Lakhasly

يُظهر النص كيف ساهمت جهود الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في نهضة الإمارات، متتبعاً مسار الدول عبر التاريخ وعلاقة التقدم البشري به. فكما برزت دول بفضل قادتها، برزت الإمارات بفضل زايد. يركز النص على أهمية النخيل في تاريخ الإمارات، بدءاً من قدمه كرمز حضاري وعامل اقتصادي أساسي – حيث يمثل مصدر غذاء ودخل لـ 8 ملايين نسمة في شمال أفريقيا – ووصولاً إلى مكانته الوجدانية العالية لدى الإماراتيين، وظيفته في الزراعة المتعددة المراحل، وتاريخ زراعته في الإمارات الذي يعود لـ 5000 عام. أولى الشيخ زايد النخيل اهتماماً بالغاً، مما جعل الإمارات تحتل المرتبة الأولى عالمياً في عدد أشجار النخيل، وفقاً لموسوعة غينيس. ويمتد إرث زايد ليشمل تكريم دولي، كإطلاق اسمه على قاعة في المتحف البريطاني تقديراً لدوره في الزراعة، وحصوله على العديد من الجوائز والأوسمة الدولية تقديراً لجهوده في التنمية الزراعية وحماية البيئة، وتخصيص موارد الدولة لرفاهية الشعب، تحقيقاً لرؤيته في اللحاق بركب الحضارة.

سارت مواكب التاريخ تتقدمها دول وتتأخر بعضها، وبين حقبة وأخرى تتبدّل المواقع فيما بينها. ولأن الدول تتأسّس على ركائز اجتماعية عمادها البشر، فحركة التاريخ إنما هي بالفعل توثيق لحركات البشر. وعلى امتداد الزمن، لمعت بلدان وتألق نجمها، وكان لبعض أبنائها فضل في هذا، بقدر تميزهم الواضح وقدرتهم المتفردة على الاندماج في عشيرتهم، وقيادهم لتحولات عميقة الأثر في مجتمعاتهم، فكانوا مصابيح مضيئة فوق رؤوس بلدانهم، حتى نراها قد صنعت أمماً وطموحاً لحضارات، نتيجة امتلاكهم من الطاقة والإصرار ما قادهم إلى تغيير واقعهم وإعادة كتابة تاريخ بلدانهم (اليوم السابع. 2019).

الإمارات ونخيل التمر

يعد نخيل التمر من أقدم الأشجار المثمرة في العالم، وقد ارتبط بالحضارة العربية والإسلامية ارتباطاً وثيقاً، حيث ورد ذكره في عديد من الآيات القرآنية، التي تناولت صفات الشجرة ومميزات ثمارها، فهي غنية بالسكريات التي تعتبر مصدراً رئيساً للطاقة وكذلك الفيتامينات، كما تحتوي على قدر ملائم من الدهون والبروتين والألياف المهمة لصحة الإنسان (الإمارات اليوم، 2020). ويوفر النخيل الغذاء لثمانية ملايين نسمة في شمال إفريقيا، ويشكل ما بين 20 - 75 بالمائة من الدخل. بالإضافة إلى ذلك، فهو مصدر دائم للغذاء والدخل للمزارعين، كما تؤدي شجرة النخيل دوراً رئيساً في نظم الزراعة متعددة المراحل بتوفير الحماية لأشجار الفاكهة والمحاصيل المنزرعة تحتها (إيلاف، 2004).

وتحتل النخلة في دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة مرموقة، فهي رفيقة الإماراتيين منذ قديم الزمن، حيث تشير الدراسات إلى أن زراعة نخيل التمر بها تعود إلى نحو 5000 عام، فقد سجّل علماء الآثار وجودها، وعثروا على نوى ثمارها في المواقع الأثرية، ومنها منطقة العين التي كانت تعرف تاريخياً باسم "توام"، وكانت فيها بساتين نخيل التمر، وتعتمد في ريّها على مياه الأفلاج (الإمارات اليوم، 2020).

وتمثل شجرة النخيل للإماراتيين قيمة وجدانية رفيعة، رافقتهم خلال رحلة المعاناة وضيق ذات اليد وشح الموارد، وتحولت لمصدر فخر واعتزاز، فهي رمز للحياة والعطاء. وقد توالت الأسر الإماراتية زراعة النخيل، بحيث احتلت نصيباً مهماً من الموروث الشعبي للدولة (الخليج، 2018). هذه الخصوصية والعلاقة الوطيدة بين الشجرة المباركة ودولة الإمارات، كانت في صميم اهتمام الوالد المؤسّس المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، منذ أكثر من نصف قرن، حيث أولى أشجار النخيل عظيم اهتمامه، لتحتل النصيب الأوفر في رؤيته وفكره خلال مسيرته الحافلة بالعطاء والتنمية (الخليج، 2018).











وقد تحولت دولة الإمارات العربية بعد قيام اتحادها إلى دولة عصرية مزدهرة ينعم مواطنوها بالرفاه والرخاء بفضل القيادة الحكيمة والعطاء السخي والجهود المخلصة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي أعلن "إننا قد سخرنا كل ما نملك من ثروة وبترول من أجل رفع مستوى كل فرد من أبناء شعب دولة الإمارات العربية إيماناً منا بأن الشعب هو صاحب الحق في ثروته ويجب أن يعوض ما فاته ليلحق بركب الحضارة والتقدم" (الاتحاد. 2005).

الإمارات بموسوعة "غينيس"
دخلت دولة الإمارات موسوعة "غينيس"، كأول دولة في أعداد شجر نخيل التمر، حيث قدّر العدد عام 2009 بأكثر من 40 مليون نخلة، وقد جاء ذلك في بيان مديرة تسجيل الأرقام القياسية بالموسوعة "جيني كرمبوتي" بقصر الإمارات خلال حفل تكريم الفائزين بجوائز الدورة الأولى لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر 2009. وتعتبر الإمارات الأولى عالمياً التي تدخل الموسوعة كدولة، حيث عادة ما يحصل الأفراد أو المؤسسات على شهادت الموسوعة للجهود التي قاموا بها, وقد تم إهداء الشهادة الدولية إلى روح الأب المؤسّس الشيخ زايد وإلى رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (إيلاف. 2009).

قاعة «الشيخ زايد» بالمتحف البريطاني
أطلق المتحف البريطاني مؤخراً اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه على "قاعة أوروبا والشرق الأوسط" به لتصبح "قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لأوروبا والشرق الأوسط"، بعد الاتفاقية التي أبرمتها دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي مع المتحف في هذا الشأن، تقديراً لجهود القائد المؤسّس في دعم التنوع الزراعي في الدولة وتحويله الصحارى إلى أنظمة تنتج محاصيلاً زراعية. وتنص الاتفاقية على إعادة تسمية القاعة التي تسرد تاريخ تطور الزراعة عبر العالم وما نتج عنها من نمو اجتماعي وثقافي واقتصادي وحضاري، مهّد إلى تشكيل العالم الحديث كما نعرفه اليوم. وتأتي إعادة تسمية القاعة عرفاناً بالالتزام الذي قضى الشيخ زايد حياته سعياً لتحقيقه، وهو الحفاظ على التراث والثقافة، فالشيخ زايد كان صاحب الفضل الأول في بدء التنقيب عن الآثار في دولة الإمارات قبل نحو 50 عاماً، فضلاً عن ذلك فهو مؤسس متحف العين، المتحف الأول في دولة الإمارات بالتزامن مع تأسيس الاتحاد (الخليج. 2018أ).

أوسمة وجوائز
تقديراً لجهوده في نشر التنمية الزراعية والمحافظة على البيئة في دولة الإمارات، حظي الوالد المؤسّس الشيخ زايد باحترام عالمي كبير، وحصل على العديد من الأوسمة وشهادات التقدير والدروع من المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية، منها ميدالية ذهبية وجائزة تقديرية من الدكتور جاك ضيوف مدير عام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة عام 1995 تقديراً لجهوده في نشر التنمية الزراعية بدولة الإمارات ومساهماته في عدد من الدول النامية، كما منحت المنظمة الشيخ زايد ميدالية اليوم العالمي للأغذية عام 2001، اعترافاً بجهوده في مكافحة التصحر ومواقفه المشرفة والعظيمة في خدمة البشرية.
كما تسلم الشيخ زايد شهادة الدكتوراه الفخرية في مجال الزراعة من جامعة عين شمس بمصر عام 1997، وتلقى الوالد المؤسّس أيضاً درعاً تذكارية من برنامج الأمم المتحدة للبيئة عام 2002 تقديراً وعرفاناً لجهوده المخلصة في مجال حماية البيئة ونشر الرقعة الخضراء وتسخير كافة الإمكانيات لحماية البيئة، إضافة إلى العديد من الجوائز والأوسمة وشهادة التقدير العربية والإقليمية والدولية (وكالة أنباء الإمارات وام. 2023).