Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (Using the clustering technique)

شجاعاً كالأسد فيه خير ما اشتهرت به المخلوقات من صفات كريمة ولن تجد مكرمة في جنس أو نوع ولا فضلا أو مجدالة عمل إلا وجدت في الملك ما لا تجده في الخلق،
تنبثق عبقريته عنها فيقف أساطين البيان والفكر دهشين حائرين بنساء اون فيما بينهم كيف أوتي هذا السحرة أهو كلام أم هو الهام؟ وليس إعجابهم به مجاملة ورياء أو خوفاً،
فهي تغرب في الغرب لتبرع في الشرق وتتوارى في الشرق لنقل على الغرب وموجز القول في الأمرا إن الدنيا كانت ملكا له لا منازع ينازعه فيه.
وكان محبوباً من أفراد الشعب رجالاً ونساء شيباً وشباباً،
وما يكون مرتكزه وعونه في الملمات حتى فاضت خز الله بالأموال دون أن يرهق الرعية،
فقيد مئات الدور للأيتام والعجزة والمتعطلين والمدارس الفخمة والكليات الضخمة والمتاحف مقابل أجور طيبة وطعام لذيذ،
وما زالت الدولة طلب وثبات مأمونة الخطر في سبيل الحضارة والمدنية حضارة المادة،
والملك المستبد العادل هو المهندس الأول لكل ما خطفية الدولة من معالم الحضارة وصورها الخالدة ولولاه لما أصبحت.
وإن كان يخاطبها أحيانا في أمر العقم الذي منيا به في حين أن الملوك يجب أن ينجبوا الولد ليكونوا أولياء العهد من بعدهم،
ويتألم الملك وتتألم له الملكة ويدعوان الله أن يرزقا بطفل وأسف الشعب على عدم وجود نسل للملك المحبوب والملكة المقداد وخافوا أن يطلبوا إلى الملك أن يتزوج أخرى،
وطفقت تمثال عليه بلا انقطاع ولا هوادة لم هذا الحزن القائم يغز و قلب الملك العظيمة شعر كان قلبه بين عشرين إصبعا من حديد أطبقت عليه جميعها،
وتذكر قوتها التي حطمت العروش ودحرجت التيجان وأذابت الملوك قوته التي صنعت كل هذا وأكثر منه تتضعضع،
وبعضي عنها سريعا يتسلل إلى القصور ويغزوها ويقيم بها.
أليست هذه الحدائق الفن تحيط بقصره الممرد يملا جود العطر والريحان،
ما أكثر ما رأى بعض من يترددون عليه - وهم في حدائقه - غارقين في مشاهدها كأنهم جزء منها،
وفي ملكه العريض ما يفتاً عنه قلقه وحزنه.
استحالت الدنيا في عينيه خرابا بعد أن كانت فردوسا.
ولكن السلوى تجد الطريق إلى الملك عذراء لا تستطيع ركوبها قتلبث حيث هي،
فألقاها مضطجعة على سريرها الذهبي عارية ملتفة في شعرها الفاحم لم بين من جسمها الغض شيء،
وأبصر الساقي يوليه ظهره يقفل راجعا غير منتظر منه الجواب مضى الملك إلى غرفة الاستقبال تلوح على وجهه سمات الكابة.
غير أن الملك لم يجد في قصيدة الشاعر ما يثير الإعجاب والتقدير بل بدت له ألفاظا ميئة ذوات معان فطيرة كابية،
ثم صحا فجأة من تأملاته وهو يقول:
وأخذ يرددها في صوت مسموع على نفس واحد،
فأسرعت إليه زوجه ومست راحتها جبينه،
- مالك يا سيدي؟
فصليت راحتها ورمقته دهشة تعجب لحاله،
أي بعث أي نشور بعد أن تفنى الحياة ويتلاشى الأحياء؟ إن أحد الأغبياء منذ آلاف السنين مات عنه ذوو قرباه فرآهم في منامه أحياء يرزقون يكلمونه،
مالك يا امرأة؟ ألا تؤمنين بكلامي ؟!
كيف يجيبونك وأنت تزعم أنك أعلم منهم جميعا؟ ألم تقل إن الكون والحياة قد باحا بأسرارهما لك دون العباقرة أجمعين؟ فكيف تريد منهم الجواب على شيء لم تدركه أنت؟ اذهبي ونامي،
فاستقبله رئيس الوزراء ومعه زملاؤه والنواب والحكماء وأرباب القلم والفكر والبيان،
ما المولاي أرى في وجهه بعض ما خبرت عن وادي اللظى؟ أعدو عات في أوطاننا ورمى الدولة بالشر العقام؟ أم هو التفكير في الكون ومن عمر الكون وشاد العالم؟ فإذا كان عدو فلدينا ما يرد الكيد والحرب الزبون وإذا ما كان – مولاي – غفا فرأى في النوم رؤيا عابرة،
يا قوم ما العلم؟ ما المجد؟ ما العظمة؟ ما الملك؟ هياء،
وأنتم الإنسانية في مثلها العليا الرفيعة،
فليس فيكم إلا كل جبار ذهن عبقري،
فوجم الحضور وطأطأوا الرؤوس فالتهمهم الملك بعينيه وقال: أجيبوا.
وذهب رئيس الوزراء وهو شيخ عزب نيف على الستين يسكن أحد قصور الحكومة،
ثم يأتي الملك ليقتله لأنه عاجز عن تحقيق رغبته.
يلقعا وخرابا تلعب فيه اليوم بعد أن كان أزهر من الروض النضير.
فقد انصرف إلى الريف يقضي فيه الأيام الثلاثة يودع الحياة لأنه لم يكن له أهل أو ذوو قربي.
ولم يبق على الموعد غير سويعات والرئيس جالس على ضفة جدول غارق في الفكر،
سأدعك وأمضي إلى سبيلي - كما تأمر أيها السيد - ولكني أراك من ذوي اليسار،
امض إلى شأنك ولا ترهقني بكلامك أيها الأخرق.
فهذه أرضي فنهض الرئيس وغادر الجدول عائدا إلى المدينة التي تبعد عن القرية ثلاثة أميال،
فأخيره الرئيس بأمره وباح له بذات صدره،
- أيها الراعي أمجنون أنت؟
فأبصرا الميدان كلاً يمن أمهلهم الملك،
وهم صفوة الأدميين ينتظرون القتل،
والجلاد واقف وسيفه يلمع في يمينه،
- لا أستطيع أن أري مولاي الله.
وفتحت الأفواه دهشة وعجياً وحيرة،
- هيا أرني الله،
- تمهل أيها الملك.
وحرها يكاد يصلي الأبدان.
واغرز فيها بصرك.
ولكنه لم يلبث لحظة حتى صباح فيه: أتريد.
أن تعمي عيني؟ كيف أحدق في الشمس؟
- يجب أن تحملق عينيك في الشمس حتى أريك الله.
وهي إحدى آيات الله ومخلوقاته بعينيك هاتين،
فكيف تريد أن تري الله الذي هو نور السموات والأرض وليست الشمس إلا آية من آياته،
مالك ولهذا السؤال؟ أطلب إليك أن تثبت وجود الله،
فأشهد الملك على نفسه أنه لن يسأل إلا سؤالين أحدهما الذي ذكره.
- يا سيدي الملك،
فقال الملك وهو في غمرة من غمرات الحيرة والغضب: لا شيء قبل الواحد.
ودوت أصوات الحاضرين وهم عشرات الألوف يرددون: الله أحد وجهه،
ثم صحا فجأة من تأملاته وهو يقول:
وأخذ يرددها في صوت مسموع على نفس واحد،
فأسرعت إليه زوجه ومست راحتها جبينه،
- مالك يا سيدي؟
فصليت راحتها ورمقته دهشة تعجب لحاله،
أي بعث أي نشور بعد أن تفنى الحياة ويتلاشى الأحياء؟ إن أحد الأغبياء منذ آلاف السنين مات عنه ذوو قرباه فرآهم في منامه أحياء يرزقون يكلمونه،
مالك يا امرأة؟ ألا تؤمنين بكلامي ؟!
مسير الفلك بنظام دقيق لا يتغير،
سأجمع الحجاب والوزراء والفلاسفة والعلماء والأدباء والشعراء،


Original text

أريد أن أرى الله
كان ملكاً عظيماً كالبحر قوياً كالصخر عالياً كالماسة، شجاعاً كالأسد فيه خير ما اشتهرت به المخلوقات من صفات كريمة ولن تجد مكرمة في جنس أو نوع ولا فضلا أو مجدالة عمل إلا وجدت في الملك ما لا تجده في الخلق، فهو أعظم نصير للحرية وأكبر عبقري برز في العلوم، وفاق حملة القلم والريشة في الفنون الرفيعة كلها، ودان الفلسفة بما لم يدنها به كل فلاسفة الأرض، فهو مبتكر الفلسفات ومفرع المعاني، تنبثق عبقريته عنها فيقف أساطين البيان والفكر دهشين حائرين بنساء اون فيما بينهم كيف أوتي هذا السحرة أهو كلام أم هو الهام؟ وليس إعجابهم به مجاملة ورياء أو خوفاً، بل كان إعجابهم عن صدق، فكان كل فرد يخلو إلى نفسه، ويتلو ما بين يديه من شعره ونثره فيرقص طربا، نعم يرقص، ولا تعني بالرقص معناه المجازي بل تعني به الحقيقة المشهودة.
وكانت الشمسي لا تغرب عن أملاكه، فهي تغرب في الغرب لتبرع في الشرق وتتوارى في الشرق لنقل على الغرب وموجز القول في الأمرا إن الدنيا كانت ملكا له لا منازع ينازعه فيه.
وكان محبوباً من أفراد الشعب رجالاً ونساء شيباً وشباباً، فتياناً وأطفالاً وفتيات لأنه كان يحب شعبه، ولا ينفق أوقاته الا في صالحه. يدخر الأموال، ويضبط سياستها ليوفر للشعب ما يحتاج إليه، وما يكون مرتكزه وعونه في الملمات حتى فاضت خز الله بالأموال دون أن يرهق الرعية، ولم يبددها في سبل الشر وارضاء الشهوات ولم يوزعها على الفقراء الثلا يعودهم الكسل واستطابة الخمول
بل ساق المتعطلين إلى العمل، فقيد مئات الدور للأيتام والعجزة والمتعطلين والمدارس الفخمة والكليات الضخمة والمتاحف مقابل أجور طيبة وطعام لذيذ، وسكن صحي، ولم يبق فقير جائع. وما زالت الدولة طلب وثبات مأمونة الخطر في سبيل الحضارة والمدنية حضارة المادة، وحضارة الروح والقلب والفكر، حتى بلغت أسمى مراقي النجاح، فأينما تسر تجد أمامك الحدائق العامة والبرك والبحيرات والمسارح والمصانع، وكل أثر من أثار التقدم الإنساني، والملك المستبد العادل هو المهندس الأول لكل ما خطفية الدولة من معالم الحضارة وصورها الخالدة ولولاه لما أصبحت. البلاد في هذا النعيم المقيم.
وكان قد تزوج – وهو في العشرين من عمره - بفتاة من علية القوم... وما زال يعاشرها حتى بلغ الخمسين، لم ينهرها قط، ولم يتيس بكلمة تؤديها، أو تصرف يسيء إليها، وكانا مثال الزوجية الصالحة، وإن كان يخاطبها أحيانا في أمر العقم الذي منيا به في حين أن الملوك يجب أن ينجبوا الولد ليكونوا أولياء العهد من بعدهم، ويحفظوا اسمهم وملكهم من الضباع، ويتألم الملك وتتألم له الملكة ويدعوان الله أن يرزقا بطفل وأسف الشعب على عدم وجود نسل للملك المحبوب والملكة المقداد وخافوا أن يطلبوا إلى الملك أن يتزوج أخرى، فتغضب الملكة التي يحبونها، وتقلب العزم على التردد، واجتمع ممثلون بقناء قصر الملك وخطب خطيبهم ملتمسا أن يتزوج الملك ! إحدى بنات شعبه، أو يتزوج كل شهر، عسى أن تحمل إحداهن غير أن الملك أراد أن يرض يرضي الشعب، ويرضي الزوج التي كانت له خيراً من الصاحب والولد. فقال: ما حاجتي إلى الولد، وهذا الشعب، ولدي ؟ فصفق الشعب الجواب الملك، وهتفوا بحياته وحياة الملكة، وانصرفوا يدعون الله ويشكرون الملك الطيب العظيم ونهض الملك ذات ليلة صائفة، وصعد سطح قصره وحيدا، واستلفى على سريره الذهبي في القوائم المصبوبة من الذهب الخالص المرصعة بالأحجار الكريمة، وصافح وجهه هواء بستانه الرطب. فأرتاح إليه واطمأن به المقام، وأخذ يرقب السماء ونجومها وبدورها، وكان أعلم أهل زمانه بالفلك، ففرق في تأملاته، واستيدت به الفكر.
وطفقت تمثال عليه بلا انقطاع ولا هوادة لم هذا الحزن القائم يغز و قلب الملك العظيمة شعر كان قلبه بين عشرين إصبعا من حديد أطبقت عليه جميعها، فإذا هو كالطير لا نقص ضيق ما يستطيع حراكا. راكا، وبرح به الألم، وتذكر قوتها التي حطمت العروش ودحرجت التيجان وأذابت الملوك قوته التي صنعت كل هذا وأكثر منه تتضعضع، ويتسلط عليها الحزن.
ولكن الحزن لا يعرف ملكاً ولا سوقة، كل الناس في شرعه سواسية. فكما يهاجم الأكواخ، وبعضي عنها سريعا يتسلل إلى القصور ويغزوها ويقيم بها.
لم يدر الملك ما مبعث الحزن والقلق، أليست هذه الحدائق الفن تحيط بقصره الممرد يملا جود العطر والريحان، وتعملا الأنفس بهجة ومراحا ، فلم لا تستجيب نفسه إليها ؟
ما أكثر ما رأى بعض من يترددون عليه - وهم في حدائقه - غارقين في مشاهدها كأنهم جزء منها، أو هي جزء منهم، ولكنه لم يجد في القصر مع وفرة الملاهي، وفي الحدائق، وفي ملكه العريض ما يفتاً عنه قلقه وحزنه.
استحالت الدنيا في عينيه خرابا بعد أن كانت فردوسا.
التمسها في الموسيقى فلم يلق فيها إلا الأسى. وأخذ يلتمس السلوى في كل شيء فلا يجدها. وهكذا أصبح يتنقل من عالم إلى عالم، وهو يزداد تصياً وأيناً. والشعب يتنقل معه، وزاد الله واضطرابه لأنه ربط حياته بحياة الملك. وأسرع إليه رئيس الوزراء يسليه، ولكن السلوى تجد الطريق إلى الملك عذراء لا تستطيع ركوبها قتلبث حيث هي، ولا يسعها التقدم
خطوة.
أنا ... أنا عالم ... فيلسوف ... أديب ... أحطت بالعلوم والآداب والفنون، واستكتهت أسرارها، ونفذت إلى بواطنها ، فعرفت
ما لم يعرفه بشر، فلم لا أتخذها سلما إلى السرور والسلوى؟ وأخفق في هذا وازداد كابة، والفي الحياة كلها بما فيها من مباهج ومسرات آلاماً لا تطاق، ولم يجد في علومه وآدابه وفنونه ما بيل الصدى فأيقن أن الوجود شر، وأن الحياة ظلام وحزن وإنه لكذلك تتقاذفه الفكر، وتصطرع في قلبه الخواطر قال: ليت شعري، ذاك الفلاح المعدم يقضي نهاره مسروراً يحيي شطراً من ليله بالغناء والرقص لشد ما يدهشني أنين النواعير يستحيل إذا ردد صداه قلبه لحناً ضاحكاً، أما أنا الملك العظيم، في يدي مقاليد الحكم، وتحت تصرية كنوز الأرض ورهن بناني الناس، فلا أجد اللذة المتاحة في كل حين لعبدي الفلاح.
وتسلل إلى جارية شابة ساحرة، ودخل غرفتها حذراً ، فألقاها مضطجعة على سريرها الذهبي عارية ملتفة في شعرها الفاحم لم بين من جسمها الغض شيء، وعلى النافذة - زهرية – تطل على الحورية ترقبها في حنان، وتملأ المكان عطراً ، ولم يعجبه ما رأى. فخرج وهو يسدد النظر إلى الفتنة النائمة والزهرة الصادرة، وسمع صوتاً يهمس من ورائه مولاي، إن بغرفة الانتظار نقرأ من الشعراء وفدوا إليك محيين فالتفت العامل، وأبصر الساقي يوليه ظهره يقفل راجعا غير منتظر منه الجواب مضى الملك إلى غرفة الاستقبال تلوح على وجهه سمات الكابة. فنهض الحضور وحيوه وهناوه بعيد ميلاده السعيد، واستاذن شاعر، وألقى قصيدة رائعة مبتكرة المعاني، ظن سامعوها أنفسهم في الجنان، وحسبوا أن كل لفظ في قصيدته تحقق معناه، فأصبح ملموساً منظوراً، واذ شبه الملك بالشمس بتعبيره الرائع الفني التيست عليهم الحقيقة، فلم يعودوا قادرين على التمييز بين الملك والشمس فيا له من شاعر عبقري نابغة.
غير أن الملك لم يجد في قصيدة الشاعر ما يثير الإعجاب والتقدير بل بدت له ألفاظا ميئة ذوات معان فطيرة كابية، وشعر في أعماق نفسه كان سهما نفذ إليها فظهرت آثار التقطيب والازورار على
وجهه، فولى الشاعر وجهه شطر الباب، وانقتل يجري خائفاً يتقرب. وخرج الملك حزيناً غاضباً كأنما غادر معركة فاصلة خسرها، وألقى جسمه المنهوك في حضن سريره.
ثم صحا فجأة من تأملاته وهو يقول:
لا بد أن أرى الله ... لا بد أن أرى الله. وأخذ يرددها في صوت مسموع على نفس واحد، فأسرعت إليه زوجه ومست راحتها جبينه، وقالت:



  • مالك يا سيدي؟

  • أريد أن أرى الله.

  • استغفر ربك.
    فصليت راحتها ورمقته دهشة تعجب لحاله، فأدرك ذلك منها، وقال:
    يا حبيبتي، ألا تعرفين أني عبقري الكون، ولا يفوقني أحد، فلدي علوم الدنيا، وما وراء الطبيعة والحياة عالم فيلسوف أديب شاعر. فنان، مصور، مخترع، كل ذلك أنا ... أنا زوجك الحبيب، أنا الذي أدرك كنه الحياة، وكشف عن الأسرار الستور وفك الطلاسم وحل الألغاز، أنا الذي لم يصده شيء عن الإدراك والإحاطة والاستيعاب. أعجز عن رؤية الله أخبريني، كيف أرى الله ؟! يا العلمي، إن المعارف الإنسانية كلها قبض الريح وباطل الأباطيل إني جاهل مطموس البصيرة والبصرا أخبريني، كيف أرى الله ؟! أهو موجود؟ لو كان موجودا فلم احتجب عن خلقه؟ ولم قال الرسل والأنبياء عن لسانه إنه يأمر بعبادته، إنه سيجزي عباده على أعمالهم يوم القيامة
    أي بعث أي نشور بعد أن تفنى الحياة ويتلاشى الأحياء؟ إن أحد الأغبياء منذ آلاف السنين مات عنه ذوو قرباه فرآهم في منامه أحياء يرزقون يكلمونه، ويصفون له دارهم الجديدة التي نزلوها. وتمنى أن يشاركهم، وان صحا لم يجد إلا نفسه وحدها، فظن أن هناك دارا غير هذه الدار، وأنه سيجتمع بهم، ومن ذلك وجدت فكرة البعث، وأخذت تتطور حتى أصبحت عند اليله فكرة ثابتة. ويقينا صادقا، وعقيدة لا يمكن أن يزعزعها أحد، لا بعث لا نشورا لا أصدق ذلك إلا إذا رأيت الله ففتحت الملكة فاها، وعيناها إلى زوجها، وحسيته مجنوناً، بكلامه كفر والحاد، وقد كان مؤمنا يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر.
    وصاحت فيه واسيداها
    فالتفت إليها وقال:
    مالك يا امرأة؟ ألا تؤمنين بكلامي ؟!
    كلا، إني مؤمنة بوجود الله.
    مخلوقاته الدنيا، مسير الفلك بنظام دقيق لا يتغير، نبات الزرع. من ذا الذي يدير الأمر، ويحيي الموتى، ويخلق ما في الأرحام؟ إنه ما دليلك على وجود هذا الله الذي تعبدين؟
    أنت لا تفهمين شيئاً، سأجمع الحجاب والوزراء والفلاسفة والعلماء والأدباء والشعراء، وأطلب إليهم أن يروني الله، وإلا فسأرسلهم إلى الجحيم الذي تخالين وجوده.
    كيف يجيبونك وأنت تزعم أنك أعلم منهم جميعا؟ ألم تقل إن الكون والحياة قد باحا بأسرارهما لك دون العباقرة أجمعين؟ فكيف تريد منهم الجواب على شيء لم تدركه أنت؟ اذهبي ونامي، فأنت غبية لا تصلحين إلا للطهي، ونفض الغبار إن الفلسفة دحض تنزلق عليه أقدام الفلاسفة والحكماء، فكيف
    بك أنت
    وضحك الملك وصرفها عنه، واستسلم للخيال، وقضى ليلته أرقا مسهدا تلعب به الهواجس، وتدير رأسه الهموم والفكر، وغادر فراشه إلى زوجه وحياها وحيثه، ولم يطب له الفطور، وتناول قدحا من الحليب، ومضى إلى مجلس الملك. فاستقبله رئيس الوزراء ومعه زملاؤه والنواب والحكماء وأرباب القلم والفكر والبيان، وقال الرئيس في أدب
    ما المولاي أرى في وجهه بعض ما خبرت عن وادي اللظى؟ أعدو عات في أوطاننا ورمى الدولة بالشر العقام؟ أم هو التفكير في الكون ومن عمر الكون وشاد العالم؟ فإذا كان عدو فلدينا ما يرد الكيد والحرب الزبون وإذا ما كان – مولاي – غفا فرأى في النوم رؤيا عابرة، فلدينا من يزيح الستر عن كل لغز فيبين المستثر، وإذا كان مليكي غارقا في بحوث غامضات وفكر ، فلديه – وهو هذ في العلوم ما ينير الأفق والكون الرحيب.
    يا قوم ما العلم؟ ما المجد؟ ما العظمة؟ ما الملك؟ هياء، سخف شر، إذا لم تر الله، وأنتم الإنسانية في مثلها العليا الرفيعة، فليس فيكم إلا كل جبار ذهن عبقري، وأنا أريد أن أرى الله، فكيف السبيل ؟!
    فوجم الحضور وطأطأوا الرؤوس فالتهمهم الملك بعينيه وقال: أجيبوا.
    ولكن لا جواب. فازداد غیظه وقال: هأنذا أمهلكم ثلاثة أيام، فإن لم تروني الله بعدها فسأقتلكم جميعا، إذ ما جدوى قوم يتشدقون بأنهم عرفوا أسرار الكون، وهم لا يستطيعون أن يروا الله أحد مخلوقاتها انصرفوا.


والصرف الجمع الحاشد، وخلا الملك بنفسه، وذهب رئيس الوزراء وهو شيخ عزب نيف على الستين يسكن أحد قصور الحكومة، وكان واجما في شبه غيبوبة.


انصرف الجمع كل يودع أهله، ويمضي ثلاثة الأيام يصفي حساب الدنيا، ثم يأتي الملك ليقتله لأنه عاجز عن تحقيق رغبته.


وانقلب البلد ماتماً صامتاً، ومسخت أعمال الملك المجيدة، وأمست في أعين الرعية مظالم وسخافات، واستحال تاريخه الممرع الخصب. يلقعا وخرابا تلعب فيه اليوم بعد أن كان أزهر من الروض النضير. أما رئيس الوزراء الأعزب، فقد انصرف إلى الريف يقضي فيه الأيام الثلاثة يودع الحياة لأنه لم يكن له أهل أو ذوو قربي. مضت الأيام الثلاثة كاللمح، ولم يبق على الموعد غير سويعات والرئيس جالس على ضفة جدول غارق في الفكر، وبينما هو كذلك. أيقظه راع عجوز أشمط بتحيته، فالتفت إليه ورد تحيته، ثم انصرف إلى تأملاته، غير أن الراعي ضايقه بسؤال:




  • من أنت أيها الرجل؟




  • أحد خلق الله.
    أعلم هذا، ومن قال إنك من غير خلق الله.
    دعني وامض إلى سبيلك.
    سأدعك وأمضي إلى سبيلي - كما تأمر أيها السيد - ولكني أراك من ذوي اليسار، ولم يشرف قريتنا هذه أحد مثلك، فلعل لديك أمراً جللا قادك إلينا، فمن أنت؟ وما تبغي من جلوسك على الجدول؟
    امض إلى شأنك ولا ترهقني بكلامك أيها الأخرق.
    مهلا يا صاح، لا تهزأ، فهذه أرضي فنهض الرئيس وغادر الجدول عائدا إلى المدينة التي تبعد عن القرية ثلاثة أميال، بيد أن الراعي أدركه، وألح في التساؤل، فأخيره الرئيس بأمره وباح له بذات صدره، فقال له الراعي:
    خذني معك، فإن في وسعي أن أري الملك الله...




  • أرتبه قبله
    لا، لم ترغب أنت في رؤيته، ولكن الملك، فلم أربه إلا إياه.




  • أيها الراعي أمجنون أنت؟
    كلا يا سيدي، فأنا عاقل.
    امض ... امض وانج بنفسك، أما قلت لك: إني ذاهب إلى الملك
    ليعد مني أنا وزملائي.
    خذني معك، فلست بخير منكم إذا عجزت ولي الفضل إذا ما جعل
    الله نجاء كم على يدي.
    واصطحبة الرئيس بعد لأي، ووصلا المدينة، فأبصرا الميدان كلاً يمن أمهلهم الملك، وهم صفوة الأدميين ينتظرون القتل، والجلاد واقف وسيفه يلمع في يمينه، وبين يديه النطع، وأعينهم متجهة إلى باب المدينة، وإذا الرئيس يلج الباب ومعه الراعي، وأقبل الملك فسأله فقال




  • لا أستطيع أن أري مولاي الله.




  • ومن هذا؟




  • فأجاب الراعي نفسه : أنا راع أستطيع أن أريك الله. فأتلمت إليه الأعناق، وزاغت الأبصار، وفتحت الأفواه دهشة وعجياً وحيرة، فقال الملك:




  • هيا أرني الله، وأسرع.




  • تمهل أيها الملك.
    وكانت الشمس في كبد السماء، وحرها يكاد يصلي الأبدان.
    فقال الراعي: أيها الملك، حدق في الشمس، واغرز فيها بصرك. فصنع الملك ما أمر به، ولكنه لم يلبث لحظة حتى صباح فيه: أتريد.
    أن تعمي عيني؟ كيف أحدق في الشمس؟




  • يجب أن تحملق عينيك في الشمس حتى أريك الله.




  • لن أستطيع.




  • يا سيدي الملك، إذا لم تستطع أن تحدق في الشمس، وهي إحدى آيات الله ومخلوقاته بعينيك هاتين، فكيف تريد أن تري الله الذي هو نور السموات والأرض وليست الشمس إلا آية من آياته، وفي السماء أعظم منها وأكبر ؟
    فيهت الملك، وصفق الجمع الذي لا يحصى عدده، وهتف للراعي هتافا قويا، حتى أدميت الأكف، وبحت الأصوات، وقال الملك: أيها الراعي، أثبت لي وجود الله.
    موقف الراعي مليا، وهو سابع الفكر فزجره الملك قائلاً:
    أجب أجب
    مهلا مهلا
    أجب، وإلا قتلتك.
    ما اسم ابنك.
    مالك ولهذا السؤال؟ أطلب إليك أن تثبت وجود الله، فتسألني عن ابني
    فهمت ذلك، ما اسم ابنك؟
    لا ابن لي حتى أسميه؟
    من فضلك قل لي ما اسمه، ولو لم يكن لك ابن.
    يا لرعونتك، كيف أسمي عدماً لا وجود له؟ صدقت، فهل يسبغ عقلك أن يصطلح الناس أجمع على تسمية الخالق الرازق - الله – وهو عدم لا وجود له؟ أنت يا سيدي الملك استحال عليك تسمية ابن لم ترزقه، فكيف بملايين الملايين تسمي عدماً – لا وجود له الله فازداد تصفيق الناس وهتافهم حتى دوت المدينة كلها، وخرج النساء والصبيان إلى الميدان تستجلي الخبر.
    وشعر الملك بهزيمته، فاشتغل بصدره الغيظ، وقال:
    من كان قبل الله؟ من كان قبل الله؟
    إنك يا سيدي الملك تريد أن تعجزني بهذه الأسئلة وتحرجني، فلن تراني مجيبك على سؤالك هذا، إلا إذا أعلنت أمام هذا الجمع عدد أسئلتك.
    فأشهد الملك على نفسه أنه لن يسأل إلا سؤالين أحدهما الذي ذكره.
    فقال الراعي:




  • يا سيدي الملك، أتعرف الحساب أو شيئاً منه؟




  • بلی




  • أرجو أن تعد.




  • ما صلة هذا بسؤالي؟




  • أرجو أن تعد.
    9.8.7.6.5.4.3.2.1 أأزيدة-
    كلا ، شكراً، كنت أرجو أن تبدأ بالعد قبل الواحد.
    فقال الملك وهو في غمرة من غمرات الحيرة والغضب: لا شيء قبل الواحد.
    فصاح الراعي الله أحد واحد، فلا شيء قبل الواحد. ودوت أصوات الحاضرين وهم عشرات الألوف يرددون: الله أحد وجهه، فولى الشاعر وجهه شطر الباب، وانقتل يجري خائفاً يتقرب. وخرج الملك حزيناً غاضباً كأنما غادر معركة فاصلة خسرها، وألقى جسمه المنهوك في حضن سريره.
    ثم صحا فجأة من تأملاته وهو يقول:
    لا بد أن أرى الله ... لا بد أن أرى الله. وأخذ يرددها في صوت مسموع على نفس واحد، فأسرعت إليه زوجه ومست راحتها جبينه، وقالت:




  • مالك يا سيدي؟




  • أريد أن أرى الله.




  • استغفر ربك.
    فصليت راحتها ورمقته دهشة تعجب لحاله، فأدرك ذلك منها، وقال:
    يا حبيبتي، ألا تعرفين أني عبقري الكون، ولا يفوقني أحد، فلدي علوم الدنيا، وما وراء الطبيعة والحياة عالم فيلسوف أديب شاعر. فنان، مصور، مخترع، كل ذلك أنا ... أنا زوجك الحبيب، أنا الذي أدرك كنه الحياة، وكشف عن الأسرار الستور وفك الطلاسم وحل الألغاز، أنا الذي لم يصده شيء عن الإدراك والإحاطة والاستيعاب. أعجز عن رؤية الله أخبريني، كيف أرى الله ؟! يا العلمي، إن المعارف الإنسانية كلها قبض الريح وباطل الأباطيل إني جاهل مطموس البصيرة والبصرا أخبريني، كيف أرى الله ؟! أهو موجود؟ لو كان موجودا فلم احتجب عن خلقه؟ ولم قال الرسل والأنبياء عن لسانه إنه يأمر بعبادته، إنه سيجزي عباده على أعمالهم يوم القيامة
    أي بعث أي نشور بعد أن تفنى الحياة ويتلاشى الأحياء؟ إن أحد الأغبياء منذ آلاف السنين مات عنه ذوو قرباه فرآهم في منامه أحياء يرزقون يكلمونه، ويصفون له دارهم الجديدة التي نزلوها. وتمنى أن يشاركهم، وان صحا لم يجد إلا نفسه وحدها، فظن أن هناك دارا غير هذه الدار، وأنه سيجتمع بهم، ومن ذلك وجدت فكرة البعث، وأخذت تتطور حتى أصبحت عند اليله فكرة ثابتة. ويقينا صادقا، وعقيدة لا يمكن أن يزعزعها أحد، لا بعث لا نشورا لا أصدق ذلك إلا إذا رأيت الله.
    ففتحت الملكة فاها، وعيناها إلى زوجها، وحسيته مجنوناً، بكلامه كفر والحاد، وقد كان مؤمنا يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر.
    وصاحت فيه واسيداها
    فالتفت إليها وقال:
    مالك يا امرأة؟ ألا تؤمنين بكلامي ؟!
    كلا، إني مؤمنة بوجود الله.




  • مخلوقاته الدنيا، مسير الفلك بنظام دقيق لا يتغير، نبات الزرع. من ذا الذي يدير الأمر، ويحيي الموتى، ويخلق ما في الأرحام؟ إنه ما دليلك على وجود هذا الله الذي تعبدين؟
    الله.




  • أنت لا تفهمين شيئاً، سأجمع الحجاب والوزراء والفلاسفة والعلماء والأدباء والشعراء، وأطلب إليهم أن يروني الله، وإلا فسأرسلهم إلى
    الجحيم الذي تخالين وجوده.




Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

exchange Rate p...

exchange Rate policies: In economies with open capital markets, exchange rate policies can be a cri...

تعتبر هذه النظر...

تعتبر هذه النظريات جزءًا مهما من الإطار النظري لفهم تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية....

سانتياغو صياد ع...

سانتياغو صياد عجوز متقدم في السن ولكنه لا يزال متمتعا بحيويته ونشاطه. كان لا يزال رابضا في زورقه، وح...

‎لتلوث الكربوني...

‎لتلوث الكربوني هو نوع من التلوث الناتج عن انبعاث الغازات الدفيئة، مثل ثاني ‎أكسيد الكربون (CO2)، في...

‎تولى السلطان ا...

‎تولى السلطان المولى سليمان حكم المغرب بـ 1792 م تنقل داخل المغرب لفرض التهدئة ، في عهده تعرض المغرب...

وهكذا نشأت فكرة...

وهكذا نشأت فكرة إنشاء منزل لعلاج مدمني المخدرات منتصف الطريق؛ نظرًا للحاجة الماسة إلى دعم مرضى الإدم...

الیمین المتممة:...

الیمین المتممة: ھي التي یوجھھا القاضي من تلقاء نفسة إلى أي اطراف الخصومة في الدعوى بغرض إتمام اقتناع...

ويعتبر كتاب واي...

ويعتبر كتاب وايل باريس Weil-Barais 0771 ( حول الرجل المعرفي ) ( L’homme cognitif ( دليل على شاسعة ال...

تلعب المحولات ع...

تلعب المحولات عالية الطاقة دورًا أساسيًا في محطات الطاقة. يتم تقليل الجهد الناتج عن المولدات من أجل ...

التنفيذي الكهر...

التنفيذي الكهرباء عماد أي اقتصاد وضرورة من ضرورات الحياة المصرية، وفي اليمن شكل ضعف. خدمات الكهرباء...

Dear Sir/Madam,...

Dear Sir/Madam, I am a secondary school student seeking a part-time shop assistant position advertis...

الرحلة في أيّام...

الرحلة في أيّام الصيف الحارة إلى الطبيعة هي أشبه بعودة الإنسان من حالة الموت إلى الحياة، لأنّ الاستج...