعودية، ومن أهم المشكلات ما يتعلق بالأرض، باعتبارها من أهم المصادر المعيشية للإنسان في تلك القرى. ففي هذه الفترة المتغيرة ويسبب التوسع في نظام توزيع الأراضي البور، وإحداث برامج لدعم وإقراض المزارعين زاد الحرص على تملك الأراضي الزراعية في القرى، ليس بمفهوم الملكية التقليدي وانتقالها المتفق عليه، بل تملكها على أي وجه وبأي شكل يكون حتى لو كان باقتطاع جزء من الأملاك العامة، أو التوسع في أراض تخص الآخرين، مما تسبب عنه منازعات بين الأفراد، وصراعات حارت فيها الأجهزة الرسمية، بعد أن عجز أعيان القرى وشيوخ القبائل عن حلها. فمثلاً وصل حجم المنازعات في قرية سبت العلايا) في منطقة عسير في عام واحد فقط (١٤١٣هـ ) (١١٠) قضايا متعلقة بمنازعات الأراضي بين الأهالي، وكثير من القضايا لاتصل للدوائر الرسمية، ويتجه الأهالي للصلح بين المتنازعين، لأن الجهات الرسمية تتطلب إثبات الملكية بالشهود، وقد لا يتجاوب أحد من أهل القرية للشهادة خوفاً من الخصوم .
ومن ناحية أخرى، فقد تبين من دراسة بعض المهاجرين من القرى والأرياف إلى المدينة أنهم تركوا القرية في محاولة لتحسين المستوى الاقتصادي، فالزراعة والأنشطة الاقتصادية الأخرى التي تمارس في القرية لم تعد ذات عائد اقتصادي، كما أن كثيراً من المهاجرين من القرى وخاص الشباب يهجرون المناطق الريفية والقروية من أجل مواصلة الدراسة في المعاهد والكليات الموجودة بالمدن، وقد ارتبطت ظاهرة الهجرة من القرى السعودية بظهور آثار سلبية على النشاط الاقتصادي في القرية، بحيث يمكن ملاحظة أن الزراعة في القرى السعودية أصبحت نشاطاً ثانوياً بعد أن كان رئيساً وبعد أن كانت تتميز بالاكتفاء الذاتي وتنتج ما تحتاجه وتصدر الفائض إلى القرى المجاورة، أصبحت تعتمد على المدن بتوفير كثير من الأشياء المنتجة أو المستوردة.
وقد تبين أن معظم المواطنين السعوديين المهاجرين من القرى والمستقرين بالمدن الحضرية لهم علاقة وطيدة ومتينة بقراهم ولم تنقطع علاقاتهم عن مجتمع القرية بشكل مستمر بالرغم من أن غالبية المهاجرين تكيفوا بشكل كبير مع الحياة في المدينة، فبعضهم حقق الدافع من الهجرة، ومنهم من يرى أن الوضع الاجتماعي في المدن بالنسبة له أفضل من الوضع الاجتماعي السابق في القرية، ولأن الخدمات الاجتماعية والفرص الوظيفية والدراسة للأولاد تتوفر بالمدينة أفضل من القرية .
واتضحكذلك أن سكان المدينة في المجتمع السعودي بالرغم من أن معظمهم من الوافدين من القرى ولديهم ميول الممارسة أنماط الحياة الريفية في القرى سواء في مراسيم الزواج أو التنشئة الأسرية أو الحقوق بين الأقارب والجيرة، إلا أن توزيع السكان على الأحياء في المدن السعودية لا يقوم أو لا يخضع للاعتبارات الإقليمية أو الطائفية، وإنما على مبدأ تكافؤ الفرص أمام الجميع وفقاً للمؤهلات والقدرات التي من خلالها يستطيع أن يحدد مكان سكنه في أحد أحياء المدينة، بدون التمييز بين السكان أو المهاجرين على أساس السلالة أو الأصول الثقافية الأولى، وهذا عكس ما لاحظه الباحثون في بعض المجتمعات الأجنبية أن عامل الهجرة أو الوضع السلالي في المجتمعات التي يسود فيها التمييز بين السكان على أسس عنصرية أو عرقية أو سلالية ينعكس على الأبعاد المكانية وتوزيع السكان على أحياء المدن كما هو واضح في بعض المدن الجنوبية من الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك في بعض المدن الهندية .
ولقد تبين أنه بالرغم من تكيف المهاجرين من القرى مع حياة المدينة، إلا أنهم لا يرغبون في دفع أقربائهم في القرية إلى الهجرة والاستقرار بالمدينة بسبب الظروف المتغيرة في المدن، فهم يشعرون أن أقاربهم سيعانون من بعض المشكلات التي تتعلق بتوفير السكن والمواصلات والتعليم باعتبار أن الظروف في المدن السعودية قد تغيرت عما كانت عليه عندما هاجروا إليها من قبل، وبعضهم يرى أن القرى تتميز بتحسن الظروف المعيشية والاقتصادية عن المدن، وأن استقرار الأقارب في القرية أفضل من دفعهم إلى الهجرة .
ثالثاً : التجمعات السكنية في المجتمع السعودي : عندما نفذت الدولة برامجها التنموية والاجتماعية والاقتصادية جعلت من ضمن أهدافها إنشاء أحياء تحوي تجمعات سكنية لمواطنيها الذين يعملون في بعض المرافق والمنشآت المهمة، كالتجمعات السكنية الخاصة بالعاملين بالمستشفيات، والتجمعات السكنية الخاصة بأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، والتجمعات السكنية الخاصة بالمؤسسات الحكومية، وكذلك التجمعات السكنية العسكرية وغيرها .
وتكون التجمعات السكنية العسكرية مجتمعاً محلياً داخل المدن السعودية، وهي مجال اهتمام بعض الباحثين السعوديين، باعتبار أنها تقتصر على الأسر السعودية الوافدة من عدة مناطق مختلفة من المملكة، وتتميز تلك الأحياء بسمات وخصائص وظيفية ومهنية واقتصادية مشتركة قد يكون لها أثر مباشر وغير مباشر على طبيعة السلوك والعلاقات الاجتماعية لتلك الأسر. ومن أهم الظواهر الاجتماعية التي حاولت الدراسات السعودية التطبيقية كشفها في تلك المجتمعات المحلية، معرفة أثر التجمعات السكنية العسكرية على التغير في علاقة الفرد الاجتماعية، خاصة عند مقارنة سلوكه وعلاقاته الاجتماعية مع جيرانه وأصدقائه في الأحياء المدنية العامة، قبل انتقاله للسكن في الحي العسكري.
وقد تبين أن ظروف وطبيعة التجمعات السكنية العسكرية تحد من الاتجاه نحو زيارة الجيران. فبعد أن كانت زيارة العسكريين لجيرانهم في الأحياء المدنية العامة أسبوعياً تغير اتجاه الظاهرة وأصبح تبادل زيارة العسكريين بعضهم لبعض في التجمعات السكنية في أوقات المناسبات فقط واتضح كذلك أن العسكريين الذين ينتمون إلى التجمعات البشرية الصغيرة كالبادية والقرى، وينتمون إلى جنوب وغرب المملكة يحافظون على واجب الزيارة للجوار ولم يتأثروا بطبيعة الظروف المهنية والوظيفية المميزة للحي العسكري بالإضافة إلى ذلك فإن ظاهرة الزيارة في الأحياء العسكرية قد تأثرت كثيراً بنوعية عمل الزوجات، فقلت زيارة الرجل العسكري لجيرانه بسبب عمل زوجته.
ومن جهة أخرى تبين أن سكان الأحياء العسكرية منعزلون نسبياً، فالغالبية منهم يتجهون إلى اختيار رفاقهم من ضمن الساكنين في الحي، وهذا عكس ما هو موجود في الأحياء المدنية العامة عندما كانت علاقة العسكريين مفتوحة ويختارون رفاقهم من خارج أحيائهم المحلية.
ولقد اتضحأن اختيار جماعة الرفاق في التجمعات السكنية العسكرية يرتبط بشكل كبير بالمركز الوظيفي للعسكري وتأهيله العلمي، فكلما انخفض المركز الوظيفي والمؤهل الدراسي زاد من توجه الفرد نحو اختيار جماعة الرفاق من ضمن الساكنين، وتكوين جماعة أولية داخل إطار الحي العسكري، مع العلم أن الموطن الأصلي للرجل العسكري كان له دور مؤثر في عملية اختيار جماعة الرفاق، فالعسكريون من المنطقة الوسطى والجنوبية يحرصون على أن يكون رفاقهم من العسكريين الساكنين في نفس الحي.
ومن جهة أخرى تبين أن ظروف التجمعات السكنية العسكرية كان لها أثر قوي في ميل العسكريين نحو استشارة جيرانهم في كثير من الأمور الاقتصادية والاجتماعية وكذلك مساعدتهم في أوقات العوز والأزمات، وأن ظاهرة الاستشارة والمساعدة ترتبط بشكل كبير ومباشر بالموطن الأصلي للعسكري، فكلما كان العسكري ينتمي إلى جنوب المملكة زاد من اتجاهه نحو تبادل الاستشارة مع الجيران ومساعدة جيرانه في الأمور الاجتماعية والاقتصادية.
ولقد كانت الظروف الوظيفية المرتبطة بالتجمعات السكنية العسكرية تحد كثيراً من الخلافات والصراع مع الجيران، وهذا عكس ماكان يحدث في الأحياء المدنية العامة عندما كان الرجل العسكري يتميز بخلافات متعددة مع جيرانه المدنيين رابعاً : مجتمع الأقليات الثقافية في المجتمع السعودي : نتفق مع الدراسات السعودية التي رفضت مصطلح العرق الجماعة العرقية)، فإذا كان الباحثون العرب والأوربيون وجدوا أن هذا المصطلح مناسب لاستخدامه، فليس بالضرورة أن يكون هو الصواب في مجتمعنا السعودي الإسلامي، باعتبار أن الإسلام بنصوصه لا يرى للعرق» مجالاً للتفريق بين المجتمع (العام) و (الأقلية)، فهذا أبو جهل وذاك أبو لهب من الذين مثلوا أعلى درجات (سلم العرقية) عرب من بني هاشم ومن أشرف القبائل، بينما الإسلام ممثل بالرسول - - منح مكانة عليا لسلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي وهم ليسوا من عرق عربي، كما يفتخر به العرب، ولكنهم كانوا في درجة مرتفعة من حيث المكانة الدينية. يقول الرسول - -: (سلمان منا أهل البيت فكان أن رفعهم إلى أعلى درجات السلم الاجتماعي . ولما للمجتمع السعودي من مكانة روحية لدى عموم المسلمين في جميع بلدان العالم وقصدهم المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة من أجل الحج والعمرة وزيارة مسجد الرسول - ل - والصلاة فيه، فقد تكونت في عدد من أحياء هاتين المدينتين مجتمعات محلية تحوي أقليات من بعض بلدان العالم الإسلامي، كما أن الطفرة الاقتصادية والبرامج والمشروعات الحكومية قد جذبت كثيراً من العمالة والموظفين وأسرهم للعمل بالمملكة، والاستقرار بشكل دائم وشبه دائم بطريقة نظامية وغير نظامية في بعض أحياء المدن، وخاصة القديمة منها، مكونين بذلك مجتمعات أقلية ثقافية بعضها متجانس ينتمون لبلدان معينة، وبعضها غير متجانس ينتمون لبلدان متعددة.
والأقليات الثقافية في المدن السعودية، التي تكون مجتمعاً محلياً، تتركز في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ففي المدينة المنورة وجد بعض الأقليات يسكنون في حي المنشية وحي باب الكوسة، وقد كشفت الدراسات أن مجتمع هذه الأحياء مجتمع محلي متميز يمثل أقلية لم تندمج في ثقافة المجتمع السعودي، بالرغم من أن بعضهم حصل على الجنسية السعودية وكان سبب عدم اندماجهم يرجع إلى عدة عوامل .
طبيعة السكن المتلاصق بجوار بعضهم البعض، وضيق الممرات، مما يجعل دخول الغرباء إلى هذه الأحياء غير يسير، وفي أضيق الحدود، كما يمنع الاحتكاك الثقافي مع السعوديين وغيرهم.
. بعض العادات والقيم الاجتماعية والثقافية الذي يتميز به بعض الأقليات جعل هناك فواصل بين ثقافتهم وثقافة المجتمع السعودي ومن أمثلة هذه القيم عدم الحرص على الكهرباء واستخداماتها باعتبارها متاعاً دنيوياً يجب أن يترك ليعطى جزاء الآخرة، كمنطلق من الزهد والتقشف والرغبة فيما عند الله، وهذا ساهم بشكل كبير برفض فكرة استخدام التلفاز، فيعرض بعضهم عن استخدامه باعتباره يؤثر سلبياً على التنشئة الاجتماعية والدينية، مما جعلهم متقوقعين على أنفسهم، وخروجهم من قوقعتهم أمر صعب. . اللهجة التي تميز بعض أفراد مجتمع الأقليات مما قد يحول دون عملية الاندماج الثقافي مع السعوديين بسبب صعوبة التحدث معهم ومخالطتهم. . يوجد لدى بعض الأقليات شروط في الزواج، مثلاً عند إتمام الزواج وكتابة العقد اشتراط لا سابقة ولا لاحقة»، وهذا الشرط أعاق الاندماج والاتصال الحضاري البعض الأقليات مع السعوديين، لأنه يمنع التعدد في الزواج، فمن أراد الزواج منهم يشترط أن لا يكون متزوجاً وأن لا يتزوج بعد ذلك، وإلا أصبح من حق المرأة أن تطلق نفسها، وهناك أيضاً ناحية أخرى وهي أن بعض الأقليات ترفض في معظم الحالات زواج بناتهم من سعودي.
يحافظ كثير من الأقليات على أصولهم الأولى ويضعون لها حدوداً اجتماعية وسلالية، عن طريق وضع علامة مميزة بنهاية الاسم وهي موطنه الأصلي، فإذا اختفى مظهر الشخص، ظهر اسمه ليوضح أن أصله يرجع إلى مجتمع من دولة أخرى.
تحافظ الأقليات على ثقافتها وقيمها وتقاليدها، سواء ما يختص بمراسيم العزاء أو عند تعاونها في دفع الدية للقتل الخطأ، أو في علاج المرضى، أو عند استضافة الحجاج القادمين داخل منازلهم، وتوفير السكن والمال، وما ذلك إلا لتحافظ الأقلية على بقائها واستمرارها، وتجد في تعاونها القوة اللازمة لتحقيق بقائها ..
خامساً : المجتمعات المحلية في المدن السعودية : الأحياء السكنية في المدن السعودية عبارة عن مجتمعات محلية ذات خصائص حضرية، تتكون في معظم الحالات من مهاجرين سعوديين قادمين من أقاليم المملكة ومناطقها المختلفة، يميلون عادة إلى السكن في الأحياء المتوسطة والأحياء الراقية بينما تميل الأسر الوافدة من خارج المملكة للسكن في الأحياء الشعبية. بل إن الدراسات السعودية كشفت عن ما هو أبعد من ذلك، إذ لوحظ أن معظم الأحياء السكنية في المدينة يغلب على كل منها القادمون من منطقة معينة (بالنسبة للسعوديين) أو من دولة معينة بالنسبة لغير السعوديين)، وهذا يعطي مؤشراً على وجود ما يسمى بظاهرة العزلة الاجتماعية القائمة على أساس اعتبارات الموطن الأصلي. وقد بحثت الدراسات السعودية التي أشارت إلى ذلك عن السبب في أهمية الدور الذي تمارسه ظاهرة الهجرة في توزيع السكان على أحياء المدن السعودية (وخاصة في مدينة الرياض: عبد الله الخليفة : ٢٢٧:١٤١١) وتوصلت إلى أن هناك ثلاثة عوامل رئيسة وهي :
( أ ) الغالبية من سكان المدن لم يمض على إقامتهم في المدينة سوى فترات قصيرة جدا لا تتجاوز الخمس عشرة سنة، وتتمثل أهمية هذا في ارتباط فترة الإقامة بالمراكز الحضرية باختيار الحي في ضوء اعتبارات الموطن الأصلي أو الإقليم، فكلما قصرت فترة إقامة المهاجر بالمدينة قل اندماجه بالمجتمع الحضري، ومال إلى اختيار الحي السكني بالقرب من جماعته الإقليمية، فطول إقامة المهاجر في المدينة واستمرار الإقامة فيها يساعد على توليد بعض المفاهيم التي في ضوئها تتقلص أهمية اعتبارات الموطن الأصلي، مما يمنحه فرصة الحراك السكني والاجتماعي، وذلك لأن اندماج المهاجر في المجتمع الحضري قلصت عنده أهمية اعتبارات الموطن الأصلي، وأهمية بعض القيم المرتبطة بالمحافظة على توطيد وتنمية علاقات الجوار مع أبناء الموطن الأصلي.
(ب) شهدت المدن السعودية الكبيرة كمدينة الرياض من عام (١٣٩٣هـ إلى ١٤٠٤هـ) نزوح نسبة عالية من السكان إليها، وبلغت نسبة أرباب الأسر المولودين خارج الرياض نحو (۸۰) مما يدل دلالة قاطعة على أن أكثر من ثلاثة أرباع سكان الرياض لم يولدوا بها، فلا غرابة إذا أن تترك هذه النسبة العالية آثاراً ملموسة في تباين أحياء المدينة وتمايز هذه الأحياء وفقاً للمناطق التي قدم منها المهاجرون.
(جـ) معظم الوافدين إلى المدن السعودية من داخل المملكة ينتمون إلى أصول ريفية وبدوية، بينما تقل نسبة المهاجرين إلى المدن السعودية من المراكز الحضرية بالمملكة. فإذا وضعنا بالاعتبار طبيعة التقاليد والروابط الاجتماعية السائدة في القرية التي تركز على أهمية الانتماء للعشيرة والقبيلة بصورة عامة، والروابط الأسرية والقرابية بصورة خاصة، فإنه من الطبيعي أن يلجأ المهاجرون الريفيون إلى الإقامة في الأحياء السكنية التي يوجد بها أفراد تربطهم بهم روابط الموطن الأصلي، إذ يقوم هؤلاء بتقديم العديد من الخدمات لهؤلاء الوافدين عند قدومهم، كتأمين السكن والمساعدة في الحصول على عمل والتعريف بالبيئة الجديدة، وغير ذلك من الأشياء التي يجد المهاجر نفسه في أشد الحاجة إليها خلال الأيام الأولى لقدومه إلى المجتمع الحضري والشيء نفسه يمكن أن يقال بالنسبة للعمالة الوافدة إلى حد كبير، بل يمكن أن يضاف بهذا الخصوص مسألة عدم تجانس الوافدين من خارج المملكة مع الغالبية العظمى من سكان المدن السعودية في العديد من الخصائص الثقافية والاجتماعية، فمن المعروف أنه كلما كان التجانس بين المهاجرين وبين الغالبية من سكان المجتمع الحضري قليلاً كان هؤلاء المهاجرون أكثر ميلاً للتركز في أحياء معينة من المجتمع الحضري والعكس صحيح.
ومن جهة أخرى فقد اتضح أن توزيع السكان على أحياء المدن السعودية وخاصة في مدينة الرياض له ارتباط قوي بالخصائص المهنية والاقتصادية والتعليمية للأسر، ولكن لا تمنح تلك الخصائص الظاهرة توزيع السكان على المجتمعات المحلية بالمدن السعودية كما في الدول الغربية، إذ في تلك الدول الغربية تلعب الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية التعليم - المهنة - الدخل) دوراً أساسياً في تباين الأحياء. أما في الرياض كمدينة ممثلة للمدن السعودية فقد تبين خلاف ذلك، فقد ثبت أن العلاقات الأولية المتولدة عن انتماءات المواطن الأصلية تمارس الدور الأساس في اختيارات الأفراد، وتطلعاتهم الأمر الذي تمخض عنه وجود أحياء سكنية غير متجانسة خارجياً إذا ما قورنت ببعضها البعض، ولكنها متجانسة داخليا إذا ما نظر إلى خصائص الأسر التي تقطن تلك الأحياء، وربما يؤخذ من ذلك دليل قوي على أن المجتمع المحلي الحضري الحي في المدينة في المجتمع السعودي لم يصل بعد إلى المستوى الذي يمكن معه استيعاب الفوارق الإقليمية بين سكانه، وصهرها في بوتقة واحدة تذوب معها تلك الفوارق.
ومن ناحية أخرى فإن العلاقات الاجتماعية في المجتمعات المحلية داخل المدن السعودية طرأ عليها تغير كبير في هذه الفترة المتغيرة، وأخذت بالاتجاه نحو الضعف والتدني، فعلاقة الجوار في أحياء المدن السعودية أصبحت محصورة في عدد قليل من الجيران، وقل معدل التزاور بينهم عما كان عليه في الفترة المستقرة السابقة، وكذلك تميزت هذه الفترة المتغيرة بضعف الارتباط بين الجيران وأقل تشجيعاً لتوسعة علاقة الجوار في الحي لتشمل الزوجات والأبناء، وأقل تحمساً من سكان الفترة المستقرة في تلبية دعوة جيرانهم للزيارة، أو الزيارة عند المرض أو المشاركة في تشييع جنازة الجار، أو الحرص على إهداء الطعام إلى جيرانهم


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

مشهد/1 ...

مشهد/1 نهار/داخلي غرفة التشريح(مشرحة زينهم) *داخل غرفة التشريح بمشر...

At age twenty, ...

At age twenty, Charlotte Brontë sent a sample of her poetry to England’s Poet Laureate, Robert South...

فرأوا أنه عام ي...

فرأوا أنه عام يشمل دية النفس فما دونها، أو أنه يتناول دية نفس المرأة بلفظه، ودية ما دون نفسها بطريق ...

ان ضرورة معرفة ...

ان ضرورة معرفة القانون الواجب التطبيق والجهة القضائية المختصة يؤسس الدولة القانون ويضمن تطبيق القواع...

ويكمن فيما أودع...

ويكمن فيما أودع الله في كتابه من القوانين الّتي تشهد في استقامتها وعدلها وصلاحها لكلّ زمان أنّها من ...

وأبى جماعة من ا...

وأبى جماعة من الفقهاء هذا الفهم لمعارضته صريح المعقول ؛ إذ كيف ينقص التعويض حينما يزيد الضرر، فكان م...

الصفات العامة ل...

الصفات العامة للحضانات أو غرف النمو: 1- درجات الحرارة بها تتراوح من 2-40 ° م. 2- التحكم فى درجة ...

س/ تلخيص استقرا...

س/ تلخيص استقراء وتأملات في واقع الجاليات ومرتجاها:- يتبين من استقراء أوضاع الأقليات الإسلامية وأكث...

كان يا مكان،في ...

كان يا مكان،في مكان يدعى بغداد، كان هناك فتى يدعى سندباد وهو ابن لتاجر غني لكنه فقد ثروته، وكان سندب...

1. Creational D...

1. Creational Designs. These patterns address protest-oriented creation tools, striving to produce o...

من خلال ما سبق،...

من خلال ما سبق، يتبين أن نشاط تنشيط المبيعات، يهدف إلى تسريع المبيعات على المدى القصير من خلال تشجيع...

يقول "سارتر " "...

يقول "سارتر " "العدم لا يمكن أنْ يكون عدمًا إلّا إذا انعدم بحق بوصفه عدمًا للعالم؛ أي إذا كان في إعد...