Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (82%)

على رغم وجود َعدد من الدراسات الدقيقة حول لحظات معينة من الأزمة(3). كتب الدراسة الأبرز فيليب هارلينغ Philip Harling في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر، إلى جانب مقال مؤثر بقلم ويليام روبنشتاين William Rubinstein، تشير إلى وجود عملية إصلاح واسعة النطاق، والتي سعت على مدى السبعين سنة التالية إلى كبح تجاوزات، وتأمين المقاعد البرلمانية لمن يشغلون مناصب سياسية واجتماعية(4). في مقال آخر يرسم هارلينغ وبيتر ماندلرPeter Mandler مخطًطامصاحًبا، بينما يرى روبنشتاين تحول موازًيا في كيفية تكوين الثروة، من المنصب إلى المشاريع الخاصة(5). يقترح بيتر جوب Peter Jupp نسخة مختلفة قلي ًلا من العصرنة في نظرته العامة إلى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر، فيجادل بأنه مع توسع الدولة في المجالت الجتماعية والقتصادية والعسكرية والإمبريالية، وضعت آليات مهنية وبيروقراطية جديدة - ترقى إلى اعتبارها ثورة برجوازية في
الحكومة - لمواجهة التحديات التي فرضتها هذه العملية(6). ُدفع هذا النموذج أخ ًيرا إلى أبعد من ذلك، وُأعطي دفعة جديدة من قبل
وعلى رغم أن كتابهم ل يتعلق بالأساس بمكافحة الفساد، فهو يوحي بالنتقال إلى «نظام الوصول المفتوح»، الذي يتساوىمكافحة الفساد في بريطانيا خلال القرنين الـ 17 والـ 18
وفيه يحصل المواطنون على حقوق سياسية غير شخصية ومؤسسات أكثر شفافية وأسواق حرة وفصل بين المجالين القتصادي والسياسي. زعم المؤلفون أن بريطانيا كانت على «عتبة» هذا التحول في أواخر ٌالقرن الثامن عشر، وخضعت لتحولت ما بين العامين 1800 و1850(8). ثمة تناول أكثر دقة للفترة نفسها، والتي تتبع عمليات الإصلاح التي حدثت في السياسة والكنيسة والإمبراطورية، وكذلك في الطب والجنس والثقافة(9). تسترعي المقالت النتباه مجدًداإلىالفترةمابينثمانينياتالقرنالثامنعشروثلاثينياتالقرنالتاسععشر كفترة من التحولت، وتفحص الإصلاح كنوع من «الطموح» وكمشروع متعدد الروافد، والذي تصوره أشخاص مختلفون لأغراض متنوعة. ُتظهر جميع هذه الدراسات مجتمعة أن مكافحة الفساد كانت هي اللغة التي دارت من خلالها الصراعات السياسية، وأن ما نشأ كاستراتيجية حديثة المظهر لمكافحة الفساد كان
كما يجادل كل من ينس إيفو إنغلز وميتي
مهمٌةأيًضافيدراسات المنافسين القاريين لبريطانيا (وعلى رغم أن نظمها السياسية كانت في كثير من الأحيان متباعدة للغاية)، مما يشير إلى ما يمكن اعتباره «لحظة» أوروبية شاملة (علىرغمأنفصولهمتشيرأيًضاإلىسرعاتوشَّداتمتفاوتةللإصلاح)(10). تتميز فكرة التغير التدريجي الذي حدث خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بمزايا عديدة، حيث كان هناك دافع للإصلاح الإداري ونزع الشرعية عن بعض الممارسات الجتماعيةوالثقافيةالتيغَّيمتالحدودبينالسلوكالمشروعوغيرالمشروع؛ لكْنهناكأيًضاخطٌرحقيقييكمنفيتجاهللحظاتوحركاتمكافحة الفساد السابقة من أجل منح الأولوية للحركة تجاه نوع معين من «مكافحة الفساد الحديثة». كانت هناك فترات سابقة مهمة من التحول الثقافي والمنهجي في بريطانيا، خلال حركة الإصلاح وثورة المتطهرين Puritan Revolution(٭) فيمنتصف القرن السابع عشر(11). وقد استندت ثورة منتصف القرن السابع عشر نفسها إلى مخاوف أقدم. في دراسة مهمة عن أوائل القرن السابع عشر، بأن عهد جيمس الأول James I شهد فترة من القلق الشديد بشأن الفساد في المحاكم(12). في الواقع خلال هذه الفترة ُأعيد إحياء نوع المحاكمات البرلمانية المعروف باسم التشكيك impeachment(٭) (كانت قد ُألغيت في العام 1459 بعد استخدامها المتكرر في أواخر القرن الرابع عشر وأوائل
القرن الخامس عشر) لملاحقة عدد من قضايا الفساد البارزة(13). لكن ربما كانت أربعينيات وخمسينيات القرن السابع عشر هي التي جمعت بين خطاب ومبادرات مكافحة الفساد بأفضل صورة. يسلط المسح الذي أجراه جيسون بيسي Jason Peacey أخ ًيرا على الثقافة المطبوعة والسياسة العامة خلال الحروب الأهلية وفترة خلو العرش interregnum الضوء على التطورات المتزامنة والمتعلقة بالمحاسبة البرلمانية وثورة مطبوعة ومفهوم المساءلة(14). لميختِفالإصلاحببساطة. تبحثمؤلفات جيرالد أيلمر Gerald Aylmer في عديد من المحاولت لإصلاح الإدارة و«نشأة البيروقراطية الحديثة» في الفترة التي سبقت العام 1780(15). ويشير هو وجون بروير John Brewer إلى تدابير مكافحة الفساد المتخذة في فرع المكوس excise branch من تحصيل الإيرادات قبل العام 1780: شروط القبول المؤ ِّهلة؛ اللوائح التي تمنع تعيين المسؤولين في مكان تربطهم به علاقات شخصية من أجل تجنب تضاربالمصالح؛ استندالتغيرالسريعظاهرًّيا في فترة ما إلى تغير المواقف التي تطورت على مدى فترة طويلة، فساد عديدة مختلفة وقعت على مدار قرنين من الزمان. يركزغالًبابشدةعلىمكافحةالفساد(17). تتبعجونبوكوكJohnPocock انتقال مفاهيم المكيافيلية حول الفساد ومكافحة الفساد إلى لغة السياسة الإنجليزية في القرن السابع عشر، والذين وضعوا المصلحة العامة فوق مصلحتهم الشخصية(18). في الواقع كث ًيرا ما ُأطلق على نشطاء مكافحة الفساد اسم«الوطنيين»patriots، وهيكلمةاسُتخدمتأولمرةفياللغةالإنجليزية في نهاية القرن السادس عشر، ومن ثم تطورت بالتوازي مع أوجه القلق حول الفساد(19). تتبعديفيدووتونDavidWoottonأيًضاظهورفكرةالضوابط والتوازنات-التيُتَعدجزًءاليتجزأمنالجدلالِفدراليفيسبعينياتالقرن التاسع عشر - في أواخر القرن السابع عشر، عندما عكست المفاهيم الميكانيكية للدولةكآليةدقيقةكساعةتحتاجإلىضبطالتطوراتالعلميةوفًقالفن صناعة الساعات horology(20). وفي المقابل استمرت المفاهيم القديمة للدولة كجسم عضوي سياسي يحتاج إلى رعاية مادية حتى العصر الحديث. شائعة في القرنين السابع عشر والثامن عشر، في الواقعإنعبارة«سرطانالفساد»، التياسُتخدمتروتينًّيافيخطبمكافحة الفساد الأخيرة، قد نشأت في تسعينيات القرن السادس عشر (كانت الستعارة
المجازية في الأصل دينية)(22). فيالواقعإذاحولناتعريفناللفسادمرةأخرىإلىمعنىكانسائًداخلال
فترة ما قبل الحداثة - أي الفساد كخطيئة وتقصير أخلاقي، تمريًنافيمكافحة الفساد(23). شددت الإصلاحات البروتستانتية على كل من الفساد الكاثوليكي لمؤسسة الكنيسة (مما شحذ العلاقة بين مكافحة الفساد ومناهضة البابوية) ومخاطرالرذائلالأكثرارتباًطابالفساد، مثلالجشعوالرفاهيةوالمصلحةالذاتية self-interest (وهو مصطلح صيغ في أربعينيات القرن السابع عشر)(24). لعصر النهضة(25). ومنثمكانتمكافحةالفسادفيكثيرمنالأحيانشكًلامنأشكالالإصلاح الأخلاقي، والتي اتسمت بالقوة على وجه التحديد لأن مصطلح الفساد كان محم ًلا بالستهجان الأخلاقي، ولأنه (كما لحظ جون واتس في الفصل السادس) كانُيعتَقدأنإصلاحالفردوشخصيتهمهمانبقدرأهميةإصلاحالنظام. طوال فترة ما قبل الحداثة، كانت هناك موجات من الإصلاح الأخلاقي أو ما عرف في القرن السابع عشر باسم «إصلاح السلوكيات»(26). من المثير للاهتمام ملاحظة أن الفترتين ُعرفتا بالفعل بكونهما فترتين إصلاحيتين، اتسم منتصف القرن السابع عشر وأواخر القرن الثامن عشر بظهور حركات دينية أكدت على أهمية النزاهة والطهارة الفردية، وكذلك على الإصلاح المؤسسي. وهكذا بدا أن الشخصيوالعاميتحركانجنًباإلىجنب. ولكنهاتشاركتفيعدائهاالمشترك
ضد فساد الفرد والعالم. من ثم، أن
نسأل إلى أي مدى يمكن اعتبار الز ْخم الإصلاحي للحقبة التالية للعام 1780 وكأنهجديدتماًمًاو«محَّدث»(لأحديسميمتطهريالقرنالسابععشر «حداثيين»!). بدل من حركة خطية باتجاه الحداثة غير الفاسدة، قد نشهد بد ًل من ذلك تموجات، أي فترات من النقاش المحموم حول مكافحة الفساد والإصلاحات، وكذلك فترات (مثل ثلاثينيات القرن الثامن عشر) من الخطاب المحموم ضد الفساد ولكن النزر اليسير من الإجراءات الحكومية. بعبارة أخرى، بد ًل من النتقال بعد نهاية القرن الثامن عشر إلى حداثة كان فيها الفساد مفهوًماجديًداورئيًسا، فانخرطت في أشكال مختلفة من الفساد وتوصلت إلى حلول مختلفة عن تلك التي ُن ِّقحت في القرن التاسع عشر، قدنرغبأيًضافيالتمييز بين الإصلاح الإداري والمؤسسي، من ناحية، وبين التحولت الجتماعية والثقافية، منالناحيةالأخرى-تستغرقالأخيرةوقًتاأطولبكثيرمنالأولى، علىرغمأنها توفر الإطار الجتماعي الذي يمكن أن تعمل فيه الأولى. يمكننا توسيع نطاق خطوط الجدال هذه أكثر من خلال دراسة الدوافع وراء الهجمات التي استهدفت الفساد، لأن النظر إلى مكافحة الًفساد في أواخر القرن السادس عشر حتى أوائل القرن التاسع عشر ُيظهر نمطا من العوامل المشتركة خلال تلك الفترة.


Original text

على رغم وجود َعدد من الدراسات الدقيقة حول لحظات معينة من الأزمة(3). كتب الدراسة الأبرز فيليب هارلينغ Philip Harling في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر، وهي، إلى جانب مقال مؤثر بقلم ويليام روبنشتاين William Rubinstein، تشير إلى وجود عملية إصلاح واسعة النطاق، بدأت في ثمانينيات القرن الثامن عشر، والتي سعت على مدى السبعين سنة التالية إلى كبح تجاوزات، وفي نهاية المطاف تفَكيك الدولة «المالية-العسكرية»التيأنشأتنظاًماللمعاشات،والرعاية،وأْيُلولَةالممُْلك reversions، والوظائف المتبطلة، وتأمين المقاعد البرلمانية لمن يشغلون مناصب سياسية واجتماعية(4). في مقال آخر يرسم هارلينغ وبيتر ماندلرPeter Mandler مخطًطامصاحًبا،وإيًضاحًّياجزئًّيا،للانتقالإلىاقتصادياتعدمالتدخل،بينما يرى روبنشتاين تحول موازًيا في كيفية تكوين الثروة، من المنصب إلى المشاريع الخاصة(5). يقترح بيتر جوب Peter Jupp نسخة مختلفة قلي ًلا من العصرنة في نظرته العامة إلى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر، فيجادل بأنه مع توسع الدولة في المجالت الجتماعية والقتصادية والعسكرية والإمبريالية، وضعت آليات مهنية وبيروقراطية جديدة - ترقى إلى اعتبارها ثورة برجوازية في
الحكومة - لمواجهة التحديات التي فرضتها هذه العملية(6). ُدفع هذا النموذج أخ ًيرا إلى أبعد من ذلك، وُأعطي دفعة جديدة من قبل
دوغلاس نورث Douglass North وجون جوزيف واليس John Joseph Wallis وباري وينغاست Barry Weingast(7). وعلى رغم أن كتابهم ل يتعلق بالأساس بمكافحة الفساد، فهو يوحي بالنتقال إلى «نظام الوصول المفتوح»، الذي يتساوىمكافحة الفساد في بريطانيا خلال القرنين الـ 17 والـ 18
مع الحداثة، وفيه يحصل المواطنون على حقوق سياسية غير شخصية ومؤسسات أكثر شفافية وأسواق حرة وفصل بين المجالين القتصادي والسياسي. زعم المؤلفون أن بريطانيا كانت على «عتبة» هذا التحول في أواخر ٌالقرن الثامن عشر، وخضعت لتحولت ما بين العامين 1800 و1850(8). ثمة تناول أكثر دقة للفترة نفسها، في مجموعةمنالمقالتالتيحَّررتهاجواناإينيسJoannaInnesوآرثربيرنز Arthur Burns، والتي تتبع عمليات الإصلاح التي حدثت في السياسة والكنيسة والإمبراطورية، وكذلك في الطب والجنس والثقافة(9). تسترعي المقالت النتباه مجدًداإلىالفترةمابينثمانينياتالقرنالثامنعشروثلاثينياتالقرنالتاسععشر كفترة من التحولت، وتفحص الإصلاح كنوع من «الطموح» وكمشروع متعدد الروافد، والذي تصوره أشخاص مختلفون لأغراض متنوعة. ُتظهر جميع هذه الدراسات مجتمعة أن مكافحة الفساد كانت هي اللغة التي دارت من خلالها الصراعات السياسية، وأن ما نشأ كاستراتيجية حديثة المظهر لمكافحة الفساد كان
مجرد جانب واحد من هذا النزاع. إن الفترة التي تلت العام 1780، كما يجادل كل من ينس إيفو إنغلز وميتي
فريسكينسنوأندرياسباغنهولمفيهذاالكتاب،مهمٌةأيًضافيدراسات المنافسين القاريين لبريطانيا (وعلى رغم أن نظمها السياسية كانت في كثير من الأحيان متباعدة للغاية)، مما يشير إلى ما يمكن اعتباره «لحظة» أوروبية شاملة (علىرغمأنفصولهمتشيرأيًضاإلىسرعاتوشَّداتمتفاوتةللإصلاح)(10).تتميز فكرة التغير التدريجي الذي حدث خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بمزايا عديدة، حيث كان هناك دافع للإصلاح الإداري ونزع الشرعية عن بعض الممارسات الجتماعيةوالثقافيةالتيغَّيمتالحدودبينالسلوكالمشروعوغيرالمشروع؛ لكْنهناكأيًضاخطٌرحقيقييكمنفيتجاهللحظاتوحركاتمكافحة الفساد السابقة من أجل منح الأولوية للحركة تجاه نوع معين من «مكافحة الفساد الحديثة». كانت هناك فترات سابقة مهمة من التحول الثقافي والمنهجي في بريطانيا، خلال حركة الإصلاح وثورة المتطهرين Puritan Revolution(٭) فيمنتصف القرن السابع عشر(11). وقد استندت ثورة منتصف القرن السابع عشر نفسها إلى مخاوف أقدم. تجادل ليندا ليفي بيك Linda Levy Peck، في دراسة مهمة عن أوائل القرن السابع عشر، بأن عهد جيمس الأول James I شهد فترة من القلق الشديد بشأن الفساد في المحاكم(12). في الواقع خلال هذه الفترة ُأعيد إحياء نوع المحاكمات البرلمانية المعروف باسم التشكيك impeachment(٭) (كانت قد ُألغيت في العام 1459 بعد استخدامها المتكرر في أواخر القرن الرابع عشر وأوائل
القرن الخامس عشر) لملاحقة عدد من قضايا الفساد البارزة(13). لكن ربما كانت أربعينيات وخمسينيات القرن السابع عشر هي التي جمعت بين خطاب ومبادرات مكافحة الفساد بأفضل صورة. يسلط المسح الذي أجراه جيسون بيسي Jason Peacey أخ ًيرا على الثقافة المطبوعة والسياسة العامة خلال الحروب الأهلية وفترة خلو العرش interregnum الضوء على التطورات المتزامنة والمتعلقة بالمحاسبة البرلمانية وثورة مطبوعة ومفهوم المساءلة(14). حتى بعدعودةالملكيةفيالعام1660،لميختِفالإصلاحببساطة.تبحثمؤلفات جيرالد أيلمر Gerald Aylmer في عديد من المحاولت لإصلاح الإدارة و«نشأة البيروقراطية الحديثة» في الفترة التي سبقت العام 1780(15). ويشير هو وجون بروير John Brewer إلى تدابير مكافحة الفساد المتخذة في فرع المكوس excise branch من تحصيل الإيرادات قبل العام 1780: شروط القبول المؤ ِّهلة؛ اللوائح التي تمنع تعيين المسؤولين في مكان تربطهم به علاقات شخصية من أجل تجنب تضاربالمصالح؛وخطةتقاعدبدائية(16).باختصار،استندالتغيرالسريعظاهرًّيا في فترة ما إلى تغير المواقف التي تطورت على مدى فترة طويلة، وكنتيجة لفضائح
فساد عديدة مختلفة وقعت على مدار قرنين من الزمان. فيالنظريةالسياسية،أيًضا،يمكنناأننجدقبلالعام1780خطاًباكان
يركزغالًبابشدةعلىمكافحةالفساد(17).تتبعجونبوكوكJohnPocock انتقال مفاهيم المكيافيلية حول الفساد ومكافحة الفساد إلى لغة السياسة الإنجليزية في القرن السابع عشر، والتي ظلت واضحة في أفكار القرن الثامنعشر حول «الوطنيين» المتسمين بالنزاهة، والذين وضعوا المصلحة العامة فوق مصلحتهم الشخصية(18). في الواقع كث ًيرا ما ُأطلق على نشطاء مكافحة الفساد اسم«الوطنيين»patriots،وهيكلمةاسُتخدمتأولمرةفياللغةالإنجليزية في نهاية القرن السادس عشر، ومن ثم تطورت بالتوازي مع أوجه القلق حول الفساد(19).تتبعديفيدووتونDavidWoottonأيًضاظهورفكرةالضوابط والتوازنات-التيُتَعدجزًءاليتجزأمنالجدلالِفدراليفيسبعينياتالقرن التاسع عشر - في أواخر القرن السابع عشر، عندما عكست المفاهيم الميكانيكية للدولةكآليةدقيقةكساعةتحتاجإلىضبطالتطوراتالعلميةوفًقالفن صناعة الساعات horology(20). وفي المقابل استمرت المفاهيم القديمة للدولة كجسم عضوي سياسي يحتاج إلى رعاية مادية حتى العصر الحديث. كانت فكرة «تطهير» purging حالة الفساد، التي ل تزال سائدة حتى اليوم، شائعة في القرنين السابع عشر والثامن عشر، حيث رسم الفنانون الساخرون الشخصيات الفاسدةتتقيأوتتطَّهرمنالشوائبالدينيةوالسياسيةفيأجسادهم(21).في الواقعإنعبارة«سرطانالفساد»،التياسُتخدمتروتينًّيافيخطبمكافحة الفساد الأخيرة، قد نشأت في تسعينيات القرن السادس عشر (كانت الستعارة
المجازية في الأصل دينية)(22). فيالواقعإذاحولناتعريفناللفسادمرةأخرىإلىمعنىكانسائًداخلال
فترة ما قبل الحداثة - أي الفساد كخطيئة وتقصير أخلاقي، وكأخطاء في عقيدة الكنيسة وتنظيمها - يمكن اعتبار الإصلاحات البروتستانتية «الطويلة» التي امتدتمنالقرنالسادسعشرإلىحتىالقرنالثامنعشر،تمريًنافيمكافحة الفساد(23). شددت الإصلاحات البروتستانتية على كل من الفساد الكاثوليكي لمؤسسة الكنيسة (مما شحذ العلاقة بين مكافحة الفساد ومناهضة البابوية) ومخاطرالرذائلالأكثرارتباًطابالفساد،مثلالجشعوالرفاهيةوالمصلحةالذاتية self-interest (وهو مصطلح صيغ في أربعينيات القرن السابع عشر)(24). وبالمثل فالنفاق - وهو رذيلة أخرى مرتبطة بميل الفساد المتأصل للتنكر والختباء - كان، كماأوضحجونجيفريزمارتنJohnJeffriesMartin،ابتكاًراوشغًلاشاغًلا
لعصر النهضة(25).ومنثمكانتمكافحةالفسادفيكثيرمنالأحيانشكًلامنأشكالالإصلاح الأخلاقي، والتي اتسمت بالقوة على وجه التحديد لأن مصطلح الفساد كان محم ًلا بالستهجان الأخلاقي، ولأنه (كما لحظ جون واتس في الفصل السادس) كانُيعتَقدأنإصلاحالفردوشخصيتهمهمانبقدرأهميةإصلاحالنظام. طوال فترة ما قبل الحداثة، كانت هناك موجات من الإصلاح الأخلاقي أو ما عرف في القرن السابع عشر باسم «إصلاح السلوكيات»(26). من المثير للاهتمام ملاحظة أن الفترتين ُعرفتا بالفعل بكونهما فترتين إصلاحيتين، اتسم منتصف القرن السابع عشر وأواخر القرن الثامن عشر بظهور حركات دينية أكدت على أهمية النزاهة والطهارة الفردية، وكذلك على الإصلاح المؤسسي. وهكذا بدا أن الشخصيوالعاميتحركانجنًباإلىجنب.كانمذهبالتطُّهرpuritanism في القرن السابع عشر والتقوى والمذهب الإنجيلي Evangelicalism في أواخر القرنالثامنعشرمفاهيممختلفةتماًما،ولكنهاتشاركتفيعدائهاالمشترك
ضد فساد الفرد والعالم. إذا أخذنا هذه المنظورات السابقة على محمل الجد، فسيمكننا، من ثم، أن
نسأل إلى أي مدى يمكن اعتبار الز ْخم الإصلاحي للحقبة التالية للعام 1780 وكأنهجديدتماًمًاو«محَّدث»(لأحديسميمتطهريالقرنالسابععشر «حداثيين»!). بدل من حركة خطية باتجاه الحداثة غير الفاسدة، قد نشهد بد ًل من ذلك تموجات، أي فترات من النقاش المحموم حول مكافحة الفساد والإصلاحات،والتيتتخللهامناقشاتأخرىتبدوأقلقلًقابشأنهوأقلميًلا للإصلاح، وكذلك فترات (مثل ثلاثينيات القرن الثامن عشر) من الخطاب المحموم ضد الفساد ولكن النزر اليسير من الإجراءات الحكومية. بعبارة أخرى، بد ًل من النتقال بعد نهاية القرن الثامن عشر إلى حداثة كان فيها الفساد مفهوًماجديًداورئيًسا،فقدنرىأنالتشنجاتالدوريةالتيتشبهالأمواجقد حدثت في وقت أبكر من ذلك بكثير، فانخرطت في أشكال مختلفة من الفساد وتوصلت إلى حلول مختلفة عن تلك التي ُن ِّقحت في القرن التاسع عشر، حتى فيأثناءالمساهمةفيتشكيلتلكالعقليةالأحدث.قدنرغبأيًضافيالتمييز بين الإصلاح الإداري والمؤسسي، من ناحية، وبين التحولت الجتماعية والثقافية،منالناحيةالأخرى-تستغرقالأخيرةوقًتاأطولبكثيرمنالأولى،علىرغمأنها توفر الإطار الجتماعي الذي يمكن أن تعمل فيه الأولى.
يمكننا توسيع نطاق خطوط الجدال هذه أكثر من خلال دراسة الدوافع وراء الهجمات التي استهدفت الفساد، لأن النظر إلى مكافحة الًفساد في أواخر القرن السادس عشر حتى أوائل القرن التاسع عشر ُيظهر نمطا من العوامل المشتركة خلال تلك الفترة. يمكن تقسيم هذه إلى الصغرى micro (الشخصية)، والمتوسطة meso (المصالح الفئوية والجماعية)، والكلية macro (القوى الأكبر).


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

يسعى التربويون ...

يسعى التربويون لإدخال التكنولوجيا في تطوير تدريس الرياضيات والاحصاء، وذلك بتوفير وسائل وتقنيات تهدف ...

النكرة : اسم ش...

النكرة : اسم شاع في جنس موجود أو مقدر، وهي نوعان: الأول: ما يقبل «أل» المؤثرة للتعريف، والثاني: ما ...

It has been ...

It has been identified that combining collaborative filtering and content-based filtering ...

with any fluenc...

with any fluency. Yet interestingly, Okrand intentionally made Klingon difficult to learn. His goal ...

المقدمة اتخذ ال...

المقدمة اتخذ اللحيانيون من دادان (العلا حالياً) عاصمة لهم، وهي تقع في شمال غرب المملكة العربية السعو...

الفصل الأول عنا...

الفصل الأول عناصر وأسباب النزاع الفردي للعمل في التشريع الجزائري تطرح علاقات العمل الفردية عدة إش...

موضوع الصداقة ب...

موضوع الصداقة بين الرجل والمرأة يتأثر بعوامل عدة منها: المستوى الفكري للفرد، المستوى التعليمي، الترب...

The accepted vi...

The accepted view of the neuron attributes dedicated functions to its various anatomical components;...

Paint: The fin...

Paint: The final stages of building finishing begin with paint and color work Their types, uses, a...

Artificial inte...

Artificial intelligence today is commonly referred to as narrow AI (or weak AI) because it is specif...

Recession is pe...

Recession is period of economic decline characterized by a decrease in Gross Domestic Product (GDP)....

الحمد لله رب ال...

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا وعلى اله وصحبه اجمعين اما بع...