Lakhasly

وبالإضافة إلى ذلك فإن استعداد صاحب السمو الشيخ زايد ورغبته في تقاسم ثروة أبوظبى ومواردها مع الإمارات الأخرى التي تشكل دولة الاتحاد يعنى أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستديمة للدولة بأكملها سوف تمضى بوتيرة موحدة . هی وإذا تأملنا في مسيرة حياة صاحب السمو الشيخ زايد فسنجد أن أبرز قدراته هـ ولم تغب عن بال صاحب السمو الشيخ زايد مطلقاً الدروس التي تعلمها عن الطبيعة البشرية والتي استوعبها منذ طفولته وفجر صباه . في هذا السياق لا بد من أن نرى بعداً أخلاقياً جوهرياً؛ كما انطلقت فلسفته السياسية من الأسس الإسلامية ذاتها، ومن التاريخ تعلم صاحب السمو الشيخ زايد ضرورة اختيار الرجال الأكفاء لإدارة الحكومة، أما إذا قامت الفرقة بينهم . فعندما كانت قبيلة بني ياس قوة موحدة، إن معنى الوحدة وقوتها ترسخا في نفس الشيخ زايد منذ أيامه الأولى، بل ظلت تمثل مبدأ في الحياة. ففي عام 1994 نشر جيري آي بوراس erry 1. Porras أستاذ السلوك التنظيمي والتغيير في جامعة ستانفورد و زميله جيمس سی کولینز James C. وهما يريان أن القيم الأساسية تعد شرطاً أساسياً للتقدم م ا الدائم . كما توجد لديهم حاجة أساسية إلى القيم الموجهة والإحساس بالغاية التي تضفي على حياتهم وعملهم قيمة ومعنى، وقد أظهر الشيخ زايد تحديداً أن السيطرة على عملية التغيير وتحويل طاقتها و آثارها السلبية المحتملة إلى مسارات إيجابية إنما هي العامل الأساسي في عملية التنمية طويلة الأجل . ) 35 ولكل صقر طريقته،

إن قراءة متأنية في الشواهد الماثلة أمامنا تقودنا إلى القول إن الدولة الناشئة قد حباها الله قائداً فذاً. إن ثقة صاحب السمو الشيخ زايد التي لا تتزعزع في مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة ونجاح تجربتها الاتحادية قد أقنعت المتشككين، وإن الذي حافظ على استمراريتها في الأوقات الصعبة هو قدراته الخلاقة وعزمه الذي لا يفتر، ويمكننا استخدام أسلوب التحليل التاريخي المبني على فرضية قلب الحقائق كوسيلة لتقويم مساهمته والنظر إليها بمعزل عن الأحكام المسبقة 31 وبناء عليه يمكن القول إنه لم يكن هناك أحد غير الشيخ زايد يملك هذا المزيج الفريد من الصفات والخصائص اللازمة لبناء دولة الإمارات العربية المتحدة وصياغة تطورها على النحو الذي نراه اليوم. وبالإضافة إلى ذلك فإن استعداد صاحب السمو الشيخ زايد ورغبته في تقاسم ثروة أبوظبى ومواردها مع الإمارات الأخرى التي تشكل دولة الاتحاد يعنى أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستديمة للدولة بأكملها سوف تمضى بوتيرة موحدة .

هی

وإذا تأملنا في مسيرة حياة صاحب السمو الشيخ زايد فسنجد أن أبرز قدراته هـ

استعداده للتوفيق بين ما قد يبدو غير قابل للتوفيق ؛ فقد تمكن من تحقيق هذا التالف بين متناقضات بسعيه الجاد إلى تحقيق التوازن في مشهد تسوده قوی متصارعة، وكان قد عايش هذا المبدأ وتعلمه منذ طفولته في خضم السياسات القبلية المضطربة، وقام بتطبيق هذا الدرس بفاعلية على امتداد مسيرته . وهكذا فقد تمكن الشيخ زايد من بناء دولة مزج فيها بين تقاليد القيادة القوية وبيئة الشراكة الراسخة ، حيث تتعايش التقاليد مع مقتضيات العصر، والقيم البدوية مع الثقافة الحضرية، وحيث لا تنفصم التطلعات الفردية عن الوحدة الاجتماعية الكلية. ولم تغب عن بال صاحب السمو الشيخ زايد مطلقاً الدروس التي تعلمها عن الطبيعة البشرية والتي استوعبها منذ طفولته وفجر صباه . إن

التطور الكبير الذي تحقق على الصعيد الداخلي، مقروناً بالمكانة الإقليمية والدولية المرموقة التي تتبوؤها دولة الإمارات العربية المتحدة، هما خير شاهد على عظمة إنجازات الشيخ زايد . في هذا السياق لا بد من أن نرى بعداً أخلاقياً جوهرياً؛ فقد شكل الإسلام جزءاً أساسياً من حياة صاحب السمو الشيخ زايد منذ أيامه الأولى، إذ نشأ في بيئة غمرت روحه بإيمان عميق ، واستمد قوته من قيم الإسلام، وتعلم منه الثقة بالنفس، فضلاً عن مجموعة من المبادئ منها التواضع، والصراحة، والقدرة على التكيف، والصبر والقيم الاجتماعية الراسخة والعدل، وأداء الواجب ، ونكران الذات، والانتماء إلى الأسرة، والواقعية العملية ، كما انطلقت فلسفته السياسية من الأسس الإسلامية ذاتها، وقد سعى إلى فهم الماضي والتعلم من تجاربه، وأدرك الشيخ زايد الحكمة من العفو والمغفرة، خاصة عند القدرة على الانتقام، وأمن بأن العداوة لن تولد أي نتيجة إيجابية ، في حين أن مديد الصداقة قد يؤدي إلى ردم هوة الخلاف . ومن التاريخ تعلم صاحب السمو الشيخ زايد ضرورة اختيار الرجال الأكفاء لإدارة الحكومة، واعتبر أن شعب الإمارات العربية المتحدة ينتمي إلى أسرة واحدة، وهو مفهوم أحاطه الشيخ زايد بأهمية كبيرة، وفي هذا السياق يقول : إن الأسرة الواحدة تعيش في سعادة وهناء ورخاء ما دام أفرادها يداً واحدة ، متعاونين متحابين متألفين، ففي هذا كله سعادتهم . أما إذا قامت الفرقة بينهم ... وحل الخلاف محل الوئام فقد أصبحوا أشقاء تعساء 22 بالنسبة إلى صاحب السمو الشيخ زايد فإنه يرى أن اتخاذ إجراء له أهميته ومبرراته لا يعنى بأي حال من الأحوال التصرف على نحو مناف للأصول السياسية، وفي الواقع فإن رؤيته السياسية قد أضحت أكثر تماسكاً بفضل قيمه الراسخة ، فعندما كانت قبيلة بني ياس قوة موحدة، كما في عهد جده الشيخ زايد الكبير فإنها استطاعت أن تقوم بأعمال عظيمة . أما عندما كانت منقسمة فقد أضحت - في ظل حالة الفوضى والتشتت التي أصابتها - فريسة سهلة لكل معتد . إن معنى الوحدة وقوتها ترسخا في نفس الشيخ زايد منذ أيامه الأولى، ثم تعزز إيمانه بها بعد كل ما سمع وقرأ وعايش عن كثب . كانت قيم الوحدة هي الحلقة التي ربطت كل أفعاله وسياساته، ولم تكن الوحدة مجرد كلمة بالنسبة إليه ، بل ظلت تمثل مبدأ في الحياة. وهو يعتبر السعى لتحقيق الوحدة عملاً سامياً ونبيلاً، وكان واثقاً من أنه سيعود بالنفع الحقيقي . وقد يكون من المفيد أن نضع استراتيجيات صاحب السمو الشيخ زايد في سياق حيادي

وخارجي ؛ ففي عام 1994 نشر جيري آي بوراس erry 1. Porras أستاذ السلوك التنظيمي والتغيير في جامعة ستانفورد و زميله جيمس سی کولینز James C. Collins نتائج دراسة استغرقت ستة أعوام حول النجاح المؤسسي على المدى البعيد 33 وتوصل الباحثان إلى أن هناك مبدأين يحددان القدرة على تحقيق تنمية مستديمة ومتواصلة يقتضي النجاح المحافظة على القيم الأساسية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحاجة إلى حفز التقدم، وهما يريان أن القيم الأساسية تعد شرطاً أساسياً للتقدم م ا الدائم . وفي هذا السياق يقولان : إن المفهوم الإطاري الأساسي لدينا وهو المحافظة على الجوهر وحفز التقدم سيصبح أيضاً أمراً مهماً في القرن الحادي والعشرين ... إن الصلة الرابطة في أي تجمع سوف تصبح أيديولوجية بقدر متزايد، فما يزال لدى الناس حاجة إنسانية أساسية إلى الانتماء إلى شيء ما يشعرون إزاءه بالفخر والاعتزاز ، كما توجد لديهم حاجة أساسية إلى القيم الموجهة والإحساس بالغاية التي تضفي على حياتهم وعملهم قيمة ومعنى، ولديهم أيضاً حاجة أساسية إلى إقامة رابطة مع الآخرين الذين تربطهم بهم صلة المعتقدات والتطلعات المشتركة 34 من المهم أن نلاحظ تاريخ إجراء دراسة بوراس وكولينز، فقد استبق الشيخ زايد

بواقعيته تحليلهما بأكثر من عقدين . ورغم أن التعريفات التي قدمها الباحثان حول متطلبات النجاح لم تكن قائمة على دراسة عن دولة الإمارات العربية المتحدة، فإنهما وصفا في سياق مختلف تماماً العناصر الأساسية ذاتها التي أقام صاحب السمو الشيخ زايد من خلالها كياناً جديداً قوياً تمثل في دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي أوجه عديدة تقدم الاستراتيجيات التي نجح الشيخ زايد من خلالها في دولة الإمارات العربية المتحدة مثالاً حياً للعملية التي أشار إليها الباحثان، يفوق في وضوحه الأمثلة المؤسسية التي بنيت عليها دراستهما . وقد أظهر الشيخ زايد تحديداً أن السيطرة على عملية التغيير وتحويل طاقتها و آثارها السلبية المحتملة إلى مسارات إيجابية إنما هي العامل الأساسي في عملية التنمية طويلة الأجل . وهنا أيضاً نجد أن الشيخ زايد قد شكل قيمه الأساسية من خلال تجاربه المبكرة لتلازمه طوال مسيرته وتكون قوة دافعة نحو التغيير الإيجابي .

يمكننا هنا الاستعانة بمقارنة من رياضة الصيد بالصقور التقليدية فقد عرف عن الشيخ زايد منذ صباه الباكر شغفه برياضة الصيد بالصقور . وبينما يمكن أن نعتبر الصقور من المخلوقات القليلة الطليقة وغير الأليفة، وهي أيضاً كائنات كاسرة، فإنها يمكن أن تدرب لكي تتعاون مع الإنسان فيصطاد بها، ولكن لا يمكن إجبارها على الصيد، بينما يمكن حفزها إليه بكل تؤدة وبراعة في التعامل . وكما قال الشيخ زايد نفسه فإن تدريب الصقر إنما يتم بالتعرف إلى صفاته المميزة، ويضيف في هذا الخصوص يشرع المدرب في إعطائه غذاءه من اللحم الطري، وهو ينادي عليه ويلمسه بيده في حنان بالغ و رفق شديد، ويظل الصقر هكذا يتناول وجبته من يد مدربه ويسمع صوته ويحس به دون أن يرى صورته ، بعد ذلك تخف عنه حدة الانزعاج، ويبدأ في الاطمئنان لصاحبه ... ) 35

ولكل صقر طريقته، لذا لابد من معاملته معاملة خاصة به، إذ إن الصقر لن يعود مطلقاً إلى المدرب الذي لا يحسن معاملته ولا يلبي حاجاته، بينما سيقبل الصقر من خلال التدريب الجيد خلق شراكة مع الإنسان بكل سهولة. وعلى الرغم من عدم إمكانية السيطرة الكلية على الصقر ، فإن طاقته الجامحة يمكن توجيهها على نحو مفيد.

إن صاحب السمو الشيخ زايد لم يتهيب القوة الصاخبة المرتبطة بالتغيير لأنه كان

يعتقد أن بالإمكان تحويلها إلى قوة إيجابية تخدم المصلحة العامة . غير أنه كان مدركاً، إذا جاز لنا أن نستخدم لغة رياضة الصقور ، استحالة ترويض هذه القوة بالكامل . وهكذا فإنه لم يثق مطلقاً في مقولة أن قوى الحداثة هي قوى خير بأكلمها، وهو يرى أنها لن تصبح كذلك إلا إذا تم توجيهها بصورة مستمرة في المسار الصحيح . وفي نهجه السياسي أدرك صاحب السمو الشيخ زايد واقتنع بأن الرعاية والاهتمام المتواصلين هما

الكفيلان بضمان استمرار السير على طريق التقدم والتطور ؛ ولهذا السبب نجده يعاود تناول هذه القضايا الجوهرية في خطبه وتصريحاته وأحاديثه الخاصة .

إن المهارة الكبرى التي برع فيها صاحب السمو الشيخ زايد هي قدرته على غرس رؤية لمستقبل زاهر في نفوس أبناء شعبه ، وتنبيههم إلى المخاطر المحتملة مع توجهيهم في الوقت نفسه إلى ضرورة الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية التي حباهم الله إياها . وفي المقابل نجدهم قد منحوه ثقتهم واعتزاز هم به و غمروه بحبهم وإعجابهم ، ولعل من البديهي في ضوء كل ما تكشف لنا من خلال هذا الكتاب عن شخصية صاحب السمو الشيخ زايد أن نقول إنه يعتبر هذه المحبة والإعجاب أبلغ تكريم وتقدير لشخصه .