Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (82%)

(Using the AI)

تُعدّ الأمانة ركيزةً أساسيةً في الترجمة، فهي ليست مجرد نقلٍ حرفيّ، بل فهمٌ عميقٌ للسياق الثقافيّ والاجتماعيّ للنصّ الأصليّ والجمهور المستهدف. يمثّل المترجم الأمين جسراً بين الثقافات، ينقل المعنى بدقةٍ وتفانٍ، بعيداً عن الذاتية، مما يُعزّز مصداقية النصّ ودوره في التواصل بين الشعوب. أهمية الأمانة تكمن في تأثيرها على التواصل الثقافيّ، فعدمها يُؤدّي إلى فهمٍ خاطئٍ وتحريفٍ للمعاني. يُعرّف مفهوم الأمانة في الترجمة بالالتزام بمضمون النصّ الأصليّ ومقاصده دون تحريفٍ أو إضافة، مع الحفاظ على روحه ونبرته الثقافية. يُشدّد على الفهم والتأنيّ لتجنّب "خيانة النصّ"، مع مراعاة إطار النصّ الأصليّ دون إبداء رأيٍ شخصيّ. الأمانة تتطلّب الابتعاد عن الترجمة الحرفية، والتركيز على نقل المعنى، مع البحث في المعاجم، وفهمٍ عميقٍ للنصّ قبل الترجمة. تُعتبر الأمانة منطقةً آمنةً في جسر التواصل بين الثقافات، خاصةً في عالمٍ مترابطٍ تكنولوجياً. لتحقيق الأمانة العلمية، يجب على المترجم التحلّي بالعديد من الصفات، كالأمانة العلمية، والتواضع، والموضوعية، والتمكّن من لغتي المصدر والهدف وثقافتيهما، بالإضافة إلى إتقان تقنيات الترجمة. لكنّ تحقيق الكمال ليس دائماً ممكناً، كما يُشير أنطوان برمان. تُستخدم تقنيات ضمان الجودة التلقائية واللغوية للكشف عن الأخطاء، والتي تتضمن التحذيرات من اختلافات في الترقيم، أرقام مفقودة، أخطاء نحوية، أو ترجمة مفقودة. يُحدد ضمان الجودة اللغوية الأخطاء الفادحة ويُقدم انتقاداتٍ حول الترجمة. تتمثل صور ضياع الأمانة في الزيادة أو النقص في النصّ، تغيير المعنى، عدم مراعاة الاصطلاحات، عدم التوثيق الصحيح، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية. يُبيّن الفرق بين الترجمة الأمينة والحرة، مع الإشارة إلى رفض الترجمة الحرفية، وتفضيل الترجمة التي تجمع بين الأمانة والجمال. يُناقش المقال مفهوم المعنى، وعلاقته باللغة، والسياق، والعلامات، والإشارات الضمنية، والأسلوب، مع التركيز على الحفاظ على معنى النصّ الأصليّ في الترجمة، والتحديات التي تواجه المترجم في نقل المعاني الدقيقة، خاصةً في السياقات الثقافية المتباينة. يُبرز المقال أهمية التوفيق بين الأمانة للغة المصدر، ولغة الهدف، وللمتلقي، مع مراعاة الخاص والعام في النصّ، واستخدام المجانسة أو النقل الصوتيّ عند الضرورة، مع تجنب الغرابة والغموض. يُناقش مفهومي التشابه والاختلاف في الترجمة، مع التأكيد على أن التشابه بين النصّ الأصليّ وترجمته هو تشابهٌ نسبيٌّ في المعنى، وأنّ الاختلاف بين اللغات يُشكّل تحدّياً كبيراً. يُختتم المقال بالتأكيد على ضرورة الأمانة تجاه معنى النصّ الأصليّ، مع استخدام وسائل لغوية مناسبةٍ للجمهور المستهدف، مع الحرص على أقلّ اختلافٍ ممكنٍ عن النصّ الأصليّ.


Original text

1.1. أهمية الأمانة في الترجمة
تُعتبر الأمانة من اهم القيم الانسانية السامية التي خصت بها النفس البشرية السامية وهي من سمات الكمال والتكامل الأخلاقي و المهني في مختلف التعاملات الحياتية والعلوم و في اختصاص الترجمة لها تحديًا كبيرًا، خاصةً في ظل التباين اللغوي والثقافي بين اللغات والمجتمعات المختلفة. فالترجمة الدقيقة ليست مجرد تحويل للكلمات من لغة إلى أخرى، بل تتطلب فهمًا عميقًا للسياق الثقافي والاجتماعي لكل من النص الأصلي والجمهور الذي اعدت لمخاطبته. ويُعد المترجم الأمين جسرًا يربط بين ثقافتين مختلفتين تتباين قدراتهم الادراكية والمعرفية ، ناقلًا المعنى الحقيقي بروح من التفاني والدقة بعيد عن الذات ، مما يضمن مصداقية النص المترجم ووحدة الموضوع ويعزز من دوره كأداة للمعرفة والتواصل بين الشعوب.


وتبرز أهمية الأمانة في الترجمة من خلال تأثيرها الكبير على التواصل الثقافي. إذ تعتبر الأمانة في الترجمة ضرورية للحفاظ على صورة ومعنى النص الأصلي، بحيث يمكن للقارئ الهدف من النص المترجم أن يفهمه بشكل صحيح ودقيق. وبالتالي، فإن عدم الالتزام بالأمانة في الترجمة قد يؤدي إلى فهم خاطئ أو تحريف للمعاني، مما يؤثر سلباً على الفهم الصحيح للثقافات الأخرى.


.



  1. مفهوم الأمانة في الترجمة


تُعد الترجمة واحدة من أقدم وسائل التواصل بين الثقافات والحضارات، إذ تُسهم في نقل المعارف والأفكار والآداب بين الشعوب المختلفة. ومع تطور هذا المجال، تبرز أهمية الأمانة في الترجمة كقيمة أساسية تُعزز من جودة العمل المترجم وتضمن نقل الرسالة الأصلية بدقة ووضوح. يُقصد بالأمانة في الترجمة الالتزام بمضمون النص الأصلي ومقاصده، دون تحريف أو إضافة، مع الحرص على المحافظة على روح النص ونبرته الثقافية.
"أن الفهم والتأني هما أساس العملية الترجمية ، حتى نتجنب المبدأ السائد بأن "الترجمة هي خيانة للنص"، إذ لا بد من وجود جسر ثقافي - معرفي بين لغة المصدر ولغة الهدف".


، ويُراعي المترجم أيضًا الاطار العام الذي وضعَت فيه؛ أي: اللغة؛ بمعنى أن المترجم أَمين على ترجمة النص في معناه ومبناه، فلا يُبدي رأيه في النصِّ، ولا يسعى إلى توضيحه، بل يترك المعنى الغامِض غامضًا،" فإذا راعى المترجِم ذلك في عمله، يكون قد أصبح أمينًا فعلًا؛ لأن كل كلمة في النصِّ مبهمة أو فقرة يكتنفها غموض أو سكوت ما عن التوضيح، مقصود من الكاتب، وله غرضه وأسبابه في أن ينحو طريقه ذاك


                                 تعريف الأمانة

2.1. تعريف الأمانة
تعتبر "أن الأمانة في الترجمة هي من اهم مقومات النتاج المعرفي المتكامل ، أي أن لا يحلّ محل المعنى الأصلي مقصد آخر. لذلك يجب التعامل مع النص الأصلي بحذر ودقّة، حتى تترك الترجمة أحاسيس مماثلة لدى القارئ".


ومن الجدير بالذكر الاشارة الى ضرورة الابتعاد عن الترجمة الحرفية، لأن الترجمة لا تعنى بنقل خواص اللغة، وإنما بنقل المعنى، لعدم تطابق لغة مع أخرى في أسمائها وأفعالها واستعاراتها.


وعليه فان قراءة النص بتأنِ وفهمه قبل الشروع بعملية الترجمة، واعتماد البحث في أكثر من معجم، تعود على المترحم بالنفع رغم التعب، حتى لايشتق معنى يخالف لغة المصدر
وَ من هذا المنطلق يمكن النظر الى أمانة المترجم: هي مراعاة مضمون ولغة النصِّ الأصلي وذلك بنقل أفكاره كما هي دون تبديل أو تزييف


أبعاد الأمانة في الترجمة


انطلاقا من ما تم ذكره اعلاه ، تبدو لنا الترجمة كجسر يصِل ثقافة بثقافة وشعبًا بشعب، والأمانة فيها هي المنطقة الآمنة، التي تنتقل بين طرف وآخر، ما يُعزِّز التواصل ويُنمِّيه؛ وذلك من صميم رسالة الترجمة في إطار الاختلاف الثقافي والجغرافي العالمي؛ فالعالم أصبح مدينة مُصغَّرة، لا بدَّ أن يتعامل أفرادها بعضهم مع بعض، مع تطور الوسائل التكنولوجية، التي اختصرت المسافات وقرَّبَت البعيد.



  1. السبل لتحقيق الأمانة العلمية
    علينا أن نعلم أنَّ الأمانة في الترجمة هي جوهر ولبُّ العمل الترجمي، وللمترجم دور الوساطة فيها، فهو حلقة وصل بين كاتب من بيئة وقارئٍ من بيئة أخرى، يهدف إلى نقل أفكاره بما يُنمِّي الترابط، أما إن كان ذلك سببًا في التصادم، فقد ينافي هدفنا من الترجمة، ورسالتها تبقى رسالة سلام، والإقناع بالحجة طريقها الأوحد، دون فرض رأي على رأي و للمترجم دور فعال ووسيط، فهو حلقة وصل بين كاتب من بيئة وقارئ من بيئة أخرى، يهدف إلى نقل أفكاره وثقافة وحضارة بلد الكاتب.
    وتعد أخلاقيات المترجم أحد الاهتمامات الأساسية في إتقان الأمانة العلمية في كافة المجالات، ولضمان الالتزام بهذه الأخلاقيات في إجراء الترجمة فإنه يستلزم على المترجم التحلي لعدة صفات أهمها: الأمانة العلمية، التواضع، الموضوعية، الصبر، وغيرها حتى يستطيع تحقيق جودة وتميز بما يخدم تطور المجتمع وتقدمه. وحتى يكون المترجم أمينًا، فيجب أن تتوفَّر الشروط الآتية:
    • سلوك الطرق المعروفة، فإن للعلم طرق معلومة سلكها العلماء، واعتنوا بتقرير أصولها وقواعدها، وأما السلوك لطريقة لم يسلك فيها ولم تطرق فلا يمد إلى الأمانة العلمية بصلة.
    • الإشارة إلى المصدر أو المراجع التي اقتبس منھا أو استند إليھا في إعداد مؤلفه المترجم

    وذكرھا في قائمة المراجع.
    • تحري الدقة والمصداقية في اختيار وتنفيذ محاور التفسير وعدم مخالفة الأمانة العلمية.
    • الحفاظ على جودة النص عند تفسيره وتحويله إلى لغة ثانية
    • مُتمكِّنًا من اللغة المصدر والهدف.
    • مُتمكِّنًا من ثقافة اللغة المصدر والهدف.
    • ان يُسيطر على تقنيات الترجمة سيطرة تامَّة.
    • استيقاظ ضميره الشخصي لإبعاد تفكيره عن خيانة الأمانة العلمية.
    • الشغف: أن يكون لدى المترجم شغف كبير بالترجمة وأن يبذل كل عناية وإخلاص في كل مشروع من مشروعات التحويل الموكلة إليه للحفاظ على الأمانة العلمية في جميع أعماله.


ولكن هذه الشروط العلمية والجذَّابة، قد لا تكون قابلة للتحقيق بالشكل الكامل، وهنا تتجلَّى حنكة وحذاقة المترجم؛ حيث يقول أنطوان برمان AntoineBerman: "هذه هي الترجمة بالنسبة لي: تجربة تتناول اللغة ككلمات وكيان، نستخرج من المُؤلَّف مضمونه ونُحييه، إنها معرفة بأتمِّ معنى الكلمة".


2.3 ضمان الجودة التلقائي
يتمثل ضمان الجودة التلقائي في التحذيرات والأخطاء. أي رسالة تحذير، يمكن أن تشكل اختلاف في علامات الترقيم بين لغة المصدر واللغة المستهدفة، رقم مفقود، السهو عن علامة الخط أو عدم ترجمة لشرط يعتبر في أي فصل من نص المصدر. كما يمكن أن يكون أيضا ترجمة مفقودة في لغة المصدر. وبالمثل ، يمكن أن تكون الأحرف الكبيرة.
يمكن للتنبيهات بالمثل أن تمنع الترجمة إذا كانت متضاربة أو طويلة بشكل مفرط. عادةً ما يتم تحديد الرسائل أو الأخطاء الفادحة من خلال عدم انتظام التسمية بين الأجزاء في لغة المصدر واللغة المستهدفة. على أي حال يمكن بالمثل أن تظهر لأسباب
ضمان الجودة اللغوية
يمكن أن يتعرف بلا شك على الأخطاء الفادحة في الترجمة . ومع ذلك ، يمكن القيام بتحليل النص بصورة جيدة و استخدام نماذج ضمان الجودة اللغوية لتقديم انتقادات أكثر أهمية حول الترجمة. نماذج ضمان الجودة اللغوية تميز ما يحدث عندما يكون هناك خطأ فادح أيضًا ، بحيث يتحققق الحد الاقصى من الامانة العلمية المطلوبة وبالتالي تتحقق جودة الترجمة التي يكون مبتغاها الاسمى هو الامانة العلمية في عملية نقل الفكرة من نص الى اخر
كيفية تنفيذ عملية ضمان الجودة
يتم تخطيط معظم أطر ضمان الجودة في ضوء تحقيق المنهجية والمعايير التي من المقرر أن تجعل المترجم يركز على أهدافه والسبل اللازمة لتحقيقها.


صور ضياع الأمانة العلمية في الترجمة:
من المتوقع أن كل مترجم يكون مُلم بمعاني الأمانة العلمية والخيانة في الترجمة، فالقائلون بالخيانة يسمحون لأنفسهم بالإخلال بالنص الأصلي، فقد يكون واجهتهم صعوبة كما في الترجمة الأدبية أو ترجمة التقارير أو يتجاهلونها تماما أو وجود كلمة في النص مبهمة أو فقرة يكتنفها غموض أو سكوت ما عن التوضيح، مقصود من الكاتب، وله غرضه وأسبابه في أن ينحو طريقه ذاك كما في ترجمة الروايات، ويمرون إلى ما يليها، بدعوى أن الأمانة العلمية في هذا المجال مستحيلة.




  1. الزيادة على نقل الترجمة دون الإشارة إلى المصدر الأصلي: فكثيراً ما يدرج بعض النقال

    من بعض المصادر كلاماً ليس من ضمن المنقول فيفهم من يقرأ أن ذلك من ضمن الكلام
    الأصل المنقول وبذلك يكون فقد الأمانة العلمية، وهذا ما يحدث غالبا في الترجمة الأدبية.




  2. النقص من النص إخلالاً به: أي في معناه اختصار الجملة عند تحويلها من لغة إلى أخرى
    مما يسبب خلل في النص.




  3. تغيير المعنى المراد به في النص عند التحويل للغة أخرى: قد يكون التحويل تام دون نقص

    ولكن يعتريه إخلال بالأمانة العلمية بالإيضاح، فيأتي المترجم شارحاً النص، كاشفا عن معناه
    غلطاً وهذا قد يكون عمداً وقد يكون خطأ.




  4. عدم مراعاة الاصطلاحات التي استند عليها المؤلف المنقول عنه: وخاصة عند التحويل من
    لغة لأخرى قد تكون الكلمة لها أكثر من معنى والمؤلف يقصد معنى معين فيأتي المترجم
    ويكتب معنى آخر فهكذا تفقد الأمانة العلمية، فمراعاة الاصطلاحات كافٍ في ضمان الأمانة
    العلمية للنقل.




  5. عدم صحة التوثيق عن طريق إغفال ذكر اسم المترجم الأصلي أو عنوان كتاب الترجمة أو
    مكان النشر أو دار النشر أو عام أو بلد النشر.




  6. التعدي على حقوق الملكية الفكرية: ويقصد بها انتهاك حق المؤلف والاستيلاء على جهده
    الفكري بالانتحال أو السرقة مما يجعله يخل بالأمانة العلمية


                         4 .التباين بين الترجمة الأمينة والترجمة الحرة 



توقفت في أواخر القرن الثامن عشر الاحتياجات حول التباين بين الترجمة الأمينة والترجمة الحرة (الحرفية) في بعض الدول الأوروبية ورغم الاختلافات من حين لآخر فقد ساد مذهب رفض الترجمة الحرفية، أي الترجمة كلمة بكلمة، وكذلك باستحالة تقبل الترجمة تقبلها أكثر من اللازم
وعلى وجه الخصوص ، يعتبر القرن السابع عشر في فرنسا هو الحقبة التي تم خلالها في الترجمة قبول ما يسمى بالخائنات الجميلات - على أفضل نحو وكان المقصود بتعبير "عدم الأمانة في ذلك الحين أنه يعنى الترجمة الحرة. ونقطة انطلاق وجود مثل هذا اللون من الترجمات يجدها (جورج مونان) فى الظروف التاريخية والاجتماعية التي أثمرت اختلافا مع الذوق والأخلاق السائدة. ويقول جورج مونان فيما يتعلق بهذا : "نحن ننظر إلى الترجمات كما ننظر إلى النساء، ولكى تكون الترجمات حسنة، ينبغي في الوقت نفسه أن تكون أمينة وجميلة
وفي نفس المناسبة، حدد جورج مونان، وهو يستجيب لمطالب الأمانة والجمال العديد من مختلف الأساليب المنهجية للترجمة، وقسمها إلى نوعين أساسيين: الترجمة من خلال الزجاج الشفاف والترجمة من خلال الزجاج الملون اللذين يمكن القول عنهما أنهما يمثلان أسلوبين مختلفين للترجمة وليس من العسير، بالنسبة للنوع الأول
مع ملاحظة أنه يعطى انطباعا بأن النص الأصلى مكتوب بلغة المترجم. ومثل هذه الترجمة مشابهة للخائنات الجميلات من حيث إنها لا تكشف بأى شيء عن خيانتها وعلى العكس من ذلك فالنوع الآخر يعنى الترجمة لفظا بلفظ، التي تهدف إلى أن تقدم للقارئ انطباعا بأنه يقرأ نص الأصل.
ويوصى ج. مونان بتناول النص الأصلى بإحدى الطريقتين بحيث تمنح الأولوية للنص المترجم، من وجهة نظر اللغة المستهدفة وعصر المترجم، أو تُعطى الأولوية إلى النص الأصلى وإلى الظروف التي نشأ فيها النص الأصلى وبناء عليه، فالترجمة باعتبارها فعلا إبداعيا تتوسط بحيث تمنح الأولوية للغة المصدر أو إلى اللغة المستهدفة.


وعند مقارنة الترجمة بالمرأة فإن بعض المحللين - ويتم تصنيف ج. مونان بينهم يؤكد أن الترجمة الجيدة - حقيقة - لا بد أن تكون في الوقت نفسه أمينة وجميلة، ورغم أنه، دون شك، من العسير تحقيق مثل هذا المثل الأعلى، فإنه يتم الإصرار عليه عن صواب. وهذا يتأكد في أكثر الأحيان في الترجمة الأدبية، وعلى وجه الخصوص في الأدب الحديث، وكان موجودا من قبل في الأغلب في الأبحاث بشأن ترجمة الأعمال المسرحية والشعر.


                            1.4      الحفاظ على المعنى في الترجمة 

من الصعوبة تحديد مفهوم المعنى تحديدا دقيقا بسبب طبيعته المتشعبة وكذلك بسبب تقارب معناه من بعض المفاهيم النظيرة؛ ذلك أنه توجد مجموعة من التحديدات التي يتم بواسطتها السعى إلى تعريف مفهوم المعنى، وهي تحديدات جرى طرحها خلال التحليل والمجهود من أجل تدقيق دوره من وجهة نظر بعض الفروع العلمية ذات التخصص الدقيق، والميل إلى تعريف مفهوم المعنى تعريفا مضبوطا يقوده حتما إلى تماس قريب مع مجموعة من المسميات المترادفة، وفى المقام الأول مع المسميات التالية: المغزى العلامة الزمنية المعلومة الأسلوب الإشارة الضمنية، الغرض... إلخ
وينبغي الانطلاق من بديهية أن المعنى يتشكل من خلال اشتراك جميع المعاني الإجمالي العناصر اللغوية وغير اللغوية، ولكى يقوم بدوره فى مجال تشكيل المعايير التي تدخل في عملية الاتصال، يتحدد المعنى تحديداً أدق على أسس الاختلافات المتميزة بالنسبة للفئات المتكافئة، ولذا فإنه من المبتغى تمييز الفروق بين المغزى والمعنى والعلامة الزمنية تمييزا خاصا .
فبينما يمكن القول بالنسبة للمغزى أنه يتماثل مع المفهوم أو مع كثير من المفاهيم أو مجموعة من المفاهيم المرتبطة بوسم الشيء، يمكن فهم المعنى على أنه سمة دلالية أساسية خاصة بالقول وبالعلامة الزمنية في إطار سياق لغوى أو فوق لغوى أرحب وكل كلمة خارجة عن السياق يمكن ربطها بصلة بأحد المفاهيم أو بسمة لأحد المفاهيم المرتبطة بالمعنى - توجد كمدلول ظاهر أو خفى أو مفترض أي كجزء لا يتجزأ من المعنى. وبناء عليه فيمكن الحديث عن المعنى فى سياق صنع القول مع استخدام العلامات الزمنية.
وعلى العكس، تعد العلامة الزمنية من العناصر اللغوية التي تستخدم عند عملية صياغة المعنى، ونظرا لأن المعنى يتأسيس على القول، فإن الكلمة والعبارة تنتجان لدى تلقى الرسالة مستويات غير متوقعة من المعنى، تتوافق مع السياق ومع القدرات المعرفية للمتلقى.
وبناء عليه فالمعلومة تشترك فى بناء المعنى، ولا تقف في مواجهته. وترتبط المعلومة على نحو مباشر بالشكل اللغوى وبالعناصر غير اللغوية التي تشارك في القول عند إنتاج المعنى.
وترتبط الإشارة الضمنية أيضاً ارتباطا وثيقا بالمعنى باعتبارها ظاهرة تنجم عن طبيعة متميزة للاتصال اللغوى، والإشارة الضمنية ظاهرة مصاحبة ذات أهمية بالنسبة المتلقى الرسالة من أجل الحاجة إلى فهم خاص للقول، ونظرا لأن القول اللغوى يمكن أن يثير لدى متلقى الرسالة إشارات ضمنية متباينة رد الفعل التلقائي، الضحك، البكاء، الرضى وما شابه ذلك، فلا بد أن يسبق الصياغة العملية للإشارة الضمنية تنقيح للمعنى، ونظرا لأن المعنى والإشارة الضمنية مرتبطان فيما بينهما ارتباطا صلبا لأنهمايتبعان نفس الفئة، فإن كل تغيير للمعنى يتسبب في تغيير للإشارة الضمنية.
وإذا كان هدف مؤلف النص الأصلي يمكن مطابقته بالرسالة الموجهة إلى المتلقى فإن الحفاظ عليها ينبغى أن يكون هو أيضا القصد الأساسي الذي يهدف إليه المترجم. ورغم أنه من المبتغى في هذا الصدد أن تتطابق الإشارات الضمنية للمؤلف وللمترجم، فإنه من العسير للغاية إمكانية تحقيق هذا . ومن المناسب، فيما يتعلق بهذا، تصور المترجم المنتمى إلى أحد الأحزاب اليمينية ويجب عليه ترجمة أحد النصوص المكتوب بقلم سياسي يسارى يريد عن طريق رسالته اجتذاب أنصار جدد إلى حزبه. ومن الطبيعى أنه لن يترجم الإشارة الضمنية للنص الأصلي، بل عند نقل الرسالة سيعيد فحسب صياغة الأهداف الظاهرة لمؤلف النص.
ويربط بعض المحللين ربطا وثيقا بين الأسلوب وبين المعنى. ووفقا لرأى يوجين نايدا، فهذا دليل على أن الترجمة في اللغة المستهدفة ينبغى أن تنتج رسالة اللغة المصدر بوساطة الكلمات المتكافئة والأكثر ملاءمة، في المقام الأول فيما يتعلق بالمعنى ثم فيما يتعلق بالأسلوب
ويتمثل الاختلاف الأساسي بين الأسلوب والمعنى في أن الأسلوب يحدد طريقة وصيغة القول، أما المعنى فيحدد مضمون القول إن صيغة القول والمعلومة ضروريتان إذ كان يراد صياغة المعنى. ووفقا لذلك فالأسلوب هو فئة لغوية يتم إدراجها في عملية الفهم من أجل تجريد الكلمات وإنتاج المعنى المطلوب أو الإشارة الضمنية لدى متلقى الرسالة.


                                            الأمانة والمعنى 

الترجمة الحقيقية ممكنة فحسب على مستوى العام، اذا تحقق الارتباط باللغة وبالسياق التاريخى والبعد الثقافي ، مثلما عند تعلق الأمر بالمصطلحات الفنية التي يمكن بدون جهد كبير إيجاد كلمة متكافئة مطابقة لها في المعنى، ورغم أن استعدادات المترجمين فى الظروف السائدة المرتبطة بالترجمة قد تكون مختلفة اختلافا جوهريا، فهناك مسألتان تحظيان على الدوام بأهمية وعليهما يتأسس أسلوب الترجمة، وهما: العلاقة بين الخاص والعام، والكفاءة المفترضة للقارئ لأن يفهم حقائق وتلميحات النص المترجم. والترجمة الصحيحة لنص نظري في معظمه لا تتطلب صعوبات ضخمة وجهدا ، كتلك النصوص الشائعة على وجه العموم في الكتب المتخصصة، التي ليس فيها للأسلوب اللغوى والسمات الخاصة مجال كبير والدقة لها أهمية عند ترجمة النصوص المتخصصة، وغير ضرورية تماما السمات التي تشكل حرية المترجم.
وحينما يتعلق الأمر بالخاص الذي يعبر عنه من خلال شيء متميز بالنسبة للغة وللزمن المعنى أو للثقافة المحلية، فمن المطلوب استخدام المجانسة، أي البديل المماثل بالكلمات المحلية المتكافئة.
ولكن عند نقل تلك الكلمات التي لا يوجد بها شيء عام، التي هي خاصة تماما، مثل الأسماء الشخصية فمن المطلوب النقل الصوتى للكلمات عن طريق تسجيل الكلمات الأجنبية في صيغتها الأصلية باللغة الخاصة بها
وتحدد تطبيق نمط الترجمة واختيارها الترجمة الحقيقية أو المجانسة أو النقل الصوتي) العلاقة المشتركة بين الخاص والعام في المستوى الفني لأحد الأعمال، وليست صائبة - على سبيل المثال - ترجمة الكلمات المسماة وفقا لأصواتها التي لا يوجد لها في
اللغة المستهدفة بديل متكافئ فى المعنى، ومن الأفضل هنا تطبيق المجانسة عن طريق الصورة الصوتية التي يمكن أن تثير تقريبا نفسى تداعى الخواطر، وإذا لم يكن من
السهل تحقيق هذا، فالأكثر ملائمة هو تنفيذ النقل الصوتي وينجم عن طبيعة الاتصال اشتراط اختيار أسلوب الترجمة عن طريق العلاقة المشتركة بين الخاص والعام، إذا كان العنصر الفنى للخاص يتضمن في ذاته أحد المعاني العامة الذي لا يمكن الحفاظ عليه عند الترجمة، فينبغى نقل معناه وهكذا يتم القيام بالمجانسة. وعندما تعنى إحدى الكلمات من الاستخدام اليومي شيئا نموذجيا بالنسبة للبيئة الثقافية للأصل، فيمكن عند الترجمة نقلها إلى اللغة المستهدفة دون إزعاج القارئ. وهكذا يمكن التصرف مع المسميات الخاصة بالأشياء أو المفاهيم التي ليست لها كلمات متكافئة في اللغة المستهدفة، كما هي، على سبيل المثال مسميات: "الريكشا لنوع خاص من العربات ذات العجلتين في الهند، وتوماهوك" للبلطة الخاصة بالقتال لدى الهنود الحمر ، و" الإيجلا للمنزل المصنوع من الثلج عند الإسكيمو، وما شابه ذلك. وهذه الكلمات ومثيلاتها هي مسميات المفاهيم لا يمكن التعبير عنها تعبيرا دقيقا بكلمات من لغات أخرى. ويمكن أن يساهم إدراج مثل هذه الكلمات في إثراء مفردات اللغة المستهدفة.
غير أنه إذا تم إدراج مسميات أجنبية في حالة عدم كونها ضرورية، يمكن دون شك أن تصيب بالضرر نقاء اللغة المستهدفة. وبما أنه لا ريب في أن السياق يتحدد بواسطة الروح الجماعية وعن طريق نوع من التمسك بالتقاليد، فإن أمانة الترجمة بالنسبة للأصل سترتبط بمعرفه الروح الجماعية والتمسك بالتقاليد. ولكن بغض النظر عن مستوى الأمانة، فالترجمة تتيح إثراء اللغة المستهدفة من مجال معنى ومضمون رسالة الأصل، خاصة أن كل فرد سليم عقليا ومستقل فكريا، كما أكد ولهلم فونهومبولت - قادر على تقديم مساهمة فعالة في تطور اللغة.
واذا كانت الوسيلة التعبيرية خاصة، ليست حاملة للعام، يجوز الحفاظ عليها ويستحيل نقلها، عندئذ تظهر الحاجة إلى النقل الصوتي، والأمر لا يتعلق بالترجمة الحقيقية إلا إذا كان بالإمكان الحفاظ على العنصر الفني للعام ونقله.
وبغض النظر عن التمرس في التوفيق عند تطبيق مختلف أساليب الترجمة، فإن الخاص والعام في العمل الأدبى يتجليان كفئتين متلازمتين، ورغم أن الترجمة برمتها لا تكون صحيحة تماما إلا حينما تحمى العنصرين البارزين، فإن فقدان الخاص يسبب للترجمة ضررا أقل من فقدان العام. وهذا ينبغى أخذه في الاعتبار على نحو خاص نظرا لأن العام يحدد المضمون بشكل أكثر حسما . وبما أن المضمون هو جزء أولى من المعلومة، فينبغى على المترجم مراعاة الحفاظ عليه في شكل أكثر قبولا كلما أمكن.
وبناء عليه فلها أهمية خاصة في عملية الترجمة كيفية الحفاظ على الخاص والعام. وقد يتكون العام في العمل الأدبى من خصائص قومية وثقافية تاريخية. وبينما الخصائص القومية تاريخية أيضا بذاتها، فيجب أيضا ألا تكون الظواهر المتميزة التي توسم أحد العصور صفة للشعب المعنى. وعلى سبيل المثال ليست فروسية عهد الإقطاع في أوروبا سمة خاصة لكل الجماعات من نفس العصر في العالم.
وتمثل صعوبات بالنسبة للمترجم عند إعادة التعبير عن الخاص، عندما يتعلق الأمر بالنقل من ثقافة إلى أخرى أو من عصر إلى آخر المطالب بتحقيق الأمانة بالنسبة للأصل لا في اللغة فحسب، بل وأيضا فى الشكل والمضمون
ولا شك في أن بعض التعبيرات في اللغات الأوروبية، التي تسمى بها بعض الظواهر المناخية الخاصة بالظروف المحلية، قد يصعب إيجاد كلمة متكافئة لها في اللغة العربية التي ليس للمتحدثين بها خبرات عن هذه الظواهر، وكذلك يمكن بمشقة إيجاد كلمة متكافئة في مفردات اللغات الأوروبية بالنسبة للأحوال المتباينة خلال العاصفة الرملية، المتميزة بالنسبة للمناطق الصحراوية من إفريقيا والشرق الأوسط. وتتماثل المشكلة مع أسماء الأطعمة المتنوعة من الخضراوات الموجودة بوفرة في نطاق ثقافة الغذاء في المناطقالجنوبية من أوروبا، عند البحث عن مسميات متكافئة لها في اللغات الإسكندنافية ويتأكد الشيء نفسه مع مختلف الأطعمة المعدة من الأسماك المتميزة بالنسبة للدول الإسكندنافية التي تفيض بحارها بالأسماك، عند البحث عن كلمات متكافئة لها في مفردات لغات الدول البعيدة عن سواحل البحار.
ومن السمات المتميزة للبيئة الموسومة فى النص الأصلي، تشكل المسافة الزمانية والمكانية في كثير من الأحيان شيئا غير مفهوم بالنسبة لأتباع المجتمع المتلقي، أي لأصحاب اللغة المستهدفة، في ظروف اجتماعية مغايرة. ويستحيل في أحيان كثيرة التعبير عن السمات المتميزة بالوسائل العادية، فيجرى البحث عن توضيح أو تلميح بدلا من الترجمة الدقيقة. وينبغي بالطبع في هذا الصدد تجنب التعسف لأنه يهدد بتدمير الأصل. وينبغى إيجاد الكلمات المتكافئة الحقة، كلما كان هذا ممكنا ، والتوضيح أو التلميح ليسا مطلوبين إلا حينما يستحيل بوضوح عرض كلام الأصل، عندما يقوم المؤلف في مجال تعبيره باستخدام وسيلة متميزة بالنسبه للغته، لا يمكن أن تتطابق تطابقا تاما مع مثيلة لها في اللغة المستهدفة.
وإذا أخذ في الاعتبار حقيقة أن الترجمة شكل من أشكال الاتصال، فلا ينبغي الارتياب في ألا متلقى الرسالة يتقبل الترجمة على أنها الأصل. وبناء عليه يجب على المتلقى ألا يعرف ماهية الشكل الذي جرى التعبير به عن البلاغ الأصلي، بل يهمه إتاحة البلاغ عن طريق مادة ذات معان متكافئة، وفيما يتعلق بهذا، يذكر بعض المنظرين - باعتبارها سمة هامة للترجمة - الشفافية، أو عدم الشفافية، اللتين بهما يلاحظ أو لا يلاحظ فعل عملية الترجمة في النص المترجم، ومن المؤكد أنه من الأفضل وفقا لتوقعات أغلبية المطالبين من القراء - أن تكون الترجمة شفافة وهذا يعنى أن إحدى الترجمات، على سبيل المثال، من اللغة العربية إلى اللغة البوسنية تدعم في ذاتها روح اللغة البوسنية أكثر من تدعيمها لروح اللغة العربية.
وفي الأغلب تجرى المطالبة بتبرير للترجمات عديمة الشفافية بحيث يجتهد في تقديم اعتقاد بأنه يراد تحقيق الأمانة للنص الأصلي. وبعض المترجمين الميالين لهذا وجدوا العذر قائما على المقارنة الطريفة للترجمة بالمرأة مؤكدين أن الترجمة أمينة إذا كانت قبيحة، وغير أمينة إذا كانت جميلة.
وتعريف مفهوم الأمانة مركب للغاية لأنه توجد طبقات متباينة للأمانة: الأمانة للغة المصدر، والأمانة للغة المستهدفة، والأمانة المتلقى الرسالة، والأمانة لعصر النص الأصلي.
وتتفق جميع نظريات الترجمة على أن النص المترجم ينبغي أن يعبر عن نفس ما يعبر عنه النص الأصلي. وتتأكد أمانة الترجمة من خلال نقل معنى الرسالة الذي يتعرض على الدوام للسعى نحو التغير.
ولكي يتم الحصول على ترجمة أمينة للنص الأصلي، ينبغي عند الترجمة تجنب التعرض لضربات السعى نحو التغيير. ولكن مهما بلغت درجة تجنب هذه الضربات فلا يمكن إعفاء النص الأجنبى من بعض الصعاب التي لا يمكن تجنبها عند شدة مراعاة نقل النص بأمانة تامة والصعاب الأكثر تواترا هي الاختلافات في اللغة الفروق بين المؤلفين والمترجمين والتميزات الخاصة بمتلقى الرسالة.
ورغم أنه توجد على وجه العموم صلة لغوية شاملة بين النص الأصلى والترجمة، يتحقق عن طريقها التساوى النسبي بينهما ، فإنه عند التطبيق توجد حتما عناصر الغوية وغير لغوية تعوق المساواة الحقيقية بينهما . إنها اختلافات في مجال التراكيب النحوية (السينتاكسا ) وصرف الكلمات المورفولوجيا) ودلالة الألفاظ السيما نطيقا)، وهى لا تغيب ولا فى العلاقات بين اللغات التي تتشابه فيما بينها على الأكثر.
ومن المعلوم بوجه عام أن السمات المتميزة، مهما كان الأمر يتعلق بموضوع التمييز بها، تنعكس على الاختلافات بالنسبة للآخر"، فالناس، على سبيل المثال، يتشابهون في أنهم ينتمون إلى الجنس نفسه، ويختلفون من حيث الصفات الموروثة، كما يختلفون من حيث ما يشكل جزءا من الكينونة المتوافقة مع روح التاريخ والحضارة والبيئة، ولذا فإنه من الضرورى الأخذ في الاعتبار على نحو كلى الفروق بين المؤلف والمترجم.


                                             الأمانة والتشابه 

تعكس مفاهيم التشابه والاختلاف القواعد الأساسية في الملاحظة العقلية البشرية، وكان بحثها - مع تشديد أكبر على تحليل التشابه، موضوعاً للأبحاث الفلسفية السابقة. وبينما - وفقا لأرسطو - يوجد تشابه كمى ونوعي، فإن بعض الفلاسفة ينفى وجود تشابه نوعى والسبب وراء الشكوك في وجود تشابه نوعي، وفقا لرأى ليبنيز، لا يظهر إلا حينما لا يمكن للأمور بشكل موضوعي التعادل تعادلاً نوعية ويستحيل الحديث عن التساوى الكامل حتى في اللغة الواحدة نفسها، لأنه لا توجد اختلافات بارزة في مستويات اللغة المتعلقة بالأفراد.
وعند تعلق الأمر بالترجمة وبالتساوى غير المتحقق فيها، فإنها مثيرة للإقناع المقارنة التي قارن فيها جيرار جينيت الترجمة باللوح الممسوح الذي تم مسح الكتابة الأولى من عليه حتى يجرى تدوين كتابة أخرى، ولكن بحيث لا يزال ممكنا من خلال العلامات قراءة الكتابة القديمة تحت الجديدة. وعن الترجمة بحسبانها "جديدا عبر القديم أو على أنها الشيء نفسه تقريبا، أى إنها مماثلة وليست متساوية على الإطلاق، تتحدث العناوين التي منحها إمبرتو إكو وسوزان بيتريلي لنصوصهما عن الترجمة وكلما كانت كل ترجمة تستجيب للشرط بأن تحقق الأمانة بالنسبة للنص الأصلى فإنها - مهما كانت ناجحة - تتضمن حتما أيضاً سمات لعدم الأمانة، وترتبط جودة الترجمة نفسها بأماد الأمانة على وجه الضبط.
ويتوقع هنا من ذات نفسه أن العلاقة بين المعنى والصياغة اللغوية ليست على الدوام مشتركة، ويمكن أن تكون لإحدى الكلمات أو لإحدى الجمل مستويات متباينة للمعنى، ارتباطا بالسياق وفى اقتران مع العناصر المختلفة المندرجة في الكلام. ولكن الأشد أهمية أثناء عملية الفهم هو المعنى والتلميح اللذان يتشعبان وفقا لعدد المهام.
ولذا فله ما يبرره الشك فى وجود تشابه كبير بين المتحدث والمستمع، وكذلك أيضاً بين الكاتب والقارئ، وحينما يكون من الممكن تقدير مثل هذه التشابهات؛ نظراً إلى زيادة القراء وهي ظاهرة طبيعية، فإن عدد أساليب القول اللغوى ينبغي أن يتزايد مع كل زيادة لعدد القراء، ولذا فإنه من الممكن أيضًا التحدث فحسب عن التشابه النسبي.
وليس من الصواب اتهام إحدى الترجمات بسبب استحالة تساويها مع النص الأصلي لأن التشابهات بين اللغات قد تكون نسبية فحسب، والاختلاف بين اللغات يمثل نقطة جوهرية تنطلق منها جميع الصعاب في الترجمة والتشابه الذي يمكن الحديث عنه فيما يتعلق بالترجمة هو تشابه في مجال المعنى والتلميح ناجم عن موقف أمانة الترجمة تجاه الأصل.
وبما أن اللغات المختلفة، وكذلك أصحابها، يتميزون برؤية متباينة للعالم، فالترجمة من لغة إلى أخرى تُعرض المشاركين فيها لصعاب حتمية. وبناء عليه فإذا كانت الرؤى المتباينة للعالم غير متوائمة فالترجمة لا تجرى عمليا بين نظامي اللغتين، بل تجرى فحسب بين مادة اللغتين باعتبارهما جزأين من نظامين مختلفين والأمانة تجاه اللغة المستهدفة والأمانة تجاه اللغة المصدر والأمانة نحو متلقى الترجمة هي ثلاثة شروط أساسية ضرورية لكل أمانة في الترجمة. وينبغي على المترجم في عمله أن يستخدم وسائل خاصة مع تجنب كل ما هو غير مألوف وغامض لأن الغرابة تقود إلى خيانة الترجمة. ولا ينتج الوجود المتوازي للكلمة والمعنى تناقضاً مشتركًا في مجال أمانة الترجمة، وهذا في المقام الأول لأنه في الترجمة يتغير المعنى الذي يشكل مع النص علاقة غير لغوية.
وكذلك لأنه يُشكل الأمانة تجاه الرسالة بأكملها من خلال التوفيق بين الأمانة الثلاثية المذكورة، وإذا أراد المترجم الإبقاء في الترجمة على معنى النص الأصلى فينبغى أن يكون أمينا نحو المعنى، وليس أمينا تجاه الكلمات التي يضيع فيها المعنى، وفيما يتعلق بإعادة الصياغة بلغته، "فمن اللازم أن يستخدم المترجم الصيغ التي تبتعد حتماً عن الصيغ الموجودة بالنص الأصلي لأنه يترجم من أجل متلق مغاير، وبلغة تختلف اختلافاً هائلاً وعلى أية حال، فالنظرية الجيدة للترجمة تشترط على المشارك سبيلاً خاصاً ينبغي المضي فيه إذا أريد الوصول إلى الأمانة تجاه معنى الأصل. وينعكس هذا السبيل في عملية الفهم وتجريد الكلمات وإعادة صياغتها . ووسائل إعادة التعبير التي لا توجد لها متكافئات في اللغة المستهدفة، ولا تساهم في النص الأصلي في خلق تصورات عن البيئة القومية، لا يمكن تغييرها ببدائل غير متميزة ولا يمكنها في تصور القارئ الاقتران بمكان أو زمان ملموسين. وهنا يمكن التوصية بقاعدة مفادها أنه إذا كان هناك شيء في الأصل لا يمكن ترجمته بدقة فينبغى الاهتمام بالتوصل إلى أقل اختلاف ممكن عن النص الأصلي.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

Lakhasly. (2024...

Lakhasly. (2024). وتكمن أهمية جودة الخدمة بالنسبة للمؤسسات التي تهدف إلى تحقيق النجاح والاستقرار. Re...

‏ Management Te...

‏ Management Team: A workshop supervisor, knowledgeable carpenters, finishers, an administrative ass...

تسجيل مدخلات ال...

تسجيل مدخلات الزراعة العضوية (اسمدة عضوية ومخصبات حيوية ومبيدات عضوية (حشرية-امراض-حشائش) ومبيدات حي...

My overall expe...

My overall experience was good, but I felt like they discharged me too quickly. One night wasn't eno...

- لموافقة المست...

- لموافقة المستنيرة*: سيتم الحصول على موافقة مستنيرة من جميع المشاركين قبل بدء البحث. - *السرية*: سي...

تعزيز الصورة ال...

تعزيز الصورة الإيجابية للمملكة العربية السعودية بوصفها نموذجًا عالميًا في ترسيخ القيم الإنسانية ونشر...

وصف الرئيس الأم...

وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بأنها "مأساوية"، متعه...

Mears (2014) A ...

Mears (2014) A system of justice that could both punish and rehabilitate juvenile criminals was the ...

تراجع مكانة الق...

تراجع مكانة القضية الفلسطينية في السياسة الدولية فرض على الجزائر تحديات كبيرة، لكنه لم يغيّر من ثواب...

أيقونة الكوميدي...

أيقونة الكوميديا والدراما بقيمة 100 مليون دولار. قابل عادل إمام ولد عام 1940 في المنصورة، مصر، وبدأ ...

أتقدم إلى سموكم...

أتقدم إلى سموكم الكريم أنا المواطن / أسامة سلطان خلف الله الحارثي، السجل المدني رقم/١٧٣٧٣٨٣ ، بهذا ا...

[1] الحمد لله ...

[1] الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا أخذه ورسوله صلى ...