Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

موطن الإنسانويةوراء انطلاقة الحركة التي ، انطلاقاً من إيطاليا ، شروط العمل الفكري وأسلوبه ، نجد رجلاً لم يكن معداً ، ابن كاتب عدل فلورنسي . اصطحبه والداه إلى كاربنتراس ) في الأراضي البابوية . منحه انخراطه في السلك الكهنوتي وبعض الفوائد الكنسية الوسائل التي تخوله أن يعيش حياة شبيهة بحياة الكثير من الإيطاليين الذين جملهم إلى سواحل الرون استبعاد الكرسي خلال الرسولي الطويل الأمد . فالبـابـا والامبراطور وحتى بعض الحكام مثل ( آل فيسكونتي ( كانوا يبدون كل عناية ولطف تجاه رجل الآداب هذا الذي شهده الغرب يتلقى هذا النوع من الدلال والرعاية ، حصل على إكليل الغار في الكابيتول ( مقر السلطة ) . ويبدو أن المشاكل السياسية لم تكن بغريبة عنه : فقد أعلن موقفه من مسألة استرجاع الجمهورية الرومانية من قبل كولادي ريانزو ) ، ومن الامبراطورية مع جماعة الاكليروس . ولم تكن تصريحاته لتمنعه من إيقاف نشاطه ، وقد توفي في مدينة « آركا » ، لا شك في أن بترارك كان مديناً بجزء كبير من نجاحاته لأسلوبه الساحر . إذ كان ذا بلاغة تفوق الوصف ، حتى اليوم بقيمتها التي اعترف له بها إيطاليو القرن 14 . لقد كان شاعر ( لور ) والغراميات المستحيلة يجمع بين الشكل الكلاسيكي والإيحاء الرومانسي . كان يعرف كيف يعبر عن الحالات النفسية التي يشعر بها الكثير من أبناء زمانه . بالآداب اللاتينية التي تمكن أحد معلميه من إطلاعه على غنى محتواها فلم يكن ليكتفي بتمجيد إتقانها الشكلي ، وفي رأيه أن انهيار النظام الروماني جعل الناس فقراء ومستضعفين . وستبقى دروب المجد مقفلة في وجههم طالما لم يسعوا إلى إحياء هذا الماضي . قد يعود العصر الذهبي ، لا سيما وأن الإيطاليين كانوا يتهافتون على قطف ثمار هذا الخير العميم الذي يتحتم عليهم الإهتمام بتحقيقه . ويبدو أن الحماسة التي أثارتها في نفس بترارك ذكرى المجد الروماني كان متوافقاً مع تعلقه بأرض آبائه وأجداده . لم تكن طبيعة بترارك ولا نتاجه خلوا من حالات الضعف . إذ كان الرجل كتلة . كان مترعاً بالأمجاد ، كان يرتاد البلاطات والقصور ، إن هذا الإنسانوي لم يكن كاملاً إذ إنه لم يتوصل إلى امتلاك لغة . كما لم يكن موفقاً في اختياره للمعلمين الذين اقترحهم على تلامذته وأتباعه . فهو كان يكتفي بسطحية الأمور . فإليه يعود الفضل في نقل الحماسة التي كان يثيرها ويحركها إلى أبناء عصره . أما العمل الذي باشره فلم يتوقف . فإليه يعود الفضل في نقل الحماسة التي كان يثيرها ويحركها إلى أبناء عصره . أما العمل الذي باشره فلم يتوقف . إذ كانباستمرار يسبر غور المجال الواسع الذي كانت تقدمه العصور القديمة الكلاسيكية ، مع السنوات الأخيرة من القرن 14 إلى التنقيب في المكتبات ، تمكن ( كولوشيو سالوتالي ، من وضع يده على ( رسائل إلى خلصاء شيشرون ) ، خاص هو الذي توصل في هذا المجال إلى أفضل النتائج . إلى ( كونستانس ) . وهناك أفاد من أوقات فراغه بأن راح يتعرف إلى الأديرة الموجودة في الجوار ، في سانت غال ) من الحصول على وثائق نادرة : فيجلب منها و الأسلوب الخطابي ) لـ « كوانتيليان ) ، من أعمال و فاليريوس فلاكوس ) ، ثم انطلق في أعماله التنقيبية نحو فرنسا حيث زوده و لانغر » و « كلوني ( خاصة بعشرة من خطب شيشرون . لم تكن كافية لتقويم النصوص المحرفة ، والحال أن قواعد اللغة لم تكن لتجتذب الأشخاص المولعين بأناقة اللغة أكثر من ولعهم بخشونتها . وكان لورين قالا ) ( 1405 - 1457 ) أول من اعترف بأن الأسلوب الدقيق والمتشدد ضروري في هذا المجال . وكان انتهى من كتابتها عام 1444 في القرن 14 ، كان كل مثقف قادراً على التعبير بلغة الرومان ، ولم يتبدل هذا الوضع إلا بعد قدوم البيزنطيين ، بأعداد متزايدة ، كان يمارس التعليم في فلورنسا منذ العام 1400 ، كما كان لكل من ( البندقية » و « باقيا ، وهو أحد تلامذة كريزو لوراس ( الموهوبين ، أخذ على عاتقه ترجمة أعمال المؤلفين الإغريق . وقد ترجم بتصرف أعمال أفلاطون وأرسطو . بعد أن كان الإستشهاد بمؤلفين لاتين هو الذي أتاح ، وهكذا الإنسانويون إلى إحياء كامل الحركة الفكرية التي سادت عصرهم وذلك بفضل إسهام الحكمة القديمة . ويشكل مرشداً لكل من ( البرت الكبير » و « توما الأكويني ) في تأليف مجمل كتاباتهما . وبعد عام 1400 ، مارسيل فيسين كرس و مارسيل فيسين ) ( 1433 - 1499 ) أكثر جهده لإعداد توليف يجمع بين الأفلاطونية والمسيحية . وبدءاً من عام 1456 ، في المبادىء الأفلاطونية ، أن يترجم جميع الحوارات . لكنه قبل أن ينجز هذا العمل ، خلال تلك الفترة حصل على رتبة قس وكاهن قانوني . ويبدو أن بعض النقاشات الحامية مع أنصار ابن رشد كانت لفتت انتباهه إلى مسألة خلود الروح . فإذا به يقدم لخصومه ، حججاً كان استقاها من الفلسفة اليونانية ، وكان الإطار العام لتفكيره يتبعالخط الذي رسمه أفلاطون . أما العمل الذي أثنى عليه فهو : الوليمة ) . إلى شعشعانية المثل ونورانية الله حتى في حديثه عن الروحانية ، وحري بالذكر أنه لا الخطيئة الأولى ولا الخلاص لم يأخذا في مذهب فيسين المكانة التي كان يجدر بهذا القس إعطاؤهما إياها درس العربية ثم أراد و جان پيك لاميراندول ، توسيع الأفاق التي كان بدأها فيسين على نطاق واسع . كان ذا قدرة خارقة على الفهم والإدراك ، بحيث لم يترك ميداناً من ميادين المعرفة إلا طرقه وسبر غوره . ولم تكن صعوبات العمل ، فالمقترحات التسع مئة التي جاء ليدعمها في روما أدت إلى إدانته . وكان أودع السجن في فنسان ) ، بحيث أفاد من التساهل الذي أبداء نحوه اللاهوتيون الباريسيون الذين لم يكونوا تهيأوا بعد لمواجهة الدومينيكيين الرومان . وإذ يشمله العفو ، يرتمي باندفاع في أحضان الدين ، بعد أن كان شرع بحماسة في بناء بعض النظريات . ولو عاش مدة أطول ، كان له من العمر ولم تكن توصلت وفرة مقاصده وعمق تفكيره إلى تشكيل واحد وثلاثون عاماً . فقد تعمق في دراسة العبرية كي يتمكن من الاطلاع على الفكر اليهودي ، ليتسنى له قراءة القرآن بالنص الأصلي . وحدها مسيحية متحررة من نواميسها ومتحولة إلى روحانية محض تملك من المرونة ما يجعلها تتفاهم مع المذاهب ذات المفاهيم المختلفة عنها ، الغنوصية Gnostique نزعة فلسفية هدفها التوصل إلى إدراك كنه الأسرار الإلهية . ويبدو أن البحث الدؤوب في أمور الطبيعة كان أكثر اجتذاباً البعض العقول المفكرة من المغامرة الميتافيزيقية . ففي فلورنسا ، وكان « نقولا دو كويز ) قد شرفه بصداقته . وإلى الأسلوب الملتزم الذي أوصى به لوران قالا ، ، أضاف ليوناردو القدرة على اختراق الخاص للوصول إلى العام . لقد كان فعلاً ما حاول سلفه ، ولم يكن الإنسانويون يتوقعون أن يروا بأم العين تجسد هذا المثل الأعلى في شخص ليوناردو ، ولم تكن التربية عملا ينبذه المفكرون المتميزون كمثل ( غاسپارین دو بارزيزا ، غير أن فكتوران دو فلتر ، بإعداده على الصعيد النظري . أما الإنسان الصالح الذي يفخر بإعداده ، وقبل عام 1450 ، كان الأمراء الشبان وحدهم يقطعون ثمرة هذه التأملات في فن تربية جميع الملكات البشرية بشكل متناسق . نذكر مثلاً أن و جان - فرانسوا غونزاغ ) عهد عام 1423 إلى ( فيكتوران دو فلتر ) بتربية أبنائه . لم تكن المدارس الحديثة تنافس المؤسسات القديمة بشكل واضح بل كانت تتممها . أما الجامعات فكانت تحتفظ بأفضل ما لديها للطلاب المتفوقين . إذ كانت متشددة مع الشبيبة المبتدئة مما يؤدي إلى حدوث العديد من حالات الفشل . وكانثمة غياب لما شكل فيما بعد التعليم الثانوي . فإذا بالإنسانويين كغيرهم يعملون على ملء هذا الفراغ ، على التعليم الإعداديلم تكن الجامعات مدعاة ازدراء الإنسانويين ، لم تكن لتشكل الإطار الذي ينشرون فيه أفضل أعمالهم . التي راحت تشكلها جماعات المعلمين والطلاب . فيفضلون عليها الحلقات التي تضم بعض الأصدقاء وقد التقى اعضاء اكاديمية فلورنسا حول مذهب افلاطون التقوي الذي راحوا يبذلون جهودهم للتوفيق بينه وبين المسيح . أما أكاديميات روما فبلغ بها التهور إلى حد اتباع ( پلاتینا » و « پومپونيو ليتو » اللذين تبدت خطورتهما في كونهما يلعبان دور الكهنة الوثنيين . فكان أن انتهى هؤلاء الوثنيون الجدد في السجن والتعذيب . ومن أهم ممثليها ( بوجيو براشيونيللي » و « لوران قالا ) اللذان كانا يعملان في خدمته . بيد أن بولس الثاني لم يكن متساهلا كنقولا الخامس وبيوس الثاني ، فيعتبر أن الأكاديميين تجاوزوا الحدود التي يمكن قبولها والتساهل بها فيعمل على معاتبتهم بشدة . إنما يمكن القول إن مغامرتهم تلك كانت مسألة نادرة . لم يتوانوا عن التنقيب عنها في المكتبات التي راح عددها يتضاعف إبان تلك الفترة . وكان يتيسر لكل أمير أن تجتمع لديه هذه المزايا الحسنة . أما المدن الإيطالية فتحولت إلى مساحات للدراسة . مع أسد قائم عند قدميه ، ومجموعة رائعة من الكتب في متناول يده'كانت الإنسانوية محركاً لأشخاص يفيضون بالطاقة : فإذا ببعضهم يستنفدها . مع نوع من الحرية الهمجية ، من هؤلاء نذكر فرانسو فيليلف الذي كان يرافقه العبيد من الذكور والإناث . في حين اقتصر بعضهم الآخر على وضع جميع . بالنسبة لمعظمهم ، وهنا يكمن سر توافقهم المتعطشين للتحول إلى أمراء . لقد كانوا جميعاً يطمحون إلى هذه العظمة التي اعتبرها و توماس پارونتشيللي ، عندما : تنصيبه حبراً أعظم باسم « نقولا الخامس ) . أما الإحتفالات التي كانوا مغرمين بها والتي يتولون تنظيمها فشبيهة بالإستقبالات الإحتفالية التي سادت في العصور القديمة . لقد بدأوا يشعرون أنهم بلغوا عتبة العصر الذهبي الذي تنبأ به بترارك ، الإنسانوية تغزو أوروباالطغاةتمنقلولا دو کویزكان و نقولا دو كويز ) ( 1400 - 1463 ) ابناً لبحار بسيط . ويدل عمله ونتاجه على عبقريته . ويبدو أن انصراف دو كويز » . إلى البحث العلمي والتأمل لم يكن أمراً ميسوراً فقط . ورغم كونه لم يلق السعادة قط في هذا المجال ، بين 1435 و 1449 ، دوراً هاماً في المباحثات المتعلقة بالأزمة المجمعية الثانية ، فيكافاً على براعته بتوحيد الكاثوليك . ويجتمع إلى الروم الذين لم تزعجه رؤية كنيستهم تتصالح مع كنيسة روما . وعندما عين مبعوث ونقولا الخامس ، بدأ يعمل دون كلل ولا ملل من أجل الإصلاح . ثم لم يلبث أن انتشل مسرحيات و بلوتس ، لقد قرأ كل ما استطاع الوصول إليه من التراث اليوناني بدءاً من أعمال أفلاطون إلى الكتابات الهرمسية ( الغامضة ) ، وحاول الإطلاع على الحكمة الإسلامية واللغة العربية ، فتوصل على الأقل إلى التعرف إلى مبادئهما . كان شديد الحرص على التألف مع تقاليد الروحانية المسيحية ، دون أن يغرب عن باله در لول ، ، ولا المعلم ( أوكهارت ) . كان يطمح للقيام بعملية توحيد شاملة ، مما دعاه إلى تنظيم وتنسيق معرفته التي وزعها على مستويات ثلاثة . وللنفاذ إلى المستوى الثالث ، لكن ذلك لا يحدث نتيجة للإستدلال المنطقي . فلم ير فيها أي نظام جامد . ومن خلال قراءته الواعية لأفلاطون ، ينتهي المبدأ الإلهي إلى التواصل مع المادة نفسها . فيمر بالإنسان الذي يسمو فوق هذا المنحى المادي ، ليصل إلى مصدره ، كان ( نقولا دو كويز » يتقدم بسرعة ، لم يحاول الإسهاب في توضيح أفكاره . كان كذلك شديد القسوة والصرامة بشكل جعل أنصاره قلائل . وقد تربع على مستوى واحد مع الإنسانويين أو الفنانين الذين نشأوا في شبه الجزيرة . ولم تكن تنقصه تلك الشجاعة في الإلتزام بما يبدو أن القدر منعه عنه والذي يسميه الإيطاليون بالفضيلة ، إضافة إلى ذلك ، وعلى غرار « فاوست ) ، فإذا بحياة ( نقولا دو كويز ) تشكل محصلة توليفية تماماً كأعماله . قبل ولادة الإنسانوية بفترة طويلة ، كانت معرفة الإيطاليين ومهارتهم تمارس نوعاً من الإغراء الشديد على بلدان أوروبا الوسطى . كان العديد من الطلاب يتوافدون ، ليتسجلوا في منطقة بولونيا » أو « يادو » . ثم يعودون إلى بلادهم ، كانت تنتظرهم الوظائف الرفيعة في دواوين الدولة وفي إدارات أسقفياتهم . فكانت تخرج علماء ينتمون إلى ميادين رائعة . وبما أن هذه الكليات كانت لا تزال حديثة العهد « كانت أقل تحفظاً من سائر المؤسسات الأخرى في الإنفتاح على التجديد ، أصبحت المدن وبلاطات الأمراء مراكز يقوم فيها رجالات النخبة المحلية بواجب تكريم الآداب والعلوم . وفي عدد من مدن الراين ، تشكلت بعض و الجمعيات ) | المصممة على غرار الأكاديميات الإيطالية . فراحوا يشجعون على تأسيس المدارس ، التي كان يديرها رهبان و الحياة العامة ) . لم تكن الرغبة في إصلاح العالم المسيحي بمنأى عن الترحيب الإيجابي الذي لقيته المناهج والمذاهب الإنسانوية في قلبأوروباكان إهتمام مؤسسي التجديد الديني في هذه البلدان يتركز على مسألة تكوين جيل جديد من المسيحيين بحيث يطال ذلك كل فرد . الذي جعل من مدرسة سان لوبوين ) في ( دوشنتر ) منبت رجالات الأدب ، كان ثمة العديد من الإنسانويين الذين راحوا يفخرون يكونهم مربين . وإثر ( بورباش ، بدأت تزدهر العلوم البحثة على يد تلميذه و رجيو مونتانوس » الذي كان أيضاً من تلامذة و بيساريون ) . من أمثال ( مارتن بهايم ) الذي استخدم فاسكو داغا ما » فيما بعد خريطته الكروية ، لقد كان ثمة حاجة ماسة للإحاطة بكل أنواع المعرفة في الأوساط الإنسانوية داخل الامبراطورية . هذه الحاجة جعلت ( رودولف اغريكولا دو غرمنك ) يرسم . برنامجاً شاملاً لم يرق لـ ( جان تريهام ، الذي جاء بعده كان أكثر منه توغلا في عالم السحر . فقد اجتذبه كل غريب وشاذ ، إنما كي يدرك كنه السر الذي اعتقد أنه اكتشفه في القبلانية ، كان لا بد أن يبذل جهداً أوتي ثماره : كان يتقن اليونانية جيداً ، وبمنهجية تمكن معها من إعطاء أول مؤلف علمي في قواعد صرفها ونحوها فساعد . بالتالي على تسهيل انتشارها على نطاق واسع . وقد اشتد شغفه بهذه اللغة إلى درجة جعلته يتحدى محاكم التفتيش حين واجهت مسألة القضاء على التلمود فكانت سلطته المعنوية كبيرة إلى حد دفع الإنسانويين إلى التحلق حوله . ألف الأكثر حماسة بينهم ( رسائل الناس المغمورين ) ، هذه الرسائل الريفية ) وليدة القرن السادس عشرا وهذه الرسالة النقدية لم تكن تهاجم فقط المدافعين المتصلبين عن الفلسفة المدرسية . بل كانت تمعن في التهكم على معظم المؤسسات الكنسية . لتاسيت نار الإنتقام كان يهاجم الكرسي الرسولي بالعنف نفسه الذي يعتبره معه وريث روما . كان كره الأجانب يمتزج مع العداء للاكليروس ، وتحت رماد الإصلاح ، كانت تختفي نيران الثورة الدينية . تقيم علاقات معينة مع الأوساط الفكرية الإيطالية . منذ نهاية القرن 14 يفرض نفسه على بعض الكتاب المعتبرين . فإذا بالأخوين ( پیار وغوتييه كول » ، و « نقولا دو کلامانج ) و ( جان دو مونتروي ) ، وتحركهم العزة القومية فيسعون ويعملون للبرهنة على أن ثمة أيضاً شعراء وخطباء خارج إيطاليا . الذين ذهب بعضهم ضحية اختلاطهم وعلاقاتهم بـ ( الأرمنياك ) . أتيح للتيارات الأدبية أن تتحرك مجدداً ، فإضافة إلى مذهب بترارك كانت هناك الأفلاطونية المحدثة الفلورنسية التي أثارت الكثير من الإهتمام ، في حلقات الجامعيين المتمرسين بمسائل التفكير والتأمل . زار فلورنسا واتصل فيها بفكر ( پيك » و « مارسيل ، على تجديد مفاهيمها ومعرفتها . حمل معه من رحلته إلى شبه الجزيرة الإعتقاد بأن الفلسفة الاغريقية قادرة على إحياء المسيحية وإعادتها إلى أصولها . وكان الإنسانويون الإنكليز يطورون بعض المفاهيم المماثلة ، وعلى رأسهم ( جون کولیت ، وهو ابن ثري لندني يعيش في إيطاليا . وما دفعه إلى شغفه بالحضارة الكلاسيكية . لكنه لم يلبث أن عاد إلى وطنه مقتنعاً بأن الدين المسيحي هو بحاجة ماسة إلى التطهير والتبسيط . وهناك أيضاً جرى العمل بها . وبالوتيرة المتسارعة نفسها ، فحوالي عام 1455 ، لم تكن و مايانس ) تحوي أكثر من بعض منافسي و غوتنبرغ ) فقط . وكان أن مرور خمسین عاماً : تخصصت بعض المراكز بالنشر . فإذا بالتقنية الجديدة تغير جذرياً في ظروف العمل الفكري . إذ ظهرت حوالي 15 إلى 120 مليون نسخة على الأقل في نهاية القرن 15 . بدأ يحدث نوع من التوحيد المحقق في عالم الفكر . ويتخذ تفوق الحرف الروماني في هذا المجال قيمة أنحاء رمزية . من ( بال » ، فكان له وكلاء في جميع أوروبا . وعملت الطباعة على إعلاء شأن الأمراء وتمجيدهم . التعبير الفني في النزعة الإنسانويةالتصويرلا شك في أن إعادة نبش القديم كان له أثره العميق في عالم الأشكال . على تسريع عجلة التغيير الذي برزت أوائل أعراضه في تاريخ التصوير إبان القرن 13 ومنذ تلك الحقبة ، فقدت الصور سمتها الكهنوتية المتصلبة التي كانت تجعلها شبيهة بالأيقونات البيزنطية ، وربما كان ذلك عائداً لكون الرهبان المتسولين وخصوصاً الفرنسيسكان الذين تركز همهم على الترفق برعيتهم وليس إخافتها ، تمكنوا من استمالة الفنانين نحو مفاهيمهم . وقد تخطى ( جيوتو ) ( 1266 - 1337 ) مسألة صعوبة التوفيق والتوليف بين النظام والحياة . التي لم تعد " مذ ذاك تلصق على خلفية من الذهب المزيف بل تتحرك في إطار منظر طبيعي توصل في نهاية الأمر إلى ابتكار خداع العمق والحجم . أما و مازاشيو » ( 1401 - 1428 ) فسرعان ما ارتقى إلى مستوى الخلق الإبداعي . فإلى جانب الطواعية ، كانت جدرانياته تشتمل على قوة التعبير . في حين كان أمام « باولو أوشيللو »تلك الأثناء ، ظهرت جماعة ، وكان اهتمام هؤلاء الفنانين منصباً على صدق الموضوع أكثر منه على قوة بنائه . كانوا شغوفين بكل ما هو مثير ، ولم ينشدوا الجمال المجرد بقدر سعيهم وراء السحر والروعة . نجد د فيليبو ليبي ) ( 1409 - 1466 ) الذي أضفى على رسوم السيدة العذراء رونقاً حزيناً خالداً ، الذي أوحى إليه موكب الأمراء والقساوسة القادمين إلى مجمع فلورنسا بخلق تحفته الرائعة و موكب ملوك المجوس ، بالمدرسة الفلمندية ، حيث يتمتع الخيال بدقة الواقع نفسه . الذي لم تكن براعته لتقبل بأي نقد ، بل كان و فنه الشديد الإعتدال ، يلامس أحياناًحسيحسيالإتباعيةحري بنا أن نفرد مكانة خاصة لرسامين لا يشتركان ، وهما : « فرا أنجليكو » ( 1387 -1455 ) الذي استطاع أن يضفي على أعماله روعة نوع من التدين الرقيق والعنيف آن معاً ، فعندما كان راهباً دومينيكياً في وسانت في تماماً . الذي أدرج طبعاً مبتكراته في سياق مغاير : لوحة و الربيع ) ولا ( ولادة فينوس » تراتيل ( لأجل مجد المسيح : لكن الرسام كان ذا مزاج قلق ، فيتبع تأملات معاصريه الفلورنسيين حول الرسالة الأفلاطونية ويبدو أن العاصفة التي أثارها و سافو نارول ) هزته بعنف أدى به إلى إحراق الأعمال اللادينية التي كانت بحوزته . بالإجلال الشديد الذي كان الفنانون يكنونه لآثار القدماء . فكان و جاكوبو دلاكويرسيا ) ( 1367 - 1438 ) أول من تخلى عن التقاليد الأيقونية ( 1 ) في العصر الوسيط ، وأول من استعمل المعجون قاعدة ، الذي كشفت ( تعليقاته ) عن الإعجاب الذي يكنه للفن الإغريقي - اللاتيني ، فلم يقتبس لنماذجه ، التي احتفظ فيها التراث القروسطي بمنزلة هامة . بيد أن تحفته الرائعة تبقى دينك البابين البرونزيين في معمدانية فلورنسا ، فلا يوجد فيها أي تناقض بين النظام والحياة . ونتبين أن و دوناتيللو » ( 1386 - 1466 ) أعطى نماذجه أبعاداً واسعة جداً . فكان البرهان الساطع على العودة المتعمدة إلى النموذج القديم : لقد استوحى ( دوناتيللو فنه من تماثيل الخيالة التي نصبها الرومان على شرف أباطرتهم . الذهاب إلى أبعد من لقد ترك لنا ( داود ) ذا الجسد المطواع والأملس ، بأن عصر النهضة كان يستبدل الجمال بالملاحة والرشاقة ، فن العمارةتمكن و برونليشي ؟ ( 1377 - 1446 ) من الإرتقاء بسرعة إلى مستوى الأعمال الفنية الرائعة في فن العمارة . فكانت قبة ( سانت ماري دي فلور ، في بداية الأمر تجربة تتطلب القوة في النظام التقني ، فإذا بها تبلغ ذروة الكمال الجمالي : تتناسق خطوطها وأبعادها بشكل خلو من أي تنافر . ب. البرتي ) إنجازاته على تأملات نظرية تحدد انطلاقها من خلال القراءة الواعية لـ « فيتروف ) . وأكثر ما برز إبداعه في بناء واجهات الأبنية . تذكر مثلاً أن واجهة كنيسة وسان فرنسيسكو » في ( ريميني ، اكتسبت شكل قوس نصر يحتمل أن يكون دفع و مالانستا ، إلى تحويل هذا الحرم إلى معبد تكريماً لعشيقتهو أيزونا ) . عمومية عصر النهضةلدى تجولنا بين مختلف قطاعات الفن ، قمنا بتجزئة ما عصر النهضة يسعى : بشغف إلى توحيده . ولم يكن أي من مؤسسيه ليقبل بحصر في ميدان واحد : فمن نقاش ، إلى مهندس معماري . فراح يمارس الرسم بل ويعمل في إخراج الإحتفالات والأعياد . وقد انكب معظم هؤلاء المبدعين مطولاً على المعطياتكاننشاطهالنظرية المتعلقة بإنجازاتهم ، فلم يتركوا تأملاتهم تقف عند حد معين . أما هدفهم فكان إدماج اكتشافاتهم في كل متناغم . وإذا بالفن يشكل وسيلة تصوير أو على الأقل إظهار النظام الكامن لهذا العالم على هذا الأساس ، يبسطون طموحاتهم على كل ما يشكل دائرة الوجود البشري ، وربما كانوا اكتشفوا بأنفسهم قوانين تنظيم المدن لو لم تتوفر لديهم دراسة عن المدن القديمة . التفكير في الأمور وإخضاعها لعمله . أما من يستجيب إلى هذا التحديد فهو الفنان وحده . ويبدو أن التطابق كان قائماً بين التيار الإنسانوي والنهضةالفنية . كما رؤية شبه الجزيرة الإيطالية سابحة في نور ربيعي جديد . كان لا بد من الإستخفاف بالتصوير الفلمندي وعدم إقامة أي اعتبار للأخوة ( فان إيك » و « روجيه فان در ويدن ) . يعني التجاهل أن فن الرسم ومزج الألوان ، تقدما بخطوات واسعة في أقل من قرن ، بحيث تشير اسماء كونراد ويتز » و « مارتن شونغویه » و « ماتیاس غرونفلد ، إلى بعض الحقبات التاريخية الهامة . وكيف ننسى أن الفنانين الإيطاليين كانوا مدينين لـه الفلمنديين ) بأكثر من تجديد ناجح في تقنية التصوير ؟ أما كانت الإحتفالات في بلاطات الأمراء حرمت من أحدى أقوى مفاتنها لولا وجود الموسيقى التي تأمن ازدهارها على يد المدرسة الفرنسية - الفلمندية ؟ لقد نشأت بـ الشمال والجنوب و علاقات تجابل ، فلم ( يتجنب التعارض في التصوير بين الشمال والجنوب ، انطلق و ألبير دوريه : ( 1471 - 1528 ) إلى إيطاليا بحثاً عن زهور عصر النهضة بغية تكييفها مع مناخ البلاد الجرمانية .


Original text

محتوى المستند
الإنسانوية وعصر النهضةالبعث الأدبي إيطاليا ، موطن الإنسانويةوراء انطلاقة الحركة التي ، انطلاقاً من إيطاليا ، اجتاحت أوروبا برمتها وغيرت ، أينما كان ، شروط العمل الفكري وأسلوبه ، نجد رجلاً لم يكن معداً ، ظاهرياً ، للعب هذا الدور الإستثنائيبتراركهو « فرانشيسكو بتراركو ( 1302 - 1374 ) ، ابن كاتب عدل فلورنسي . اصطحبه والداه إلى كاربنتراس ) في الأراضي البابوية . وهناك ، منحه انخراطه في السلك الكهنوتي وبعض الفوائد الكنسية الوسائل التي تخوله أن يعيش حياة شبيهة بحياة الكثير من الإيطاليين الذين جملهم إلى سواحل الرون استبعاد الكرسي خلال الرسولي الطويل الأمد . بيد أن بترارك لم يبدد قواه في خدمة البابوية ، من عمله في أحد مكاتب الإدارة البابوية . لقد نال المجد والثروة . فالبـابـا والامبراطور وحتى بعض الحكام مثل ( آل فيسكونتي ( كانوا يبدون كل عناية ولطف تجاه رجل الآداب هذا الذي شهده الغرب يتلقى هذا النوع من الدلال والرعاية ، وعام 1341 ، حصل على إكليل الغار في الكابيتول ( مقر السلطة ) . ويبدو أن المشاكل السياسية لم تكن بغريبة عنه : فقد أعلن موقفه من مسألة استرجاع الجمهورية الرومانية من قبل كولادي ريانزو ) ، ومن عودة الحبر الأعظم إلى عاصمته الطبيعية ، ومن الامبراطورية مع جماعة الاكليروس . ولم تكن تصريحاته لتمنعه من إيقاف نشاطه ، رغم أنها كانت أحياناً تأتي في غير موضعها . وقد توفي في مدينة « آركا » ، وسط تكريم كل الناس له .لا شك في أن بترارك كان مديناً بجزء كبير من نجاحاته لأسلوبه الساحر . إذ كان ذا بلاغة تفوق الوصف ، ومواهب شعرية قل نظيرها . وما زالت و موشحاته ) Canzoni تحتفظ ، حتى اليوم بقيمتها التي اعترف له بها إيطاليو القرن 14 . لقد كان شاعر ( لور ) والغراميات المستحيلة يجمع بين الشكل الكلاسيكي والإيحاء الرومانسي . كان يعرف كيف يعبر عن الحالات النفسية التي يشعر بها الكثير من أبناء زمانه . كذلك أثرت عذابات فؤاده تأثيراً عميقاً في نفوس قرائه . لكنه عرف كيف يتقاسم وإياهم شعوره إزاء الحضارة القديمة . ففي الواقع ، كان بترارك مغرماً ، منذ صباه ، بالآداب اللاتينية التي تمكن أحد معلميه من إطلاعه على غنى محتواها فلم يكن ليكتفي بتمجيد إتقانها الشكلي ، بل راح أيضاً يمتدح مزاياها الأخلاقية . وفي رأيه أن انهيار النظام الروماني جعل الناس فقراء ومستضعفين . وستبقى دروب المجد مقفلة في وجههم طالما لم يسعوا إلى إحياء هذا الماضي . بالمقابل ، سيؤمن لهم هذا التراث الرائع سعادة متجددة ، إذا أعادوا اكتشاف غنى مضامينه ، وإذا فكروا ملياً في عظاته وأمثولاته . عندئذ ، قد يعود العصر الذهبي ، لا سيما وأن الإيطاليين كانوا يتهافتون على قطف ثمار هذا الخير العميم الذي يتحتم عليهم الإهتمام بتحقيقه . ويبدو أن الحماسة التي أثارتها في نفس بترارك ذكرى المجد الروماني كان متوافقاً مع تعلقه بأرض آبائه وأجداده .لم تكن طبيعة بترارك ولا نتاجه خلوا من حالات الضعف . إذ كان الرجل كتلة . من التناقضات . كان مترعاً بالأمجاد ، لكنه راح يمتدح الإنقطاع عن الناس . كان يرتاد البلاطات والقصور ، لكنه يعبر عن شغفه بحياة العزلة والتفرد . إن هذا الإنسانوي لم يكن كاملاً إذ إنه لم يتوصل إلى امتلاك لغة . هوميروس . كما لم يكن موفقاً في اختياره للمعلمين الذين اقترحهم على تلامذته وأتباعه . لقد جعل شيشرون يحتل ، في خضم النهضة الأدبية ، مكانة مشرفة بإمكان غيره أن يشغلها بصورة أفضل . لقد كان حرياً بيترارك ، الذي انتقد بخفة ، خشونة الكتاب المدرسيين ، لوالزم نفسه بشيء من التشدد ، فهو كان يكتفي بسطحية الأمور .هذه الأخطاء كانت من خصائص الإنسانوية التي لم يكن من السهل عليها التخلص منها . ومهما تكن نقائص بترارك ، فإليه يعود الفضل في نقل الحماسة التي كان يثيرها ويحركها إلى أبناء عصره . أما العمل الذي باشره فلم يتوقف . إذ كانهذه الأخطاء كانت من خصائص الإنسانوية التي لم يكن من السهل عليها التخلص منها . ومهما تكن نقائص بترارك ، فإليه يعود الفضل في نقل الحماسة التي كان يثيرها ويحركها إلى أبناء عصره . أما العمل الذي باشره فلم يتوقف . إذ كانباستمرار يسبر غور المجال الواسع الذي كانت تقدمه العصور القديمة الكلاسيكية ،وأصبحت أعمالها الرائعة بمثابة نموذج يحتذى .ويسعىالإنسانويون ، تحدوهم الرغبة بانتزاع هذا الجزء من تراثهم الأدبي منعالم النسيان ، مع السنوات الأخيرة من القرن 14 إلى التنقيب في المكتبات ، آملين أن يجدوا فيها مخطوطات تليدة . وهكذا ، تمكن ( كولوشيو سالوتالي ، من وضع يده على ( رسائل إلى خلصاء شيشرون ) ، بيد أن « بوجيو براشيوليني ، بشكل . خاص هو الذي توصل في هذا المجال إلى أفضل النتائج . لقد تم قبول هذا التوسكاني ، وهو من تلامذة ( ساليوتي ) كموظف في مكاتب الإدارة البابوية الرومانية . وكان أن أوصلته وظيفته هذه ، عام 1414 ، إلى ( كونستانس ) . وهناك أفاد من أوقات فراغه بأن راح يتعرف إلى الأديرة الموجودة في الجوار ، إلى أن تمكن ، في سانت غال ) من الحصول على وثائق نادرة : فيجلب منها و الأسلوب الخطابي ) لـ « كوانتيليان ) ، وبعض كتب عن المغامرات القديمة ، من أعمال و فاليريوس فلاكوس ) ، وثمانية من خطب x شيشرون ) ، هذا إذا لم ننوه إلا بأجمل الوثائق التي تحويها هذه الغنيمة . ومن هذا المكسب ، تناول و الزراعة ) لـ « كولوميل ) ، و ( مناسبات ، لـ « ستاس » ، و « في الطبيعة ، لـ « كوكرايس ) وعدة أعمال أخرى أقل أهمية . ثم انطلق في أعماله التنقيبية نحو فرنسا حيث زوده و لانغر » و « كلوني ( خاصة بعشرة من خطب شيشرون . ويبدو أن معرفة اللاتينية ، تلك بصورة إلى حد ما فطرية ، لم تكن كافية لتقويم النصوص المحرفة ، وتصحيح التي اتضح أنها كتبت بخط رديء . لذا ، كان لا بد من إدراك أدق قواعدها ومبادئها . والحال أن قواعد اللغة لم تكن لتجتذب الأشخاص المولعين بأناقة اللغة أكثر من ولعهم بخشونتها . وكان لورين قالا ) ( 1405 - 1457 ) أول من اعترف بأن الأسلوب الدقيق والمتشدد ضروري في هذا المجال . من هنا ، راح يدرس ، وبعناية فائقة ، أعمال المؤلفين الموثوقين ، من أمثال كوانتیلیان » و « شيشرون ) ، ، ' وأرسى ، إذا صح القول ، قواعد فقه اللغة اللاتينية . وقد بقي مؤلفه و أناقات اللغة اللاتينية ، يستخدم ، ولفترة طويلة ، كدراسة مرجعية أساسية . وكان انتهى من كتابتها عام 1444 في القرن 14 ، وبطريقة ما ، كان كل مثقف قادراً على التعبير بلغة الرومان ،لكن بترارك كان يؤلمه جهله يونانية الألياذة . ولم يتبدل هذا الوضع إلا بعد قدوم البيزنطيين ، بأعداد متزايدة ، ليستقروا بعيداً عن موطنهم المهدد . ولا شك في أ ان الذي ، سعی المجامع أسهمت أيضاً في تعزيز هذه الحركة . تذكر أن « كريزولوراس ) ، كان يمارس التعليم في فلورنسا منذ العام 1400 ، توفي في كونستانس ، وأن أحد الأحبار الأرثوذكس ، « مارك بيساريون ، ، الذي شارك في مفاوضات ميثاق الوحدة عام 1439 ، أصبح كاردينالاً واستقر في إيطاليا . وأن الأسبارطي ( جورج جميش ) ، وكان أيضاً يسمى ( پلیتون ) ، اختار عاصمة توسكانا كمقر لإقامته . كما كان لكل من ( البندقية » و « باقيا ، معلم خاص للحضارة الهلينية ، وهما و جورج دو تریبیزوند » و « تیودور دو غازيس ) . كما أن ( ليونارد بروني ) ( 1370 - 1444 ) ، وهو أحد تلامذة كريزو لوراس ( الموهوبين ، أخذ على عاتقه ترجمة أعمال المؤلفين الإغريق . وقد ترجم بتصرف أعمال أفلاطون وأرسطو . ومن أهم حسناتها أنها زادت في التعريف بهذين الفيلسوفين ، بعد أن كان الإستشهاد بمؤلفين لاتين هو الذي أتاح ، حتى ذلك الحين ، استشفاف فكرهما . وهكذا الإنسانويون إلى إحياء كامل الحركة الفكرية التي سادت عصرهم وذلك بفضل إسهام الحكمة القديمة . فإذا بأرسطو يغزو الغرب في القرن 13 ، ويشكل مرشداً لكل من ( البرت الكبير » و « توما الأكويني ) في تأليف مجمل كتاباتهما . وبعد عام 1400 ، بدأأفلاطون يلعب دوراً مماثلاً .مارسيل فيسين كرس و مارسيل فيسين ) ( 1433 - 1499 ) أكثر جهده لإعداد توليف يجمع بين الأفلاطونية والمسيحية . وقد قام بعمله هذا بناء لطلب « لوران العظيم ) . وبدءاً من عام 1456 ، أصبح بإمكانه ، في المبادىء الأفلاطونية ، ، تلخيص مبادىء الفكر الأفلاطوني الرئيسية . وخلال أربعة عشر . ، استطاع ، تباعاً ، أن يترجم جميع الحوارات . لكنه قبل أن ينجز هذا العمل ، ألف ، عام 1474 ، كتابه « في حقيقة الدين ) . خلال تلك الفترة حصل على رتبة قس وكاهن قانوني . ويبدو أن بعض النقاشات الحامية مع أنصار ابن رشد كانت لفتت انتباهه إلى مسألة خلود الروح . فإذا به يقدم لخصومه ، الذين ينكرون ذلك ، حججاً كان استقاها من الفلسفة اليونانية ، أكثر منه من اللاهوت المسيحي . وكان الإطار العام لتفكيره يتبعالخط الذي رسمه أفلاطون . أما العمل الذي أثنى عليه فهو : الوليمة ) . إذ وجد فيه مواعظ من الحكمة السنية التي تأمر البشر بالتخلص ، في هذه الدنيا ، من الوقائع المادية والإرتقاء ، تقودهم المحبة في ذلك ، إلى شعشعانية المثل ونورانية الله حتى في حديثه عن الروحانية ، كان هذا المنضوي تحت حماية ( لوران العظيم ) يتمثل بأفلوطين أو بروكلوس . كانت كلماته مسيحية المنحى لكن فكره المتطور بقي في غربة عن الإنجيل . وحري بالذكر أنه لا الخطيئة الأولى ولا الخلاص لم يأخذا في مذهب فيسين المكانة التي كان يجدر بهذا القس إعطاؤهما إياها درس العربية ثم أراد و جان پيك لاميراندول ، توسيع الأفاق التي كان بدأها فيسين على نطاق واسع . كان ذا قدرة خارقة على الفهم والإدراك ، بحيث لم يترك ميداناً من ميادين المعرفة إلا طرقه وسبر غوره . ولم تكن صعوبات العمل ، ولا احترام المعتقدات ، ولا الخوف من ( التفتيش ) ، لتثنيه عن عزمه . فالمقترحات التسع مئة التي جاء ليدعمها في روما أدت إلى إدانته . وكان أودع السجن في فنسان ) ، بحيث أفاد من التساهل الذي أبداء نحوه اللاهوتيون الباريسيون الذين لم يكونوا تهيأوا بعد لمواجهة الدومينيكيين الرومان . وإذ يشمله العفو ، يرتمي باندفاع في أحضان الدين ، بعد أن كان شرع بحماسة في بناء بعض النظريات . ويبدو أن و سافونا رول ، كان شديد التأثير فيه . ولو عاش مدة أطول ، لربما تجليب بجلباب الدومينيكيين . بيد أنه سرعان ما استنفدت قواه . وعندما توفي ، كان له من العمر ولم تكن توصلت وفرة مقاصده وعمق تفكيره إلى تشكيل واحد وثلاثون عاماً . المبادىء المتعذر إيجازها في كل متناغم ومتساوق .. ويبدو ، في حقيقة الأمر ، أن و بيك » توغل أكثر من ( فيسين ) في الإلتقاء مع الفلاسفة المشرقيين . فقد تعمق في دراسة العبرية كي يتمكن من الاطلاع على الفكر اليهودي ، كما أنه . ليتسنى له قراءة القرآن بالنص الأصلي . وحدها مسيحية متحررة من نواميسها ومتحولة إلى روحانية محض تملك من المرونة ما يجعلها تتفاهم مع المذاهب ذات المفاهيم المختلفة عنها ، من مثل القبلانية والمذاهب الغنوصية ( 1 ) حتى إن فكر بيك( 1 ) القبلانية Kabbole نزعة يهودية في تفسير التوراة بطريقة رمزية وفق ما كان يفعله اليهود القدامي . الغنوصية Gnostique نزعة فلسفية هدفها التوصل إلى إدراك كنه الأسرار الإلهية . ( المترجم ) .كان أكثر من فكر فيسين تخلياً عن التشدد سعياً وراء الوحدة .ويبدو أن البحث الدؤوب في أمور الطبيعة كان أكثر اجتذاباً البعض العقول المفكرة من المغامرة الميتافيزيقية . ففي فلورنسا ، جسد و بول توسكانيللي ، هذا الميل نحوا الدقة المتناهية في المراقبة ، وخصوصاً الفلكية . وكان « نقولا دو كويز ) قد شرفه بصداقته . بيد أن المسائل التي أتاح الجهد المتواصل لتوسكانيللي تحقيقها في قطاع علمي واحد ، تمكن ليوناردو دافنشي ) ، بفضل عبقريته ، من إنجازها في ميادين عدة كالتشريح ، والفيزياء ، وعلم النبات والجيولوجيا . وإلى الأسلوب الملتزم الذي أوصى به لوران قالا ، ، أضاف ليوناردو القدرة على اختراق الخاص للوصول إلى العام . تعتبر كان ليوناردو عالماً ، فحرر الحقيقة من الجهل والشك . وفناناً ، فخلق الأشياء الجميلة . لقد كان فعلاً ما حاول سلفه ، « ليون باتيستا البرتي ، أن يصير إليه ، أي الإنسان الذي تفتحت مواهبه ، لتمنحه الشهرة وتجدد سعادته اليومية . ولم يكن الإنسانويون يتوقعون أن يروا بأم العين تجسد هذا المثل الأعلى في شخص ليوناردو ، فراحوا يبحثون في صباه عن أسباب ترسخ هذا المثال . ولم تكن التربية عملا ينبذه المفكرون المتميزون كمثل ( غاسپارین دو بارزيزا ، ، الذي كان يعطي في « پادو » دروساً في البلاغة ، بل إنه كان يدير في تلك المدينة مدرسة " نموذجية . غير أن فكتوران دو فلتر ، هو أول من جدد في الطرائق التربوية . فإذا به يضع موضع التطبيق ما قام بعض الباحثين من أمثال ( فرجيريو ) ، ثم و مافيو دو لودي ، بإعداده على الصعيد النظري . أما الإنسان الصالح الذي يفخر بإعداده ، من خلال تهذيب عقله وطبعه الطفليين ، فسيصبح لاحقاً نموذجاً لمعلمي الكليات ودور التربية ، الذين ستشجع عقائدهم المنافسة ، خلال القرن 16 ، على خلقه . وإبداعه . وقبل عام 1450 ، كان الأمراء الشبان وحدهم يقطعون ثمرة هذه التأملات في فن تربية جميع الملكات البشرية بشكل متناسق . نذكر مثلاً أن و جان - فرانسوا غونزاغ ) عهد عام 1423 إلى ( فيكتوران دو فلتر ) بتربية أبنائه . لم تكن المدارس الحديثة تنافس المؤسسات القديمة بشكل واضح بل كانت تتممها . أما الجامعات فكانت تحتفظ بأفضل ما لديها للطلاب المتفوقين . إذ كانت متشددة مع الشبيبة المبتدئة مما يؤدي إلى حدوث العديد من حالات الفشل . وكانثمة غياب لما شكل فيما بعد التعليم الثانوي . فإذا بالإنسانويين كغيرهم يعملون على ملء هذا الفراغ ، وذلك من خلال تشجيعهم على إنشاء مؤسسات اقتصر دورها ، إلى حد ما ، على التعليم الإعداديلم تكن الجامعات مدعاة ازدراء الإنسانويين ، بل حتى إنهم كانوا يطمحون إلى الإنخراط في أمجادها . لكنها ، رغم ذلك ، لم تكن لتشكل الإطار الذي ينشرون فيه أفضل أعمالهم . وكان ينتابهم الإنزعاج داخل الإتحادات ، العديدة وغير المستقرة ، التي راحت تشكلها جماعات المعلمين والطلاب . فيفضلون عليها الحلقات التي تضم بعض الأصدقاء وقد التقى اعضاء اكاديمية فلورنسا حول مذهب افلاطون التقوي الذي راحوا يبذلون جهودهم للتوفيق بينه وبين المسيح . أما أكاديميات روما فبلغ بها التهور إلى حد اتباع ( پلاتینا » و « پومپونيو ليتو » اللذين تبدت خطورتهما في كونهما يلعبان دور الكهنة الوثنيين . فكان أن انتهى هؤلاء الوثنيون الجدد في السجن والتعذيب . ولم يبد الكرسي الرسولي أي عداء محدد . تجاه النزعة الإنسانوية . ومن أهم ممثليها ( بوجيو براشيونيللي » و « لوران قالا ) اللذان كانا يعملان في خدمته . بيد أن بولس الثاني لم يكن متساهلا كنقولا الخامس وبيوس الثاني ، اللذين كانا بدورهما إنسانويين . فيعتبر أن الأكاديميين تجاوزوا الحدود التي يمكن قبولها والتساهل بها فيعمل على معاتبتهم بشدة . إنما يمكن القول إن مغامرتهم تلك كانت مسألة نادرة . بصورة عامة ، كان الإنسانويون . يستسيغون النقاش الحاد ، إنما الودي ، الذي يدور في حديقة إحدى الفيلات . كحديقة فيلا ( كاريجي ) التي يؤثرها ( فيسين ) . ولأنهم كانوا من أكبر هواة الكتب ، لم يتوانوا عن التنقيب عنها في المكتبات التي راح عددها يتضاعف إبان تلك الفترة . وكان يتيسر لكل أمير أن تجتمع لديه هذه المزايا الحسنة . أما المدن الإيطالية فتحولت إلى مساحات للدراسة . ويبدو أن الإنسانويين لم ينكروا فضائل أولئك الحكام الطغاة . فيقبلون بالتعامل معهم شريطة أن تترك لهم حرية الدراسة الهادئة في دورهم . لقد كانوا هواة مطالعة ويشغل العمل الإنفرادي أوقاتهم الأكثر صفاء . وقد أصابوا في اتخاذ القديس جيروم ، شفيعاً لهم ، وهو الذي كان يصوره رسامو عصر النهضة في حجرته الخاصة ، مع أسد قائم عند قدميه ، ومجموعة رائعة من الكتب في متناول يده'كانت الإنسانوية محركاً لأشخاص يفيضون بالطاقة : فإذا ببعضهم يستنفدها . مع نوع من الحرية الهمجية ، فيتذوقون من جميع الثمار ، وينشرون مساوئهم بتبجح و استفزاز ، من هؤلاء نذكر فرانسو فيليلف الذي كان يرافقه العبيد من الذكور والإناث . في حين اقتصر بعضهم الآخر على وضع جميع . طاقات شخصياتهم القوية في خدمة طموحاتهم الأدبية أو العلمية . بيد أن السعي وراء المجد والشهرة كان . بالنسبة لمعظمهم ، المحرك الأقوى للعمل . وهنا يكمن سر توافقهم المتعطشين للتحول إلى أمراء . لقد كانوا جميعاً يطمحون إلى هذه العظمة التي اعتبرها و توماس پارونتشيللي ، ضرورية للكنيسة التي أصبح رئيساً لها ، عندما : تنصيبه حبراً أعظم باسم « نقولا الخامس ) . أما الإحتفالات التي كانوا مغرمين بها والتي يتولون تنظيمها فشبيهة بالإستقبالات الإحتفالية التي سادت في العصور القديمة . لقد بدأوا يشعرون أنهم بلغوا عتبة العصر الذهبي الذي تنبأ به بترارك ، وأنهم افتتحوا الطريق التي تقود إلى ربيع جديد في التاريخ البشري .الإنسانوية تغزو أوروباالطغاةتمنقلولا دو کویزكان و نقولا دو كويز ) ( 1400 - 1463 ) ابناً لبحار بسيط . ثم أصبح كاردينالاً في سان پيار - أو - ليان ) . ويدل عمله ونتاجه على عبقريته . ويبدو أن انصراف دو كويز » . إلى البحث العلمي والتأمل لم يكن أمراً ميسوراً فقط . إذ كان للعمل ، في جميع مراحل حياته ، منزلة هامة . ورغم كونه لم يلق السعادة قط في هذا المجال ، إلا أنه لم يجد فيه سوى الإخفاق والفشل . وبفضل حنكته ، لعب ، بين 1435 و 1449 ، دوراً هاماً في المباحثات المتعلقة بالأزمة المجمعية الثانية ، فيكافاً على براعته بتوحيد الكاثوليك . ويجتمع إلى الروم الذين لم تزعجه رؤية كنيستهم تتصالح مع كنيسة روما . وعندما عين مبعوث ونقولا الخامس ، لدى الامبراطورية ، بدأ يعمل دون كلل ولا ملل من أجل الإصلاح . ثم حين أصبح أسقف « بريكسن ) سبب له تصلبه بغضاء أجبرته على مغادرةتيرول ) .ومما لا شك فيه أن الفضل يعود في تعلمه وامتلاكه للمعرفة ، وفي انطلاقته"وشهرته ، إلى موهبته الفذة . كان تلميذاً لدى رهبان و الحياة العامة ، ، ثم طالباً في هايدلبرغ ) ؛ ونال في ( پادو ) شهادة الدكتوراه في القانون الكنسي ، وهذا ما كان يسعى إليه . لكنه لم يكتف بذلك ، بل تعلم فيها اللغة اليونانية ، وبمقتضى صداقته مع : توسكانيللي : ، أخذ عن هذا الأخير شغفه بالرياضيات . ثم لم يلبث أن انتشل مسرحيات و بلوتس ، الكوميدية من عالم النسيان . لقد قرأ كل ما استطاع الوصول إليه من التراث اليوناني بدءاً من أعمال أفلاطون إلى الكتابات الهرمسية ( الغامضة ) ، كذلك ، أثارت القبلانية فضوله . وحاول الإطلاع على الحكمة الإسلامية واللغة العربية ، فتوصل على الأقل إلى التعرف إلى مبادئهما . أخيراً ، كان شديد الحرص على التألف مع تقاليد الروحانية المسيحية ، دون أن يغرب عن باله در لول ، ، ولا المعلم ( أوكهارت ) . كان يطمح للقيام بعملية توحيد شاملة ، مما دعاه إلى تنظيم وتنسيق معرفته التي وزعها على مستويات ثلاثة . في المستوى الأول ، يهيمن العقل ، وبديهي ) يستخدم فيه القياس المنطقي . وفي الثاني ، يكمن الإدراك ، الذي يتزود قبل كل شيء الرموز . وللنفاذ إلى المستوى الثالث ، لا بد من وجوده الجهل العلمي ، الذي يجمع ، وهنا وجه الغرابة ، بين التفوق والتناهي . ولسوف يستشف العقل قدرة الله ، حيث تتلاقى التناقضات . لكن ذلك لا يحدث نتيجة للإستدلال المنطقي . بل بالوحي الإشراقي . كان ( دو كويز ) شديد المراقبة للطبيعة ، فلم ير فيها أي نظام جامد . ومن خلال قراءته الواعية لأفلاطون ، أدرك ، هو أيضاً ، أن ثمة ، في الكون حركة دائمة . كذلك ، وبنتيجة التفسيرات العديدة والمتلاحقة ، ينتهي المبدأ الإلهي إلى التواصل مع المادة نفسها . فيمر بالإنسان الذي يسمو فوق هذا المنحى المادي ، ليصل إلى مصدره ، ، أي إلى الرب .كان ( نقولا دو كويز » يتقدم بسرعة ، وعليه ، لم يحاول الإسهاب في توضيح أفكاره . كانت براهينه موجزة ، ولعبته معقدة . كان كذلك شديد القسوة والصرامة بشكل جعل أنصاره قلائل . هذا الألماني المتواضع المحتد ، والأسقف المتدين الورع والمتزمت كان أحد رجالات النهضة ، وقد تربع على مستوى واحد مع الإنسانويين أو الفنانين الذين نشأوا في شبه الجزيرة . ولم تكن تنقصه تلك الشجاعة في الإلتزام بما يبدو أن القدر منعه عنه والذي يسميه الإيطاليون بالفضيلة ،لكنه ، إضافة إلى ذلك ، وعلى غرار « فاوست ) ، راح يشبع نهمه الشديد للمعرفة والإدراك . فإذا بحياة ( نقولا دو كويز ) تشكل محصلة توليفية تماماً كأعماله . قبل ولادة الإنسانوية بفترة طويلة ، كانت معرفة الإيطاليين ومهارتهم تمارس نوعاً من الإغراء الشديد على بلدان أوروبا الوسطى . كان العديد من الطلاب يتوافدون ، ، من الامبراطورية المقدسة وبولونيا أو هنغاريا ، ليتسجلوا في منطقة بولونيا » أو « يادو » . ثم يعودون إلى بلادهم ، مزودين القابا ، مكللين بهالة من المجد ، وقد زخرت عقولهم بأفكار جديدة . هناك ، كانت تنتظرهم الوظائف الرفيعة في دواوين الدولة وفي إدارات أسقفياتهم . أما الجامعات ، التي ما فتئت تضيق حلقاتها إلى حد بعيد ، فكانت تخرج علماء ينتمون إلى ميادين رائعة . وبما أن هذه الكليات كانت لا تزال حديثة العهد « كانت أقل تحفظاً من سائر المؤسسات الأخرى في الإنفتاح على التجديد ، خصوصاً إذا كان هذا الأخير وافداً من الخارج . وهكذا ، أصبحت المدن وبلاطات الأمراء مراكز يقوم فيها رجالات النخبة المحلية بواجب تكريم الآداب والعلوم . وفي عدد من مدن الراين ، تشكلت بعض و الجمعيات ) | المصممة على غرار الأكاديميات الإيطالية . أما البرجوازيــون المهتمون بالتعليم الذي يهيء أبناءهم للحياة ، فراحوا يشجعون على تأسيس المدارس ، في الأراضي المنخفضة ، ووادي الراين ، وألمانيا الشمالية ، التي كان يديرها رهبان و الحياة العامة ) . أخيراً ، لم تكن الرغبة في إصلاح العالم المسيحي بمنأى عن الترحيب الإيجابي الذي لقيته المناهج والمذاهب الإنسانوية في قلبأوروباكان إهتمام مؤسسي التجديد الديني في هذه البلدان يتركز على مسألة تكوين جيل جديد من المسيحيين بحيث يطال ذلك كل فرد . فمن ألكسندر هجيوس ) ( 1435 - 1498 ) ، الذي جعل من مدرسة سان لوبوين ) في ( دوشنتر ) منبت رجالات الأدب ، إلى جاك ويمفلنغ دو سلستا ) ( 1450 - 1528 ) الذي استحق لقب ( المربي الألماني ) ، كان ثمة العديد من الإنسانويين الذين راحوا يفخرون يكونهم مربين . وإثر ( بورباش ، الذي كان يدرس الرياضيات في فيينا ، بدأت تزدهر العلوم البحثة على يد تلميذه و رجيو مونتانوس » الذي كان أيضاً من تلامذة و بيساريون ) .فبعد أن عاش هذا الفرنسي الأصل سنوات طويلة في إيطاليا ، جعل من ( نورمبرغ ) المركز الأوروبي للدراسات الفلكية والخرائطية ، حيث كانت النظرية تساعد على حل المسائل التطبيقية . إن العديد من العلماء ، من أمثال ( مارتن بهايم ) الذي استخدم فاسكو داغا ما » فيما بعد خريطته الكروية ، و « البرت دوريه » و « فيليبالد پیرکهايمر ) ، كانوا يدينون لهذه المدرسة بجزء كبير من ثقافتهم المتشددة . لقد كان ثمة حاجة ماسة للإحاطة بكل أنواع المعرفة في الأوساط الإنسانوية داخل الامبراطورية . هذه الحاجة جعلت ( رودولف اغريكولا دو غرمنك ) يرسم . برنامجاً شاملاً لم يرق لـ ( جان تريهام ، ، رئيس دير ( سبونهايم ، ، لان ذلك يوغل ،، لنفسه عنه ، في علم التنجيم . لكن ( أغريبا دو نتشايم » ، الذي جاء بعده كان أكثر منه توغلا في عالم السحر . أما و جان روشلان ) ( 1455 - 1522 ) ، فقد اجتذبه كل غريب وشاذ ، هو أيضاً . إنما كي يدرك كنه السر الذي اعتقد أنه اكتشفه في القبلانية ، كان لا بد أن يبذل جهداً أوتي ثماره : كان يتقن اليونانية جيداً ، ثم تعلم العبرية فاتقنها ، وبمنهجية تمكن معها من إعطاء أول مؤلف علمي في قواعد صرفها ونحوها فساعد . بالتالي على تسهيل انتشارها على نطاق واسع . وقد اشتد شغفه بهذه اللغة إلى درجة جعلته يتحدى محاكم التفتيش حين واجهت مسألة القضاء على التلمود فكانت سلطته المعنوية كبيرة إلى حد دفع الإنسانويين إلى التحلق حوله . ويهدف الدفاع . ألف الأكثر حماسة بينهم ( رسائل الناس المغمورين ) ، هذه الرسائل الريفية ) وليدة القرن السادس عشرا وهذه الرسالة النقدية لم تكن تهاجم فقط المدافعين المتصلبين عن الفلسفة المدرسية . بل كانت تمعن في التهكم على معظم المؤسسات الكنسية . وكان أحد هؤلاء الكتاب ، وهو ( أولـزيـك دو هاوتن ) . ( 1488 - 1523 ) ، يتقد حماسة وطنية عارمة . والغريب في الأمر أن هذا الكاتب الإنسانوي ، الذي ألهب فيه كتاب ( جرمانيا ، لتاسيت نار الإنتقام كان يهاجم الكرسي الرسولي بالعنف نفسه الذي يعتبره معه وريث روما . لقد كان رجالات الكنيسة ، في نظره ، أدوات بأيدي ( الويلزيين ( 1 ) الأعداء التقليديين للتوتونيين . آنذاك ، كان كره الأجانب يمتزج مع العداء للاكليروس ، وتحت رماد الإصلاح ،كانت تختفي نيران الثورة الدينية .وفي أوروبا الشرقية والوسطى ، كانت دواوين ( كازيمير الرابع ) ، في بولونيا ، و ( ماتياس كورفن » ، في هنغاريا ، تقيم علاقات معينة مع الأوساط الفكرية الإيطالية . فإذا بجامعة « كراكوفيا ) ، الذائعة الصيت ، تلعب دوراً رئيسياً " بقي ذلك في نشر الأفكار الجديدة . وفي فرنسا ، وبفضل وجود الإدارة البابوية الرومانية ، في المينيون ، ورجالات الأدب الذين اجتذبتهم إليها ، أخذ تأثير الإنسانويين الإيطاليين ، منذ نهاية القرن 14 يفرض نفسه على بعض الكتاب المعتبرين . فإذا بالأخوين ( پیار وغوتييه كول » ، و « نقولا دو کلامانج ) و ( جان دو مونتروي ) ، يتحمسون لـ « شيشرون ) ، وتحركهم العزة القومية فيسعون ويعملون للبرهنة على أن ثمة أيضاً شعراء وخطباء خارج إيطاليا . ويبدو أن ويلات الحرب أساءت كثيراً لهذا الجيل الأول من الإنسانويين الفرنسيين ، الذين ذهب بعضهم ضحية اختلاطهم وعلاقاتهم بـ ( الأرمنياك ) . وحين استتب الأمن ، أتيح للتيارات الأدبية أن تتحرك مجدداً ، وبشكل أكثر اندفاعاً ، فراح و غليوم فيشيه » و « روبير غوغان ، يسهلان . كل بدوره ، دخول المذاهب الجديدة إلى باريس . فإضافة إلى مذهب بترارك كانت هناك الأفلاطونية المحدثة الفلورنسية التي أثارت الكثير من الإهتمام ، في حلقات الجامعيين المتمرسين بمسائل التفكير والتأمل . ورغم أن ولوفيشر دیتابل ، زار فلورنسا واتصل فيها بفكر ( پيك » و « مارسيل ، إلا أنه ، في الحقيقة ، أميناً للأرسطو طاليسية ، التي عمل بصورة جذرية ، على تجديد مفاهيمها ومعرفتها . بيد أن الرجل الذي كان لا بد أن ذات يصبح يوم معلم ( بريسونيه ) ينال في مؤتمر ( مو ) إحدى أولى المراتب ، حمل معه من رحلته إلى شبه الجزيرة الإعتقاد بأن الفلسفة الاغريقية قادرة على إحياء المسيحية وإعادتها إلى أصولها . وكان الإنسانويون الإنكليز يطورون بعض المفاهيم المماثلة ، وعلى رأسهم ( جون کولیت ، ( 1466 - 1519 ) ، وهو ابن ثري لندني يعيش في إيطاليا . وما دفعه إلى شغفه بالحضارة الكلاسيكية . لكنه لم يلبث أن عاد إلى وطنه مقتنعاً بأن الدين المسيحي هو بحاجة ماسة إلى التطهير والتبسيط . فكانت جرأته مثار إغراءهوله إيراسم ( 1 )( 1 ) : Erasme لاهوتي وفيلسوف إنساني بارز ينتمي إلى القرن 15. ( المترجم ) .الطباعةفي وادي الراين ، اكتشفت الطباعة ، وهناك أيضاً جرى العمل بها . فلم تلبث بدورها ، وبالوتيرة المتسارعة نفسها ، أن غزت سائر أنحاء أوروبا . فحوالي عام 1455 ، لم تكن و مايانس ) تحوي أكثر من بعض منافسي و غوتنبرغ ) فقط . وبعد ، انتشرت محترفات الطباعة في 236 موضعاً . وكان أن مرور خمسین عاماً : تخصصت بعض المراكز بالنشر . يكفي أن نذكر منها ( نورمبرغ ) و ( أوغسبورغ ) و « ليون ) ، و باريس ) و ( البندقية ) . فإذا بالتقنية الجديدة تغير جذرياً في ظروف العمل الفكري . إذ ظهرت حوالي 15 إلى 120 مليون نسخة على الأقل في نهاية القرن 15 . ( ل . فيقر وهـ . مارتن ) . عندئذ ، بدأ يحدث نوع من التوحيد المحقق في عالم الفكر . ويتخذ تفوق الحرف الروماني في هذا المجال قيمة أنحاء رمزية . أما المطبعي ( امرباخ ) ، من ( بال » ، فكان له وكلاء في جميع أوروبا . وعملت الطباعة على إعلاء شأن الأمراء وتمجيدهم .التعبير الفني في النزعة الإنسانويةالتصويرلا شك في أن إعادة نبش القديم كان له أثره العميق في عالم الأشكال . فالتنقيب المتحمس عن كل تراكمات الحضارة الإغريقية اللاتينية ساعد ، دون شك ، على تسريع عجلة التغيير الذي برزت أوائل أعراضه في تاريخ التصوير إبان القرن 13 ومنذ تلك الحقبة ، فقدت الصور سمتها الكهنوتية المتصلبة التي كانت تجعلها شبيهة بالأيقونات البيزنطية ، وربما كان ذلك عائداً لكون الرهبان المتسولين وخصوصاً الفرنسيسكان الذين تركز همهم على الترفق برعيتهم وليس إخافتها ، تمكنوا من استمالة الفنانين نحو مفاهيمهم . وقد تخطى ( جيوتو ) ( 1266 - 1337 ) مسألة صعوبة التوفيق والتوليف بين النظام والحياة . وبفضل تموج الأجسام ، التي لم تعد " مذ ذاك تلصق على خلفية من الذهب المزيف بل تتحرك في إطار منظر طبيعي توصل في نهاية الأمر إلى ابتكار خداع العمق والحجم . أما و مازاشيو » ( 1401 - 1428 ) فسرعان ما ارتقى إلى مستوى الخلق الإبداعي . فإلى جانب الطواعية ، كانت جدرانياته تشتمل على قوة التعبير . في حين كان أمام « باولو أوشيللو »تلك الأثناء ، ظهرت جماعة ، انقشع أثرها من خلال عدد أعضائها وموهبتهم ، وسلكت طريقاً مغايراً بعض الشيء . وكان اهتمام هؤلاء الفنانين منصباً على صدق الموضوع أكثر منه على قوة بنائه . كانوا شغوفين بكل ما هو مثير ، ولم ينشدوا الجمال المجرد بقدر سعيهم وراء السحر والروعة . وفي توسكانا ، نجد د فيليبو ليبي ) ( 1409 - 1466 ) الذي أضفى على رسوم السيدة العذراء رونقاً حزيناً خالداً ، ثم « بنوزو غوزولي ) ( 1420 - 1497 ) ، الذي أوحى إليه موكب الأمراء والقساوسة القادمين إلى مجمع فلورنسا بخلق تحفته الرائعة و موكب ملوك المجوس ، ، ، كما نجد أخيراً و غير لنداجو ( 1449 - 1494 ) ، صاحب المشاهد الصافية والمتوازنة . جميع هؤلاء كانوا يمثلون تلك النزعة ، التي عني بها ، في البندقية ، كل من ( بلليني ) ( 1429 - 1507 ) الذي تأثر ، ربما ، بالمدرسة الفلمندية ، و كارپاشيو ( 1455 - 1525 ) ، الذي تعتبر أعماله بمثابة تصوير الأحداث تاريخية رائعة ، حيث يتمتع الخيال بدقة الواقع نفسه . وقد لا تغالي ، دون شك ، إذا أدرجنا في هذا التيار ( لو پيروجن ) ( 1445 - 1523 ) ، الذي لم تكن براعته لتقبل بأي نقد ، بل كان و فنه الشديد الإعتدال ، يلامس أحياناًحسيحسيالإتباعيةحري بنا أن نفرد مكانة خاصة لرسامين لا يشتركان ، عدا انعزالهما النسبي إلا بحساسيتهما المفرطة للوقائع الفوطبيعية . وهما : « فرا أنجليكو » ( 1387 -1455 ) الذي استطاع أن يضفي على أعماله روعة نوع من التدين الرقيق والعنيف آن معاً ، ا ، دون الوقوع في التصنع . فعندما كان راهباً دومينيكياً في وسانت في تماماً . فلم تشكل ،، مارك ) ، زین دیره بجدرانيات متنوعة ضمن إطارها الموحد . ثم هناك ( بوتشيللي ) ( 1440 - 1510 ) ، الذي أدرج طبعاً مبتكراته في سياق مغاير : لوحة و الربيع ) ولا ( ولادة فينوس » تراتيل ( لأجل مجد المسيح : لكن الرسام كان ذا مزاج قلق ، إذ كان مذهب الباطنية هو شغله الشاغل . فيتبع تأملات معاصريه الفلورنسيين حول الرسالة الأفلاطونية ويبدو أن العاصفة التي أثارها و سافو نارول ) هزته بعنف أدى به إلى إحراق الأعمال اللادينية التي كانت بحوزته . كانت تظهر في شخصياته مسحة من الحزن المؤثر . ويهتم بالخطوط أكثر . من اهتمامه بالأحجام . وهكذا كان قريباً من الخطوطية القروسطية والتصنع الباروكي .النحتتميز النحت ، المترافق تقريباً مع التصوير ، بالإجلال الشديد الذي كان الفنانون يكنونه لآثار القدماء . فكان و جاكوبو دلاكويرسيا ) ( 1367 - 1438 ) أول من تخلى عن التقاليد الأيقونية ( 1 ) في العصر الوسيط ، وأول من استعمل المعجون قاعدة ، في نقش عمود أحد الأضرحة بالأشرطة الزخرفية . أما و غيبارتي ) ( 1378 - 1455 ) ، الذي كشفت ( تعليقاته ) عن الإعجاب الذي يكنه للفن الإغريقي - اللاتيني ، فلم يقتبس لنماذجه ، رغم هذا الإعجاب ، سوى بعض العناصر الزخرفية ، التي احتفظ فيها التراث القروسطي بمنزلة هامة . بيد أن تحفته الرائعة تبقى دينك البابين البرونزيين في معمدانية فلورنسا ، حيث يصعب العثور على أي شائبة أو أي نقيصة . فلا يوجد فيها أي تناقض بين النظام والحياة . ونتبين أن و دوناتيللو » ( 1386 - 1466 ) أعطى نماذجه أبعاداً واسعة جداً . فاتبع ، إلى حد ما ، المثال الجمالي ، ويقدم لنا نموذجه المجسم و داود ، أنجح مقاربة وأصدق تعبير عن الواقع الذي لا ينبذ البشاعة : يمكننا هنا أن نتخيل الهزال الفظيع الذي كان له مريم المجدلية ) . أما وغانا ميلانا ، ، قائد المرتزقة الذي وافقت البندقية على( 1 ) أي ما يتعلق بالأيقونات والصور والتماثيل حيث كان يسود التعبد لها ( المترجم ) .عرضه أمام بازيليك ( 1 ) و پادو ) ، فكان البرهان الساطع على العودة المتعمدة إلى النموذج القديم : لقد استوحى ( دوناتيللو فنه من تماثيل الخيالة التي نصبها الرومان على شرف أباطرتهم . أخيراً ، أراد ( فيروشيو ، الذهاب إلى أبعد من لقد ترك لنا ( داود ) ذا الجسد المطواع والأملس ، الذي يمثل فتى جميلاً ، و ( كوليونه ) ، المحارب ذا التكشيرة الوحشية . وتذكرنا خزفيات و ديللا روبيا ، بأن عصر النهضة كان يستبدل الجمال بالملاحة والرشاقة ، كلما دعت الحاجةسلفه ،إلى ذلك .فن العمارةتمكن و برونليشي ؟ ( 1377 - 1446 ) من الإرتقاء بسرعة إلى مستوى الأعمال الفنية الرائعة في فن العمارة . فكانت قبة ( سانت ماري دي فلور ، في بداية الأمر تجربة تتطلب القوة في النظام التقني ، لأنها شيدت دون استخدام الصقالة . فإذا بها تبلغ ذروة الكمال الجمالي : تتناسق خطوطها وأبعادها بشكل خلو من أي تنافر . وداخل الصرح ، يبدو جلياً تأثير لعبة الإضاءة . وقد بنى « ل.ب. البرتي ) إنجازاته على تأملات نظرية تحدد انطلاقها من خلال القراءة الواعية لـ « فيتروف ) . وأكثر ما برز إبداعه في بناء واجهات الأبنية . تذكر مثلاً أن واجهة كنيسة وسان فرنسيسكو » في ( ريميني ، اكتسبت شكل قوس نصر يحتمل أن يكون دفع و مالانستا ، حاكم المدينة ، إلى تحويل هذا الحرم إلى معبد تكريماً لعشيقتهو أيزونا ) .عمومية عصر النهضةلدى تجولنا بين مختلف قطاعات الفن ، الواحد تلو الآخر ، قمنا بتجزئة ما عصر النهضة يسعى : بشغف إلى توحيده . ولم يكن أي من مؤسسيه ليقبل بحصر في ميدان واحد : فمن نقاش ، يتحول ( برونليشي ، إلى مهندس معماري . ولم يكتف ( فيروشيو ) بالنحت ، فراح يمارس الرسم بل ويعمل في إخراج الإحتفالات والأعياد . وقد انكب معظم هؤلاء المبدعين مطولاً على المعطياتكاننشاطهالنظرية المتعلقة بإنجازاتهم ، فلم يتركوا تأملاتهم تقف عند حد معين . أما هدفهم فكان إدماج اكتشافاتهم في كل متناغم . وإذا بالفن يشكل وسيلة تصوير أو على الأقل إظهار النظام الكامن لهذا العالم على هذا الأساس ، أخذوا ، بطبيعة الحال ، يبسطون طموحاتهم على كل ما يشكل دائرة الوجود البشري ، وربما كانوا اكتشفوا بأنفسهم قوانين تنظيم المدن لو لم تتوفر لديهم دراسة عن المدن القديمة . وبجملة وردت في مبحث ( البرتي ) عن الأسرة حدد فيها موهبة الإنسان الذي يتوجب عليه ، حسب رأيه ، التفكير في الأمور وإخضاعها لعمله . أما من يستجيب إلى هذا التحديد فهو الفنان وحده . ويبدو أن التطابق كان قائماً بين التيار الإنسانوي والنهضةالفنية .إنما لم يستسلم لإغراء الصور المتناقضة إلا الذين أرادوا رؤية أوروبا الشمالية غارقة في شحوب ضوء الشفق الخريفي ، كما رؤية شبه الجزيرة الإيطالية سابحة في نور ربيعي جديد . وكي يؤكدوا هذا التناقض ، كان لا بد من الإستخفاف بالتصوير الفلمندي وعدم إقامة أي اعتبار للأخوة ( فان إيك » و « روجيه فان در ويدن ) . وهذا . يعني التجاهل أن فن الرسم ومزج الألوان ، في ألمانيا ، تقدما بخطوات واسعة في أقل من قرن ، بحيث تشير اسماء كونراد ويتز » و « مارتن شونغویه » و « ماتیاس غرونفلد ، إلى بعض الحقبات التاريخية الهامة . وكيف ننسى أن الفنانين الإيطاليين كانوا مدينين لـه الفلمنديين ) بأكثر من تجديد ناجح في تقنية التصوير ؟ أما كانت الإحتفالات في بلاطات الأمراء حرمت من أحدى أقوى مفاتنها لولا وجود الموسيقى التي تأمن ازدهارها على يد المدرسة الفرنسية - الفلمندية ؟ لقد نشأت بـ الشمال والجنوب و علاقات تجابل ، وليس تنابذ ) ( شاستل ) . أما و جان فوكيه » ( 1420 - 1480 ) ، فلم ( يتجنب التعارض في التصوير بين الشمال والجنوب ، بل تصدى له وبدده ، وذلك بالجمع بين صفاتهما في توازن دقيق ) ( شاتليه ) . أخيراً ، انطلق و ألبير دوريه : ( 1471 - 1528 ) إلى إيطاليا بحثاً عن زهور عصر النهضة بغية تكييفها مع مناخ البلاد الجرمانية .قلبین


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

هي المياه التي ...

هي المياه التي تقع ضمن القشرة الأرضية تحت سطح التربة على أعماقٍ مختلفةٍ وفي أغلب الأماكن، فمنها ما ي...

Cefotaxime is a...

Cefotaxime is a bactericidal agent that exerts its mechanism of action by binding penicillin-binding...

Fighting blindn...

Fighting blindness and cataracts in India Cataracts are the leading cause of blindness in India. Ab...

‏We will need h...

‏We will need help from the ministry of education for the users to be able to use their ese accounts...

Boilers are ess...

Boilers are essential in industrial processes, providing steam or hot water for various applications...

وفي ختام هذا ال...

وفي ختام هذا البحث لا يمكنني إلا أن أتوجه بجزيل الشكر إلى سيادتكم على قراءة هذا البحث، وقد قدمت لكم ...

تأسست الشركة ال...

تأسست الشركة العربية السعودية لإدارة المرافق (مرافق) في عام 2000، في 18 أكتوبر، وتطورت لتصبح شركة را...

بَدَأَ شَهْرُ أ...

بَدَأَ شَهْرُ أَيَّار وَبَدَأَتْ مَعَهُ رَائِحَةُ الصَّيْفِ. الطُّلّابُ في مَدَارِسِهِمْ بَدَؤُوا يَ...

responsible for...

responsible for continuous flow of mucus over the airway surface to the upper respiratory tract. Thi...

تُعرَّفُ الخَلِ...

تُعرَّفُ الخَلِيَّةُ[1] عادةً بأنها أصغرُ وَحْدَةٍ حَيَّةٍ، وأنها الوحدةُ البِنْيَوِيَّةُ والوَظِيفِ...

وفي أحد الأيام ...

وفي أحد الأيام خلال نومي قد رأيت أني أذهب في طريق واسع مزدحم بالسيارات والامطار الغزيرة للذهاب إلى ا...

كانت الفرش والا...

كانت الفرش والالوان ليست مجرد أدوات بالنسبةلـ "عُدي" الفتى الذي يبلغ من العمر ستة عشرعاماً ذو البشر...