Lakhasly

المهم أن الخادمة أردفت وقد بدا أنها مستعدة تماماً لكشف كل شيء: - لقد خرج سيدي ذات ليلة في وقت متأخر نسبيا واتصل بي على هاتفي النقال حتى يتمكن من محادثتي بعيدا عن شكوك سيدتي. وأخبرني أنه على وشك الإفلاس لأنه يمر بأزمة مالية خسر بسببها مبالغ طائلة. وهو يخشى كثيرا على مصير زوجته وولديه اللذين ينفق على دراستهما في الخارج. لكني فهمت سريعا بعد أن أخبرني أنه لا يوجد سوى حل أخير. مليون دينار اشترى من خلالها وثيقة تأمين على حياته. لم يكن لديه سوى حل أخير. ساد الصالة صمت مخيف بعد هذا الكلام !!!. وراحت الزوجة تنظر إلينا بعينين زائغتين غير مصدقة ما تسمعه. لقد رفضت بشدة في بادئ الأمر رغم أن المبلغ الذي عرضه علي كان مغريا بحق. سألتها مبهورا - كيف حدثت الجريمة ؟ ؟!. وعلي بعدها أن آخذ المسدس بسرعة وأخرج من الغرفة. ثم سيصارع الموت ليذهب ويقفل الباب من الداخل. وكان علي بعد ذلك أن أتخلص من المسدس. كل هذا ليبدو الأمر وكأنه جريمة قتل معقدة جدا ومعضلة لا حل لها!!!. فسلاح الجريمة هو كلمة السر في القضية كلها كما كان يقول سيدي. ولو عثر رجال الشرطة على المسدس في الغرفة لتبين أن الأمر لا يتعدى جريمة انتحار وسيخسر سيدي مبلغ التأمين. ومع إغلاق النافذة أيضا من الداخل. سيظل الأمر لغزا مبهما لا حل له!!. نظرت إليها مبهورا بتلك الفكرة العجيبة. لتكمل الخادمة - كانت المشكلة الوحيدة هي قدرة سيدي على تحمل إصابته بطلق ناري مميت ومقاومة آلامه كي ينهض ويغلق باب الغرفة من الداخل بالمفتاح ثم يعود إلى وسط الغرفة لينزف حتى الموت
إنه أمر بالغ الصعوبة ويحتاج إلى إرادة جبارة. يبدو أن حبه لأسرته لا يفوقه شيء!!!. انتهت من كلامها وهي تكمل بكاءها وقد شعرت أن ما خططت له مع المرحوم قد فشل. فهو سيفقد أموال التأمين بعد كشف ملابسات القضية. والخادمة ستنال عقوبتها بالتأكيد لمشاركتها في إخفاء معلومات مهمة عن هذه الجريمة. رحت أختلس النظر إلى الخادمة وهي تبكي. وأنظر إلى زوجة المرحوم التي أصبحت تمثالا صامتا لهول ما سمعت وللتضحية المذهلة التي قام بها زوجها. حقا أن أعقد الأمور أبسطها كما يقولون. وأعتقد أنني أعرف الآن لماذا لم يستأجر الزوج أحدا ليقتله بدلا من اللجوء إلى خطة صعبة التنفيذ كهذه. إذ يبدو أنه كان يريد تحمل المسؤولية كاملة . ولم يكن يريد أن يورط أحداً في جريمة قتل حقيقية قد تودي بمرتكبها إلى السجن لسنوات طويلة . فكل ما تورطت به الخادمة في قضيتنا هذه هو إخفاء معلومات عن رجال الشرطة فحسب وإخفاء السلاح الذي استخدمه المنتحر. لا أصدق ما فعلته من أجلنا. إذ راحت تجهش بالبكاء دون توقف حتى تحولت الصالة إلى مأتم. و. وما زلت أعترف بعجزي. نعم. لقد قمت بخيانة شرف مهنتي كي لا تذهب تضحية الزوج هباء !!!. لكني لم أحتمل هذه الخيانة التي أقوم بها لأول مرة منذ تخرجي من كلية الشرطة منذ 30 عاماً تقريبا. لقد كان ما فعلته خطيرا بالطبع. لكن - لحسن الحظ - لم يعرف أحد بأمر تضحيتي تلك سوى الزوجة التي استفادت من قيمة التأمين بعد أن
والخادمة التي طلبت منها الرحيل إلى بلدها في أسرع وقت. لولا اعتراف الخادمة وكشفها لكل شيء. ربما.