Lakhasly

تعريف التربة: التربة هي الطبقة الهشة التي تغطي صخور القشرة الأرضية على ارتفاع يتراوح بين بضعة سنتيمترات إلى عدة أمتار. إن العلاقة بين التربة والكائنات الحية، النباتية والحيوانية، التي تعيش على سطحها أو داخلها، هي علاقة متبادلة، حيث تلعب الكائنات الحية دوراً هاماً وأساسياً في بناء التربة، وفي الوقت نفسه فالتربة تعتبر أخرى للتربة، ولولا وجود التربة لما وجدت الحياة، ولولا وجود الحياة في التربة لما تشكلت وبنيت، إذ تساعد التربة الحقيقية على وجود الكائنات الحية فيها، وفي الوقت نفسه تلعب الكائنات الحية دوراً لا يقل عن دور شظايا الصخور في تكوينها وتكوينها وبنائها وتحديد خواصها الكيميائية والفيزيائية.

واستمرت في تقدمها وتطورها وبقيت عظيمة باستمرار عناية الانسان بالتربة والمحافظة على خصوبتها، وبعدم اكتراث واهتمام بالوسائل التي من شأنها المحافظة على التربة وخصوبتها. مفهوم التربة : للتربة سحر غريب نحس به جميعاً من حين لآخر ففي الوقت الذي تبدو فيه وكأنها تجسد الموت بسكونها، فإنها كائن حي متفاعل مع ما يحيط بها من أنواع الحياة، فهي عالم قائم بذاته ومصدر غذاء كل من النبات والحيوان والانسان . ومع كل هذا يختلف مفهوم التربة باختلاف مفهوم الأشخاص لها، فهي تعني بالنسبة لأبناء الريف الوسط الذي تنمو فيه محاصيلهم الزراعية ومصدراً لرزقهم ومعيشتهم، وبالنسبة لأهل المدن فهي مرادفة للوساخة، وخاصة لربات البيوت فهي لا تتعدى عندهن أكثر من أنها مصدر للأوساخ والغبار. أما بالنسبة لعالم الكيمياء فما هي إلا مخزن لغذاء النبات وبالنسبة للجيولوجي فإنه ينظر إليها باعتبارها الحصيلة النهائية لعملية التجوية (Weathring) الكيمياوية والميكانيكية ولعالم التربة فهي وجود وكيان يحتل مكاناً ثابتاً على سطح الكرة الأرضية وله أبعاده الثلاثة (عمق، وبالنسبة للجغرافي فلها تعريفاتها المتعددة ولكنها متقاربة في مفهومها وجوهرها وذلك من حيث أنها خليط متفتت من المواد الصخرية والعضوية والماء والهواء،

نشوء وتطور علم التربة : إن الدراسات المتعلقة بالتربة كمصدر من مصادر الثروة الاقتصادية لم تكن في الواقع جديدة أو وليدة عصرنا فهي قديمة بقدم استثمارها من قبل الانسان بمحاصيله الزراعية وبحيواناته الأليفة وعموماً تقسم دراسات التربة إلى مرحلتين هما: 1 - المرحلة القديمة وتبدأ بالمناقشات الموضوعية حول الترب التي تمثلت في كتابات فلاسفة الاغريق وخاصة في كتابات الفيلسوف بلاتو (Plato) الذي شاهد تعرية التلال المحيطة بمدينة اثنا من تربتها ونبه إلى ما يترتب على ذلك من سلبيات . ثم جاء الرومان الذين كتبوا عن الزراعة بالذات ولكنها كانت كتابة وصفية لا تتعدى أكثر من جمع معلومات وحقائق عن النظم الزراعية المتبعة حينذاك بدلاً من أن تكون تفسيراً وتحليلاً لما قد يقع من نتائج سيئة بسبب سوء استعمال الانسان للتربة . حيث أخذ العلماء يدرسون التربة على أسس علمية معتمدة على التجارب الحقلية وتطبيق الطرق العلمية الحديثة في دراستها وقد بدأت دراسة التربة دراسة علمية بالعمل الذي قام به العالم الفرنسي ثيودور دي سوسر (Thiodor De Saussure) في عام ١٨٠٤ الذي عكف على دراسة العلاقة بين النباتات وغازي الأوكسجين وثاني أوكسيد الكاربون، وقد يبدو أن الدراسة التي قام بها ثيودور دي سوسر لا علاقة لها بالتربة، ولذا فإن هذه الدراسة قدمت الكثير من الأسس العلمية للعلاقة القائمة بين التربة والنبات .

وفي عام ۱۸۸۳ قدم عالم التربة الروسي المشهور ومؤسس علم التربة دوكوجيف (Dokuchayev ) عمله الأصيل الجيد عن التربة في روسيا. علاقة علم التربة بالعلوم الأخرى : على الرغم من أن عالم التربة يدرسها باعتبارها ظاهرة طبيعية لها مكوناتها وخصائصها وتوزيعها وطرق دراستها فإنه لا يمكن فصل ما يتعلق من دراسات عن التربة فصلاً كاملاً عن دراسات العلوم الأخرى التي لها علاقة بالتربة. وذلك بسبب علاقته المباشرة وغير المباشرة بعدد كبير من علوم المعرفة الانسانية كما يظهر ذلك من الشكل (۲). فكما يظهر من الشكل (۲) بأن هناك عدد كبير من العلوم لا تزال تساهم وتقدم دراسات كثيرة لها علاقة بدراسة التربة وتطورها وباستثناء العلوم الأساسية الرياضيات والفيزياء والكيمياء التي تساهم من جانب واحد، في دراسة التربة فإن جميع العلوم الأخرى لها علاقة متبادلة مع التربة بدراستها العلمية. ولعل من أهمها العلاقة القائمة بينها وبين العلوم التطبيقية الهندسة والزراعة والغابات. إن النتائج التي يمكن التوصل إليها من دراسة التربة كعلم قائم بذاته يمكن تطبيقها على المشاكل العلمية لعلم الهندسة،