Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (19%)

(Using the AI)

تتناول خطبة الجمعة مفهوم البلاء، مؤكدةً أنه ليس شرًا محضًا بل فيه خيرٌ كثيرٌ، مستشهدةً بآيات قرآنية وأحاديث نبوية توضح حكمة الله في ابتلاء عباده. تُبرز الخطبة أن البلاء يُبرز أنواعًا من العبودية، ويُرجع الشارِدين والتائبين، ويُذكي اليقين بالله ودار النعيم. كما تُشير إلى طرق مواجهة البلاء، كالتصبر، والدعاء، والتذكر بنعم الله، مع التأكيد على أن للبلاء أمدًا ينتهي، وأن الصبر على المكروه فيه خيرٌ كثيرٌ. ختمت الخطبة بالدعاء وذكر الله.


Original text

كم في البلايا من العطايا : خطبة الجمعة.. اقرأ وتدبر
الخطبة الأولى
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّه..ِ
نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ،
وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،
مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرا
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
[آل عمران:102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا)
[النساء:1]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما)
[الأحزاب:70-71]
= أما بعد:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله - سبحانه
واعلموا أن أصدق الحديث كلام الله،
وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم
وشر الأمور محدثاتها،
و كل محدثةٍ بدعة
وكل بدعةٍ ضلالة
وكل ضلالةٍ في النار
= أَيُّهَا المُسلِمُونَ:
نَحنُ في دَارٍ قَصِيرَةٍ،
قَدَّرَ اللهُ أَن تَكُونَ دَارَ عَنَاءٍ وَامتِحَانٍ وَابتِلاءٍ،
لا دَارَ رَاحَةٍ وَاستِقرَارٍ وَصَفَاءٍ،
أَيَّامُ الفَرَحِ فِيهَا مَتلُوَّةٌ بِتَرَحٍ،
وَرَخَاؤُهَا يَعقُبُهُ شِدَّةُ،
وَسَاعَاتُ السُّرُورِ فِيهَا مَمزُوجَةٌ بِحُزنٍ،
وَصَفوُهَا مَشُوبٌ بِكَدَرٍ،
وَالمُرتَاحُ فِيهَا عَلَى وَجَلٍ مِنهَا:



  • إِمَّا بِنِعمَةٍ يَخَافُ زَوَالَهَا،

  • أَو بَلِيَّةٍ يَتَوَقَّعُ نُزُولَهَا،

  • أَو مَرَضٍ مُقعِدٍ يَخشَى حُصُولَهُ،

  • أَو كِبَرٍ مُفْنِدٍ يَخَافُ حُلُولَهُ،

  • أَو مَوتٍ مُجهِزٍ يَقطَعُ لَذَّتَهُ...
    أَلا إِنَّمَا الدُّنيَا نَضَارَةُ أَيكَةٍ
    إِذَا اخضَرَّ مِنهَا جَانِبٌ جَفَّ جَانِبُ
    هِيَ الدَّارُ مَا الآمَالُ إِلاَّ فَجَائِعٌ
    عَلَيهَا وَمَا اللَّذَّاتُ إِلاَّ مَصَائِبُ
    فَكَم سَخَنَت بِالأَمسِ عَينٌ قَرِيرَةٌ
    وَقَرَّت عُيُونٌ دَمعُهَا الآنَ سَاكِبُ
    فَلا تَكتَحِلْ عَينَاكَ مِنهَا بِعَبرَةٍ
    عَلَى ذَاهِبٍ مِنهَا فَإِنَّكَ ذَاهِبُ
    إِذَا عُلِمَت هَذِهِ الحَقِيقَةُ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - وَتَيَقَّنَ العَاقِلُ أَنَّ الدُّنيَا مَرحَلَةُ ابتِلاءٍ وَاختِبَارٍ، وَأَنَّهَا دَارُ مَمَرٍّ وَلَيسَت بِدَارِ قَرارٍ،
    فَإِنَّهُ لا يَغتَرُّ بِهَا وَلا يَركَنُ إِلَيهَا، وَلَكِنَّهُ يَتَلَمَّسُ شَيئًا مِن أَسرَارِ بَلائِهَا؛ لِيَزدَادَ بِذَلِكَ يَقِينًا بِلِقَاءِ اللهِ الكَرِيمِ، وَتَعَلُّقًا بِدَارِ النَّعِيمِ المُقِيمِ،
    ذَلِكُم أَنَّ لِلمُؤمِنِ مَعَ رَبِّهِ عُبُودِيَّةً في الضَّرَّاءِ وَالعُسرِ،
    كَمَا أَنَّ لَهُ عُبُودِيَّةً في السَّرَّاءِ وَاليُسرِ،
    وَاللهُ - تَعَالى - لا يُقَدِّرُ شَرًّا مَحضًا،
    بَل مَا مِن شَرٍّ إِلا وَفِيهِ خَيرٌ،
    وَلا مَكرُوهٍ إِلاَّ وَفي ثَنَايَاهُ مَحبُوبٌ،
    قَالَ - تَعَالى -:
    ﴿ وَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُم وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُم وَاللهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمُونَ ﴾
    [البقرة: 216]
    وَقَالَ - سُبحَانَهُ -:
    ﴿ فَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئًا وَيَجعَلَ اللهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا ﴾
    [النساء: 19]
    وَمِن ذَلِكَ البَلاءُ،
    فَإِنَّ اللهَ لم يُنزِلِهُ بِعِبَادِهِ إِلاَّ لِحِكمَةٍ بَل لِحِكَمٍ عَدِيدَةٍ،
    مَن غَفَلَ عَنهَا ضَلَّ وَهَلَكَ،
    وَمَن عَرَفَهَا وَوَطَّنَ نَفسَهُ عَلَيهَا وَاستَحضَرَهَا، هَانَ عَلَيهِ مَا يَلقَاهُ في دُنيَاهُ مِن بَلاءٍ، وَسَهُلَ عَلَيهِ مَا يَجِدُهُ فِيهَا مِن عَنَاءٍ،
    وَمِن ذَلِكَ أَنَّ في البِلاءِ استِخرَاجًا لأَنوَاعٍ مِنَ العُبُودِيَّةِ لم تَكُنْ لِتَخرُجَ لَولا البَلاءُ،
    فَلَولا النَّوَازِلُ وَالابتِلاءَاتُ، مَا رَجَعَ بَعضُ الشَّارِدِينَ إِلى رَبِّهِ،
    وَلَولا المَصَائِبُ وَالرَّزَايَا مَا تَابَ بَعضُ العَاصِينَ مِن ذَنبِهِ،
    وَلَولا المِحَنُ وَالمَكَارِهُ لاغتَرَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَتَكَبَّرَ،
    وَلَكِنَّ اللهَ يَبتَلِي العِبَادَ لِيَعُودُوا إِلى رُشدِهِم وَلا يَنحَرِفُوا عَن طَرِيقِهِم، وَلِئَلاَّ تَخفَى عَلَيهِم حَقِيقَةُ أَنفُسِهِم وَضَعفُ تَصَرُّفِهِم وَقِلَّةُ حِيلَتِهِم، وَلِيَلجَؤُوا بِذَلِكَ إِلَيهِ وَيَنطَرِحُوا بَينَ يَدَيهِ، وَيُفَوِّضُوا أُمُورَهُم إِلَيهِ وَيَتَوَكَّلُوا عَلَيهِ،
    قَالَ - سُبحَانَهُ -:
    ﴿ مَا أَصَابَ مِن مصِيبَةٍ في الأَرضِ وَلا في أَنفُسِكُم إِلاَّ في كِتَابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ * لِكَيلا تَأسَوا عَلَى مَا فَاتَكُم وَلا تَفرَحُوا بِمَا آتَاكُم وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ ﴾
    [الحديد: 22، 23].
    وَمِنَ الحِكَمِ في البَلاءِ:

  • أَنَّ اللهَ - تَعَالى - حِينَ يَبتَلِي عَبدَهُ المُؤمِنَ، فَإِنَّمَا يَبتَلِيهِ لِيُهَذِّبَهُ لا لِيُعَذِّبَهُ، وَلِيُطَهِّرَهُ وَيُكَفِّرَ عَنهُ ذُنُوبَهُ، وَإِلاَّ فَلَو شَاءَ لَتَرَكَهُ دُونَ تَمحِيصٍ وَتَطهِيرٍ مِنهَا؛ لِيُوَافِيَ بِهَا يَومَ القِيَامَةِ وَيُعَذَّبَ بِسَبَبِهَا،
    قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -:

  • "إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدِهِ الخَيرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ في الدُّنيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبدِهِ الشَّرَّ أَمسَكَ عَنهُ بِذَنبِهِ حَتى يُوَافِيَهُ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ"
    رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
    وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -:

  • "مَا يُصِيبُ المُسلِمَ مِن نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ وَلا حَزَنٍ، وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِن خَطَايَاهُ"
    مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
    وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -:

  • "مَا يَزَالُ البَلاءُ بِالمُؤمِنِ وَالمُؤمِنَةِ في نَفسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ، حَتَّى يَلقَى اللهَ وَمَا عَلَيهِ خَطِيئَةٌ"
    رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
    بَل إِنَّ البَلاءَ عَلَى خِلافِ مَا يَظُنُّ بَعضُ النَّاسِ دَلِيلُ حُبِّ اللهِ لِلعَبدِ وَإِرَادَتِهِ لَهُ المَنزِلَةَ العَالِيَةَ،
    قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -:

  • "إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَومًا ابتَلاهُم، فَمَن رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَن سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ"
    رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.
    وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -:

  • "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ لَهُ عِندَ اللهِ المَنزِلَةُ، فَمَا يَبلُغُهَا بِعَمَلٍ، فَمَا يَزَالُ يَبتَلِيهِ بِمَا يَكرَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ إِيَّاهَا"
    رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
    وَمَعَ هَذَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّ ثَمَّةَ أُمُورًا كُلَّمَا ذَكَرَهَا المُبتَلَى سُرِّيَ عَنهُ وَخَفَّ عَلَيهِ البَلاءُ،
    مِن ذَلِكَ:
    = أَن يَعلَمَ أَنَّ الابتِلاءَ لا يَدَعُ أَحَدًا مِنَ الخَلقِ إِلاَّ أَصَابَهُ،
    وَلَو سَلِمَ مِنهُ أَحَدٌ لَسَلِمَ مِنهُ المُرسَلُونَ وَالأَنبِيَاءُ،
    وَلَكِنَّ اللهَ - تَعَالى - يُنَوِّعُهُ عَلَى عِبَادِهِ وَيَقسِمُ لِكُلٍّ مِنهُ نَصِيبًا،
    فَمِنهُم مَن يُبتَلَى بِالسَّرَّاءِ،
    وَمِنهُم مَن يُبتَلَى بِالضَّرَّاءِ،
    وَمِنهُم مَن يُبتَلَى بِالغِنى،
    وَمِنهُم مَن يُبتَلَى بِالفَقَرِ،
    وَمِنهُم مَن يُبتَلَى بِالصِّحَّةِ،
    وَمِنهُم مَن يُبتَلَى بِالمَرَضِ،
    وَآخَرُونَ بِفَقدِ الأَحِبَّةِ،
    وَغَيرُهُم بِالسِّجنِ أَوِ القَتلِ أَوِ الطَّردِ.
    وَمِمَّا يُسَلِّي المُؤمِنَ عِندَ المَصَائِبِ:
    = أَن يَتَذَكَّرَ كَم عَاشَ مِن عُمُرِهِ مِن أَيَّامٍ وَهُوَ في عَافِيَةٍ،
    وَكَم صُرِفَ عَنهُ مِنَ البَلاءِ والنِّقمِ،
    وَكَم للهِ عَلَيهِ مِنَ العَطَايَا وَالنِّعَمِ،
    وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَنهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنَّهُ قَالَ:

  • "اُنظُرُوا إِلى مَن هُوَ أَسفَلَ مِنكُم، وَلا تَنظُرُوا إِلى مَن هُوَ فَوقَكُم، فَهُوَ أَجدَرُ أَلاَّ تَزدَرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم"
    وَيَا لَهُ مِن عِلاجٍ نَاجِعٍ وَدَوَاءٍ نَافِعٍ؛
    فَإِنَّ المَرءَ مَهمَا بَلَغَت بِهِ الحَالُ مِن فَقرٍ أَو مَرَضٍ أَو عُسرٍ أَو بَلاءٍ،
    فَإِنَّ فِيمَن حَولَهُ مَن هُوَ أَفقَرُ مِنهُ وَأَشَدُّ عُسرًا وَأَكثَرُ بَلاءً وَأَقوَى مَرَضًا،
    وَكُلَّمَا طَالَ تَأَمُّلُهُ في نِعَمِ اللهِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ، رَأَى رَبَّهُ قَد أَعطَاهُ خَيرًا كَثِيرًا، وَدَفَعَ عَنهُ شُرُورًا مُتَعَدِّدَةً،
    وَلا شَكَّ أَنَّ هَذَا يَدفَعُ عَنهُ جُزءًا مِنَ الهَمِّ والغمِّ، وَيُوجِبُ لَهُ شَيئًا مِنَ الفَرَحَ وَالسُّرورِ.
    وَمِن أَعظَمِ مَا يُسَلِّي المُبتَلَى:
    = أَن يَعلَمَ أَنَّ البَلاءَ لَهُ أَمَدٌ يَنتَهِي إِلَيهِ وَوَقتٌ يَنقَضِي عِندَهُ،
    قَالَ - تَعَالى -:
    ﴿ فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا * إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا ﴾
    [الشرح: 5، 6].
    وَلَرُبَّ نَازِلَةٍ يَضِيقُ بِهَا الفَتَى
    ذَرعًا وَعِندَ اللهِ مِنهَا المَخرَجُ
    ضَاقَت فَلَمَّا استَحكَمَت حَلَقَاتُهَا
    فُرِجَت وَكَانَ يَظُنُّها لا تُفرَجُ
    وَمِن أَعظَمِ مَا يُسَلِّي المُبتَلَى:
    = أَن يَستَعِينَ بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ وَالدُّعَاءِ،
    قَالَ - تَعَالى -:
    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا استَعِينُوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
    [البقرة: 153]
    وَقَالَ - سُبحَانَهُ -:
    ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ ﴾
    [البقرة: 155، 156]
    وَمَن جَمَعَ هَذِهِ الأَنوَاعَ مِنَ العِلاجِ:
    العِلاجَ النَّفسِيَّ بِالتَّصبُّرِ،
    وَالعِلاجَ القَوليَّ بِالاستِرجَاعِ،
    وَالعِلاجَ البَدَنيَّ القَلبيَّ بِالصَّلاةِ،
    فَقَد جَمَعَ العِلاجَ الرَّبَّانيَّ كُلَّهُ، وَمَا أَحرَاهُ أَن يُسكَبَ في قَلبِهِ مِنَ اليَقِينِ وَالرِّضَا مَا لا يَخطُرُ لَهُ عَلَى بَالٍ،
    قَالَ - تَعَالى -:
    ﴿ مَا أَصَابَ مِن مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذنِ اللهِ وَمَن يُؤمِن بِاللهِ يَهدِ قَلبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ ﴾
    [التغابن: 11]
    اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ العَافِيَةَ في الدِّينِ وَالدُّنيَا وَالآخِرَةِ،
    أَقُولُ قولي هَذَا وَأَستَغفِرُ اللهَ لي وَلَكُم
    فَاستَغفِرُوهُ،
    إنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفَّارًا...
    الخطبة الثانية
    الحمد لله..
    العظيم في قدره
    العزيز في قهرِه،
    العليم بحال العبد في سرِّه وجهره،
    يسمعُ أنينَ المظلوم عند ضعف صبره،
    ويجُودُ عليه بإعانته ونصره،
    أحمدُه على القدر خيرِه وشرِّه،
    وأشكره على القضاء حُلوه ومُرِّه،
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة،
    ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ﴾
    [الروم: 25]
    وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله،
    صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جادَ السَّحابُ بقطره،
    وطلَّ الربيعُ بزهره،
    وسلَّم تسليمًا كثيرًا
    = أَمَّا بَعدُ:
    فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ تَقوَاهُ،
    وَاصبِرُوا عَلَى أَقدَارِهِ وَارضَوا عَنهُ تَنَالُوا رِضَاهُ،
    وَاعلَمُوا أَنَّهُ - تَعَالى - يُرَبِّي عَبدَهُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ،
    ويُقَلِّبُهُ في العَافِيَةِ وَالبَلاءِ،
    وَيُنَوِّعَ لَهُ العَيشَ مَا بَينَ شِدَّةٍ وَرَخَاءٍ؛
    لِيَستَخرِجَ مِنهُ عُبُودِيَّتَهُ في جَمِيعِ الأَحوَالِ،
    وَعَبدُ اللهِ عَلَى الحَقِيقَةِ:

  • مَن قَامَ بِعُبُودِيَّتِهِ - تَعَالى - عَلَى اختِلافِ الأَحوَالِ،
    وَالإِيمَانُ الصَّادِقُ النَّافِعُ:

  • هُوَ الإِيمَانُ الَّذِي يَثبُتُ في حَالِ الابتِلاءِ كَمَا هُوَ في العَافِيَةِ،
    وَأَمَّا الإِيمَانُ الَّذِي لا يَكُونُ إِلاَّ في العَافِيَةِ،
    فَإِنَّهُ لا يَكَادُ يَصحَبُ العَبدَ وَلا يُبَلِّغُهُ مَنَازِلَ المُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ،
    قَالَ - سُبحَانَهُ -:
    ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعبُدُ اللهَ عَلَى حَرفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيرٌ اطمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتهُ فِتنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجهِهِ خَسِرَ الدُّنيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الخُسرَانُ المُبِينُ ﴾
    [الحج: 11]
    وَإِنَّهُ إِذَا سَلِمَ لِلعَبدِ دِينُهُ، وَثَبَتَ عَلَى أَمرِ رَبِّهِ وَنَهيِهِ، وَسَارَ عَلَى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ وَلم يَلتَفِتْ عَنهُ رَغبَةً عَنهُ،
    فَلا عَلَيهِ وَلَو نَزَلَت بِهِ ابتِلاءَاتُ الدُّنيَا كُلُّهَا،
    وَإِنَّمَا البَلاءُ الحَقِيقِيُّ مَا شَغَلَ العَبدَ عَن رَبِّهِ وَأَنسَاهُ لِقَاءَهُ،
    وَأَمَّا مَا أَقَامَهُ بَينَ يَدَيهِ وَرَدَّهُ إِلَيهِ، فَرَقَّ قَلبُهُ وَصَفَت نَفسُهُ وَدَمَعَت عَينُهُ، وَخَشَعَت جَوَارِحُهُ وَارتَفَعَ صَوتُهُ بِالدُّعَاءِ، وَتَوَاضَعَ وَتَطَامَنَ وَأَقلَعَ عَن كِبرِهِ، فَهَذَا غَايَةُ كَمَالِهِ وَمُنتَهَى جَمَالِهِ،
    وَاللهُ - تَعَالى - هُوَ اللَّطِيفُ،
    وَمِن لُطفِهِ بِعَبدِهِ أَن يَبتَلِيَهُ بِبَعضِ المَصَائِبِ، فَيُوَفِّقَهُ لِلصَّبرِ عَلَيهَا، فَيُنِيلَهُ بِذَلِكَ دَرَجَاتٍ عَالِيَةً مَا كَانَ لَهُ أَن يُدرِكَهَا بِعَمَلِهِ"
    وَ ﴿ إِنَّمَا يُوَفىَّ الصَّابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسَابٍ ﴾
    [الزمر: 10]
    أَلا فَكُونُوا مَعَ اللهِ في كُلِّ حِينٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ،
    وَكُونُوا مَعَهُ في حَالِ العَافِيَةِ وَالسَّلامَةِ وَالرَّخَاءِ، يَكُنْ مَعَكُم عِندَ المُصِيبَةِ وَالشِّدَّةِ وَالبَلاءِ،
    قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -:

  • "احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ، احفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيهِ في الرَّخَاءِ يَعرِفْكَ في الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلتَ فَاسأَلِ اللهَ، وَإِذَا استَعَنتَ فَاستَعِنْ بِاللهِ، قَد جَفَّ القَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَو أَنَّ الخَلقَ كُلَّهُم جَمِيعًا أَرَادُوا أَن يَنفَعُوكَ بِشَيءٍ لم يَكتُبْهُ اللهُ عَلَيكَ لم يَقدِرُوا عَلَيهِ، وَإِن أَرَادُوا أَن يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لم يَكتُبْهُ اللهُ عَلَيكَ لم يَقدِرُوا عَلَيهِ، وَاعلَمْ أَنَّ في الصَّبرِ عَلَى مَا تَكرَهُ خَيرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصرَ مَعَ الصَّبرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَربِ، وَأَنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا"
    رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ.
    وصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ فَقَالَ:
    (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
    [الأحزاب: 56]
    وَقَالَ ‏-صلى الله عليه وسلم

  • مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا
    (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
    اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد،
    اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ
    اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا،
    وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا،
    وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادُنا،
    واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير،
    واجعل الموتَ راحةً لنا من كل شر،
    اللهم أحسِن عاقبتنا في الأمور كلها،
    وأجِرنا من خزي الدنيا، وعذاب الآخرة
    اللهم وفِّقنا للتوبة والإنابة،
    وافتح لنا أبواب القبول والإجابة،
    اللهم تقبَّل طاعاتنا، ودعاءنا،
    وأصلح أعمالنا، وكفِّر عنا سيئاتنا،
    وتب علينا، واغفر لنا وارحمنا، يا أرحم الراحمين
    اللهم إنا نسألُك الإخلاصَ في القولِ والعملِ،
    اللهم انصُر المُستضعَفين من المؤمنين في كل مكانٍ،
    اللهم كُن لهم وليًّا ونصيرًا، ومُعينًا وظهيرًا،
    اللهم عجِّل لهم بالفرَج والنَّصر يا قوي يا عزيز،
    اللهم وأدِر دوائرَ السَّوء على عدوِّك وعدوِّهم
    اللهم اجمع كلمةَ المُسلمين على الحقِّ يا رب العالمين
    = عباد الله:
    ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾
    [النحل: 90]
    فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم،
    واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم،
    ولذكر الله أكبر،
    والله يعلم ما تصنعون
    وأقم الصلاة..




Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

نفذت القوات الأ...

نفذت القوات الأوكرانية هجوماً واسع النطاق باستخدام نحو 40 طائرة مسيرة، تم إسقاط 35 منها، على جمهورية...

The only comme...

The only comment is that the time of the doctor's availability is up to 430, 5 o'clock only However...

The only comme...

The only comment is that the time of the doctor's availability is up to 430, 5 o'clock only However...

They are servin...

They are serving a very dry steamed chicken breast and not tasty and the fish the should provide th...

A loop of wire ...

A loop of wire that forms a circuit crosses a magnetic field. When the wire is stationary or moved p...

تعد مهارة التوا...

تعد مهارة التواصل من المهارات المهمة التي يعتمد عليها الإنسان، سواء على الصعيد المهني او الشخصي. كما...

The doctor is v...

The doctor is very brilliant . She told us how to control the sugar , gave advices to my son and tol...

تعتبر وفيات الأ...

تعتبر وفيات الأطفال واعتلال صحتهم من القضايا الصحية العاجلة التي تتطلب فهمًا عميقًا للعوامل المتعددة...

القطاع الزراعي ...

القطاع الزراعي يعتبر القطاع الزراعي بشقيه الحيواني و النباتي من أهم القطاعات في السودان حيث يضم 80...

يبدو أن نهاية ح...

يبدو أن نهاية حقبة نتنياهو قد اقتربت فعلا هذه المرة. إدارة ترامب تعتقد أن الضربات الأخيرة على إيران ...

تؤثر الألعاب ال...

تؤثر الألعاب الإلكترونية بشكل سلبي على المراهقين، خاصة في حال استخدامها بشكل مفرط أو عند اختيار ألعا...

إقليم تيغراي ال...

إقليم تيغراي الإثيوبي. هذه التوترات تأتي على خلفية تباين أهداف الدولتين خلال الحرب في تيغراي، حيث سع...